قصة قصيرة ( استدراج ) من تأليفي. * استدراج .. قصة قصيرة . ج 1 رجعَ مُتخاذلاً إلى الوراء ، تحدّث مع نفسه وهو ينظر في المرآة : ـ لماذا أصبحتُ هكذا .؟! لماذا حبستني الأيام وراء جُدران النسيان ؟ولماذا بدوتُ هكذا ، كالمجنون كثّ الشّعر..؟! حَدّق مَلياً فيما استوتْ إليه حالته وما صارتْ إليه هواجس بؤسه واحتقاره لمآلاتٍ تُشتت أفكاره وتجعل في كنهِ واقعٍ بئيس . تساءلَ واحتار واعاد نظرته في المرآة ، كأنه يتفقّد حاله: ـ لمَاذا أنا هكذا ؟ لمَاذا لا استطيع أن أزيل تلكَ الأسباب التي أرادَتْني وصيّرتني إلى هذاالحال التعيس.؟! أليس هناكَ مَخْرجاً يُفضى بي بَعيداً ..؟! عانقتهُ الرغبة في تحطيم الاسباب التي ضيّعته ، فيُزيل كُل شيء أدّى إلى تعاسته.. ويُفضي بحاله إلى حالٍ أقدر لمعالجة كُل الفراغات وسدّ الفجوات . ـ لن اجعل الآمراض تنهش عظمي ولا أن تقضّ مضجعي .لن اجعل الافكار تحبطني .! ضاقتْ حدقتا عيناه ، قررَ أن يكون على جاهزية لتغيير حالته ، فالتغيير لا بُدّ منه. سحبَ نفساً عميقاً ، انفتح الباب ، امتدّ ناظره إلى فوهته المُنفرجة .. كان أول ما أبْصرتهُ عينه فتاة شغلتْ تفكيرهُ ، وأنهكتْ جسده، وقستْ بتلاعباتها العاطفية فؤاده : ـ أنتِ من غَيّر قلبي إلى حُبّك ، أنت منْ صيّرني إلى هذا الحال ، أنتِ من صَرفني إلى هذا الحال . لم تُبدي الفتاة كلاماً بل ضلّت صامتة واستطرد : ـ أنتِ من شغلتِي تفكيري .. فهل انتِ حقاً عاصفةٍ تستدرجيني إليها. هزّ رأسه وحركته أسفاً :. ـ أنتِ من أوقعتني في براثن حِبال حُبٍّ كاذب ، أنتِ من تصَيّدتني بغمزها فانغمستُ في بحر هواها، أعوم في مشبكة غرامها ، فهمْتُ بـ لا هدْيَله . وقف وبانَ عليه الضيق : ـ تعذّب تُ ولم تشفقين عليّ ولم تكترثين بي . قالتْ بغنجٍ مؤسف ولاول مرة تنطق كلاما يجرحه كما لو كان نصل من سكين حادة يقع في قلبه: ـ أعترفُ أني أنا كما قلت عنّي .. ولكنّي أنتَ من يتحمّل مسؤولية انحرافي.! * الكاتب حمد الناصري سلطنة عُمان . 20/9/2010 |
رد: قصة قصيرة ( استدراج ) من تأليفي. *ج2 قضمَ خيارةً مَسكها بيده ،أخذَ يلوكها بِأَسْنانه .. انشغلَ بتسليك أسنانهُ المُنفرجة عن بَعْضها ، بقايا خِيارة عَلقتْ بها ، مَصَّ شفتيه مُستعذباً حلاوة الخيارةَ ، تخايلَ أيام صِباهُ وطيشه . حارتهم ذات مدخل ومخرجٍ واحد ، جبالٍ تُحيطها من زوايا ثلاثةٌ وزرقة البحرامتدادها الذي تنعكس فضّية شَمْسهُ البازغة على سطحه فتُبهجه بجمالها ، كما انها تبعث الخوف والفزع ، والقرية بمدخلها الوحيد هو مخرجها أيضاً . قال محدثاً زهراء :. ـ في القرية نكاد لا نعرف الكُرهَ ولا نعرف مَعنىً للعاطفة غيرالنقيّة وكلّ استدراجٍ فيها يُعْتبر رخيص ونقْص في صَفاء السريرة . قاطعته وكأنها نقرتْ كبده: ـ أتعني بأن ايامك مرّتْ بلا شِقْوة خالية م نكل ما يُدنّس براءتها ، لمْ تر فيها أَمْتاً ولا ضَيْقاً ولا تفاهة استدراجٍ لم يكتملْ وقْعه ولم تذهبَ إلى أَبْعد حدّ يُمكن فهمه على غير نقاوة .! ـ ..... سكتَ ولم ينبس بحرف .. وضلّ منكساً رأسه ينبش التراب بأصبعه. فقالتْ تستدرجه بحديثها كأنها تذكّره بأيامٍ جميلة تعتدّ بها : ـ كُنّا ونحن صِغاراً نلعب بالطين، نبني بيوتاً نجسّمها ، نرسمها على الطين ، ونُزاوج بين الحَجايا وكثيراًما يَضرب بعضنا بعضاً بها، ، أسنّتنا يومها بيضاء ونقيّة .ـ نعم ، كان عالماً يخلو من براثن الانحطاط ، فقد تَقوّى بفضائلٍ الأخلاقٍ وبقيَمٍ نقيّة ، فقد ترى الرجل في سَمْت وتأدّب وترى الفتاة بالغةٌ الحياء والأدب، راقية بحشمتها تسموا إلى مَعاني القِيم. قال عبدالله وهو يستذكر السِمات التي عايشها مُفرّقاً حديثة حيث أصاب: ـ يومذاك ، كُنّا لا نعرف الفواصل ، فرُكَبُنا فوق بعض ، لا فرق بيننا، اتذكّر وأنا صغيرٌ أني أسيخ السمْع وأرهف الحسّ لحكايات خالي سعيد وعمتي نَصْرى، لكنّ خالي، كان أسلوبه في الحكي مُمتع وجذّاب. سحب نفساً عميقاً: ـ إيييه ، ولمّا كبرنا أرهقتنا أنفسنا وسحرتنا الحياة الظاهرة. سكت ثم واصل حديثه : ـ أتذكّر وأنا أسترق نظراتكِ خُفية، حتّى حادتْ عن مألوفٍ حياة القرية . أتذكرين! قالتْ وهي تبتسم بخجل : ـ بحق، أنا تشككّتُ أنكَ تقصدني إذْ كنتَ تصغرني سِناً ، وملامحكَ اختلفتْ عن يومئذ ، صِرت ذئباً .! * الكاتب حمد الناصري |
رد: قصة قصيرة ( استدراج ) من تأليفي. السلام عليكم |
رد: قصة قصيرة ( استدراج ) من تأليفي. صباح سعيد ايها الملرتاح نعم , صدقني انني ارتاح كلما قرات لك ..يتجدد الحنين لقراءة نصوصك كهاذه القصة الرائعة ستظل وستبقى مبدعا ونجما ساطعا من بين نجوم منتديات الأستاذ حياك الله ياأخي وسدد خطاك |
رد: قصة قصيرة ( استدراج ) من تأليفي. شـكــرا جـزيــلا لـك..بـارك اللـــه فـيــك.. تـحــيـــاتــيــ الـعــطــــرة و دمـت بــود كـبـيـــر -***===~~~/////\\\\\~~~===***- |
الساعة الآن 02:58 |
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd