منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى القضايا التربوية (https://www.profvb.com/vb/f100.html)
-   -   حوار شيق مع الفاسي الفهري حول اللغة العربية واللغات الأجنبية (https://www.profvb.com/vb/t157754.html)

صانعة النهضة 2015-03-19 11:22

حوار شيق مع الفاسي الفهري حول اللغة العربية واللغات الأجنبية
 
حوار شيق مع الفاسي الفهري حول لغة التدريس :


الدولة مسؤولة عن الأضرار التي تلحق باللغة العربية

http://s1.hespress.com/cache/thumbna..._119967892.jpg
حاوره: نورالدين لشهب
الخميس 19 مارس 2015 - 12:00




أكد الأستاذ عبد القادر الفاسي الفهري، العالم اللساني المعروف، أن تشبث المغرب باللغة الفرنسية غير مبني على مقاييس موضوعية وعلمية، بالإضافة إلى أنه لا يخدم المواطن المغربي المتعلم، لأن اللغة الإنجليزية أضحت لغة التواصل والعلم في العالم بأسره.


وتطرق الحوار، الذي أجرته هسبريس مع الأستاذ الفاسي الفهري، إلى إشكال العدالة اللغوية بخصوص السياسة التعليمية بالمغرب، والتي تفرض تعلم اللغة الفرنسية على عامة المواطنين يتعلمون، بينما الخاصة من النخبة تكون أبناءها باللغة الإنجليزية.


وحمل الدكتور الفاسي الفهري المسؤولية للدولة بخصوص الوضع السيئ الذي آلت إليه اللغة العربية في المغرب، مع اللغة ملف سياسي وثقافي كبير، وملف تعليمي وإعلامي واقتصادي وقانوني.


http://www.hespress.com/files.php?fi..._550421828.jpg


نبدأ حوارنا باستطلاع أجرته جريدة هسبريس الالكترونية الأسبوع الماضي، وطرحت فيه الجريدة سؤالا: هل تؤيد تعليم اللغة الانجليزية مكان اللغة الفرنسية بالمغرب؟ بلغ عدد المشاركين في الاستطلاع ما يربو عن 41526، والنتيجة أن من أيدوا حلول الإنجليزية مكان الفرنسية كانت نسبتهم %،85،98 بينما المعارضون لم تتعد نسبتهم % 14،02، ما تعليقكم على نتيجة الاستطلاع دكتور؟


بسم الله، وشكرا على الاستضافة. نتيجة الاستطلاع خبر جيد، وهي تنم عن وعي المواطنين المغاربة بموقفهم من اختيار اللغة، ولغة التعليم على وجه الخصوص. ما هو مشكل اختيار اللغة؟ أولا اختيار اللغة يتم بمعايير محددة، ومن جملة هذه المعايير بالنسبة للغة الأجنبية هناك شيء، في يومنا هذا، يسمى اللغة العالمية global ********، وهذه الصفة واضح أنها تنطبق على اللغة الانجليزية بالدرجة الأولى، لأنها أول لغة عالمية اليوم، وتليها لغات أخرى، مثل الصينية والإسبانية، والهندية، والعربية، الخ. هذه اللغة هي لغة التداول والتبدل العالميين. فإذا أردنا التنقل بين منطقة ومنطقة في العالم، نتكلم مع غيرنا بالإنجليزية، حتى في الدول العربية، والصين، وروسيا، الخ. الإنجليزية هي لغة التواصل العالمية ولغة العلم العالمية كما هو معروف.



ثانيا، المجلات العلمية المفهرسة دوليا تصدر جلها بل كلها بالإنجليزية، حتى صار شرط فهرسة أي مجلة تنعت بأنها دولية أن تكون مكتوبة، ولو جزئيا، باللغة الانجليزية.
أضف إلى هذا أن ما يسمى بالدروس الدولية بدأت تنتشر في عدد من الدول الأوربية منذ التسعينات. وهنا أعطي مثالا بألمانيا التي كانت متشبثة في وقت بلغتها، لكنها ما لبثت أن عممت هذه الدروس، بمعنى أن هناك دروسا كالفيزياء والكيمياء والطب إلى غير ذلك تلقى باللغة الإنجليزية في الجامعات الألمانية.



هذه الدروس الدولية تم تعميمها في ألمانيا ابتداء من عام 1996، حيث بدأت تُلقى الدروس في الجامعات وفي الثانويات باللغة الانجليزية، وقبل بضع سنين، عممت التجربة في فرنسا نفسها، وقبلها في عدد من الدول الأوروبية. فاللغة الانجليزية صارت هي اللغة الأوربية الأولى في التعليم الجامعي بأوروبا. إسبانيا، مثلا، كانت فيها اللغة الفرنسية، وكذلك ألمانيا والبرتغال إلى غير ذلك، كل هذه البلدان انتقلت من الفرنسية كلغة أولى بعد اللغة الوطنية في تعليمها إلى اللغة الإنجليزية. إذن لا نكاد نجد على مستوى القارات إلا بعض الدول الإفريقية التي كانت مستعمرات قديمة لفرنسا أو لبلجيكا هي التي مازالت محتفظة (ولا ندري إلى متى) باللغة الفرنسية كلغة أولى أجنبية للتدريس (أو كلغة رسمية للبلاد أحيانا).


طيب دكتور، هنا اسمح لي لماذا يتشبث المغرب باللغة الفرنسية؟ وهنا نضيف أن التقرير الاستراتيجي للمجلس العلمي الأعلى للتعليم والذي سيرفع للديوان الملكي دعا إلى ضرورة استمرار أو اعتبار الفرنسية كلغة ثانية للتعليم، لماذا التشبث باللغة الفرنسية، هل لأسباب سياسية، استعمارية، اقتصادية أم ماذا؟


إذا صح هدا الخبر بهذه الصيغة، فإنه خبر سيء، لأن هذا الاختيار غير مبني على مقاييس موضوعية، وليس مبنيا أيضا على معايير تخدم فرص المتعلم المغربي، لأن الأسباب ذكرتها في البداية تبين أنه من أجل خدمة المتعلم المغربي، وجعل الآفاق والفرص مفتوحة أمامه محليا ودوليا، في أي منطقة من مناطق العالم، على غرار المتعلم الآخر، سواء كان كوريا أو من جنوب إفريقيا أو من البرازيل أو غيرها، كل متعلم في التأهيلي والعالي يتعلم (جزئيا) باللغة الإنجليزية، بعد اللغة الوطنية. هذا ضمن المعايير الدولية لاختيار لغات التعليم في الجامعة على الخصوص. إذن ما يمكن الاجتهاد فيه بالنسبة للمغرب هو سيناريوهات انتقالية. وهذه السيناريوهات، في رأيي، لا ينبغي أن تكون ثنائية، وإنما ثلاثية، وأنا كتبت بتفصيل في هذا الموضوع، بحيث لا يمكن أن ننتقل فجأة من ثنائية عربية-فرنسية إلى ثنائية عربية-إنجليزية بين عشية وضحاها. فهناك صيغ ثلاثية، كما فعلت أوربا أو الهند، بحيث نعتمد على الأقل في التعليم ألتأهيلي والعالي على اللغة العربية والفرنسية والإنجليزية، مع سيناريوهات اختيارية أخرى قد تدخل فيها الإسبانية، أو الصينية، أو الألمانية، الخ. هذه هي الصيغة التي تبدو لي معقولة، وهي الثلاثية، وليس الثنائية التي تحتفظ بالفرنسية في مكانها، لأن الثنائية الحالية مضرة بمصالح المواطنين وفرصهم، ومخالفة لمبادئ العدالة اللغوية.




http://www.hespress.com/files.php?fi..._992056515.jpg




رب سائل يسأل هنا ما هي الأهداف الثاوية وراء التشبث بالفرنسية، هل هي سياسية أم ماذا؟


أنا لا أدخل في التفاصيل السياسية، أو السياسوية على الأصح. أنا انشغالي بشيئين:



(أ) مصالح المواطنين، ونوع المواطن الذي نريد أن نكونه بالنسبة للمستقبل،



و(ب) نحن كما ذكرت لك منشغلون أيضا بسؤال كبير يشغلني وكتبت فيه عدة مرات وهو مشكل العدالة اللغوية، هل نحن عادلين حينما نختار لأبناء الشعب مثلا الفرنسية وحدها، وتكون نخبة نفوذ من نوع آخر تكون أبناءها باللغة الإنجليزية في معاهد فرنسية أو أنجلوساكسونية، إما كليا أو جزئيا، علما بأن أوربا نفسها مدارسها والمدارس العليا الفرنسية فيها أصبحت تكون باللغة الإنجليزية.



وقبل شهر، كنت في فرنسا وفي باريس بالضبط، وقدمت محاضرة في فرق بحث، وطلب مني أن أتكلم بالإنجليزية وحدها، وهذا غالبا ما يحدث لي في قلب باريس الآن.



كل ما هو دولي وتختلط فيه فرق البحث التي تريد أن يكون لها طابع أوروبي، تشتغل بالإنجليزية، ولا تقبل الفرنسية. فالإنجليزية أصبحت لغة الاتحاد الأوربي بامتياز، رغم أنه على المستوى الشكلي والرمزي، مازال هناك احتفاظ بالفرنسية والألمانية، ولكن على المستوى العملي حتى نكون صريحين هناك اللغة الإنجليزية. ويذهب قانون فيوراسو، الذي أدخل الانجليزية فيما يسمي بالدروس الدولية في فرنسا، في نفس الاتجاه.


طيب، المادة 118 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين تقضي بإحداث أكاديمية اللغة العربية، هذا المشروع لا يزال يراوح مكانه أكثر من عشر سنوات، لماذا تأخر برأيك هذا المشروع ولا سيما أنكم كنتم ضمن هذه اللجنة؟


هناك سبب عام ثقافي، وهو أننا لم نع بعد مضمون التعددية اللغوية، وهي تكون بعدة لغات، بوظائف موزعة، لا بلغة واحدة. وفي "الطابق السفلي" للتعددية اللغوية هناك مرتكز أول، وهو دعم وتقوية إتقان اللغة أو اللغات الوطنية، فبدون تمكن التلاميذ أو الطلاب من هذه اللغة الوطنية الأولى، لا يمكن توطين أي تعددية، ولا تعميم أي تنمية.



بطبيعة الحال، أكاديمية محمد السادس للغة العربية جاءت لتؤسس وتخدم اللغة الوطنية. وكما أوضح ذلك الدستور الجديد، فإن الدولة تلتزم بدعم اللغة العربية والعمل على نشرها وتأهيلها، إلى غير ذلك. فنص الدستور واضح، وكان دائما واضحا منذ الاستقلال وإلى الآن. ولكن هناك دائما ترددا ونقاشا مغلوطا يصير إلى أحادية مغلوطة، يا إما العربية وحدها، وإما لغة أجنبية أخرى وحدها.



في الحقيقة، هذا النقاش تجاوزناه منذ زمان، اليوم لا يمكن أن نعيش بلغة واحدة، ولذلك كل الدول أصبحت تخطط لسيناريو من سيناريوهات تعدد اللغة، لكن بصيغ مختلفة. وبما أن الدستور قد تبنى فكرة أن هناك لغتين رسميتين وطنيتين، هما العربية والمازيغية، وهناك لغات الانفتاح العالمي الأكثر انتشارا، وهناك تنوعات، الخ، فنحن ننتظر أن نطبق ما صادقنا عليه وكتبناه.


وكذلك الميثاق، فما ما جاء فيه من أشياء ايجابية لم تطبق. قانون الأكاديمية صدر عام ،2003 بعد مدة من النقاش، لأنه كتب سنة 1999 في ماي، وأول من صادق عليه المرحوم الحسن الثاني قبل أن يخرج في صيغته، واللجنة الملكية، ثم خرج ودار في البرلمان وفي الحكومة، بعد ذلك صادق عليه مجلس الوزراء، ثم خرج في صيغة قانون، ومع ذلك نحن ما زلنا مترددين.


ولماذا نحن مترددون؟
لأننا لم نتشرب بعد بفكرة التوازنات الضرورية من أجل أن ننهض بالمواطن المتعدد، لأننا عندما نقول للمواطن ستدرس اللغة العربية وحدها فهذا ليس هو الحقيقة، نكذب عليه، لأن لا أحد يريد أن يدرس المغاربة اللغة العربية وحدها.


واليوم هناك من يريد أن يدرس المغاربة اللغة الفرنسية وحدها. وهذا كله نقاش خارج الصواب. هناك لغة عالمية هي الانجليزية وهناك لغة وطنية لها تجربة طويلة في التدريس وهي اللغة العربية، وهناك لغة أجنبية أخرى هي اللغة الفرنسية لنا معها تاريخ، مشترك ثقافي إلى غير ذلك. وقد تحل محل لغة ثقافية تنوعية، إقليمية وعالمية، أو ما شئت، ولكن لا يمكن أن نناقش ملف اللغة بالاختزال.



وهناك طبعا اللغة المازيغية التي يجب أن نعتني بها في المستوى المطلوب، وهناك تنوعات لهجية مفيدة، الخ. فهذه مجموعة من المتبلات أو العناصر الموجودة في الدستور، ولكن لحد الآن لم تعط المضمون الحقيقي. وما يجب الابتعاد عنه هو تفكير يريد أن تحل الفرنسية محل اللغة العربية (الوطنية)، أو تحل الفرنسية محل اللغة الإنجليزية (العالمية بامتياز). ففي هذا إخلال بالمنطق السليم، وبالمعايير الموضوعية، وهز مستمر لأساسيات إقامة تعدد لغوي متزن ومتماسك.


يتبع


صانعة النهضة 2015-03-19 11:24

رد: حوار شيق مع الفاسي الفهري حول اللغة العربية واللغات الأجنبية
 
لقاء خاص مع العالم اللساني المغربي الفاسي الفهري





يتبع

صانعة النهضة 2015-03-19 11:31

رد: حوار شيق مع الفاسي الفهري حول اللغة العربية واللغات الأجنبية
 
في السنة الماضية ثارت دعوة حول إقحام الدارجة في التعليم، والسيد نورالدين عيوش الذي تزعم هذه الدعوة قال بالحرف الواحد بأنه يسعى إلى فصل اللغة العربية عن الدارجة.


هذا بالضبط ما قاله برونو سنة 1946، وقاله قبله مارتي وفيكي، الخ. هؤلاء الأباطرة الذين كانوا يخططون للسياسة الفرنسية الاستعمارية، التي كانت تدعو إلى فصل العرب عن البربر، وإلى فصل المغاربة عن الإسلام، وإلى فصل الدارجة عن الفصيحة، وهكذا. لا جديد تحت الشمس إذن. إلا أننا والحمد لله، نلنا استقلالنا منذ ستة عقود، في سنة 1956، ونريد أن نتقدم في النقاش اللغوي بجد.


قضية العامية والفصيحة هي مسألة مطروحة بالنسبة لجميع لغات العالم، ونجد أن لغة واحدة شذت عن القاعدة، وهي اللغة الإسلندية، ولا أريد أن أدخل في التفاصيل، ولكن كل اللغات الحضارية في العالم لها صيغة فصيحة وتسمى بالصيغة المعيارية Le standard، وهي اللغة التي يدرس بها في المدرسة وتصدر في القوانين وتكون في المحاكم إلى غير ذلك، وفي الإعلام والصحف، وتكتب بها الكتب، الخ.


ووظيفة اللغة المعيارية أنها توحد، وتجنب الوقوع في التأويلات المختلفة. واللهجات غير المعيارية تصلح للتعبيرات الوجدانية والمسرح والفنون، وهناك وظائف خاصة بالعاميات نحتاج إليها، ولكن ليس لتكون لغة المدرسة. وحتى تدخل المدرسة، تحتاج العامية إلى التقعيد والتعيير، مما يفقدها تلقائيتها، وتتولد إذن لهجات جديدة، وهناك دور أساسي للغة المعيارية في إقامة الدولة-الأمة معروف عبر التاريخ، حتى إن بعض الدول والأمم قامت بقيام اللغة المعيارية الناشئة كما حدث في أوروبا عصر التنوير. فلا أحد ينكر دور اللغة المعيارية في إقامة التماسك السياسي والمجتمعي، وليس هذا دور اللهجات.


لماذا الانتصار للفصيحة على حساب العامية، أو ليست العامية هي أيضا لغة؟


نحن نحتاج إلى الفصيحة والعامية، وليس لنا أي إيديولوجية تنتصر لصيغة دون أخرى.

ولكن لا ينبغي الخلط بين صيغة تصلح لوظائف وصيغة تصلح لوظائف أخرى.



الواقع أن الأصل في اللهجات العامية أن تخدم التنوع المحلي داخل التراب، وهذا شيء جميل بالنسبة للإبداع في التعبيرات الشعبية على الخصوص، لكن في المحكمة لا يجوز أن نفرق بين المتقاضين على أساس أن هذا فاسي أو هذا مكناسي وهذا مراكشي. فكل يعبر بطريقته، لكن النص القانوني مكتوب باللغة المعيارية، التي يتوحد فيها الجميع، ويجب أن يفهمها الجميع. ومسؤولية الدولة أن تجعل لغة الدولة، أي اللغة الرسمية، مفهومة للجميع. اللغة العربية توحدت تاريخيا بسبب تداخل القبائل فيما بينها، والآن هذه اللغة موجودة في الأقطار، وفيها تنوع من منطقة عربية إلى أخرى، في المفردات مثلا (مثلا ما يعنيه "الإعلان" في قطر عربي يسمى "إشهارا" في قطر آخر، أو العكس)، ولكنها داخل القطر الواحد لا وجود لهذا التنوع، الخ.


الكلام عن العامية والازدواجية بين العامية والفصيحة في التعليم هو حق أريد به باطل، لأنه زاغ عن سياقه. طرح المشكل كمشكل تربوي. والمشكل التربوي من المفروض أن يحل تربويا، ولكن أصحاب المقترح جاؤوا بمقترح ذي طابع سياسي، يؤدي إلى تقليص دور اللغة الفصيحة في التعليم، وإحلال العامية محلها، ولو تدريجيا وجزئيا.



وقد صاحب المقترح لغط إيديولوجي استوحى خطابه من "إيديولوجية العامية" (كما بعثها أباطرة الحماية في حينه)، التي تجعل منها "لغة الحياة" و"لغة المستقبل"، الخ، وتجعل من الفصيحة "اللغة الميتة"، "المحنطة"، الخ. وكل هذا بعيد عن الدستور (بل هو انقلاب عليه)، وبعيد عن الموضوعية والعلم. إن مشكل الانتقال من لغة البيت أو الشارع إلى لغة المدرسة معروف، وهو يعالج بيداغوجيا نفسيا عبر ما أسميته بـ"التبييئ المبكر"immersion précoce ، أي أنه منذ النشأة الأولى للطفل يتعود على لغة تدريجيا تقترب من الفصيحة، وتسهل التجسير. هناك عدد من الكلمات المفردات والبنى هي فصيحة في الأصل، ولكن لم تعد مستعملة في الفصيحة، ويمكن استرجاعها وإدماجها، وإعطاء حيوية جديدة للغة العربية عبر هذه البنى التي تدمج إما على مستوى المعجم أو على مستوى القواعد والتراكيب. تهييئ اللغة وتجديدها ضروري لتواكب الحياة، ولكن الدولة اختارت أن تهمل لغتها، وتتركها تحل مشاكلها بنفسها، و"تركت الحبل على الغارب". اللغة ملف سياسي وثقافي كبير، وزهو ملف تعليمي وإعلامي واقتصادي وقانوني، وقد فصلت هذه الجوانب في كتابي عن "السياسة اللغوية". فأين يتجلى عمل الدولة وتخطيطها في هذا الملف الضخم الحساس؟


إذن كيف تقيم وضع اللغة العربية بالمغرب؟


اللغة العربية في المغرب في وضع سيئ، لأن اللغة لا ينبغي أن تترك لوحدها، فلا بد من حضورللدولة بسياستها اللغوية ومخططاتها، فالتخطيط اللغوي أساسي.



وأول شيء في هذا التخطيط الذي وضعنا فيه اللبنة الأولى أن تقوم مؤسسة لخدمة هذه اللغة في المستوى المطلوب، وهذه المؤسسة هي أكاديمية اللغة العربية، وهي أول مؤسسة اقتُرحت في إطار الإصلاح التربوي.
ولماذا تم إيقاف هذا المشروع علما بأنه قانون، ومَن وراء إيقاف تطبيق القانون؟

جلالة الملك هو أول حام لتطبيق القانون والدستور، والأكاديمية باسم جلالة الملك، فأكيد أن هناك مشاكل في التطبيق وفي الحكامة كما يقولون، وهناك مشاكل أدت إلى عرقلة هذا المشروع حتى لا يخرج إلى الجود، ولكن الدولة مسؤولة عن الأضرار التي تلحق باللغة العربية، وكتبعات لذلك تلحق بالمتعلمين المغاربة، لأن المتعلمين يتعلمون الآن بهذه اللغة، أحببنا أم كرهنا، فلماذا لا ننهض بلغتنا ونخدمها ونجعلها طيعة وجذابة للمتعلم، ونمكنها من الوسائل المادية والبشرية المطلوبة؟



إن المشكل راجع إلى مواقف وقرارات غير سليمة ولا تخدم المتعلمين. فمن من المغاربة يريد أن يستغني عن اللغة العربية أو يقتلها؟ فهلا استفتوا المغاربة! إننا نقدم للمغاربة إشكالات غير سليمة، فلا أحد طاب من المغاربة أن يتعلموا اللغة العربية وحدها، فلا بد من اللغة العربية ولا بد على الأقل من لغتين أجنبيتين في التعليم العالي على الأقل، ولا بد من وضع مقنع للمازيغية في التعليم.




http://www.hespress.com/files.php?fi..._401798825.jpg
يتبع


صانعة النهضة 2015-03-19 11:34

رد: حوار شيق مع الفاسي الفهري حول اللغة العربية واللغات الأجنبية
 
كيف يمكن للإعلام أن يساهم في الرقي باللغة العربية؟


بطبيعة الحال الإعلام أساسي، لأنه هو الذي ينشر اللغة، والمفروض أن ينشر لغة راقية في مستوى المواطن الذي نتطلع إليه. حتى ولو كانت عامية، مثلا، فينبغي أن تكون ما يسمى بعامية المثقفين أو العربية الوسيطة، فهده اللغة بطبيعة الحال لها حمولة ثقافية راقية، تبتعد عن الأجنبي والدخيل قدر الإمكان، وعن اللغة المسفة السوقية، إلى غير ذلك.


إن للإعلام دور "تهذيبي"، وقديما كانت تسمى وزارة التربية الوطنية وزارة التهذيب، بمعنى أن الإنسان ينتقل تدريجيا إلى المدنية والحضارة. ودور الإعلام أساسي في انتشار اللغة، وتقوية حيويتها، لأن الإعلاميين أحيانا يبتدعون تراكيب، ويحيون اللغة، ويعطونها هذه الجاذبية التي تحتاج إليها وتصير حية ومحبوبة، فهو وسيلة لإحياء اللغة وإعطائها جدة وجاذبية.


كتبت مقالا في جريدة La vie économique وتحدثت طويلا عن العدالة اللغوية، حبذا لو توضح للقارئ قصدك من مفهوم العدالة اللغوية؟
العدالة اللغوية تعتبر مادة جديدة، وقبل العدالة اللغوية كان هناك ما يسمى بثقافة الحقوق اللغوية.



والآن انتقلنا من الحديث عن الحقوق اللغوية إلى العدالة اللغوية، أي كيف تكون عادلا عندما يطالب جانب أو أخر بحق من حقوقه الذي ينسبها إلى حقوق الإنسان أو الحقوق الثقافية، أو كيف تتغلب على حالات اللامساواة اللغوية، الخ. هناك عمل معياري جاد في هذا الباب الآن، خصوصا وأن الأصل في أي سياسة كيفما كان نوعها هو العدل. فالعدل هو أكبر فضيلة، وهذه الفضيلة يجب أن تتوخاها أي سياسة، وبطبيعة الحال في اللغة عندما نريد أن نختار للمتعلم هذه اللغة أو تلك يجب أن نتساءل هل نحن عادلون. ماذا اخترناه لهذا المتعلم كساسة من الموقع السياسي، ولكن من موقف المناضل المدني الذي يدافع عن خطة معينة.



الآن هناك أمور شبه محسومة، مثل الاعتراف بحقوق الأغلبية وحقوق الأقليات اللغوية، وهناك داخل هذه الحقوق تلك المرتبطة بالتراب، المسماة بالترابية، والحقوق المرتبطة بالأشخاص المسماة بالشخصانية، وهناك حقوق متعلقة بالمواطن باعتباره مواطنا داخل التراب، وهناك المواطن داخل الكون أي المواطن الكوني، بمعنى أن المواطن أصبح في موقع هو موجود فيه في الرباط ولكنه يعامل بنفس الحقوق التي توجد في نيويورك أو بكين، إلى غير ذلك، أي ما يسمى بالعدالة الكونية. وهذه التعريفات مثل الكونية والمحلية والعدالة داخل السلالات اللغوية نفسها كلها وقع عليها عمل جاد. وحتى عندما نتحدث عن الفصيحة والعامية، فالعدالة تميل إلى أن تعليم الفصيحة هو أقرب إلى العدل من تعليم العامية لأسباب كثيرة يصعب تفسيرها الآن، وفصلت فيها في المقال صدر في الحياة الاقتصادية في 06 و13 فبراير سنة 2015.


بمعنى أن السياسة اللغوية يمكنها أن تكون قائمة على العدالة اللغوية؟


طبعا، يمكن أن تكون السياسة اللغوية قائمة على العدالة اللغوية، وإذا حادت عن هذه العدالة فلن تكون موفقة. وبطبيعة الحال، حين تظلم مواطنا في حقوقه يمكن أن يتابعك محليا ودوليا كذلك. هذه الأمور صارت معروفة علميا، ويمكن أن تساير تطور المغرب في الدستور الجديد الذي خطا بعض الخطوات الإيجابية، ولكنه دائما يتردد، ولا يطبق ما يكتب. لننتقل إذن إلى العمل، ولن يفيدنا كتابة وثيقة جديدة تأتي عن طريق المجلس الأعلى للتعليم، أو هذا المجلس أو ذاك، ثم نقبرها من جديد، مع أن كلفتها باهظة. مشكلتنا الآن هو أننا نتوفر على عدد من النصوص لا بأس بها، ولكننا لا ننتقل إلى العمل لتطبيقها وتصويب ما اعوج فيها، لأن هناك صيغ متعددة للتطبيق، ولابد من التقييم باستمرار، ولكن إلى يومنا هذا السياسة التي تمارسها الدولة لا تقوم بتقييمها.


انتهى الحوار


بالتوفيق 2015-03-19 18:59

رد: حوار شيق مع الفاسي الفهري حول اللغة العربية واللغات الأجنبية
 
شكرا جزيلا لكم على تقاسم هذا المقال الشيق الذي استمتعت به و بيّن أمورا هامة بشكل سليم متوازن

بارك الله فيكم



الساعة الآن 19:07

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd