نص: انكسارات - منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

2015-03-15, 19:12

رقم المشاركة : 1

express-1

بروفســــــــور

إحصائية العضو

express-1 غير متواجد حالياً

نص: انكسارات

نص: انكسارات

— 14 مارس, 2015 يوسف الحسني
إنكسار!
عندما تعود إلى المنزل، بعدما تهب على أديم نفسك غيمة سوداء، تجر أذيال الخيبة على أحلام رسمتها فانتُشلت، ورمي بها في بحر النسيان، وأكثر ما يؤلمك أن عود الفأس التي كسرتها من طينة خشب شجرتك..
إنكسار!
عندما تستيقظ ذات صباح على صدى انكسارات، تدرك للحظات قليلة أنها نابعة عن أصوات أشلاء مرايا، لطالما عكست بريق آمالك وآهاتك، مساوئك، ومحاسنك ..لحظات أُنس، وخيبات أمل… حقيقة نفسك..
إنكسار!

يوسف الحسني

عندما تخلد للنوم ليلا، مهزوما، منكسر الخاطر، بعد معركة تدافعت فيها من أجل قضية عادلة، وحدث أن صفق لك الحاضرون… وابتسموا لك.. وشجعوك… وهتفوا لك.. ورموك بالورود… وأنت تعلم علم اليقين أن من بينهم من يكسرك، لأنه واع بأنك مكنسة تهدد قذارته، فتبتسم له، وفي نفسك رغبة جامحة بالبصق عليه…
إنكسار!
عندما تصادف امرأة في رحلة بحثك عن أميرة قلبك، فتنجذب لأجرتك الشهرية الهزيلة، ولبريق وظيفتك، ولون ملابسك.. ورائحة عطرك .. وتسريحك شعرك.. وذقنك الأبيض الناعم، وبعض أفكارك الثورية.. وسداجتك تظنها الأميرة التي لطالما انتظرتها؛ لتدرك بعد انكسار آخر قطرة عشق في قلبك، انك لم تكن إلا محطة عابرة في حياتها ككل الفرسان الذين أغوتهم ابتسامتها في مرحلة من المراحل…
إنكسار!
في اللحظة التي تركن فيها لزاوية في عالم عزلتك لتجالس ذاتك قليلا، فتكتشف أن الحياة سراب ووهم، حلم عابر.. سرعان ما تصحو منه عندما يخترق نظراتك نعش يشيعه أموات الأرض.. إلى قبور الأحياء…
إنكسار!
عندما تصادف أشخاصا فتصاحبهم، وتصادقهم، وتخالهم سفراء الود الإخلاص… لتدرك بعد مرور زمن انك لم تكن إلا يافطة عبورهم إلى مأربهم، وسجادة لطالما تحملت ثقل أجسادهم النتنة.
إنكسار!
عندما تقصد المسجد للصلاة، وفي غياب الإمام يتقدم أحدهم ليأُمك، فينكسر خشوعك من شدة رائحته القذرة، ونفاقه، وكذبه وينتابك الغثيان من شيطانه المرتشي الفاسد…
إنكسار!
عندما تناقش بعضهم، ولشدة تواضعك تتصاغر وكلما صغرت كبرو على حسابك، فتضطر لسماع شعاراتهم، ودروسهم، وابتسامتهم المقرفة، التي لا تبرح حيزها النظري إلى سلوكياتهم..
إنكسار!
عندما ينال بعض المتملقين الشكر، والثناء، ويرتقون في المراتب على حساب عرق جبينك ومجهوداتك..
انكسار!
عندما ترضخ لسلطة الواقع، يخالجك شعور التردد والانهزام، ويصبح الخلاص منفذا يصعب عليك ولوجه.. فتعجز عن تغيير واقعك، وتصبح غير قادر على تحقيق أحلامك..
إنكسار!
عندما توقف شريط حياتك قليلا، فتجد أن نصف عمرك قد مضى، وأنت جالس هنا.. كعجوز بزغ الشيب في رأسه رغم حداثة سنه، تحلم بتغيير واقعك فلا يتغير منه شيء..
إنكسار!
عندما يصبح الفقر بطلا ينهش أحشاءك، ويصبح الخوف والجنون تيمات حياتك.
إنكسار!
عندما تصبح آمالك ضربا من ضروب المستحيل، فإلى متى ستظل قاربا تائها بين انكسارات أمواج تقذفك كل مرة إلى عالم، تعلم علم اليقين أنه ليس من جلدتك؟