الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > المنتدى الإسلامي > مدرسة القرآن والسنة > تفسير



إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2016-07-17, 12:50 رقم المشاركة : 1
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي تفسير سورة يوسف





* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق

{ الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلْغَافِلِينَ } * { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يٰأَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ } * { قَالَ يٰبُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ ءَالِ يَعْقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ } * { إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ } * { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } * { قَالُواْ يَٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ } * { أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } * { قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِيۤ أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ } * { قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّآ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ } * { فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُوۤاْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { وَجَآءُوۤا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ } * { قَالُواْ يَٰأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ } * { وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ } * { وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ قَالَ يٰبُشْرَىٰ هَـٰذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } * { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّاهِدِينَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ }

اللغَة:
{ ٱلْمُبِينِ } الظاهر الجلي { ٱلْقَصَصِ } إتباعُ الخبر بعضُه بعضاً وأصلُه في اللغة المتابعة
{*وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ*}
[القصص: 11] أي اتبعي أثَره والمراد بالقَصَص الأخبار التي قصها علينا الله في كتابه العزيز { الرؤيا } خاصة بالمنام وأما باليقضة فهي بالتاء الرؤية قال الألوسي: مصدر رأى الحلمية الرؤيا ومصدر البصرية الرؤية ولهذا خُطّىء المتنبي في قوله " ورؤياكَ أحلى في العيون من الغَمْض " { يَجْتَبِيكَ } الاجتباء: الاصطفاء والاختيار وأصله من جبيتُ الشيء أي حصَّلته { عُصْبَةٌ } جماعة قال الفراء: ما زاد على العشرة، والعصبةُ والعصابة العشرة فصاعداً { ٱطْرَحُوهُ } الطرح: رمي الشيء وإلقاؤه { غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ } قعره وغوره سمي به لغيبته عن عين الناظر { يَرْتَعْ } يتسع في أكل ما لذَّ وطاب قال الراغب: الرتع حقيقته في أكل البهائم ويستعار للإِنسان إذا أريد به الأكل الكثير قالت الخنساء:
ترتَعُ ما رتَعَتْ حتَّى إذا ادكرتْ *** فإِنَّما هيَ إقبالٌ وإدبار
{ ٱلسَّيَّارَةِ } المسافرين { سَوَّلَتْ } زيَّنت { وَارِدَهُمْ } الوارد الذي يرد الماء ليستقي للقوم.

سَبَبُ النّزول:

روي أن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف وما حصل له مع إخوته من أولاد يعقوب فنزلت السورة.

التفسِير:
{ الۤر } إشارة إلى الإِعجاز، فمن هذه الحروف وأمثالها تتألف آيات الكتاب المعجز { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } أي تلك الآيات التي أنزلت إليك يا محمد هي آيات الكتاب المعجز في بيانه، الساطع في حججه وبراهينه، الواضح في معانيه، الذي لا تشتبه حقائقه، ولا تلتبس دقائقُه { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً } أي أنزلناه بلغة العرب كتاباً عربياً مؤلفاً من هذه الأحرف العربية { لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } أي لكي تعقلوا وتدركوا أن الذي يصنع من الكلمات العادية هذا الكتاب المعجز ليس بشراً، وإنما هو إله قدير، وهذا الكلام وحيٌ منزل من رب العالمين { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } أي نحن نحدثك يا محمد ونروي لك أخبار الأمم السابقة، بأصدق كلام، وأحسن بيان { بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ } أي بإيحاءتنا إليك هذا القرآن المعجز { وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلْغَافِلِينَ } أي وإنَّ الحال والشأن أنك كنتَ من قبل أن نوحي إليك هذا القرآن لمن الغافلين عن هذه القصة، لم تخطر ببالك، ولم تقرعْ سمعك، لأنك أميٌّ لا تقرأ ولا تكتب { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يٰأَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً } من هنا بدايةُ القصة، أي اذكر حين قال يوسفُ لأبيه يعقوب يا أبي إني رأيت في المنام هذه الرؤيا العجيبة، رأيت أحد عشر كوكباً من كواكب السماء خرّت ساجدةً لي { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ } أي ورأيت في المنام الشمس والقمر ساجدةً لي مع الكواكب قال ابن عباس: كانت الرؤيا فيهم وحياً قال المفسرون: الكواكب الأحد عشر كانت إخوته، والشمس والقمر أبواه، وكان سنه إذ ذاك اثنتي عشرة سنة، وبين هذه الرؤيا واجتماعه بأبيه وإخوته في مصر أربعون سنة { قَالَ يٰبُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ } أي قال له يعقوب: لا تخبرْ بهذه الرؤيا إخوتك { فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً } أي فيحتالوا لإِهلاكك حيلةً عظيمة لا تقدر على ردّها { إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } أي ظاهر العداوة قال أبو حيان: فهم يعقوب من رؤيا يوسف أن الله تعالى يبلّغه مبلغاً من الحكمة، ويصطفيه للنبوة، وينعم عليه بشرف الدارين، فخاف عليه من حسد إخوته فنهاه أن يقصَّ رؤياه عليهم { وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ } أي وكما أراك مثل هذه الرؤيا العظيمة كذلك يختارك ربك للنبوة { وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ } أي يعلمك تفسير الرؤيا المناميَّة { وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ } أي يتمم فضله وإنعامه عليك وعلى ذرية أبيك يعقوب { كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ } أي كما أكمل النعمة من قبل ذلك على جدك إبراهيم وجدك إسحاق بالرسالة والاصطفاء { إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } أي عليمٌ بمن هو أهلٌ للفضل، حكيم في تدبيره لخلقه { لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ } أي لقد كان في خبر يوسف وإخوته الأحد عشر عبرٌ وعظاتٌ للسائلين عن أخبارهم { إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا } هذه هي المحنة الأولى ليوسف عليه السلام أي حين قالوا: والله ليوسف وأخوه " بنيامين " أحبُّ منَّا عند أبينا، أرادوا أن زيادة محبته لهما أمر ثابتٌ لا شبهة فيه، وإنما قالوا { وَأَخُوهُ } وهم جميعاً إخوة لأن أمهما كانت واحدة { وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } أي والحال نحن جماعة ذوو عدد، نقدر على النفع والضر، بخلاف الصغيرين { إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي إنه في خطأٍ وخروجٍ عن الصواب بيّن واضح، لإِيثاره يوسف وأخاه علينا بالمحبة قال القرطبي: لم يريدوا ضلال الدين إذ لو أرادوه لكفروا، وإنما أرادوا أنه في خطأٍ بيِّن في إيثار اثنين على عشرة { ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً } أي أُقتلوا يوسف أو ألقوه في أرض بعيدة مجهولة { يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ } أي فعند ذلك يخلصْ ويصفو لكم حبُّ أبيكم، فيُقْبل عليكم قال الرازي: المعنى إن يوسف شغله عنا وصرف وجهه إليه، فإذا فقده أقبل علينا بالمحبة والميل { وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ } أي وتتوبوا من بعد هذا الذنب وتصبحوا قوماً صالحين { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ } أي قال لهم أخوهم " يهوذا " وهو أكبر ولد يعقوب: لا تقتلوا يوسف بل ألقوه في قعر الجب وغوره { يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ } أي يأخذه بعض المارَّة من المسافرين { إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } أي إن كان لا بدَّ من الخلاص منه فاكتفوا بذلك، وكان رأيه فيه أهون شراً من رأي غيره { قَالُواْ يَٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ } المعنى أيُّ شيء حدث لك حتى لا تأمنا على أخينا يوسف، ونحن جميعاً أبناؤك؟ { وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ } أي ونحن نشفق عليه ونريد له الخير قال المفسرون: لما أحكموا العزمْ ذكروا هذا الكلام وأظهروا عند أبيهم أنهم في غاية المحبة ليوسف، وفي غاية الشفقة عليه، ليستنزلوه عن رأيه في تخوفه منهم وكأنهم قالوا: لِمَ تخافنا عليه ونحن نحبه ونريد الخير به!! { أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ } أي أرسله معنا غداً إلى البادية، يتسع في أكل ما لذَّ وطاب ويلهو ويلعب بالاستباق وغيره { وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } أي ونحن نحفظه من كل سوء ومكروه، أكّدوا كلامهم بإنَّ واللام وهم كاذبون { قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِيۤ أَن تَذْهَبُواْ بِهِ } أي قال لهم يعقوب: إنه ليؤلمني فراقُه لقلة صبري عنه { وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ } أي وأخاف أن يفترسه الذئب في حال غفلتكم عنه، وكأنه لقنهم الحجة قال الزمخشري: إعتذر إليهم بشيئين: أحدهما: أن ذهابهم به ومفارقته إيّاه مما يحزنه لأنه كان لا يصبر عنه ساعة، والثاني: خوفه عليه من الذئب إذا غفلوا عنه برعيهم ولعبهم { قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّآ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ } اللام للقسم أي والله لئن أكله الذئب ونحن جماعة أقوياء أشداء إنا لمستحقون أن يُدعى علينا بالخسارة والدمار { فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ } في الكلام محذوف أي فأرسله معهم فلما أخذوه وابتعدوا به عن أبيه { وَأَجْمَعُوۤاْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ } أي عزموا واتفقوا على إِلقائه في غور الجب { وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } أي أوحينا إلى يوسف لتخبرنَّ إخوتك بفعلهم هذا الذي فعلوه بك وهم لا يشعرون في ذلك الوقت أنك يوسف، قال الرازي: وفائدة هذا الوحي تأنيسُه، وتسكينُ نفسه، وإزالةُ الغمّ والوحشةِ عن قلبه، بأنه سيحصل له الخلاص من هذه المحنة { وَجَآءُوۤا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ } أي رجعوا إلى أبيهم وقت العشاء ليلاً وهم يبكون، روي أنه لما سمع يعقوب بكاءهم فزع، وقال: ما لكم يا بَنيَّ، وأين يوسف؟ { قَالُواْ يَٰأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ } أي نتسابق في العَدْو، أو في الرمي { وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ } أي تركنا يوسف عند ثيابنا وحوائجنا ليحفظها فجاء الذئب فافترسه { وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ } أي لست بمصدّق لنا في هذه المقالة ولو كنا في الواقع صادقين، فكيف وأنت تتهمنا وغير واثق بقولنا؟ وهذا القول منهم يدل على الارتياب، وكما قيل: يكاد المريبُ يقول خذوني { وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ } أي جاءوا على ثوبه بدمٍ كاذب، وُصِفَ بالمصدر مبالغةً كأنه نفسُ الكذب وعينُه قال ابن عباس: ذبحوا شاة ولطخوا بدمها القميص فلما جاءوا يعقوب قال: كذبتم لو أكله الذئب لخرقَ القميص وروي أنه قال: " ما أحلم هذا الذئب أكل ابني ولم يشقَّ قميصه "؟! { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً } أي زيَّنت لكم أنفسكم أمراً في يوسف وليس كما زعمتم أن الذئب أكله { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } أي أمري صبرٌ جميل لا شكوى فيه { وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ } أي وهو سبحانه عوني على تحمل ما تصفون من الكذب { وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ } أي قوم مسافرون مروا بذلك الطريق قال ابن عباس: جاء قوم يسيرون من مدين إلى مصر فأخطئوا الطريق فانطلقوا يهيمون حتى هبطوا على الأرض التي فيها جب يوسف، وكان الجب في قفرة بعيدة عن العمران { فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ } أي بعثوا من يستقي لهم الماء { فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ } أي أرسل دلوه في البئر قال المفسرون: لما أدلى الواردُ دلوه وكان يوسف في ناحيةٍ من قعر البئر تعلَّق بالحبل فخرج فلما رأى حسنه وجماله نادى { قَالَ يٰبُشْرَىٰ هَـٰذَا غُلاَمٌ } قاله على سبيل السرور والفرح لتبشير نفسه وجماعته قال أبو السعود: كأنه نادى البشرى وقال تعاليْ فهذا أوانك حيث فاز بنعمة جليلة { وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً } أي أخفوا أمره عن الناس ليبيعوه في أرض مصر متاعاً كالبضاعة، والضمير يعود على الوارد وجماعته { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } أي لا يخفى عليه سبحانه أسرارهم، وما عزموا عليه في أمر يوسف { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ } هذه هي المحنة الثانية في حياة يوسف الصدّيق وهي محنة الاسترقاق أي باعه أولئك المارة الذين استخرجوه من البئر بثمنٍ قليل منقوص هو عشرون درهماً كما قال ابن عباس { وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّاهِدِينَ } أي وكانوا في يوسف من الزاهدين الذين لا يرغبون فيه لأنهم التقطوه وخافوا أن يكون عبداً آبقاً فينتزعه سيّده من أيديهم، ولذلك باعوه بأبخس الأثمان { وَقَالَ ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ } أي وقال الذي اشتراه من مدينة مصر لزوجته أكرمي إقامته عندنا قال ابن عباس: كان اسم الذي اشتراه " قطفير " وهو العزيز الذي كان على خزائن مصر " عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً } أي عسى أن يكفينا بعض المهمات إذا بلغ أو نتبناه حيث لم يكن يولد لهما ولد { وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ } أي وكما نجيناه من الجب جعلناه متمكناً في أرض مصر يعيش فيها بعز وأمان { وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ } أي نوفقه لتعبير بعض المنامات { وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ } أي لا يعجزه تعالى شيء { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أي لا يعلمون لطائف صنعه وخفايا فضله { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ } أي بلغ منتهى شدته وقوته وهو ثلاثون سنة { آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً } أي أعطيناه حكمةً وفقهاً في الدين { وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } أي المحسنين في أعمالهم.

البَلاَغَة:
1- { تِلْكَ آيَاتُ } الاشارة بالبعيد لبعد مرتبته في الكمال وعلو شأنه.

2- { كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ } تشبيه مرسل مجمل.

3- { رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ } قال الشريف الرضي: هذه استعارة لأن الكواكب والشمس والقمر مما لا يعقل فكان الوجه أن يقال: ساجدة، ولكنها لما أطلق عليها فعل من يعقل جاز أن توصف بصفة من يعقل لأن السجود من فعل العقلاء.

4- { بِدَمٍ كَذِبٍ } الدم لا يوصف بالكذب والمراد بدم مكذوبٍ فيه أو دمٍ ذي كذب وجيء بالمصدر على طريق المبالغة.

لطيفَة:
روي أن امرأةً تحاكمت إلى شريحٍ فبكت فقال الشعبي: يا أبا أمية أما تراها تبكي؟ فقال الشعبي: لقد جاء إخوة يوسف يبكون وهم ظلمةٌ كذبة، لا ينبغي للإنسان أن يقضي إلا بالحق.

تنبيه:
ذهب بعض المفسرين إلى أن إخوة يوسف أنبياء واستدلوا على ذلك بأنهم الأسباط المذكورون في قوله تعالى
{*قُلْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ*}
[آل عمران: 84] والصحيح أن الأسباط ليسوا أولاد يعقوب وإنما هم القبائل من ذرية يعقوب كما نبّه عليه المحققون، ولو كان إخوة يوسف أنبياء لما أقدموا على مثل هذه الأفعال الشنيعة، فالحسد، والسعي بالفساد، والإِقدام على القتل، والكذبُ، وإلقاء يوسف في الجب، كل ذلك من الكبائر التي تنافي عصمة الأنبياء، فالقول بأنهم أنبياء - مع هذه الجرائم - لا يقبله عقل حصيف، وانظر ما قاله العلامة ابن كثير رحمه الله في هذا الشأن، فإِنه لطيف ودقيق.







: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=833611
التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2016-07-18, 11:03 رقم المشاركة : 2
الشريف السلاوي
مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية الشريف السلاوي

 

إحصائية العضو









الشريف السلاوي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام مشارك

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية البرونزية

افتراضي رد: تفسير سورة يوسف



شكرا جزيلا و بارك الله فيك





التوقيع


" اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا "
    رد مع اقتباس
قديم 2016-07-28, 11:45 رقم المشاركة : 3
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي رد: تفسير سورة يوسف


[u]* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف [/u]و مدقق


{ وَرَاوَدَتْهُ ظ±لَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ ظ±لأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ ظ±للَّهِ إِنَّهُ رَبِّيغ¤ أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ظ±لظَّالِمُونَ } * { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاغ¤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ظ±لسُّوغ¤ءَ وَظ±لْفَحْشَآءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ظ±لْمُخْلَصِينَ } * { وَظ±سْتَبَقَا ظ±لْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى ظ±لْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوغ¤ءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ } * { وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ } * { فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ } * { يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـظ°ذَا وَظ±سْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ظ±لْخَاطِئِينَ } * { وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي ظ±لْمَدِينَةِ ظ±مْرَأَةُ ظ±لْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئاً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ ظ±خْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَـظ°ذَا بَشَراً إِنْ هَـظ°ذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ } * { قَالَتْ فَذظ°لِكُنَّ ظ±لَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَظ±سَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّن ظ±لصَّاغِرِينَ } * { قَالَ رَبِّ ظ±لسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِيغ¤ إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ظ±لْجَاهِلِينَ } * { فَظ±سْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ ظ±لسَّمِيعُ ظ±لْعَلِيمُ } * { ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ظ±لآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىظ° حِينٍ } * { وَدَخَلَ مَعَهُ ظ±لسِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّيغ¤ أَرَانِيغ¤ أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ ظ±لآخَرُ إِنِّي أَرَانِيغ¤ أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ ظ±لطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ظ±لْمُحْسِنِينَ } * { قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذظ°لِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّيغ¤ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِظ±للَّهِ وَهُمْ بِظ±لآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } * { وَظ±تَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـيغ¤ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشْرِكَ بِظ±للَّهِ مِن شَيْءٍ ذظ°لِكَ مِن فَضْلِ ظ±للَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى ظ±لنَّاسِ وَلَـظ°كِنَّ أَكْثَرَ ظ±لنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } * { يظ°صَاحِبَيِ ظ±لسِّجْنِ ءَأَرْبَابٌ مُّتَّفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ ظ±للَّهُ ظ±لْوَاحِدُ ظ±لْقَهَّارُ } * { مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَآءً سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ مَّآ أَنزَلَ ظ±للَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ ظ±لْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوغ¤اْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذظ°لِكَ ظ±لدِّينُ ظ±لْقَيِّمُ وَلَـظ°كِنَّ أَكْثَرَ ظ±لنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { يظ°صَاحِبَيِ ظ±لسِّجْنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا ظ±لآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ ظ±لطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ ظ±لأَمْرُ ظ±لَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ } * { وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا ظ±ذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ ظ±لشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي ظ±لسِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ }


المنَاسَبَة:
لما ذكر تعالى ما أكرم به يوسف من الإِقامة في القصر مع عزيز مصر، ذكر هنا ما تعرّض له عليه السلام من أنواع الفتنة والإِغراء من زوجة العزيز، وصموده أمام تلك الفتنة العارمة، وما ظهر منه من العفة والنزاهة حتى آثر دخول السجن على عمل الفاحشة، وكفى بذلك برهاناً على عفته وطهارته.

اللغَة:
{ وَرَاوَدَتْهُ } المراودة: الطلب برفقٍ ولين مأخوذة من راد يرود إذا جاء وذهب ومنه الرائد لطلب الكلأ، يقال في الرجل: راودها عن نفسها، وفي المرأة راودته عن نفسه أي طلبت منه مضاجعتها { هَيْتَ } اسم فعل أمر بمعنى تعال وهلُمّ { مَثْوَايَ } مقامي، والثواء الإِقامة مع الاستقرار { هَمَّتْ } الهمُّ يأتي بمعنى العزم والقصد، ومنه
{ وَهَمَّتْ كُـلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ }
[غافر: 5] ويأتي بمعنى الخاطر وحديث النفس دون عزم قال الشاعر:
هممتُ بهمٍّ من بثينةَ لو بدا شفيتُ غليلاتِ الهوى من فؤاديا
فالهمُّ من امرأة العزيز كان هم عزمٍ وتصميم، والهمُّ من يوسف كان مجرد حديث نفس { ظ±لسُّوغ¤ءَ } المنكر، والفجور، والمكروه { وَظ±لْفَحْشَآءَ } ما تناهى قبحه والمراد به الزنى { قَدَّتْ } القدُّ: الشق والقطع وأكثر ما يستعمل في الطول، والقطُّ يستعمل في العرض { أَلْفَيَا } وجدا { كَيْدِكُنَّ } الكيد: المكر والحيلة { ظ±لْخَاطِئِينَ } المتعمدين للذنب قال الأصمعي: خطئ الرجل فهو خاطئ إذا تعمد الذنب، وأخطأ يخطئ إذا غلط ولم يتعمد { شَغَفَهَا حُبّاً } وصل حبه إلى سويداء قلبها قال الزجاج: الشغاف سويداء القلب { أَصْبُ } أملْ يقال: صبا إلى اللهو إذا مال إليه.

التفسِير:
{ وَرَاوَدَتْهُ ظ±لَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ } هذه هي المحنة الثالثة بعد محنة الجب والاسترقاق، والمراودةُ الطلبُ برفقٍ ولين كما يفعل المخادع بكلامه المعسول المعنى: طلبت امرأة العزيز التي كان يوسف في بيتها منه أن يضاجعها، ودعته برفق ولين أن يواقعها، وتوسَّلت إليه بكل وسيلةٍ { وَغَلَّقَتِ ظ±لأَبْوَابَ } أي غلّقت أبواب البيوت عليها وعلى يوسف وأحكمت إغلاقها قال القرطبي: كانت سبعة أبواب غلّقتها ثم دعته إلى نفسها { وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ } أي هلُمَّ وأسرع إلى الفراش فليس ثمة ما يُخشى قال في البحر: أمرته بأن يسرع إليها { قَالَ مَعَاذَ ظ±للَّهِ } أي عياذاً بالله من فعل السوء قال أبو السعود: وهذا إشارة إلى أنه منكر هائل يجب أن يعاذ بالله تعالى للخلاص منه، لما أراه الله من البرهان النيِّر على ما فيه من غاية القبح ونهاية السوء { إِنَّهُ رَبِّيغ¤ أَحْسَنَ مَثْوَايَ } أي إن زوجك هو سيدي العزيز الذي أكرمني وأحسن تعهدي فكيف أسيء إليه بالخيانة في حَرَمه؟ { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ظ±لظَّالِمُونَ } أي لا يظفر الظالمون بمطالبهم، ومنهم الخائنون المُجازون الإِحسانَ بالسوء، ثم أخبر تعالى ان امرأة العزيز حاولت إيقاعه في شراكها، وتوسَّلت إليه بكل وسائل الإِغراء، ولولا أنَّ الله جلَّ وعلا حفظه من كيدها لهلك فقال { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ } أي همَّت بمخالطته عن عزمٍ وقصدٍ وتصميم، عزماً جازماً على الفاحشة لا يصرفها عنها صارف، وقصدت إجباره على مطاوعتها بالقوة، بعد أن استحكمت من تغليق الأبواب، ودعوته إلى الإِسراع، مما اضطره إلى الهرب إلى الباب { وَهَمَّ بِهَا } أي مالت نفسه إليها بمقتضى الطبيعة البشرية، وحدثته نفسُه بالنزول عند رغبتها حديث نفسٍ، دون عزمٍ وقصد، فبين الهمين فرق كبير قال الإِمام الفخر: الهمُّ خطورُ الشيء بالبال أو ميلُ الطبع، كالصائم في الصيف يرى الماء البارد فتحمله نفسُه على الميل إليه وطلب شربه، ولكنْ يمنعه دينُه عنه { لَوْلاغ¤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ } جوابه محذوفٌ أي لولا حفظ الله ورعايتُه ليوسف، وعصمتُه له لخالطها وأمضى ما حدثته نفسه به، ولكنَّ الله عصمه بالحفظ والتأييد فلم يحصل منه شيءٌ البتَّة قال في البحر: نسب بعضُهم ليوسف ما لا يجوز نسبتُه لآحاد الفُسَّاق، والذي أختاره أن " يوسف " عليه السلام لم يقع منه همٌّ البتَّة، بل هو منفيٌّ لوجود رؤية البرهان كما تقول: " قارفتَ الذنبَ لولا أن عصمك الله " وكقول العرب: " أنتَ ظالمٌ إن فعلتَ " وتقديره: إن فعلتَ فأنتَ ظالم وكذلك هنا التقدير: لولا أن رأى برهان ربه لهمَّ بها ولكنه وجد رؤية البرهان فانتفى الهمُّ، وأمّا أقوال السلف فنعتقد أنه لا يصح عن أحدٍ منهم شيءٌ من ذلك، لأنها أقوالٌ متكاذبة يناقضُ بعضُها بعضاً مع كونها قادحة في بعض فساق الملل فضلاً عن المقطوع لهم بالعصمة وقال أبو السعود: إن همَّه بها بمعنى ميله إليها بمقتضى الطبيعة البشرية، ميلاً جبلياً، لا أنه قصدها قصداً اختيارياً، ألا يرى إلى ما سبق من استعصامه المنبئ عن كمال كراهيته له ونفرته عنه، وحكمه بعدم إفلاح الظالمين، وهل هو إلا تسجيلٌ باستحالة صدور الهمّ منه تسجيلاً محكماً؟ وما قيل: إنه حلَّ الهميان، وجلس مجلس الختان، فإنما هي خرافاتٌ وأباطيل، تمجها الآذان، وتردّها العقول والأذهان { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ظ±لسُّوغ¤ءَ } أي ثبتناه على العفة أمام دوافع الفتنة والإِغراء لنصرف عنه المنكر والفجور، وهذه آيةٌ بيِّنة، وحجةٌ قاطعة على أنه عليه السلام لم يقع منه همٌّ بالمعصية، ولو كان كما زعموا لقال " لنصرفه عن السوء والفحشاء " فلما قال { لِنَصْرِفَ عَنْهُ } دلَّ على أن ذلك شيء خارج عن الإرادة فصرفه الله عنه، بما منحه من موجبات العفة والعصمة { وَظ±لْفَحْشَآءَ } أي لنصرف عنه الزنى الذي تناهى قبحُه { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ظ±لْمُخْلَصِينَ } بفتح اللام أي الذين أخلصهم الله لطاعته، واصطفاهم واختارهم لوحيه ورسالته، فلا يستطيع أن يغويهم الشيطان.
. ثم أخبر تعالى بما حصل من المفاجأة العجيبة بقدوم زوجها وهما يتسابقان نحو الباب، ولا تزال هي في هياجها الحيواني { وَظ±سْتَبَقَا ظ±لْبَابَ } أي تسابقا نحو باب القصر، هو للهرب، وهي للطلب { وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ } أي شقت ثوبه من خلف لأنها كانت تلحقه فجذبته فشقت قميصه { وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى ظ±لْبَابِ } أي وجدا العزيز عند باب القصر فجأة وقد حضر في غير أوان حضوره، وبمهارة فائقة تشبه مهارة إبليس انقلب الوضع فأصبح الظالم مظلوماً، والبريء متهماً { قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوغ¤ءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي ما جزاؤه إلا السجن أو الضرب ضرباً مؤلماً وجيعاً { قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي } أي قال يوسف مكذباً لها: هي التي دعتني إلى مقارفة الفاحشة لا أني أردت بها السوء { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ } قال ابن عباس: كان طفلاً في المهد أنطقه الله، وكان ابن خالها قال في البحر: وكونُه من أهلها أوجب للحجة عليها، وأوثقُ لبراءة يوسف، وأنفى للتهمة { إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ } أي إن كان ثوبُه قد شُقَّ من أمام فهي صادقة وهو كاذب { وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ } أي وإن كان ثوبه قد شُقَّ من الوراء فهي كاذبة وهو صادق، لأن الأمر المنطقي أن يُشق الثوب من خلف إن كانت هي الطالبة له وهو الهارب { فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ } أي فلما رأى زوجها أن الثوب قد شُقَّ من الوراء { قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ } أي إن هذا الأمر من جملة مكركن واحتيالكنَّ أيتها النسوة { إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ } تأكيد لما سبق ذكره أي مكركنَّ معشر النسوة واحتيالكنَّ للتخلص مما دبرتُنَّ شيءٌ عظيم { يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـظ°ذَا } أي يا يوسف أكتم هذا الأمر ولا تذكره لأحد، يقول سيد قطب عليه الرحمة والرضوان: وهنا تبدو صورةٌ من " الطبقة الراقية " في المجتمع الجاهلي، رخاوةٌ في مواجهة الفضائح الجنسية، وميلٌ إلى كتمانها عن المجتمع، فيلتفت العزيز إلى يوسف البريء ويأمره بكتم الأمر وعدم إظهاره لأحد، ثم يخاطب زوجُه الخائن بأسلوب اللباقة في مواجهة الحادث الذي يثير الدم في العروق { وَظ±سْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ } أي توبي واطلبي المغفرة من هذا الذنب القبيح، وكأن هذا هو المهم محافظة على الظواهر { إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ظ±لْخَاطِئِينَ } أي من القوم المتعمدين للذنب، وفي هذا إشارة إلى أن العزيز كان قليل الغَيْرة حيث لم ينتقم ممن أرادت خيانته، وتدنيس فراشه بالإِثم والفجور قال ابن كثير: كان زوجها ليِّن العريكة سهلاً، أو أنه عذرها لأنها رأت ما لا صبر لها عنه { وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي ظ±لْمَدِينَةِ } أي قال جماعة من النساء في مدينة مصر، روي أنهن خمس نسوة: امرأة ساقي العزيز، وامرأة الحاجب، وامرأة الخباز، وامرأة صاحب الدواب، وامرأة صاحب السجن قاله ابن عباس وغيره، والأظهر أن تلك الواقعة شاعت في البلد، واشتهرت وتحدث بها النساء { ظ±مْرَأَةُ ظ±لْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ } أي امرأة عزيز مصر تطلب من خادمها وعبدها أن يواقعها وتخادعه وتتوسل إليه لقضاء وطرها منه قال أبو حيان: وتصريحهن بإضافتها إلى العزيز مبالغة في التشنيع، لأن النفوس أميل لسماع أخبار ذوي الجاه، وعبَّرن بـ { تُرَاوِدُ } للدلالة على أن ذلك صار سجيَّةً لها فهي دائماً تخادعه عن نفسه لأن المضارع يفيد التجدد والاستمرار { قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً } أي بلغ حبُّه شَغَاف قلبها - وهو حجابه - وشقَّه حتى وصل إلى فؤادها { إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي إنا لنعتقد أنها في ضلال عن طريق الرشد واضح بسبب حبها إيّاه { فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ } أي فلما سمعت بحديثهن، وسماه مكراً لأنه كان في خفية، كما يخفي الماكر مكره { أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ } أي أرسلت إليهنَّ تدعوهنَّ إلى منزلها لحضور وليمة قال المفسرون: دعت أربعين امرأةً من الذوات منهن النساء الخمس المذكورات { وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئاً } أي هيأت لهنَّ ما يتكئن عليه من الفرش والوسائد { وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً } في الكلام محذوف أي قدمت لهن الطعام وأنواع الفاكهة ثم أعطت كل واحدةٍ منهنَّ سكيناً لتقطع به { وَقَالَتِ ظ±خْرُجْ عَلَيْهِنَّ } أي وقالت ليوسف وهنَّ مشغولات بتقشير الفاكهة والسكاكين في أيديهن: اخرجْ عليهنَّ فلم يشعرن إلا ويوسف يمرُّ من بينهن { فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ } أي فلما رأين يوسف أعظمنْه وأجللنْه، وبُهتن من جماله ودُهشن { وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } أي جرحن أيديهن بالسكاكين لفرط الدهشة المفاجئة { وَقُلْنَ حَاشَ للَّهِ } أي تنزَّه الله عن صفات العجز، وتعالت عظمته في قدرته على خلق مثله { مَا هَـظ°ذَا بَشَراً } أي ليس هذا من البشر { إِنْ هَـظ°ذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ } أي ما هو إلا مَلَك مِن الملائكة، فإن هذا الجمال الفائق، والحسن الرائع مما لا يكاد يوجد في البشر { قَالَتْ فَذظ°لِكُنَّ ظ±لَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ } صرَّحت عند ذلك بما في نفسها من الحب ليوسف لأنها شعرت بأنها انتصرت عليهن فقالت قولة المنتصرة: هذا الذي رأيتموه هو ذلك العبد الكنعاني الذي لمتُنَّني في محبته، فانظرن ماذا لقيتنَّ منه من الافتتان والدهش والإِعجاب!! { وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَظ±سَتَعْصَمَ } أي أردت أن أنال وطري منه، وأن أقضي شهوتي معه، فامتنع امتناعاً شديداً، وأبى إباءً عنيفاً قال الزمخشري: والاستعصام بناء مبالغة يدل على الامتناع البليغ والتحفظ الشديد { وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّن ظ±لصَّاغِرِينَ } أي ولئن لم يطاوعني ليعاقبنَّ بالسجن والحبس وليكوننَّ من الأذلاء المهانين قال القرطبي: عاودته المراودة بمحضر منهنَّ، وهتكتْ جلباب الحياء، وتوعدتْ بالسجن إن لم يفعل، ولم تعد تخشى لوماً ولا مقالاً، خلاف أول أمرها إذ كان ذلك سراً بينها وبينه { قَالَ رَبِّ ظ±لسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِيغ¤ إِلَيْهِ } لجأ يوسف إلى ربه وجعل يناجيه في خشوع وتضرع فقال: ربّ السجن آثرُ عندي وأحبُّ إلى نفسي من اقتراف الفاحشة، وأسند الفعل إليهن لأنهن جميعاً مشتركات في الدعوة بالتصريح أو التلويح، وقيل إنها لما توعدته نصحته وزيَّن له مطاوعتها، ونهينه عن إلقاء نفسه في السجن { وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ } أي وإن لم تدفع عني شرهن وتعصمني منهن { أَصْبُ إِلَيْهِنَّ } أي أملْ إلى إجابتهن بمقتضى البشرية { وَأَكُن مِّنَ ظ±لْجَاهِلِينَ } أي بسبب ما يدعونني إليه من القبيح، وهذا كله على سبيل التضرع والاستغاثة بجناب الله تعالى كعادة الأنبياء والصالحين { فَظ±سْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ } أي أجاب الله دعاءه فنجّاه من مكرهن، وثبَّته على العصمة والعفة { إِنَّهُ هُوَ ظ±لسَّمِيعُ } أي لدعاء الملتجئين إليه { ظ±لْعَلِيمُ } بأحوالهم وما انطوت عليه نياتهم.


. وهكذا اجتاز يوسف محنته الثالثة بلطف الله ورعايته { ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ظ±لآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىظ° حِينٍ } هذه بداية المحنة الرابعة وهي الأخيرة من محن الشدة في حياة يوسف الصّديق وهي " محنة السجن " وكل ما بعدها فرخاء والمعنى ثم ظهر للعزيز وأهله ومن استشارهم بعد الدلائل القاطعة على براءة يوسف، سجنه إلى مدة من الزمن غير معلومة، روي ان امرأة العزيز لما استعصى عليها يوسف وأيست منه، احتالت بطريق آخر، فقالت لزوجها: إن هذا العبد العبراني قد فضحني في الناس يقول لهم: إني راودته عن نفسه وأنا لا أقدر على إظهار عذري، فإما أن تأذن لي فأخرج وأعتذر، وإما أن تحبسه، فعند ذلك بدا له سجنه قال ابن عباس: فأمر به فحمل على حمار، وضُرب بالطبل، ونُودي عليه في أسواق مصر، إن يوسف العبراني أراد سيدته فجزاؤه أن يسجن، قال أبو صالح ما ذكر ابن عباس هذا الحديث إلى بكى { وَدَخَلَ مَعَهُ ظ±لسِّجْنَ فَتَيَانِ } أي أُدخل يوسف السجن واتفق أنه أُدخل حينئذٍ آخران من خدم الملك الخاص أحدهما خبازه، والآخر ساقيه، أُتهما بأنهما أرادا أن يسماه فحبسهما { قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّيغ¤ أَرَانِيغ¤ أَعْصِرُ خَمْراً } أي قال الساقي إني رأيت في المنام أني أعصر عنباً يئول إلى خمر وأسقي منه الملك { وَقَالَ ظ±لآخَرُ إِنِّي أَرَانِيغ¤ أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ ظ±لطَّيْرُ مِنْهُ } أي وقال الخباز: إني رأيت في منامي أني أحمل على رأسي طبقاً فيه خبز، والطيرُ تأكل من ذلك الخبز { نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ظ±لْمُحْسِنِينَ } أي أخبرنا بتفسير ما رأينا إنا نراك من الذين يحسنون تفسير الرؤيا، أخبراه عن رؤياهما لما علما أنه يجيد تفسير الرؤيا { قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا } أي لا يأتيكما شيء من الطعام إلا أخبرتكما ببيان حقيقته وماهيته وكيفيته قبل أن يصل إليكما، أخبرهما بمعجزاته ومنها معرفة " المغيبات " توطئةً لدعائهما إلى الإِيمان قال البيضاوي: أراد أن يدعوهما إلى التوحيد ويرشدهما إلى الدين القويم قبل أن يسعفهما إلى ما سألاه عنه، كما هو طريقة الأنبياء في الهداية والإِرشاد، فقدَّم ما يكون معجزة له من الإِخبار بالغيب ليدلهما على صدقه في الدعوة والتعبير { ذظ°لِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّيغ¤ } إن ذلك الإِخبار بالمغيبات ليس بكهانة ولا تنجيم، وإنما هو بإلهامٍ ووحيٍ من الله { إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِظ±للَّهِ } أي خصني ربي بذلك العلم لأني من بيت النبوة وقد تركت دين قومٍ مشركين لا يؤمنون بالله { وَهُمْ بِظ±لآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } أي يكذبون بيوم القيامة، نبّه على أصلين عظيمين: الإِيمان بالله، والإِيمان بدار الجزاء، إذ هما أعظم أركان الإيمان، وكرر لفظه { هُمْ } على سبيل التأكيد { وَظ±تَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـيغ¤ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } أي اتبعت دين الأنبياء، لا دين أهل الشرك والضلال، والغرضُ إظهار أنه من بيت النبوة، لتقوى رغبتهما في الاستماع إليه والوثوق بكلامه { مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشْرِكَ بِظ±للَّهِ مِن شَيْءٍ } أي ما ينبغي لنا معاشر الأنبياء أن نشرك بالله شيئاً مع اصطفائه لنا وإنعامه علينا { ذظ°لِكَ مِن فَضْلِ ظ±للَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى ظ±لنَّاسِ } أي ذلك الإيمان والتوحيد من فضل الله علينا حيث أكرمنا بالرسالة، وعلى الناس حيث بعث الرسل لهدايتهم وإرشادهم { وَلَـظ°كِنَّ أَكْثَرَ ظ±لنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } أي لا يشكرون فضل الله عليهم فيشركون به غيره.


.. ولما ذكر عليه السلام ما هو عليه من الدين الحنيف الذي هو دين الرسل، تلطَّفَ في حسن الاستدلال على فساد ما عليه قوم الفتيين من عبادة الأصنام فقال { يظ°صَاحِبَيِ ظ±لسِّجْنِ ءَأَرْبَابٌ مُّتَّفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ ظ±للَّهُ ظ±لْوَاحِدُ ظ±لْقَهَّارُ } أي يا صاحبيَّ في السجن أآلهة متعددة لا تنفع ولا تضر ولا تستجيب لمن دعاها كالأصنام، خيرٌ أم عبادة الواحد الأحد، المتفرد بالعظمة والجلال؟! { مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَآءً سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ } أي ما تعبدون يا معشر القوم من دون الله إلا أسماءً فارغة سميتموها آلهة وهي لا تملك القدرة والسلطان لأنها جمادات { مَّآ أَنزَلَ ظ±للَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ } أي ما أنزل الله لكم في عبادتها من حجة أو برهان { إِنِ ظ±لْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ } أي ما الحكم في أمر العبادة والدين إلا لله رب العالمين { أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوغ¤اْ إِلاَّ إِيَّاهُ } أي أمر سبحانه بإفراد العبادة له، لأنه لا يستحقها إلا من له العظمة والجلال { ذظ°لِكَ ظ±لدِّينُ ظ±لْقَيِّمُ } أي ذلك الذي أدعوكم إليه من إخلاص العبادة لله هو الدين القويم الذي لا اعوجاج فيه { وَلَـظ°كِنَّ أَكْثَرَ ظ±لنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أي يجهلون عظمة الله فيعبدون ما لا يضر ولا ينفع.. تدرّج عليه السلام في دعوتهم وألزمهم الحجة بأن بيَّن لهم أولاً رجحان التوحيد على اتخاذ الآلهة المتعددة، ثم برهن على أن ما يسمونها آلهة ويعبدونها من دون الله لا تستحق الألوهية والعبادة، ثم نصَّ على ما هو الحق القويم والدين المستقيم وهو عبادة الواحد الأحد الفرد الصمد، وذلك من الأسلوب الحكيم في الدعوة إلى الله، حيث قدَّم الهداية والإِرشاد، والنصيحة والموعظة، ثم شرع في تفسير رؤياهما فقال { يظ°صَاحِبَيِ ظ±لسِّجْنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا ظ±لآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ ظ±لطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ } أي يا صاحبيَّ في السجن أمّا الذي رأى أنه يعصر خمراً فيخرج من السجن ويعود إلى ما كان عليه من سقى سيده الخمر، وأمّا الآخر الذي رأى على رأسه الخبز فيُقتل ويُعلَّق على خشبة فتأكل الطير من لحم رأسه، قال المفسرون: روى أنه لما أخبرهما بذلك جحدا وقالا ما رأينا شيئاً فقال { قُضِيَ ظ±لأَمْرُ ظ±لَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ } أي انتهى وتمَّ قضاء الله صدقتما أو كذبتما فهو واقع لا محالة { وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا } أي قال يوسف للذي اعتقد نجاته وهو الساقي { ظ±ذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ } أي اذكرني عند سيّدك وأخبره عن أمري لعلّه يخلصني ممّا ظُلمتُ به { فَأَنْسَاهُ ظ±لشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ } أي أنسى الشيطان الساقي أن يذكر أمر يوسف للملك { فَلَبِثَ فِي ظ±لسِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ } أي مكث يوسف في السجن سبع سنين، قال المفسرون: وإنما لبث في السجن بضع سنين، لأنه اعتمد ووثق بالمخلوق، وغفل أن يرفع حاجته إلى الخالق جل وعلا قال القرطبي: قال وهب ابن منبه: أقام أيوب في البلاء سبع سنين، وأقام يوسف في السجن سبع سنين.


البَلاَغة:

1- بين { صَدَقَتْ } و { كَذَبَتْ } و { الصَّادِقِينَ } و { الكَاذِبِينَ } طباقٌ وهو من المحسنات البديعية.

2- { مِنَ ظ±لْخَاطِئِينَ } من باب تغليب الذكور على الإِناث.

3- { سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ } استعير المكر للغيبة لشبهها له في الإِخفاء.

4- { وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } كذلك فيه استعارة حيث استعار لفظ القطع عن الجرح أي جرحن أيديهن.

5- { أَعْصِرُ خَمْراً } مجاز مرسل باعتبار ما يكون أي عنباً يئول إلى خمر.

فَائِدَة:
روي أن جبريل جاء إلى يوسف وهو في السجن معاتباً له فقال له: يا يوسف من خلصك من القتل من أيدي إخوتك؟ قال: الله تعالى، قال: فمن أخرجك من الجب؟ قال: الله تعالى، قال: فمن عصمك من الفاحشة؟ قال: الله تعالى، قال: فمن صرف عنك كيد النساء؟ قال: الله تعالى، قال: فكيف تركتَ ربك فلم تسأله ووثقت بمخلوق!؟ قال: يا رب كلمةٌ زلَّتْ مني أسألك يا إله إبراهيم وآله والشيخ يعقوب عليهم السلام أن ترحمني فقال له جبريل: فإن عقوبتك أن تلبث في السجن بضع سنين.

تنبيه:
قال العلماء في قوله تعالى { وَظ±سْتَبَقَا ظ±لْبَابَ } هذا من اختصار القرآن المعجز، الذي يجمع المعاني الكثيرة في الألفاظ القليلة، وذلك أنها لما راودته عن نفسه وأبى، عزمت على أن تجبره بالقسر والإِكراه، فهرب منها فتسابقا نحو الباب هي لترده إلى نفسها وهو يهرب منها فاختصر القرآن ذلك كله بتلك العبارة البليغة { وَظ±سْتَبَقَا ظ±لْبَابَ }.


(شطحات بعض المفسرين في تفسير الهمّ)

لقد شطَّ القلم، وزلقت القدم ببعض المفسرين حين زعموا أن يوسف عليه السلام قد همَّ بمقارفة الفاحشة، وشُحنت بعضُ كتب التفسير بكثير من الروايات الإِسرائيلية الواهية، بل المنكرة الباطلة في تفسير " الهمّ " و " البرهان " حتى زعم بعضهم أن يوسف حلَّ رباط السروال، وجلس منها مجلس الرجل من امرأته، ثم رأى صورة أبيه " يعقوب " عاضاً على أصبعه، فقام عنها وتركها خجلاً من أبيه إلى غير ما هنالك من أقوال واهية، لا زمام لها ولا خطام. ولستُ أدري كيف دخلت تلك الروايات المنكرة إلى بعض كتب التفسير، وتقبّلها بعضهم بقبول حسن، وكلُّها - كما يقول العلامة أبو السعود - خرافات وأباطيل، تمجّها الآذان، وتردها العقول والأذهان!؟ ثم كيف غاب عن أولئك المفسرين أن " يوسف الصدّيق " نبيٌ كريم، ابن نبيٍ كريم، وأن العصمة من صفات الأنبياء!! يا قوم اعقلوا وفكروا، ونزّهوا هذه الكتب عن أمثال هذه التَّرهات والأباطيل، فإن الزنى جريمة من أبشع الجرائم فكيف يرتكبها نبيٌ من الأنبياء المكرمين؟ وهاكم الأدلة أسوقها من كتاب الله فقط على عصمته عليه السلام من عشرة وجوه:

الأول: امتناعه الشديد ووقوفُه أمامها بكل صلابه وعزم { قَالَ مَعَاذَ ظ±للَّهِ إِنَّهُ رَبِّيغ¤ أَحْسَنَ مَثْوَايَ.. }.

الثاني: فراره منها بعد أن غلَّقت الأبواب وشدّدت عليه الحصار { وَظ±سْتَبَقَا ظ±لْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ... }.

الثالث: إيثاره السجن على الفاحشة { قَالَ رَبِّ ظ±لسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِيغ¤ إِلَيْهِ... }.

الرابع: ثناء الله تعالى عليه في مواطن عديدة { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ظ±لْمُخْلَصِينَ }
{ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً }
[يوسف: 22] فهل يكون مخلصاً لله من همَّ بفاحشة الزنى؟.

الخامس: شهادة الطفل الذي أنطقه الله وهو في المهد بالحجة الدامغة { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ... } الآية.

السادس: اعتراف امرأة العزيز ببراءته وعفته { وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَظ±سَتَعْصَمَ... }.

السابع: استغاثته بربه لينجيه من كيد النساء { فَظ±سْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ.. }.

الثامن: ظهور الأمارات الواضحة والبراهين الساطعة على براءته وإِدخالِهِ السجن لدفع مقالة الناس { ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ظ±لآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىظ° حِينٍ }.

التاسع: عدم قبوله الخروج من السجن حتى تبرأ ساحته من التهمة { ظ±رْجِعْ إِلَىظ° رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ظ±لنِّسْوَةِ ظ±للاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ... }؟.

العاشر: الاعتراف الصريح من امرأة العزيز والنسوة ببراءته { قَالَتِ ظ±مْرَأَتُ ظ±لْعَزِيزِ ظ±لآنَ حَصْحَصَ ظ±لْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ظ±لصَّادِقِينَ }. وكفى بذلك برهاناً على عفته ونزاهته!! والله يقول الحقَّ وهو يهدي السبيل.






التوقيع

آخر تعديل أم سهام يوم 2016-07-28 في 11:50.
    رد مع اقتباس
قديم 2016-07-28, 12:10 رقم المشاركة : 4
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي رد: تفسير سورة يوسف


[color="red"]* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق [/color]


{ وَقَالَ ظ±لْمَلِكُ إِنِّيغ¤ أَرَىظ° سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يظ°أَيُّهَا ظ±لْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ } * { قَالُوغ¤اْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ ظ±لأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ } * { وَقَالَ ظ±لَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَظ±دَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ } * { يُوسُفُ أَيُّهَا ظ±لصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّيغ¤ أَرْجِعُ إِلَى ظ±لنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ } * { قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ } * { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذظ°لِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ } * { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذظ°لِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ ظ±لنَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } * { وَقَالَ ظ±لْمَلِكُ ظ±ئْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَآءَهُ ظ±لرَّسُولُ قَالَ ظ±رْجِعْ إِلَىظ° رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ظ±لنِّسْوَةِ ظ±للاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } * { قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوغ¤ءٍ قَالَتِ ظ±مْرَأَتُ ظ±لْعَزِيزِ ظ±لآنَ حَصْحَصَ ظ±لْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ظ±لصَّادِقِينَ } * { ذظ°لِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِظ±لْغَيْبِ وَأَنَّ ظ±للَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ ظ±لْخَائِنِينَ } * { وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيغ¤ إِنَّ ظ±لنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِظ±لسُّوغ¤ءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيغ¤ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَقَالَ ظ±لْمَلِكُ ظ±ئْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ ظ±لْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ } * { قَالَ ظ±جْعَلْنِي عَلَىظ° خَزَآئِنِ ظ±لأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } * { وَكَذظ°لِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ظ±لأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَآءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ ظ±لْمُحْسِنِينَ } * { وَلأَجْرُ ظ±لآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } * { وَجَآءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } * { وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ظ±ئْتُونِي بِأَخٍ لَّكُمْ مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّيغ¤ أُوفِي ظ±لْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ ظ±لْمُنْزِلِينَ } * { فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ } * { قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ } * { وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ ظ±جْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ إِذَا ظ±نْقَلَبُوغ¤اْ إِلَىظ° أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىظ° أَبِيهِمْ قَالُواْ يظ°أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ظ±لْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } * { قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَىظ° أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَظ±للَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ ظ±لرَّاحِمِينَ } * { وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يظ°أَبَانَا مَا نَبْغِي هَـظ°ذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذظ°لِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ } * { قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىظ° تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ ظ±للَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ ظ±للَّهُ عَلَىظ° مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } * { وَقَالَ يظ°بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَظ±دْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ ظ±للَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ ظ±لْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ظ±لْمُتَوَكِّلُونَ } * { وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِّنَ ظ±للَّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـظ°كِنَّ أَكْثَرَ ظ±لنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }


المنَاسَبَة:
لما أراد الله الفرج عن يوسف وإخراجه من السجن، رأى ملك مصر رؤيا عجيبة أفزعته، فجمع السحرةَ والكهنة والمنجمين وأخبرهم بما رأى في منامه، وسألهم عن تأويلها فأعجزهم الله جميعاً ليكون ذلك سبباً في خلاص يوسف من السجن.

اللغَة:

{ عِجَافٌ } هزيلة ضعيفة جمع أعجف والأنثى عجفاء { تَعْبُرُونَ } التعبير: معرفة تفسير الرؤيا المنامية { أَضْغَاثُ } جمع ضِغث وهو الحزمة من الحشيش اختلط فيها اليابس بالرطب { أَحْلاَمٍ } جمع حُلم وهو ما يراه النائم ومعناه أخلاط منامات اختلط فيها الحق بالباطل { وَظ±دَّكَرَ } تذكّر بعد النسيان { دَأَباً } الدَّأب: الاستمرار على الشيء يقال: دأب على عمله فهو دائب أي استمر عليه { تُحْصِنُونَ } تحرزون وتدخرون { حَصْحَصَ } ظهر وبان { مَكِينٌ } ذو مكانة رفيعة { رِحَالِهِمْ } جمع رحل وهو ما على ظهر المركوب من متاع الراكب وغيره { نَمِيرُ } نأتي لهم بالميرة وهي الطعام { يُحَاطَ بِكُمْ } تهلكوا جميعاً.

التفِسير:
{ وَقَالَ ظ±لْمَلِكُ إِنِّيغ¤ أَرَىظ° سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ } أي قال ملك مصر إني رأيت في منامي سبع بقرات سمانٍ خرجت من نهرٍ يابسٍ، وفي أثرها سبع بقراتٍ هزيلة في غاية الهُزال فابتلعت العجافُ السمانَ { وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ } هذا من تتمة الرؤيا أي ورأيتُ أيضاً سبع سنبلاتٍ خضر قد انعقد حبُّها وسبعاً آُخر يابسات قد استحصدت، فالتوتْ اليابسات على الخضر فأكلنهنَّ { يظ°أَيُّهَا ظ±لْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ } أي يا أيها الأشراف من رجالي وأصحابي أخبروني عن تفسير هذه الرؤيا { إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ } أي إن كنتم تجيدون تعبيرها وتعرفون مغزاها { قَالُوغ¤اْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ } أي أخلاط رؤيا كاذبة لا حقيقة لها قال الضحاك: أحلامٌ كاذبة { وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ ظ±لأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ } أي ولسنا نعرف تأويل مثل هذه الأحلام الكاذبة { وَقَالَ ظ±لَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَظ±دَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ } أي وقال الذي نجا من السجن وهو الساقي وتذكّر ما سبق له مع يوسف بعد مدة طويلة { أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ } أي أنا أخبركم عن تفسير هذه الرؤيا ممن عنده علم بتأويل المنامات { فَأَرْسِلُونِ } أي فأرسلوني إليه لآتيكم بتأويلها، خاطب الملك بلفظ التعظيم قال ابن عباس: لم يكن السجن في المدينة ولهذا قال فأرسلون { يُوسُفُ أَيُّهَا ظ±لصِّدِّيقُ } في الكلام محذوف دلَّ عليه السياق وتقديره: فأرسلوه فانطلق الساقي إلى السجن ودخل على يوسف وقال له: يا يوسف يا أيها الصِّديق وسمّاه صديقاً لأنه كان قد جرب صدقه في تعبير الرؤيا التي رآها في السجن، والصدّيق مبالغةٌ من الصدق { أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ } أي أخبرنا عن تأويل هذه الرؤيا العجيبة { لَّعَلِّيغ¤ أَرْجِعُ إِلَى ظ±لنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ } أي لأرجع إلى الملك وأصحابه وأخبرهم بها ليعلموا فضلك وعلمك ويخلصوك من محنتك قال الإِمام الفخر: وإنما قال { لَّعَلِّيغ¤ أَرْجِعُ إِلَى ظ±لنَّاسِ } لأنه رأى عجز سائر المعبّرين عن جواب هذه المسألة فخاف أن يعجز هو أيضاً عنها فلهذا السبب قال لعلّي { قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَباً } أي تزرعون سبع سنين دائبين بجدٍ وعزيمة { فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ } أي فما حصدتم من الزرع فاتركوه في سنبله لئلا يسوّس { إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ } أي إلا ما أردتم أكله فادرسوه واتركوا الباقي في سنبله { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذظ°لِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ } أي ثمَّ يأتي بعد سنيّ الرخاء سبع سنين مجدبات ذات شدة وقحط على الناس { يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ } أي تأكلون فيها مما ادخرتم أيام الرخاء { إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ } أي إلا القليل الذي تدخرونه وتخبئونه للزراعة { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذظ°لِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ ظ±لنَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } أي ثم يأتي بعد سنيّ القحط والجدب العصيبة عام رخاء، فيه يُمطر الناس ويُغاثون، وفيه يعصرون الأعناب وغيرها لكثرة خصبه، قال الزمخشري: تأول عليه السلام البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخاصيب، والعجاف واليابسات بسنين مجدبة، ثم بشّرهم بأن العام الثامن يجيء مباركاً خصيباً، كثير الخير، غزير النعم، وذلك من جهة الوحي { وَقَالَ ظ±لْمَلِكُ ظ±ئْتُونِي بِهِ } أي ولما رجع الساقي إلى الملك وعرض عليه ما عبَّر به يوسف رؤياه استحسن ذلك فقال: أحضروه لي لأسمع منه تفسيرها بنفسي ولأبصره { فَلَمَّا جَآءَهُ ظ±لرَّسُولُ } أي فلما جاء رسول الملك يوسف { قَالَ ظ±رْجِعْ إِلَىظ° رَبِّكَ } أي قال يوسف للرسول: ارجع إلى سيدك الملك { فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ظ±لنِّسْوَةِ ظ±للاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } أي سلْه عن قصة النسوة اللاتي قطَّعن أيديهن هل يعلم أمرهنَّ؟ وهل يدري لماذا حُبست ودخلت السجن؟ وأني ظُلمت بسببهنَّ؟ أبى عليه السلام أن يخرج من السجن حتى تُبرأ ساحته من تلك التهمة الشنيعة، وأن يعلم الناس جميعاً أنه حُبس بلا جرم { إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } أي إنه تعالى هو العالم بخفيات الأمور وبما دبّرن من كيدٍ لي { قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ } جمع الملك النسوة ودعا امرأة العزيز معهن فسألهن عن أمر يوسف وقال لهن: ما شأنكن الخطير حين دعوتن يوسف إلى مقارفة الفاحشة؟ { قُلْنَ حَاشَ للَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوغ¤ءٍ } أي معاذ الله أن يكون يوسف أراد السوء، وهو تنزيهٌ له وتعجب من نزاهته وعفته { قَالَتِ ظ±مْرَأَتُ ظ±لْعَزِيزِ ظ±لآنَ حَصْحَصَ ظ±لْحَقُّ } أي ظهر وانكشف الحق وبان بعد خفائه { أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ظ±لصَّادِقِينَ } أي أنا التي أغريتُه ودعوتُه إلى نفسي وهو بريءٌ من الخيانة وصادقٌ في قوله " هي راودتني عن نفسي " وهذا اعتراف صريحٌ ببراءة يوسف على رءوس الأشهاد { ذظ°لِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِظ±لْغَيْبِ } الأظهر أن هذا من كلام يوسف قاله لمّا وصله براءة النسوة له والمعنى ذلك الأمر الذي فعلتُه من ردّ الرسول حتى تظهر براءتي ليعلم العزيز أني لم أخنه في زوجته في غيبته بل تعففت عنها { وَأَنَّ ظ±للَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ ظ±لْخَائِنِينَ } أي لا يوفق الخائن ولا يسدّد خطاه { وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيغ¤ إِنَّ ظ±لنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِظ±لسُّوغ¤ءِ } أي لا أزكي نفسي ولا أنزّهها، فإن النفس البشرية ميَّالة إلى الشهوات، قاله يوسف على وجه التواضع قال الزمخشري: أراد أن يتواضع لله ويهضم نفسه، لئلا يكون لها مزكياً، وبحالها معجباً ومفتخراً { إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيغ¤ } أي إلا من رحمه الله بالعصمة { إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي عظيم المغفرة واسع الرحمة { وَقَالَ ظ±لْمَلِكُ ظ±ئْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي } أي ائتوني بيوسف اجعله من خاصتي وخلصائي، قال ذلك لمّا تحقق براءته وعرف عفته وشهامته وعلمه { فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ ظ±لْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ } أي فلما أتوا به وكلَّمه يوسف وشاهد الملك فضله، ووفور عقله، وحُسن كلامه قال إنك اليوم قريب المنزلة رفيع الرتبة، مؤتمنٌ على كل شيء { قَالَ ظ±جْعَلْنِي عَلَىظ° خَزَآئِنِ ظ±لأَرْضِ } أي قال يوسف للملك اجعلني على خزائن أرضك { إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } أي أمينٌ على ما استودعتني، عليمٌ بوجوه التصرف، وإنما طلب منه الولاية رغبةً في العدل، وإقامة الحق والإِحسان، وليس هو من باب التزكية للنفس، وإنما هو للإِشعار بحنكته ودرايته لاستلام وزارة الماليَّة { وَكَذظ°لِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ظ±لأَرْضِ } أي وهكذا مكنّا ليوسف في أرض مصر، وجعلنا له العزَّ والسلطان بعد الحبس والضيق { يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُ } أي يتخذ منها منزلاً حيث يشاء ويتصرف في الممكلة كما يريد { نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَآءُ } أي نخص بإنعامنا وفضلنا من نشاء من عبادنا { وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ ظ±لْمُحْسِنِينَ } أي لا نضيع أجر من أحسن عمله وأطاع ربه بل نضاعفه له { وَلأَجْرُ ظ±لآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } أي أجر الآخرة وثوابها خير للمؤمنين المتقين من أجر الدنيا، وفيه إشارة إلى أن المطلب الأعلى هو ثواب الآخرة، وأن ما يُدَّخر لهؤلاء المحسنين أعظم وأجلُّ من هذا النعيم العاجل في الدنيا { وَجَآءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } أي دخلوا على يوسف فعرف أنهم إخوته ولكنهم لم يعرفوه لهيبة المُلْك، وبُعْد العهد، وتغير الملامح قال ابن عباس: كان بين إلقائه في الجب وبين دخولهم عليه اثنتان وعشرون سنة فلذا أنكروه، وكان سبب مجيئهم أنهم أصابتهم مجاعة في بلادهم بسبب القحط الذي عمَّ البلاد، فخرجوا إلى مصر ليشتروا من الطعام الذي ادخره يوسف، فلما دخلوا على يوسف قال كالمنكر عليهم: ما أقدمكم بلادي؟ قالوا: جئنا للميرة، قال: لعلكم عيونٌ " جواسيس " علينا؟ قالوا: معاذ الله، قال: فمن أين أنتم؟ قالوا: من بلاد كنعان وأبونا يعقوب نبيُّ الله، قال: وله أولاد غيركم؟ قالوا: نعم كنا اثني عشر فذهب أصغرنا وهلك في البرية - وكان أحبَّنا إليه - وبقي شقيقه فاحتبسه ليتسلّى به عنه وجئنا نحن العشرة، فأمر بإنزالهم وإكرامهم { وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ } أي هيأ لهم الطعام والميرة وأعطاهم ما يحتاجون إليه في سفرهم { قَالَ ظ±ئْتُونِي بِأَخٍ لَّكُمْ مِّنْ أَبِيكُمْ } أي ائتوني بأخيكم بنيامين لأصدقكم { أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّيغ¤ أُوفِي ظ±لْكَيْلَ } أي ألا ترون أني أتم الكيل من غير بخسٍ { وَأَنَاْ خَيْرُ ظ±لْمُنْزِلِينَ } أي خير من يكرم الضيفان وخير المضيفين لهم، وكان قد أحسن إنزالهم وضيافتهم { فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ } أي إن لم تأتوني بأخيكم فليس لكم عندي بعد اليوم ميرة، ولا تقربوا بلادي مرة ثانية، رغبهم ثم توعدهم قال في البحر: والظاهر أن كل ما فعله يوسف عليه السلام كان بوحيٍ من الله وإلا فمقتضى البر أن يبادر إلى أبيه ويستدعيه لكنَّ الله أراد تكميل أجر يعقوب ومحنته، ولتتفسَّر الرؤيا الأولى { قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ } أي سنخادعه ونحتال في انتزاعه من يده، ونجتهد في طلبه منه، وإنّا لفاعلون ذلك { وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ ظ±جْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ } أي قال يوسف لغلمانه الكيالين اجعلوا المال الذي اشتروا به الطعام في أوعيتهم { لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ إِذَا ظ±نْقَلَبُوغ¤اْ إِلَىظ° أَهْلِهِمْ } أي لكي يعرفوها إذا رجعوا إلى أهلهم وفتحوا أوعيتهم { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } أي لعلهم يرجعون إلينا إذا رأوها، فإنه علم أنَّ دينهم يحملهم على رد الثمن لأنهم مطهّرون عن أكل الحرام فيكون ذلك أدعى لهم إلى العود إليه { فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىظ° أَبِيهِمْ قَالُواْ يظ°أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ظ±لْكَيْلُ } أي فلما عادوا إلى أبيهم قالوا له - قبل أن يفتحوا متاعهم - يا أبانا لقد أُنذرنا بمنع الكيل في المستقبل إن لم نأت بأخينا بنيامين، فإنَّ ملك مصر ظنَّ أننا جواسيس وأخبرناه بقصتنا فطلب أخانا ليتحقق صدقنا { فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا نَكْتَلْ } أي أرسل معنا أخانا بنيامين لنأخذ ما نستحقه من الحبوب التي تُكال لنا { وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } أي نحفظه من أن يناله مكروه { قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَىظ° أَخِيهِ مِن قَبْلُ } أي قال لهم يعقوب: كيف آمنكم على بنيامين وقد فعلتم بأخيه يوسف ما فعلتم بعد أن ضمنتم لي حفظه، ثمَّ خنتم العهد؟ فأًخاف أن تكيدوا له كما كدتم لأخيه؟ فأنا لا أثق بكم ولا بحفظكم، وإِنما أثق بحفظ الله { فَظ±للَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً } أي حفظ الله خيرٌ من حفظكم { وَهُوَ أَرْحَمُ ظ±لرَّاحِمِينَ } أي هو أرحم من والديه وإخوته، فأرجو أن يمُنَّ عليَّ بحفظه ولا يجمع عليَّ مصيبتين { وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ } أي ولما فتحوا الأوعية التي وضعوا فيها الميرة وجدوا ثمن الطعام في متاعهم { قَالُواْ يظ°أَبَانَا مَا نَبْغِي } أي ماذا نبغي؟ وأيَّ شيءٍ نطلب من إكرام الملك أعظم من هذا؟ { هَـظ°ذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا } أي هذا ثمن الطعام قد رُدَّ إلينا من حيثُ لا ندري، فهل هناك مزيدٌ فوق هذا الإِحسان، أوفى لنا الكيل، وردَّ لنا الثمن!! أرادوا بذلك استنزال أبيهم عن رأيه { وَنَمِيرُ أَهْلَنَا } أي نأتي بالميرة والطعام لأهلنا { وَنَحْفَظُ أَخَانَا } أي نحفظه من المكاره، وكرروا حفظ الأخ مبالغةً في الحض على إرساله { وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ } أي ونزداد باستصحابنا له حمل بعير، روي أنه ما كان يعطي الواحد إلا كيل بعير من الطعام، فأعطاهم حمل عشرة جمال ومنعهم الحادي عشر حتى يحضر أخوهم { ذظ°لِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ } أي سهلٌ على الملك إعطاؤه لسخائه { قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىظ° تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ ظ±للَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ } أي قال لهم أبوهم: لن أرسل معكم بنيامين إلى مصر حتى تعطوني عهداً مؤكداً وتحلفوا بالله لترُدنه عليَّ { إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ } أي إلا أن تُغلبوا فلا تقدّروا على تخليصه، ولا يبقى لكم طريق أو حيلة إلى ذلك قال مجاهد: إلا أن تموتوا كلُّكم فيكون ذلك عذراً عندي { فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ } أي فلما حلفوا له وأعطوه العهد المؤكد { قَالَ ظ±للَّهُ عَلَىظ° مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } أي الله شهيد رقيب على ذلك { وَقَالَ يظ°بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَظ±دْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ } أي لا تدخلوا مصر من بابٍ واحد قال المفسرون: خاف عليهم من العين إن دخلوا مجتمعين إذ كانوا أهل جمالٍ وهيبة، والعينُ حقٌ تُدخل الرجلَ القبرَ، والجملَ القِدر كما جاء في الحديث { وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ ظ±للَّهِ مِن شَيْءٍ } أي لا أدفع عنكم بتدبيري شيئاً مما قضاه الله عليكم، فإن الحذر لا يدفع القدر { إِنِ ظ±لْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ } أي ما الحكم إلا لله جلَّ وعلا وحده لا يشاركه أحد، ولا يمانعه شيء { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } أي عليه وحده اعتمدت وبه وثقت { وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ظ±لْمُتَوَكِّلُونَ } أي وعليه فليعتمدْ أهل التوكل والإِيمان، ولْيفوضوا أمورهم إليه { وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم } أي دخلوا من الأبواب المتفرقة كما أوصاهم أبوهم { مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِّنَ ظ±للَّهِ مِن شَيْءٍ } أي ما كان دخولهم متفريقن ليدفع عنهم من قضاء الله شيئاً { إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا } أي إلا خشية العين شفقةً منه على بنيه { وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ } أي وإن يعقوب لذو علمٍ واسع لتعليمنا إياه بطريق الوحي، وهذا ثناءٌ من الله تعالى عظيمٌ على يعقوب، لأنه علم بنور النبوة أن القدر لا يدفعه الحذر { وَلَـظ°كِنَّ أَكْثَرَ ظ±لنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أي لا يعلمون ما خصَّ الله به أنبياءه وأصفياءه من العلوم التي تنفعهم في الدارين.



البَلاغَة:
1- { إِنِّيغ¤ أَرَىظ° سَبْعَ بَقَرَاتٍ } صيغة المضارع لحكاية الحال الماضية.

2- { سِمَانٍ... وعِجَافٌ } بينهما طباقٌ وكذلك بين { خُضْرٍ... ويَابِسَاتٍ } طباقٌ.

3- { أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ } هذا من أَبلغ أَنواع الاستعارة وألطفها فإن الأضغاث هو المختلط من الحشيش المضموم بعضه إلى بعض، فشبه اختلاط الأحلام وما فيها من المحبوب والمكروه، والخير والشر باختلاط الحشيش المجموع من أصناف كثيرة.

4- { يُوسُفُ أَيُّهَا ظ±لصِّدِّيقُ } هذا من براعة الاستهلال فقد قدَّم الثناء قبل السؤال طمعاً في إجابة مطلبه.

5- { يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ } فيه مجاز عقلي لأن السنين لا تأكل وإنما يأكل الناس ما ادَّخروه فيها، فهو من باب الإِسناد إلى الزمان كقول الفصحاء: نهارُ الزاهدِ صائم وليلُه قائم.

6- { لأَمَّارَةٌ بِظ±لسُّوغ¤ءِ } لم يقل آمرة مبالغة في وصف النفس بكثرة الدفع في المهاوي، والقود إلى المغاوي لأن " فعّال " من أبنية المبالغة.

7- { فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } بين عرف وأنكر طباقٌ.

8- { لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَظ±دْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ } فيه إطناب وهو زيادة اللفظ على المعنى، وفائدتُه تمكين المعنى من النفس، وفيه أيضاً من المحسنات البديعية ما يسمى " طباق السلب ".

فَائِدَة:
أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على يوسف الصدِّيق في كرمه وصبره وحلمه فقال: " لو لبثتُ في السجن ما لبثَ يوسفُ لأجبتُ الداعي " وكفى بهذا برهاناً على عفة يوسف ونزاهته عليه السلام.

لطيفَة:
ذكر بعض العلماء أن يوسف عليه السلام ما زال النساء يملن إليه ميل شهوة حتى نبأه الله، فألقى عليه هيبة النبوة فشغلت هيبتُه كل من رآه عن حسنه.






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2016-07-28, 23:31 رقم المشاركة : 5
elqorachi zouaouia
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية elqorachi zouaouia

 

إحصائية العضو







elqorachi zouaouia غير متواجد حالياً


مسابقة السيرة 4

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام المرتبة الثالثة

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المشارك في المطبخ

وسام المشارك

افتراضي رد: تفسير سورة يوسف





التوقيع

    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 05:44 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd