منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى أخبار التربية والتعليم (https://www.profvb.com/vb/f13.html)
-   -   المدرسة المغربية بين الحياة والموت (https://www.profvb.com/vb/t157681.html)

azoude 2015-03-17 21:30

المدرسة المغربية بين الحياة والموت
 
إن مشكل التعليم في بلادنا لن يتم اصلاحه بمجرد النوايا والخطابات المناسباتية وآخرها خطاب الملك، إن الأمر أبعد من ذلك بكثير. وما فشل السياسات التعليمية منذ فجر الاستقلال ليس سوى نتيجة منطقية لتخبط القيمين على الاصلاح،
إن مفهوم التربية والتعليم ليس مفهوما مجرد وليس مفهوم
ا
حالما وطوباويا، إنه مفهوم معقد يختزل داخل بنيته تداخل الاقتصادي والسياسي الاجتماعي والثقافي، ليس جزيرة معزولة بل هو حقل مغناطسي يجذب اليه كل مكونات الفعل البشري، فالتعليم في الغرب الأوربي وأمريكا الشمالية ليس هو التعليم في الاتحاد السوفياتي سابقا أو الصين أو اليابان أو كوبا رغم اشتغاله على نفس المعارف المتعارف عليها عالميا نظريا على الأقل.
يختلف التعليم بين هذه الأقطاب في الرؤى الفلسفية والإيديولوجية للنخب الحاكمة التي تحاول تسخير التربية والتكوين لصالحها من خلال الطبقة المسيطرة داخل المجتمع والتي ترى في التعليم بينة فوقية فكرية من خلالها تسعى بكل دناءة وخسة إلى استغلالها لضمان استمرارية هيمنتها على مقدرات المجتمع.
إن فشل الإصلاحات التعليمية في المغرب سببه هذا الصراع الخفي والغير المعلن والمغلف بوطنية مزيفة من أجل فرض رؤية واحدة على المجتمع من أجل استمراره وعيشه. إن تسخير التربية والتكوين لبقاء المجتمع تحت سيطرة طبقة معينة مهيمنة لا يتطلب كثير من التحليل، فالترويج لتعليم اشتراكي أو ديني أو ليبرالي أو علماني أو شيوعي يتم بوضع البرامج والمناهج وتسخير الوسائل والطرق التربوية من اجل احتواء المجتمع وضمان استمراريته.
إن سن فلسفة تعليمية هي المبدأ والمنتهى في أي إصلاح منشود للتعليم المغربي، وغيابها أو عدم وضوح الرؤيا وضبابية الفلسفة التعليمية وغموضها وفي كثير من الأحيان نفاقها وترقيعيتها هي ما يشكل عائقا لنجاح أي اصلاح .
لقد تم ارسال بعثات الى مجموعة من الدول قبل انجاز الميثاق الوطني للتربية والتكوين للتعرف على نظام التعليم في تلك البلدان ولم يتجرأ احد على القول بان هذا الميثاق استفاد من التجربة الفلانية للبلد الفلاني وجاء الميثاق هجينا لا يعبر عن التدافع الحاصل داخل المجتمع ، جاء بفصول مطولة لم يتحقق شيء يذكر نلمسه، ونذكر اخفاقا واحدا على الاقل وهو مهم جدا ألا وهو تعميم التعليم الاولي في افق 2004 وها نحن في بداية الموسم الدراسي 2014/2015 لم نجد طريقا لتفعليه خصوصا في العالم القروي، ولا يخفى على أي احد اهمية هذا الطور من التعليم في المسار التعليمي للتلاميذ واسألوا مدرسي السنة الاولى الابتدائية ان كنتم لا تعلمون.
لاشك ان الطبقة الاقتصادية والسياسية التي تدير شؤون هذا البلد وتهيمن عليه لها منظور ازدواجي تجاه التعليم، فهي اقتصاديا تابعة ولا تملك القدرة على الانعتاق من اغلال الغرب والانطلاق نحو التحرر وبناء نموذج اقتصادي مغربي على غرار دول مثل كوريا الجنوبية او ماليزيا، وهي سياسيا لم تبلور شكل الدولة التي تريد فهي تارة مجرورة الى منطقة ليبرالية متوحشة وتارة مشدودة الى اشتراكية مشوهة وتارة اخرى الى اسلامية هجينة، كل هذا تحت ملكية متنفذة، فلا نستغرب ان يكون النظام التعليمي فاقدا للبوصلة وتائها في التوجه بحكم الصراع الحاصل في المجتمع فلا هو تعليم اسلامي ولا اشتراكي ولا رأسمالي بل هو خليط من ذاك وذاك، وبالتالي فالشخصية المغربية التي يود التعليم انتاجها تصبح هجينة لا تنتمي لأي نمط. فالمغرب غير مستقر سياسيا وإيديولوجيا وتحتدم داخله صراعات عقائدية وسياسية لم يحسمها الربيع المغربي فجميع الاصلاحات التي بوشرت منذ تنصيب الحكومة الجديدة ليست بالعمق المطلوب ولا تستجيب لتطلعات غالبية الشعب سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
فهل تم التخطيط لتعليم مغربي حقيقي مجاني وفعال يهدف تنمية الانسان المغربي وتدريبه على مختلف المهارات لامتلاكها وتمكنه من الاندماج في عالم الشغل. وللتذكير فعالم الشغل عندنا لا تستهويه سوى الصناعات الصغيرة الاستهلاكية والتحويلية والسياحة الموسمية وهيمنة القطاع الغير المهيكل غالبا وليس الصناعات الثقيلة والتقنية واستغلال الموارد الطبيعية والبشرية التي تشكل اساسا للنهوض بالبلد اقتصاديا.
إن ما يثير الاستغراب قبل الدخول المدرسي بالرغم من مرور 10 سنوات على الميثاق الوطني للتربية والتكوين وفشله وفشل البرنامج الاستعجالي وبيداغوجيا الادماج لم تباشر وزارة التربية والتكوين أي خطة انقاذية لتسيير الموسم الدراسي فالبرامج والمناهج والطرق والكتب المدرسية والبنى التحتية لازالت تنتمي للعهد القديم و مشاكل الموارد البشرية لم يتم الحسم فيها مما يفسح المجال امام سنة ارتجالية تخبطية بامتياز لأن الوزارة ليست لديها خطة للاصلاح مادامت النخبة الحاكمة ليس لها نفس الرؤية الاصلاحية والتغييرية التي تواكب حركية المجتمع بعد 20 فبراير.
ان التعليم ببلادنا لن يؤدي رسالته الوظيفية في النهوض بالانسان المغربي ماديا ومعنويا ما لم يتم تحقيقي نظام سياسي عادل وتوجه اقتصادي يتجاوز النظرة الضيقة لتصريف امور البلاد المعيشية إلى نظام اقتصادي مغربي تنافسي اساسه الاستثمار في صناعة ثقيلة وتكنولوجية وفي زراعة عصرية متطورة وفي قطاع خدماتي يلبي طموحات الشعب دون اغفال ما للامية الابجدية من دور في تعطيل نصف المجتمع واغراقه في ظلام دامس من الجهل الاجتماعي والثقافي والسياسي يكون مرتعا للاستغلال في مناسبات عديدة وتحريف مسار التغيير نحو مسار الحفاظ على الوضع كما هو عليه، من هنا ضرورة سن اجبارية محاربة الامية الا ان تكون السلطات الحاكمة تستفيد من هذا الوضع المخزي لحالة نصف مجتمع غارق في الامية والجهل مما يعني فقدانه للأهلية مما يجعله مستلب تابع لا رأي له ولا قرار.
فلا سياسة الالهاء والتغاضي على الفساد والاستبداد والترقيع وكبت الحريات وفرض الراي الواحد والخوف من الاصلاح وتكديس الثروة واستغلال اقلية لمقدرات البلاد وقمع المطالبين بالتغيير الحقيقي وتجهيل الشعب وتسويق صورة مغلوطة عن المغرب خارجيا يمكن ان تضع اليد على الجرح على تخلف المغرب سياسيا واقتصاديا وبالتالي الانعكاس السلبي على المدرسة والجامعة المغربية. فهل نحن سائرون نحو دق المسامير في نعش المدرسة المغربية ونعلن موتها كما اعلن موت السياسة والنخب السياسية وغرق الاقتصاد في أزمة لا يمكن علاجها إلا بالكي ولا نحب ان نكتوي.


محمد ازوض أ ت إ مراكش يومه الخميس 25/12/2014
على الساعة 12.50


الساعة الآن 23:45

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd