2010-03-26, 14:42
|
رقم المشاركة : 29 |
إحصائية
العضو | | | رد: عصيان |
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نزيه
سأحاول سيدتي ، الإقتراب أكثر من خاطرتك المسكونة بالفلسفة الوجودية الجديدة ، فلسفة " الثورة " ضد المعقول و الوقت و " النظام " ... وهي اختيارات ذاتية - أنانية تؤدي جميعها للتعبير عن الرفض : رفض كل ما يمكن أن يبعث بإحساسات الهوان و الضعف ، رفض للقهر و التحقير و الجحود المُبيت . فمع مطلع الخاطرة ، و ضمن المحطة الأولى ، أجدني ، كمتلق بسيط ، أمام وصف جنوني للحالة النفسية المضطربة للمبدعة ، و صف حالة نفسية تعبر عن فيض كأس الصبر اتجاه رتابة الحياة .. وهي التي أدت- طبعا - إلى الإحساس بالرغبة العنيدة في العصيان ... وهي محطة و افتتاحية تميزت بوضوح المقصد و عدم المجاملة ، فالصراحة الذاتية - الموضوعية معركة حقيقية لا تحتمل النفاق و الجبن ، و ذلك ما استنجته من الوهلة الأولى ، لكن ظل فكري منشغلا بالآتي..! في المحطة الثانية ، تنتقل بنا الكاتبة إلى تعرجات العصيان ، أرادت أن تدخل بنا إلى مهرجان النعي الذي يسير إلى قبر كل التقاليد و الصور المُتعاقد عليها اجتماعيا ، تسير بنا للتضامن و نحن نكتشف دعوتها الغريبة لموت أساس الحياة : العمل والغذاء و الإبداع .. بل وقد استهانت بقتل الحلم و الأمل ، و هما عصبا الوجود البشري . وقد نتوقف قليلا قرب هذه المواقف التي كسرت قيمة الوجود السعيد المِؤدي للمنفعة ، فقد صنعت المبدعة من نفسها نسخة لطرح فلسفي عميق ، فهي تنادي باللانظام ، بالتفكيك " la déconstruction" تفكيك التقاليد التي هيمنت على الوجود في حقيقته المطلقة ، و ذلك مانادى به الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا ، فقد تحدث عن تدمير الأنطلوجيا التقليدية و لكن ليس العقل... وهكذا جعلت الكاتبة المتلقي أمام أزمة معنى و ضمير ، مشكلة العقل و العقلانية واستحضارها في تحديد معنى الأشياء، وهي أسئلة عميقة تقود للبحث والشعور باللذة المعرفية. في المرحلة الثالثة ، لم يتوقف مسلسل الرفض و العصيان ، لكن مع إضافة التعبير عن استيائها من أصحاب " الفضل " الذين جعلوها تنهج مسار " الثورة " العارمة ، فالأخلاق الفاضلة لا وجود لها اليوم ! و إذا كانت الأخلاق في جوهرها محاولة " للتعديل " أو تهذيب السلوك الطبيعي ، فقد حان الأوان لمراجعة تلك الأخلاق الموسومة بالتعصب و الجهل و ضيق الأفق ..وتلك رغبة مبدعتنا الغالية سعيدة سعد. وها أنت كعادتك ، حبك للتنوع الإبداعي ، جعلنا نسبح معك ضمن آفاق فلسفية عميقة ، نسبح رفقة لذة القراءة المستمرة والرؤية الغنية بالصور الرائعة.. فلك جميل الود و المحبة. ألا بروكت من قاريء ينير عتمات النصوص ، لنعم القنديل أنت يا سيد نزيه !!! أستاذي ، والله إن لأحرفك لطلاوة ولقراءتك لحلاوة ،ولِغوصك فيما وراء المعاني والألفاظ لمحو للغشاوة . ما كان "عصياني " إلا كلمات متواضعة خجولة وإن عج النص بالصراخ والثورة ، وما صار بجميل قراءتك إلا جوهرة من لؤلؤ يزين عقد محاولاتي البسيطة . فخورة بهاته القراءة وسعيدة بها . سلمت قنديل البيان . | |
| |