منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى أخبار التربية والتعليم (https://www.profvb.com/vb/f13.html)
-   -   على هامش مذكرة تغيير الإطار (https://www.profvb.com/vb/t1677.html)

MBARK 2009-05-10 11:22

على هامش مذكرة تغيير الإطار
 
إذا كانت الدراسة والتحصيل طريق صعب ومحفوف بالمتاعب في كل بلاد الدنيا ، فإن جزاءها لدى من يحترمون أنفسهم ومواطنيهم هي الفرص المتاحة للحراك الاجتماعي عبر ارتقاء سلاليم المجد والسمو .والتقدير الذي يحظى به الناجح في دراسته وما يمكنه أن يناله من وضع اعتباري يشجعه على المزيد من العطاء .
غير أن المتأمل في المشهد المغربي يقف دون أدنى صعوبة على التراجع الحاصل في هذا المجال في ظل تعليم لم يكن قادرا على توفير الفرص الضرورية للانخراط في الحياة الإنتاجية، بسبب بعده عنها من جهة وبسبب عدم اعتماد المسئولين في بناء المناهج على حاجة المجتمع وضروراته ، فقد عرفت ثمانينيات القرن الماضي أقصى درجات العطالة في أوساط حاملي الشهادات العليا في وقت يشكو فيه بلدنا ضعفا في العديد من بنيات الاقتصاد . ولقد كانت وضعية ارتهان البلاد للعديد من المؤسسات المالية الدولية عاملا حاسما في التعامل مع حاملي الشهادات سواء من خلال المهام التي كانت تسند إليهم حين يجدون مناصب شغل لا اعتبار فيها لتخصصاتهم ،أو من خلال التوجه الاقتصادي العام الذي اقتضى اعتماد المبادرة الحرة وعدم تحميل الدولة مسئولية التشغيل .
في ظل هذه الظروف كانت أغلب التشريعات تنظر بعين الريبة لكل تحصيل علمي ليكتفي المجتمع بالأطر متوسطة التحصيل أو تنهج الدولة نهج تثمين كثير من موظفيها بترقيتهم واعتبار ما حصلوه كاف وحده للتربع على كثير من المناصب وإغلاق المنافذ أمام غيرهم . هكذا شرع في تنظيم الكثير من القطاعات على أساس يناسب الكفاءات التقليدية ووضع الحواجز أمام ذوي الطموحات من الناشئين . وقد نال كل قطاع نصيبه من هذا الوضع التشريعي . كان ذلك مواكبا للتأخر الذي عرفته عملية وضع الأنظمة الأساسية للكثير من القطاعات . ولئن كان طموح الكثير من العاملين في أن تحمل الأنظمة الأساسية ما من شأنه أن يرفع الحيف عنهم ، فإن ما جاءت به هذه الأنظمة كان مخيبا للآمال، إذ حجمت العديد من الطموحات في الاستمرار في الدراسة والتحصيل الأكاديميين وطرح كبديل لذلك ولو بشكل غير صريح الترقية الداخلية التي ستجعل كل موظف ضيق الأفق ، حبيس المعارف المترتبطة ارتباطا ميكانيكيا بتخصصه الوظيفي .
وقد كان حظ وزارة التربية وافرا في هذا المجال ، ليصاب غير العصاميين من أطرها بفقر معرفي ستنعكس آثاره ولا شك على حصيلة التعليم ، عبر عنه في مناسبات عديدة بتراجع مستوى التلاميذ أو تراجع عطاء المدرسين ، وذهب المفسرون والباحثون في الشأن التعليمي مذاهب شتى قليل منها هو الذي نظر إلى المسألة من زاوية الوضع التحصيلي للعاملين ، والقليل أيضا هو الذي كان يسائل طموحات أطر التربية في الانخراط في عالم المعرفة والثقافة السريع الوتيرة .
وضعت ضوابط وحواجز إذن أمام التحصيل الأكاديمي لصالح شهادات بيداغوجية لها قيمتها ، لكن في علاقتها بما هو معرفي وبما هو أكاديمي ، وقد أعطى هذا الخيار أطرا تحتل مناصب هامة في إدارة الشأن التعليمي بوضع بيداغوجي مريح ،لكن بمؤهلات أكاديمية متواضعة ، يسندهم في ذلك القوانين التنظيمية التي وضعها أولئك الذي عرفوا ويعرفون حقا من أين تؤكل الكتف ، هكذا لا زلنا نسمع أن بالابتدائي حاملي شهادات عليا كما هو الأمر في الإعدادي والثانوي ، وبالمقابل هناك من لم يحظي ولو بالجلوس على مقعد بالجامعة يدير شؤون الأكاديميين ، وتلك في اعتقادي مفارقة لا وجود لها إلا في مجتمع غير منصف ، مجتمع لا يرغب في تطوير المعرفة التخصصية أو العامة ولكن يريد التكوين البيداغوجي فقط .
فغلاوة على سد الأبواب على حاملي الشهادات العليا بالتالي على ذوي الطموحات العلمية في الاستمرار في البحث والعطاء واستثمار مؤهلاتهم في ما يزيد المؤسسات إشعاعا وتقدما يكفي أن تكون مالكا لدبلوم تربوي لتتسلق ما شئت من المناصب وتحتل ما شئت من المواقع ،وأما امتلاكك لهذه الشهادة الجامعية العليا فسيكون مبررا لكي تنتظر كل مرة لتفتح هذه الفجوة أو تلك لتتبارى كغيرك للترقي وتغيير الإطار وذلك لأمد محدود ولفئة محدودة لسنا ندري هل ستكون معها . على كل حال ظهرت مذكرة في الأيام الأخيرة تدعو ذوي الشهادات العليا العاملين في الابتدائي والإعدادي أن يعبروا عن رغباتهم في تغيير الإطار مدلين بما يملكونه من شهادات عليا ، أما الثانوي فكأنهم أدركوا حد طموحهم ولا حق لهم في تغيير الإطار .
إن هذا التعامل الانتقائي الذي لا يحترم كل الموظفين ويقف عائقا أمام طموحاتهم يجعلني شخصيا أشك في النوايا الطيبة لوزارتنا التي غيرت في السنة الماضية وتغير في هذه السنة وفي كل سنة ، دون أن تغير نظرتها للشهادات العلمية حقا وتلك هي أم المآسي


الساعة الآن 22:56

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd