منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   سير و شخصيات (https://www.profvb.com/vb/f328.html)
-   -   “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني (https://www.profvb.com/vb/t160964.html)

express-1 2015-06-24 23:49

“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني

— 17 يونيو, 2015 إشارة: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة.
كان للنجاح في البكالوريا طعم خاص بالنسبة لي.. إحساس بامتلاك زمام الأمور في حياتي واستنشاق لأوكسجين مختلف عن أوكسجين حياة التلميذة التابعة لأمها خصوصا أنها كبرت مع فكرة أن سن الثامنة عشرة هي سن التخلص من سيطرة الأسرة وفكرة الاختيار بدلا عنك.
قررت في ذلك الصيف أن أبحث عن عمل رغبة مني في إقناع غروري الصغير أنني كبرت جدا.. كان تجاوب أبي وأمي مع رغبتي إيجابيا..
ومباشرة بعد انتهاء فترة الامتحانات اشتغلت في معرض لبيع الهدايا صاحبه سوري، عندما كان السوريون أصحاب مشاريع لا لاجئين وعابري سبيل بسب ثورات مزيفة حطمت حضارة بكاملها. استقبلني صاحب العمل بكل احترام وأصبحت أشتغل بتفان غريب وكأنني أُقنع نفسي أنني كبرت رغم قِصر قدماي اللتان خدلتاني في اجتياز امتحان المدرسة العسكرية.. والسبب هو قِصر قامتي رغم أنني كنت أحس حينها بأني أملك هامة طويلة جعلتني أستمر في عملي الصيفي، ولَمِّ الدرهم على الدرهم لشراء أشياء تبدو لي اليوم بسيطة. ربما لأن متطلباتي أصبحت أكبر وأغلى، أو ربما لأن أختي الصغرى أصبحت تتحصل على هاته المتطلبلات بسهولة بدعوى أنها من الأساسيات وليست الكماليات..
المهم أني كنت ألُمُّ الدرهم على الدرهم من أجرتي اليومية ومن إكراميات الزبناء وأستأمن ماما عليها.. كان أبي يراقب عملي ونشاطي بحب وفخر كبيرين، خصوصا أنه تعوَّد على فكرة حبي للعمل فقد كنت منذ السنة الثانية ثانوي أقدم الدعم لأبناء الحي الصغار بمقابل مادي رمزي..
كان أبي يقول لي سيتعبك السهر ويأخذك من مراجعة الدروس.. كنت أصر على أن عملي يدفعني للتعلم أكثر وأنني أسترجع معهم قواعد اللغتين العربية والفرنسية وأشجع نفسي على الدراسة في تشجيعي لهم.
بعد فترة الصيف كان من الضروري أن ألتحق بالجامعة بعدما فشلت في اجتياز أغلب مباريات الولوج للمعاهد العليا ودائما في مرحلة الامتحان الشفوي.
لا أدري هل كانت صدفة أم انعدام التجربة أم لأن أبي ليس صاحب أحدهم. دخلت الجامعة أول يوم. كنت قد تسجلت في قسم الدراسات الانجليزية برغبة من أبي لبيتها، حبا و اعترافا له بكل ما فعله من أجلنا..
كان يومي الأول غريبا فقد صادف إضراب أساتذة القسم بسبب تعنيف أحد الطلبة لأستاذ..
لم أفهم ساعتها أبعاد المشكل. كان همي منحصرا في تذكري لقاعات الدراسة الخاصة بطلبة الدراسات الإنجليزية لأن طريق القاعات كان عبر الساحة الجامعية المكتظة بالطلبة واللافتات، و لأني كنت قصيرة القامة فقد كنت أضيع وسط اللافتات وقامات المناضلين الطويلة.
بمحض الصدفة كنت دائما ألتقي طالبا في طريقي يدرس بنفس القسم، وبالصدفة أيضا كنت أسأله نفس السؤال: “الله اخليك القاعة 2″؟.. وفي كل مرة كان الطالب يرافقني ويحدثني خلال الطريق عن وضعية التعليم الكارثية…
ذات صباح دخل نفس الطالب مع مجموعة شباب إلى القاعة، أخذوا الكلمة وبدأوا يناقشون معنا نقابة الطلبة والاتحاد الوطني لطلبة المغرب وحلقية نقاش وتسطير ملف مطلبي… المهم لقد كانت كلمات غريبة بالنسبة لي، لكن فضولي وتمردي تمسكا بحقهما في معرفة ماوراء تلك الكلمات.
في الساعة الرابعة تماما كنت وسط الساحة.. طاولات كثيرة عليها صور أشخاص لا أعرفهم وكتب مخطوطة هنا وهناك.. رائحة صراعات ونظرات غريبة موزعة بين الطاولات، شباب يرتدي جاكتات مع أن الجو كان شديد الحرارة..
أشياء كانت كلها غريبة عني بيد أن فضولي ابتلعها دون هضم إلى حين يفهم ما معنى “ملف مطلبي” و”حلقية مركزية” ومن يكون أولئك الذين يملأون الساحة، ولِمَ يرتدون ملابس الشتاء في الصيف؟ ومَن هم أصحاب الصور المنتشرة فوق الطاولات؟ وما هو سر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب؟…. (يُتبع).




express-1 2015-06-24 23:50

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(2) في مهب تيارات الفصائل الطلابية – بشرى الشتواني

— 18 يونيو, 2015 إشارة: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة.
(…) استطعت أن أفهم أن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب هو نقابة طلابية وانها إطار عتيد تخرج منه مناضلون كبار ومن بينهم مَن أصبحوا وزراء حينئذ في حكومة التناوب..
عرفت أن لهذا الإطار الطلابي أربعة مبادئ لا يمكن تجاوزها، وأنه يضم فصائل سياسية شرعية وأخرى جديدة. كانت جامعة أكادير تتميز بوجود هامش الاختلاف.. كان يناضل في الساحة، فبالإضافة إلى الطلبة القاعديين الذين كانوا يسمونهم (لكَلاكَلية) كان هناك فصيل الطلبة الثوريون وكانوا يسمونهم “تروتسكيين” نسبة للقائد “ليون تروتسكي” كانوا يناضلون كلهم من أجل الثورة ويتصارعون من أجل شيء لا أعرفه.. المهم أن هدفهم واحد وهو الثورة.
كان في الساحة المقدسة شباب أمازيغ يناضلون من أجل الثقافة الأمازيغية وشباب العدل والاحسان والذين كانوا كثيري العدد.. ساعتها رغم أنهم دخلوا الجامعة بقوة الحديد والنار، كما حكى لي صديقي الذي كان دائما ينتشلني من توهاني وسط اللافتات والشعارات الكثيرة.
بدأت تستهويني أجواء النضال الذي استفز تمردي ورغبتي في التحرر من فكرة كوني امرأة تابعة لذكر و”ناقصة عقل ودين”.
تعمقت النقاشات بين رفاق البرنامج المرحلي الذين كانوا يناقشونني من منطلق قراءة الفكر والاقتناع به بأسلوب لطيف ناجح في الاستقطاب، وفي المقابل كان الرفاق الثوريون يتعاملون معي بمنطق “أنت حرة في الاختيار”…
كل هذا ونحن في وسط زخم المعركة النضالية وأجواء شهر رمضان. في تلك السنة كان عدد الملتحقين بصفوف البرنامج المرحلي كثيرون من كَلميم والنواحي ومن زاكورة.. كنا نجتمع صباحا بمقصف الكلية.. الكل يناقش وأنا أتابعهم بفضول ورغبة في التعلم، بعدها نلتحق بالحلقية المركزية ثم الاعتصام داخل عمادة كلية الآداب ابن زهر..
الطريف في الأمر، ووسط محاولات استقطابي أنا وطالبة أخرى من طرف الرفاق القاعديين، ومحاولة الثوريين التواصل معي، كانت الطالبة الأخرى أكثر شجاعة ودهاء مني، رفضت أن تُحسب على أي فصيل.. كانت كل صباح وقبل أوان الحلقية المركزية تضع حقيبتها في رواق الطلبة القاعديين ومعطفها في رواق الطلبة الثوريين معلنة بذلك أنها تريد إصلاح ذات البين وأن تجمعهم على خير بما أن عدوهم الطبقي واحد هو النظام، وهدفهم هو الثورة، فلماذا الاختلاف وأحيانا الخلاف؟ وهو الأمر الذي لم يكن عقلانا غير المجربين يستطيعان تقبله أو فهمه.. المهم أننا كنا منبهرين بكلام جديد وبحرية مضمونة داخل رحاب الجامعة..
أصدقكم القول، لقد كانوا شبابا مناضلين بكل الصدق الذي يمكن أن يستوعبه عقل شاب ما سنه ما بين 18 و23 وينحدر من بيئة قاسية وفقر مدقع. كنت أشاركهم مرات عديدة طعامهم وأمكنة سكناهم بكل حب واحترام.
كنت أستيقظ صباح كل يوم بهمة ونشاط و أتحمل ازدحام النقل الجامعي كي أحضر حصة التعبئة في المدرجات والقاعات. كنت أمشي بكل ثقة وسط شباب بقامات طويلة وألبسة شتوية في عز شهر شتنبر الأكاديري الحار، لم أكن قد عرفت السبب بعد، ولم يكن يهمني ذلك.. كل ما كان يهمني أنني كنت أحس أنني قوية بهم وأن قامتي التي حرمتني من تحقيق حلم ماما في ارتداء اللباس العسكري بدأت تطول وأنا وسط الرفاق القاعديين… (يُتبع).



express-1 2015-06-24 23:51

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(3) نحو امتلاك أساليب البوليميك.. “الله يحضر فيك السلامة”! – بشرى الشتواني

— 19 يونيو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة.
(…) كان أول كُراس قرأته يتحدث عن تاريخ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب: مؤتمراته ومقرراته، كان الرفيق المكلف بالنقاش معي طالب مجاز في الدراسات الانجليزية ينحدر من مدينة الصويرة. تحدثنا عن المؤتمرات وعن المؤتمر 15 الذي كان يرأسه عبد العزيز لمنبهي وما لهذا الاسم من وقع قوي في قلوبنا المنبهرة آنداك، حدثني عن مواقف المؤتمر وأن مقرراته هي التي يتبناها طلبة البرنامج المرحلي، ثم ناقش معي برنامج القاعديين الطلابي والمسمى “البرنامج المرحلي”..
كنت أستمع وأستوعب وأحفظ كل كلمة.. كان هدفي أن أصبح مثل أصحاب القامات الطويلة الذين يتركون أصداء أصواتهم تصدح في جنبات “الساحة المقدسة”.
جاءت عطلة العيد، أعطاني رفيقي كتاب “جورج بوليتزر” “مبادئ أولية في الفلسفة” وكتاب “ضد الظلامية” قال لي إنهما مسجلين باسمي في كتاب الرواق وأن علي أن أقرأهما في العطلة وأن أحاول تلخيصهما وبعد العطلة ستتم مناقشتهما في دردشة داخلية .. قلت له أن ظروف العيد ربما ستمنعني، فأجابني أن عيد الثوار هو الثورة وأن هذا عيد لا يصلح للكادحين..
هضمت الكلام باندفاع، دون أن أطرح أسئلة كثيرة، لم نكن نسأل عن الأشياء الغريبة أكثر مما كنا نسأل عن أشياء تساعدنا في النقاش الجماهيري. كان المهم هو أن تستطيع مناقشة الأطراف وتمتلك أساليب البوليميك، كي تخرج بعد مداخلتك الجماهيرية منتشيا وكأنك كنت تحتضن حبيبا مشتاقا إليه.
مرت عطلتي وأنا متشوقة للرجوع إلى الساحة ومناقشة ما قرأته خصوصا كتاب “ضد الظلامية” الذي أنهيت قراءته في يوم واحد وناقشته قبليا مع أختي..
كانت أمي تقول لي: “مفهمتش كتقراي بالانجليزية وكتهزي كتب بالعربية كتقرايهوم الله يحضر فيك السلامة” ثم تصرخ في وجهي أن أطفئ جهاز الكاسيط الذي كان مُشَغلَّا أبدا، محاولة مني لحفظ كل أغاني “عبيدو” كي أغنيها في اعتصاماتنا في القيدومية وذلك مثلما كان يفعل المناضلون..
عند رجوعي من العطلة كان لقائي الأول برفيق غريب لم أره من قبل، لم يكن يتكلم أبدا، لكن كان ظاهرا أنه من ضمن قيادة الفصيل آنذاك. كنت أخشى الاقتراب منه بسبب نظراته الحادة، على غرار الوجه الصارم الذي كان القاعديون يحبون رسمه على وجوههم الحقيقية، وجه يحمل علامات الكدح والعيش في الصحراء..
ثمة سبب آخر لخشيتي منه كان يتمثل في طول قامته.. وكان كلما ازداد صرامة ازدادت قامته طولا على الاقل بالنسبة لي.. كنت كلما مررت بجانب الرواق ألوح له بيدي وبكلمة “هاي” أو “باي” ويرد هو بدم بارد.. فتلك التحية لا تصلح للطلبة القاعديين، ربما لأن عقلية البداوة ما زالت ملتصقة بسلوكات الكثيرين، واختلاف التربية بين مَن عاش في مدينة سياحية كأكَادير ومَن عاش وسط هوامش بدوية قاسية، ربما لهذه الأسباب حَكَمَ على تصرفاتي..
لكن ما أثارني فيه أكثر هو تصرفه ببرودة دم معي على نحو أقرب إلى الجفاء، عكس كل الرفاق اللذين كانو يتحينون الفرصة في كل حين للتحدث معي ومناقشتي، وذلك على سبيل تشجيعي على الاستمرار معهم في أفق أن أحسم في مسألة انتمائي، وهو ما تم عشية الأيام الثقافية التي كانت بدايتي الحقيقية كقاعدية رسمية وكحبيبة لقاعدي متمكن… (يُتبع).



express-1 2015-06-24 23:52

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(4) لجنة الطبخ واليقظة والحب! – بشرى الشتواني

— 20 يونيو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة.
(…) في أول أيام الأسبوع الثقافي، وصلت للساحة الجامعية.. اندهشت وفرحت.. فرحة طفلة وجدت عزيزا لكن بنسخ عديدة. الساحة ملأى كلها برفاق قاعديين بقاماتهم الطويلة ودمهم البارد.. بملامحهم القاسية التي يرسمونها مباشرة بعد دخولهم إلى الجامعة..
طفقت آخذ من ملامحهم وأتجول وسط الساحة بثقة مناضلة قاعدية طويلة القامة والهامة في آن واحد.. كنت في كل لحظة أسترق النظر إلى رفيقي الذي كنت أخافه والذي تحول خوفي منه إلى إعجاب بشخصيته القوية جدا وبرودة دمه التي تحولت بقدرة قادر الى اهتمام زائد بي.. كنت سعيدة باهتمامه وفخورة بتواجدي إلى جنبه طيلة اليوم وكأنني كنت أريد أن أقول للجميع أن هذا القاعدي المتمكن يعجبني وأعجبه..
طبعا لم يكن معيار الجمال عند الطلبة القاعديين هو أحمر الشفاه ولا لباس مثير أو حتى ملامح جميلة، بل مدى قدرتك على النقاش وقتاليتك في الساحة..
فهمت الدرس جيدا واندمجت وسط قامات الرفاق من المواقع الجامعية..
أذكر جيدا اليوم الرابع من الأسبوع الثقافي.. تم تكليفي يومها بمهمة الطبخ أنا ورفيقي المعجب.. ثم كان يوم نقاش في موضوع “الوضع السياسي الراهن ومهام الحركة الطلابية” كانت المداخلة المركزية من نصيب أحد ذوي القامات الطويلة جدا جدا.. كان قادما آنذاك من مدينة فاس ومحاطا بهالة و”كاريزم” غير عاديين.. الكل كان ينتظر نقاشه بل حضوره إلى الساحة وكأنه سيضفي على قدسيتها هالة خاصة..
كان الرفاق يحذروننا من إكثار الكلام معه.. لم نكن نفهم ما وراء تلك الهالة، لكن في سنة 2005 فهمنا أنها هالة كانت تؤسس لبروز تيار قاده هو ومجموعة من مراكش سموه “تيار الماويين”.
في المنزل الذي كنا سنجهز فيه وجبة الغداء والتي كانت عبارة عن فاصولياء (لوبيا) اشترى رفيقي كل مستلزمات التحضير ومعها قطعة شكولاطة لي فرحت بها وتمنيت لو كانت غير قابلة للذوبان كي أحتفظ بها، لكنني أكلتها وذابت في عروقي حبا لذلك القاعدي الذي لا يبتسم..
قال لي سأنام قليلا واعذريني إن لم استطع مساعدتك.. حضَّرت كل شيء ونظفت الغرف كلها وأنا أتخيل أشياء كثيرة أغلبها تحقق.. فقد قلت ماذا لو تزوجت هذا القوي الذي لا يضحك وعشنا حياتنا نتقاسم لجنة الطبخ واليقظة والحب أيضا..
وصلت ساعة الحلقية المركزية ومداخلة الرفيق الأسطوري.. أخدت كرسيا وجلست في أول الصف قررت أن أركز كي أفهم الوضع السياسي الراهن آنذاك، ومهام الحركة الطلابية..
مرت أكثر من ثلاث ساعات وأنا جامدة في مكاني.. لم أفهم أي شيء من النقاش ولا نقاط النظام التي كانت مسطرة قبلا.. حلت الساعة الثامنة مساء.. رُفع الشكل النضالي وأنا ما زلت لم أفهم شيئا من مهام الحركة والوضع السياسي. فكرة واحدة كانت يدور في رأسي هي كيف سأصل إلى منزلنا والنقل الجامعي انتهت ساعة عمله وآخر دراهمي دخن بثمنها الرفاق..
تطوع رفيقي الذي لا يضحك بإيصالي إلى البيت.. استقلينا الطاكسي سوية.. ابتسم وهو يركب إلى جانبي.. لأول مرة كنت أرى وجهه الحقيقي وليس وجه القاعدي المتمكن.. تحدثنا عن طعم الغذاء اللذيذ وعن جديتي وسط الرفاق وعن أشياء كثيرة باستثناء الوضع السياسي ومهام الحركة..
في اليوم الثاني كان النقاش حول موضوع “القوى الظلامية” وبما أنني كنت قرأت كتاب “ضد الظلامية” فقد كان اليوم يومي كي أظهر فيه كل ما قرأته.. كنت أنصت للمتدخل بإمعان شديد وأطلب نقطة نظام، أخرج من الحلقية التي تكون قد امتلأت عن آخرها بمجرد سماع صوت أنثوي، وكلما كان يقل عدد الواقفين في الحلقية، يطلب مني أحد الرفاق أن أتدخل أنا ورفيقتي الثانية التي كانت متخصصة في نقاش نوال السعداوي.
قبل النقاش بساعة حاولت الإنفلات من زحام النقاش وسط الرفاق كي لا يفوتني النقل الجامعي، لكن عيون رفيقي كانت تلاحقني، طلب مني أن أنتظر لأننا كنا سنخرج في مسيرة إلى ساحة الشهيدة “سعيدة لمنبهي” قلت له أن النقل سيفوتني وأني لا أملك ثمن التاكسي.
لم يتردد في تقديم مساعدة جعلها تمر عبر تعبير جدي.. قائلا بابتسامة محسوبة إنه سيوصلني إلى المنزل.. كنا وسط الساحة.. قلت له مبتسمة أنني سأكون سعيدة بمرافقته..
أحسست أن قامتي ازدادت طولا وأنا أستمع لتشجيعه لي بمواصلة القراءة والنقاش الجماهيري وثنائه علي من كوني أملك من المؤهلات ما سيجعلني اكون مناضلة جماهيرية قوية.
أكملنا يومئذ بالكثير من الانتشاء النضالي والسياسي.. بالنسبة لي كان الانتشاء العاطفي سيد الانتشاءات، فقد أوصلني رفيقي إلى البيت، في الطريق، وكلما وصلنا طريقا مزدحما بالسيارات كان يمسك بيدي لنعبر سويا، لم نكن نعرف حينها أن طريقنا تلك متشابكي اليدين ستطول لتستمر ثلاثة عشر سنة… (يُتبع).




express-1 2015-06-24 23:53

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(5) صراعات الحب بين الرفاق والرفيقات – بشرى الشتواني

— 21 يونيو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة.
(…) جاءت عطلة عيد الأضحى بسرعة لم أكن أتوقعها، خصوصا أنني كنت ما زلت منتشية بنجاح الأيام الثقافية، ومن استمرار التجاذب العاطفي مع رفيقي القيادي، سيما أنه هو الذي كان مكلفا بأغلب المهمات الصعبة للأيام الثقافية.. وهذا ماكان يزيد من إعجابي به وفخري بإعجابه بي وكأنني كنت أستمد إطالة قامتي من طول قامته.
قبل أن أودع الرفاق كنت أتوقع أن يمدوني بكتاب لأقرأه كما فعلوا معي في عطلة عيد الفطر، لكنهم لم يفعلوا.. فكنت أنا مَن طلبت أي شيء لأقرأه، لأنهم علموني أن العيد الحقيقي هو عيد الثورة، لكن اهتمامهم بهذا العيد بدا لي غريبا.. الكل يستعد حتى إنهم لم يقولوا لي إن عيدنا هو يوم نجر مغتالي رفاقنا إلى مقصلة الشعب..
لم أهتم رغم استغرابي، كل ما كان يهمني هو أن أشتغل على نفسي كي أصير جميلة بمعايير الرفاق القاعديين، وأن أنجح في أن أكون مناضلة تقاتل في الساحة بدون تعب.
أخدت ثلاثة كتب هي “ألف باء الشيوعية” و”البيان الشيوعي” و”مذكرات حول تحرر النساء” ل”ألكسندرا كلونتاين”.. ودعت رفيقي في محطة الحافلات وذهبت لبُدء مشوار التكوين والاستعداد للانتقال من فتاة قصيرة القامة متمردة، مع الكثير من الخوف، إلى قاعدية لا تخاف في قول كلام الثورة لومة لائم، كنت في كل جملة أقرأها، أزداد إصرارا على القبض على الجمر واندفاعا نحو طريق الثورة ظنا مني أنها قريبة.
كان عيد الأضحى صبيحة يوم الاثنين، كلمني رفيقي ليعايدني، رغم أن عيد الثوار لم يكن هو عيد الأضحى، لكنني تقبلت معايدته بدون إبداء ملاحظات، المهم أنه وجد مبررا ليهاتفني.. تحدثنا على أساس أننا سنلتقي بعد أسبوع.. لكنني تلقيت مكالمة منه بعد يومين، صبيحة الاربعاء ليقول لي: “بغيت نشوفك”..
فرحت لدرجة أني قلت له: “نشوفك دابا”.. تركت كل طقوس العيد وخرجت لملاقاته، وأنا في طريقي إليه، قررت أن أعترف له بكل تلك المشاعر المتمردة وأن أحسم الأمر لصالحي، دون باقي المعجبات، وفعلا ذاك ما حصل، فبعد عناق طويل وأسئلة عن الحال والأحوال قلت له:
– “أنا أحبك”.. هكذا دون مقدمات، وأضفت: “أريد أن ألتزم في علاقة معك ما رأيك؟”.. قال:
– وأنا أحبك جدا ولكن أنتِ أكثر جرأة لذا أنتِ تستحقين أن تكوني رفيقة قاعدية” مستطردا: “الفرق بيني وبينك أنك تقدمية بالفطرة، وأنا ابن البادية ما زلت لم أتخلص من الرواسب البدوية”..
كان يخجل أن يناديني باسمي حتى حينما نكون وحدنا نتحدث بحب. لكن التزامه معي وصدق مشاعره جعلاني أستمر في المضي نحو بناء علاقة رفاقية مثالية.
التحق الرفاق بعد عطلة العيد، كنت سعيدة بعلاقتي وبوضعي الجديد كرفيقة يُعول عليها نضاليا وتنظيميا. هكذا أحسست ساعتها ، لكن ما لم أفهمه هو التفاف بعض الرفاق الزائد حوليـ لم أفهم إلا بعد مكالمة من أحد الرفاق (هو الآن ميت كان اسمه اعراب وكان طيبا جدا) قال فيها إن الرفاق يريدونني في أمر ضروري..
قلتُ له أنني أوجد في قاعة الدرس بالمركز الأمريكي للغة الانجليزية ولا يمكنني الخروج. قال: “ضروري آ الرفيقة”.. استأذنت من الأستادة وغادرت. التحقت بهم في غرفة كانوا يكترونها لأفاجأ بوجود بعدد كبير من الرفاق منهم مَن لم أره من قبل.
ماذا يجري؟ ولِمَ كل هذا؟ جلسوا يناقشون حسب مجموعات.. وبدأ يظهر لي أن كل مجموعة تدافع عن رأي حول الموقف من المرأة ومن العلاقة الرفاقية، لم أفهم بعد ما حصل.. سألت أحد الرفاق المُقربين كان أقرب لرفيقي الحبيب.. كان رفيقا من القياديين الذين يسكنون مع رفيقي الحبيب، هو أول مَن بارك علاقتنا عكس رفيقته التي كانت تحذرني منه وتقول لي إنه معقد ولن أرتاح معه..
في الحقيقة لم أكن أرتاح لها هي بالذات نظرا لكمِّ الحقد الذي كانت تكنه للكثير من الرفاق.. المهم أن الرفيق الذي سألته لم يجبني. تركني أرسم الكثير من علامات الاستفهام في خيالي.. رفيقي الحبيب كان يجلس في أقصى الغرفة محاطا بعدد من الرفاق وكأنه متهم حتى قبل إدانته..
فهمت حينها أنهم يناقشون علاقتنا، هل تجوز أم لا تحوز؟ كما كان أحد الرفاق، وهو بالمناسبة ذلك الرفيق الذي كان ينتشلني من توهاني وسط اللافتات قد تقدم بملتمس للرفاق ضمَّنه أنه الأحق برفقتي لأنه هو الذي استقدمني للتوجه وأول من ناقش معي وأن هذا يعطيه حق الارتباط بي، سانده في طرحه رفاق منطقة هوارة التي ينتمي إليها ثم التحق به رفاق محاميد الغزلان الذين كانوا يتحينون أي خطأ من رفيقي الحبيب..
لم يستمعوا إلي. انتظروا حتى أكملوا مرافعاتهم ثم أعطوني الكلمة، أنا التي كنت بالكاد انتهيت من قراءة كتاب “محاضرات حول تحرر النساء” قلت لهم: “أنا لست مِلكا للتوجه وعلاقتي إنسانية وهي لا تعنيكم” وخرجت.
فهمت في اليوم الموالي من رفيقي الحبيب، الذي كان متذمرا، أنهم أنهوا لقاءهم بالتصويت حول مَن مع علاقتنا ومَن ضدها وأن التصويت انتهى ب”ضدها” بفارق صوت واحد، وأن هذا هو دور الديموقراطية..
صرخت في وجهه وكأنني أقول له أن قامتي صارت أطول من قامته، وذلك بقوة الحب وصدقه، وأنني أرفض ديمقراطيتهم تلك وأن قرارهم لا يعنيني وأن الساحة مِلك للطلبة والحب مِلك لي ولك.. قال لي:
– “هل ستصمدين في وجوههم؟” قلت:
– “نعم أنا قاعدية حقيقية”.
احتضنني وبكينا طويلا ثم تعانقنا.. ونحن على ذلك الحال، جاء رفيقان ليوثقا تمردنا على قرارهم.. قالا لنا أحبا بعضكم و لا تباليا سينسى الجميع ذلك الاجتماع الغبي وستنتصران.
كنا نستعد للامتحان سوية دون مشاكل، نتقاسم وجبة غدائي وبعض الدراهم وننتشي بحبنا المنتصر، لولا إزعاج إحدى الرفيقات التي كانت مغرمة هي الأخرى برفيقي، في حين أن باقي الرفاق كانوا مغرمين بها وبالتالي أدخلتنا في دوامة أخرى من جديد: مَن يحق بمن ومَن من حقه حبها؟
تم نقل موضوع “أحقية الحب” إلى المستوى السياسي، وتم حَبْكُ مؤامرات باسم السياسة ولصالح صراعات الحب… (يُتبع).



express-1 2015-06-24 23:54

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(6) قصة حب شيوعية – بشرى الشتواني

— 22 يونيو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) مرت أيام التحضير للامتحان تحت إيقاع “ضحك وجد ولعب وحب” كنا نتخذ من حديقة عمومية بجانب الكورنيش ركنا هادئا للمذاكرة والضحك والنظر إلى مستقبل حب شيوعي صادق..
كان في كل درس يراجعه يعاهدني أنه لن يطيل فترة علاقتنا، وأنه سيبرهن للجميع أن علاقتنا هي المثالية على الإطلاق، وأنا بدوري كنت أعاهده أنني سأكون تلك الرفيقة التي يحلم بها. كان يقول لي: أوصيك بالتوجه خيرا فأنا متأكد أنك ستكونين مناضلة صلبة..
كان هذا كل كلامنا حتى ونحن في قمة انتشائنا العاطفي.
في ذلك اليوم (29/04/2003) حل يوم عيد ميلادي. اختار له رفيقي الحبيب أن يكون يوما مميزا عن باقي الأيام، فأهداني ساعة يد فضية كان قد وجدها مرمية على شاطئ البحر، وكانت فعلا من النوع الغالي الثمن، وأكلة سمك لذيذة وفسحة على كورنيش أكَادير..
كنت أحس بنفسي طويلة جدا وجميلة جدا، وكأنني عارضة أزياء برازيلية تتمشى على كورنيش أكادير.
جاء عيد العمال فقلت له أنني لن أستطيع الإفلات من قبضة أمي لأشارك في الاحتفالات، ودعته على أمل أن أراه في اليوم ثاني ماي.
كان ذلك اليوم، الثاني من ماي سنة 2003، غير عادي، اتصل بي رفيقي الحبيب في الساعة السابعة صباحا، التحقت به في مقهى قرب حي المسيرة لأجده في حالة يرثى لها، وعلى جسمه علامات الضرب، وبالكاد كان يستطيع التنفس..
صرخت: “آش هادشي شكون لي دار فيك هاد الحالة؟ رفاقك؟ آويلي مالهوم جهلو؟ علاش؟ ياك كنتو فالمسيرة البارح كاملين؟”.
أجابني: “آه ملي جينا تغديت ونعست معقلت حتى دخلو عليا وداوني لداك لخلا لي حدا لبرارك، قالو ليك بغاو يحاسبوني؟ وعلاش. قالو راه كليت ليهم فلوس الاسبوع/شوفي هذا كارني فيه كلشي المصاريف بالضبط متعطيه لحد حتى لنهار التقييم واعطيه ليهم راه فيه كلشي، أنا ميمكنش نخون التوجه”..
قلتُ له: “عارفة عارفة غير وريني بعدا هاد الحالة يلاه لسبيطار ويحن الله”.
توجهنا نحو أقرب مستوصف، عاينوا حالته وطببوا جراحه، كنت أغالب دمعي وهو يتألم ويقول لي: “متحقديش آبشرى على الرفاق استمري فالنضال هادو أمراض كيفوتو مع الوقت راه ماشي هذا هو التوجه ولا هكا هوما القاعديين”..
قالت الممرضة أنه يجب إجراء فحص دقيق لصدره، فربما حدث به تشقق لأنه يتألم مع كل طلوع نفس أو نزوله.
لم يكن لدينا ما يكفي من المال، ثم إنه لم يبق لديه مكان ينام فيه، فاضطر أن يذهب عند خاله في حي بعيد عن محيط الجامعة (على فكرة وللأمانة التاريخية مفكرة حسابات ذلك الأسبوع الثقافي ما زالت معي ورفيقي الحبيب ما زال بحوزته درهم من حق الرفاق اشترى لي به قطعة الشوكلاطة يوم العمل في لجنة الطبخ خلال اليام الثقافية).
سألته: “كيفاش مغاديش تدوز غدا؟” أجابني: “لا، للأسف مبغيتش ندخل معاهوم فصراع” قلتُ: “مشكلة وشنو دبا؟” قال: “سيري تدوزي الإمتحانات أنا كل نهار نجي عندك ومتحقديش على الرفاق راه رفاقنا هادوك انا هكا خاصني نمشي نخدم باش نتزوجوا”..
كان كلامه يطمئنني ويحثني على مواصلة المشوار، لأثبت لأصحاب العقول المريضة، أن علاقتنا تحفزني على الاستمرار وليس العكس..
مرت أيام الامتحانات وهو دائما معي يدعمني ويمدني بشحنات الحب للاستمرار، كانت ملامحه الحقيقية أجمل من ملامح الوجه القاعدي الذي كان يرسمه في الجامعة، وكان خجله أجمل ما فيه على الإطلاق.
عند نهاية السنة الدراسية ودعته على أمل لقياه بعد العطلة، لكن حصل لي حادث عجل بمجيئه، فقد تعرضت لاحتراق في وجهي بسبب فرن الغاز. كانت حروق من الدرجة الثانية.
أخبرته أختي الكبيرة عبر الهاتف ليلا، وفي صباح اليوم الموالي كان في مدخل حينا، وافقت أمي على استقباله، وفعلا جاء لزيارتي، واساني ورجع إلى مدينته البعيدة، وبقيت أتواصل معه عبر الهاتف الرسائل..
كان همي في ذلك الصيف، أن أرجع إلى الجامعة وأنا متمكنة من نقاش كل شيء، وأن أعطي للرفاق صورة غير التي كانوا يظنونها أي عن علاقة الحب التي لا تفسد النضال… (يُتبع).




express-1 2015-06-24 23:55

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(7) حَلَقِيَاتُ النقاش و”المناتفة” بين الرفيقات! – بشرى الشتواني

— 23 يونيو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) مرت عطلة الصيف بكل الرتابة الممكن تصورها، خصوصا وقد كنت ممنوعة من الخروج بسبب الحروق التي في وجهي، لكن ذلك ساعدني على قراءة مجموعة من الكتب التي استمرت معي أقكارها لحدود الساعة..
كنت أطالع وأناقش بصوت مرتفع لساعات طويلة، استعدادا للنقاشات الجماهيرية في الجامعة، مع أني لم أكن أتوقع أن عامي الثاني في الجامعة سيكون مختلفا تماما عن عامي الأول.
كانت بداية العام الجامعي مبكرة خصوصا وأنها السنة الأولى لتنزيل الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
التحقت أنا ورفيقة من “آيت ملول” كانت تدرس بشعبة الأدب العربي ورفيق من “بويزاكارن” هو أيضا كان يدرس بنفس الشعبة، اتفقنا أن نبدأ حملة تعبئة لمعركة ضد تنزيل الميثاق. كنا ننجز حلقات نقاش القراءة النقدية لنص الميثاق الخاص بالطلبة القاعدين والذي كان عنوانه “ميثاق وطني للتربية والتكوين أم مخطط طبقي للتركيع والتبضيع”؟.
بعد مدة التحق باقي الرفاق وبدأت المعركة بشكل فعلي، كنا نلتحق بالجامعة كل يوم ابتداء من الساعة الثامنة صباحا ولا نخرج منها إلا بعد السابعة مساء.. كان يومنا يتوزع بين التعبئة في المدرجات والقاعات وحلقيات النقاش.
والتحق بنا الطلبة الثوريون بعدما لاحظوا تعاطف الطلبة مع المعركة. ساعتها بدأ الصراع السياسي حول مَن يقود المعركة سياسيا؟ وبدأ تنزيل ماتعلمته من أساليب البوليميك، وما قرأته في كتب الرفاق ابتداء من تايرخ الحركة الطلابية إلى “ما العمل”؟ مرورا بكراس القراءة النقدية للميثاق.
كنا في حلقياتنا نناقش المعركة انطلاقا من مرجعيتنا الماركسية اللينينة، ومن برنامجنا السياسي الخاص بالحركة الطلابية “البرنامج المرحلي” ثم نؤطرها بشعار المجانية أو الاستشهاد.
كانت نِقاط البرنامج المرحلي الثلاث هي خارطة الطريق لإنجاح المعركة وهمتنا ثم قتاليتنا في الساحة، هي مضخة الدفع لتحقيق ملفنا المطلبي والذي كان أهم مطلب فيه هو إسقاط النقطة المجيبة للسقوط والتي كانت جوهر الميثاق، أو هكذا كنت أفهمها لأنها كانت مبرر تفعيل بند الطرد.
كانت اعتصاماتنا تمر في جو رفاقي رائع، رغم صراعنا السياسي مع خصمنا الوحيد في الساحة ساعتها وهم الطلبة الثوريون، إلا أن تقررت حلقية مركزية لتسطير الملف المطلبي. بعد ساعات الأخذ والرد وارتفاع السقف السياسي للمعركة، تحفَّظ الرفاق الثوريون على المعركة تحت ذريعة أنها معركة أكبر من الحركة الطلابية، وأن النضال ضد الميثاق يحتاج إلى جبهة قوية ومناضلة.
قررنا كفصيل ساعتها تحمل المسؤولية السياسية للمعركة، والاستمرار حتى تحقيق المطالب العادلة والمشروعة، وكان رفاقنا في باقي المواقع الجامعية بقودون معارك مماثلة. لن أنسى أبدا كلام أحد الرفاق، كنا نلقبه بالوحش حيث جاء في آخر مداخلته من داخل الحلقية التقريرية: “سنتحمل المسؤولية السياسية لمعركة الميثاق، ولو تطلب الأمر استشهادنا، ليس غريبا عن فصيل قدم قافلة من الشهداء وما زالت اللائحة طويلة أن يسترخص دماءه في سبيل مجانية التعليم، سنناضل من أجل حق أبناء الشعب الفقراء في تعليم شعبي ديموقراطي علمي وموحد”..
كنت أحمل شارة النصر وقدماي اللتين أصبحتا طويلتين تلتصقان بالأرض، استعدادا لاقتراب ساعة الحسم، فإما نحن أو الخوصصة.
كنا نخرج كل يوم في مسيرات نحو القيدومية، نعتصم هناك وبعدها نعقد حلقية نقاش في ساحة الشهيدة “سعيدة لمنبهي” وهكذا دواليك من يوم 01/10/2003 إلى يوم 05/01/2004 يوم اعتقالنا.
بين كل هذه الأحداث وذاك الزخم النضالي، كانت علاقاتنا الرفاقية تنضج وتتوطد، خصوصا وقد كنا نتقاسم كل شيء وجباتنا الفقيرة وحبنا للوطن الغني بالتضحية والصدق.. كنا ندافع عن بعضنا البعض ونناقش كل شيء حتى شكلنا ونحن نتصارع فكريا مع رفاقنا الثوريين..
أتذكر جيدا رفيقتي طالبة الأدب العربي، والتي بالمناسبة كانت لا تقل قتالية عني، بل في مرات كانت تتجاوزني، ما زلت أتذكرها وهي تمسك بشعر إحدى الطالبات الثوريات، والأخرى تمسك بشعر رفيقتي في منظر مثير للضحك، أكثر من أي إحساس آخر، كانتا تتعاركان والرفاق الثوريون يحاولون إبعاد رفيقتهم عن شعر رفيقتنا، بينما رفاقنا كانوا يبعدون رفيقتنا عن شعر الطالبة الثورية..
كنت أنا آخر الملتحقين بحكم أني كنت في قاعة شعبة الدراسات الإنجليزية، أقوم بالتعبئة، استغربت من منظر العنف ذاك، ولما سألت رفيقتي عن السبب قالت وهي تصرخ: “ديك المايعة كانت كتبعكك على الرفيق (ب) وهو كان يناقش معاها بكل نضج ولكن وريتها القاعديات علاش قادات”!
لم أناقشها لأني كنت أعرف درجة اندفاعها، وكان يمكن أن أكون أنا المستهدفة رقم إثنين، وبما أنني كنت أكثر واحدة مسالمة انسحبت وأنا أضحك من سخرية الموقف.
في الفترة الزوالية افتتح الطلبة الثوريون دردشة لنقاش الحدث الأعظم، أو بالأحرى جعلوه كذلك، لأن زخم المعركة تجازهم، ولأن الطلبة التفوا حول المعركة وحول الطلبة القاعديين كقادة سياسيين للمعركة، قررنا أن لا نتعامل برد فعل وأن يتدخل أحد الرفاق في دردشتهم ليعطي موقفنا مما حصل، كان تدخلا ناضجا من رفيق ناضج قال إن همنا المعركة وأن ما وقع تصرف غير مسؤول من الرفيقة يلزمها وحدها، لنستمر في معركتنا التارخية.
وسط كل ذلك كنت كل يوم أنتظر مكاملة رفيقي الحبيب الذي كان قد سافر للاشتغال في الرباط كسائق شاحنة، كان يكلمني ويشجعني ويحثني على قراءة الكتب والنضال بقتالية وكأنه يقول لي إن مواصفات زوجته المستقبلية هي أن تكون مناضلة قوية عكس المواصفات النمطية الأخرى، كان يقول لي اصبري على فراقي صغيرتي أنا هنا لأبني نفسي وأعود مستعدا لترسيم علاقتنا وأنت هناك لتحافظي على حق أبنائنا في تعليم مجاني يليق بهم وبنا… (يُتبع).




express-1 2015-06-24 23:56

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(8) جاسوس بيننا.. هرج ومرج واعتقالات – بشرى الشتواني

— 24 يونيو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) لم أتذكر أننا طالبنا بيوم راحة، كنا كل يوم نزداد إصرارا على مواصلة النضال من أجل تحصين مجانية التعليم، كنا نبقى اليوم كله في الجامعة وأياما كثيرة بدون أكل، فقط لضمان تعبئة واسعة، إما من أجل حلقية أو اعتصام أو وقفة.
كانت من أهم محطات معركة الميثاق يوم ضبطنا أحد الجواسيس وسط المدرج ونحن نناقش صيغة معركة طلبة السنة الرابعة جغرافيا الذين حُرموا من مادة الاعلاميات التكميلة، كان الجاسوس يدون كل ما يقوله الطلبة. والذي حدث أن إحدى الرفيقات انتبهت له وهو يدون كل شيء، اقتربت منه وسألته: “ماذا تكتب؟ فأجابها بأنه يدون ما يقوله الطلبة كي لا ينساه.. سألته هل هو طالب بالشعبة؟ أجابها بالإيجاب..
ولأننا كنا نعرف كل الطلبة فقد شكَّت في أمره، انتزعت منه حقيبته لتكتشف عددا كبيرا من التقارير باليوم والساعة وعددا كبيرا من شرائح الهاتف النقال، مع العلم أن الشريحة الواحدة في ذلك الوقت كانت بثمن 100 درهم، ثم وجدنا بحوزته بطائق بكل شُعب الكلية..
تجمهر الطلبة حول حلقية المحاكمة، كنا نحاول حماية الجاسوس بكل الوسائل لأن الطلبة كانوا يريدون ضربه، ولو أعطاه كل طالب ضربة فسيموت قبل أن يكتمل العدد.
كان الرفيق الملقب ب”الوحش” هو مَن تكلف بتسيير حلقية المحاكمة الجماهيرية، وبدأت الأسئلة.. كل الطلبة نصبوا أنفسهم قضاة.. الكل يسأل: مَن وكيف ومتى وماذا….؟ أسئلة كثيرة جدا مُشبعة بالكثير من الحقد، كنا نحن باقي الرفاق نشكل سلسلة وسط الحلقية تحمي الجاسوس وتمنع الطلبة من الانقضاض عليه.
بعد بداية الحلقية بنصف ساعة تقريبا التحق الطلبة الصحراويون بشكل منظم بعد دخولهم للكلية، وتم إنزال عدد هائل من قوات القمع أمام مدخل الكلية أما “الأواكس” (حرس الجامعة) فقد لزموا مكتبهم ولم يجرأو ا على الاقتراب، تدخل ممثل الطلبة الصحراويين وطلب من الرفاق تسليمهم الجاسوس كي يحتجزوه ويستنطقوه.
كان الرفاق أكثر حكمة رفضوا الملتمس، بل أخد الرفيق “الوحش” يصرخ: “نحن من يتحمل المسؤولية السياسية كطلبة قاعديين سنحاكمه محاكمة جماهرية وفق أعراف أوطم”..
وفعلا ذلك ما كان، ومقترح أو تخريجة “حلقية المحاكمة” كان مفاده أن نعلق على صدره يافطة مكتوب عليها عبارة “بوليسي حمار مهمته التجسس على الطلبة” وأن يتقدم مسيرة تنديدية تجوب الكليات.. وهو ما تم تنفيذه..
في نهاية المسيرة استقدم أحد الرفاق سيارة أجرة وانتشلناه من وسط عاصفة ضرب الطلبة وركلاتهم ورميناه وسط السيارة ككومة عظام، كل ذلك كان يتم والإنزال القمعي يطوق محيط الجامعة ويتفرج على واحد من كلابه وهو ُيحاكم محاكمة جماهيرية.
كان اليوم الموالي يوما للاعتصام في مقر رئاسة الجامعة، وقد كان مقررا أن لا نتحرك إلا بعد حوار مع رئيس الجامعة، وفعلا في اليوم الموالي تشكلت لجنة الحوار كنت واحدة من أعضائها.
دخلنا مكتب رئيس الجامعة محفوفين بأصوات الشعارات وتحيات النصر وكأننا كنا موجودين في الحدود بين رفح والضفة الغربية..
دام الحوار ساعات طويلة استطعنا خلالها انتزاع وعود بإلغاء النقطة المجيبة للسقوط وإيقاف مهزلة الحضور الايجابي والمراقبة المستمرة، لكن مطلب تأجيل الامتحان تم رفضه رفضا باتا، وهنا كان النقاش: هل سنقاطع الامتحانات أم نجتازها؟
اجتمعنا ثانية لنقرر، كانت كل حلقية من حلقياتنا تستقطب أكثر عدد من الطلبة وخصوصا الحلقيات التقريرية، خرجنا بقرار المقاطعة والاستمرار في المجابهة وهكذا قرر رفاقنا وطنيا دون أدنى تنسيق بيننا.
ذهبنا لقضاء عطلة رأس السنة الميلادية وبعدها العودة للامتحانات يوم 05/01/2004 يوم طغى عليه جو الترقب ورائحة القمع كانت تعم أرجاء الجامعة، التحقت في الساعة 10 وجدت الرفاق مستعدين لمقاطعة الامتحانات، قمنا بمسيرة جابت الكلية..
كل القاعات خرجت للمقاطعة ما عدا مدرج التاريخ، لم يرد مَن كانوا فيه الخروج.. كان أفراد جهاز “الأواكس” بلباسهم الأزرق موجودين.. ورأيتُ لأول مرة الأصفاد في جيوبهم..
أخدنا نردد الشعارت.. وفجأة بدأت حصة الجري.. الكل يجري.. ومَن سقط كان نهبا لأقدام تركض..
كان الخطأ الذي ارتكبه الرفاق هو عبورهم إلى خارج مقر الكلية، ومن تم بداية المواجهات.. كان أفراد البوليس يريدون اقتحام مقر الكلية، لكن قيدوم الكلية ساعتها رفض ذلك خرج إلى الساحة وهو يصرخ: “لن تدخلوا إلا على جثتي لن أعطي الأمر بدخولكم”.
تم اعتقال أحد الطلبة داخل مكتب “الأواكس” فقررنا أن نبقى أمام باب الكلية إلى أن يطلقوا سراحه أو يعتقولوننا كلنا، وكان لنا ما طلبنا.
بعد بدء اعتصامنا بأقل من ربع ساعة تدخل أفراد “السيمي” بسرعة لم أفهمها.. هربنا جميعا، ولأني كنت ساذجة فقد ركبت الحافلة ليتم اعتقالي أنا ورفيقة من “آيت ملول” والرفيق الملقب ب”الوحش”… (يُتبع).



express-1 2015-06-25 00:12

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...5159172892.jpg
محمد نبيل: رٍٍفقا ب”بشرى الشتواني”!

— 24 يونيو, 2015
استجاب المخرج السينمائي والصحافي المغربي “محمد نبيل” المقيم في ألمانيا، لنقاش دائر في موقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك” حول أمر التهديدات اللفظية الشفهية والمكتوبة التي تتوصل بها الزميلة “بشرى الشتواني” بموازاة مع نشرها لحلقات “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” في موقع “أخبركم”.. استجاب الصديق المذكور بكلمات راقية قل نظيرها في هذا الزمن الأغبر تعبيرا منه عن تضامنه مع الزميلة “بشرى الشتواني” نعيد نشرها هنا..
يزداد استغرابي كل يوم، فتزداد غربتي واغترابي، وأسال نفسي: إلى أين يسير المغرب؟ وكما قال الشاعر الكبير نزار قباني، “يوجعني أن أسمع الأنباء في الصباح، يوجعني.. أن أسمع النباح”.

الكلام عن المرأة بلغة الوصم أو إعادة تكرار ذلك، يعبر بجلاء عما يقع داخل البنية المجتمعية المغربية. فولتير يعلمنا إن الاختلاف حق والدفاع عنه واجب، أما كارل ماركس، فيوجهنا إلى “أن وضع المرأة في مجتمع ما، هو مقياس لمعرفة مستوى هذا المجتمع “.

أن تكتب شابة مذكراتها وتجاربها في فصيل طلابي، يعني أن لها كل الحق في ذلك.. كما أن التجربة التي تتحدث عنها تظل واحدة من تجارب القاعديين بمختلف ألوانهم.. المرأة ككائن يعطينا الحياة بل هي الحياة، يمنعنا أكثر فأكثر من توظيف ألفاظ قدحية أو كلاما سوقيا في حقها.

النقاش يجب أن يكون مع أفكارها وليس معها كشخص. شخصنة الحوارات مرض وظاهرة توحي بالضياع والهروب والفشل. أليست العقول ثلاثة أنواع أو مستويات كما يقول جبران خليل جبران: “عقول كبيرة تناقش الافكار وأخرى متوسطة تناقش الأحداث وصغيرة تناقش أحوال الناس “.
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...ni-300x277.jpgبشرى الشتواني



أما الحقيقة فهي إشكالية فلسفية كبيرة عرفها تاريخ البشرية. الحقيقة نسبية وتظل كذلك، لأن مَن ينتجها هو الإنسان الذي يكتشف نقصه كل يوم، كما يقول ديكارت في تأملاته الميتافيزيقية. الحقيقة تختلف معاييرها والطرق المؤدية إليها.. الحقيقة رهان إنساني وصراع الإنسان فوق الأرض.

إن الحديث بلغة ساقطة، بمعنى الرداءة في حق صحيفة “أخبركم ” وصاحبها الزميل مصطفى حيران، هو سلوك منحط وينم عن ثقافة الجهل والجهالة، واختزال ضيق لكل شيء في ما تحت السرة. إنه تعبير واضح المعالم عن المكبوت المجتمعي. هذا الواقع المرير هو ما دفع الشاعر نزار قباني في هوامش على دفتر النكسة إلى القول:

“يا أصدقائي:
جربوا أن تقرأوا كتاب..
أن تكتبوا كتاب
أن تزرعوا الحروف، والرمان، والأعناب
أن تبحروا إلى بلاد الثلج والضباب
فالناس يجهلونكم.. في خارج السرداب
الناس يحسبونكم نوعاً من الذئاب…”

عندما أطالع “العبارات الموظفة” في حق امرأة قررت البوح بشكل أو بآخر ..(أليست الكتابة بمثابة علاج نفسي وتعبير عن الذات ومساهمة في بناء العالم ..؟)، أستحضر كلام الفيلسوف الالماني نيتشه متحدثا عن اللغة. فعلا، و ما يقول صاحب “هكذا تحدث زرادشت “: ” من أدوات إنتاج الوهم، اللغة، فاللغة نقل اعتباطي لصفات الإنسان إلى الأشياء، والإنسان في استعماله يتعسف في رسم حدود الأسماء والكلمات، وهذا يعني استحالة التوصل إلى حقائق الأشياء من خلال الكلمات، ولا إلى تعبير مطابق للواقع”.

إن الكتَبة بلغة رولان بارث، ينتجون الاوهام كل يوم وسلاحهم هو اللغة – وأية لغة؟

لا تنسوا جميعا ما قاله فريديريك شوبان (22 فبراير 1810 – 17 أكتوبر 1849) : “حياة المرأة كتاب ضخم مكتوب على كل صفحة من صفحاته كلمة حب “.

* صورة الصدارة: محمد نبيل.



express-1 2015-06-25 21:52

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(9) تعذيب وشتائم وبكاء.. في “الكوميسارية سنطرال” – بشرى الشتواني

— 25 يونيو, 2015 (…) كنت أسمع: “ها هي ها هي فالطوبيس شدو الكلبة”..
أخذوني من الحافلة واقتادوني بطريقة همجية مهينة، عند وصولي إلى سيارة الشرطة اكتشفت أنه حتى رفيقتي التي كانت تدرس الأدب العربي معتقلة، رمونا داخل السيارة التي كانت مكتظة بالطلبة، وبعد دقائق التحق بنا الرفيق “الوحش” كان وجهه مغطى بالدماء وكنت أبكي لأنهم أهانوني بحركة غير أخلاقية كما هي تصرفات البوليس المعبرة عن طبيعتهم.
بدأت عملية الترهيب والتعذيب داخل سيارة الشرطة… كان يرافقنا عنصران من “الأواكس” أحدهما كان يردد: “أنا أواكسي حمار هانتي يا القحبة غادي تشوفي لا بي جي شنو كتسوى”!
كنت ما زلت تحت هول الصدمة والرعب والبكاء، بدأ رفيقي في تشجيعي رغم حالته، حيث كانت معنوياته عالية جدا، ربما لأنه كان مستعدا للاعتقال أو لأنه كان أكثر تكوينا وشجاعة منا، أو لأشياء لم يكن عقلي يستوعبها حينها..
لم أكن أعرف حتى مكان الكوميسارية التي سيقتادوننا إليها، كل ما كنت أفكر فيه ساعتها هو: ماذا سيفعلون بنا؟
مر شريط بكل ما قرأته أمامي.. تذكرت أغنية “نعم لن نموت” لسعيد المغربي فسكتت، كنت أنا الوحيدة التي تبكي وسط الطلبة، فمنهم مَن لم يكن يعرف حتى ما جرى، ذنبه الوحيد أنه كان في ساحة “سعيدة لمنبهي” ساعتها.. رفيقتي كانت تقول لي: “سكتي مالك شنو غادي يديرو ليك”؟ ورفيقي كان يرعبهم وهو مقيد، كان يقول لي: “بشرى لا تخافي غادي يطلقوك الرفيقة”.
وصلنا الى الكوميسارية “سانطرال” أدخلونا إلى باحة بنفس الطريقة المهينة وتحت وابل من السب والشتم، كنا فقط شابتين وسط عدد كبير من الشباب.. كانت صفة عاهرة أو “قحبة” تتبع أية جملة أو أمر موجه إلينا أنا ورفيقتي..
دخل أحد عناصر “الأواكس” برفقة أحدهم، كان يرتدي بذلة أنيقة وحذاء نظيفا وكأنه عريس سيُحتفل بليلة زفافه، قال له الأواكسي: “هاد الثلاثة آ شاف هو ما لي منوضين روبالة، هاد القحبة فشعبة الانجليزية والاخرى فالأدب العربي وهاد الزامل فالاجتماعيات” وانصرف.
عزلونا عن باقي الطلبة وتركونا ننتظر المجهول، كنت أفكر في ماسأقوله لأمي وأبي عندما أخرج وما ستكون عليه ردة فعلهم، وكلما تذكرت جدتي المريضة، التي كنت أقرب إخوتي إليها، أبكي بحرقة، كنت أيضا أتذكر ما قرأته عن أنواع التعذيب وعن استشهاد الشهيد “عبد اللطيف زروال” فأموت رعبا من الآلام التي تنتظرنا..
كانت رفيقتي أقوى مني، أو ربما لأنها تمكنت من إخفاء خوفها، أما رفيقي “الوحش” فقد كان فعلا وحشا.. كان يرعبهم لدرجة أنهم رفضوا فك الاصفاد اللعينة عنه.
بدأ الليل يرخي ظلاله وبدأت معه حركة غير عادية، في ذلك المكان الرهيب. أطلقو سراح كل الطلبة واحتفظو بنا نحن الخمسة، كان معنا معطل وطالب عادي لا ينتمي لأي فصيل ولم يشارك في المعركة. أعطونا ورقة عليها رقم والتقطوا لنا صورا ثم تركونا للصمت مرة أخرى..
لم يكن يكسر ذلك الصمت سوى قفشات “الوحش” وكلامه مع ذلك الطالب.. سأله: لماذا احتفظوا بك؟ أجابه: وجدوا معي سكينا” فقال له الوحش: “المشكلة أن ذلك السكين سينسبونه لي” فقال له الطالب: “راه معايا واحد طريف ديال لحشيش صغير منعرف شنو ندير ليه؟” أجابه الرفيق الوحش: “عطيه لشي وحدة فالرفيقات تديه ترميه فطواليط” ذلك لأنه كان مسموحا لي ولرفيقتي فقط استعمال المرحاض أما الشباب فلا..
فعلا أعطاني الشاب تلك القطعة الصغيرة جدا، كانت تشبه قطعة شكولاطة وكنت لأول مرة في حياتي أمسك قطعة حشيش، طلبت من أحد أفراد القوات المساعدة كان مكلفا بحراستنا أن يسمح لي بالذهاب للمرحاض وكان لي ذلك، رميت قطعة الحشيش وعدت بسرعة وكأنني أُخلي مكان الجريمة.
فجأة سمعنا أصوات أقدام كثيرة تذرع المكان جيئة وذهابا وكأنها في استعراض وكان اسم “الحاج” يتردد بكثرة ليدخل علينا مجموعة من الرجال ببدلاتهم الأنيقة وكأن الأمر يتعلق باستعراض لعرسان في ليلة زفافهم الجماعي. أدخلونا الى مكاتب متفرقة كنت أنا وذلك المعطل نتشارك نفس المكتب أخذوا منا معلوماتنا الشخصية ثم أطلقوا سراح المعطل و احتفظوا بي أنا، ليبدأ مسلسل التعذيب…
أجلسوني فوق كرسي وسط المكتب.. كانوا أربعة يسألونني في الوقت نفسه.. كانت الأسئلة مختلفة وإن أجبت واحدا ضربني الآخر قائلا: “الكلبة أنا معجبتكش تجاوبيني”؟ وينطق الثالث: “ماضربهاش باينة فيها بنت دارهوم وما عارفة والو”..
كنت أجيب وكأنني غبية لا أعرف شيئا، كان همهم ساعتها معرفة مكان سكن الرفاق ومكان الرواق ثم أسماء بعض الرفاق.. كانوا يسألونني عن طريق الصور التي يفردونها أمامي، وكلما أجبت بالنفي أخذت حصة من الشتم والتحرش، وإن سكتت أنطقوني بضربهم المبرح.
كنت وسط كل ذلك أسمع صوت رفيقي الوحش الذي أخذ حصة الأسد من التعذيب. أما رفيقتي فقد كانت في مكتب أبعد فلم أسمعها لكن الأكيد أنها هي الأخرى “احتفلوا” بها كاحتفالهم بنا.
بعد ذلك أخرجونا إلى باحة وسط المكاتب وتركونا إلى حين استكمال إجراءات إنزالنا إلى قبو الحراسة النظرية، كان طاقم الحراسة قد تغير.
الطريف في الأمر ونحن وسط كل ذلك العذاب وتلك الآلام وساعات نوبات بكائي سألنا أحد أفراد البوليس كان يرتدي اللباس الرسمي والذي عرفنا فيما بعد أنه سيحرسنا تلك الليلة.. قال لنا: “واش نتوما لي كتغنيو ديك الاغنية ديال عمي ضوء الشمس؟ كتعجبني بزاف”!
قال ذلك بلكنته المراكشية الجميلة. ثم أردف: “متخافوش راه اليوسفي بكرو دوز الاعتقال ودبا وزير أول مالك على البكاء ملي تنزلو عندي مغادي يقيسكم حد”… (يُتبع).




express-1 2015-06-25 22:10

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...5247276291.jpg
تعقيب على “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”: “أيها الرفاق اتحفونا بردودكم لا برضوضكم”!

— 25 يونيو, 2015 المحجوب آيت مالك
تتبعت على صفحات جريدة “أخبركم” “مذكرات قاعدية..”. حرصت على أن لا أفوِت أية حلقة من حلقاتها، لاعتبارات ذاتية وأخرى موضوعية.
كانت، المذكرات، نظرة من زاوية معينة، ولكل الحق في اختيار مكان أخذ صوره، وبالفعل ستكون ناقصة وغير مكتملة، وهذا لا ينقص من قيمتها أبدا، لأنها صورة من مشهد عام يجب أن يكون موضوع نقاش بلا مزايدات.
ما لا أفهمه هو تلك الردود المتسرعة، والعنيفة أحيانا في حق الكاتبة، والأغرب أن تأتي من تيار يدعو للنقد والنقد الذاتي وأن يكون شعارا له يجسده حتى في أبسط العلاقات الإنسانية، علاقة الحب بين فردين من أفراد المجتمع.
كيف لتيار بنى قاعدته على الحرية بمفهومها الشامل، وعلى فك طلاسيم كل الأساطير، الدينية وغير الدينية، أن يمنع منتسبوه واحدة من أعضائها من نشر تجربتها داخل الحركة، حركة تناقش التيارات السياسية، والدين ووجود الله من عدمه.. تناقش السلطة ولا تؤمن بالمحرمات؟
كيف لبعض أعضاء هذه الحركة أن يبخسوا تجربة الكاتبة في البوح؟ كيف لمن يدعوننا لكسر طابوهات المقدس أن يقدسوا اليوم حركتهم ويدعون لعدم كشف بعض مما تكتنفه من علات، يعلمها كل من صادف أوتعرف على هذه التجربة السياسية داخل وخارج أسوار الجامعة المغربية؟
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...ek-120x120.jpgالمحجوب آيت مالك


كان يمكن لهذه المذكرات أن تكون مناسبة للنقاش الجاد وفتح حوار لنقد الحركة وتجاوز اعطابها، حيث أن ادعاء الكمال يضر بالحركة، وكما يعلم هؤلاء الرفاق فكل فكر لا يحمل بذور تجاوزه هو فكر مضلل منهجبا ويجب الحذر منه.

تجربة القاعديين وحركتهم أنجبت مثقفين عضويين، انغمسوا في النضال الفعلي من أجل وطن حر وشعب سعيد. طاقات ضحت من أجل عدالة اجتماعية وبعيدا عن ميكروفونات الإذاعات وبلاطوهات التلفزيون. أنجبت شباباً يدافع في كل المحطات عن دولة المواطنين لا دولة الرعايا، بعيداً عن الخنوع والانبطاح. قدمت شهداء من أجل حق الفقير وأبنائه في تعليم مجاني ديمقراطي وموحد. قدمت سجناء ومعتقلين، والبعض منهم لا يزال وراء القضبان وفي سجون النظام.
لكنها حركة أخرجت أيضا عملاء للنظام مبثوثين في كل زوايا حياتنا اليومية، أنجبت أطرا بوليسية قمعية صارت تجلد رفاق الأمس، أنجبت رجال سلطة المخزن، أنجبت متخاذلين وانتهازيين يؤتثون مكاتب الأحزاب المخزنية، ومتخاذلين استعاضوا عن النضال وسط الجماهير بالنضال وسط فناجين القهوة ودخان السجائر في المقاهي والملاهي الليلية.
أتفهم غضب البعض من اختزال تجربة و حركة سياسية في مقالات، لكنني لا أفهم هذه الرغبة في إسكات الكاتبة وفي إضفاء هالة القداسة على أنفسهم وحركتهم.
واصلي بوحك أيتها الصديقة “بشرى الشتواني” وسجلوا اعتراضاتكم أيها الرفاق واتحفونا بردودكم لا برضوضكم.



express-1 2015-06-26 22:09

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(10) خوف وحب وسيدة كريمة في زنزانة باردة – بشرى الشتواني

— 26 يونيو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) أنزلونا إلى قبو الكوميسارية سنطرال.. نزعوا عنا أحذيتنا وحقائبنا وحمالات الصدر أيضا.. كانت عملية التفتيش دقيقة وكأننا كنا نحمل معنا متفجرات..
وسط عملية التفتيش تلك سمعنا صوت أحد الحجاج من أصحاب البذلات الأنيقة يتكلم بصوت مرتفع: “حيدو ليهم حتى الصماطي وفيليلات الشعر”..
أحسست برعب كبير، التفتت ناحية الحارس ذو اللكنة المراكشية وكأنني أعاتبه على طمأنتنا من قبل أنه لا أحد سيلمسنا ونحن تحت حراسته . وكأنه فهم معنى نظرتي قال لنا: “سيرو دخلو لهيه”..
كانت زنزانة صغيرة وباردة، دخلنا لنجد فيها امرأة في الثلاثينيات من عمرها جالسة في أقصى اليمين. كانت ليلة ينايرية باردة جدا، اكتشفت ساعتها أن حمالات الصدر لها أيضا دور في التدفئة، فقد كنا نرتعد من برودة الطقس في زنزانة فارغة من الفراش إلا من بطانية صوف صغيرة تشاركتها معنا تلك المرأة الشابة، وما زاد في إحساسنا بالبرد مشاعرنا المضطربة خوفا.
بينما كانت رفيقتي تسأل تلك السيدة عن سبب تواجدها في تلك الزنزانة، كنت أفكر في “ماما” و”بابا” وجدتي وأختي التي كانت حاملا حينها، كيف سيتعاملون معي؟ كنت أفكر في أبي الذي كان يثق بي، كيف سيتقبل خبر اعتقالي؟ هو لا يعرف أنني كنت أناضل من أجل حقي في تعليم مجاني لأنه لا يدفع ثمن تعليمي، هو لم يقرأ بطريقة نقدية نص الميثاق ولن يفهم كيف لتعليم مجاني أن يصبح خاصا. ليتني كنت إلى جانبه كي أوضح له.. كيف ستتقبلني أمي وهي التي عاقبتني ذات يوم فقط لأن صاحب مكتبة بالحي قال لها إن ابنتك مكتوب اسمها في الجريدة، لم تسأل لماذا أو كيف؟ كل الذي قامت به هو أنها دخلت عليَ في فصل مادة الفرنسية وأمسكتني من شعري قائلة: “بقالينا غير الجورنان تخرجي فيه”؟!
لم تفهم ساعتها أن أستاذ اللغة العربية أعجبته خاطرة من خواطري، كنت قد أعطيته إياها بغرض التصحيح فقام بنشرها في الصفحة الأخيرة لجريدة جهوية وقرر أن يفاجئني بها، لكن عقاب أمي كان الأسرع..
تذكرت ذلك وأيقنت أن حصة تعذيب تنتظرني في البيت فور خروجي من مكان اعتقالي. أيقظني من تلك الهواجس صوت الحارس المراكشي وهو يقول:
– “شكون فيكم بشرى الشتواني”؟ أجبته:
– “أنا” فأردف: “شنو كيجيك فلان” أجبت:
– “قريبي” فقال: “راه جاب ليك باباك هادشي هاكي راه طمناه عليك وقلنا ليه بحال يلا بايتة عندك فالدار متخاف والو”..
كيف لغرفتي وسريري الدافىء أن يكون مثل هذه الزنزانة الباردة؟ وكيف لوجه جدتي التي تشاركني الغرفة أن يكون كوجه هؤلاء؟ لم لدي خيار سوى تقبل مقارنة تجمع جميع الفوارق الممكنة..
أخذت الأكل ووضعته على الجانب.. لم تكن لنا رغبة في شيء.. احتضننا بعضنا وحاولنا النوم علنا نستطيع التخلص من تضارب الأحاسيس والأفكار لتوقظنا أصوات الحراس وقرقعة مفاتيحهم، كانوا قد أتوا بضيوف جُدد، دخلت علينا شابة جميلة في نحو العشرين من العمر، اعتقلوها مع حبيبها في شقة، أدخلوها بعنف إلى الزنزانة أخد حبيبها يصرخ: “بشوية عليها أولاد لحرام”..
لم أعد أتذكر اسمها، لكن كان صديقها ينادي عليها قائلا: “ما تخافيش آحبيبة أنا معاك”.. وكانت هي تصرخ مجيبة: “أنا مزيانة غير سكت”..
أُعجبنا بشجاعتهما..
أعطوه ما تيسر من الضرب لكنه ظل يصرخ: “راه غادي تكون مراتي”..
كنت أنظر إليها وهي منتشية بكلامه.. تجاذبت معها أطراف الحديث عساني أستمد من شجاعتها شيئا..
قالت لي إنه يحبها وأن أمه لا تريد لعلاقتهما أن تنتهي بالزواج وأنهما لن يفترقا وإن سجنوهما فسيخرجان ويعيشان مع بعضهما.. تكلمنا حتى غلبنا النوم.
في صباح اليوم الموالي كان لنا موعد مع مكتب التعذيب، لكن هذه المرة مع شخص أقرب للكاتب العمومي منه للمحقق الأمني، حيث كان يكتب أكثر مما يسألنا وكأنه يسأل سؤالا واحدا ويجيب على أربعة أسئلة..
لم أدرك ساعتها أشياء كثيرة كان يجب أن أقرأها في المحضر وأنه كان علي أن أركز على إجاباتي وأن أنتبه إلى ما كُتب على لساني.. كل الذي كان يهمني ساعتها هو مراقبة الباب توجسا من دخول أحد من الحجاج أصحاب البذلات الأنيقة فجأة..
وأنا أراقب مدخل المكتب وأحاول استراق السمع لالتقاط خطوات الحجاج المرتقب حضورهم، سمعت صوت “ماما”.. نعم كان صوت ماما، فقد تسللت إلى داخل الكوميسارية في الوقت الذي كان قريبي يسأل عني، كنت في أول مكتب، مما جعلها تصل إلي بسرعة..
هتفت: “ماما جيتي”.. قالت لي: “صافي هادشي لي بغيتي لحبس؟ قلت ليك الله يحضر فيك السلامة”.. قال لها شرطي: “آ لالة ممنوع شكون لي دخلك؟” أجابته: “دخلت بوحدي آسيدي عطيوها ليا نضربها نريشها ونردها ليكم غير مديرو ليها والو راه بنت لحرام غير مكَدما”..
عرفتُ فيما بعد من رفاقي، بعد خروجي، أن “ماما” كانت معهم طيلة مدة اعتقالنا في الكوميسارية وحتى في يوم المحكمة أيضا وأنها كانت بعد نوبات البكاء تضحك معهم وتناقشهم في أمور كثيرة، ومنذ تلك اللحظة صارت “ماما” صديقة كل رفاقي القاعديين وبيتنا كان بيت الفصيل كله و”بابا” كان طوال الوقت ساكتا..
هذا ما أكده لي رفاقي.. لم يعاتبهم أو يكلمهم حتى. كان فقط يحاول إنقاذ ابنته المدللة والتي كان ينتظر منها الكثير.. أما أنا فكنت داخل الزنزانة إلى جانب رفيقتي نتعلم أشياء لم نكن لنتعلمها لا من الحلقية ولا من الساحة المقدسة… (يُتبع).



express-1 2015-06-27 21:50

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(11) حينما قال لي شرطي: “زيدي قدامي”! – بشرى الشتواني

— 27 يونيو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) كنا نستعد للنوم بعد حصة تحقيق مطولة، وفجأة دخل الحراس وهم يسوقون ضيفة جديدة كانت في حالة سكر طافح تصرخ وتستجدي تبكي ثم تلعن البوليس والفقر والسماء وكل ما يجول في خاطرها باستثناء ابنتها التي قالت انها تركتها في الغرفة مُقفلة عليها بالمفتاح.
عنفوها لأنها كانت لا تريد الدخول إلى الزنزانة، لم تكن لدي جرأة في ذلك اليوم كي أنتفض في وجههم كحقوقية تفهم ما هي حقوق الإنسان. احتضنناها ونحن لا نفهم ما كانت تهمتها هل هي الأخرى مناضلة أم مذنبة أم ماذا؟
فجأة صرخ الحارس ذو اللكنة المراكشية بقوة: “بعدي منهم آ ذيك القحبة هادو راه بنات ديورهوم راهوم طالبات بعدو منها راه سكرانة دابا تقيا عليكم”..
لم نهتم لكلامه، استمرينا في احتضانها، كنا ندفىء بعضنا البعض، كنا نشبه نساء المجتمع، كلنا نعتننا بالعاهرات مَن تمارس المهنة ومَن لا تمارسها، كل النساء يُنعتن بنفس النعت المهين بسبب أجسامهن الجميلة.. حدثتناها عن سعيدة المنبهي وعن دراستها حول العاهرات من داخل السجن، لم ننتبه أننا كنا نناقش امرأة مغيبة بفعل الكحول وحزنها على ابنتها ثم آلام الضرب الذي تعرضت له.
كنا ننتظر أن يطلع علينا صباح الغد بفارغ الصبر، فقد كان اليوم موعد تقيدمنا أمام النيابة العامة، كانت التنبؤات متضاربة، حتى الحارس المراكشي قال إننا سنخرج بالتأكيد، كل الذي كان يجول في بالي هو خوفي من رد فعل أسرتي، أكثر حتى من خوفي من السجن.
جاء أحد الحجاج، كان لطيفا معنا. أخرجونا من الزنزانة وأرجعوا إلينا حقائبنا وكتبنا وحمالات الصدر أيضا. ثم اقتادونا إلى سيارتهم، كنا أنا ورفيقتي سعيدتين بالتحاق رفيقنا “الوحش” بنا.. أمسكنا ببعضنا وركبنا السيارة، كان مقر المحكمة يوجد جنب الكوميسارية، لكنهم لفوا بنا الشارع ذهابا وإيابا ثم أدخلونا إلى المحكمة كي لا نرى ذلك الحشد الكبير من الطلبة والطالبات وأفراد العائلات وكل الرفاق المرابطين أمام مقر المحكمة.
أدخلونا إلى قبو صغير متعفن، انتزعوا منا كل شيء ما عدا حمالات الصدر، قال لنا الحارس بتعاطف معنا أن الجو بارد وأن لديه صديقة محتجزة هناك أوصته خيرا بنا.
استمر احتجازنا من الساعة التاسعة صباحا إلى التاسعة ليلا وبينهما كان الكثير من الحزن المختلط بالفرح، كنا نرسم قوس قزح النضال بأغاني الثورة وبقفشات “الوحش” المضحكة. كان ذلك اليوم اأثر أيام “الوحش” حظا فقد أغدقت عليه زميلاتنا السجائر الفاخرة، كانت إحداهن تقول لنا في كل دقيقة: “أنتم شرف لنا احنا كنبيعو لحمنا باش نعيشو وانتوما تشديتو باش ولادنا يعيشو”..
كان كلامها يزيدنا شجاعة ويجعلنا نصبر على خوفنا من ردة فعل عائلاتنا.
مر الوقت سريعا نادوا على زميلاتنا وبيقنا وحيدتان نعقد ونحل الافتراضات، كان الفرح يموت فينا، فجأة سمعت صوتا ينادي: “شكون بشرى الشتواني”؟ أجبت: “أنا” فأردف: “زيدي قدامي”..
دخلت مكتبا فسيحا كان فيه رجلان أحدهما وسيم جدا والآخر على نقيضه لكنه كان مبتسما. بادرني: “سميتك وسميت باك”؟
أجبته بسرعة..
– “نتي مع القاعدييين”؟
– نعم..
– “واشنو بغيتي المشاكل ياك كتقراي و زوينة مالك على الصداع”؟
– “حيت بغاو اخوصصو التعليم”..
– -شكون الله تاعكم لحبيب ولا جرير ولا حلوط منعرف”..
– “أنا كنعرف غير واحد الله صافي”..
– “علاه القاعديين كيعرفو الله بعدا”..
– “كيعرفوه”..
– “شنو كنتي كديري نهار خمسة فالشهر”؟
– “كنا كنطالبو يأجلو لينا الامتحان”؟
– “شكون لي علمك الشعارات”؟
– “الساحة الجامعية”؟
– “شكون الي كيمولكوم”؟
– “معندناش تمويل ومكانديرو والو باش نتمولو”..
– “هادشي لكديرو راه جريمة”..
– “هادشي لكنديرو راه حق نقابي وفإطار أوطم”..
– “سيري تجلسي تما”.
ثم نادوا على صديقتي، أعطوني ورقة بصمت عليها بالأزرق، واعتمادا على كلام زميلاتنا فإن اللون الأزرق كان يعني خروج واللون الأحمر يعني السجن الإحتياطي… (يُتبع).




express-1 2015-06-28 22:01

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(12) المحاكمة.. حين قالت أمي: “قربالة على جوج برهوشات”! – بشرى الشتواني

— 28 يونيو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) دخل جمال إلى مكتب ممثل النيابة العامة، أقفلو الباب، سمعت صراخ ممثل النيابة العامة ووعيده ثم خرج جمال وضعوا الأصفاد في يده. لمحت إبهامه مخضبا باللون الأحمر، فهمت أنه سيُرحَّل إلى السجن.. قال لي: “قدمو معايا الموس ديال داك الطالب”..
بعدها جاء دور الطالب الذي خرج أيضا بإهام باللون الأحمر.. “كيفاش ما قدموش معاه الموس وغادي يعتاقلوه”؟.. “راه شهد فيه الأواكسي أنه ضربو”..
التحقت الرفيقة الثانية بالمكتب، لم أنتظرها طويلا، خرجت ولون أبهامها أزرق. أعطانا الحارس هواتفنا وحقائبنا وقال لنا: “سيرو وغدا مع الثالثة تكونوا فالقاعة رقم 3 ديال المحكمة”.. طلعنا ثم نزلنا لنطلع ثانية من باب المحكمة الكبير، كان قلبي يخفق بشدة، وحبي لأهلي وخوفي من ردة فعلهم يشدان أنفاسي، لكن ركض الرفاق في اتجاهي ومعانقتهم لي أنسوني كل الخوف، كنت أسمع كلمة: “تحياتي أيتها البطلة” فتزيد قوتي أما طولي فقد ازداد وأنا اصافح كل تلك القامات الطويلة، إلى أن وصلت لحضن “ماما” الدافئ: “مال شعرك هاكا نتفوك؟ مالكي كتعرجي ضربوك؟ آ بنتي راه هاد لبلاد ماشي انتي لي غاديا تقاديها”!
أما “بابا” فلم ينبس ببنت شفة، عانقني وقال: “ندويو من بعد”..
أوصلنا رفيقتي و أمها إلى باب منزلها واتجهنا نحو بيتنا. كان الصمت سيد الموقف، دخلت لأفاجأ بالبيت غاصا عن آخره بجيراننا وصديقات “ماما”.. لم أفهم كيف جاء كل أولئك الناس من أجلي.. ولماذا؟ من أجل أربعة ايام اعتقال فحسب؟..
سلمت على الجميع واستأذنت منهم كي أنام، بيد أن صوت جدتي أرجعني: “آجي ابنيتي نقلبك آشدارو فيك الكفرة بالله.. كون غير كنتي مسخوطة ميبقاش فيا الحال.. آش بينك وبين القاعدة حتى بن لادن يتبعوه الناس؟”.. “أنا ماشي مع بن لادن آ ميمتي”..
سأكتشف فيما بعد أن جدتي نشرت خبر كوني أنتمي للقاعدة وأن ذلك هو سبب اعتقالي، وأنني شريفة عفيفة و “لحبس مكايمشيوش ليه غير المنحرفات”.. قبلت رأسها وقلت لها: “غدا نعاود ليك آ ميمتي”.. وصعدت إلى بيت أبي كي أتبرك بطهارته وأتأكد أنني ما زلت مدللته.. “بابا أنا لم أرتكب خطأ.. كنت أطالب بحقي النقابي أنت تعرف أنني حريصة على سمعة العائلة”.. “النضال ماشي عيب آبنتي راني كنعرفك متمردة وراسك قاصح وكنعرف من نهار سمعتك كتغني دوك الأغاني أنك تبليتي بالسياسة، أنا ماشي ضد هادشي ولكن راكي بنتي رحمينا ورحمي خوفنا عليك وحبنا ليك راك انتي فالكوميسارية وانا كنحس بكل ضربة كتجي فيك.. عارف أن الشرفاء فهاذ البلاد ما عندهوم زهر ولكن راكي الكبيدة”. عانقني ثم قال: “غدا صباح نديك لطبيب نشوفو ديك الرجل يكما مشقوقة وشوفي يلا فيك شي ضربة باش نديرو محامي الله يرضي عليك”..
اتصلت برفيقي الطيب فقال لي: “أنا فأكَادير غدا نشوفك قدام المحكمة أحبك أيتها البطلة”.. كانت آخر كلمة أسمعها قبل أن استسلم لحضن سريري الدافئ.. نمت نوما مريحا ليلتها لأن بابا تقبل أمر اعتقالي بحب وعاطفة أبوية صادقة، كما كان دائما صادقا..
في اليوم الموالي أيقظتني “ماما” بحب قائلة: “البشير ديالي نوضي”.. و هذه كلمة تقولها ماما في حالات الرضى فقط، قبلتها وطلبت منها أن تسامحني على كل دمعة نزلت من عينيها الطاهرتين.. قالت لي: “هادي آ بنيتي تدير ليك لعقل يلاه تفطري باش نمشيو للطبيب والمحامي”.. وفعلا كان لها ما طلبت، اتجهنا إلى عيادة طبيب خاص، تأكدت أن رِجلي متضررة بسبب ركلاتهم وضبرهم لي بعصا كبيرة قبل أن يرموني في سيارة الشرطة..
وقع الطبيب الشهادة وهو يلعن البوليس والقمع، قال إنه كان مناضلا أيضا عندما كان طالبا، وهنأ “ماما” لأن لها ابنة مناضلة وليس شيئا آخر..
توجهنا إلى المحامي الذي قال لأمي: “لن آخد فلسا واحدا هي واحدة من بنات وأبناء الشعب الشرفاء”..
خرجت “ماما” من مكتب المحامي وهي تردد: “ملي شرفاء لاش تكرفصو عليهم؟ حسبي الله و نعم الوكيل”. بعد الزوال توجهنا إلى المحكمة كان “بابا” قد أخذ إذنا من الإدارة بيوم عطلة، بل إن رئيسه في العمل التحق به كي يحضر أطوار المحاكمة.
وصلنا إلى باب المحكمة، كان مطوقا بكل أنواع قوات القمع الموجودة في المدينة.. أفراد جهاز “كرواتيا” بدراجاتهم النارية الكبيرة وسيارات “كاط كاط” التابعة لجهاز “السيمي” وأفراد البوليس السري والعلني… ولأن ثمة ثكنة عسكرية موجودة أمام مقر المحكمة فقد أُعلنت فيها حالة طوارئ وخرج عساكرها أمام بوابة الثكنة للحماية…
قالت “ماما” بصوت مرتفع: “هادشي كلو على هاد جوج بنات مازال ما وصلو حتى لعشرين عام؟ باااااز مالكم مامشيتو تحررو سبتة ولا حادكَين غير فولادنا”؟!
التحقنا بالباب، لم يسمح البوليس لرفاقنا بالاتحاق بنا إلى داخل المحكمة.. كنت أنظر في عيني رفيقي الحبيب وكلي شوق لأحتضنه.. كان ينظر إلي وهو يبتسم بحب.. كانت “ماما” ممسكة بيدي بقوة وكأنها تقول لهم: “لن أتركها لكم مرة أخرى” كانت تتجاوز حصار البوليس بعنف وكأنها توبخهم على تحويل المحكمة إلى ثكنة وكأن الأمر يتعلق بمحاكمة بن لادن، كما قالت.
ابتدأت الجلسة.. كانت “ماما” تنتظر المحامي خارج القاعة ثم دخلت وهي تضحك قالت لبابا: “راه أكثر من 12 محامي غادي يترافعو على هاد جوج برهوشات والله يلا لحماق هذا”!..
“ماما” لم تستوعب أن معتقلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب هم أكثر المعتقلين خطرا على النظام لِما لهم من شجاعة في قول الحقيقة وفضح المؤامرات وأن المحامين يترافعون عنهم انطلاقا من واجبهم الحقوقي، لم تكن “ماما” تعرف أن الأمر يتعلق باعتقال سياسي وأننا نتبنى مواقف المؤتمر 15 للإتحاد الوطني لطلبة المغرب الذي حوكم بسببه رئيسه آنذاك بالإعدام… (يُتبع).



express-1 2015-06-29 22:00

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(13).. بَطَلَةٌ في الساحة المقدسة! – بشرى الشتواني

— 29 يونيو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) تمت المناداة علينا بسرعة وكأنهم يريدون التخلص منا ومن حشد المتضامنين معنا.. وقفنا أمام القاضي.. لم أكن أسمع شيئا، فقط صوت رفيقي وهو يقول لي: “أنتِ بطلة”..
كنت سعيدة وقوية جدا جدا.. كان الإحساس بقامتي الطويلة يفوق طول منصة القاضي وحتى قامات محاميي هيئة الدفاع.. فجأة سمعت أن الجلسة أُجلت إلى الاسبو ع المقبل…
طوال الطريق إلى المنزل وأبي يحذرني من الاختلاط بالرفاق لأنني ما زلت مُتابعة وبأننا أنا ورفيقتي في خطر أكثر من رفيقنا الوحش، فهذا الأخير على الأقل في السجن.. ثم طلب من “ماما” مرافقتي إلى أي مكان أذهب له.. وفهت أنني موجودة تحت حراسة نظرية أخرى، وأنني خرجت إلى السجن الأكبر..
كان يومي الموالي حاسما، فهو الذي كان علي أن أجتاز فيه ما فاتني من امتحانات، وأعانق الساحة المقدسة، وأنا أكثر قوة وطولا.. لكن قبل أن أخرج من باب المنزل كان ذراع أمي قد تشابك بذراعي.. “ما عندك فين تمشي بوحدك رجلي على رجليك راك ما شايطاش عليا”.. “ماما راني طالبة ماشي تلميدة والله منا دوي مع حتى واحد”.. “شوفي غير نمشيو بجوج ولا نبقاو بجوج”..
استسلمت للأمر الواقع وذهبنا.. أول ما وصلت إلى الساحة سعيدة، أحسست برغبة في الانفلات من قبضة أمي والانطلاق، لكنها هي أيضا أحست بشيء ما فأمسكت ذراعي بقوة مؤلمة.. نعم كانت مؤلمة.. اقترب الطلبة مني وشرعوا في معانقتي والسلام علي.. “على سلامتك آ الرفيقة.. تحياتنا العالية”.. كلمة سعتها كثيرا إلى أن وصلت إلى رواق رفاقي القاعديين.. سلموا علي بحرارة وعلى ماما بحرارة أكثر..
فجأة تركت “ماما” ذراعي واندمجت في الكلام مع الرفاق وكأنها رفيقة كبيرة.. تكلمنا وناقشنا ثم اتجهنا نحو القيدومية لمقابلة العميد.. الأستاد “ابن حليمة” كان رجلا رائعا حقا، فقد وقف أمام باب الكلية يوم اعتقالنا وصرخ في وجه القمع: “لن تدنسوا حرمة الجامعة ولو على جتثي”.. وفعلا لم يدخلوا الجامعة..
استقبلني العميد بكل فرح وكان يناديني ابنتي.. قال ل”ماما”: “سيري آلالة لشغلك بنتك راها مناضلة وفإطار دزنا منو كاملين، الاتحاد الوطني لطلبة المغرب كيعلم مكيفسدش ونتي آبنتي غدا فالصباح آجي تدوزي امتحانك وما ويكون غير الخير”.. وقال لأمي أنها يجب أن تفتخر بي وأن هناك طالبات استسلمن للانحراف بدل النضال، وأن المناضليين هم دائما الأوائل، وأنها يجب أن تتركني لأنني طالبة ولست طفلة مدللة..
وكان لي ذلك صباح اليوم الموالي حيث كنت على موعد مع مكاني في النقل الجامعي، كان الطلبة يراقبونني بفخر وترقب، فأنا ابنة حيهم التي لم تكن تتجرأ حتى على الخروج وحيدة، واليوم تواجه مع رفاقها مخططا طبقيا وتمسك الجمر بيدها…
وصلت إلى الكلية لأُفاجأ بحركة غير عادية.. لقد كان هدوء الذي يسبق العاصفة، كانت جنبات الكلية مطوقة بكل أنواع قوات القمع.. ماذا جرى؟ هل ستُقاطع حتى الامتحانات الجزئية؟ نحن لا نتجاوز عشرة طلبة لم نتفق على هذا الإنقطاع..
كانت التساؤلات تتسابق مع قدماي للوصول إلى داخل الساحة، رأيتُ فجأة مجموعة طلبة ملثمين، إنهم الطلبة الصحراويون، ومن بينهم واحدا كان يدرس معي في نفس الفوج ومُطالب باجتياز الامتحان في ذلك اليوم..
“تحياتي.. تحية للرفيقة أين فلان؟ أوصلناه للقاعة سيري دري كراه مغايحانيك حد”.. نبهني أحدهم بلكنته الصحراوية. سألته: “شنو واقع”.. “بعدا غار سيري حتى تخرجي ويعاودو ليك الرفاق”..
اتجهت نحو قاعة الامتحانات وأنا أضرب أخامسا في أسداس حول ماهية المشكل الذي جعل الطلبة الصحراويين يوصلون رفيقهم وهم مجموعة تجاوزت الستة وكلهم ملثمون. وصلت إلى القاعة أمسكت ورقتي ونسيت كل شيء، كتبت كل الذي أعرفه وكل الذي استذكرته.. كان امتحانا بسيطا، أبسط من امتحان الباكالوريا وكأنهم يشجعوننا على تقبل الميثاق..
أنهيت الإمتحان وخرجت لأجد المجموعة الصحراوية الملثمة تنتظر رفيقها، سألتهم وانتظرت لأذهب معهم، فقد كنا كطلبة قاعديين متضامنين جدا مع الطلبة الصحراويين بحكم موقفنا حينها من قضية الصحراء وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.
لم أشأ إعادة السؤال، كنت أريد أن أظهر أكثر رزانة، وقفت معهم لحظات لتلتحق المجموعة الأخرى دون رفاقنا، فقد كان بعضهم في قاعات الامتحانات والبعض الآخر لم يلتحق بالكلية بعد. تكلفت بإخبارهم عبر الهاتف: “آلو كماراد تحياتي”.. “أهلا الرفيقة خلاوك تجي وحدك”؟.. “آه شوف راه صحراوا مكروبين وملتمين ولافاك مطوقة منعرفش شنو واقع”.. “واخا آ الرفيقة تحية ليك أنا غادي نتاصل بشي واحد فيهم ودبا نلتاحقو بقاي حدا الرفاق ورجعي لافاك متبقايش برا بوحدك لايختاطفوك ولا يعتاقلوك”.. “واخا تحية”.. كانت المكالمة طبعا عبر هاتف ثابت أمام الكلية، إذ لم تكن لنا القدرة على التحدث من هواتفنا النقالة بسبب ثمن المكالمة الباهظ… (يُتبع).



express-1 2015-06-30 21:55

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(14).. أحكام بالسجن وكيف تضامننا مع الطلبة الصحراويين – بشرى الشتواني

— 30 يونيو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) بعد مكالمتي للرفاق دخلت الساحة الجامعية وأنا أسمع أصوات شعارات ترتفع، أسرعت الخطى كي أفهم ماذا يجري.. الرفاق الصحراويون كانوا قد علقوا صور أحد رفاقهم المهمين بمراكش والذي كان من قبل طالبا في أكادير وأعرفه جيدا..
“ماذا جرى للرفيق “س” ؟ سألت الصحراوي زميلي، أجابني: “اعتقلوه البارح بالوحدة الثالثة وحنا غادي نقربلوها عليهم لين اطلقوه تحية ليكم”.. فهمت ساعتها أن سبب تلثمهم وهالة الحرب التي سيطرت على الساحة كانت لفرض معركة المطالبة بإطلاق سراح الرفيق “س”..
تعالت أصوات هتافات الشعارات عاليا وسط الساحة ليبتدئ النقاش. كان المتدخل طالبا غريبا عن الكلية، ناقش الطريقة المهينة التي اعتُقل بها الرفيق وكيف أنهم سيعلنونها حربا حتى إطلاق سراحه، ليس فقط في الكليات بل سينقلون الحرب الى الصحراء بمعية عائلاتهم، وأن الاعتقال جاء على خلفية نجاح قافلة المختطف والشهيد التي قاموا بها السنة الماضية واستقبالهم لأحد المختطفين.
التحق الرفاق بالحلقية، اجتمعنا جانبا وقررنا أن نساهم مع رفاقنا في المسيرة وأن نعلن تضامننا ودعمنا لهم في الحلقية الجماهيرية. اقترح أحد الرفاق أن أكون أنا مَن يلقي الكلمة.. وافقت بسرعة ودخلت وسط الحلقية طلبت الكلمة وأعلنت دعم رفاق النهج الديمقراطي القاعدي للطلبة الصحراويين والشعب الصحراوي في حقه في تقرير مصيره، وإدانتنا لعملية اعتقال الرفيق “س” الذي كان يوما ما مناضلا في صفوف الفصيل قبل أن يلتحق بمجموعة الطلبة الصحراوييين.
كان محيط الجامعة مطوقا بجميع أنواع قوات القمع السرية والعلنية، لذلك قرر الرفاق عدم الخروج من الجامعة طيلة اليوم. بقينا نناقش جنب رواقنا، كنت مضطرة للذهاب إلى المنزل كي لا تنزعج “ماما” وتسحب مني هامش الحرية في الذهاب إلى الجامعة وحدي..
بعد نقاش مع الرفاق قرروا إيصالي إلى مكان النقل الجامعي ضمانا لسلامتي. وأنا في طريقي أناقش الطلبة الذين كانو متذمرين من معركة الطلبة الصحراويين تلك ومبررهم القائل إنه طالب في مراكش وأنه على طلبة مراكش أن ينددوا في مراكش، وأننا في فترة امتحانات جزئية وستضيع علينا الأسدس بهاته الطريقة..
ناقشت معهم وحاولت إقناعهم بمبررات كُنت أنا نفسي غير مقتنعة بها، لكن ومن باب “أنصر أخاك ظالما أو مظلوما” لم أذهب إلى الجامعة. بعد زوال ذلك اليوم قررت أن أكتفي بمذاكرة مادة اليوم الموالي، لم أكن أدري حينها لماذا لم تكن لدي رغبة في الذهاب كل الذي كنت أعرفه أنني أريد أن أستعد للامتحان والنجاح بنقطة جيدة، وذلك ما كان صباح اليوم الموالي.
ومباشرة بعد اجتيازي للامتحان في الساعة العاشرة صباحا، كنت أمام باب الكلية حيث التقت بأحد الطلبة من تارودانت أخبرني أن أحد الطلبة الصحراوين القياديين تم اعتقاله في تلك اللحظة قرب ساحة “سعيدة لمنبهي” وأكد أنه رآه يركب سيارة من نوع “أونو” مع شخصين اقتادوه بدون أصفاد..
اتجهت مسرعة نحو الرفاق وحكيت لهم ما حدث.. حاولوا الاتصال بالرفيق المعني، لكن دون جدوى، هاتفه كان مقفلا، تواصلنا مع الطلبة الصحراويين الذين جُن جنونهم تذمرا وسخطا من رفيقهم الذي لم بنضبط لما اتفقوا عليه مسبقا، أي أن يتحركوا في مجموعات تفاديا لمشكل الاختطاف الذي حصل.
قام الرفاق بإخبار الطلبة بالأمر، ولأنه كان دائما حاضرا في معارك “أوطم” وأن عملية الإختطاف تشرعن لمبدأ انعدام الأمن داخل محيط الجامعة قررنا أن نقوم بمسيرة للتنديد باختطاف الرفيق نختمها بقرار اعتصام إلى أن يطلقوا سراحه..
وفعلا اعتصمنا في باحة الكلية إلى حدود الساعة السابعة مساء. كان مطلبنا هو إطلاق سراح الرفيق “ك” وفي حوالي الساعة السابعة أتى أحد الرفاق الصحراويين بأخبار أفادت أن رفيقا اتصل به أكد له أنهم أطلقوا سراحه..
كانت فرحتنا كبيرة وأحسسنا بفخر كبير، كيف لا ونحن من فرض إطلاق سراح الرفيق الصحراوي “ك” باعتصامنا داخل مقر العمادة حيث وعدنا عميد الكلية بأنه سيتدخل كي يكون محيط الكلية آمنا..
التحقت بمكان النقل الجامعي بمعية مجموعة من الرفاق كانوا يناقشون معطى إطلاق سراح الرفيق بريبة وشك كبيرين قالوا لي “الزمي الحذر في تعاملك مع الرفيق، وغدا لا تجيبيه عن أي سؤال يوجهه إليك، إن اختطافه من أمام مقر الجامعة بذلك الشكل وإطلاق سراحه حتى دون تقديمه ليس بالأمر البريء.. احترسي”!
في اليوم الموالي أعددنا للرفيق المُطلق سراحه حلقية استقبال استقطبت عددا كبيرا من الطلبة خصوصا الصحرويين.. كنت أنا مُسيِّرة الحلقية، بعد وضع الأرضية تقدم الرفيق ليشرح لنا ما جرى وأنه قرر أن يخرج لاقتناء سجائر وحده ظنا منه أن الوضع آمن، وأنه فجأة أمسك به شخصان بزي مدني واقتاداه إلى سيارة من نوع “أونو” أركباه فيها وأنهما أخذاه إلى مكتب وسط حي سكني وليس إلى كوميسارية أو مخفر شرطة، وأنهم سألوه عن المعركة وعن تنظيم الطلبة الصحراويين ثم عن مَن مَوَّل لهم قافلة المختطف والشهيد، وبعد ذلك احتفظوا مبلفه وحملوه بالسيارة ليلفوا به شوارع المدينة ثم أطلقوا سراحه في مكان بعيد عن الجامعة..
لم تكن علامات التعذيب بادية عليه، وهو لم يذكر أنه تعرض لأي نوع من التعذيب.. كان ذلك ما زاد في شكوك الرفاق، لكنهم احتفظوا بتحليله لأنفسم دون التراجع عن دعم الطلبة الصحراويين..
استمرت المعركة عدة أيام إلى حدود يوم الجلسة، حيث سافر أغلب الطلبة الصحراويين إلى مراكش لحضورها.. أخذنا مكان حلقية الصحراويين لنعبء ليوم جلستنا نحن، وذلك ما كان يوم الثلاثاء الموالي.
في الساعة الثالثة بعد الزوال دخلنا قاعة المحكمة بعدما ناقشنا مع بعض المحامين الذين وجهونا للنقاش مع القاضي بجرأة وعدم الخوف. كان أول ملف تمت دراسته في تلك الجلسة هو ملفنا، وكان القاضي يريد إفراع القاعة من العدد الهائل من الطلبة المتضامنين.
حل دوري للإجابة عن أسئلة القاضي:
اسمك واسم أبيك؟ أجبته بسرعة وبدون خوف..
– “أنت متابعة بتهمة العصيان المدني شنو كتقولي فهادشي”؟
رفعتُ صوتي مدافعة عن نفسي لأقول له إن صوت الطلبة سيرتفع في الحق حتى من داخل محاكمتكم الصورية..
– “هل تنتمين لفصيل الطلبة القاعديين”؟
– “أنتمي للاتحاد الوطني لطلبة المغرب”؟
– “هل شاهدت فلان الملقب بالوحش وهو يضرب المفتش فلان بالحجارة”؟
– “لا لم أشاهده”؟
– “هل تعرفين فلان؟”
– “نعم أعرفه”
– “هل يحمل معه السلاح الابيض دائما”؟
– “لا لم أشاهده أبدا بالسلاح قط”.. كنت أريد أن أقول إن السكين يعود لذلك الطالب الآخر الذي كان معتقلا معنا في الكوميسارية سنطرال، لكن الرفاق نبهوني أن لا أقول ذلك، فهو في الأخير طالب عادي وهم يعرفون أن السلاح له فلا جدوى من قول ذلك.
أخذ كل واحد فينا حقه في الكلام، ثم جاء دور هيئة الدفاع التي ترافعت بشكل جيد، خصوصا محام كان اسمه “طه” كان مرافعا جيدا، ارتفع صوته ودفاعه هناك و ترك بصمته في قلوب مَن كان حاضرا خصوصا “ماما” التي ما زالت تتذكره لحد الآن..
خرجنا أمام مقر المحكمة ننتظر الحكم. فجأة اتصل بي “بابا” ليقول لي: “لا تنتظري هناك لقد وصلتني الأحكام عن طريق الهاتف أنتن حكم عليكن بأربعة أشهر موقوفة التنفيذ والملقب بالوحش ثلاثة أشهر حبسا نافذا والطالب الثاني بشهرين حبسا نافذا”.
لم يكن باستطاعتي الإفلات من قبضة “ماما” ومرافقة رفاقي لإخبار باقي الطلبة لأنها كانت تظن أن الحكم الموقوف التنفيذ أصعب من المنفذ. وبتدأت سلسلة النصائح بالابتعاد عن الساحة والرفاق على الأقل حتى تنتهي فترة الحكم، لم تكن تعلم أنني كل يوم ألتحق بنقاشات الطلبة الصحراويين وأتدخل باسم الطلبة القاعديين في أشكالهم النضالية دعما منا لحقهم المشروع في تقرير مصيرهم..
وفوجئتُ يوما ب”ماما” أمام مقر الكلية هي وأختي الكبيرة التي كانت حاملا حينها، استغربت لتواجدهن هناك، قالت “ماما”: “واش بغيتي تقتليني؟ واش كنهيك على البق تولدي ليا البرغوت؟ قلت ليك بعدي على صحابك حتى تدوز ربع شهور.. مشيتي ليا عند صحراوة شنو بينك وبين صحراوة مانتي صحراوية ما والو.. بغيتي تطيري؟”…
لم أفهم ماجرى ولم تكن لي الجرأة على مجادلتها.. كان معي أحد الرفاق المعطلين الذي استطاع امتصاص غضبها ومعرفة سبب في قدومها إلى مقر الكلية… (يُتبع).




express-1 2015-07-01 21:46

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(15).. أبناء المناضلين اليساريين هم أتعس الأبناء! – بشرى الشتواني

— 1 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) كانت ماما تصرخ: “آش بينك وبين صحراوة وا عطيهوم بتيساع؟ واش انتي بغيتي تخرجي على راسك؟”…
جلسنا في مقهى بعيد ليستطيع رفيقي المعطل فهم سبب غضبها.. قالت له إن أحدهم اتصل بها ليقول لها: “بنتك ما بغاتش تجمع راسها راها كتدير المظاهرات مع صحراوة هاد المرة يلا تشدات راها متخرجش منها راه ماشي العصيان المدني هدا هادشي ره حاجة أخرى وراه بنتك تتلعب في السيادة ديال البلاد وفقضيتنا الوطنية”..
كانت “ماما” تعيد الكلام وعلامات الرعب بادية عليها. سألها الرفيق: “مَن قال لك هذا؟ قالت: إنه مفتش دي إيس تي (مديرية حماية التراب الوطني) يسكن جنب بيتنا وأنه تطوع ليقول هذا خوفا منه علي. وعدها الرفيق المعطل أنه سيقوم بنفسه بمراقبتي وأنه سيقنعني أن أبقى في البيت قليلا حتى تهدأ الاوضاع..
وذلك ما كان فعلا، حاولت أن أواظب على الدخول لقاعات الدروس وأن أستجمع رغبتي في الدراسة التي شتتها حبي القوي للساحة المقدسة واندفاعي الكبير في النقاش والتعبئة خصوصا أنني كنت محط ثقة كثير من الطلبة الذين يلجأون إلينا طلبا لاستشارة أو للمساعدة أو استفسارات في مواضيع تخص الفكر..
كنت على وشك الدخول إلى القاعة لأحضر أحد الدروس فإذا بمسيرة مفاجئة للطلبة الصحراويين تنطلق تنديدا بالحكم على أحد الرفاق بمدة سجنية لم أعد أتذكرها بالضبط، لكن الأكيد أنها لم تكن تتجاوز الستة أشهر..
وصل موكب المظاهرة بمحاداة قاعات شعبة الدراسات الإنجليزية، كانت تجلس إلى جانبي فتاة هادئة، أحست باضطرابي ورغبتي في الخروج للالتحاق بالرفاق خصوصا أنني لمحت رفاقي معهم، قالت لي: “حتى أنا صحراوية”.. “ما بيناش عليك”.. “حتى أنا بابا كان معتقل سياسي صحراوي وعانينا بزاف من هادشي”.. “كيفاش كان معتقل؟”..
وددت لو احتضنتها، كانت لنا ميول عاطفية اتجاه كل مَن يقول لنا إنه اعتُقل أو عُذب أو له قريب استشهد وكأننا نعتبرهم هم المواطنون الشرفاء..
قلت لها: “عاودي ليا” قالت: “حتى نخرجو غادي يدور فينا الأستاذ”.. كنت أستمع للأستاذ ولا أفهم ما كان يقوله.. كان كل تفكيري في المظاهرة أين وصلت؟ وفي صديقتي التي ستحكي لي حكاية معتقل سابق لأضيفها إلى باقي قصص المعتقلين التي سبق أن سمعتها.. كانت ثقافة السماع الأكثر حضورا بيننا في تلك السنة.
عند خروجنا لم أفارق صديقتي الجميلة لتحكي لي.. “بابا تعتاقل مع مجموعة سعيدة المنبهي ودوز ستة شهور ديال درب مولاي علي الشريف والبانضة، كان باقي طالب فالرباط تحكم بالحبس والاقامة الجبرية فخريبكة خمس سنين، أنا تولدت فخريبكة وحتى اختي سناء..”..
كنت أنصت إليها بفرح وفضول كبيرين، سألتها: “ما اسمك؟” أجابت: “دلال”.. قلت لها: “الله، باباك طبعا سماك على دلال المغربي”.. قالت: “صحيح وكل رفاق والدي ولدو داك العام بناتهوم وسماوهم دلال واختي سناء على سناء محيدلي وختي الثالثة فدوى على فدوى طوقان”.. هتفت: “الله”.. كنت أستمع لكلامها وأتخيل بيتهم يملأه النقاش والنضال وكل حكايات الحب والثورة..
قالت لي: “أصلا بابا جايني غدا ونلاقيك بيه غادي يعجبو الحال”.. فرحت كثيرا وطلبت منها أن ترافقني لأعرِّفها على رفاقي وذلك ما تم.. كان اهتمامهم بها زائدا عن الحد العادي بقليل، فهي ابنة معتقل سياسي ومن مجموعة “سعيدة لمنبهي”.. هذه أشياء لا تحصل كل يوم..
طالت علاقتي بصديقتي “دلال” وتعمقت جدا، صرنا لا نفتقر أنا أتكفل بالساحة وهي بجمع الدروس ومراقبة الامتحانات والعروض، كنت في لحظات الصراحة بيننا أقول لها: “أحسدك لأن أباك مناضل تستطيعين مناقشته في أشياء كثيرة”.. كانت تجيبني: “احمدي الله بأب مثل أبيك طيب متزن ومتحرر لا تطلبي أكثر”.. كنت دائما أعارضها وأشهد بطيبة أبيها لتقول لي: “لن أتكلم عن أبي أكثر لكن تأكدي أن أتعس الأبناء هم أبناء المناضليين اليساريين وكفى لن أضيف أكثر”..
كنت أقضي أغلب أوقاتي قرب رواق الرفاق، ندردش ما قرأناه في كراريس الرواق، كنت حينها مهتمة بموضوعين اثنين، وأريد ضبطهما.. أحدهما نقاش البرنامج المرحلي الذي لم يكن مكتوبا أبدا، كنا نضبطه بالسماع من رفاقنا القدامى، وكان من حظي أن أعطاني رفيقي دفترا كبيرا كانت فيه تلخيصات لكتب كثيرة منها “ما العمل؟” و”الدولة و الثورة”.. وكان نقاش البرنامج المرحلي مكتوبا بالتفصيل، كنت أطلع عليه كل مرة وكأنني أريد حفظه عن ظهر قلب، كان ذلك الدفتر الكبير نتاج مطالعة العديد من كتب التوجه صيف 2001 والذي كان صيف اعتكاف..
الإعتكاف لقراءة كتب الفكر كان قد قرره رفيقي الحبيب وأحد رفاقه من مدينة الصويرة.. اختارا أن يعتكفا في مدينة صغيرة تقع في نواحي أكادير وأن يكرسا الصيف لقراءة الفكر وتنوير عقليهما، لكنهما لم ينتبها إلى ضرورة إخبار أسرتيهما لأنني، بعدما تعرفت على عائلة رفيقي الحبيب، حكت لي أمه أنها كانت كل يوم تبكي بسبب غيابه ظنا منها كل مرة أن مكروها أصابه، وهو الذي لم يعد حينها إلى بيت الأسرة بعد، مع أن كل أقرانه من طلبة الجامعة رجعوا إلى ديارهم… (يُتبع).




express-1 2015-07-02 22:16

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(16).. ضربة سكين والحرب بين الأمازيغيين والقاعديين – بشرى الشتواني

— 2 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) مرت أيام الدراسة والنضال تِباعا دون أي جديد يُذكر إلى أن تفاجأنا صبيحة يوم أربعاء مشؤوم بالإعتداء على رفيق لنا من طرف مجموعة طلبة كانوا في حالة سكر طافح..
لم يكونوا طلبة عاديين أبدا بل محسوبين على الحركة الثقافية الأمازيغية، كان الاعتداء ضربة سكين على مستوى العنق وكأن المعتدي كان يريد تصفيته..
كانت الساعة العاشرة صباحا عندما التحقتُ بمكان الرواق، كعادتي لم أجد أحدا هناك سوى رفيقة حديثة العهد بنا، سألتها عن الرفاق والرفيقات فقالت لي إنهم ذهبوا لزيارة الرفيق المُعتدى عليه في مصحة ابن سينا..
استغربتُ للأمر فقد كان معنا في اليوم الذي سبق، ولم يكن به شيء، شكرتها وذهبت بسرعة إلى لمصحة التي كانت قريبة من مقر الكلية لألتقي بالرفيق “ب” في مدخل الكلية. سألت: “شنو وقع للرفيق (ل) كان البارح مزيان”؟.. “ضربو واحد لبرهوش ديال الأمازيغ”.. “وايلي وفين وكفاش؟”.. “كان راجع لدارو بالليل وتلاقاه هو وواحد جوج كانو سكرانين وضربو بجنوية لعنقو”.. “بغيت نمشي نزورو”.. “سيري آ الرفيقة راه كاينين شي رفاق تماك فعلا”..
وأنا في طريقي تلقيت اتصالا من رفيقي الحبيب، حكيت له ما حصل، ثارت ثائرته وطلب مني أن أبلغ الرفاق أنه مستعد إن أرادوا أن يردوا الضربة عسكريا، وأنه سيلتحق بهم، وأنهم إذا كانوا محتاجين لمساهمات مادية فهو مستعد لبدلها. سألته: “رغم كل مافعلوه بك؟” أجابني بصوت مرتفع: “هادشي للتوجه آ بشرى ماشي للرفاق والاخطاء كتوقع في أي تنظيم”.. حييته وأنهينا المكالمة.
تابعت طريقي إلى المصحة، كنت في كل خطوة أخطوها أزداد إصرارا على مواصلة الطريق وتشبثا بحب رجل متمرد ومخلص، كانت زيارتي للرفيق المصاب خاطفة لأن الرفاق طلبوا منا الالتحاق بسرعة بالجامعة، كانوا قد ناقشوا مع مسؤولي الحركة الثقافية الأمازيغية ذلك الفعل الإجرامي وأنهم إذا كانوا غير مسؤولين عنه فليعلنوا تبرؤهم من فاعله في حلقية جماهرية.
لم يوافق مسؤولو الحركة الثقافية الأمازيغية المقترح، وعندها بدأ صراع مباشر بين الرفاق وبين مناضلي الحركة الأمازيغية، رغم أن الفصيلين كانا يناضلان من قبل سويا في معارك أوطم ومرات كثيرة كان مناضلو الحركة المذكورة يساندون مواقف الرفاق ومقتراحاتهم..
كانت الساعة تشير إلى الرابعة بعد الزوال، افتتحنا حلقية التوجه بشعار “الله يبليك بحب النهج حتى تدخل الزنزانة زنزانة القاعدي ميدخلها من والا والله يبليك بحب الشعب حتى تلبس الدربالة دربالة القاعدي ما يلبسها من والا”..
وأنا أردد ذلك الشعار تذكرت ممثل النيابة العامة الذي قال لي: “واش القواعدة كيعرفو الله؟” وتأكدت أن ثقافته السياسية ناقصة..
كانت الحلقية عبارة عن وعد ووعيد بالرد على ضربة الرفيق تلك وأننا لن نسمح لمن يلمس شعرة من طالب عادي فما بالك برفيق في صفوف القاعديين وأننا كما نعرف النقاش الفكري والسياسسي نعرف المواجهة العسكرية ونتبنى العنف الثوري..
لم يعارض أي واحد منا الخطوة العسكرية، كنا غاضبين مما فعله ذلك الجبان في حق رفيقنا، وكانت نظرات بعض (وليس كل) مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية، تثير فعلا الغضب. لم نفهم حينها أو على الأقل أنا أن هناك خلافا أو انقساما في الحركة وأن اللذين كانوا ينخرطون معنا في المعارك ويتبنون مواقف تقدمية كانوا ينتمون لمنطقة سوس وأن أمازيغ الجنوب الشرقي تتمخض بينهم طروحات عنصرية، كانوا حينما يريدون التدخل في أية حلقية بالامازيغية (التي لم يكن يفهمها جميع مَن في الحلقية) أو بالفرنسية (نظرا للحقد الذي يكنونه للغة العربية كما كانوا ينعتوننا بالبعثيين العروبين ويعرِّضون ساخرين بمواقفنا الأممية) فقد كان يُسمح لهم بذلك.
حينها بدأ صراع لم يقدِّروا أنه سيحصد أرواحا بريئة ويزج بشباب غض في السجن..
نعم لقد كان الأمر يتعلق بضربة سكين من يد طالب في حالة سكر طافح وتعنت القادة في امتصاص الغضب.. ماذا كان سيحصل لو قدموا اعتذارهم في حلقية جماهرية وتبرأوا من الفعل؟ لو فعلوا لما كنا سنصل إلى ما وصلنا إليه.. فهل كان الأمر يتعلق بصراع حتمي بين فكر شوفيني عنصري وآخر تقدمي أممي؟… أفكار كثيرة وأسئلة ما زالت تطرح نفسها عندي وتزداد قوة كلما سمعت أن أحد الرفاق أُخذ إلى المستشفى بسبب ضربة سيف أمازيغي متطرف.
بعد الحلقية اجتمعنا قرب مربض الدراجات الهوائية لنتحدث عن أمور آنية، اجتمعنا وتكلم الرفيق “م” طلب من أحد الرفاق أن يرافقنا أنا ورفيقة أخرى من “آت ملول” إلى مكان النقل الجامعي ويبقى معنا حتى انطلاق الحافلتين اللتين ستقلاننا، وحذر الرفاق من الخروج ليلا دون سلاح أو بشكل فردي، ثم أكد أننا سندخل في المواجهة، وأخبرنا نحن الذين لا يمكننا حضور اجتماعات الليل أنه سيتكلف بإخبارنا بخلاصات الاجتماع.. أخبرتهم بما قاله لي رفيقي الحبيب وأنه مستعد لكل مساعدة، قال لي الرفيق “م” الذي أصبح فيما بعد من أعز أصدقائه: “اشكريه وقولي له أن يستعد لأن التوجه سيحتاجه حتما”… (يُتبع).




express-1 2015-07-03 21:47

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(17).. حرب داحس والغبراء بين القاعديين والأمازيغ! – بشرى الشتواني

— 3 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) في اليوم الموالي أخربني أحد الرفاق أن خلاصات اللقاء هي الرد العسكري على الإعتداء على رفيقنا، لم أناقشه أبدا، أحسست أن الأمر لا يعنيني بشكل مباشر لأن المواجهة العسكرية كان يقوم بها رفاقنا الذكور أولا، ثم إنني كنت أكثر الرفاق ابتعادا عن طرح العنف ذاك.
كانت هناك عدة أحداث وطنية تحيل على تورط الطرفين في أعمال العنف، فقد هجم رفاق الراشيدية قبلها بأيام على بعض مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية في مقصف كلية الراشيدية لدرجة أن إحدى الصور تبين قطع أصبع أحد الأمازيغييين. كل هذا لم يكن يطرح عندي سؤالا، فلماذا كل ذلك العنف في حل الاختلافات أو حتى الخلافات؟ المهم بالنسبة لي هو أنني كنت أناضل إلى جانب رفاقي القاعديين، وما عدا ذلك لا يهم وهذا ما كان يجعل مكانتي قريبة من أغلبهم بل كنت صديقة لأغلبهم.
يوم الهجوم على مرتكب الجريمة في حق رفيقنا (حسب إحساسي ساعتها) كانت الساعة تشير إلى السادسة مساء، كنت أعرف أنها ساعة الصفر لكني لم أتحمس للبقاء ومشاهدة ما سيحصل من ضرب، بل قررت أن أغادر باكرا.
خرجت من باب كلية الآداب. كان هناك مناضل ضخم الجسم يحمل حقيبة ظهر دائما وكان الرفاق يظنون أنه قائد فصيل الطلبة الأمازيغ العسكري، فكلفو أحد الرفاق جاء خصيصا للظرفية من مراكش بمراقبته وضبطه. تساءلت عم يفعله ذلك الشخص هناك وهو قائد الطلبة الأمازيغ، لكنني لم أتجرأ على الاتصال بالرفاق اللذين كانوا ما زالوا في الساحة المقدسة.
بعد التحاقي بالنقل الجامعي سمعت من بعض الطلبة أن “القاعديين كيتواجهو مع الأمازيغ” لم أتدخل في نقاش الطلبة ولم يستيقظ فضولي تجاه ما وقع، ربما لأن ثقتي في رفاقي ساعتها كانت كبيرة أو لأنني كنت أظن أننا أصحاب حق وأننا سننتصر كما في كل شيء آخر..
كنت أفهم كل شيء ما عدا واحدا، لم يستوعبه عقلي الصغير ساعتها، وهو أن التطرف ليس مصدره بالضروة اليمين فقط، بل قد نجد تطرفا يساريا لا يفهم سوى عبر هذا المنطق: “أنت لست معي إذن أنت ضدي” وأن العنصرية ليست فقط عربية ضخمتها أكاذيب من قبيل الوطن العربي والفكر البعثي الغبي، بل إنها أيضا أمازيغية ضخمها بعض طلبة الحركة الأمازيغية بسبب انتمائهم للمغرب العميق، مما عمق جرح الهوية في دواخلهم حتى تحول إلى عنصرية مقيتة، ثمة مِن بينهم مَن صححها مع الوقت ومنهم مَن لا زالت تملأ رأسه المتحجر.
في صباح اليوم الموالي التقيت الرفاق وقد بدت علامات الانتشاء على وجوههم. قالوا لي بأنهم ضربوا مَن ضرب رفيقنا وأنهم أعطوا للجميع درسا مفاده أن يفكروا قبل أن يدوسوا لقاعدي على طرف حذائه..
فرحت وأحسست أننا أقوياء جدا، ومن ساعتها تعودنا على نطق كلمة عنف ثوري، لم أفهم منها شخصيا غير أمر واحد هو أن الرفاق كلما وصلوا في خلاف مع أحد الاطراف السياسية إلى الباب المسدود فإن هاجس العنف يتحرك فيهم.
مر كل ذلك دون أن يحرك في داخلي أي سؤال عن ماهية العنف، بل كان ارتباطي بالتوجه يزيد كل يوم وأنا في الساحة المقدسة أناقش ضمن الحلقيات والدردشات.. أو أحاول استقطاب طالبات وطلبة جددا للتوجه وأنا أراقب انتصارات الرفاق وسط الساحة..
وكان انتصار رفيقتي طالبة الأدب العربي ذات صبيحة مما رفع الرأس. حدث ذلك في اليوم الأول حين انطلاق الأيام الثقافية للطلبة الثوريين الذين جاءوا في الصباح الباكر وعلقو لافتاتهم وصور الشهداء ورصوا كراسات الثورة الدائمة والبوصلة ومقالات روزا لوكسومبورغ وذهبوا ليتناولوا وجبة الفطور عند الحسين “مول البيفيت” (هكذا كنا نسمي مقصف الكلية)..
كانت الساعة تشير إلى الثامنة والنصف، وصلت رفيقتي ضمن أوائل الطلبة إلى الكلية لتجد اثنين من جهاز الأواكس يتجولون في الساحة ويطالعون كراسات الرفاق الثوريين وهو تصرف خطير يستحقون عليه محاكمة جماهيرية. والمشكل الأخطر أن ذلك تم على مرئ ومسمع إثنين من الرفاق الثوريين..
ثارت ثائرة الرفيقة وأخدت تصيح في وجه الرفاق الثوريين: “مقدرتوش تحصنو رواقكم من الاواكس وباغيين تديرو الاسبوع نوضو نجريو على هاد الكلاب من الساحة”.. وأخدت تردد شعارات تفضح تلك الممارسة.. كنت أنا في المقصف أتناول وجبة فطوري الهزيلة، ولم أكمل شرب كأس قهوتي بعد، قال لي أحد الطلبة: “الرفيقة فلانة تصرخ”.. هرولنا نحو الساحة لنجدها ترفع الشعارات و راء عنصري الأواكس وهما يسرعان الخطى هربا من التحاق باقي الطلبة.. دخلا إلى مكتبهما وأقفلا عليهما الباب، تجمهرنا أمام المكتب ونحن نندد: “أواكسي حمار مهمته قمع النضال ولا غيره سليل البغال ودا اصله عميل النظام ودا طبعه أواكسي حمار مهمته قمع النضال ولا غيره..”..
كنت أردد الشعار وأتذكر كل ما مررنا به في الكوميسارية وأتذكر الرفيق “الوحش” وهو الذي كان ما زال يقضي عقوبته السجنية، والأكيد أن رفيقتي كانت تحس بنفس الإحساس.. بعد حصة الشعارات تلك التحقنا بالساحة وبدأت حصة “البولميك”.. فتحنا حلقية باسم الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ونددنا بما وقع وأن ذلك تطاول على حرمة الساحة المقدسة، ثم تناوبنا أنا ورفيقتي ورفيقا آخر على مهمة “البوليميك” الموجه لرفاقنا الثوريين الذين لم يستطيعوا تحصين رواقهم في أول يوم من الأسبوع الثقافي.. ما زلت أتذكر رفيقتي وهي تقول لهم: “العشا الزين كيبان من العصر، صباح أول يوم من الأسبوع مقدرتوش تحصنو رواقكم منعرف واش غادي نبقاو نكونو هنا ديما باش نحميو الساحة ولي كيناضل فيها ولا لا!…. (يُتبع).




express-1 2015-07-04 21:03

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(18).. معركة العَلَمِ الأمازيغي وحركة “لعيالات جايات” – بشرى الشتواني

— 4 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) لم تنته الأيام الثقافية لرفاقنا الثوريين في سلام فقد واجهوا تحرشات مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية في اليوم الثالث من ايامهم تلك.. كانوا قد علقوا مع لافتاتهم علم الأمازيغ والذي لم يكن الرفاق القاعديين يعلقونه، ولم أكن أدري ساعتها هل تم ذلك عن حقد أم لرفضهم الفكرة على أساس موضوعي.. كل الذي كنت أعرفه ساعتها أن ألوان العلم المذكور كانت تعجبني لكنني لم أكن لأستطيع البوح بذلك.. واليوم بعد مرور كل هذه المدة انتصرت لحبي لتلك الألوان وقررت الدفاع عنها عن اقتناع لا عن حب فقط ..
كان رفاقنا الثوريون يعلقون إلى جانب رواقهم علم الأمازيغ الأصفر وصورة كل من بوجمعة الهباز ومعتوب لوناس، ليتدخل طالبان من الأمازيغ دون أخذ إذن أو بعد نقاش مسبق، انتزعا العلم والصورتين، وهنا بدأ التراشق بالكراسي واللكمات والركلات… تحولت الساحة في لمح البصر إلى حلبة مصارعة وعمت حالة الرعب عند الطلبة العادييين، كان أول المتضامنين مع رفاقنا الثوريين هو ذلك الرفيق الذي قال لنا أننا نتقاطع معهم في أشياء كثيرة وأنهم لن يتركوا ذلك التطاول يمر مر الكرام..
وفعلا ذلك ما حصل حيث اتحدوا ضد مرتكبي الفعل الذين هربوا ومعهم صورة بوجمعة الهباز الذي يصرون على اعتباره شهيد الحركة الثقافية الأمازيغية.. لم أكن أعرف بوجمعة الهباز ساعتها لكنني اليوم أعرف تاريخه جيدا فهو أحد مناضلي اليسار المغربي ابن مدينة ورزازات، حينما لم يكن ساعتها أي شيء يدل على وجود تنظيم اسمه الحركة الثقافية الأمازيغية، بل الأكثر من ذلك فإن اليسار المغربي آنداك لم يوف القضية الامازيغية حقها..
بعد معركة العلم تلك، فتحنا نقاشا لوضح فيه للطلبة ما وقع، ونشرح لهم أن هناك من يريد للساحة الطلابية أن تنزف دما، وأننا لن نسمح بالتطاول على الفكر التقدمي.. وكل ذلك الوعيد الذي كان رفاقي يتقنونه في ذلك الوقت.
كانت أيامنا تمر داخل الساحة المقدسة دون أن نحسها أو حتى نشعر أننا كنا نقوم بنفس الفعل في كل مرة.. كنا مصرين على التواصل مع الطلبة بشكل يومي وألا نترك أي حدث يمر علينا مر الكرام. كانت مناسبة اليوم الأممي للمرأة مهمة جدا بالنسبة إلينا خصوصا أنها تزامنت مع السنة التي كانت ستخرج فيها مدونة الأسرة للوجود.. كنا نقول: بما أن الميثاق مخطط طبقي فكل المشاريع التي تمر هي مخططات طبقية..
اقترحني أحد الرفاق لأتكفل بالمداخلة المركزية للنقاش حول موضوع المرأة والذي كان سيبدأ في الساعة العاشرة صباحا، وأن نسترسل فيه عند الرابعة بعد الزوال.. أحسست بصعوبة المهمة لكنه طمأنني قائلا لي إنه سيساعدني، طلب مني الاطلاع على كتاب أصل العائلة لإنجلز ومحاضرات حول تحرر النساء الذي كنت قد قرأته منذ مدة، ثم الإطلاع على المدونة الجديدة لفهم ما كان يجري حينها بخصوص المرأة المغربية، وكان تقسيم النقاش على الشكل التالي: الصباح “التأسيس التارخي لقضية المرأة من بداية المشاعة البدائية إلى ظهور المجتمع الرأسمالي” ثم في المساء: “خصوصية المرأة المغربية ونضالها ضد المجتمع الذكوري”..
ما لم أنتبه إليه ساعتها وربما رفاقي أيضا، أننا من كثرة تقديسنا لِما وجدنا عليه الساحة لم نكن نفكر في إبداع قنوات تواصل جديدة مع الطلبة، كان سيكون نقاشا مهما جدا لو حولناه إلى ندوة وتفاعلنا مع الطلبة، حيث كان سيكون أفضل. لكنني بقيت أصرخ طيلة اليوم كي أناقش موضوعا كان من الأحسن لو تمت مناقشته بصوت منخفض، بيد أنه كان من المستحيل قول ذلك. ولو حدث ذلك لاتهمني الرفاق بالسعي إلى النضال من فوق الكراسي..
“نضال الكراسي” كان تهمة وخيمة شأنها شأن نظيرتها اليوم “النضال الفايسبوكي”.. وأتذكر بهذا الصدد طالبة قاعدية أيام حركة 20 فبراير.. كنا في اجتماع تأسيس حركة فكرنا فيها افتراضيا وأنزلنا الفكرة على أرض الواقع، سمينا الحركة “لعيالات جايات”. في يوم التاسيس بأكادير جاءت تلك الرفيقة تصرخ في وجوهنا: “ذاك النضال الفايسبوكي ما واكلش، المغرب خاصو الثورة والمرأة ماشي عيالات خاصها ثورة باش تتحرر”..
أكملت مداخلتها النارية، لم أجبها لأني كنت أبهها من سنوات، لكن صديقتي الاتحادية والتي جاءت لتحضر الاجتماع قالت لها: “ملي تديرو الثورة ما ديرو ليا والو عقلو راني صاحبتكم” قالت ذلك بتهكم واضح، أشفقنا عليها واحترمنا ثوريتها الزائدة وإن كانت غير واقعية، المهم أنها كانت صادقة والصدق هو ما ينقصنا لنحقق الكثير..
في ذلك اليوم كانت الساحة المقدسة ممتلئة عن آخرها بالحلقيات، كل توجه سياسي يريد أن يناقش نظرته للمرأة حتى الظلاميين قرروا أن يناقشوا نفس الموضوع، ولأنهم لم يستطيعوا قول شيء أمام زخم اليسار في ساحتنا المقدسة، فقد نصبوا منصة كبيرة في ساحة سعيدة لمنبهي ونظموا مسابقة لتجويد القرآن، كان المهم هو أن لا يتركوا رقعتهم في لعبة الشطرنج تلك فارغة.. رقعة شطرنج مليئة بالعبث..
انتهت الحلقية ورجعت إلى المنزل بعد غياب اليوم كله، كان صوتي قد اختفى تقريبا إذ لم أكن أقوى حتى على رد تحية السلام، كنت أفكر فيما سأقوله ل”ماما” والمبرر الذي أقدمه لها أنا التي كنت قد وعدتها والرفيق المعطل أنني لن أقترب من الرفاق إلى أن تنتهي الأربعة أشهر المحكوم علي بها مع وقف التنفيذ، وتمر جلسة الاستئناف.
فور وصولي إلى البيت اكتشفت أن اختي الكبرى زارها مخاض الولادة والجميع مشغول بها.. تنفست الصعداء ونمت دون أن أحاول السؤال عن أختي فينكشف أمري. في اليوم الموالي طلبت أمي أن لا أذهب إلى الجامعة وأن أبقى مع إخوتي لأنها سترافق أختي إلى المستشفى..
كنت أنتظر أخبارا عن وضع أختي الصحي حين اتصل بي الرفيق “ر” ليقول لي إنهم في إنزكان وأن الرفيق “الوحش” سيخرج من السجن في ذلك اليوم، لم أستطع مقاومة الأمر، خرجت من البيت ضاربة بعرض الحائط وصايا “ماما”.. كان إحساس الفرح يغمرنا ونحن نعانق بطلا قاعديا بالنسبة للجميع، وهو كان بالنسبة لي بطلا حقا لأنني عشت معه لحظات بطولته تلك، وكيف كان الجلاد يهابه وهو مصفد اليدين ولايستطيع المقوامة..
ما زلت لحد الآن أحتفظ لحد الآن بنفس الصورة عن رفيقي “الوحش” الذي لم أره منذ سنة 2005 ولكنني متأكدة أنه ما زال صادقا وقويا كما عهدته…. (يُتبع).




express-1 2015-07-05 22:04

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(19).. عن أجساد القاعديات وأحذية القاعديين والثورة – بشرى الشتواني

— 5 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) لم تكن ولادة أختي سهلة أبدا فقد استمرت آلام مخاضها طوال تلك الليلة، وكان ذلك نقطة “حسنة” بالنسبة لي، فقد عدت للمنزل متأخرة ولم تنتبه إلي “ماما” لم تسألني عن سبب بحة صوتي حتى!
في اليوم الموالي استطعت الإفلات من قبضتهم بإعجوبة، ذهبت إلى الجامعة على أمل أن أجد رفيقي “الوحش” في الساحة وأن نتبادل نقط النظام والمداخلات وسط الحلقية، لكني لم أجده، كان الرفاق قد قرروا أن يقوموا بحفلة صغيرة داخلية استقبالا له في يوم الأحد الموالي لخروجه من السجن، وافقتهم الفكرة فهو يستحق أكثر من حفلة استقبال.
كانت أجواء الاستعداد للامتحانات النهائية تخيم على أجواء الساحة، كل طلبة النظام القديم كانوا يستعدون لتجاوز الامتحانات وكانت فرصتي للقاء رفيقي الحبيب والذي كان قد جاء لاجتياز امتحانات حُرم منها بسبب علاقتنا أو لأسباب أخرى كنت أجهلها.
كنا نقضي يومنا في التجول عبر أزقة أكّادير السياحية.. نتبادل أحاديث الحب ونفكر في مستقبل يضمنا يكون أكثر تحررا من حاضرنا، كان يعدني بكل شيء جميل وأنه سيكون هنا في أي وقت أحتاجه ليس لأنه ملاك بل لأنه مبدئي ويحبني حبا شيوعيا خالصا، ولأن ما كان يميزنا هو الصدق حقا فقد كنت اصدق كل مايقوله دون ان يراودني شك في امكانية فشل مشروعنا.
مرت الأيام تباعا وأنا “أستفيد” من مخاض أختي الذي دام أسبوعا في المستشفى وملازمة “ماما” لها وهو ما منحني هامش حرية أكبر وأبعد عني برج المراقبة إلى أن جاء يوم وضع أختي التي أهدتنا طفلة جميلة اخترنا لها بالاجماع اسم “هِبة” كلمت رفيقي الحبيب في الهاتف لأخبره بالخبر السعيد ففرح لفرحي وقال لي عيد ميلاد “هبة” الأول سيكون يوم عرسنا تأكدي من هذا..
كنت في كل يوم ألاعب “هبة” الصغيرة أتمنى أن تكمل سنتها كي أعيش فرحة وعد لطالما حلمت به.. هكذا مرت أيام التحضير للامتحانات واجتيازها أيضا.. كنا نناضل من أجل وضع مريح للطلبة ثم نستعد بجدية كي نظفر بنتائج تليق بمناضلي أشرف نقابة في المغرب..
قُبيل فاتح ماي كان لنا موعد مع حفل استقبال المناضل الصحراوي الذي تم اعتقاله بمراكش، استدعانا الرفاق الصحراويون وقالو إنه حفل كبير على شرف مناضل كبير حضر فيه الكل حتى أعضاء هيئة الدفاع، لم أستطع الحضور لأن برج المراقبة العائلي كان قد عاد للإشتغال مسلطا أضواءه عليَ، لكن أجواءالإحتفال كانت تصلني أولا بأول، فقد كانت لي صداقات كثيرة وسط الصحراويين.. ومما وصلني أنهم نحروا جملا واستقدموا فرقة موسيقية من الصحراء لإحياء حفل الاستقبال ذاك…
في اليوم الموالي قال لي “الوحش”: “يعني ويم حفلك لم نستطع شراء حتى علبة عصير وصحراوة نحرو جمل ودارو لعشا”.. ضحك الوحش ملء فمه وقال: “الله ابيلك بحب الشعب حتى تلبس الدربالة دربالة القاعدي ما يلبسها من والا”!
وهنا تذكرت أن الرفاق كانوا يتباهون بكدحهم في مرات كثيرة، كانوا يتهكمون على الرفاق الذين يضعون مرطب شعر أو لمسة أناقة على هندامهم على تواضعها، وأتذكر هنا يوما أن أحد الرفاق جاء وحذاؤه ملمع جيدا، كنا نمشي سوية فتوقف فجأة أمام باب الكلية ليخضب حذاءه النظيف اللامع.. سألته عن السبب فأجابني: “احنا القاعديين خصنا نحرقو الصباط ماشي نسيريوه شنو غدي يقولو علينا الطلبة”.
ومرة دخلت إلى الكلية أنا وإحدى الرفيقات وعلى شفتينا أحمر شفاه وردي، استوقفنا أحد الرفاق ليطلب منا بشكل يشبه الأمر جدا أن نذهب ونغسل وجهينا قائلا أننا لسنا أيقونات كي نقوم بوضع الماكياج بل مناضلات.. لم أكن أفهم كيف يجب على المناضلة أن تشبه الرجل كي تكون صادقة، ولماذا كانت كلمة أيقونة تحيل على التحقير؟ فبالعكس كلما كانت المناضلة شجاعة وصادقة تزداد جمالا عندما تهتم بنفسها. ما كان سائدا وسط الرفاق القاعديين كان عكس ذلك تماما..
أذكر بهذا الصدد أنني طيلة ثلاث سنوات لم أرتد تنورة وأنا اليوم أخرج مع المتظاهرين لأدافع عن حق المغربيات في ارتدائها، بل إن هناك مَن كان معي في التجربة القاعدية ممن رفضوا هذا التضامن وعلقوا عليه بالقول إن قضية المرأة ليست في ارتداء التنورة بل إن قضيتها كبيرة تحتاج منا إلى حشد الهِمم للقيام بالثورة..
لا أدري متى ستحتشد هذه الهمم؟ كل ما أعرفه أن رفيقات كثيرات دمرن مستقبلهن باسم حرية التصرف في الجسد، وأن رفاق كثيرين التحقوا بالفكر المتحرر فقط من أجل حرية الجسد تلك..
لقد كنت دائما ضد نزعة الانسلاخ من مجتمعنا المغربي وخلق عالم حر منغلق يخنقنا.. وأعتقد أنه فور إكمال مرحلة الدراسة الجامعية سواء بنجاح أو فشل يجب على الرفيقة أن تحقق مطالب الحرية بتدرج وعقلانية كي لا تقوم بثورة غبية على حساب جسدها ومستقبلها، ذلك لأنه كما يوجد بيننا الصادقون جدا هناك أيضا المرضى جدا والمنافقون جدا.. وهذا ما يؤخر مسيرتنا، لأن الصادقين إن لم يستطيعوا فعل شيء فإنهم يلتزمون الصمت، أما المنافقون فيدافعون عن بقاء الأمر على ما هو عليه بدعوى الإخلاص للمبادئ ودون العمل على تحقيق أهدافها وهنا تكمن مشكلة المتطرفين.
بالنسبة لي كلما راكمتُ تجربة نضالية زائدة أتيقن أن التطرف لم يكن أبدا يمينيا فقط، بل هناك تطرف يساري يقتل التغيير والفرح والحرية أكثر من اليميني لأنه مندس وسطنا، وأفهم أكثر أن المجتمع المغربي لا يقبل التطرف أبدا، ويرفضه رفضا باتا والدليل أن رفاقي الثوريين جدا لم يراكموا مع عامل واحد ثورة عمال ولا مع فلاح واحد ثورة فلاحين.. الثورة التي لن تكتمل إلا بتحالف العمال والفلاحين الفقراء.. فكيف يساهم فيها مَن لا يعرفون حتى جيرانهم؟ فكيف يتسنى لمنطق التراكم الكمي أن يتحقق ويحقق القفزة النوعية؟
ومع ذلك.. ومع ذلك يعلنون اتهامهم لنا بأننا نميع النضال ونوجهه توجيها ليبيراليا، لكننا أجبناهم أننا نحرر النضال من تطرف يميني يقتل الحياة فينا وتطرف يساري يؤجل الحرية في مجتمعنا… (يُتبع).




express-1 2015-07-06 21:44

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(20).. “أحب الورد لكنني أحب الخبز أكثر”! – بشرى الشتواني

— 6 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
حلقة اليوم من “مذكرات قاعدية كَلاكَليبة” استثنائية على أكثر من مستى لأني أرسلها لموقع “أخبركم” من داخل قاعة الجلسات التي تمر فيها أجواء محاكمة فتاتي إنزكان المتابعتين لأول مرة في تاريخ محاكم المغرب بتهمة “الإخلال بالحياء” العام عن طريق اللباس..
محاكمة الفتاتين ليست عادية لأننا كمناضلات ومناضلين نتبنى المساواة الفعلية، ولا نرضى عن الحرية تعويضا.. نعم لقد أقمنا محاكمتنا قبل بداية المحاكمة بالصراخ ملء أصواتنا مطالبين بالحرية والعدالة الاجتماعية وأقام أكثر من خمسين محاميا الدنيا ولم يُقعدوها عن طريق مرافعاتهم الجريئة في المحكمة لإدانة مأسسة الرجعية، تحت ذريعة “العري” الذي يُراد له أن يكون مؤنثا..
الجميل اليوم والذي جعلني أصر على بوحي عن تجربة نضالية غنية، هو وجوه نساء مدينة “إنزكان” وهن يسبقننا إلى باب المحكمة، مرددات شعارات المساواة..أعحبتني كثيرا كلمة إحدى الأمهات: “هادو راه جهلو أنا بناتي كيلبسو الميني وربيتهم بعرق اكتافي، الشرف ماشي صاية الشرف عقل وكرامة”..
لم أتمالك نفسي عانقتها.أمسكتني “ماما” من كتفي.. عانقتني وقالت: “أنا فخورة بك ابنتي انت حرة وشريفة الله اخلف على الجامعة لي رباتك ورداتك مناضلة”…
لهذا السبب أكتب حلقة اليوم من “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” من قاعة محكمة مدينة “إنزكَان” حيث تُتِابع فتاتان بتهمة “الإخلال بالحياء العام” أكتب وأنا مفعمة فخرا بتاريخ “أوطم” وبكل المتخرجين من هذه المدرسة العتيدة..
(…) كانت الاستعدادات تقام على قدم وساق لإنجاح محطة العيد الأممي للعمال…
لم يكن في استطاعتي تجاوز برج المراقبة العائلي والخروج صباح يوم فاتح ماي للالتحاق بمقر الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والمساهمة في الالتحام بالعمال يوم عيدهم، خصوصا أن تلك السنة كانت مليئة بالأحداث، وتعاطي الطلبة كان إيجابيا مع الرفاق القاعديين، لكنني كنت أتابع المسيرة وبعدها شاهدت صور مسيرة أخرى كانت كلها مغطاة بأعلام الثورة الحمراء..
كنت أطرح هذا السؤال باستمرار: لماذا لا نتواصل مع العمال طيلة أيام السنة وليس أن نحتفل معهم وبهم فقط في يوم فاتح ماي؟
لم أجد إجابة عن سؤالي، وهو مصير الكثير من الأسئلة التي لو تعمقت فيها أكثر، لكنت انسحبت من الساحة المقدسة في غضون الستة أشهر الأولى، لكن رغبتي في أن أكون مناضلة كانت أكبر من أسئلتي.
مباشرة بعد فاتح ماي نظمنا أسبوعنا الثقافي كتتويج لسنة نضالية حافلة. كنت في هذه المرة في قلب الحدث تقريرا وتنفيذا، اخترنا المواضيع التي كنا سنناقشها والتي كان من ضمنها دائما “الوضع الراهن ومهام الحركة الطلابية” ودائما كان الرفيق الفاسي هو مَن يتكلف بنقاش الموضوع وهذا ما تحفظت عليه لأنني كنت متأكدة أننا لن نفهم شيء من كلامه.
تكلفت أنا ورفيقتي الحبيب بنقاش داخل رواق المرأة، ثم تكلفت أنا وأحد الرفاق بنقاش البرنامج المرحلي بنقاطه الثلاث: التفصيل والتجلي والجوهر.
مرت أيام الأسبوع سريعة الثقافي مليئة بالانتشاء السياسي والنضالي. ولأن الاسابيع الثقافية تُختتم بأمسية فتية اخترنا أن تكون الأمسية في مستوى سنة نضالية بحجم سنة 2004.
كان المكلف بإحياء الأمسية هو الفنان “عبيدو” ولأول مرة التقى أفراد جيلنا مباشرة مع من غنى “الحقيقة وميري..”…
امتلأ المدرج عن آخره، غنينا وقلنا شعرا في الثورة وليس في الحب لأن الرفاق ساعتها لو كلمتهم عن الحب لانتفضو وكلموك عن الثورة تأسيا بالعبارة الشهيرة: “أحب الورد لكنني أحب الخبز أكثر”!… (يُتبع).




express-1 2015-07-07 21:53

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(21).. الحلم بمجتمع شيوعي في المغرب وانشقاق القاعديين – بشرى الشتواني

— 7 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) مَرَّ الصيف رتيبا إلاَّ من اتصالات بعض الرفاق للإطمئنان علي ولقاءاتي الخاطفة برفيقي الحبيب، كنت أحاول امتصاص الملل بالمطالعة والتواصل مع الرفاق.. كنا ونحن طلبة خصوصا، من حلَّت عليه منا لعنة انتظار المجتمع الشيوعي، بمثالية زائدة، نعاني من عدم القدرة على التواصل مع الناس والأصدقاء والصديقات الذين واللواتي كانوا يعيشون حياتهم كما قدر لهم أن يعيشوها..
كنا نتحدث لغة غريبة عن الناس من حوالينا، ونحلم أحلاما لا يفهمونها كنا بالنسبة إليهم مجانين نحلم بالمستحيل ونفكر فيه وندرجه على رتبة الممكن، بينما كنا نحن ننظر إليهم نظرة متعالية، كنا نعتبرهم قاصرين لم يستطيعوا فهم العالم أو يصدقوا حتمية التاريخ في تحقيق حلم المجتمع الشيوعي يوما ما.
خلاصة القول أننا كنا غريبين في مجتمع يكاد أفراده يكونون متشابهين ما عدانا نحن.. والأفظع أننا كنا أقلية أو هكذا كان يظهر لي، ويبقى السؤال: مَن على صواب ومَن على خطأ؟
شخصي كنت متيقنة أننا كنا على صواب، بل كان عندي يقين أن أشرف الناس هم القاعديون وأصدقهم وأكثرهم قولا للحقيقة.. كنت مؤمنة أن الحقيقة نسبية، لكن عندما تخص القاعديين فأنا أتقبلها بإطلاقية غبية في كثير من الأحيان..
كنا نؤمن بأفكارنا حد التقديس، وهنا كنا نسقط في التناقض الذي يفصلنا عن المجتمع والناس أو على الأقل من خلالي أنا وتجربتي.
في ذلك الصيف كانت النقطة المفصلية التي جعلتني أطرح تساؤلات، جعلتها مؤجلة إلى حين، تتمثل هذه النقطة في سؤال واحد دائم: ماذا سنفعل عندما ننتهي من مرحلة الجامعة؟ سنضطر للابتعاد عن القاعديين، بل لن نصبح قاعديين، سنتحول إلى ماركسيين لينينين في الشارع، فكيف سنندمج في الحياة ونحن الذين لم نستطع التواصل مع التنظيمات في الشارع؟
كنت أظن أنني الوحيدة فقط التي تطرح هذا السؤال خلسة وبصوت منخفض، خوفا من تفسيره بشكل خاطئ، لكن بعد الدخول الجامعي سأكتشف أن صيفي فقط الذي مر رتيبا، أما رفاقي فقد كان صيفهم صيف نقاش قد يؤدي أو أدى فعلا الى انقسام كبير بدأ في مراكش وأرخى بظلاله على أكادير بحكم القرب.. وهنا فهمت لماذا في آخر أسبوع كان ذلك الإنزال الكبير من مراكش، ولماذا كانت هناك مجموعتان من موقع واحد لا يكلم أفرادهما بعضهم بعضا، ولا يتبادلون حتى التحايا، فهمتُ أيضا لماذا كان الرفاق في أكَادير حريصين على إبعادنا عن كل هذا وتنبيهنا أن نهتم بالنقاش الجماهيري فقط..
بطبعي لم أكن وما زلتُ، لا أحبذ النقاشات الثنائية أصلا، لذا لم أكن أشكل خطرا وسط كل ذلك الصراع. تكلف أحد الرفاق بوضعي في الصورة وتنبيهي إلى أن هناك مجموعة من مراكش تراكم الأفعال للخروج بخط تحريفي سيقسم الذات القاعدية ويدمر كل ما راكمناه خصوصا أن من يتزعم المجموعة أشخاص كانوا بالنسبة إلينا نماذج نضالية مثل الرفيق الذي من فاس المتحصص في نقاش الوضع السياسي الراهن ومهام الحركة الطلابية، والذي لم نكن نفهم شيئا مما كان يقوله. ربما تلك الضبابية كانت مقصودة كي نبقى على عمانا ونتبعه، كان رفاق فاس ومكناس هم من فطنوا أولا إلى خطة الانقسام تلك ونبهوا رفاق مواقع أكَادير والراشيدية ووجدة ومجموعة من مراكش كانت تنسق معنا بشكل مباشر..
كنا في أكَادير ننتظر من رفاق مكناس معركة كبيرة من أجل إرجاع المطرودين الذين تجاوز عددهم العشرة، لكن رفاق مكناس كان قرارهم هو الإنسحاب وهذا ما آخذه عليهم مجموعة من الرفاق في مراكش الذين دخلوا في معركة كبيرة لمواجهة بنود الميثاق علنا، ولفرض سيطرتهم على كليات مراكش كخطوة استراتيجية..
كانت معركة قوية، ولم يكن لدينا خيار سوى دعمها ودعم معتقليها الذين كانو يتزايدون كل مرة، وفي السجن كانت مرحلة الفرز بين مَن كان مع المجموعة الأولى التي أعلنت عن نفسها في وقت لاحق، على أساس أنها خط ماوي والمجموعة الثانية والتي انضمت لما أصبح يُعرف بمواقع الصمود..
بالنسبة لي لم أواكب كل ذلك، كنت أطرح فقط السؤال الذي أسلفت: ماذا بعد مرحلة الجامعة؟ أما الصراعات فلم تكن تعنيني. كان رفاق مكناس يجرِّمون العمل من داخل الإطارات الجماهرية تجريما قاطعا، ورفاق مراكش ينادون للعمل من داخلها لبناء عمل جماهيري ثوري عن طريق الالتحام بالجماهير، وكنا نحن نركض بين هاته المجموعة وتلك، كانت مشكلتنا أننا نتفرج على النقاش دون أن نتموقع أولا، لأننا لم نكن نريد أن نخسر الكثير من رفاقنا، ثم لأننا لم نكن نعرف حتى عمَّ يتحدثون لأننا لا نتواصل مع الجماهير سوى في مسيرة فاتح ماي.
لم يلهِنا النقاش عن الساحة المقدسة، بل كنا نتواجد بشكل يومي إلى جانب الطلبة الذين لم تكن لهم رغبة في إنجاح أي معركة نقابية، خصوصا أننا نجحنا في إسقاط النقطة الموجبة للسقوط والحضور الإجباري، ثم فروض المراقبة المستمرة، ولأن نسبة النجاح كانت مرتفعة جدا، فقد كان الطلبة مصرون على إبقاء الوضع على ما هو عليه، رغم نقاشاتنا معهم..
كل هذه الامتيازات والمكتسبات كنا سنفقدها إن نحن توقفنا، خصوصا جزئية النقطة الموجبة للسقوط والتطبيب المجاني. كل هذا لم يُلهِ رفاق أكَادير عن مواكبة نزيف البيانات الصادرة من مراكش تارة ومن مكناس تارة أخرى. كنا في أكادير وكأننا نقوم مقام رجل المطافئ الذي يريد إطفاء الحريق دون خسائر..
هكذا كانت الأجواء إلى أن جاء صباح يوم غريب دخلت فيه مقصف الكلية لأجد أحد الرفاق المعطلين يوزع كراسا “في التناقض” و كراسا “في الممارسة العملية لبعض الطاقات والطلبة الجدد” سألته عن السبب فقال لأنه مفيد لهم. فسكتت. وبعد وصول أحد الرفاق الذي كنت أثق في موضوعيته، حكيت له عن ممارسات ذلك الرفيق الغريبة. استفزه الأمر وقال لي بأنهم يراقبونه لأن تصرفاته فعلا مريبة، وأن سفره المستمر للرباط حيث يوجد أحد منظري التنظيم الجديد، ليس بريئا..
هنا بدأ الرفاق يتخذون موقف التموقع لصالح رفاق العمل من داخل الإطارات الجماهيرية ويعتبرونها جريمة وحراما واكتمل تموقعنا بشكل عملي بعد احتجاز الرفيق الموضوعي والجدي جدا في مراكش هو ورفيق آخر، حيث تم ترهيبه بالسلاح الأبيض إن لم يكف عن التواصل مع مجموعة مراكش المتمردة عليهم أو “مجموعة باب دكالة” كما كانو يسمونها… (يُتبع).



express-1 2015-07-08 22:00

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(22).. لماذا نؤسس أسرة ولا نجعل علاقتنا شيوعية؟! – بشرى الشتواني

— 8 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) جاء رفيقنا إلى أكَادير بعد رحلته الصعبة في مراكش هو وأحد الرفاق لم أعد أتذكره، قالا لنا أنه تم احتجازهما من طرف مجموعة الماويين كان على رأسها رفيق قديم هو الذي كان يحتضن أفرادها ماديا ومعنويا. وأنهم أخذوهما ليستنطقوهما وليعرفوا سبب مجيئهما إلى مراكش..
فعلا فقد كان كل مَن يصل إلى محيط المدينة الحمراء أو الجامعة من الرفاق الحسوبين على خط “لا للعمل من الداخل الاطارات الجماهرية” يتم التنكيل به وطرده، كانت الحرب بين الرفاق مفتوحة على جميع الجبهات. وفي نفس الوقت كان رفاق مراكش الذين أعلنوا عن أنفسهم ماويين يقودون معركة حامية الوطيس في كل جامعات مراكش، وأعطت مجموعة معتقلين تم الحسم في أمرهم لفائدة الخط الجديد..
كان النقاش بين الرفاق في أكادير حول هذا السؤال: هل نواكب المعركة في مراكش أم نخلص أنها في الأول والأخير معركة أوطم وتستيجب لمخططات النظام التي تريد تخريب الجامعة، وذلك ما كان..
كنا نفتح في كل يوم حلقية لنقاش مستجدات معركة مراكش وصور الرفاق المعتقلين منتشرة في كل مكان بكلية الآداب، وكلما وصلنا خبر تدخل في حق الطلبة نقوم بمسيرة تنديدية.
مرت الأيام سريعة، خصوصا أن الصراع السياسي وطنيا كان على أشده، إلى أن جاءت الاستعدادات لعطلة عيد الاضحى. جاء رفيقي الحبيب إلى أكادير لرؤيتي، تحدثنا عن كل شيء: العلاقة والسياسة والتحريفيات التي خرجت من رحم القاعديين…
طرحت عليه سؤالا بما أننا لا نقول سوى الحقيقة وبما أن مواقفنا صحيحة وأننا نريد مجتمعا يضمن الكرامة للكل هو: “لماذا كل هاته التحريفيات وماذا تريد”؟ أجابني أن القاعديين طلبة وأن الطلبة من البورجوازية الصغيرة وهي لديها دائما طموح للوصول للأفضل وهل هناك أفضل من مجتمع شيوعي؟… “يا حبيبي لا ليس هناك لُبس فلماذا هذا الكذب والضرب من أجل خط تحريفي”؟
قال: “إنهم يريدون القيادة لكن رفاق مراكش ومَن يقودهم كانوا هم القادة.. وراهم ولاد لقحاب آ بشرى سالينا”..
سكتت ثم رجعنا نتحدث عن المستقبل، قال لي إنه بعد العيد سيأتي لخطبتي وترسيم علاقتنا، قلت له إن “هِبة” ستطفئ شمعتها الاولى بعد العيد.. ضخك وقال: أعرف، أنا وعدتك وسأوفي بوعدي..
الكل كان ينتظر العيد وأنا كنت أنتظر ما بعد العيد، يوم العيد صباحا كلمتني أم حبيبي وإخوته لأول مرة لنتبادل تهاني العيد وليأخذوا موعدا لزيارتنا..
حينها لم أختل بنفسي كما أفعل اليوم، لأفكر في أمور من قبيل أننا نناضل في سبيل تحقيق استقلالية للنساء، فلماذا نرهن علاقتنا بطقوس موافقة أو رفض وحضور أولياء الأمور؟ ثم بما أننا ننشد مجتمعا شيوعيا لا يعترف بمؤسسة الزواج فلماذا لم نستطع تطبيق ذلك بدلا من تأسيس مؤسسة رجعية كما قال إنجلز؟….
أسئلة كثيرة لو كنت طرحتها في أوانها لما كنت اليوم على ما أنا عليه، فهناك رفيقات حالمات جدا صدقن أكذوبة المجتمع الشيوعي وسط الرفاق وانتهى بهن الأمر إما بدون عائلة ويحملن أطفالا متخلى عنهم على أكتافهن أو أشياء أخرى..
بالمقابل هناك رفاق لم يستطيعوا مواكبة المجتمع، كما أن هناك عديد منهم نجحوا في ضمان حياة مستقرة مع أهاليهم وأولادهم وحتى رفيقاتهم، لكنهم كانوا يقولون شيئا ويمارسون عكسه.
جاء رفيقي بعد ثلاثة أيام من عيد الأضحى، كانت ليلة سعيدة جدا جمعت كل الأحاسيس و نقيضها.. الارتباك والفرح والصدق والخوف من الآتي.. ألبستني ماما لباسا مغربيا وزوقتني أختي لأنني عروس.. اشترى هو ملابس جديدة ورفض أن يمسك بباقة الورد كما جرت العادة.. استحلفته بحبنا أن لا يقول لا في هاته الليلة وأن ننضبط لعادات مجتمعنا كي نضمن مرور ليلتنا في جو الهدوء والافرح.. وقد كان لي ما أردت. لم أسأل نفسي كما أن حبيبي لم يجد أيضا وقتا ليطرح نفس السؤال نفسه: “ماذا كان سيحصل لو لم ننضبط لشروط المجتمع ولو لم نُرسِّم علاقتنا؟”..
كانت فرحتنا تدفعنا للأمام وتتواطأ مع المجتمع في إجبارنا على قول نعم دون تردد لكل ما تطلبه “ماما”. قررنا أن نعقد القران في شهر أبريل أو خلال العطلة الربيعية بعدما حذرته “ماما” من كوني لا أجيد أعمال المنزل وأنني لا أحب الجلوس في البيت كباقي النساء..
أجابها أنه يعرف وأن هذا ما يزيدني جمالا لأنني مناضلة.. ضحكت “ماما” وقالت: “الله إسخر عنداكوم غير تمشيو للحبس بجوج وتخليو ولادكوم ضايعين؟!”
انتهت ليلتنا وذهب خطيبي إلى لبيت خاله.. أكملنا حديثنا عبر الهاتف، كان سعيدا جدا وكنت أنا أسعد بكثير لأنه بالاضافة إلى تحقيق حلمي بالزواج من حبيب مناضل ساقاه طويلتان فإني سأتخلص من برج المراقبة العائلي لأن العائلة ما إن تلصق عار المرأة في تلابيب رجل ترفع أيديها وتقفل برج المراقبة وكأنها تحمِّل المسؤلية للرجل بدعوى شرف البنت من شرف زوجها..
كنت أخرج أنا وحبيبي كل يوم نجوب شوارع المدينة مشيا نعانق ونقبل بعضنا وكأننا نقول للعالم: لقد أصبحنا مِلك بعضنا.. لكن الغريب أن كلامنا تغير كليا فبعدما كنا نتحدث عن السياسة والحب ونرجع للسياسة مرة أخرى أصبحنا نتحدث عن العرس وترتيباته وعن بيتنا الزوجي عن عدد الاولاد و عن أمنية إنجاب فتاة جميلة نسميها سعيدة، وكلانا كان يتمنى أن تشبهه كي يفتخر بجمالها أمام عائلته ورفاقنا. لكن بعد عشر سنوات من الزواج ما زال الحلم قائما في إنجاب سعيدة. انتظار مشوب بالاستمتاع بوجود ناجي المشاغب… (يُتبع).




express-1 2015-07-08 22:08

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...6363736307.jpg
تعقيب: بشرى الشتواني أساءت في مذكراتها لنفسها لا للقاعديين

— 8 يوليو, 2015 حافظ الحفيضي
تتحفنا في هذه الأيام الرمضانية الرفيقة بشرى الشتواني بما أسمته مذكرات قاعدية كلاكلية والتي من خلالها تسرد تجربتها في صفوف النهج الديمقراطي القاعدي؛ وقد تسلحت الرفيقة بما يكفي من الجرأة لفضح هويتها وتفاهة ما ترمي إليه من خلال التطاول على تجربة الطلبة القاعديين.
إن أول مؤاخذة على الشتواني؛ والتي يجتمع حولها العديد ممن عايشوا التجربة؛ هي ربطها قاعدية بلفظة كلاكلية؛ وهو الأمر الذي يدفعنا للسؤال؛ ما هي غايتها من استعمال هذه اللفظة بدل الإكتفاء بوصف نفسها بالقاعدية؟
الجواب يقتضي منا أن نعرج على سياق تسمية القاعديين بالكلاكلية حيث إن الصراع بين الفصائل الطلابية لم يكن سياسيا وإيديولوجيا فحسب؛ بل طالته بعض النزعات الصبيانية من قبيل التسميات القدحية التي ينعت بها فصيل فصيلا آخر؛ في هذا السياق لم يسلم القاعديون من التوصيف؛ فأطلق عليهم الخصوم؛ الكلاكلية؛ بمعنى أنهم يكثرون الكلام واللغط دون فائدة؛ والتكلكيل في نظري لا ينطبق على القاعديين وحدهم؛ بل إن لكل فصيل ولكل تصور ولكل حزب كلاكليته الذين يطنبون في كلام تنعدم فيه الإفادة؛ وبالتالي أن تصف الشتواني نفسها بالقاعدية الكلاكلية فهي إنما تسيء لنفسها لا للقاعديين؛ إذ تثبت من حيث لا تدري أنها كانت لا تتقن سوى اللغط والكلام الفارغ.
أما في صلب مذكراتها فقد اعتمدت أسلوبي (الخلط والجلط) بين الكتابة عن التجارب الشخصية والتجارب الجمعية التي ينبغي أن نراعي فيها؛ شئنا أم أبينا؛ الشروط العامة التي أحاطت بها واستحضار الموضوعي والذاتي لتقييمها؛ مع الأخذ بعين الاعتبار أن أي تحريف أو تشويه لتجربة جمعية معينة هو خيانة للتاريخ وتطاول على صانعيه؛ أما تجربة الكتابة الفردية فإنها تفتح هوامش من الحرية للكذب والتزييف.
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...di-227x182.jpgحافظ الحفيضي

وفي خضم هجومها على رفاقها القدامى؛ حاولت بشرى الشتواني أن تطبع مذكراتها قدر الإمكان بالتطرق إلى مواضيع بسيطة استصغرت فيها نضالات الجامعة؛ حيث أكثرت _كما أكثر أبو هريرة_ في تفخيم ذاتها ومحورة كل القضايا عليها؛ فهي تناقش؛ تؤطر؛ تعبئ؛ وتوزع المنشورات؛ كما أنها أعادت الحياة إلى الوراء فأمست ليلى ورفيقها قيسا؛ وكأنها تغفل أنها مناضلة فذة في صفوف القاعديين وبالتالي ليس لديها ما يكفي من الوقت لتضيعه في الحب العذري.
ولم تفوت الشتواني عليها فرصة الاسترسال في سفاسف الأمور و أطالت دون جدوى الحديث حول شخصها متناسية أو جاهلة أنها تسرد تجربة مناضلين يلزمنا تقديرهم وليس قصة حب لا داعي لتضخيمها أمام القارئ؛ فالعلاقة العاطفية ليست إنجازا إلا في عقول المرضى.
واستمرارا في عرض إنجازاتها الخارقة تواصل بشرى هذه المرة؛ تصوير عظمتها قبل وبعد الاعتقال بعدما قضت عشر سنوات بتازمامارت؛ واستقبلها رفاقها إلى جانب الطلبة كما يستقبل الأبطال؛ إذ في بعض الأحيان كانوا يطلقون عليها لقب البطلة.
وتمضي الكلاكلية مزهوة منتشية في حكيها للمراقبة التي تفرضها عليها والدتها؛ كي لا تذهب للجامعة بمفردها حيث نصبت الكاميرات وأبراج المراقبة والجواسيس لاعتقال بشرى التي زعزعت أركان النظام وينتظرها حكم بالإعدام مع التنفيذ في سابقة تاريخية لم يشهدها المغرب من قبل؛ بشرى الثائرة التي لا تتوقف عن ربط الاتصال بالرفيق لينين لتبلغه عن المستجدات.
وقد حاولت بشرى جاهدة أن تكيل للتجربة؛ التي لم نكن إلا متعاطفين معها؛ ضربات موجهة ممن لا يقبلون إلا أن تعادي اليسار الثوري حتى يقتسموا معك الجلوس ثم يجبرونك على اعتبار ما سبق مراهقة سياسية؛ وأن النضال الحقيقي هو التآمر على المحرومين ولكن بطريقة إنسانية. حين تتذوق الإنتهازية وتغوص فيها تسدد سهامك إلى الخلف مستهدفا الكرامة؛ وتغض النظر أمامك كي لا ترى الأعداء الحقيقيين.
إن انتماءنا لتجربة؛ مهما كانت؛ وتخلينا عنها في وقت لاحق لا يعطينا الحق في النيل منها بناء على أمور تافهة؛ فلا يختلف اثنان حول حاجة كل التجارب للتقييم؛ ولكن حين يكون الهدف هو إرضاء رغبات شخصية وأخرى حزبية؛ وبالتالي يحضر هاجس التلفيق؛ فتلك قمة النذالة.
وكما يتحد الشكل والمضمون في خدمة الأعمال المحترمة؛ فقد اتحدا في مذكرات الشتواني؛ ولكن فقط ليشهد كل واحد منهما على البؤس الذي عاناه خلال شهر بأكمله؛ فكما أساءت المضمون وشوهته؛ كسرت الأسلوب وحكمت عليه بالرداءة؛ وهي التي لم تستوعب بعد؛ لقلة الإطلاع؛ أن الكتابة كأسلوب لا يمكن أن تتأتى لأحدنا إلا بمطالعة الكتب التي نستخلص منها أسلوبنا ولمستنا الخاصة؛ لا أن نظل طول الوقت نحتضن الركاكة.




express-1 2015-07-09 22:00

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(23).. عرس وحب وفرح في أجواء صراع لينيني ماوي! – بشرى الشتواني

— 9 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) كانت المدة الزمنية الفاصلة بين مرحلة العلاقة الرفاقية المفتوحة على كل الاحتمالات ومرحلة ترسيمها بمعناه القانوني والديني والإجتماعي هي شهران.
بالنسبة لعائلتينا كانت هذه المدة قصيرة جدا، أما بالنسبة لنا فإنها كانت طويلة بما فيه الكفاية لنضجر من استعداداتهم التي كانت تبدو لنا مضيعة للوقت. كان رفيقي ينضبط لكل ما يُطلب منه استجابة لرغبتي، ولإنجاح محطة العرس.. أمي وأبي كانا يتشاجران في اليوم مائة مرة مختلفيْنِ حول جزئيات تقنية في مراحل الإعداد لحدث تعتبره الأسرة المغربية مهما، أما أنا فقد كنت أكبر في اليوم الواحد أكبر مما يحدث في سنوات، حيث أحس أنني صرت كبيرة بما يكفي لأصبح رفيقة زوجة ولِما لا أما مناضلة. ما كان يزيد إحساسي ذاك ويذكيه هو نقص منسوب صبيب أسئلة “ماما” عن سبب تأخري في الخارج وبحة صوتي وقربي أو بعدي عن الساحة المقدسة، حتى جدتي كانت تمطرني بنصائحها من قبيل: “حضي راسك ابنتي عنداك الشمس واهتمي بجمالك فأنت مشروع عروسة”..
كل ذلك كان يغذي الإحساس بالفخر في داخلي، خصوصا إذا سألني أحد الرفاق عن موعد العرس وما إذا كان سيكون من المدعويين أم لا، كنت أجيب بفرح وفخر كبيرين، لا أدري هل هو الفرح بدخول مرحلة جديدة من حياتي كأية فتاة مغربية تنتظر يوم عرسها، خصوصا إذا كان العريس حبيبا أم هي رغبة الرد على دعاة ذلك الاجتماع الرفاقي الغبي وذاك التصويت المتخلف الذي لا يمت للديموقراطية بشيء، ثم القرار الجائر بعدم مشروعية علاقتي برفيقي والذي لم ننضبط له..
كان الأمر يتعلق بأفضل قرار سياسي تمردت عليه لحدود تلك الساعة، كنت أنتظر من الرفاق أن يقدموا نقدا ذاتيا على حماقة ذلك اللقاء.. وفعلا جاءني رفيقي المتصف بالموضوعية دوما حين كنت مستغرقة في الإنصات لنقاش جماهيري وطلب مني التنحي وإياه دقيقة من الوقت.. جلست إلى جانبه فإذا به يهنئني ويقول لي: “حافطي على علاقتك برفيقك فهو طيب جدا ومبدئي ونحن كنا مخطئين يوم تدخلنا في أمر يخصكما وحاولنا تسييسه” واستطرد: “تحية لكما لأنكما انتصرتما للحب”.. عانقته وقلت له أنه مدعو يوم 24 أبريل لحفلة عرسنا بمعية فلان والرفيقات.
اقترب موعد العرس وازداد فرحي واعتزازي بنجاح علاقتي ظنا مني أن نجاح أية علاقة وإن كانت رفاقية معياره الوحيد هو الزواج، ولهذا الظن نصيب من الصحة في مجتمع كمجتمعنا الذي لا يعترف بأي شعور بين امرأة ورجل إلا تحت غطاء عائلي وديني ومباركة قانونية، وقد انضبطنا نحن الإثنان لكل ذلك كي ننتصر..
جاء موعد زواجنا فاختلطت العائلتان واحتفلنا.. كان احتفالي احتفالان الأول بعيد ميلادي التاسع عشر والثاني بزواجي من حبيب طالما حلمت به زوجا.. بعد الحفل العائلي ولأن رفيقي لا ينسى رفاقه فقد أصر أن نحتفل بمعية الرفاق كذلك.. وعلى نغمات عود رفيقنا الفنان أخدنا معنا كل أنواع الأكل والحلويات المُوزعة في العرس، وذهبنا لنغني للفرح والحب.. كانت سهرة رفاقية رائعة وأظن أنني ورفيقي الحبيب كنا أول مَن قمنا بمثل ذاك الإحتفال وسط الرفاق في أكَادير، وأكاد أجزم أننا أيضا آخر مَن قام به أيضا..
بعد أمسية الرفاق سافرنا نحن الإثنان إلى مراكش كي نحتفل، وكي أجرب السفر لأول مرة في غير سيارة أبي ودون ملاحظات ماما أو انزعاج إخوتي.. كنت أنا وحبيبي يدا في يد وبدون أن أراقب الساعة كي لا تتجاوز السابعة مساء وخشية عقاب التأخر..
نعم بقينا مع بعضنا الليل كله نتجول في الأزقة وقبَّلنا بعضنا دون أن نخاف من نظرات الناس الفضولية وهذه المرة في مراكش التي تستقبلنا أماكنها السياحية بحب، هذا بينما في جهة أخرى من نفس الحاضرة الحمراء كانت أصوات البيانات السياسية المتصارعة ترتفع حول مَن يمثل الخط الصحيح ومَن يحرفه، المنتصرون لتعاليم “ماو تسي تونغ” كانوا يواجهون القمع ويرفعون سقف المعركة ..
أنصار ماو تسي تونغ كانوا متشبثين باسم مواقع الصمود، رغم أنهم في مكناس انسحبوا منهزمين أمام بنذ الطرد. شرعوا في انتقاد المعركة وحاولوا دعم بعض من رفاقهم في مراكش، وكانت هناك مجموعة أخرى لا تنتصر ل”ماو تسي تونغ” نهائيا بل تنزع عنه صفة اللينينية، وكان أفراد مجموعة أخرى يتفرجون ويحاولون دعم مواقع الصمود بحذر دون نزع صفة اللينينية عن “ماو”..
كانت صفة اللينينة هي ما يضيف القدسية على الثورة أو ينزعها عنها.. كل ذلك ونحن الإثنان في مراكش ننتصر للحب والفرح، لكن رفيقي قرر وسط كل ذلك أن يعرفني برفيق قديم له. كان هذا الأخير من بين الرفاق الذين راكموا معه تجربة مهمة فكريا وسياسيا.. ذلك الرفيق يهاجم اليوم نص مذكراتي هذه ويقول لمن يريد أن يسمعه، أنني أريد بها شيئا غير البوح الجميل.. وأتساءل: لماذا الرفض أو بالاحرى الخوف من بوح جميل وتنشيط لذكريات مرت في مرحلة عمرية وشمت حياتنا؟
لا أدري لماذا، فمن الممكن أن هناك من يخاف أن تختلط علي الذكريات فآتي على ذِكر ما ليست لي.. ربما تكون فاضحة، أو أتجاوز مرحلة البوح وأدخل إلى الفضح الجميل أيضا..
لكل هؤلاء أقول إنني أعرف المسافة الفاصلة بين الخاص والعام في هذه الذكريات، خصوصا أن نوعيها مختلفان. فذكرياتي ميزتها الصدق ولن تختلط أبدا مع النوع الثاني وإن “احتكت” به..
ومن ذاك الإحتكاك أنني في لقائي الأول بذلك الرفيق أحسسته لقاء باردا جدا لم يرق إلى درجة الحرارة التي كان رفيقي يودها، لكني امتصصت تلك البرودة وطلبت من زوجي ورفيقي أن نتسابق لنصل إلى الفندق. كانت المسافة قصيرة لكن سباقنا جعلها طويلة لأننا كنا نقف ليغش كل واحد منا الآخر، في نهاية المسافة قلت لرفيقي الحبيب: من الآن لا تأمل حبا كبيرا من أحد فأنا حبك ورفيقتك والكل يضع المبادئ جانبا ويبني حياته الشخصية..
رفض رفيقي الحبيب منطقي وقال لي: أنا احب الرفاق وإن لم يحبونني..
احترمت طيبته وأكملنا الطريق… (يُتبع).



express-1 2015-07-10 21:55

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(24).. القاعديون في مواجهة نقابة الأموي وسنة فرز “التحريفية” – بشرى الشتواني

— 10 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) كانت تلك أول مسيرة فاتح ماي شاركت فيها فقد حررني الزواج من برج مراقبة عائلتي وتخلصت من كل الممنوعات السياسية والأخلاقية التي كانت تحاصرني.
قررنا أن نقطع عطلتنا لنحتفل بفاتح ماي إلى جانب رفاقنا بأكادير، فللإحتفال في أكادير طعه الخاص خصوصا أنه يبدأ دائما بصراع وتدافع لساعات ثم يتطور لمعركة ضرب وجرح مع عمال الكنفدرالية الديموقراطية للشغل.. كنا ننزل للاحتفال مع العمال لكن لابد من طقوس الصراعات تلك..
خرجنا في الصباح الباكر، وكنت يومها سعيدة بأول مشاركة لي في احتفالات فاتح ماي واكتشاف تلك الاجواء النضالية الرائعة.. نعم إنه العيد الأممي الذي كنا سنرفع فيه شعارات التوجه وسط الشوارع. إنها المرة الوحيدة التي أخرجنا فيها لافتاتنا خارج أسوار الجامعة، فكيف لا يكون يوما مميزا؟ أما ما عدا ذلك فلا أظن أننا كنا نعرف حتى البنية التنظيمة للنقابة. ثم لماذا الكنفدرالية وليس أي نقابة أخرى؟ وما مدى ديموقراطيتها وجماهيريتها ووو… إلخ؟
أجابني رفيقي بأنها الأكثر تمثيلية للعمال في أكَادير وأننا نريد الالتحام والمراكمة مع العمال.. هضمت كلامه دون أن أستوعب كيف ليوم واحد أن يكون كافيا لهذا الضرب من المراكمة ولا حتى لتبادل أرقام الهواتف؟
بدأ التجمع وشرع الكاتب الجهوي للنقابة في إلقاء كلمة فاتح ماي، وبدأنا في رفع شعار “باركا من النفاق العامل عاق وفاق” ولأن العامل “ما عاقش وما فاقش” فقد طوقنا مجموعة من العمال وأخذوا يناقشوننا تارة بلطف وتارة أخرى بالتهديد.. طلبوا منا أن نسكت حتى تمر كلمة الكاتب الجهوي للنقابة وهو ما رفضه الرفاق. سألت رفيقا: لماذا لا نسكت حتى تمر الكلمة؟ أجابني: لن نتركهم يمررون خطاب البيروقراطية على العمال المغيبين.. وكأن الخطاب يمر صبيحة فاتح ماي فقط، وكان العمال يغيبون فقط صبيحة فاتح ماي!
نزل الكاتب النقابي الجهوي من منصته وصرخ في وجوهنا: “واش نتوما كل عام تجيو تفسدو لينا الاحتفالات العام كامل العمال كيعتصمو وكيطردو وكيتشردو مكنشوفوكومش” أجابه أحد الرفاق الذي ظهر من شنبه الكبير أنه كبير في السن: “زعما يلا جاو غادي تخليهم يتخلطو بالعمال؟”… “إما تنضابطو ولا غادي نتاخذ معاكم الاجراءات” يجيب الكاتب الجهوي للنقابة لنسمع صوت مكبر الصوت يقسم المسيرة حسب القطاعات. فجأة أتت رفيقة وهي حاملة لافتتة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وقالت لي: “امسكيها معي سنتسلل وسط العاملات كي نكون في الصفوف الأمامية. وفعلا تسللنا وكنا كلما دخلنا وسط قطاع عمالي يهرب من منا أفراده، لنجد أنفسنا بجانب رفاقنا الثوريين في آخر المسيرة ثم استسلمنا للأمر الواقع وبدأنا في رفع شعاراتنا القوية، كنا نصرخ ملء أصواتنا للحرية والاشتراكية ونلوح بأيدنا للنصر وبلافتاتنا الحمراء..
تلك الأجواء الحماسية كانت تشحنني بطاقات نضالية كبيرة وتمنع عني طرح الأسئلة التي يمكن أن تصحح مسار النضال أو تنضجه، رجعنا إلى لبيت وقد تحمل جسمانا من التعب الشىء الكثير وجيوبنا مملوءة بكثير من أوراق البيانات. بعدما نمنا وارتحنا أخذنا نقرأ بيانات التوجهات السياسية بالمدينة، كانت كلها تتشابه، تندد وتشجب وتطالب وتتضامن.. صيغة واحدة ووحيدة، ننتقل من بيان لآخر فنجد نفس اللغة المملة ولا للابداع مكان فيها. لم أستطع إتمام قراءة ذلك الكم الكبير من البيانات، قلت لزوجي: “هاذ البيانات مملة”.. ضحك وقال: “كله كلام يا بشرى المحدد هو الميدان”.. كان دائما ينهي الكلام معي بكلمة فيصيبني بحالة الخرس السياسي، لا أعرف هل لأني أحبه أم لأنني لم أكن أتجرأ على طرح الأسئلة كي لا نفسد جلستنا فتصيبنا لعنة الحب بسبب السياسة.
في اليوم الموالي كان موعد الوداع فزوجي كان مضطرا للرجوع إلى عمله، وكُنت مقبلة على اجتياز الامتحانات بنجاح على أمل أن نلتقي في العطلة الصيفية، وهذه المرة في بيتنا الزوجي، كما قررنا أنه سيكون عامي الأخير في الساحة المقدسة لأنني كنت سألتحق في العام الموالي بسلك دراسة ترميم الأسنان في الدار البيضاء، فهناك أحداث أخرى وحياة أخرى لا تشبه حياة القاعديين ولا الساحة المقدسة.. بيد أنه كان لرفاقي في التوجه رأيا آخر خصوصا أن المرحلة كانت للفرز بين مَن اختار الخط الماوي ومَن بقي وفيا لمواقع الصمود، رفضوا أن ألتحق بالدار البيضاء وارتأوا أن أكمل سنتي الجامعية المتبقية كي أدعم التوجه.
لم أكن أفكر ساعتها في شيء سوى اكتشاف حياتي الجديدة، كنت أخرج في أي وقت أريد، أكلم رفاقي أمام “ماما” دون أن أخشى صراخها في وجهي، والأهم أنني كنت أحضر لقاءات المساء التي لم أستطع حضورها طيلة ثلاث سنوات..
كانت علاقتنا بالفكر الشيوعي وبالتوجه عاطفية أكثر من أي شيء آخر، خصوصا في تلك السنة، لأنها كانت سنة فرز بين مَن هو المناضل القاعدي وبين التحريفي الجديد أو الماوي، دون أن نقف عند فهم معايير هذا التصنيف، فالكل كان ينشد الثورة المظفرة وكل طرف كان يراكم لها وفق ما يراه مجديا، وهناك مَن لا يراكم شيئا أبدا بل يحلم فقط ويصفق وينتقد في أحيان كثيرة.
أما نحن في أكادير فكان اختيارنا البقاء أوفياء لمواقع الصمود أو تصديق مقولة أن العمل من داخل الإطارات الجماهيرية لا يراكم للثورة بل يخدم أجندة الإصلاحية، وأن الأجدى هو تواجدنا بموقع أكادير إلى جانب رفاق اختاروا هذا التوجه دون غيره. ولو كنا ندرس في مراكش لكنا اخترنا أصدقاء “ماو تسي تونغ” لأنه ببساطة لم تكن لدينا فرصة طرح كثير من الأسئلة ونحن وسط معمعة الصراع الطلابي، ثم هناك كل ذلك الحب الذي كنا نكنه لتجربة لها ما لها وعليها ما عليها، لكنها تبقى في الأول والأخير أول مدرسة نضالية وسياسية تعلمنا فيها ألف باء حب الوطن… (يُتبع).



express-1 2015-07-11 21:53

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(25).. بين مدينة غول والإقتتال مع التروتسكيين والأمازيغيين – بشرى الشتواني

— 11 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) كانت سنة 2006 من أصعب السنوات في حياتي، خصوصا أنه كان عامي الأول بعيدا عن بيت العائلة وعن بيت زوجي أيضا.. كنت مطالبة بالنجاح دون أي مبرر للفشل، ثم قبل ذلك التأقلم مع أجواء مدينة أقل ما يمكن وصفها به أنها غول كما يُقال عنها..
لم أتحمل المعهد ولا طلبته ولا طريقة تعاملهم، لم أصدق أبدا أن “توين سانتر” يتشابهان أو أنهما توأمان أصلا.. فكل شيء في الدار البيضاء مزور حتى ضحك سكانها وترحيبهم بك، هكذا بدت لي المدينة وأهلها، أو ربما كان سبب نفوري أنني تعودت هدوء أكَادير وطيبة أهلها. كان حنيني للساحة المقدسة ولرفاقي يجعل من المعهد جحيما ويجبرني على الدخول في مقارنة غبية بين الساحة المقدسة وباحة المعهد.
مرت السنة بطيئة جدا، لم يسرع من خطواتها سوى اتصال هاتفي ليلي من أحد الرفاق قال لي بالحرف أنه اتصل برفيق كان هو الآخر موجودا في الدار البيضاء وأنه من الأشخاص الذين يمكن أن يهونوا علي بشاعة المدينة. وطلب مني رفيقي أن نأتي على عجل في نفس اليوم ليلا إلى أكَادير مؤكدا أنه اتصل بزوجي.. قال: “ضروري تنزلو اليوم، غدا خاصكم آ الرفيقة تصبحوا فاكادير”.. “شنو واقع ثاني؟”.. “التروتسكيين ضربو الرفيق فلان والضربة جات فالراس معرفناه يعيش أو يموت”..
تملكني خوف كبير وأنا أسمع إنه يمكن أن أفقد رفيقا في أية لحظة.. اتجهت نحو المحطة الطرقية لألتقي بالرفيق الذي أُشير به عليَ، كان رفيقا عسكريا بامتياز، لم نتحدث طويلا، فهول الصدمة أخرس لسانينا، ركبنا الحافلة وأخذنا نحسب كيلومترات الطريق، علنا نسبق الموت أو الاعتقال أو الإنتقام لأن تلك المشاعر الحزينة فقط هي التي كانت تخالجنا ساعتها..
صباح اليوم الموالي وصل زوجي أيضا، لم نتكلم طويلا، ذهبنا مباشرة لنزور رفيقنا في المستشفى، كان أخوه الأكبر، وكان رفيقا أيضا، في استقبالنا وحكو لنا أنه نجا من الموت بأعجوبة وأنه لولا ميلمترات قليلة لكانت ضربة السيف قطعت وريده ولكنا احتسبناه شهيدا.. كان الرفيق المصاب بالكاد يتكلم.. لكن مباشرة بعد دخولنا إلى غرفته قال لنا: “علاش جيتو انتوما بعاد”..
لم يتمالك نفسه أخذ يبكي مثل طفل صغير، لم أستطع تحمل لا مشهد البكاء ولا مرأى رفيقي المُسجى فوق سرير لا نعرف هل سيقف على رجليه أم سيستعين بكرسي، كنا كلما مر علينا الوقت داخل المستشفى إلا ونسمع رواية جديدة، خصوصا أن الرفاق المصابين كانو ثلاثة لكن بدرجات متفاوتة تتفاوت معها حتى رواياتهم وروايات الطلبة المتعاطفين، فمنهم من قال أن أحد الرفاق الضحايا ترك فيلقه ليكلم صديقته، وآخر تردد في الضرب، والمحارب إن تردد يصاب، ثم قالوا عن الرفيق صاحب الإصابة إنه سقط بينما كان يجري ليلتف حوله مجموعة التروتسكيين، وأنه كان من بينهم معطل يقول: “الراس لا الراس لا”..
كان كل الرفاق في حالة تاهب للرد على الإعتداء وهم يقسمون بدماء الشهداء أن ينتقموا وأن يردوا الصاع صاعين، خصوصا أن الرفاق الثوريين كانوا قد أعلنو في بيان لهم أن القاعديين هجموا عليهم وأن أحد رفاقهم يوجد بين الحياة والموت كي يبعدوا عنهم الشبهات إعلاميا و في السياسة كل شيء جائز حتى يتسنى تبني الضحيتة وجعله “رفيقا” كيف لا وحامي الدين أعتقه من سنوات السجن الطويلة جراء تهمة اغتيال بن عيسى تبنيه للتوجه القاعدي أمام قاضي التحقيق فأصبح شيوعيا؟
فجأة لم أكن أدرك إنها بداية عنف وعنف مضاد ستغير الساحة المقدسة، لم أفهم ساعتها أن كل الملتحقين بالتوجه يجب ان يكونوا بالضرورة يتقنون فن الحرب خصوصا حرب الشوارع، وأن القاعدي لا يخرج من بيته دون معطفه وسلاحه، وكأننا في حرب حقيقية.
لم يفهم رفاقي الجدد الخط الرفيع الفاصل بين مرحلة الحرب السياسية والحرب الأخرى، كان بالنسبة لهم كل من يخالفهم عدوا لدرجة أنني كنت أعاين تعنيفا في حق الطلبة فقط لأنهم يقومون بأشياء ليست من أعراف “أوطم” ولأنهم هم حماة أوطم يعنفون قبل أن يناقشوا لدرجة أنهم خلقوا هوة كبيرة بينهم وبين الطلبة..
كنت ألاحظ كل ذلك وأسكت خوفا من أن أُتهم بشيء لا أعرفه، خصوصا أن أغلب رفاق دفعتي إما أكملو دراستهم أو إنهم في سنتهم الأخيرة فابتعدوا عن منطلق: “مابقالي قد مافات”.. ولأنني كنت أعيش في مدينة أخرى فحتى إن قلت شيئا سيردون علي بلباقة: إن هذا لا يعنيك آ الرفيقة احنا مستقلين تنظيميا ونعرف مانفعله”..
مرت الأيام وأنا أراقب الرفاق وهم يناضلون بشكل غريب حقا، يختلف عما كنا عليه، لكن كنت ألتزم الصمت أو أقدم ملاحظات على الهامش كبقية الرفاق القدامى.
تعافى رفيقنا بعد رحلة علاج طويلة وقرر بعدها الرفاق أن يردوا الضربة، وكان لهم ذلك، ضربوا بنفس القوة طالبا ثوريا من مدينة “طاطا” قالوا إنه احتاج إلى عملية ترميم يده.. كان الرفاق يتصلون بنا ليبلغونا بذلك وهم منتشون..
بكل صدق لم أكن أفرح بذلك العنف أبدا، ولطالما كنت صديقة الجميع في الجامعة. فالرفاق الثوريون كانوا أصدقائي ومناضلو الحركة الثقافية الأمازيغة كان أصدقائي أيضا. لم أكن أدري سبب الجبهة العنيفة التي فُتحت بينهم وبين الرفاق سنة 2007 كل الذي أعرفه أني انتقلت في تلك السنة لاستكمال دراستي في مراكش، وكنت أزور الرفاق الماويين من حين لحين محاولة مني لفهم ما يجري بين رفاقنا الذين أصبحوا فجأة أعداء لكن.
على شاكلة اتصال الدار البيضاء تلقيت اتصالا من زوجي هذه المرة: “بشرى الأمازيغ قتلو واحد الرفيق فالراشدية”.. لم يكن مصطلح شوفيني متداولا بيننا ساعتها، طرحت أسئلة كثيرة لكن دون أن أتلقى عنها أجوبة، كل ما قاله زوجي أنه سيذهب إلى كَلميمة لحضور جنازة الشهيد “عبد الرحمن الحسناوي” لم أفكر طويلا أخذت حقيبة وتوجهت إلى المحطة الطرقية..
شرعت مجددا أحسب الكيلومترات لأصل، ليس خوفا أو حزنا هذه المرة لأنني لم أكن أعرف الرفيق القتيل شخصيا، بل رغبة في فهم ما يجري بالضبط، ووصلت إلى الجامعة، كنت أتوقع صخبا تنديديا، لكني لم أجد شيئا من هذا القبيل، عدا نسخا ممزقة من بيانات الرفاق..
رأيت وجوها غريبة عن الكلية أو ربما أنا التي أصبحت غريبة، المهم أنهم لم يكلموني أبدا. اتصلت بالرفاق والتحقت بهم في منزل يكترونه، سألتهم عما يحدث شرحوا لي أن الخط المتطرف داخل الحركة الثقافية الأمازيغية أصبح قويا وأنهم هجمو على الرفاق في الحي الجامعي و ضربوا الشهيد حتى الموت، بل قطعوا له أصبعا وعبثوا بدمه.. سألت: “هل لهذه الدرجة من القسوة؟ وماذا كان سبب الخلاف أصلا؟”..
لم أتلق جوابا يسكت صرخة الموت في داخلي خصوصا عندما علمت أنه الرفيق القتيل كان وحيد أمه وأنها كانت سنته الأولى كي يصبح مهندس تطبيقيات.. كنت أناقش الرفاق في إمكانية الهدنة وأن لا يتمادوا في العنف والعنف المضاد فيموت شخص آخر.. كانوا يقولون: “لن نتنازل عن دم عبد رحمان.. ما زلنا لم ننس صدمة عبد الرحمان” ليصلنا خبر استشهاد الطاهر الساسيوي في مكناس بطريقة لا تقل وحشية عن مقتل عبد الرحمان.
أحسست أن الأمر تجاوزني حقا، رجعت إلى مراكش وانغلقت على نفسي، على الأقل في تلك المرحلة. حاولت استدراك ما فاتني من دروس والاشتغال بدراستي لأن فعل القتل أصبح سهلا جدا وكأن السياسة والثورة لا تقومان إلا بتصريفنا لفعل قَتَلَ… (يُتبع).




express-1 2015-07-12 21:45

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(26).. ثوريون حد الغباء.. رفاق مسلحون في بيت أم الشهيد “شباظة”! – بشرى الشتواني

— 12 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) خيم شبح الموت على سنة 2007 بل كانت كل نقاشات المناضلين والسياسين تتمحور حول العنف وكيف سيرد هذا الطرف على الآخر.
أما الرفاق فقد كانوا يخططون وينتقلون من موقع إلى آخر كي يردوا ضربة وليتلقوا أخرى وهكذا ذواليك وكأنهم يدورون في حلقة مفرغة.. كانوا يواكبون ذلك العنف بالبيانات السياسية والورقات التي تناقش الشوفينية ومشروعية مجابهتها، أما أنا فقد كنت أنتظر الفرصة ليعلن أي طرف وقف نزيف الدم وإزهاق أرواح الشباب، سيما أن المختلفين كانوا لا يرحمون بعضهم بعضا في المواجهات.. وكأن فعل ضرب وقتل هو ما سينجح الثورة المظفرة..
كانت سنتي الدراسية الأخيرة حيث قررنا أنا وزوجي أن ننتقل بعدها مباشرة للعمل دون أي تضييع للوقت، وذلك ما تم، جهزت مختبر العمل واشتغلت في غشت 2007 لنبدأ مشوار الحياة الحقيقي، لكن وسط أجواء الحرب التي اندلعت بين الرفاق.. الماويين من جهة والحركة الثقافية الامازيغية من جهة مقابلة..
كنا نحن أيضا ننجر إلى كل تلك الأحداث.. كان أول حدث عشته وأنا مستقلة عن الطلبة وحياة القاعديين، ولو ظاهريا، هو ذكرى الشهيد “شباظة” لم أفهم كيف لذكرى واظبت أم الشهيد على إحيائها ثقة منها في المناضلين ووفاء لروح ابنها أن يحولها هؤلاء الثوريين حد الغباء، إلى حلبة صراع غريبة..
كنت أعرف “مِّي رقية” جيدا بحكم زياراتي لها عندما كنت أدرس في الدار البيضاء، وقد اشتكت لي من تصرفات الرفاق الصبيانية صيف 2006 وكيف أنهم تخاصموا أمامها في بيتها، ثم كيف أنهم جاءوا إليها مسلحين كما أفادها أحد الرفاق. اعتبرت “مِّي رقية” التصرف لا يحترم ذكرى الشهيد وأنه حتى لو كانت هناك خلافات في يوم الذكرى، فيجب أن تُنسى، لأن الشهيد يجمع الكل..
لم أجد ما أقوله لأم الشهيد “شباظة” فاستنكارها وكلامها كانا منطقيين..
في ذكرى 2007 حصل نفس التصرف تقريبا.. رفاق مواقع الصمود جاءوا وفي قلوبهم غل على ما سموه ب “التحريفية” والماويون جاءوا ليبينوا أنهم الوحيدون في الساحة، والبعض آخر جاء لينصت للنقاش.. حضرت أما الشهيدين “شباظة” و”الحسناوي” وأبو الشهيد “الساسيوي”.. بدأ النقاش إلا أن “مي رقية” طلبت من الرفاق أن يسرعوا باختتام نقاشاتهم لأنها لم تكن تستطيع استقبالهم ليلا كما اعتادت، وأعلنت أنها ستكون آخر ذكرى يتم إحياؤها بتلك الطريقة، وأنها ربما ستحيي ذكرى ابنها لوحدها بعيدا عن خلافات “ماو” و”لينين” وقريبا..
من عهد أم وابنها استشهدا حبا للوطن وليس لأي مفكر أو فيلسوف أُسدل الستار على الذكرى وفُتح باب الأسئلة في داخلي، وهذه المرة بدون خجل.. سألت عن أشياء كانت خافية عني وأولها: مَن هم أصحاب ورقة 94 لأكتسف أن الرفاق كانوا يختلقون وجهات نظر غريبة فقط ليسرعوا في طرد قائد ليعوضه آخر، وربطت هذا الأمر مع ما وقع لرفيقي وزوجي أيام ضربوا هذا الأخير، ولو أنه استغل الموقف ولم يذهب إلى حال سبيله وأخد يساهم ببعض التنظيرات، لكانت لدينا الآن وجهة نظر في العلاقة الرفاقية..
يا للهول، آهكذا سنبني وطنا للإنسان؟
مرت الأيام مسرعة.. كنت سعيدة بعملي واستقلالي المادي، والسياسي أيضا، فقد كانت علاقتنا بالرفاق لا تتجاوز بعض المساهمات المادية واتصالات هاتفية للإطمئنان على الحال والأحوال، إلى أن جحل فاتح ماي..
نزلنا إلى شوارع أكَادير لنشارك في الاحتفالات.. نفس الاحداث تكررت.. صراع مع العمال وزعيق، لكن في هذه المرة أعطى الكاتب الجهوي الامر بضربنا.. الرفاق كانوا مستعدين لذلك.. ما زلت أتدكر نعشا رمزيا للشهداء كان الرفاق يريدون الطواف به خلال المسيرة، أصبح قطعا صغيرة جدا. أما زوجي فقد كسروا يده بعصا غليظة.. رغم كل ذلك أكملنا المسيرة ثم التحقنا بالطبيب بعدما كان الألم قد بلغ أشده بزوجي..
في طريقنا إلى الطبيب كنت أتكلم باستنكار شديد.. متسائلة: لماذا كل ذلك الصراع؟ هل سنراكم مع العمال بضربهم؟.. لا بد من تغيير الاستتراتيجية..
ولأن القاعديين يكرهون أي شيء فيه تغيير، فقد رفض رفيقي كلمة تغيير وقال: نحن نشتغل باستراتجية البرنامج المرحلي..
رجعنا الى مدينتا لتستمر الحياة العادية دون سياسة ودون نقاش، أو على الأقل في تلك المدينة الصغيرة، لم نرجع لجو السياسة. غير أن اعتقال المجموعة الأولى بمراكش على إثر معركة طلابية كبيرة، جعلنا نتابع الأحداث والبيانات تارة بالتلفون وتارات عبر موقع الحوار المتمدن، ليصلنا خبر اعتقال مجموعة “زهرة بودكور” وهنا اندمجنا في الحركة النضالية للعائلات..
كان زخما نضاليا كبيرا حاول الرفاق الماويون استثماره بشكل جيد، ليخرجوا بتوجههم للوجود، لكن الواقع أن العائلات وعائلة بودكور أساسا، هي من كانت تحرك التوجه، وقد لاقت دعما كبيرا من هيئات حقوقية ومن الإعلام أيضا.. سنتان من النضال كانتا كافيتان ليصل صدى اعتقال زهرة ومجموعاتها إلى العالم كله، ولتتضح لنا صور كثيرة كانت غائبة عنا حينما كنا وسط معمعة الطلبة، خصوصا بالنسبة لي أنا..
كنت قد تجاوزت مرحلة الخوف من طرح الأسئلة وصبيانة البعض، ساعدني على ذلك حادث بسيط شكلا، لكن كان له الفضل في اكتشاف مدى تحجر عقولنا أو إنه أُريد لها أن تكون كذلك..
كنت أناقش أحد الرفاق الذين كانوا يقودون التوجه آنذاك وعلقت على أحد البيانات التي كانت تبتدىء بموقلة ل”ماو تسي تونغ” حيث لفتت انتباهه إلى أنه في خضم صراعهم مع الماويين يبتدئون دائما بياناتهم السياسية بمقولة لماوتسي تونغ، فأجاب أهم يخوضون صراعا ضد الماويين والخواجيا في نفس الوقت. قلت له: أين هم هؤلاء الخواجيا وما تأثيرهم في الساحة؟
استطرت: “أظن أن الصراع كان محتدما مع الماويين، خصوصا مع موجة العنف التي عانى منها رفاقنا على أيدي رفاقهم القدامى، فقد ضربوا رفيقا وسط حديقة عمومية، وربما ما زال يعاني من تبعاتها لحدود الساعة، وأحرقوا آخر حيا.. أصيب على إثر ذلك بتشوهات على مستوى يده، والآن بياناتكم تعني أنكم تهادنون”..
أعطاني ذلك الرفيق انطباعا بأني على صواب، لكن مباشرة بعد ذهابي نشر إشاعة مفادها أنه ضبطني أنسق مع أحد الخوجيين للسيطرة على موقع أكادير.
ساعتها أيقنت أنه لا أمل في الانضباط لمثل هذا الجمود العقائدي، و من حينها انخرطت في العمل الجماهيري عن طريق الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أولا ثم في حركة عشرين فبراير المجيدة… (يُتبع).




express-1 2015-07-13 22:07

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(27).. يوم أردنا إسقاط النظام بالهتافات! – بشرى الشتواني

— 13 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) عن رفاقي الذين لا يتقن بعضهم سوى الانتقاد..
كان أول خروج جماهيري لي في اجتماع للجنة التضامن مع الشعبين التونسي والمصري أيام الحراك الاجتماعي بالبلدين، وبعدها العمل على مستوى الفايس بوك على تجميع قوانا واستغلا الزخم النضالي بالإقليم لتفجير شيء هنا. كنا نفكر وأقدامنا مرتفعة عن الأرض، مما جعل تفكيرنا يسافر بنا إلى أحلام مستيحلية. ليست لأنها خاطئة بل لأننا خذلناها ولم نراكم لها شيئا. كما يعود ذلك، ربما، لغبائنا السياسي..
ولأنه لا وجود لبديل إعلامي فقد كنا نركز في قناة الجزيرة وما كانت تنشره من أخبار يخدم أجندة كنا نخرج للشوارع لمحاربة أصحابها ونرجع إلى منازلنا لمتابعة إعلامهم وتصديقه..
في غالب الأحيان كنت أتابع النقاش حول إمكانية خروجنا إلى الشوارع والنضال من أجل مطالب إسوة باشقائنا التوانسة والمصريين والليبين.. وبعد أخذ ورد قررنا الخروج يوم الأحد عشرين فبراير 2011. في ليلة العشرين تلك كنا نتوقع حدوث الكثير من الاحداث لدرجة أن أصدقاءنا المصريين والتونسيين كانوا يرسلون إلينا نصائح حول طريقة مواجهة الغازات المسيلة للدموع ومختلف أجهزة القمع، كنا نستعد في تلك الليلة وكأننا سنقوم فعلا بالثورة دون أن نطرح أسئلة من قبيل: ماذا أعددنا لهذه الثورة؟ وما هو البديل المتنظر الذي راكمناه؟ …
أسئلة لم تُطرح، بل إنها لم تخطر على بالنا أصلا نحن الذين كنا نظن أننا أكثر السياسيين تجذرا وفهما لواقع المجتمع، لكن العكس كان هو الصحيح، لأننا خرجنا يوم عشرين فبراير دون أن ننظم اجتماعا واحدا تحضيريا، وما إن اجتمع الناس حتى أخذنا نحمل شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”.. لكن مَن أوكلنا الحديث باسم الشعب؟ وهل حقا الشعب يريد إسقاط النظام؟ أم أننا نحن مَن يحلم بذلك؟..
بدأت المسيرة وكان فيها مَن يبحث عن التصريحات الصحافية ومَن يبحث عن تحالفات وآخرون خرجوا للمطالبة بإصلاحات والبعض الآخر كان هناك لتفريغ شحنات نضالية شحنتهم بها قناة الجزيرة، أما نحن فكنا نصرخ ونهتف ضد الظلام والنظام غير آبهين بكل هؤلاء وأولئك، بل لم نكن نشعر بهم حتى، كنا ننتظر في أية لحظة أن يظهر شرطي أو أي شخص بلباسأمني أو عسكري كي نستطيع أن نكمل حلمنا بالمواجهة مع النظام الفاسد، لكن النظام كان هو السياسي الأكبر، ترك لنا الشوارع كي نفرغ شحنات الغضب بالهتاف ثم نعود إلى منازلنا منتشين..
أظن أن النظام كان يدرك أن أكثر المناضلين جذرية سيتخلفون عن الاجتماعات وعن المسيرات الموالية، وأنهم لم يُحضِّروا لثورتهم شيئا، بل إن النظام نفسه مَن كان يحضر الباعة المتجولين وكل أشباه البروليتاريا ليوجهونا كلما ذهبنا لتعبئتهم للمسيرة..
اجتمعنا لتقييم أدائنا الذي انحصر في الهتافات.. كانت أوراقنا مبعثرة جدا، كانت أول نقطة ناقشناها هي استحالة النضال الى جانب جماعة العدل والاحسان والظلاميين بشكل عام، رغم أننا كنا نتداول أخبار الجزيرة باعتبارها ذات مصداقية تامة وكأنها ليست البوق الاعلامي للاخوان، ثم إننا كنا نرفع لافتات مكتوب فيها شعارات من قبيل: “الهمة ارحل” و”البام ارحل”.. وكأنه الشخص والحزب الوحيد الفاسد في هذا الوطن، دون أن نعي أننا كنا ندخل في مواجهة لصالح العدالة والتنمية عن غير وعي..
هذه وغيرها كلها أشياء لم ننتبه إليها ساعتها، كل الذي كان يهمنا أننا لن ننسق مع جماعة العدل والاحسان و فقط وكان العدل والاحسان باعتبارها العدو الوحيد أو مُعرقل الثورة الوحيد.. والغريب أننا كنا نصدق كل هذا وكنا نحاول تطبيقه بصدق كبير، أو على الاقل بالنسبة لبعضنا والذين كنا نلتقيهم في الميادين ممن لا يحضرون وقت الاجتماعات بل يؤمون المسيرات لإفراغ ما بجعبتهم من مكبوتات فحسب.
عقب مسيرة 20 مارس أي بعد مرور شهر على انطلاق مسيرة النضال العشرينية ودخول شبيبة الاتحاد الاشتراكي على الخط فكرنا في البحث عن تحالفات بعيدا عن الخوانجية. تكفل أحد مناضلي حزب الطليعة الذي كان صديقا للرفاق بالجامعة بالتنسيق من أجل أول جمع عام لتنسيقية عشرين فبراير بأكَادير المركز والتي كانت ممنوعة عن العدليين وحتى عن مناضلي الحركة الثقافية الامازيغية بدعوى أنهم قتلوا رفاقنا وأننا لن نتنازل عن دماء الرفاق..
أتذكر ذلك اليوم الحار الذي اتصل فيه الرفاق بي ليخبروني باجتماع للحركة بمقر نقابة الفيدرالية الديموقراطية للشغل، لم أفهم شيئا سوى أنني خرجت بسرعة للالتحاق بهم لفهم ما يجري، دخلت لأكتشف أن اللقاء كان بين الرفاق ومناضلي أحزاب الطليعة واليسار الموحد والاتحاد الإشتراكي، وقررنا الخروج كل يوم أحد تحت إسم تنسيقية أكَادير المركز، كان لكل واحد منا حساباته السياسية ولكن الأساسي كان هو أننا كنا نحس أن لنا عشرين فبراير التقدمية الخاصة بنا..
أتذكر أن مناضلي عشرين فبراير بأكَادير الكبير حاولوا تجميع التنسيقيتين دون جدوى، وأظن أنه كانت هناك مفاوضات بعيدة عنا وبشكل سري مع البقية، لكننا نحن الرفاق لم نكن ننتبه لهذه الأشياء، كل ما كان يهمنا هو النضال بصدق فقط..
أعترف أننا خرجنا من الجامعة ولم نكن نعرف كيفية تسيير جمع عام موسع، لأن نظام الحلقية خنقنا، لم أكن أعرف طريقة نضال الأحزاب والشبيبات.. كنا نفهم شيئا واحدا كرفاق “إما معنا أ ضدنا”.. ولم يسبق لنا تجربة منطق التحالفات.. كانت محطة عشرين فبراير تدريب لنا أولا، ثم مناسبة لخروجنا من التجمد النضالي كي نحس بحرارة العمل السياسي في الشارع، بالاضافة إلى كونها حركة كسرت جدار الخوف من كل شيء، بما في ذلك الخوف من النضال داخل الإطارات الجماهيرية… (يُتبع).




express-1 2015-07-14 21:54

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(28).. بين تنكيل قوات الأمن وخيانات وإشاعات الرفاق – بشرى الشتواني

— 14 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) كانت ذكرى 26 فبراير أول احتكاك لنا مع القمع، وفي نفس الوقت اختبار لقدرتنا على المواجهة ومدى تمسكنا بمطالبنا بيد من حديد..
أتذكر جيدا لحظة إعطاء الانطلاقة للتدخل، كنا جميعا نعرف أننا سنكون في مواجهة زرواطة المخزن، وكل واحد يتموقع في مكان يظن أنه سيكون شيئا ما آمنا بالنسبة إليه، إلاَّ أنا، لم أفهم أن وجودي وسط نساء جماعة العدل والإحسان لن يجلب لي سوى الكثير من الرفس والضرب. وذلك ما حصل مباشرة بعد انطلاقة صفارة الحكم أو ممثل النيابة العامة، حيث وجدتُ نفسي بطلة لمشهد شبيه بآخر شهير للممثل “عادل أمام” والذي يقول فيه: “وبتاع الاخيار بيضرب والكمسري بيضرب وعينك ما تشوف الا النور”!..
لم أكن أدري كم من الأجسام البشرية سقطت فوق جسمي، كل الذي كنت أعيه أنني في أمس الحاجة للأوكسيجين. حدث ذلك للحظات ثم أحسست أن ثقل الحمل خف من فوقي لأقف مُحاولة التقاط أنفاسي، بيد أن إحدى هروات “السيمي” لم تمهلني حيث هوت على كتفي حتى شلت حركتها، وما عطل جسدي بالكامل هو مشهد إحدى المناضلات التي كان نصيبها من الضرب أوفر نتج عنه كسر في أنفها.. هربنا نحن الإثنتان باتجاه الطاكسيات وأخذنا جراحينا لبيتنا دون تطبيب ..
أخبار التنسيق الوطني على مستوى الفايس بوك وتبادل أخبار القمع والاعتقالات رفع من معنوياتنا نحن الشباب الحالم، أما الشباب الذين كانوا يصدرون التعليمات فقد كانوا يعرفوا أن الوقفة ستتعرض للقمع. لكنني لم أفطن لذلك، هل كانت جرعة الغباء عندي تزيد كلما ازداد الحلم أم أن الممارسة هي التي توضح الأمور أكثر؟
كنت أنصت كثيرا ولا أضيع حضور أي اجتماع. كنت أحس برغبة في تعلم كل شيء وأي شيء، كي أستطيع تحقيق شيء ولو كان قليل، وهو أن أكون مناضلة واقعية وليس حالمة تبني حلم الثورة من قطع الحلوى ثم تأكلها كي تنتشي لا كي تشبع..
توالت الاجتماعات وحملات التعبئة للقاءات الوطنية وحلم بناء حركة نسائية موازية لحركة عشرين فبراير يراودنا.. كل ذلك كان جميلا بالنسبة لنا، لكنه كان أكبر منا لأننا أقصينا مَن هم أقل منا ثورية، ولم نأخذ منطق التحالفات بعين الاعتبار، وهذا مرده أن أغلبنا تخرج من مدرسة القاعديين، حيث كان أهم درس تعلمناه هو: “مَن ليس معي فهو بالضرورة ضدي” وقد صححت حركة عشرين فبراير هذا الدرس الخاطئ بنضالها بالإضافة إلى “حركة النساء قادمات” التي كان لها دور كبير في نفض الغبار عن الكثير من الأخطاء النضالية..
شخصيا تعلمت أشياء جديدة كتنظيم حدث وطني، وفهمت أن الإشعاع الذي يُسلط على نضال المركز رغم قزميته بالمقارنة مع ما نقدمه من تضحيات في المدن البعيدة، هو فقط لكوننا دائما نناضل بارتباط مع المركز ولم نستطع الانسلاخ من هيمنته..
كانت 20 ماي من المحطات التي بقيت عالقة في ذهني، لما وقع فيها من أحداث غيرت نظرتي إلى رفاق كنت أكن لهم الاحترام، فكثير منهم كان ممكنا أن أفديهم بحياتي إن تطلب الأمر ذلك، لكنني اكتشفت فيهم فيما بعد أشياء لا تمت للنضال بصلة. ما اكتشفته في أولئك “المناضلين” أعتبره وصمة عار لطخت صفحة كانت بالنسبة لي بيضاء..
لن أخوض في الجواب على هذا السؤال: ماذا فعلوا؟ لأن الأمر لا يخصني فأنا أتحدث من خلال هذه السطور عن تجربتي النظيفة جدا والبعيدة عن أية شبهات..
في مرحلة التعبئة تركونا نحن ثلاثة أو أربعة أشخاص نقوم بكل شيء، وحدثت سرقات وقيلت أكاذيب وحصلت خيانات بل وحتى أفعال تدليس في أوساطنا، هذا بينما كان القمع متوحشا في مسيرة 20 ماي التي لم يشأ لها المخزن أن تتم بسلام..
بعد أخد ورد ومناوشات، في لقاءات حضرها معنا شاب يحمل الجنسية الفرنسية كان من معتقلي يوم 26 فبراير الأسود، أخذ المبادرة لتصوير عملية القمع تلك فانتزعوا منه الكاميرا ولأنه يحمل جواز سفر أحمر فقد تم إرجاعها له دون أن ينزعوا منها شريحة الذاكرة حتى.. بيد أن الشاب الفرنسي أجزم أنه لم يسترجع الكاميرا خاصتهّ، بينما قال ضابط الشرطقة انه أعطاها لشاب هرب واختفى. ولحد الآن لم نجد الكاميرا ولا الشخص الذي أخذها، الذي من المفروض أنه مناضل بحكم تواجده في مسيرة لحركة عشرين فبراير، بل إنه لم يقم بنشر فيدوات مشاهد القمع لفضح النظام “اللاوطني اللاديموقراطي اللاشعبي”..
رجعنا إلى مقر النقابة كتبنا البيان التنديدي وناقشنا خطواتنا الموالية بحذر كبير لأن القمع كشَّر عن أنيابه، ولأن لائحة المعتقلين بدأت تطول وطنيا.
كان حدث الهجمة التي تعرض لها رفيقان قاعديان أكبر من مخططاتنا، فقد هجم الخط المتطرف من داخل الحركة الثقافية الأمازيغية على رفيقين وسط الحرم الجامعي بشكل لا يمت للانسانية بصلة. ما زلت أتذكر اتصال أحد الرفاق القاعديين بي في الساعة السابعة مساء قال لي: “لقد ضربوا فلان ولقد أرسلنا الرفيقة فلانة لكنها لم تجبنا”.. طبعا إن عدم اختياري للمهمة كان بسبب انعدام الثقة التي أصبحت بيني وبين القاعديين لأنني بدأت حينها أكسر حاجز الاسئلة حيث أطرحها وأعبر عن انتقاداتي، ومنها أنني قلت لهم: “عند الاجتماعات تجتمعون جميعا وفي حملات التعبئة والمسيرات تختفون”.. ثمة أيضا سبب آخر تمثل في علاقتي الطيبة جدا مع مجموعة من أفراد شبيبات الأحزاب، طبعا لم ترقهم تلك العلاقة لأنهم لا يعرفون معنى الصداقة أو فتح علاقات اجتماعية، لا يعرفون سوى الاستمناء السياسي في المقاهي أو حشو عقول اليافعين ببطولات وهمية لم نر منها سوى معتقلين ومعطوبين، إما على يد الأعداء أو رفاقهم..
ذهبت إلى المستشفى الذي كان مطوقا برجال الأمن و المخابرات، لأفهم ما جرى ويجري، استطعنا اختراق الحاجز الأمني والتواصل مع طبيب كان خارجا لتوه من قسم الانعاش.. بدا الطبيب مصدوما من كثرة الطعنات التي تلقاها جسم ذلك الرفيق وأمدنا بكل المعلومات، لتصلنا مكالمة من أحد الرفاق من مصحة أخرى، قال لنا أنه يجب علينا أن نحضر لنقل الرفيق الثاني الذي كان قد صدرت في حقه مذكرة بحث والمصحة تصر على إعلام الشرطة. ذهبت بمعية إحدى الصديقات إلى المصحة لتنفيذ خطة أدركنا أنها ستنجح أو نكمل ليلتنا في حصة طويلة لسين وجيم. لكن الخطة نجحت وهذه تفاصيلها..
شرعت صديقتي في التكلم مع الموظف المكلف بالاستقبالات في المصحة، بينما صعدت أنا لأبحث عن الرفيق المصاب، أخذته من ذراعه ونزلنا عبر السلالم، رغم أنه كان يتألم لأن إصابته كانت على مستوى الظهر وأحد أصابع يديه.. أدخلته إلى السيارة وأرسلت رسالة نصية قصيرة لصديقتي.. التحقت بي ضاحكة.. قالت لي أنها كانت على وشك أن تكمل كل كذب العالم..
أخذنا الرفيق إلى مصحة أخرى. سجلناه باسم مستعار طلبوا منا ثمن العملية لأنها مستعجلة. و أن لصديقتي أصدقاء في المصحةفإنهم لم يشعروا الشرطة وأخدو شيكا موقعا على بياض كانت صديقتي الطيبة جدا والانسانية جدا هي مَن وقعته كضمان إلى أن نستطيع تدبير المبلغ.
اتفقتُ وإياها أنه لا أحد يتم إخباره بمكان الرفيق ضمانا لسلامته، لكن أحد الرفاق القاعديين كان يقتفي خطواتنا أخبر الجميع بما فيهم الطلبة الصحراويين بالأمر لأكتشف في اليوم الموالي أن الرفاق يروجون لما مفاده أنني أخبئ رفيقهم البطل عنهم، لماذا وما عساني أفعل به وهو الذي كان مطلوبا من العدالة؟ لست أدري..
المهم أن فكر المؤامرة كان يدمر كل شيء، حتى الرغبة في تقديم خدمة، ومع ذلك استمريت في المداومة على الذهاب إلى المستشفى لزيارة الرفيق الأول المصاب الذي كان ما يزال في قسم الإنعاش بحكم طعنة اخترقت إحدى رئتيه، وهناك كان عناصر المخابرات لا يفوتون أي لحظة لاستنطاق كل مَن يزوره، وهو ما فطننا له جميعا، فقررت أنا وزوجي أن نزوره دون البقية خوفا عليهم، لنكتشف فيما بعد أن هناك مَن يقول أننا اخترنا ذلك الرفيق لأنه محاط بمناضلي عشرين فبراير وأساتدة الجامعة ووو… المهم لا بد أن يحضر التخوين وإلاّ فنحن لسنا ثوريين!… (يُتبع).



express-1 2015-07-16 21:40

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(29).. ثوريون يؤخرون الثورة! – بشرى الشتواني

— 15 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) كان لاختيار الاتحاد الاشتراكي التصويت مع الدستور أثرا كبيرا على تنسيقية 20 فبراير بأكادير المركز، خصوصا أن الرفاق القاعديين انشغلوا بالتحضير للرد على الإعتداء الذي طال رفيقيهم، أما نحن فقد انشعلنا بالجرحى..
كان لابد من مواكبة الترويض والتطبيب خصوصا أن المعتدين استهدفوا الأطراف لذا كان من الصعب ترك الرفيق وحده وهو غير قادر على الحركة، ثم إنه ما كدنا نستيفق من صدمة الرفيقين الأولين حتى جاءنا خبر استهداف طالب متعاطف وآخر كان هو من أبلغني بخبر عملية الهجوم الأولى والذي كنا نبحث عنه لمدة ثلاثة أيام دون جدوى، إلى أن عثر عليه أحد الرفاق في حالة يُرثى لها بمستشفى الحسن الثاني..
كنت ألعن السياسة والثورة بداخلي وأنا أدخل منزلي لأجد رفقي هناك ممددا ينتظر مَن يساعده على القيام بأبسط الأشياء اليومية، وأتخيل أمه لو كانت هنا بيننا، كيف سيكون شعورها؟ مرات كثيرة كنت أعلن تدمري ومرات أقمعه داخلي كي لا أُتهم بالجبن، لكن في الحقيقة كنت أخاف أن يُصاب زوجي بمكروه كلما اضطر للذهاب إلى محيط الجامعة..
مرت الايام ثقيلة بين المستشفى ومواكبة أخبار الحركة عبر النت، كنت تقريبا أخرج كل يوم أحد إلى جانب مناضلي أكَادير الكبير. لم أستطع التخلص من حلمي بتحقيق شيء ولو صغير من خلال حركة 20 فبراير، حتى أصدقائي في الشبية الاتحادية كان لهم نفس الشعور، فرغم انضباطهم لقرار الحزب كانوا يسألون عن مكان المسيرات ومستجدات الحركة لأننا راكمنا فيها بالاضافة للنضال مشاعر صادقة تجمع خصوصية المغاربة في تقبل الاختلاف، وحلما مشتركا في مغرب آخر ممكن رغم اختلاف استراتيجيات نضالنا..
من هنا بدأ يتولد عندي سؤال لماذا نخلق صراعات مع الكل؟ ولماذا نصر على أننا نحن من يملك الحقيقة دون غيرنا رغم أن المنطق يقول بنسبية الأشياء؟
أخدت أطرح الاسئلة وأنا وسط الرفاق ولم تكن لي رغبة في الخروج من سربهم، كنت أقول: لأن الممارسة على الأقل ستبين لمن يمارسون الجمود الذي كنا فيه، أما الذين لا يمارسون فلن يقدموا شيئا سوى تأخير الثورة وإعاقة الطاقات المناضلة اليافعة. ما زلت أتذكر كيف تصلك الانتقادات فقط لأنك تبادر بخطوة نضالية أو تكتب جملة فايسبوكية تنتقد فيها هذا أو تشجع ذاك..
كنت أتابع كل هذا.. ومرات أصرخ في وجوههم أنهم يؤخرون الثورة ولا يراكمون لها، ومرات كنت أكتفي بالصمت احتجاجا على كسلهم. ما زلت أتذكر مرة شاركت في نشاط من تنظيم منتدى بدائل المغرب كشابة من شباب عشرين فبراير بأكادير، وكانت بعدها مباشرة المسيرة الوطنية المنددة بتفجيرات مقهى أركَانة بمراكش، ذهبت مع صديقة اتحادية وبعض المتعاطفين مع الحركة لأجد إشاعة انتشرت مفادها أنني اتحادية مندسة وسط القاعديين، لماذا؟ مثلا كي أُفشل مشروع الثورة القريب من التحقق أو ماذا؟ لست أدري.. لكنهم صدقوا كذبة اقترفوها عن جهل وهي أنني ذهبت للمشاركة في مؤتمر للشبية الاتحادية، إنهم لا يعرفون حتى كيفية المشاركة في مؤتمر، ولا حتى ماذا يحدث وأن الأمر وما فيه أن الشبيبة الاتحادية نظمت ملتقى اتحاديي عشرين فبراير وصديقتي قررت أن تزور رفاقها قبل إكمال الطريق إلى المنتدى، ما هم كل هذا المهم أن فكر التخوين قائم..
لم يكن ذاك هو الحدث الوحيد بل هي أحداث كثيرة واكبت لحظة تخلصي من شك الرفاق القاعديين وطرح السؤال الكبير: لماذا كل هذه التضحيات من شهداء ومعتقلين ومعطوبين دون أن نحقق خطوة واحدة إلى الأمام؟ هل من أجل التباكي بهم أم للمراكمة؟ إذا كان من أجل المراكمة فأنتم لا تراكمون يا رفاق..
بعد نشر إشاعة كوني اتحادية جاء وقت نسبي لحزب الاصالة والمعاصرة، لا لشيء، إلا لأنني قررت أن حضور حفل أقامته اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان وأحياه الفنان سعيد المغربي وصلاح الوديع، نشرت الصور مع هذين الرجلين لتقوم ثورة من السب والقذف والشتم، ثم لتخرج صديقة كانت معنا وكانت تعرف أنها ستحضر حفلا من إحياء رجلين معروفين جدا، وهي مناضلة قاعدية جدا كتبت تتبرأ من الصورة وتأكد أنه غُرر بها لتأخد الصورة دون أن تعرف أن الرجل الذي كان بجانبها هو صلاح الوديع، ساعتها أيقنت بالضبط أنه لا امل يرجى في رفاق الأمس..
ثم توالت أحداث العنف بين الرفاق كل مجموعة تُخَوِّنُ الأخرى ومجموعة تدعي أنها على حق. كان منهم مَن استهدفوا رأسه ومن استهدفوا أطرافه ومن حوكم بسنوات من السجن واعتُبر معتقلا سياسيا وهو لا يتجاوز صفة مجرم مزق أطراف طالب لا يخير عنه في الإجرام..
كنت أقول لهم: “يا رفاق نحن تعلمنا من مدرسة القاعديين جملة أنا يا رفيق إن اخطات فخذ بيدي وليس اقطعها لي”!.. ولم ينتبهوا لكلامي وكانت القطرة التي أفاضت الكاس هي أن رفيقا قاعديا كان أحد ضحايا عنف الحركة الثقافية الأمازيغية، بالكاد شُفي من إصاباته تعرض لضربات من رفاقه الذين اشتركوا معه بالامس القريب نفس الحصير. سلوك لا يمت للانسانية بصلة..
دخلت لرؤيته بالمستشفى، فلم أقو على الاستمرار، كنت واقفة أمامه وأخذت أصرخ لهول ما شاهدته من آثار الوحشية، وماذا كان السبب؟ الانتقام.. هل المناضل ينتقم؟ هل بهؤلاء المنكوبين ستقوم الثورة؟ هل الاعاقة الفكرية ستراكم للثورة شيءا؟ هل الكسل يخلق مناضلا؟ ثم مَن أوكل لكم الحديث باسم شعب لا يريد شبابا منكوبا معاقا بل يريد حماة للوطن ومناضلين يحبون الحياة من أجل الوطن..
عندما أعاين الآن حملة صرخة الأمهات ينتابني شعور بالأسى لأولئك النسوة اللواتي يحتجن من مكان لمكان مدافعات عن براءة أبنائهن، دون أن يدركن أن هناك من عمل على تكبير فكرة العنف في عقول كل من يحلم بالثورة..
لا أريد أن أبخس تجربة، بل مدرسة، علمتنا الكثير، لكنها بريئة من هؤلاء الذين يتكلمون باسمها. القاعديون كانوا دعاة حوار وسجال ونقاش ومنتجون للفكر وأفكار ومواقف تدفع عجلة النضال إلى الأمام. هم ليسوا محترفي حمل الاسلحة البيضاء وتمزيق أطراف كل من يخالفهم الرأي..
لن أعمم، فهناك مناضلون مروا من التجربة هم حقا رائعون وصادقون مع أن الصدق صفة في كل المناضلين حتى العنيفين منهم، لأنهم يُعنِّفون بصدق، تماما كما الدواعش يقطعون الرؤوس بصدق ظنا منهم أنهم يعبِّدون الطريق نحو الجنة، لهذا أقول دائما أنه بالاضافة لداعش اليمينية هناك داعش اليسار.. اليمين يقتلون من أجل الجنة واليسار يعنِّفون ويعتدون من أجل الجنة أيضا، وهنا تختلف الجنان الوهمية. أما نحن فنناضل من أجل وطن يسع الجميع..
ثمة َن يظن أن الجنة توجد في السماء ومَن يظنها ثورة ستنطلق من الجبال، نحن نناضل من أجل مطالب نستطيع تحقيقها ثم نناضل من أجل الفرح والحياة فقط دون عنف أو هدر دم أو أي شيء يعكر صفو الفرح فينا، لأن المناضل إن لم يكن إنسانا مقبلا على الحياة فلن يستطيع النجاح في مهامه… (يُتبع).





express-1 2015-07-16 21:41

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...7899242976.jpg
“مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(30).. لهذه الأسباب تركتُ القاعديين – بشرى الشتواني

— 16 يوليو, 2015 تحذير: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” خاصة بموقع “أخبركم” كل إعادة نشر بدون إشارة للمصدر هي عملية سطو موصوفة ومفضوحة
(…) كنت قد قررت الابتعاد كليا عن رفاق تجربة القاعديين، ليس انتقاصا من تجربة الطلبة القاعديين أو من انتمائي لها لمدة 13 سنة، بل لأن مَن لا زالوا يُحسبون عليها لم يأخذوا من فكر القاعديين سوى العنف أو قشور العنف الثوري، أما أنا وكلامي هنا وفي كل سطور حلقات مذكراتي هذه عن نفسي، ليس نفخا في ذاتي السياسية وإنما عدم قدرتي على إعطاء أحكام سوى عن تجربتي الشخصية.
إنها خلاصة تجربة نضال في إطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، باعتباره مدرسة النضال الأولى بالنسبة لي كمتمردة وجدت في نقابة ممانعة ك”أوطم” حضنا يتسع لتمردها الذي طورته إلى نضال فكري وسياسي منظم داخل تنظيم يعتبر مدرسة فكرية وسياسية، لم يستطع لا النظام ولا باقي تجلياته النيل من نضاليتها، لأن مدرسة القاعديين ظلت عصية على الكسر أو الموت..
لكن ما يجعلني اليوم أكتب عن تجربتي الصغيرة، هو ظني في إمكانية حلحلة الراكد بالنسبة لما يقع وسط الذات القاعدية، والتي أصبح ارتباطنا بها عاطفيا أكثر منه سياسيا، وهذا ما يجعلنا نتحسر في اليوم عشرات المرات على المستوى الذي وصل إليه بعض المحسوبين على التجربة والذين يساهمون في تكريس فكرة العنف والكسل وسط مَن يمكنني اعتبارهم طليعة المجتمع وضميره أيضا..
كنت أتمنى أن أخلق نقاشا هادئا حول تجربة عشناها جميعا، خصوصا أن أغلب الرفاق الذين عاشوا معي نفس التجربة ما زالوا يناضلون بطريقة أو بأخرى، بل ما زالوا يتابعون حلقات هذه المذكرات أولا بأول، وفي أحيان كثيرة يعاندهم إبهامهم فيضغطون على زر “أعجبني” رغم نوع عن القراءة “السرية” التي اعتمدها معظمهم..
إن التحدي الذي كان مطروحا على كلمات هذه المذكرات هو تحري صدق أحداثها وعدم الخوض في الخصوصيات والحميميات الشخصية لأي كان. وهنا كنت أتحدى نفسي دائما في أن أبقى وفية لأحداث شخصية وعدم ذِكر أسماء لا يريد أصحابها قطعا أن تُذكر إما لعدم رغبتهم في الخوض في تجاربهم أو لإيمانهم أنهم يشتغلون في سرية تشبه، لعبة “الغميضة” حينما يضع الاطفال أيديهم فوق أعينهم ظانين أن لا أحد يراهم..
أظن أن التجارب إن لم تُوثق وتُتداول ليتعلم منها المقبلون على مثلها، لن تكون لها قيمة، خصوصا أن هناك من بيننا مَن احترف الحكي في المقاهي وزيادة القليل من توابل البطولات و العنتريات، إن لم أتجرأ على القول، أن الأمر يتعلق بغرس السموم وسط عقول صغيرة تطمح لأن تكون كبيرة، فيتم إعاقة نموها السليم وهذا مربط الفرس في أزمة الحركة الذاتية..
من هنا ومن خلال تجربة البوح هذه، اتفق معها من اتفق وعارضها مَن عارض، أرسل نداء بل صرخة ورجاء لكل من عاش تجربة القاعديين خاصة وأوطم عامة، أن يبتعدوا عن الحركة الطلابية ويتركوا نضال الطلبة وشـأنه.. اتركوهم يخطئون ويُصوبون وينجحون ويفشلون وينهزمون وينتصرون.. لا تدسوا السموم وسطهم ولا تراكموا معهم أفكار الغل والحقد التي راكمتموها بسبب أخطاء ذاتية ألبستموها لباسا سياسيا.. دعوا التجربة نظيفة من دم الرفاق ولا تجعلوا من دماء اليساريين شاهد إثبات على تآمر اليمين والنظام وغباء اليسار أيضا..
لا تجعلوا من فكرة العنف أقصى الممارسات السياسية.. أول درس يتعلمه الطالب، بل علموه الغناء للفرح والنضال بفرح، لا تجبروه على وضع قناع البؤس أو ملابس الفقر، كي يكون مناضلا “حقيقيا”.. لا وجود لشيء اسمه “دربالة القاعدي”.. القاعدي يناضل كي نعيش حياة كريمة وليس ليحتفظ ب”الدربالة”..
أخيرا كل يوم وأنا مناضلة من أجل وطن آخر ممكن.. كل عام وأوطم مدرسة تنجب المناضلات والمناضلين وكل سنة وذاكرتنا الجماعية بخير.. وسيظل قلبي نابضا بحب وعرفان لمدرسة تسمى “فصيل النهج الديموقراطي القاعدي “.
ملاحظة: تسمية “الكَلاكَلية” الواردة في عناوين حلقات مذكراتي، ليست أبدا قذفا وإنما تعبير شائع وسط المغاربة ينعتون به توجها وسط القاعديين لكثرة كلامه، وأنا اخترت هاته التسمية لأن المعنيين بها، هم فعلا كثيرو الكلام وأنا واحدة منهم. (انتهى).



express-1 2015-07-16 21:59

رد: “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”(1).. أول يوم في الجامعة – بشرى الشتواني
 
http://www.okhbir.com/wp-content/upl...0238023720.jpg
عن “مذكرات قاعدية كَلاكَلية”.. افتحوا النوافذ المُغلقة! – مصطفى حيران

— 16 يوليو, 2015 واظبت “بشرى الشتواني” طيلة ثلاثين يوما على نشر “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” ضمنتها تجربتها في فصيل طلابي يساري بإحدى الجامعات المغربية..
لم تقل كاتبة المذكرات في أية لحظة من سردها الطويل المفيد الممتع، على مدى ثلاثين حلقة منشورة في موقع “أخبركم” أنها تحكي تجربة الفصيل القاعدي الطلابي المعني. بل إنها حكت تفاصيل سياسية وإنسانية واجتماعية من منظورها الشخصي، فجاءت – التفاصيل – قطعة من حياة يسارية بنكهة مغربية.. ويا لها من نكهة!
علمنا مثلا، من خلال مذكرات بشرى الشتواني أن رفاقها القاعديين لم يكونوا يحفلون بكل الأعياد “المحلية” باعتبار أن العيد الحقيقي هو يوم تقوم ثورة العمال والفلاحين، ما عدا عيد واحد هو عيد الأضحى الذي يُحتفل به وبأمره لديهم، لا داعي للبحث عن السبب فسيكون ذلك من قبيل توضيح المفضحات وليس الواضحات فحسب.
ثم كيف يستقيم الحديث اليساري عن “التجذر” بالنسبة ليساريين لا يُتقنون سوى الكولسة وصنع “الأساطير” والإشاعات اللفظية فيما بينهم عن بعضهم البعض، في حين أن حاصل تعاطيهم مع الواقع السياسي والإجتماعي لا يكاد يُذكر؟
ولماذا ذلك الإصرار المُبالغ فيه على فض الخلافات بالعنف؟ أليس عن فقر في امتلاك ادوات التدبير السياسي المبني على المعرفة؟
على غرار مثل هذه الأسئلة، أماطت صاحبة “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” اللثام عن تناقضات جمة في خم فصيل قاعديين – كما عايَشَتْها – تُضفي الجدية على طرح إشكالية طريقة تبيئة التفكير والممارسة اليساريين في المغرب..
طبعا سيبدو من قبيل الإدعاء الفارغ إضفاء طابع الصدقية والمصداقية بإطلاقية على “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” باعتبارها الحق الذي ليس بعده حق، وهو ما لم تدعه الكاتبة نفسها في أية لحظة، بل أصرت على القول أنها حكت تفاصيل تجربة شخصية طالت أزيد من عشر سنوات ضمن فصيل طلابي يساري قاعدي.
ولحد الآن لم تأتِ ردود لتناقش التفاصيل التي وردت في المذكرات، لمُنازعتها في حِجِّيتها، بل إن المقالات المنتقِدة – نشرنا ما ورد منها علينا في موقع “أخبركم” – ركزت على مناقشة ما يمكن تسميته بالصراع بين طوباوية مُدَّعاة أو مُفترضة وواقعية مُرواة سوادا على بياض، واعتماد أسلوب التبخيس في محاولة للحط من قيمة المذكرات، ناهيك عن أساليب الشتم والتهديد التي استُعملت في حق الكاتبة.. وهو ما يعزز هيمنة ذهنية الإغلاق والإنغلاق، باعتبار أن أدبيات كل فصيل سياسي هي مِلك مُحرم الإقتراب منه مهما كانت المبررات والذرائع، وليست تجارب بشرية قابلة للتداول بين الذين اشتركوها.
إنها ذهنية الأسطرة (من الأسطورة) وعقدة الذنب، وقد التقتا في “مطمورة” مغربية.
لسنا في معرض تقريظ “مذكرات قاعدية كَلاكَلية” فلها ما لها وعليها ما عليها، إنما الذي همَّنا خلال نشر الحلقات الثلاثين في موقع “أخبركم” هو ذلك التجند المُبالغ فيه من طرف بعضهم، ممن يعتبرون أنفسهم “حراس المعبد” للهجوم على الكاتبة وكأنها فتحت أبواب جهنم وعرَّضتهم للهيبها، والحال – كما سبقت الإشارة – أنها روت تفاصيل تجربة سياسية وإنسانية من منظورها الشخصي، فاتحة بذلك واحدة من النوافذ على بهو من الأبهاء العطنة للممارسة السياسية في المغرب.





الساعة الآن 07:01

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd