الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات الثقافة والآداب والعلوم > منتدى الثقافة والفنون والعلوم الإنسانية > الفكر و التاريخ و الحضارة



إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2015-10-08, 17:36 رقم المشاركة : 1
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

important صدى رجالات آسفي في التاريخ






صدى رجالات آسفي في التاريخ
من إعداد الأستاذ منير الفيلالي البصكري




طوال تاريخ المغرب كله، كان دور مدينة أسفي فعالا ومساهمتها في مختلف المجالات معروفة.. وإن كنا نجهل حجم وطبيعة هذا الدور وتلك المساهمة خلال القرون الخمسة الهجرية الأولى، والتي كانت أكثر القرون غموضا في تاريخ المغرب على وجه العموم.. وباستثناء ما ذكره الفقيه محمد بن أحمد الكانوني في كتابه “أسفي وما إليه” فإن باقي المؤرخين لا يتوسعون بالشكل المطلوب في الكتابة عن تأريخ أسفي، بداية من الفتح الإسلامي… فعقبة بن نافع ترك جماعة من أهل العلم بغية نشر تعاليم الدين الإسلامي، وكان منهم شخص يدعى “شاكر” بنى رباطا ببلد “احمر” حوز أسفي، إضافة إلى العمل الكبير الذي قام به رجال رجراجة في القرون الأولى من الإسلام حيث كان لهم الفضل في توسيع دائرة نشر الدين الإسلامي وتعاليمه، ولا ننسى أن مدينة أسفي نالت في العهد المرابطي حظا وافرا من الاهتمام بالعلوم ومختلف المعارف نظرا لقربها من مدينة مراكش عاصمة المرابطين.. أما في العهد الموحدي، فالتاريخ يذكر لنا ما عرفته أسفي من حضارة وتمدن، حيث علا شأنها، وسما ذكرها، فحظيت باهتمام الدولة الموحدية التي سورت المدينة. كما بنت بها المعاهد العلمية والدينية، مما ساعد على نبوغ غير قليل من رجالاتها، وفي طليعتهم آنذاك الشيخ أبو محمد صالح الماجري المتوفى سنة 631، بالإضافة إلى أبنائه وتلاميذه، ونذكر منهم علي بن مسعود الرجراجي صاحب كتاب “منهاج التحصيل فيما للأئمة على المدونة من التأويل” .

كما نذكر حفيده أبا العباس أحمد بن ابراهيم صاحب كتاب “المنهاج الواضح في تحقيق كرامات الشيخ أبي محمد صالح”.. ولا ننسى ما نالته أسفي من حظ مهم في العهد المريني، حيث تقدمت العلوم وعرفت المدينة نهضة مواكبة لمختلف المجالات، فبلغت بذلك أوجها من التحضر، وأسست بها المدرسة والمستشفى، وهما عنوان الرقي في ذلك الحين.. مما جعل ابن خلدون يطلق عليها “حاضرة البحر المحيط”. وفي هذه الفترة نبغ غير قليل من رجالاتها نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:
محمد بن سعيد الهنا في مؤلف كتاب:”معتمد الناجب في إيضاح مبهمات بن الحاجب”،وكتاب”كنز الأسرار لمواقع الأفكار”.

موسى بن أبي علي الزناني صاحب كتاب: “شرح الموطأ والمدونة والمولد النبوي”.- عبد الله بن أحمد بن معاوية صاحب كتاب:”إيضاح اللبس والخفا عن ألفاظ الشفا”.- حسن بن طلحة الرجراجي صاحب كتاب: “الفوائد الجميلة على الآيات الجليلة “، وكتاب:” تنبيه العطشان على مورد الظمآن في رسم القرآن”. ثم كتاب: “رفع النقاب عن تنقيح الشهاب”.إلى غير ذلك من أسماء الرجال الذين برزوا بعلومهم ومعارفهم في ذلك الحين، وكانت لهم مساهمات علمية قيمة، إضافة إلى ما عرف عنهم من سلوك فاضل وخلق نبيل وتواضع جم، فكانوا مثالا للنبل وللمكارم وللقيم المثلى.. وبذلك ترك هؤلاء الرجال صدى كبيرا في نفوس كل من كان به السهم ويجايلهم ويستمتع بعطاءاتهم العلمية.

وللتذكير، نجد الفقيه الكانوني في كتابه، “أسفي وما إليه قديما وحديثا”ينوه بأهل هذه المدينة ويصفهم بالكرم والجود والأدب والخلق الحسن، مستشهدا ببعض أشعار من زار أسفي وشهد لأهلها بجملة من الأوصاف الحسنة على حد قول أبي حفص عمر بن عبد الله الفاسي:

لله دركم بني أسفــــــيــي فنزيـلكم يشفى من الأسـف
أخلاقكم كالعطر في نفس ووجوهكم كالبدر في شرف
أو قول محمد بن طاهر الهواري:
أهلا بأهل أسفــــي من كل خـل منصـــف
أكرم بهم من معشــر حازوا الجمال اليوسفــي
سادوا الأنام كرمـــا فـمثـلهـم فـلتعـــــرف
إن جئتهم نلت المنــى مـن غيـر ما تعـــرف
أو انتجعت جودهـــم فلك ما لم يوصـــــف
بلدتهــم طيبــــة تقضي بنفي الأســــف
أو قول الوزير بن إدريس:
إن لم تعاشر أناسا خيموا أسفي
فقل على عمر قد ضاع واأسفي..

تلك كانت حال أهل أسفي، خلق نبيل، وعطاء مستمر، سخروا أنفسهم للعمل الصالح، ولنشر القيم الفاضلة، وتيسير السبل، وهو أمر جسده الذين جاءوا بعدهم على الرغم مما أصاب مدينة أسفي، خاصة في عهد الوطاسيين، حيث ضعفت الدولة واستولى البرتغاليون على المدينة، وعاشوا فيها فسادا على مرآى ومسمع من أهلها، فانطمست معالم الحضارة التي ظهرت من قبل، فلم يبق بالمدينة أثر للعلوم والمعارف.. إلى أن قيض الله تعالى للمغرب مجيء الدولة السعدية، إذ في عهدها تحررت مدينة أسفي من يد الاستعمار البرتغالي، فانبعثت من جديد، وتحققت بها نهضة دينية وعلمية؛ وذلك على يد نخبة من رجالاتها الذين أعادوا لها الروح من جديد، من خلال ما أبانوا عنه من تمكن علمي، وتبريز معرفي، رفعوا به لواء العلم في المدينة، فشرف أهلها بما حظوا به من مشاركات علمية رصينة.. نذكر من هؤلاء مثلا:

العلامة أحمد بن عبد الرحمان الأسفي.
العلامة أحمد بن سليمان الشيظمي أحد شعراء المنصور.
-الفقيه علي إبراهيم الأسفي المتوفى سنة 1053هـ.
-الخطيب الإمام إبراهيم بن محمد بن أبي موسى المتوفى سنة 1071هـ.

ولولا ما أصاب البلاد – بعد موت المنصور – من تنازع بين أولاده على الحكم، وكثرة الفتن والاضطرابات، لكان لمدينة أسفي شان كبير في عهد السعديين، ويشاء الله تعالى أن يجمع شتات هذه البلاد ويوحد أطرافها، ويقوي مكانتها، ويدعم وحدتها، يتعلق الأمر بالدولة العلوية التي هي استمرار لعهد الأشراف الذي بدأ مع السعديين في النصف الأول من القرن السادس عشر، وهذا حسب وجهة نظر غير قليل من المؤرخين.. على الرغم من الفوارق المعروفة بينهما.

فالدولة السعدية قامت لتقضي على دولة الوطاسيين المتخاذلة، وتواجه العدوان البرتغالي على الشواطئ الغربية بتكليف من بعض الزوايا الجزولية المنبثة في الجنوب المغربي، ومنها ثغر أسفي، فهي إذن دولة قامت لتنفيذ برنامج محدد اتفقت عليه الزوايا في إطار الدعوة لل**** وتصحيح الكيان السياسي. لكن حين دب الخلاف وتعددت الزعامات والكيانات السياسية، برزت الدولة العلوية للوجود، وكانت مند بدايتها، ترتكز على العمل والعطاء الشخصي، مما خول لها أن تصبح مصدر قوة للمغاربة. وهكذا عادت لمدينة أسفي نهضتها العلمية، حيث لقيت تشجيعا كبيرا من طرف ملوك الدولة العلوية الشريفة، كما أن الأمراء والقواد كانوا يتسابقون نحو بناء المعاهد العلمية والقرآنية، ويفتخرون بما أنجزوا بغية أن ينالوا الإجلال والتقدير من طرف الدولة والسكان. ففي عهد السلطان المولى إسماعيل، أنشئت بالمدينة عدة مدارس وخزانات المكتب وغير ذلك من الوسائل التي ترغب في طلب العلم والاستزادة منه.

وقد نبغ في عهد الدولة العلوية من رجالات هذه المدينة العلماء:
-عبد الله بن ساسي الأسفي صاحب كتاب: “الكوكب اللامع في العمل بدوائر المطالع”.
-الطيب عبد الله بن ساسي، مؤلف كتاب: “رياض الأزهار في علم وقت الليل والنهار”.
-محمد بن عبد العزيز الأسفي صاحب كتاب:” إرشاد السائل إلى معرفة القبيلة بالدلائل”.
-أبو حفص عمر بن مبارك الزبدة صاحب كتاب: “الكوكب الساني في النسب الكتاني”.
-التهامي الفاروقي مؤلف كتاب: “الأقمار في مناقب الأخبار”.[1]
-أحمد بن علي الصويري الأسفي،” شارح الهمزية والبردة”.
-محمد بن أحمد التريكي صاحب كتاب: “إرشاد النبيه إلى معاني التنبية”.


وهكذا، ظلت مدينة أسفي لعقود طويلة مجالا رحبا للعلم والثقافة، فكانت تلك ميزتها البارزة وشعارها بين باقي المدن المغربية كفاس ومراكش وتطوان وغيرها..وهذه حقيقة يقتضيها الوفاء لهذه المدينة التي طالما قدمت للثقافة والحضارة أجل الخدمات.. لكنها اليوم، وعلى الرغم من وجود الجامعة والمدارس العلمية والعليا، تفتقر لوجود العمل العلمي والثقافي، كما تنقصها غيرة أبنائها ممن استطاعوا أن يصلوا بتكوينهم الجيد وبخبراتهم العلمية والفكرية إلى أوج العطاء، دون أن تستفيد المدينة منهم، ليترك الحبل على الغارب. وعلى هؤلاء وغيرهم أن يدركوا أن مدينة أسفي لها الكثير من المزايا البشرية والجغرافية والتاريخية والاقتصادية، أهلتها عبر العصور لتصبح مركز علم وحضارة شأنها في ذلك شان غير قليل من المدن المغربية.

وقد أبدع الوزير الأديب لسان الدين بن الخطيب السلماني فيما قاله عن أسفي حين زيارته لها، وذلك في كتابه: “معيار الاختيار”..” أسفي، لطف خفي، ووعد وفي، ودين ظاهره مالكي وباطنه حنفي، الدماثة والجمال، والسذاجة والجلال، قليلة الأحزان، صابرة على الاختزان، وافية المكيال والميزان، رافعة للداء بصحة الهواء، بلد موصوف برفيع ثياب الصوف، وبه تربة الشيخ أبي محمد صالح، وهو خاتمة المراحل لمسورات ذلك الساحل، لكن ماءه قليل وعزيزه لعادية من بواليه الأعراب ذليل…” وفي كتابه:” نفاظة الجراب فيمن جمعني وإياه الاغتراب” يقول ابن الخطيب عن أسفي:” وهذا البلد فسيح بطيب الهواء، كريم التربة، خصيب الجناب، وأهله أولوا خيرة وجنوح إلى الصلاح، وهو لبنة التمام للمسورات بالمغرب، ليس وراءه مدينة جامعة ولا محلة مسور؛ ودونه أمم تتصل بالسوس الأقصى إلى تخوم الحبشة من وراء الصحراء..”.

إننا نعرف أن أسفي قد مرت مند الفتح الإسلامي بحقب من الاضطراب السياسي،حيث لم يتمكن أهلها والطارئون عليها من التفرغ لإحداث الازدهار العلمي والفكري، وهذا – على حد ما نعلم- كان هو حال المغرب عموما.. لكن المدينة في الفترات اللاحقة ومن خلال ما ألمعنا إليه سابقا، ستعرف حركة علمية مزدهرة أهلتها لتكون ضمن المدن المغربية ذات الصيت المحمود في مجال العلم والثقافة. ولعل القدر من تراجم الرجال ممن سنأتي بحول الله على ذكرهم في هذه المقالات، كان لإعطاء القارئ الكريم صورة عن الحركة العلمية بأسفي، وهي حركة تبرز حقيقتين اثنتين:

أولهما: أن رجالات أسفي من العلماء أخذوا – ومنذ وقت مبكر- في ربط الصلات العلمية بين مدينتهم وباقي الحواضر المغربية الأخرى، خاصة مراكش وفاس، وهي صلات يطبعها الأخذ والتلقي والعطاء من خلال مصاحبة رجال العلم للرواية عنهم أو التدريس والإقراء وما شابه ذلك.

ثانيهما: تبريز رجالات أسفي في غير مجال واحد من مجالات العلم. بعد ان نهلوا من أعلام وقتهم وأفادوا من علومهم، وهذا الأمر، كان من أسباب الحضور القوي الذي عرفته المدينة في حقل العلوم والآداب مند منتصف القرن الخامس الهجري، أي مع ظهور المرابطين، حيث نشطت معاهدها العلمية، واتسعت خزانات الكتب بها، واشتدت رغبة رجالها إلى الاستزادة من طلب العلم.

وقد ذكر الفقيه الكانوني رحمه الله، أسماء هؤلاء الرجال وتراجمهم وأسماء شيوخهم ومؤلفاتهم، وبين مكانتهم العلمية، وبذلك تكون مدينة أسفي قد أسهمت بقدر كاف في تقديم خدمات جليلة لهذا الوطن خاصة في المجال العلمي والثقافي، كما عمل رجالها الأبرار على ربط الصلات العلمية بين باقي المدن المغربية المجاورة منها أو البعيدة ، بغية الحفاظ على الوحدة الروحية والفكرية، مما جعلها تتبوأ المكانة اللائقة بها بين حواضر المغرب. وما كان لهؤلاء الرجال أن يحظوا بهذه المكانة لولا ما وجدوه في الدولة الحاكمة، ولاسيما في عهد المرابطين والموحدين والمرينيين والسعديين والعلويين من تشجيع لهم على الانتفاع والتواصل والتبادل ، فكان رجال العلم خير وسيلة لتوثيق صلات مدينتهم بمختلف المدن المغربية.

نستهل الحديث عن رجالات أسفي عبر التاريخ بما ورد في كتاب الفقيه أحمد الكانوني، “جواهر الكمال في تراجم الرجال”… فالمتصفح لهذا الكتاب، يلاحظ أن المؤلف وفضلا عما قدمه من تراجم، فهو يضيف معلومات كثيرة عمن ترجم لهم. بل يذكر بيئاتهم وبلدانهم ومن عاش في هذه البلدان خصوصا مدينة أسفي، من ساسة ورجال حكم، أمراء أو قضاة؛ ومن رجال معرفة وثقافة، فقهاء أو علماء أو أطباء… كل ذلك جمعه هذا الكتاب، بحيث تتناسق ترجماته وتلتئم أخباره.

نحن إذن إزاء كتاب مهم يقدم فوائد محققة في تاريخ مدينة أسفي، لا من حيث الترجمة لرجالاته فحسب، بل أيضا من حيث تصور الحركات العلمية في أسفي وما جاورها.
وفي الكتاب نجد ذكرا لبعض السلاطين، كالسلطان أبي الحسن المريني، وولده أبي عنان، وكالسلطان أبي الربيع المولى سليمان بن محمد العلوي. والسلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان العلوي وغيرهم… ونجد حول هؤلاء من الأشراف: أبا العباس احمد بن أبي محمد صالح، وأبا العباس احمد بن إبراهيم بن أحمد بن أبي محمد صالح وغيرهما. ومن القضاة نجد أبا العباس احمد بن مولود القاسمي، والسيد محمد بن سليمان، والسيد أحمد بن يعيش الخلفي العامري المدعو الخليفة أبو العباس .. وغير هؤلاء كثير… ومن العلماء يذكر المؤلف: السيد أحمد بن اسعيد البحير أبو العباس،والسيد أحمد بن بوشعيب بن زروق العامري.. إلى غير ذلك من العلماء والفقهاء الذين تعج بهم صفات الكتاب المذكور، أضف إلى هذا ما ذكره من أسماء الشعراء كالأديب السيد عبد الله بن أبي بكر بن علي الناصري، والشاعر أحمد بن حسين بن علي أبوا العباس الشهير بابن الخطيب،
وعبد الله محمد بن عبد العزيز الأندلسي المدعو بابن عزوز، وكذا الشاعر أبو الخطيب أبو حفص الفاسي ، وابن طاهر الهواري، وقس على ذلك من الشعراء الذين استشهد بأشعارهم في ثنايا كتابه.
وبذلك، نستطيع أن نعرف كل ما كانت تموج به مدينة أسفي عبر العصور من علماء وقضاة وشعراء وغيرهم، نضيف إلى هذا، ذلك الركام من الأخبار والأشعار يسوق بعضه بعضا، كأننا أمام سيل لنهر كبير.. وليس هذا النهر إلا كتاب: “جواهر الكمال في تراجم الرجال”.
إن الكانوني في كتابه هذا، لم يلتزم بمنهج أصحاب رجال الحديث مثلا، ممن أرخوا للرجال، كالخطيب البغدادي، وابن النجار البغدادي، حيث لم يراع الاسم الثاني أو الثالث، إذا تشابهت أوائل الأسماء. فقد جعل أوائل الأسماء واحدة، إلى أن تنتهي. نجد مثلا لمن يترجم له أن يسمى بأحمد وابراهيم وادريس واسماعيل، ثم يورد قسما من الكنى الواقعة أسماء كأبي شعيب وأبي موسى وأبي يعزى وأبي جمعة وأبي الذهب… وهذا ربما مما لا نجده عند أصحاب كتب الرجال كما ألمحنا إلى ذلك سابقا. فابن النجار مثلا نراه يلتزم بترتيب المترجمين وفق اسمهم الأول، ويراعي عند التشابه الاسم الثاني ثم الثالث، أي إذا تشابه اسم المترجم مع غيره، قدم من كان اسم أبيه يبدأ بحرف متقدم، فإذا تشابه الأبوان أيضا قدم من كان اسم جده يبدأ بحرف متقدم وهكذا… فإذا تشابهت الأسماء الثلاثة للمترجم مع غيره، راعى قدم الوفاة، فقدم السابق وأعقبه باللاحق. كما أن المؤلف حاول أن يتشبه بأصحاب كتب الأمالي، وبالجاحظ، في حين أن كتابه تراجم لا غير.. نراه مثلا بعد أن ترجم للقاضي أبي عبد الله محمد بن عبد العزيز الأندلسي، المدعو بابن عزوز، أورد له مقطعا من الشعر يمتدح فيه جماعة من الفقهاء الواردين على أسفي.
يقول هذا الشاعر:
يا مرحبا بالمنصـف الماجد الخيل الصفـــي
إلى أن يقول:
فمنذ وافيت أســفـي أميط عنا أسفــــــي
لا سيما إذ معــــكــم لؤلؤة فـي صــــدف
نجل الهمام المرتضى سبط الإمام اليوسفـــي
وقد أجابه أحدهم بقوله:
لله دركم بني أسفــــــــــــي فنزيلكم يشفى من الأسـف
حان الرحيل بعيد ما علقت نفسي بوصلكم فيا أسفـي
أخلاقكم كالعطر في نفـس ووجوهكم كالبدر في شرف
ثم قام آخر، وهو الأديب ابن طاهر الهواري وأنشد:
أهلا بأهـل أسفــــي من كل خـل منصـــف
أكرم من معشـــــر حازوا الجمال اليوسفـــي
سادوا الأنام كرمــــا فمثلهــم فلتعــــرف..
إلى غير ذلك من القصائد الشعرية المبثوثة في ثنايا الكتاب.
هكذا، نجد المؤلف الفقيه الكانوني يترجم لأكثر من مائة وثلاثين رجلا، الأمر الذي يدفع الباحث إلى تصنيف الكتاب ضمن كتب التراجم والسير، شأنه شأن ابن قتيبة في” الشعر والشعراء” وابن المعتز في “طبقات الشعراء” والآمدي في “المؤتلف والمختلف” وابن الجراح في” الورقة”. وعلى كثرة التراجم التي تضمنها كتاب:” جواهر الكمال في تراجم الرجال”، إلا أننا نرى أن يصنف ضمن كتب التراجم، لاسيما أن تراجم الكانوني لرجال أسفي لم تقم على منهج معين، ولكنها جاءت في معرض ألاستطراد واهتمت بجوانب معينة من حياة أولئك الذين ترجم لهم. ولو جاز لأحد أن يصنف هذا الكتاب ضمن كتب التراجم اعتمادا على كثرتها وحسب، لجاز لأصحاب النظر التاريخي أن يصنفوه ضمن كتب التاريخ اعتمادا على كثرة الأخبار والأحداث التاريخية التي وردت في الكتاب عن أسفي ورجالاته.
إن الكانوني في ترجمته لرجال أسفي، يعتمد النهج التالي.. ونأخذ على سبيل المثال، أبا العباس أحمد بن علي بن أحمد بن إبراهيم التناني الوعزوزي المدعو الصويري، فهذه الترجمة تنحل إلى الأجزاء التالية:
1- اسم المترجم ونسبه ونسبته .
2- روايته (أي شيوخه).
3- من روى عنه (أي تلاميذه).
4- حيثيثه وثقافته .
5- تآلفيه
وهذه الترجمة من أصل التراجم العادية عند غير الكانوني، ونضيف إلى ذلك، التراجم القصيرة في كتابه، والتي تخلو في بعض الأحيان من تاريخ الميلاد والوفاة ومكانهما، وكمثال على ذلك المدعو الخراص
إذ نجد الكانوني قد سلك ما يسمى بالمنهج الإقليمي في واقع التراث المغربي، ولهذا المنهج أهميته، لأنه يعرفنا على الثقافة المغربية في كل أبعادها وتجلياتها المحلية والوطنية.. كما يعرفنا على غير قليل من أسماء الرجال الذين كان لهم دور مهم أثناء فترات حياتهم التي عاشوها في عصورهم المختلفة.. فقد استطاع الفقيه الكانوني رسم كل الخطوط العريضة التي يرتكز عليها تراثنا المغربي وألوانه المتنوعة، وكاد أن يجسمها تجسيما عن طريق التراجم الكثيرة التي حشدها في كتابه:”جواهر الكمال في تراجم الرجال”.. وكثير من هذه التراجم كان مجهولا، وكثير منها كان المعروف عنه قليلا، وهذا كله يهيئ مادة وافرة لتاريخ أسفي تأريخا علميا دقيقا…

يتبع







: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=817415
التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2015-10-08, 17:41 رقم المشاركة : 2
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: صدى رجالات آسفي في التاريخ



ولعل وجود هذا الزخم من رجالات أسفي العلماء وغيرهم، يوحي بأن مدينة أسفي أنجبت غير قليل من رجالات العلم الذين تركوا بصماتهم وإشعاعهم في مختلف المجالات، سواء على مستوى المدينة أو المنطقة أو عموم الوطن.

وذلك راجع للثقافة الوطنية التي تلقوها في مختلف المعارف والعلوم.. فشهد لهم بذلك شيوخ وعلماء لهم مكانتهم المرموقة، لكونهم كانوا ذوي ثقافة أدبية ودينية عالية، استطاعوا أن يجلبوا إليهم الأنظار من مختلف البقاع.

فكان منهم المحدثون الثقات، والمفسرون النجباء ممن أطبقت شهرتهم المدينة، فقصدها الطلبة من كل الآفاق، حيث غدت أسفي معقل العلم والدين، مثلها في ذلك مثل مراكش وفاس وسلا وسبتة وغيرها. وبفضل هذا الإشعاع العلمي والديني، أصبحت مدينة أسفي تحظى بسمعة طيبة عند الناس، وغدت مركز جذب كما يقول الجغرافيون. وهكذا، وفد إليها في القرن العاشر اللاجئون الأندلسيون حين هوت الخلافة الأندلسية.

وقد كتب أحد الأندلسيين إلى الكاتب القاضي أحمد بن المطرف بن عامر المخزومي الشقري، يستشيره في بلد يصلح له مقاما، فأجابه برسالة ينصحه فيها باللجوء إلى مدينة أسفي . يقول:” إنها أخصب الأرجاء وأقبلها للغرباء”، ومعنى ذلك أن إعزاز الغرباء، سمة محمودة عند أهل أسفي. يقول الشاعر الحاج عبد الله القباج:

وبها من الفضلاء أفضل معشر ومن الرجال الغر أكبر مسعـف
لا عيب فيهم غير أن وجوههم تنفي الهموم عن الحزين المدنف
وبها الذين سألت عنهم سابقـا من كل ذي ظرف ولطف مطرف
وإذا سألت فإنني قد كنت لـم أعرف وذلك شأن من لم يعـرف
فعليهم مني السلام مؤبـــدا ما حن مشتاقا لوصل الأهيــف
وعلى بلادهم التي قد أعطي فخرا عظيما في خلافة يوســف
والله يسعدهم ويسعدها بهــم والله يحفظهم بحفظ المصحــف..

هكذا إذن هم رجال أسفي، لطف وظرف وحب ووفاء وود وسخاء وكرم وعطاء… وقد جبلوا على ذلك، منذ الزمن المبكر، عكس ما أصبحنا نسمعه عن بعض المنكرين الجاحدين لهذا السلوك الرفيع الذي كان يتمتع به أهل أسفي.

ويخبرنا عبد الملك المراكشي في كتابه :”الذيل والتكملة ” أنه رحل إلى أسفي مرات للقاء شيخه الكبير الحافظ أبي علي حسن الماجري وغيره من أهل العلم من هذا البلد، فقال:” وردت أسفي في أول قدمة قدمت عليها يوم الاثنين للأربع الباقين من جمادى الأولى سنة 663هـ، فعرفت مرضه (يتحدث عن شيخه أبي عبد الله الغساني التلمسيني، وكان من علماء مدينة أسفي)، فقصدني ابنه جعفر مسلما علي وذاكرا تشوقه إلي، فتواعدت على عيادته من الغد فجاء إلى منزلي وافيا بوعده ومعتذرا عن لقائه بعذر قبلته، وقد رجا فيه تماثل حاله وإرجاء لقائه إلى يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من جمادى الأولى، ودفن إثر صلاة الظهر بالمقبرة التي قبل المسجد الأعظم بأسفي، وحضرت جنازته وكانت مشهورة، وكنت قائد شيخنا أبي علي الماجري الضرير فيها،ولم يتخلف عليها أحد، وكان أبو علي يطيل الثناء عليه، ويشيد بذكره”.

ومما يضيفه عبد الملك المراكشي عن شيخه العثماني قوله: “كان ذا خط صالح لرواة الحديث، عدل فيما يرويه، متقدم في اللغات والحفظ للآداب والتواريخ والأنساب، مشاركا في الفقه والنحو، ضاربا في قرض الشعر بسهم مصيب، متحرفا بالتجارة في القيسارية بأسفي، يقعد في حانوته للاسترزاق كل يوم ببضاعة يديرها فيما بعد الفراغ في مجلس تدريسه الموطأ والسير والنحو والآداب واللغة… وكانت على طريقة مرضية من أهل الدين المتين والانقباض على مخالطة الرؤساء ومجالستهم..” وإذا كانت هجرات الأندلسيين إلى أسفي قد أفادت المدينة من وجوه كثيرة، فإن غير قليل من رجال أسفي قد هاجروا هم أيضا إلى مدن غير مدينتهم ، إما لطلب العلم أو لشيء آخر.
ونذكر من هؤلاء العالم المشهور بالتأليف في النحو، الحسن بن القاسم بن عبد الله بن علي الأسفي الأصل، هاجرت أسرته إلى مصر، وهناك درس على يد عدد من الأعلام الأندلسيين والمغاربة المقيمين بمصر.. وللحسن بن القاسم شرح مفصل للزمخشري وشرح للألفية والتسهيل لابن مالك.

يبدو مما سبق، ما كان لمدينة أسفي من حركة علمية خلال القرنين السابع والثامن للهجرة، ولولا ما منيت به المدينة من طغيان الاستعمار البرتغالي الذي زاد عن الثلاثين سنة، لكان شأنها كبير، وأمرها عظيم.. والحقيقة أن تاريخ أسفي هو من صميم سياق تاريخ المغرب؛ يمكننا أن نقسمه إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى وهي التي تدخل في الإطار التاريخي أي منذ الفتح الاسلامي إلى نهاية العصر المريني،

والمرحلة الثانية وهي وإن كانت محدودة زمنيا، فإنها كانت مرحلة ذات تغيير كبير عرفت فيها المدينة الاستعمار البرتغالي.

ثم المرحلة الثالثة، وهي التي عرفت شعلة روحية صوفية على يد الجزولي والسعديين الذين حرروا هذه المدينة وأرجعوا لها مجدها الغابر وحرمتها المنيعة. ولا ننسى أن ازدهار المدينة بدأ مع ظهور الدولة العلوية الشريفة، حيث شهدت المدينة حركة علمية مهمة، وهذه الحركة تتمثل في هؤلاء الأعلام الذين ترجم لهم الفقيه الكانوني في كتابه: “جواهر الكمال في تراجم الرجال”.

وكما أشرنا سلفا، فإن منطلقنا في تقديم تراجم هؤلاء الرجال هو هذا الكتاب القيم الذي جمع فيه الكانوني فأوعى. ونذكر من رجالات أسفي:

©أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن أبي محمد صالح، الشيخ الفقيه الدراكة الكبير، العالم العلامة الإمام النحرير، شيخ الأدب والإنشاء، المتقلب في أطوار الفنون كما يشاء. فقد كان رحمه الله إماما عالما مشاركا في الفقه والحديث والتفسير والتصوف والشعر والأدب واللغة، عالما بالخلاف العالي.
©أبو العباس أحمد بن عبد الرحمان الأسفي، الفقيه الفاضل، العدل الخطيب الوجيه، كان خطيبا بمسجد جده أبي محمد صالح .
©أبو العباس أحمد بن محمد المقدم، وكان فقيها إماما عالما علامة، مفتيا، محررا، عارفا بالفقه ، مشاركا في كثير من الفنون، معتنيا بنشر العلم وتقييده. يقول عنه نده ومعاصره القاضي الفقيه السيد عبد الخالق بن ابراهيم الأسفي، علامة الزمان، ورئيس الأوان،مفتي الديارالأسفية وما والاها، الذي إليه المرجع في معضلات الأمور ومشكلاتها.
©أحمد بن الطاهر بن الطيب الحكيم الأسفي، الفقيه المدرس المفتي، العدل الوجيه، ذو الشارة الحسنة، والأخلاق المستحسنة، درس وأفتى وتخطط بالعدالة … قرأ بأسفي على شيخ جماعتها أبي زيد المطاعي والشريف سيدي محمد بن إدريس.
©أبو العباس أحمد الرحيوي الشهلاوي، نشأ بأسفي، ورحل إلى فاس ليأخذ عن علمائها ومشايخها، فنبغ في العلم نبوغا أوجب ظهوره في شأن مناظرة في مسألة علمية، فبلغت السلطان أبا الربيع مولانا سليمان، فاستوفده عليه حتى أبدى حججه في المسألة، فاستحسن منه ذلك.
©أحمد بن اسعيد البحير، الفقيه العالم الجليل البركة الصالح.أحماد الدرعي، أستاذ حافظ للقراءات، ناشر أعلامها. كان هذا الرجل موسوعا بالخير والدين. أخذ القراءات عن الأستاذ الصالح سيدي الزوين المعروف بزاويته قرب أسفي والتي اشتهرت بتحفيظ القرآن الكريم.. أخذ عنه الناس، ومنهم الأستاذ سيدي محمد المعاشي شيخ أبي شعيب الصديكي في القراءات.
©أبو إسحاق إبراهيم بن الطاهر المحتسب الحسني، كان فقيها عالما جليلا، خطيبا مدرسا نبيلا، له معرفة تامة بالتوقيت والفلك والحساب، وقد تولى خطة التوقيت بأسفي بأمر من السلطان المولى عبد الرحمان بن هشام.
©أبو موسى بن محمد بن صالح بن أبي القاسم، الفقيه الشهير، العلامة النحرير، أوحد زمانه، وفريد عصره وأوانه، المحدث الرواية المتفنن، الإمام المشهود له بالتقديم في جميع العلوم.
©أبو يعزى بن عبد الغفور ابن الفقيه سيدي محمد بن سعيد أعطار.. الفقيه، قاضي أسفي في دولة السلطان المولى عبد الله بن إسماعيل.
©الفقيه العالم المنير، أبو الحسن علي بن إبراهيم الأسفي، المتوفى سنة 1053 هجرية.
©أبو الحسن علي بن منصور الشيظمي، أحد قواد المنصور، وقد تمت الإشارة إليه سابقا.
©أبو العباس أحمد بن سليمان الشيظمي، وكان أحد كتاب المنصور السعدي، وأحد الشعراء المجيدين في هذه الصناعة.. ذكر له ابن القاضي في ” درة الحجال” مقتطفات شعرية وقال:” هو حي من أهل العصر”، يعني سنة 999م.
©الفقيه المتفنن، الأديب البارع، ذي النظم الرائق، والنشر الفائق، أبو العباس أحمد بن سعيد المشترائي. يقول عنه الفقيه الكانوني: “هو الفقيه المشارك النبيل، كان معتنيا بمختصر خليل أشد العناية، حتى كان يحفظه عن ظهر قلبه.. كان حيا سنة تسعة وتسعين وتسعمائة هجرية.. وتوفي بعد ذلك”.
©أبو العباس أحمد بن الحسن بن عبد الرحمان القرمودي الرجراجي، كان فقيها وعالما، وجاء عنه في كتاب:”جواهر الكمال في تراجم الرجال” أنه الفقيه العالم البركة، المشهور بالخير والدين والفضل.
©أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن الشيخ سيدي محمد كانون المطاعي ثم العبدي، الفقيه العدل المبرز العالم الناسك، الزعيم الشجاع المقدام، كان ذا رجولة، لا تلومه في الله لائمة.

ومن خلال هذا النزر اليسير من رجالات أسفي، ممن ترجم لهم الفقيه الكانوني في كتابه: “جواهر الكمال في تراجم الرجال” لا يغطي طبعا كل الشخصيات التي عرف بها الكانوني ، وإنما ارتأينا أن نقف عند نماذج معينة. ليقتنع القارئ الكريم بأن مدينة أسفي وما أنجبت من شخصيات علمية وفكرية وفقهية وأدبية، أعطت الكثير للتاريخ، ومن حقها على التاريخ – اليوم – أن تأخذ بعضا من حقها التاريخي مثل الحديث عنها وعما عرفته من إنجازات على مختلف الأصعدة، وما تتطلع إليه في المستقبل لتحظى بالصورة الحقيقية التي يريدها لها قائد الأمة الهمام جلالة الملك سيدي محمد السادس أعز الله أمره..

إن المتصفح للترجمات التي أوردها الفقيه الكانوني، يمكنه أن يستنتج أن ذلك الرعيل الأول من رجالات أسفي، قد أبان عن سمو في التفكير ونبل في الخلق الكريم.. والصورة التي ينبغي استجلاؤها من خلال تتبع شريط حياتهم تبدو في أنهم كانوا أصحاب موقف ومبدأ، ذوي أخلاق إسلامية فاضلة عالية المستوى، متواضعين لدرجة كبيرة، هادئي الطبع، أقوياء في الحجة والدليل، أصحاب حوار هادئ ومتزن، متمكنين من علمهم وثقافتهم، موفقين لعمل الخير والسعي من أجله، مصلحين اجتماعيين، صادقين مع ذواتهم يكرهون الغرور والغطرسة، غير منفعلين، عفيفي النفس واليد ، نزهاء في إبداء الرأي.. عرفوا بالصلاح وهم من الرجال العلماء، كما عرفوا بالتقوى والورع، فكانونا بحق علماء أتقياء. ومن الصعوبة بمكان حصر أعمال وإنجازات هؤلاء الرجال الفضلاء، فأعمالهم في نشر تعاليم ومبادئ الدين الإسلامي كبيرة وعظيمة، كما أن أعمالهم الأدبية، وكتاباتهم العلمية الإسلامية، أكدت – وبلا مراء- جودة مساهماتهم التي تهدف لخير البلاد والعباد.

وعلاوة على ما سبق، فقد نهضوا لمدافعة المستعمرين الطامعين في المغرب وثغوره، كما تصدوا لمختلف المؤامرات التي كانت تحاك ضد الوطن.
إن ما وصلنا من إسهام رجالات أسفي قليل جدا بالقياس إلى ما ضاع منه، ومع ذلك، فهذا القليل كاف في استخلاص ملامح من حياتهم العلمية وال****ية، واستكشاف مختلف جوانب نشاطاتهم العقلية والفكرية والأدبية.


يتبع






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2015-10-08, 17:43 رقم المشاركة : 3
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: صدى رجالات آسفي في التاريخ



والحقيقة أنه لو تيسر الحفاظ على تراث هؤلاء الرجال، لاستطعنا أن نفيد منه فائدة غير يسيرة في التأريخ للحياة العلمية والثقافية في مدينة أسفي على نحو إن لم يكن بالغا حد الاستيفاء، فإنه مسعف بحظ وافر في تأليف غير ما ملمح من ملامح تلك الحياة.
وبالنظر إلى هذه المنزلة العلمية الرفيعة التي تحققت لرجالات أسفي، بفضل ما كان لهم من تضلع بألوان من المعارف، وسعة اطلاع على أضراب من العلوم، وما عرفوا به من مواهب ومقدرات عقلية ممتازة، وما وضعوا من تآليف وشروح، إلى جانب ما كانو يتحلون بحس مزايا الضبط والدقة والتثبت..

لقد كانت أسماؤهم ومجالسهم تملأ أسماع الناس، يأخذون عنهم، وينتفعون بهم؛ مما أكسب مدينة أسفي حينذاك إشعاعا علميا وروحيا نستشف منه قاعدة ارتباط العلم بالعمل، والتي كانت في غاية الأهمية.. تحفظ على المجتمع الأسفي تماسكه النفسي والعقلي، ويتحقق بها النفع العام.. وهذا الصنيع، انعكس جليا على البعد الاجتماعي للمدينة، مما أسهم بحظ غير يسير في تحديد المكانة الإجتماعية لأهل أسفي.
والمتصفح لكتاب: “أسفي وما إليه” للفقيه الكانوني، يدرك بجلاء أبعاد هذا الجانب… إذ إن أغلب بيوتات مدينة أسفي كانت تتشكل إما من:

– بيوتات نسب شريف.
– أو بيوتات حسب و أصالة.
– أو بيوتات علم وصلاح.

ومثل هذا الأمر، ساهم إلى حد كبير في بلورة مكانة المدينة وأهميتها ضمن باقي المدن المغربية الأخرى. ولا ننسى الصدى الوظيفي الذي عكسه رجالات أسفي، وهم يتولون شؤون مدينتهم. فقد تولوا عدة وظائف كرسوا لها حياتهم وجهودهم. وهذه الوظائف يمكن حسب ما جاء في كتاب: “جواهر الكمال في تراجم الرجال” حصرها في:

أولا: التدريس.
ثانيا: القضاء والإفتاء.
ثالثا: العدالة والتوثيق.

وهكذا، تظهر صورة هؤلاء الرجال، الذين شكلوا أحد المنابع التي كانت مدينة أسفي تمتاحها فيما أسهمت به في تاريخها العلمي والثقافي من عطاء فكري وأدبي عبر الحقب والعصور.

وتستمر مدينة أسفي في إنجاب رعيل آخر، هيأ لها ظروف الانفتاح والتواصل مع مثيلاتها من المدن المغربية، فكان تاريخها حافلا وزاخرا بغير قليل من الشخصيات التي أنفقت زهرة عمرها في خدمة المدينة وما جاورها. لذلك، ترك هؤلاء الرجال بصماتهم على تاريخ مدينتهم خاصة والمغرب بصورة عامة. كما منحوا لها وزنها المتميز، فكانوا خير خلف لخير سلف.

ومن هؤلاء الرجال الذين وصموا تاريخ مدينة أسفي بعلمهم وفكرهم، وساهموا في النهوض بأصالة الهوية الثقافية لهذه المدينة الحاملة دوما لمشعل النهضة والتطور، على الرغم من أنف الحاقدين والماكرين والجاحدين. فأسفي عرفت وما تزال تعرف حياة ثقافية جديرة بالذكر والاعتبار، حياة أوجدها العديد من العلماء والفقهاء الذين ما تزال آثارهم بادية للعيان، وحاضرة في الأذهان. ومن ثمة، يظهر أن هذه الجوهرة الراقدة على شواطئ المحيط الأطلسي (أسفي) أنجبت العديد من رجالات العلم الذين تركوا بصماتهم وإشعاعهم في مختلف المجالات سواء على مستوى المدينة نفسها، أو المنطقة أو المغرب على وجه العموم.. وبذلك استطاعوا أن يجلبوا الأنظار، ويلفتوا انتباه الغير، بما اشتهروا به من علم ومعرفة وخلق سليم.

ومن هؤلاء نذكر:
الفقيه العلامة سيدي الهاشمي، ابن الفقيه العلامة القاضي امحمد بن عزوز الأسفي البلنسي.. إلى جانب تبحره في العلوم الدينية، امتاز بشعور رائق جميل، تطرب له النفوس وتلذ له الأسماع.. ومن شعره:

لـمـا تألــق بــرق هاج لهيب غرامـــي
فلي بلابـل شــوق إلى ورود الأوامـــي
بت رقيب نجـــوم وصرت خلف هيــام
اضرم في القلب وجد ودمع طرفي هامـــي
أطلق لهيب فــؤادي بعرف زهر الأكـــام
وبالصب إذ تهــب من نحو أرض للتهامـي
سر الوجود محمــد وشمس كـل ظـــلام
جلت شمائل أحمــد في مبـدإ واختتـــام…

· العلامة السيد عبد الخالق بن الحاج إبراهيم الحجام الأسفي، تولى الإمامة بالمسجد الأعظم من بلاد أسفي في سائر أوقات الصلوات المفروضة، إضافة إلى الخطابة بمسجد الولي العارف بالله تعالى أبي محمد صالح خلفا للفقيه ابن دحمان قاضي أسفي. وذلك حسب ظهير شريف من السلطان موالى سليمان.. توفي الفقيه السيد عبد الخالق في أواسط ذي الحجة الحرام من عام 1234، الموافق لسنة 1819.

· العلامة السيد أحمد بن محمد المقدم، يكفي أن نذكر أن من شيوخه العلامة ، الشيخ التاودي بنسودة لنعرف قيمته العلمية ودرجة عطائه في مختلف العلوم.. توفي بعد حياة حافلة بالعطاء العلمي سنة 1921. ودفن بضريح سيدي عبد الكريم بأسفي.
· السيد عبد الله بن حمزة بن أحمد الرجراجي، كان رحمه الله إماما بالمسجد الأعظم، له جمع الأذكار، إذ كان من الصالحين الأخيار، ثبتت له كرامات عند الناس، توفي سنة 1840.

· السيد إبراهيم المحتسب سيدي الطاهر الإمام الحسني، كان ناظرا ومؤقتا فقد تولى النظارة على الأحباس سنة 1826، كما تولى التوقيت في ماي 1827، توفي في شهر مارس 1847.

· العلامة سيدي محمد ابن الفقيه السيد عبد الخالق.. كان قاضيا وعالما ورعا، ترك في النفوس أثرا وذكرا حسنا نظرا لما عرف عنه من نزاهة واستقامة وسداد رأي.. وتوفي في أكتوبر 1869.

· العلامة السيد الحاج محمد بن بوعزة الأسفي، تولى القضاء بمدينة أسفي، كما تولى الخطبة بالمسجد الأعظم.
· العلامة المشارك محمد الطاهر بن دحمان الحفيد، له
إسهامات قيمة في مختلف مجالات العلم والمعرفة، إلى جانب أنه كان مقدما لرباط الشيخ أبي محمد صالح.. توفي في شهر فبراير 1874.

· السيد عبد الرحمان بن المكي بن عمر بن دحمان الحفيد، كان إماما بالمسجد الأعظم، ودامت إمامته ما يقرب من أربعين سنة، كما كان يتعاطى الشهادة نظرا لما كان يتمتع به من أخلاق عالية، ومستوى رفيع من السلوك الحسن، مما أهله لهذه الوظيفة التي ينذر من يتولى شأنها، لما تتطلبه من كفاءة والتزام. توفي في 1875.

· أبو السرور سيدي البشير بن الطاهر الحكيم الأسفي، رحل إلى فاس لطلب العلم في يوليوز 1874، ولم يعد إلى مسقط رأسه (أسفي) إلا بعد أن غرف ونهل من العلم ما أهله لتولي الإمامة والخطابة بالمسجد الأعظم بعد وفاة الفقيه سيدي عبد الرحمان الحفيد. أحيا الله به العلم في هذه البلدة الأسفية بعد ما كاد ينقطع بها، وكانت له اليد الطولى في العلوم، المعقول منها والمنقول، يدرس في اليوم خمس مرات فأكثر، وكان ذا شجية في النظم، له شرح على المنفرجة لابن النحوي، كما درس صحيح البخاري ومختصر خليل والأجرومية بتمامها، والألفية بكل أبياتها، ورسالة ابن أبي زيد في التصوف، وبذلك كان حجة في مختلف المعارف. توفي عام 1879.
· الأديب السيد محمد بن القائد الطيب بنهيمة، تولى خطة القضاء والحسية بمدينة أسفي، كما كان ينوب عن والده في الحكم.. دون أن يؤثر ذلك على مجال التدريس الذي برز فيه من خلال تلقينه لمختصر خليل وغيره.. توفي في غشت 1884.
· الفقيه السيد الحاج محمد بن التهامي لعفو.. طلب الفقه وقرأ على يد غير قليل الفقهاء المبرزين في هذا الصنف من العلوم.. توفي سنة 1905.
· العلامة أحمد الصويري التناني أصلا الأسفي، كان الغالب عليه علم العربية، يحسن تدريسها ويجيد تقريرها، ألف عدة تآليف، منها شرحه على البردة، وآخر على الأجرومية، وآخر على الزقاقية في نحو أربعين كراسا، وأجوبة وخطب نفيسة، كما كان يتعاطى الفتيا والشهادة، ونذكر أنه كان أيضا إماما بجامع الشيخ أبي محمد صالح إلى أن توفي سنة 1917 ودفن بروضة رباط الشيخ.
· السيد الحسن بن الحاج أحمد بن الحسن، كان يتعاطى الفتيا، وهي مهمة لا ينهض بها إلا رجل متمكن وعلى مستوى عال من العلم، إضافة إلى ما ينبغي أن يتحلى به من نزاهة وسلوك رفيع. توفي سنة 1917 ودفن بصحن ضريح جده الشيخ أبي محمد صالح.
· العلامة محمد بن عبد الرحمان الروداني، وكان هو الآخر يتعاطى الفتوى والشهادة، توفي في نونبرمن عام 1917 ودفن بأسفل روضة أشبار بأسفي.
· العلامة الفقيه السيد عبد الرحمان المطاعي، أخذ عن مجموعة من العلماء الأكفاء، نذكر منهم:

السيد كنون صاحب الاختصار، ومولاي عبد المالك الضرير، وسيدي محمد القادري وسيدي المدني بن جلون، وسيدي المهدي بن الحاج، وسيدي بوبكر بناني وسيدي الطيب بن كيران وسيدي المهدي الصقلي وسيدي أحمد بن سودة وسيدي الحاج محمد بن سودة مولاي احمد المدغري والشريف سيدي ملوك…
فهو شيخ الجماعة بأسفي، درس المختصر الخليلي والموطأ والألفية ونحو الثلثين من صحيح البخاري وتفسير الجلالين بأكمله.. كما كان خطيبا وإماما وواعظا.. توفي في دجنبر 1978.
· سيدي محمد بن أحمد التريكي، روى عن العلامة السيد البشير الحكيم والقاضي سيدي محمد بن عبد الواحد الفيلالي وعن الحاج محمد كنون والحسن بن قدور الذي أجازه إجازة مطلقة.. وتوفي في شهر ماي 1927.

يتبع





التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2015-10-08, 17:52 رقم المشاركة : 4
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: صدى رجالات آسفي في التاريخ



الفقيه محمد السرغيني :.
كان بحق في طليعة الوطنيين الكبار الذين أبلوا البلاء الحسن في محنة المغرب إبان الاحتلال الفرنسي.
إضافة إلى أن الفقيه كان أيضا من رجال العلم ودعاة القومية والوطنية وأبطال النهضة واليقظة.. ظلت بعض كتاباته في خطبه كسم قاتل للمحتل الغاشم، إلى أن نعم المغرب بالحرية والاستقلال.
ولد بأسفي عام 1918، وعلى يد فقهائها وعلمائها ظهرت نجابته وتفوقه، فبعث به أهله إلى فاس للتوسع أكثر في العلم والمعرفة إلى أن حصل على شهادة العالمية من جامعة القرويين. اختار مهنة التدريس حتى يستطيع تمرير خطابه النضالي ضد المستعمر الفرنسي، خاصة في أوساط شباب المدينة، إذ له الفضل في ترسيخ العقيدة الدينية والوطنية في نفوسهم.
ومن المعلوم أن الفقيه السرغيني كان قد نذر نفسه لخدمة مبادئ الحركة الوطنية، والعمل على توعية الجماهير وتعبئة الناس لمقاومة المستعمر، بادلا في ذلك جهودا جبارة ، مما ألب عليه زبانية الاستعمار الذين زجوا به في مختلف السجون، إلى أن تم إبعاده ونفيه ليعيش تحت الإقامة الجبرية بمدينة الجديدة.. ولم يعد إلى مسقط رأسه إلا بعد رجوع الملك الراحل سيدي محمد الخامس من منفاه بمدغشقر وإعلان استقلال البلاد. وهكذا، ظل يناضل من أجل مغرب جديد، متقدم وفاعل. إلى أن وافاه أجله المحتوم يوم عاشر أكتوبر 1983.

©العلامة الفقيه المستاري،
عالم وفقيه ووطني كبير، نذر حياته من أجل تقديم كل ما لديه لتكون راية الوطن عالية.. عرف عند الناس” كفقيه وشيخ سلفي متمكن، وكمدرس ومربي نبيه، وعدل وتاجر وقاضي عادل وشاعر صوفي..”.
ولد بأسفي عام 1900، وبعد حفظه للقرآن الكريم وتلقيه لبعض علوم الدين على يد نخبة من علماء مدينة أسفي من أمثال: العلامة عبد الرحمن المطاعي والعلامة محمد مولاي الحاج وغيرهما.. شد الرحال كباقي طلبة أسفي في تلك العهود إلى مدينة فاس ليلتحق بجامعة القرويين حيث تخرج منها بعد حصوله على شهادة العالمية..

إضافة إلى نشاطه العلمي وإشعاعه الثقافي، انخرط الفقيه مبكرا في العمل الوطني، فكان عضوا نشيطا في الجناح السري للحزب الوطني المعروف باسم “الطايفة”، فشارك بقوة في مجموعة من التظاهرات احتجاجا على الظهير البربري الصادر في 16 مايو 1930.. مما حد بالمحتل الفرنسي إلى وضعه تحت المراقبة الدائمة، بل ومنعه من مزاولة عمله.. ليتم اعتقاله إثر نفي السلطان محمد الخامس بعد أن لفقت له تهمة تدبيرمحاولة اغتيال بمراكش. وعلى الرغم من محاولة الاستعمار الوقوف في وجه الفقيه المستاري، فإن الرجل لم تزده المضايقات إلا استمرارا متواصلا للنضال خدمة لهذا الوطن، مما جعله يحتل مكانة طيبة، وشعبية كبيرة، وسمعة جيدة لدى ساكنة مدينة أسفي..
وتجلى هذا التقدير في إصرارهم على تعيينه قاضيا شرعيا على المدينة وذلك بتقديمهم عريضة لباشا أسفي السيد امحمد بلخضير رفيقه في التوقيع على وثيقة المطالبة بالاستقلال.

إن إلحاح سكان أسفي على أن يكون على رأس العدالة في مدينتهم رجل كالفقيه المستاري، يدل على مدى تقديرهم لصدق وطنية هذا الرجل، علما بأن أسفي لعبت دورا كبيرا في مجال العمل الوطني إذ حضرت بقوة في كل الوقفات النضالية التي عرفها المغرب إبان الإستعمار الفرنسي، بمناصرتها للوطنيين والتجاوب معهم. فهي مدينة بارزة في ال**** الوطني ضد المستعمر الذي اغتصب الأرض وقهر الشعب، مقابل خدمة مصالحه الضيقة.

توفي الفقيه عبد السلام المستاري، بمراكش سنة 1991 بعد حياة حافلة بالورع الديني، والإيمان الشديد والحب الكبير لهذا الوطن عموما، ومدينة أسفي على وجه الخصوص.
الحلقة 14 :

• الفقيه المدرس الخطيب الناصح الصالح ،أبو عبد الله محمد بن أحمد الهسكوري

الأسفي، واحد من الشخصيات الفذة التي من الله بها على مدينة أسفي التي ولد بها سنة 1906 من أسرة فاضلة، أهلت ابنها ليكون في المستوى المطلوب. لعب هذا الرجل أدوارا طلائعية للرقي بمدينته ولتوجيه شبابها الوجهة السليمة، إضافة إلى مساهمته في تنشيط الحركة التعليمية والثقافية، وخاصة تعليم المرأة..فهو أول من نادى بتعليم الفتاة بهذه المدينة. وفضلا عن هذه الأدوار، فإن الرجل كان قطبا من أقطاب الحركة الوطنية من أجل إجلاء المستعمر وتحرير الوطن من العدوان الأجنبي الذي استبد بها.
فالفقيه الهسكوري- كما يعلم الناس- مفخرة عظيمة يعتز بها كل الأسفيين.

كان الفقيه الهسكوري مواظبا على حضور مجالس العلم بمختلف مساجد وزوايا مدينة أسفي، حيث تلقى علوم النحو والصرف والتجويد والمنطق والفقه والحديث والسيرة النبوية والحساب والتوقيت على يد مجموعة من علماء المدينة من أمثال مولاي الحاج بن محمد الإدريسي، والفقيه أحمد المطاعي والفقيه إدريس بناصر، والفقيه الهاشمي الريكوش والفقيه لحسن واعزيز، والفقيه أحمد بن إبراهيم الجبلي والفقيه علال بن أحمد السكسيوي والفقيه امبارك بن المحجوب العابدي والفقيه أحمد بن عبد العزيز الهواري (الملقب بالفقيه زميط)، والفقيه سعيد بن مبارك الهشتوكي.. وقد استطاع الفقيه الهسكوري الحصول على عدة إجازات شهد له فيها شيوخه العلماء بالنجابة والأهلية والكفاءة والمعرفة والتحصيل والعلم…

كان بيته رحمه الله قبلة لكل العلماء والفقهاء سواء منهم أبناء المدينة أو الوافدين عليها من أمثال محمد بن علي الوكيلي الريفي، ومحمد بن عبد الله الشنكيطي والعلامة عبد الله الجراري الرباطي.. ويطول بنا المقام إن أردنا ان نفصل في حياة هذا الرجل، فبصماته واضحة ومتعددة لا ينكرها إلا جاحد. فهو إمام خطيب واعظ ومدرس ومرشد ، فعال للخير ومن أهله، مواس لذوي الحاجة والفاقة تحت طي الخفاء، كريم بماله وأخلاقه، سلفي الطبع محافظ على كتاب الله وسنة رسوله. متواضع لين الحركة، يأبى الظهور والرياء والسمعة، عالي النفس والهمة.. بقي هكذا إلى أن وافاه الأجل المحتوم يوم 25 أبريل 1987.

لقد كان الفقيه الهسكوري – كما سلف القول – نعمة سخرها الله لمدينة أسفي وأبنائها.. فبفضل مجهوداته الجليلة تنورت واستقامت حياة غير قليل من أبناء أسفي.. وبفضل هدايته الإسلامية، اهتدى شباب هذه المدينة إلى طريق العلم والمعرفة والصلاح.. فكان هذا الرجل نعم الأب ونعم المعلم والمصلح.

©الفقيه محمد بن إدريس الحسني..
ولد بأسفي عام 1861 من أسرة عرفت بالخيرية والصلاح والتمسك بالدين الحنيف.

كان عالما متمكنا، يأتي بحجته، ويسوق دليله، ويدلي بدلوه في مجال إبداء الرأي والعلم والمعرفة، فيأسر الناس ببيانه ويأخذهم ببرهانه. هكذا يظلون معه في متعة روحية، ولذة عقلية. ولاشك أن الرجل صنع وأبدع، وأجاد وأفاد، وأذهب حرارة الغليل، وأتى بالسلسبيل، أقام للحق بنيانا، ووطد له أركانا، ورفع له جدرانا. ومصدر ذلك، ما تلقاه من علوم قيمة ومعارف جيدة على يد شيوخ أجلاء سواء بمدينة أسفي مسقط رأسه، أو بفاس التي التحق بها منذ 1882 لطلب العلم. حيث درس على يد مشاهير علمائها.. وحين عاد إلى أسفي اهتم بمجال التدريس والتعليم خاصة. كان يلقن الطلبة المنقطعين لطلب العلم دروسا في تفسير القرآن والحديث. كما كان يهتم بتعليم الأميين وعوام الناس، وتبيان أمور دينهم.. وقد دأب على هذا العمل الجاد بدون انقطاع منذ نصف قرن. وإلى جانب ذلك ،عرف عنه – رحمه الله- معاداته للبدع والمنكرات في مختلف تجلياتها، مما حدا بالفقيه سيد إدريس بن عمر الدخيسي الفاسي أن ينظم أبياتا يبرز فيها الأعمال الاجتماعية الجليلة التي نذر لها الفقيه محمد بن إدريس الحسني نفسه، فقال:

وإياكم والمحدثـات وبـادروا إلى توبة تنجوا بها يوم تقدموا
فها علماء الدين تعلن بالهدى تنادي ألا افعلوا وإيانا فالزموا
ولاسيما والشيخ من أسفي غذا يحذر أهل الزيغ مما به عموا
شريف فقيه عالم ذو مهابـــــة تقي نقي عامل بما يعلــــــــم
فأعني بهذا شيبة الحمد سيـدي محمدا الضرير بالفضل بوسم
فأكرم به من جهبذ فلقد سطـا على كل من للبغي والزيغ سلم..

هكذا، على قدر نبل الغرض، وشرف القصد، وقداسة الغاية، يكون بهذا الذي بدله هذا الرجل الحصين، والإنسان العاقل، والفقيه العالم الأديب الأريب.
توفي رحمة الله في شهر نونبر 1938، حيث أقيمت له صلاة الجنازة بالمسجد الأعظم بأسفي، وهو المكان الذي كان يلقي فيه دروس العلم سنوات طوال.

يتبع






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
قديم 2016-07-25, 22:08 رقم المشاركة : 5
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: صدى رجالات آسفي في التاريخ


الأستاذ عبد الله الهسكوري







الأستاذ عبد الله الهسكوري : اسم ألمعي بحمولة ثقافية وأدبية .. اسم تنبع من مكونيه الرئيسيين ، مناقب ومحامد ومزايا وصفات ونعوت وعلامات نذكر منها ، البذل والعطاء ، رحابة الصدر ، جمال الاتزان ، الإحساس بجسامة المسؤولية كوالده الفقيه محمد الهسكوري رحمه الله . هكذا هو السي عبد الله الهسكوري ، عنفوان حالم ن وقلب دينامي نابض بالعشق ، وعقل نوراني دائم التحليق .


ولد الأستاذ عبدالله بأسفي عام 1942 .. التحق بالكتاب الذي كان والده يشرف عليه ويتصدر للإقراء والتدريس وتحفيظ كتاب الله في حسن سمت ولين جانب ودماثة أخلاق .. عهدت مزاياها في البيت الهسكوري . لذلك ، فالأستاذ عبد الله الهسكوري :
سليل بيت كريم فيه الفخار مكين
سليل علم وحلم يكسوه دين متين


وهكذا تولاه والده بالعناية والاهتمام والتربية القويمة . يقول تعالى : " والذين آمنوا وأتبعتهم ذريتهم بإيمان ، ألحقنا بهم ذرياتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء ، كل امرئ بما كسب رهين . "


ويقول الشاعر :
عهود من الآباء توارثها الأبنا بنوا مجدها لكن بنوهم لها أبني
ويقول آخر :
وينشـأ نـاشئ الفتيـان فينـــــا على ما كان عوده أبــــــــــــوه


بعد ذلك ، التحق بمدرسة بياضة حيث حصل على الشهادة الابتدائية ، ليتابع دراسته فيما بعد في ثانوية مولاي يوسف بمراكش ، ثم كلية الآداب بالرباط حيث سيحصل على الإجازة في اللغة العربية وآدابها . وبعد التخرج ، سيتم تعيينه بإحدى الثانويات بالرباط سنة 1962 ، ليعود فيما بعد إلى أسفي مدرسا بثانوية الهداية التي أسسها والده رحمه الله .. وربما لم يرق له المقام بأسفي ، فعاد من جديد إلى الرباط .



وسواء في أسفي أو في الرباط ، فإن السي عبد الله الهسكوري قد صنع لمسار حياته طريقا موشوما بأكثر من وشم ، لا مكان فيه للمقعرات ، يدافع عن قيم النبالة وشرف المعرفة .. كيف لا ، والوسط الأسري الذي عاش فيه ، خلق منه شخصية بمواصفات خاصة ، حملت فوق أكتافها نكهة العطاء الرقراق ، في ترنيمة خلود مرصعة بأعمال ومواقف وحروف ذهبية ، إذ عرف لدى مجايليه بالطموح المتوقد ، والذكاء الثاقب ، والقراءة العميقة . فقد كانت له شهية مفتوحة للمطالعة وطلب العلم . فهو من رواد مكتبة السي لحبيب البخاري على حد ما أوردنا سابقا في الحلقة التي خصصناها لمكتبة السي لحبيب .


منذ نعومة أظافره ، كانت كل المؤشرات تتكلم لغة واحدة ، هي لغة التميز والروح الوطني . فقد انصرف للعلم ، وشغف بالتدريس ، وأصبح مؤهلا لمزاولة وظيفة التربية والتعليم ، فكان أنموذجا للأستاذ الناجح بشهادة زملائه والمدراء والمؤطرين التربويين والتلاميذ .. كما تشهد له دروسه التي تتجنب الاجترار والرتابة بالخلق والإبداع . فقد كانت تخرج عن المألوف ، وتقدم إلى المتلقي بطريقة جذابة هبل بوهج الطرافة والطراوة والجدة .. تتداخل في عوالمها العلوم والفنون ، الرواية والقصة والمسرح والشعر والموسيقى والسينما .. بمنهج فريد ، يلتقي في محرابها طرفة بن العبد وعنترة بن شداد وزهير بن أبي سلمى والجاحظ وطه حسين ونجيب محفوظ ونزار قباني ... كل ذلك في جو مفعم بحاجة المتلقي إلى الجماليات والارتقاء بالذوق ، وإقحام المتعلم كفاعل رئيس .



لقد أحب السي عبد الله الهسكوري مهنة التربية والتعليم وعشقها حتى النخاع ، مما جعله يتعامل مع تلاميذه بأريحية ، غايته صناعة التلميذ المتمكن الذي يواجه المعرفة النصية بعقل يقظ لتقديم الفائدة والإضافة .


لم يكتف السي عبد الله بالتدريس ، بل اهتم أيضا بالعمل الإداري ، فكان ناظر دروس بثانوية ابن خلدون ، ليلتحق بعد ذلك بالمركز التربوي الجهوي بأسفي كمدرس ومكون للطلبة الأساتذة ممن أسعفهم الحظ للتلقي والأخذ من معين المعارف التي كان يتقنها رحمه الله . ثم ما لبث أن عين مديرا بثانوية أبي شعيب الدكالي بأزمور عام 1981 حيث قضى بها ت سنوات ، ليعود إلى أسفي كمدير لثانوية الهداية من 1988 إلى 1990 ، إذ بعد هذا التاريخ بسنتين ، سيفارق ـ رحمه الله ـ هذه الحياة ، كان ذلك بالضبط سنة 1992 حيث وافاه الأجل المحتوم ليدفن بمقبرة " الروامشة " تاركا وراءه حزنا دفينا شمل أسرته وأصدقاءه وكل من كانت له به صلة .



لقد كانت اهتماماته متعددة ، منها الترجمة من العربية إلى عدة لغات أخرى ، كان يتقنها رحمه الله ، كالفرنسية والإسبانية والإنجليزية والروسية والألمانية والعبرية والفارسية واللاتينية والإسبرانتو ، وهي لغة تتكون من كلمات وعبارات استمدها واضعها من بولونيا من مختلف اللغات الأوروبية ، وضع لها قواعد نحوية وصرفية ، إلا أنها لم يكتب لها التداول فضلا عن الانتشار ، وذلك بسبب منافسة اللغة الإنجليزية لها . كما للأستاذ الهسكوري غير قليل من الأبحاث في اللغة والآداب والعقائد والتاريخ ، وكلها ضاعت بمجرد وفاته ، إذ كان لا يبخل بالأبحاث والكتب التي كانت تزخر بها مكتبته ، أعارها بقصد الاستفادة ، لكن ـ للأسف ـ لم يكلف أحد نفسه إرجاعها خاصة بعد وفاته في وقت لم يكن يتوقع أحد وفاته .


إنها جهود جبارة قام بها الأستاذ عبد الله الهسكوري إلى جانب ثلة من رجالات أسفي المخلصين والتي ما أحوجنا اليوم أن نستحضرها وأن نبعثها في نفوسنا ، وأن نقدر هؤلاء الذين قاموا بها ، وأن نسعى كذلك إلى أن نحافظ على النتائج التي أدركناها بفضل تفانيهم في العمل ، وإخلاصهم فيه بكل صدق وأمانة ، حتى لا نعبث بهذه النتائج وباستقلال هذه الأمة وبمقوماتها . تلكم المقومات التي كافح أمثال هؤلاء الرجال من أجلها ، من أجل الثقافة ، ومن أجل الكيان ، ومن أجل هوية هذه الأمة .






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 15:23 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd