منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى النقاش والحوار الهادف (https://www.profvb.com/vb/f65.html)
-   -   علمنة الأخلاق (https://www.profvb.com/vb/t168164.html)

روبن هود 2016-07-28 18:58

علمنة الأخلاق
 
في سياق الكلام عن إصلاح التربية الإسلامية، كتب شخص، يقدم نفسه كباحث، مقالا يدور في مجمله حول الدعوة إلى تدريس التربية الأخلاقية بدل التربية الإسلامية، واقترح نظاما في جزء كبير منه مرتبطا بالمفهوم الحقوقي الإنسي للأخلاق، حيث ينمحي كل أساس ديني وعقدي وشرعي للمنظومة الأخلاقية.
حين نبحث جيدا في أصول هذه الدعوة، سنجد أن الفصل بين الأخلاق وبين إطارها الشرعي ليس من اختراع التيارات العلمانية. فهناك صيغة أخرى مشابهة ـ مع الفارق ـ اعتمدها المعتزلة في الحكم على الأشياء بعيدا عن الشريعة، فتكلموا عن التحسين والتقبيح العقليين، أي أن ما يراه العقل حسنا فهو حسن شرعا، وما يراه قبيحا فهو قبيح شرعا. الفرق يكمن فقط في كون المعتزلة أعطوا اعتبارا للشريعة، في حين أن العلمانيين لم يفعلوا.
التصور الإسلامي للأخلاق يختلف في عدة أشياء عن المفهوم الإنساني المجرد ذي البعد العلماني، أهمها ارتباطها ـ أي الأخلاق ـ بالإيمان وبالحلال والحرام وبالجزاء، مما يجعلها ثابتة لا براغماتية، فلا يمكن أن يتحول الكذب مثلا يوما ما إلى شيء محمود، أو الخيانة الزوجية إلى فضيلة من الفضائل. ومما يوضح وزن الأخلاق هو التنصيص عليها في الوحي، قرآنا وحديثا نبويا.
في مقابل هذا، ماذا يقترح التصور العلماني للأخلاق؟
الجواب، أو جزء منه على الأقل، موجود بين ثنايا خطاب القوم. فالمطلوب أن تنسجم الأخلاق مع المرجعية الكونية (ليس المجال هنا للتساؤل أين تتجلى كونيتها وما الذي جعلها كونية)، وما تم التعارف عليه بناء عليها هو المعيار الوحيد، وليس المعيار هل تنسجم الأخلاق مع الدين الذي يؤمن به الفرد والتكاليف الشرعية التي اختار القيام بها.
بغض النظر عن الفصل بين الدين والأخلاق، وهو أمر طبيعي لدى أصحاب هذه الدعوة، فإن هذه الدعوة نفسها وقعت في الكثير من التهافت المؤدي إلى مأزق فكري لا تجد ولن تجد منه مخرجا، وهذه بعض تجليات المأزق:
ـ تيار علمنة الأخلاق يتوجهون بخطابهم إلى المسلمين خصوصا، ويطالبونهم بالتسامح واحترام الاختلاف وما إلى ذلك، لكنهم لا يقولون ما عليهم فعله حين لا يحترم الآخر اختلافنا معه، بل هم أنفسهم لا يتمثلون قيمة احترام الاختلاف والتسامح، وأفضل ما يجسد هذا تضايقهم وانتقادهم المستمر للاختلافات العقدية بيننا وبينهم. أليسوا هم من يسمون الإيمان بالنبوة والجنة والنار بالغيبيات من باب التشكك والتهكم، ويقولون أن عذاب القبر خرافة تتنافى مع التفكير العقلي؟
ـ وصول خطاب علمنة الأخلاق إلى الطريق المسدود، وهذا بدأ يحدث بالفعل، وحين يتأزم الوضع، تغيب الحلول الحقيقة لدى هؤلاء. قبل أسابيع، أعلنت بعض الجمعيات الراعية للأمهات "العازبات" أنه لم يعد بالإمكان استقبال الأمهات العازبات والأطفال غير الشرعيين. يعني أن الطلب يفوق العرض. فمطلب الحرية الجنسية هو الأفق النهائي.
ـ غياب الحل الواضح في حالت تضارب المبادئ على مستوى الواقع. فما العمل حين يسعى أب إلى تربية ابنه على التدين الذي يتعارض مع ما تدعو له التيارات العلمانية؟ ماذا سيحصل للطفل حين تعلمه أن الحياء من الإيمان، وهو غير وارد في منظومة أخلاقية معلمنة؟ كيف سنحل المعضلة التي ستبرز إلى الوجود حين ترسل ابنتك إلى مدرسة تتلقى فيها تعليما علمانيا، وأنت ترى أنه من حقك على المدرسة أن تعلمك ابنك الأشياء المنسجمة مع معتقداتك لأنك مواطن لك حقوق على الدولة وعلى مؤسساتها؟ كيف سيتم حل الخلاف بين مواطن له الحق في التدين وتعليم الأخلاق حسب مرجعيته الدينية و بين جهاز يرفض ذلك؟
ـ المعيار الغريب الذي اعتمدته إحدى الجمعيات النسائية اليسارية العلمانية بالغ البؤس. فقد قالت هذه الجمعية أنه ينبغي عدم تجريم العلاقات الجنسية خارج الزواج إذا كانت رضائية. والذي يهمنا هنا هو معيار الرضا. فمتى كان رضا الأطراف معيارا للحكم على شرعية الشيء أو عدم شرعيته؟
إذا تم اعتماد الرضا كطرف، فها لا يعني سوى إنتاج مجتمع متواطئ على الفساد، مجتمع أطرافه الفاسدة هي التي تصنع القانون، وستتحول الأخلاق إلى شيء شديد التحول.
ولنضرب مثالا واحدا. الرشوة، حسب التيارات العلمانية والحقوقية، أكبر الكبائر، ولا يتوقفون عن إدانتها. حسنا، إذا كان هناك رضا بين الراشي والمرتشي في وضعية ما، هل ستصبح الرشوة شيئا مقبولا؟ حسب القوم: نعم، طالما أن الرشوة رضائية.
إلى أين يسير تيار العلمنة؟ الظاهر أنه يجازف بهذا الشعب ويريد قيادته نحو الفوضى الأخلاقية.

بقلم: روبن هود

كوردية 2016-07-29 02:45

رد: علمنة الأخلاق
 

على العلمانيين ان لا يبرحوا المختيرات , لحين اختراع الة تسهل عليهم مهمتهم , ويسموها مثلا : اخلاقوميتر , هذه الالة تستخدم بدل معيار الرضى هههه , ووحدة قياس هذه الالة : كونيوليتر , عندها لن تكون هناك اية اشكالية , ويستطيعوا الصراخ بملء فيهم : يا عالم العلمانية هي الحل !

صانعة النهضة 2016-07-30 11:55

رد: علمنة الأخلاق
 
الظاهر أن علمانيي المغرب يسيرون على خطى علمانيي مصر وبعض الدول العربية التي تزأر تحت استعمار العلمانية باسم الحداثة والتنوير ،فمنذ 731 يوم ،تم إلغاء مادة التربية الإسلامية من المقررات الدراسية المصرية وتدريس مادة الأخلاق بدلا منها ،وإليكم الخبر :


رسميًّا.. إلغاء تدريس التربية الإسلامية.. وتدريس "الأخلاق" بدلاً منها مع إبقاء "المسيحية" كما هي



جريدة الشعب الجديد


قال د. وصفى عاشور أبو زيد أنه سيتم رسميًا إلغاء تدريس التربية الدينية الإسلامية فى المدارس، و تدريس مادة الأخلاق بدلاً منها للمسلمين و المسيحيين، مع الإبقاء على حصص الديانة المسيحية كما هى. بالتعاون مع الأزهر والكنيسة؛ حيث أصدرت وزارة التعليم، كتابًا حمل عنوان "القيم واﻷخلاق" البديل الجديد للتربية الدينية الإسلامية، وذلك على صفحته على "الفيس بوك".


ومن المقرر، أن يتم تدريس مادة "القيم واﻷخلاق" بدءًا من العام الدراسى المقبل 2014-2015 على جميع مراحل التعليم، وكانت مصادر داخل وزارة التعليم، قد قالت إن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسى، كان قد شدد على ضرورة الانتهاء من وضع تلك المادة وسرعة تقريرها على طلاب المدارس.


وقال محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم بحكومة الانقلاب، فى تصريحات نشرتها بوابة الشروق، إن المادة تأتى فى وقت تحتاج فيه مصر لمثل تلك القيم بشكل مُلح؛ زاعما أنه يتوقع أن تساهم فى القضاء على ظاهرات مثل التحرش الجنسى الذى بات "أمرًا متفاقمًا"، على حد وصفه.


من جانبه، قال مختار جمعة وزير اﻷوقاف بحكومة الانقلاب: إن "القيم واﻷخلاق مشتركات إنسانية أجمعت عليها جميع الشرائع السماوية"، وتابع أن "الكتاب تضمن حضارة الإسلام وسماحة اﻷديان؛ وسيتم تفعيله بمراكز الشباب وقصور الثقافة وليس فقط فى المدارس"






=======


إذن كما تلاحظون إخوتي ...وأخي روبن هود ...نحن اليوم إزاء استعمار فكري جديد يحاول تقديم بدائل - مدروسة - لمناهج دراسية على صعيد الدول العربية ، ولهذا فعلينا بداية أن نناقش الموضوع من هذه الزاوية - اعتبارعلمنة الأخلاق مؤامرة تهدف كل الدول الإسلامية - حتى لا نُتهَم في تحليلاتنا بأننا قوم ننطلق من رؤيا المؤامرة التي يعتبرونها رؤيا ضيقة وغير صحيحة.


فنحن اليوم أمام مؤامرة علمانية مكشوفة بأقلام وأفواه إخواننا المغاربة المتأثرين بهذا التوجه.


ثم لي عودة لصلب الموضوع .







صانعة النهضة 2016-07-30 11:58

رد: علمنة الأخلاق
 
October 20, 2014 مصر تعلن إلغاء مادة “التربية الإسلامية” في المدارس

القاهرة – “راي اليوم”:

أعلنت وزارة التربية والتعليم في مصر عن إلغاء مادة التربية الاسلامية وإصدار كتاب “القيم والأخلاق” لاعتماده رسميا في المنهج التربوي في جميع مراحل التعليم بداية من العام الدراسي المقبل 2014-2015. وسيدرس في جميع مراحل التعليم بداية من العام الدراسي الجديد 2014/2015، وذلك بعد إلغاء كتاب مادة التربية الإسلامية وتعويضها بمادة الأخلاق والقيم.

وقال محمد السروجي، المتحدث الإعلامي باسم وزارة التربية والتعليم المصرية في تصريحات صحفية، إنّ الوزارة قررت إلغاء جميع القصص المقررة بالمراحل التعليمية بما فيها قصص مادة التربية الدينية الإسلامية الموجودة فى المراحل التعليمية المختلفة، وفقا لما تناقلته وكالات أنباء.

وأضاف السروجي أنه سوف يتم تزويد مكتبات المدارس بتلك الكتب للاطلاع عليها والاستفادة منها فقط، مضيفًا أنه بذلك القرار تم إلغاء قصة التربية الدينية بالصف الأول الإعدادي والثاني والثالث بإجمالي عدد كتب 4 ملايين و850 ألف قصة، وقصة الدين بالصف الثاني الثانوي وعددها نحو 400 ألف كتاب.

من جهتها، فسرت الحكومة المصرية هذا القرار بأنه نتيجة لما أصبح عليه الشارع المصري من تدني للأخلاق وتزايد لظاهرة التحرش بالنساء، مؤكّدة أنه جاء بعد عدة مشاورات.


yassine 13 2016-08-03 11:23

رد: علمنة الأخلاق
 
كل من يريد هدم الدين الاسلامي
كل من يريد محاربة الفضائل ونشر الرذائل
يرفع راية المرجعية الكونية ةيضرب بقرأنة الاخلاق عرض الحائط
هزلوا .. وهزلت آلهتهم .

yassine 13 2016-08-03 11:35

رد: علمنة الأخلاق
 
من جهتها، فسرت الحكومة المصرية هذا القرار بأنه نتيجة لما أصبح عليه الشارع المصري من تدني للأخلاق وتزايد لظاهرة التحرش بالنساء، مؤكّدة أنه جاء بعد عدة مشاورات.

ههههه شر البلية ما يضحك
ما هذا الاتهام المريب !
الآن صارت التربية الاسلامية هي المسؤولة عن تدني الاخلاق وانتشارالعهر والتحرش والدياثة !!

في الوقت الذي نجد تدريس العقيدة اليهودية في البلد الجار اسرائيل من أولى أولويتها ولجأت الى الرفع من معاملها كأعلى معامل

العبوا غيرها ...

صانعة النهضة 2016-08-04 13:39

رد: علمنة الأخلاق
 
طه عبد الرحمان: فصل الأخلاق عن الدين ينتج أنماطا سلوكية تصادم الوجدان قبل العقل
محمد كريم بوخصاص

نشر في التجديد يوم 03 - 06 - 2013


أكد الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمان، أن من أبرز الآليات التي انطلقت منها الحداثة الغربية في إقامة مشروعها الدنيوي من أجل التأريخ لظهور العلمانية هي آلية فصل المتصل، معتبرا أثناء إلقائه محاضرة بعنوان « أخت العلمانية وفصل الدين عن نفسه» بمركز مغارب، أن أشد هذه الفصول خطرا وأبلغها أثرا هو فصل الأخلاق عن الدين، لأنها تفتح الطريق على المعاصرين بأن يدعوا أحوالا شعورية وأنماطا سلوكية غير مسبوقة تصادم الوجدان قبل مصادمتها للعقل مثل الإتصاف بأخلاقية بلا روحانية، أو أخلاقية بلا ألوهية، أو التمتع بروحانية بلا دين أو الأخذ بدين بلا إيمان أو الأخذ بدين بلا دين.
الحداثة وآلية الفصل عن الدين

من أجل التأريخ لظهور العلمانية؛ قال الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمان، إن من أبرز الآليات التي انطلقت منها الحداثة الغربية في إقامة مشروعها الدنيوي هي آلية تفريق المجموع أو آلية فصل المتصل، وأضاف أنه لما كان الدين يتصل بمختلف مجالات الحياة وكان اتصاله بها يتخذ أشكالا وأقدارا متفاوتة، انبرت الحداثة إلى أشكال مختلفة من الاتصال لتعطل قانون الدين في هذه المجالات الحيوية حتى تستقل هذه المجالات بنفسها تدبيرا، مشيرا إلى أنه في هذا الإطار تم فصل العلم عن الدين وفصل الفن والقانون عنه كما فصلت عنه السياسة والأخلاق، وأطلق طه على عمل الحداثة في انتزاع قطاعات الحياة من الدين «الدنيانية» التي تتعدد صورها بتعدد الفصول، كأن تكون مثلا العلمانية صورة الدنيانية التي اختصت بفصل السياسة عن الدين، وتكون العِلمانية هي الصورة الدنيانية التي اختصت بفصل العلم عن الدين.

طه عبد الرحمان اعتبر، أن انعكاسات الفصول الدنيانية عن الدين ليست ذات لون واحد ولا وزن واحد إنما تختلف باختلاف أشكال هذه الفصول، حيث أن انفصال القانون عن الدين ليس كانفصال العلم عنه، وانفصال السياسة ليس كانفصال الفن عنه، قبل أن يؤكد أن أشد هذه الفصول خطرا وأبلغها أثرا هو فصل الأخلاق عن الدين، لأنها تفتح الطريق على المعاصرين بأن يدعوا أحوالا شعورية وأنماطا سلوكية غير مسبوقة تصادم الوجدان قبل مصادمتها للعقل مثل الإتصاف بأخلاقية بلا روحانية، أو أخلاقية بلا ألوهية، ناهيك عن التمتع بروحانية بلا دين أو الأخذ بدين بلا إيمان أو الأخذ بدين بلا دين، يضيف المتحدث.

انطلاقا مما سبق؛ خصص المتحدث، الصورة البارزة من الدنيانية باسم «الظهرانية» التي اختار لها أن تكون إشعارا بأن الفصل الأخلاقي عن الدين ينزع عن الأخلاق لباسها الروحي ويكسوها لباسا زمنيا، بما يفسر أن الظهرانية أخت للعلمانية وهما معا بنات للدينانية.

تمييز العلاقة بين الأخلاق والدين

شدد الفيلسوف المجدد طه عبد الرحمان، على أن هناك علاقة بين الأخلاق والدين لا توجد في غيرها من العلاقات التي تربط مجالات الحياة بالدين، إذ سماها بخاصية الالتزام المنعكس على الذات، وقال «إذا كان الذي يفصل العلم عن الدين لا يلزمه أن يكون عالما، والذي يفصل السياسة عن الدين لا يلزمه أن يكون سياسيا، فإن الذي يفصل الأخلاق عن الدين يلزمه أن يكون أخلاقيا أو أن يكون على قدر من الأخلاق وإلا قدح في شخصه، لأن الحديث في الأخلاق مع فقدها يسقط الإنسان في شبهة رد الذات على نفسها، ومن رد على نفسه كذبها قولا وفعلا».
طه أكد أن أول علامة في الإنسان في علاقة بالخاصية الأخلاقية هي تركه التستر على المسلمات التي بني عليها فصله إن كانت تقنية أو تدليسا، أو في حالة وصله بين الأخلاق والدين إن كانت إغماظا أو تلبيسا، قبل أن يشير إلى وجوب تصريح الإنسان بمسلماته الدينية تبصيرا بخلفيات مقاربته، وإدخاله معايير تقويمية وتحليلية لمعرفة شكل «الظهرانية».

وحتى تضبط عدد المسلمات الدينية نطاقا وعددا، يشير المتحدث، إلى أنه يتعين الأخذ بقيدين اثنين؛ الأولى إما الاقتصار على الظهرانية التي لا تعادي الدين المنزل حتى يتبين كيف يتعاطى فصلها بين الأخلاق والدين مع الحقيقة الإيمانية، أو التجاوز إلى الظهرانية التي تعادي الدين المنزل التي تضع نفسها صراحة خارج مجال الإيمان، والثانية تحديد أدنى قدر من المسلمات الدينية التي تبنى عليها النظرة إلى الظهرانية، ويسميها طه ب»المسلمات السياقية»، وهي ثلاثة؛

أولا، مسلمة التبدل الديني ومقتضاها أن الدين المنزل يتخذ صورتين أحدهما الصورة الفطرية التي نزل بها الدين على نبي مرسل باعتبارها ذاكرة أصلية تحفظ ذاكرة سابق اتصالها، وتعني أن الوحي المنزل شرط ضروري في الصورة الفطرية، والأخرى هي الصورة الوقتية التي يتخذها الدين في كل فترة وتفصله عن الوقت الذي جاء فيه الرسول، والتي قد تشهد ترسبات اعتقادية وتصورية وتأثرات مؤسسية وتقنية تساهم قليلا أو كثيرا في إبعاد الدين عن أصله الفطري وتحد من إبداعية روحه ونورانية رسالته، وهذا يعني أن النقص الروحي شرط ضروري في الصورة الوقتية.

ثانيا، مسلمة التخلق المزدوج ومقتضاها أن تلك الصورتين المذكورتين للدين أي الصورة الفطرية والوقتية تختص بوجه معين من وجوه الصلة بالأخلاق، فالأصل في الصورة الفطرية أن ينطلق الدين من داخل الإنسان متجها إلى خارجه بحيث يورثه ابتداء أخلاقا باطلا ثم يبني عليها أخلاق الظاهر، بينما الأصل في الصورة الوقتية أن ينطلق الدين من خارج الإنسان متجها إلى داخله بحيث يورثه ابتداءا أخلاق الظاهر ثم يجعله يبني عليها أخلاق الباطل.
ثالثا، مسلمة الآمرية الإلهية ومقتضاها أن ما أمر به الله سبحانه وتعالى من الأعمال سيوعد سواء أعطل المؤمن عللها أو مقاصدها أم لم يعطلها، وما نهى عنه شر وظلم سواء أعطل المؤمن عللها ومقاصدها أم لم يعطلها، وأن إتيان المأمورات يحقق بالضرورة تخلقه وإتيان المكروهات يحول بالضرورة دون تخلقه.

في نقده للأطروحات !

توجه يرى أن القانون الإلهي الذي يتضمنه الدين الطبيعي قانون أحمق صريح ومبتوت في القلب، بالمقابل يرى أن ضمير الإنسان هو الذي يوصله إلى هذا القانون متمتعا بعصمة لا يتمتع بها عقله، بمعنى أنه يقرأ الدين الطبيعي بأخلاق الباطن كالقول ب»طغيان المؤسسة البشرية على الواجبات الأخلاقية» بما يفيد التفريق بين أخلاق الظاهر والباطن، كما أن هذا التوجه ينظر إلى الأخلاق على أنها ظواهر اجتماعية ولن تكون أخلاق باطنية.
2- توجه يفرق بين نوعين من الأخلاق وهي أخلاق الواجب وأخلاق الخلاص وتدخل فيها كل الأسئلة التي تتعلق بحياة الإنسان والأشياء الوجودية مثل الشيخوخة والمرض، إلا أن هناك مسألة خطيرة في هذا التوجه وهي «ظهرنة» المفاهيم الدينية لعل أهمها مفهوم خطير وأساسي بالنسبة للأديان، ما يسمى ب»التعالي» حيث يعتبر أن التعالي لا مفارق للوجود وإنما التعالي مقارن للموجودات، فيقول بأن الأشياء تخرج في تعاليم لكن ليس إلى الأعلى إنما إلى الأفق ويؤكد أن القيم يدركها المرء لا لصعود ولكن بإسراف.

3- توجه ينكر الوحي والرسالة أو على الأقل يشك فيهما، والشك في حق الألوهية ذاتا أو أوصافا هو في حكم الإنكار الصريح، ومن يشك في الوحي وينكره يلزمه أن يكون منكرا للآمرية الإلهية، كما أن هذا التوجه لا يسلم بالشعائر الدينية ويختزلها كلها في أعمال القلب، ويختزل أعمال القلب كلها في عمل واحد وهو إثناء اللسان على الإله دون الدعاء، لكن من ينكر الشعائر ينكر كذلك أن الإله أمره بالعمل بها، كما يقول أصحاب هذا الاتجاه بأن الآمرية للإنسان وحده وليس للإله، وهذا على الدليل ما تؤكده المنزلة التي أنزلها هذا التوجه بالضمير حيث أسند إليه الصفات التي تستند إلى الإله من عصمة وخلود وتأله وكمال كما جاء في مناجات روسو للضمير «أيها الضمير أنت الغريزة الإلهية والصوت العلوي الذي لا يفنى، أنت الهادي الأمين لكائن جاهل ناقص ولو أنه عاقل وحر، أنت الحاكم المعصوم الذي يحكم على الأعمال بالخير والشر جاعلا الإنسان أشبه بإله وبفضلك كمال طبيعته وتخلقه وأعماله».
نماذج الفصل بين الأخلاق والدين

بعد توضيح القيدين الذي يقضيهما السياق الإيماني، صاغ الفيلسوف طه عبد الرحمان الدعوة التي يشتغل بالاستدلال عنها والتي سماها بدعوى الظهرانية وصاغها كالآتي «إن الظهرانية تفصل الأخلاق عن الدين فصلا تختلف نماذجه باختلاف تعاملها مع التبدل الديني والتخلق المزدوج والآمرية الإلهية ساعية إلى تأسيس أخلاق مختلفة».

ولإبراز نماذج الظهرانية؛ أكد المتحدث، أنه في القرن 17 الميلادي دخلت على الدين المسيحي آفتين وهما اللاعقلانية واللاتسامح مهدت إلى وضع صيغ متعدد للفصل بين الدين والأخلاق أجمعها في أربع صيغ نموذجية؛ أولا، النموذج الطبيعي الذي يمثله في القرن الثامن عشر الفيلسوف الفرنسي جون جاك روسو مفصلا أفكاره في كتابه الكبير «عقيدة قسيسي الصبوة». ثانيا، النموذج النقدي الذي يمثله الفيلسوف الألماني إيمانويل كونط في كتابه «الأسس الماورائية للأخلاق والدين في حدود العقل». ثالثا، النموذج الاجتماعي الذي يمثله عالم الاجتماع الفرنسي إيميل دو كانط في كتابه «التربية الأخلاقية» وقد ألفه تدعيما لقرار الجمهورية الفرنسية لإقامة تعليم ظهري للأخلاق. رابعا، النموذج الناسوتي، ويمثله الفيسلسوف المعاصر الفرنسي ليكلوي الذي أراد أن يؤسس ما يسميه بالناسوتية الثمانية وخاصة في كتابيه «الإنسان الإله» و»ثورة الحب».

من أجل تفسير كيف تعاملت كل هذه النماذج مع المسلمات السابقة؛ أكد المتحدث، أن النموذج الطبييعي عند روسو يقيم تضادا بين الدين الطبيعي والدين المنزل ويقيم أيضا تضادا بين الدين الخصوصي باعتباره الدين الطبيعي والدين العمومي باعتباره نتاج المؤسسات البشرية التي سنت واجبات أخلاقية نمطية، مبرزا أنه من الخطأ اعتبار أن الدين الطبيعي يطابق الصورة الفطرية للدين المنزل لأن الدين الطبيعي لدى روسو لا يأخذ بالوحي بل ينكر أن يكون الإله قد أنزل كلاما بواسطة ملك فضلا أن يكون قد اصطفى أحدا بكلامه يعني ينكر الوحي والنبوة والملك ليس هذا فقط، بل ينكر في مبدأ الخلط باعتباره يجمع بين العدم والوجود، وهذا عن النموذج الطبيعي.

أما النموذج النقدي عند كانط فإنه يميز بين الإبقاء بين الدين الطبيعي والدين المنزل كما يميز بين الدين الطبيعي باعتباره مدركا بصورة مباشرة لكل واحد والدين العالم باعتباره بواسطة العلم وحده، فيحدد كانط المواقف المتخذة من الدين الطبيعي فيرى أن العقلاني هو الذي يدعي بأن الدين الطبيعي وحده هو الدين الضروري للأخلاق وهو على نوعين فالعقلاني الطبيعاني فهو الذي ينكر الوحي والعقلاني الخالص فهو الذي يسلم بإمكانية الوحي لكنه يرى أن الدين لا يشترط الوحي ولا التسليم بوجوده يعني الدين الطبيعي العقلاني لا يسلم حتى إن سلم بإمكانية الوحي فهو لا يسلم بضرورة معرفة الوحي ولا حتى بوجود هذا الوحي ويقول أما الذي يعتقد بأن الوحي ضروري للدين فيسميه ما فوق الطبيعاني ويقول بأن موقفي هو أني عقلاني خالص بمعنى سآخذ بالدين الطبيعي الذي يسلم بإمكانية الوحي ولكنه لا يوجب معرفة هذا الوحي ووجوده.

بالنسبة للنموذج الثالث فهو يقيم تضادا بين ما أسماه الدين الأخلاقي وهو عبارة عن أخلاق الظهرية والدين المنزل ويقول في تعريف هذه الأخلاق إنها تأبى أن تقتبس المبادئ التي تنبني عليها الأديان المنزلة والتي لا تعتمد إلا على الأفكار والمشاعر والممارسات التي تدعو العقل وحده أو في كلمة واحدة هي التربية العقلانية الخالصة كما يقيم تضادا بين الأخلاق الدينية والأخلاق الاجتماعية.

أما النموذج الناسوتي، يؤكد أنه يقيم تقابلا بين ما يسميه الديني الفلسفي والديني الروحاني والديني التاريخي، والديني الفلسفي هو الدين باعتباره استعدادا ما ورائيا ملازما للإنسان لا ينفك عليه، وأما الديني التاريخي فهو الدين باعتباره تنظيما اجتماعيا مرتبطا بلحظة تاريخية مخصوصة كما يسميه التأنيس الإلهي (الدقيقة 32) ويرى أن الفكر بعد المسيحية ساهم بقوة في تأليس الإلهي قائلا «يمكن تعريف الفلسفة الغربية الحديثة بكونها محاولة لإعادة ترجمة مفاهيم الدين المسيحي الكبرى» ومستشهدا على ذلك بالقيم التي تضمنها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وهذا الإعلان في اعتباري ليس في أقصى الأحيان شيئا آخر سوى المسيحية مظهرنة ومعقلنة
.


الساعة الآن 06:52

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd