منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد - قضية لباس السباحة وسؤال العلمانية في فرنسا

القرار الأول الذي اتخذته السلطات الفرنسية بخصوص منع لباس السباحة الخاصة بالمسلمات بقدر ما حاز الكثير من الأصوات المنددة بالتضييق على حرية المرأة في لبس ما تشاء، بقدر ما أوقع في الوهم والتوهيم بعض من لهم حساسية تجاه الإسلام.

الفكرة التي دفع بها هؤلاء الناس هي أن فرنسا غير مطلوب منها أن تقبل بالعادات الإسلامية، وأن من أراد أن يمارس الإسلام فليمارسه في بلده.

إذا كان من قالوا بهذا هم خليط من بني قومنا ومن فرنسيين ومن غيرهم، فإن ما التقوا كلهم حوله هو الخطأ في التقدير.

ولتوضيح الأمر، ينبغي القول أن التنديد بالقرار الفرنسي مبعثه التعارض مع مبادئ القانون الفرنسي وليس التعارض مع الإسلام، بحيث أن فرنسا دولة علمانية غير مسلمة، ويتم الاحتكام داخلها إلى الدستور الفرنسي.

لهذا فمطلب إلغاء القانون الذي تقدم به سياسيون وقانونيون وحقوقيون كان مطلبا وجيها (أيده في ما بعد المجلس الدستوري الفرنسي) إذ كان القرار المانع للباس في البداية يمثل تدخلا في خصوصية الأشخاص وقناعاتهم واختياراتهم. أما قرار المجلس الدستوري بتجميد القانون، فكان تصحيحا قانونيا ولا ارتباط له بالاعتراف بالإسلام أو تشجيع المسلمات على الالتزام بقناعاتهن.

الوجه الثاني للوهم والتوهيم هو مطالبة المغرب بالتعامل بالمثل، أي ترك النساء يرتدين ما يردن وعدم إرغامهن على التستر. ومكمن الوهم في هذا الطرح أن المغرب لا يلزم الأجنبيات بلباس محدد، كما أنه يتيح للراهبات المسيحيات ارتداء الزي الديني. والحال أن قضية لباس غير المسلمين لم تطرح أبدا في المغرب.

من ناحية أخرى، حتى لو تدخلت الدولة في لباس الأجنبيات، فسيكون له مسوغ قانوني ودستوري، وهو أن الدستور لا يصنف المغرب دولة علمانية. فالمرجعية إذن ليست مرجعية علمانية تضع الدين في مرتبة أدنى.

في الحالة هاته، هل حل القانون العلماني المشكلة المطروحة في فرنسا؟

لحد الساعة، ترفض بعض المقاطعات الفرنسية الاستجابة لقرار المجلس الدستوري، لكن يمكن الرد بالإيجاب طالما أن اللجوء إلى الدستور هو الذي فصل في القرار الذي اتخذته بعض المدن والمقاطعات. لكن الرد بالإيجاب ليس مطلقا، حيث حدود الحرية والتدخل غير واضحة بشكل تام، وتخضع لقراءات ذاتية. وهذا ليس حكرا على فرنسا، بل مثله موجود داخل علمانيات أخرى تفسر فيها المحاكم مقتضيات الدستور، كما هو الحال في إحدى أكبر العلمانيات، وأقصد بها الولايات المتحدة الأمريكية.

بقلم: روبن هود