منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد - محمد أزوض: من درس "الكُتاب" الى درس "القطان المنقطان"

في اطار عملية تنقيح الكتب المدرسية التي باشرتها وزارة التربية الوطنية تم حذف "درس الكُتَّاب" من مرجع "عالم التربية التشكيلية" للمستوى الاول الابتدائي، حيث يظهر الدرس القديم صورة الفقيه ممسكا بعصا وسبحة وحوله التلاميذ يقرأون في الالواح الخشبية وكان النشاط المقترح على التلميذ انجازه ان يكمل عصا الفقيه ويتممالسبحة ويكتب شيئا من القران الكريم على الواح التلاميذ.

حذف هذا الدرس له مغازي كثيرة منها ان "الكتاب" قد اندثر كليا الا من بعض المناطق النائية وتم تعويضه "برياض الاطفال" فاصبح من الماضي ولا ينفع ادراجه في الكتاب المدرسي، كما ان حفظ القران الكريم لم يعد من اختصاص المدرسة الحديثة، كما المنهجية التي يتبعها الفقيه لم تعد مجدية في العصر الحالي وان اسلوب العصا في التربية اصبح متجاوزا وان القران الكريم لم يعد مرغوبا في تدريسه للتلاميذ قبل التحاقهم بالمدرسة الابتدائية.

لاحظت احدى الكاتبات العربيات والمختصة في اللسانيات ان الطفل الغربي يلج المدرسة وهو يمتلك حصيلة لغويةتقارب 16 الف كلمة، بينما الطفل العربي يمتلك رصيدا لغويا في لغته الام ما يقارب ثلاثة الاف كلمة فقط. اذن فالتعبير والتفكير في اطار رصيد اللغوي غني سيكون بالطبع اقوى عند الغربي منه عند العربي. وقد قرات هذه الكاتبة في كتاب معنون تحت اسم "الاسلام الثوري" لمؤلفه "دجايسين" والذي جاء فيه أنه قبل ان تستولي الدول الغربية على الدولة العثماية قاموا بدراسة "قدرة الفرد المسلم الذي يمتلك قوة جبارة ادت الى سيطرة المسلمين على العالم" فوجدوا ان الطفل المسلم من 3 الى 6 سنوات يدرس في الكتاب او المسيد او الجامع ويحفظ القرآن الكريم ويدرس الابيات الشعرية "الفية ابن مالك" التي تضم قواعد اللغة العربية الفصحى منذ 7 سنوات. فالطفل اذن يصبح جبارا في اللغة حيث ان القران الكريم يتضمن 50 الف كلمة ونتخيل قدرة الطفل وهو يمتلك
هذا الكم الهائل من المفردات التي تفوق ما يتعلمه الان الطفل الغربي. فكر الفرنسيون والانجليز اذن في محاربة هذا النوع من المدارس اي الكتاتيب القرآنية واحدثوا مدارس اجنبية لاطفال الاعيان مختلفة تمام الاختلاف عن مناهج الكتاتيب والمدارس العتيقة تصبح فيها اللغة الاجنبية هي السائدة اي لغة الاسياد مما سيؤدي الى تهميش اللغة العربية وبالتالي ستفقد استعمالها الوظيفي داخل المجتمع. وبعد الاستقلال عمدت الدول المستقلة الى انشاء مدارس حكومية تستقبل اطفال 6 سنوات تدرسهم مواد مختلفة وتقصي تحفيظ القران الكريم وتتعلل بمجموعة من الذرائع الواهية مثال ان الطفل يجب ان يلعب ويناول ويبحث اما الحفظ فهو خارج عن قدراته الاعتيادية وبالتالي فقد رصيدا لغويا مهما للتعبير والتفكير فضاعت عنه فترة تعلمه اللغة الفصحى التي سيصطدم بها في المدرسة الحكومية والتي ستصبح كلغة اجنبية اولى بعد لغته الام.

والان وبعد القضاء على الكتاتيب نهائيا يريدون ان يطمسوا حتى تاريخه من عقل المتعلمين وحتى الصورة التذكارية للفقيه داخل الكتاب والاطفال متحلقين حوله قبرت في المرجع المذكور سالفا. والمبكي حقا هو تعويض هذا الدرس بدرس آخر تحت عنوان "القطان المنقطان" حيث سيعمد المتعلم الى تزيين هذان القطان بنقط مبعثرة او منظمة. تخيلوا تعويض "الكتاب" ب"القطان المنقطان" هل يستويان مثلا.هذا هو تنقيح المراجع المدرسية اي تنقيحها من كل ما يمث بصلة بالاسلام وتاريخه وحضارته.
http://www11.0zz0.com/2017/01/15/23/940073854.jpg
محمد أزوض