الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > المنتدى الإسلامي > مدرسة القرآن والسنة > تفسير



إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2016-10-06, 12:30 رقم المشاركة : 1
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي تفسير سورة ابراهيم



[u]* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


[/u]{ الۤر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } * { ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } * { ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } * { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ } * { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } * { وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ } * { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فِيۤ أَفْوَٰهِهِمْ وَقَالُوۤاْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ } * { قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي ٱللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى قَالُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { وَمَا لَنَآ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ آذَيْتُمُونَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ } * { وَٱسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } * { مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَىٰ مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ } * { يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ }


اللغَة:
{ وَيْلٌ } هلاكٌ ودمار { يَسْتَحِبُّونَ } يختارون ويفضّلون { يَسُومُونَكُمْ } يذيقونكم يقال: سامه الذلُّ أي أذاقه الذل { تَأَذَّنَ } أعلم إِعلاماً لا شبهة فيه { نَبَأُ } النبأ: الخبر وجمعه أنباء { سُلْطَانٍ } حجة وبرهان { فَاطِرِ } مبدع ومخترع { ٱسْتَفْتَحُواْ } استنصروا على أعدائهم { جَبَّارٍ } الجبار: المتكبر الذي لا يرى لأحدٍ عليه حقاً { عَنِيدٍ } العنيد: المعاند للحق والمجانب له الذي يذهب عن طريق الحق، تقول العرب: شرُّ الإِبل العَنُود { صَدِيدٍ } الصديد: القيح الذي يسيل من أجساد أهل النار { يَتَجَرَّعُهُ } أي يتحسّاه ويتكلف بلعه بمرارة { يُسِيغُهُ } يبتلعه.

التفسِير:
{ الۤر } هذا الكتاب المعجز مؤلف من جنس هذه الحروف المقطعة فأتوا بمثله إِن استطعتم { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ } أي هذا القرآن كتاب أنزلناه عليك يا محمد، لم تنشئْه أنت وإِنما أوحيناه نحن إِليك { لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } أي لتخرج البشرية من ظلمات الجهل والضلال إِلى نور العلم والإِيمان { بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } أي بأمره وتوفيقه { إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } أي لتهديهم إلى طريق الله العزيز الذي لا يُغالب، المحمود بكل لسان، الممجَّد في كل مكان { ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } أي المالك لما في السماوات والأرض، الغني عن الناس، المسيطر على الكون وما فيه { وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } قال الزجاج: { وَيْلٌ } كلمة تُقال للعذاب والهلكة، أي هلاك ودمارٌ للكافرين ويا ويلهم من عذاب الله الأليم، ثم وضّح صفات أولئك الكفار بقوله { ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلآخِرَةِ } أي يفضّلون ويؤثرون الحياة الفانية على الحياة الآخرة الباقية { وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي يصرفون الناس ويمنعونهم عن دين الإسلام { وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً } أي يطلبون أن تكون دين الله معوجَّة لتوافق أهواءهم { أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } أي أولئك المتصفون بتلك الصفات الذميمة في ضلالٍ عن الحق مبين، لا يُرجى لهم صلاح ولا نجاح { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ } أي وما أرسلنا في الأمم الخالية رسولاً من الرسل إِلا بلغة قومه { لِيُبَيِّنَ لَهُمْ } أي ليبيّن لهم شريعة الله ويفهمهم مراده، لتتمَّ الغاية من الرسالة { فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ } أي وليست وظيفة الرسل إلا التبليغ وأما أمر الهداية والإِيمان فذلك بيد الله يضلُّ من يشاء إِضلاله، ويهدي من يشاء هدايته على ما سبق به قضاؤه المحكم { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } أي وهو العزيز في ملكه، الحكيم في صنعه { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ } أي أرسلنا موسى بالمعجزات الباهرات الدالة على صدقه { أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } أن تفسيرية بمعنى أيْ والمعنى أي أخرج بني إِسرائيل من ظلمات الجهل والكفر إِلى نور الإِيمان والتوحيد قال أبو حيان: وفي قوله { قَوْمَكَ } خصوصٌ لرسالة موسى إِلى قومه بخلاف قوله لمحمد { لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ } مما يدل على عموم الرسالة { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ } أي ذكّرهم بأياديه ونعمه عليهم { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } أي في التذكير بأيام الله لعبراً ودلالات لكل عبد منيب صابر على البلاء، شاكر للنعماء { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } أي اذكروا نعم الله الجليلة عليكم { إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ } أي حين نجاكم من الذل والاستعباد من فرعون وزبانيته { يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ } أي يذيقونكم أسوأ أنواع العذاب { وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ } أي يذبحون الذكور ويستبقون الإِناث على قيد الحياة مع الذل والصغار { وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ } أي وفي تلك المحنة ابتلاءٌ واختبار لكم من ربكم عظيم قال المفسرون: وكان سبب قتل الذكور أن الكهنة قالوا لفرعون إِنَّ مولوداً يولد في بني إِسرائيل يكون ذهاب ملكك على يديه، فأمر بقتل كل مولود { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ } هذا من تتمة كلام موسى أي واذكروا أيضاً حين أعلم ربكم إِعلاماً لا شبهة فيه لئن شكرتم إنعامي لأزيدنكم من فضلي { وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } أي ولئن جحدتم نعمتي بالكفر والعصيان فإِن عذابي شديد، وعدَ بالعذاب على الكفر، كما وعَدَ بالزيادة على الشكر { وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } أي وقال موسى لبني إِسرائيل بعد أن أيس من إِيمانهم لئن كفرتم أنتم وجميع الخلائق فلن تضروا اللهَ شيئاً { فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ } أي هو غنيٌّ عن شكر عباده، مستحق للحمد في ذاته وهو المحمود وإِن كفره من كفره { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ } أي ألم يأتكم أخبار من قبلكم من الأمم المكذبة كقوم نوح وعاد وثمود ماذا حلَّ بهم لما كذبوا بآيات الله؟ { وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ } أي والأمم الذين جاءوا بعدهم { لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ } أي لا يحصي عددهم إلا الله { جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ } أي بالحجج الواضحات، والدلائل الباهرات { فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فِيۤ أَفْوَاهِهِمْ } أي وضعوا أيديهم على أفواههم تكذيباً لهم وقال ابن مسعود: عضوا أصابعهم غيظاً { وَقَالُوۤاْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ } أي كفرنا بما زعمتم أن الله أرسلكم به { وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ } أي في شك عظيم من دعوتكم، وقلق واضطراب من دينكم { قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي ٱللَّهِ شَكٌّ } أي أجابهم الرسل بقولهم: أفي وجود الله ووحدانيته شك؟ والاستفهام للإِنكار والتوبيخ لأنه لا يحتمل الشك لظهور الأدلة ولهذا لفتوا الانتباه إِلى براهين وجوده بقولهم { فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي خالقهما ومبدعهما على غير مثال سابق { يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ } أي يدعوكم إِلى الإِيمان ليغفر لكم ذنوبكم { وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى } أي إِن آمنتم أمدَّ في أعماركم إِلى منتهى آجالكم ولم يعاقبكم في العاجل فيهلككم { قَالُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } أي ما أنتم إِلا بشر مثلنا لا فضل لكم علينا { تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا } أي تريدون أن تصرفونا عن عبادة الأوثان التي كان عليها آباؤنا { فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } أي فأتونا بحجة ظاهرة على صدقكم { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } أي قالت الرسل: نحن كما قلتم بشر مثلكم { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } أي يتفضل على من يشاء بالنبوة والرسالة قال الزمخشري: لم يذكروا فضلهم تواضعاً منهم وسلّموا لقولهم وأنهم بشرٌ مثلُهم في البشرية وحدها، فأمّا ما وراء ذلك فما كانوا مثلهم { وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } أي وما ينبغي لنا أن نأتيكم بحجة وآية مما اقترحتموه علينا إِلا بمشئية الله وإِذنه { وَعلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } أي على الله وحده فليعتمد المؤمنون في جميع أمورهم { وَمَا لَنَآ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ } أي قالت الرسل: أيُّ شيء يمنعنا من التوكل على الله؟ { وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا } أي والحال أنه قد بصّرنا طريق النجاة من عذابه { وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ آذَيْتُمُونَا } أي ولنصبرنَّ على أذاكم قال ابن الجوزي: وإِنما قُصَّ هذا وأمثاله على نبينا صلى الله عليه وسلم ليقتدي بمن قبله في الصبر وليعلم ما جرى لهم { وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } ليس هذا تكراراً وإِنما معناه الثبات على التوكل أي فليدوموا وليثبتوا على التوكل عليه وحده، وهنا يسفر الطغيان عن وجهه متبجحاً بالقوة المادية التي يملكها المتجبرون { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } أي قال الكفار للرسل الأطهار والله لنطردنكم من ديارنا أو لترجعنَّ إِلى ديننا { فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّالِمِينَ } أي أوحى الله إِلى الرسل لأهلكنَّ أعداءكم الكافرين المتجبرين { وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ } أي ولأمنحنكم سكنى أرضهم بعد هلاكهم { ذٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ } أي ذلك النصر للرسل وإِهلاك الظالمين لمن خاف مقامه بين يديَّ وخاف عذابي ووعيدي قال في البحر: ولما أقسموا على إِخراج الرسل أو العودة في ملتهم أقسم تعالى على إِهلاكهم، وأي إِخراجٍ أعظم من الإِهلاك بحيث لا يكون لهم عودة إِليها أبداً { وَٱسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } أي واستنصر الرسل بالله على قومهم وخسر وهلك كل متجبر معاند للحق { مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَىٰ مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ } أي من وراء ذلك الكافر جهنم ويسقى فيها من ماءٍ صديد هو من قيح ودمٍ { يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ } أي يبتلعه مرة بعد مرة لمرارته، ولا يكاد يستسيغه لقبحه وكراهته { وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ } أي يأتيه الموت بأسبابه المحيطة به من كل مكان، ولكنَّه لا يموت ليستكمل عذابه { وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ } أي ومن بين يديه عذابٌ أشدُّ مما قبله وأغلظ.



البَلاَغَة:
تضمنت الآيات الكريمة أنواعاً من البلاغة والبيان والبديع نوجزها فيما يلي:

1- الاستعارة في { لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } حيث استعار الظلمات للكفر والضلال، والنور للهدى والإِيمان، وكذلك { وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ } استعارة عن غواشي الكروب وشدائد الأمور، فقد يوصف المغموم بأنه في غمرات الموت مبالغة في عظيم ما يغشاه وأليم ما يلقاه.



2- الطباق بين { يُضِلُّ ويَهْدِي } وبين { شَكَرْتُمْ وكَفَرْتُمْ } وبين { نُخْرِجَنَّ وتَعُودُنَّ }.

3- صيغة المبالغة في { صَبَّارٍ شَكُورٍ } وفي { جَبَّارٍ عَنِيدٍ }.

4- جناس الاشتقاق في { أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ } وفي { فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ }.

5- السجع في { شَدِيدٍ } ، { بَعِيدٍ } ، { عَنِيدٍ } الخ.

فَائِدَة:
ذكر تعالى في البقرة
{ يُذَبِّحُونَ }
[الآية: 49] بغير واوٍ وهنا { وَيُذَبِّحُونَ } بالواو، والسرُّ في ذلك أنه في سورة البقرة جاء اللفظ تفسيراً لما سبق من قوله
{ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ }
[البقرة: 49] فكأنه قال يسومونكم سوء العذاب ثم فسره بقوله
{ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ }
[البقرة: 49] أما في هذه السورة فهو غير تفسير لأن المعنى أنهم يعذبونهم بأنواع من العذاب وبالتذبيح أيضاً فهو نوع آخر من العذاب غير الأول والله أعلم.







: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=843256
التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2016-10-06, 14:07 رقم المشاركة : 2
الشريف السلاوي
مدير الإشراف
 
الصورة الرمزية الشريف السلاوي

 

إحصائية العضو









الشريف السلاوي غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة القران الكريم

مشارك في مسابقة صور وألغاز

وسام المشاركةفي المسابقة الرمضانية الكبرى 2015

وسام مشارك

مسابقة المبشرون بالجنة مشارك

مشارك(ة)

مشارك(ة)

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية البرونزية

افتراضي رد: تفسير سورة ابراهيم



شكرا جزيلا و بارك الله فيك





التوقيع


" اللّهمّ ردّنا إليك ردّا جميلا "
    رد مع اقتباس
قديم 2016-10-15, 12:28 رقم المشاركة : 3
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي رد: تفسير سورة ابراهيم


[u]تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق

[/u]
{ مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيْءٍ ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } * { وَمَا ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ } * { وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } * { وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَأُدْخِلَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } * { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ } * { تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } * { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } * { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } * { وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ } * { قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ } * { وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ } * { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }

المنَاسَبَة:

لما حكى تعالى استهزاء الكفار بالرسل، وما أعدَّ لهم من العذاب والنكال في الآخرة، ضرب مثلاً لأعمالهم، ثم ذكر المناظرة بين الرؤساء والأتباع، وعقّبها بالتذكير بنعم الله على العباد ليعبدوه ويشكروه.

اللغَة:
{ عَاصِفٍ } شديد الريح { بَرَزُواْ } البروز: الظهور بعد الخفاء، والبَراز المكان الواسع لظهوره، وامرأةٌ برْزة أي تظهر للناس { مَّحِيصٍ } منجى ومهرب يقال: حاصَ عن كذا أي فرَّ وأراد الهرب منه { جَزِعْنَآ } الجزع: عدم احتمال الشدة وهو نقيض الصبر { مُصْرِخِكُمْ } مُغيثكم الصارخ المستغيث، والمُصرخ المغيث قال أمية:
فلا تَجْزعوا إِني لكم غيرُ مُصْرخٍ
***
وليس لكم عندي غناءٌ ولا نصْر
{ ٱجْتُثَّتْ } اقتلعت من أصلها { ٱلْبَوَارِ } الهلاك { خِلاَلٌ } جمع خُلَّة وهي الصحبة والصَّداقة قال امرؤ القيس:
صرفتُ الهَوى عنهنَّ من خشيةِ الرَّدى
***
فلستُ بمقْليِّ الخِلال ولا قالي
{ دَآئِبَينَ } الدؤب في اللغة: مرورُ الشيء في العمل على عادة مطردة يقال دأب دؤباً.

التفسِير:
{ مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ } أي مثلُ أعمالِ الكفار التي عملوها في الدنيا يبتغون بها الأجر من صدقةٍ وصلة رحم وغيرها مثلُ رمادٍ عصفت به الريح فجعلته هباءً منثوراً { فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ } أي في يومٍ شديد هبوب الريح قال القرطبي: ضرب الله هذه الآية مثلاً لأعمال الكفار في أنه يمحقها كما تمحق الريح الشديدة الرماد في يوم عاصف لأنهم أشركوا فيها غير الله تعالى { لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيْءٍ } أي لا يقدر الكفار على تحصيل ثواب ما عملوا من البرِّ في الدنيا لإِحباطه بالكفر، كما لا يستطيع أن يحصل الإِنسان على شيء من الرماد الذي طيَّرته الريح { ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ } أي الخسران الكبير { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحقِّ } أي ألم تر أيها المخاطب بعين قلبك وتتأمل ببصيرتك أن اللهَ العظيم الجليل انفرد بالخلق والإِيجاد، وأنه خلق السماوات والأرض ليُستدلَّ بهما على قدرته؟ قال المفسرون: أي لم يخلقهن عبثاً وإِنما خلقهنَّ لأمرٍ عظيم { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } أي هو قادرٌ على الإِفناء كما قادر على الإِيجاد والإِحياء قال ابن عباس يريد: يميتكم يا معشر الكفار ويخلق قوماً غيركم خيراً منكم وأطوع { وَمَا ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ } أي ليس ذلك بصعبٍ أو متعذرٍ على الله، فإنَّ القويَّ القادر لا يصعبُ عليه شيء { وَبَرَزُواْ للَّهِ جَمِيعاً } أي خرجوا من قبورهم يوم البعث، وظهروا للحساب لا يسترهم عن الله ساتر قال الإِمام الفخر: ورد بلفظ الماضي { وَبَرَزُواْ } وإِن كان معناه الاستقبال لأن كل ما أخبر الله تعالى عنه فهو صدقٌ وحقٌ، فصار كأنه قد حصل ودخل في الوجود ونظيره
{*وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ*}
[الأعراف: 44] { فَقَالَ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ } أي قال الأتباع والعوام للسادة الكبراء والقادة الذين أضلوهم في الدنيا { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا } أي كنا أتباعاً لكم نأتمر بأمركم { فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ } أي هل أنتم دافعون عنا شيئاً من عذاب الله؟ والاستفهام للتوبيخ والتقريع { قَالُواْ لَوْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ } أي قال القادة معتذرين: لو هدانا الله للإيمان لهديناكم إِليه، ولكن حصل لنا الضلال فأضللناكم فلا ينفعنا العتاب ولا الجزع { سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا } أي يستوي علينا الجزع والصبر قال الطبري: إن أهل النار يجتمعون فيقول بعضهم لبعض: إِنما أدركَ أهلُ الجنةِ ببكائهم وتضرعهم إلى الله فتعالوْا نبكي ونتضرع إِلى الله، فبكوا فلما رأوا أن ذلك لا ينفعهم قالوا: تعالوا نصبر فصبروا صبراً لم يُر مثلُه، فلما رأوا أنه لا ينفعهم قالوا { سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا } وقال مقاتل: جزعوا خمسمائة عام، وصبروا خمسمائة عام { مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } أي ليس لنا من مهرب أو ملجأ { وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ } هذه هي الخطبة البتراء التي يخطب بها إِبليس في محفل الأشقياء في جهنم أي لمّا فُرغ من الحساب ودخل أهلُ الجنةِ الجنةَ وأهلُ النارِ النارَ { إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ } أي وعدكم وعداً حقاً بإِثابة المطيع وعقاب العاصي فوفَّى لكم وعده { وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ } أي وعدتكم ألاّ بعث ولا ثواب ولا عقاب فكذبتكم وأخلفتكم الوعد { وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ } أي لم يكن لي قدرة وتسلط وقهر عليكم فأقهركم على الكفر والمعاصي { إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي } أي إِلا دعائي إِياكم إِلى الضلالة بالوسوسة والتزيين فاستجبتم لي باختياركم { فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } أي لا ترجعوا باللوم عليَّ اليوم ولكن لوموا أنفسكم فإن الذنب ذنبكم { مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ } أي ما أنا بمغيثكم ولا أنتم بمغيثيَّ من عذاب الله { إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ } أي كفرت بإِشراككم لي مع الله في الطاعة { إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي إِن المشركين لهم عذاب مؤلم قال المفسرون: هذه الخطبة إِنما تكون إِذا استقر أهل الجنةِ في الجنة، وأهلُ النار في النار، فيأخذ أهل النار في لوم إِبليس وتقريعه فيقوم فيما بينهم خطيباً بما أخبر عنه القرآن وقال الحسن: يقف إِبليس يوم القيامة خطيباً في جهنم على منبرٍ من نار يسمعه الخلائق جميعاً { وَأُدْخِلَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } لمّا ذكر تعالى أحوال الأشقياء، ذكر بعده أحوال السعداء، ليبقى العبد بين الرغبة والرهبة، وبين الخوف والرجاء أي أدخلهم الله تعالى جناتٍ تجري من تحت قصورها أنهار الجنة ماكثين فيها أبداً بأمره تعالى وتوفيقه وهدايته { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } أي تُحييِّهم الملائكة بالسلام مع الإِجلال والإِكرام { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ } هذا مثلٌ ضربه الله لكلمة الإِيمان وكلمة الإِشراك، فمثَّل لكلمة الإِيمان بالشجرة الطيبة، ولكلمة الإِشراك بالشجرة الخبيثة قال ابن عباس: الكلمة الطيبة " لا إِله إِلا الله " والشجرة الطيبة " المؤمن " { أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ } أي أصلها راسخ في الأرض وأغصانها ممتدة نحو السماء { تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا } أي تعطي ثمرها كلَّ وقت بتيسير الخالق وتكوينه، كذلك كلمة الإِيمان ثابتة في قلب المؤمن، وعملُه يصعد إِلى السماء ويناله بركته وثوابه في كل وقت { وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أي يبيّن لهم الأمثال لعلهم يتعظون فيؤمنون { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ } أي ومثل كلمة الكفر الخبيثة كشجرة الحَنْظل الخبيثة { ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ } أي استؤصلت من جذورها واقتعلت من الأرض لعدم ثبات أصلها { مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } أي ليس لها استقرارٌ وثبات، كذلك كلمة الكفر لا ثبات لها ولا فرع ولا بركة قال ابن الجوزي: شُبه ما يكسبه المؤمن من بركة الإِيمان وثوابه في كل وقت بثمرتها المجتناة في كل حين، فالمؤمن كلما قال " لا إِله إِلا الله " صعدت إِلى السماء ثم جاء خيرُها ومنفعتها، والكافر لا يُقبل عمله ولا يصعد إِلى الله تعالى، لأنه ليس له أصل في الأرض ثابت، ولا فرع في السماء { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } أي يثبتهم على كلمة التوحيد " لا إله إلا الله " وعلى الإِيمان في هذه الحياة فلا يزيغون ولا يُفْتنون { وَفِي ٱلآخِرَةِ } أي عند سؤال الملكين في القبر كما في الحديث الشريف
" المسلم إذا سئل في القبر شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فذلك قوله تعالى { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ }... " الآية " { وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ } أي لا يهديهم في الحياة ولا عند سؤال الملكين وقت الممات { وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ } أي من هداية المؤمن وإِضلال الكافر لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ كُفْراً } استفهام للتعجيب أي ألا تعجب أيها السامع من أولئك الذين غيَّروا نعمة الله بالكفر والتكذيب؟ قال المفسرون: هم كفار مكة فقد أسكنهم الله حرمه الآمن، وجعل عيشهم في السِّعة، وبعث فيهم محمداً صلى الله عليه وسلم فلم يعرفوا قدر هذه النعمة، وكفروا به وكذبوه، فابتلاهم الله بالقحط والجدب { وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } أي أنزلوا قومهم دار الهلاك بكفرهم وطغيانهم ثم فسَّرها بقوله { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } أي أحلوهم في جهنم يذوقون سعيرها وبئست جهنم مستقراً { وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ } أي جعلوا لله شركاء مماثلين عبدوهم كعبادته ليُضلوا الناس عن دين الله { قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ } أي استمتعوا بنعيم الدنيا فإن مردَّكم ومرجعكم إِلى عذاب جهنم، وهو وعيد وتهديد { قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } أي قل يا محمد لعبادي الذين آمنوا فلْيقيموا الصلاة المفروضة عليهم ويؤدوها على الوجه الأكمل { وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً } أي ولينفقوا مما أنعمنا عليهم به من الرزق خفيةً وجهراً { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ } أي من قبل أن يأتي يوم القيامة الذي لا انتفاع فيه بمبايعة ولا صداقة، ولا فداء ولا شفاعة.
. ولما أطال الكلام في وصف أحوال السعداء والأشقياء ختم ذلك بذكر الدلائل الدالة على وجود الخالق الحكيم فقال { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } أي أبدعهما واخترعهما على غير مثال سبق { وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } أي أنزل من السحاب المطر { فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ } أي أخرج بالمطر من أنواع الزروع والثمار رزقاً للعباد يأكلونه { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ } أي ذلَّل السفن الكبيرة لتسير بمشيئته، تركبونها وتحملون فيها أمتعتكم من بلد إِلى بلد { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ } أي الأنهار العذبة لتشربوا منها وتسقوا وتزرعوا { وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ } أي وذلَّل لكم الشمس والقمر يجريان بانتظام لا يفتران، لصلاح أنفسكم ومعاشكم { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ } أي لتسكنوا في الليل، ولتبتغوا من فضله بالنهار، هذا لمنامكم وذاك لمعاشكم { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } أي أعطاكم كل ما تحتاجون إِليه، وما يصلح أحوالكم ومعاشكم، مما سألتموه بلسان الحال أو المقال { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا } أي وإِن تعدُّوا نِعَم اللهِ عليكم لا تطيقوا حصرها وعدَّها، فهي أكبر وأكثر من أن يحصيها عدد { إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } الإِنسان اسم جنس أي إن الإِنسان لمبالغٌ في الظلم والجحود، ظالمٌ لنفسه بتعديه حدود الله، جحودٌ لنعم الله، وقيل: ظلوم في الشدة يشكو ويجزع، كفَّار في النعمة يجمع ويمنع.

البَلاَغَة:
تضمنت الآيات الكريمة من وجوه البيان والبديع ما يلي:

1- التشبيه التمثيلي { أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ } لأن وجه الشبه منتزع من متعدد.

2- التشبيه المرسل المجمل { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ } ومثلها { مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً }.

3- الطباق في { أَصْلُهَا... وَفَرْعُهَا } وفي { طَيِّبَةً... وخَبِيثَةٍ } وفي { يُذْهِب... ويَأْتِيَ } وفي { سِرّاً... وَعَلانِيَةً } وفي { أَجَزِعْنَآ... وصَبَرْنَا }.

4- طباق السلب في { فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ }.

5- التعجيب { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً }.

6- التهديد والوعيد { قُلْ تَمَتَّعُواْ }.

7- صيغة المبالغة { ظَلُومٌ كَفَّارٌ } لأن فعول وفعّال من صيغ المبالغة.

8- السجع المرصَّع دون تكلف مثل { ٱلْبَوَارِ... ٱلْقَرَارُ... ٱلنَّارِ } الخ.






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2016-10-21, 12:39 رقم المشاركة : 4
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي


[u]* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق [/u]

[color="darkgreen"]{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ظ±جْعَلْ هَـظ°ذَا ظ±لْبَلَدَ ءَامِناً وَظ±جْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ظ±لأَصْنَامَ } * { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ظ±لنَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { رَّبَّنَآ إِنَّيغ¤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ظ±لْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ظ±لصَّلظ°وةَ فَظ±جْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ظ±لنَّاسِ تَهْوِىغ¤ إِلَيْهِمْ وَظ±رْزُقْهُمْ مِّنَ ظ±لثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } * { رَبَّنَآ إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَىظ° عَلَى ظ±للَّهِ مِن شَيْءٍ فَي ظ±لأَرْضِ وَلاَ فِي ظ±لسَّمَآءِ } * { ظ±لْحَمْدُ لِلَّهِ ظ±لَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ظ±لْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ ظ±لدُّعَآءِ } * { رَبِّ ظ±جْعَلْنِي مُقِيمَ ظ±لصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَآءِ } * { رَبَّنَا ظ±غْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ظ±لْحِسَابُ } * { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ظ±للَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ظ±لظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ظ±لأَبْصَارُ } * { مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } * { وَأَنذِرِ ظ±لنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ظ±لْعَذَابُ فَيَقُولُ ظ±لَّذِينَ ظَلَمُوغ¤اْ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىظ° أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ظ±لرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوغ¤اْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } * { وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـظ°كِنِ ظ±لَّذِينَ ظَلَمُوغ¤اْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ ظ±لأَمْثَالَ } * { وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ ظ±للَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ظ±لْجِبَالُ } * { فَلاَ تَحْسَبَنَّ ظ±للَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ ظ±للَّهَ عَزِيزٌ ذُو ظ±نْتِقَامٍ } * { يَوْمَ تُبَدَّلُ ظ±لأَرْضُ غَيْرَ ظ±لأَرْضِ وَظ±لسَّمَظ°وَظ°تُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ ظ±لْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } * { وَتَرَى ظ±لْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي ظ±لأَصْفَادِ } * { سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىظ° وُجُوهَهُمُ ظ±لنَّارُ } * { لِيَجْزِىَ ظ±للَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ ظ±للَّهَ سَرِيعُ ظ±لْحِسَابِ } * { هَـظ°ذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُوغ¤اْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـظ°هٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ظ±لأَلْبَابِ }

[/color]المنَاسَبة: لمّا ذكر تعالى بالدلائل الحسية والسمعية انفراده بالألوهية وأن لا معبود إِلا الله، ذكر هنا أبا الأنبياء " إِبراهيم " عليه السلام حصن التوحيد، ومبالغته في هدم الشرك والأوثان، ثم ذكر موقف الظالمين يوم الدين، وما يعتريهم من الذل والهوان في يوم الحشر الأكبر.

اللغَة:

{ وَظ±جْنُبْنِي } أبعدني ونحّني يقال: جَنب وجنَّب وأصله جعل الشيء في جانب آخر { تَشْخَصُ } شخَص البصر: إِذا بقيت العين مفتوحة لا تغمض من هول ما ترى { مُهْطِعِينَ } مسرعين يقال أهطع إِهطاعاً إِذا أسرع قال الشاعر:
بدجلةَ دارهُم ولقد أَراهم
***
بدجلةَ مُهْطعينَ إِلى السَّماع
{ مُقْنِعِي } المقنعُ: الرافع رأسه المقبل ببصره على ما بين يديه { هَوَآءٌ } خالية { مُّقَرَّنِينَ } مشدودين { ظ±لأَصْفَادِ } الأغلال والقيود واحدها صفد { سَرَابِيلُهُم } جمع سربال وهو القميص والثوب { تَغْشَىظ° } تجلّل وتغطّي.

التفسِير:

{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ظ±جْعَلْ هَـظ°ذَا ظ±لْبَلَدَ آمِناً } أي اجعل مكة بلد أمنٍ يأمن أهله وساكنوه { وَظ±جْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ظ±لأَصْنَامَ } أي احمني يا رب وجنبني وأولادي عبادة الأصنام، والغرضُ تثبيتُه على ملة التوحيد والإِسلام { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ظ±لنَّاسِ } أي يا ربّ إِنَّ هذه الأصنام أضلَّت كثيراً من الخلق عن الهداية والإِيمان { فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي } أي فمن أطاعني وتبعني على التوحيد فإِنه من أهل ديني { وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي ومن خالف أمري فإِنك يا رب غفار الذنوب رحيمٌ بالعباد { رَّبَّنَآ إِنَّيغ¤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي } كرّر النداء رغبةً في الإِجابة وإِظهاراً للتذلل والإِلتجاء إلى الله تعالى أي يا ربنا إني أسكنت من أهلي - ولدي إسماعيل وزوجي هاجر - { بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ظ±لْمُحَرَّمِ } أي بوادٍ ليس فيه زرع في جوار بيتك المحرم، وهو وادي مكة شرفها الله تعالى { رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ظ±لصَّلاَةَ فَظ±جْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ظ±لنَّاسِ تَهْوِيغ¤ إِلَيْهِمْ } أي ربنا لكي يعبدوك ويقيموا الصلاة أسكنتهم بهذا الوادي فاجعل قلوبَ الناسِ تحنُّ وتسرع إِليهم شوقاً قال ابن عباس: لو قال: (أفئدة الناس) لازدحمت عليه فارس والروم والناسُ كلهم، ولكنْ قال { مِّنَ ظ±لنَّاسِ } فهم المسلمون { وَظ±رْزُقْهُمْ مِّنَ ظ±لثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } أي وارزقهم في ذلك الوادي القفر من أنواع الثمار ليشكروك على جزيل نِعمك، وقد استجاب الله دعاءه فجعل مكة حرماً آمناً يجبى إليها ثمرات كل شيء رزقاً من عند الله { رَبَّنَآ إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ } أي يا ربنا إِنك العالم لما في القلوب تعلم ما نسرُّ وما نظهر { وَمَا يَخْفَىظ° عَلَى ظ±للَّهِ مِن شَيْءٍ فَي ظ±لأَرْضِ وَلاَ فِي ظ±لسَّمَآءِ } أي لا يغيب عليه تعالى شيء في الكائنات، سواء منها ما كان في الأرض أو في السماء، فكيف تخفى عليه وهو خالقها وموجدها؟ { ظ±لْحَمْدُ للَّهِ ظ±لَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ظ±لْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ } أي الحمد لله الذي رزقني على كبر سني وشيخوختي إِسماعيل وإِسحاق قال ابن عباس: ولد له إِسماعيل وهو ابن تسعٍ وتسعين، وولد له إِسحاق وهو ابن مائة واثنتي عشرة سنة { إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ ظ±لدُّعَآءِ } أي مجيبٌ لدعاء من دعاه { رَبِّ ظ±جْعَلْنِي مُقِيمَ ظ±لصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَتِي } هذه هي الدعوة السادسة من دعوات الخليل عليه السلام أي يا رب اجعلني ممن حافظ على الصلاة واجعل من ذريتي من يقيمها أيضاً، وهذه خير دعوةٍ يدعوها المؤمن لأولاده فلا أحبَّ له من أن يكون مقيماً للصلاة هو وذريته لأنهما عماد الدين { رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَآءِ } أي تقبَّلْ واستجبْ دعائي فيما دعوتك به { رَبَّنَا ظ±غْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ظ±لْحِسَابُ } هذه هي الدعوة السابعة وبها ختم إِبراهيم دعاءه الضارع الخاشع بالاستغفار له ولوالديه ولجميع المؤمنين، يوم يقوم الناس لرب العالمين قال المفسرون: استغفر لوالديه قبل أن يتبيَّن له أنَّ أباه عدوٌ لله قال القشيري: ولا يبعد أن تكون أمه مسلمة لأن الله ذكر عذره في استغفاره لأبيه دون أمه.

. وينتقل السياق إِلى مشاهد القيامة وما فيها من الأهوال حين تتزلزل القلوب والأقدام { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ظ±للَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ظ±لظَّالِمُونَ } أي لا تظننَّ يا محمد أنَّ الله ساهٍ عن أفعال الظلمة، فإِن سنة الله إِمهال العصاة ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، قال ميمون بن مِهْران: هذا وعيدٌ للظالم، وتعزيةٌ للمظلوم { إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ظ±لأَبْصَارُ } أي إِنما يؤخرهم ليومٍ رهيب عصيب، تَشْخص فيه الأبصار من الفزع والهَلع، فتظلُّ مفتوحة مبهوتة لا تطرف ولا تتحرك قال أبو السعود: تبقى أبصارهم مفتوحة لا تتحرك أجفانهم من هول ما يرونه { مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ } أي مسرعين لا يلتفتون إِلى شيء رافعين رءوسهم مع إِدامة النظر قال الحسن: وجوه الناس يومئذٍ إِلى السماء لا ينظر أحدٌ إِلى أحد { لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ } أي لا يطرفون بعيونهم من الخوف والجزع { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } أي قلوبهم خالية من العقل لشدة الفزع { وَأَنذِرِ ظ±لنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ظ±لْعَذَابُ } أي خوّف يا محمد الكفار من هول يوم القيامة حين يأتيهم العذاب الشديد { فَيَقُولُ ظ±لَّذِينَ ظَلَمُوغ¤اْ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىظ° أَجَلٍ قَرِيبٍ } أي فيتوجه الظالمون يومئذٍ إِلى الله بالرجاء يقولون يا ربنا أمهلنا إِلى زمنٍ قريب لنستدرك ما فات { نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ظ±لرُّسُلَ } أي نجب دعوتك لنا إِلى الإِيمان ونتّبع رسلك فيما جاءونا به { أَوَلَمْ تَكُونُوغ¤اْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } أي يقال لهم توبيخاً وتبكيتاً: ألم تحلفوا أنكم باقون في الدنيا لا تنتقلون إِلى دار أخرى؟ والمراد إِنكارهم للبعث والنشور { وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـظ°كِنِ ظ±لَّذِينَ ظَلَمُوغ¤اْ أَنفُسَهُمْ } أي سكنتم في ديار الظالمين بعد أن أهلكناهم، فهلاَّ اعتبرتم بمساكنهم؟ { وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ } أي تبيَّن لكم بالإِخبار والمشاهدة كيف أهلكناهم، وانتقمنا منهم { وَضَرَبْنَا لَكُمُ ظ±لأَمْثَالَ } أي بينا لكم الأمثال في الدنيا فلم تعتبروا { وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ } أي مكر المشركون بالرسول وبالمؤمنين حين أرادوا قتله { وَعِندَ ظ±للَّهِ مَكْرُهُمْ } أي وعند الله جزاء هذا المكر فإنه محيط بهم وبمكرهم { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ظ±لْجِبَالُ } أي وإِن كان مكرهم من القوة والتأثير حتى ليؤدي إِلى زوال الجبال ولكنَّ الله عصَم ووقى منه { فَلاَ تَحْسَبَنَّ ظ±للَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ } أي لا تظننَّ أيها المخاطب أن الله يخلف رسله ما وعدهم به من النصر وأخذ الظالمين المكذبين { إِنَّ ظ±للَّهَ عَزِيزٌ ذُو ظ±نْتِقَامٍ } أي إِنه تعالى غالبٌ لا يعجزه شيء منتقم ممن عصاه { يَوْمَ تُبَدَّلُ ظ±لأَرْضُ غَيْرَ ظ±لأَرْضِ وَظ±لسَّمَظ°وَظ°تُ } أي ينتقم من أعدائه يوم الجزاء، يوم تتبدل هذه الأرض أرضاً أخرى، وتتبدل السماوات سماوات أخرى قال ابن مسعود: تُبدَّل الأرضُ بأرضٍ كالفضة نقية، لم يسفك فيها دم، ولم يعمل عليها خطيئة { وَبَرَزُواْ للَّهِ ظ±لْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } أي خرجت الخلائق جميعها من قبورهم، ومثلوا أمام أحكم الحاكمين، لا يسترهم ساتر، ولا يقيهم واقٍ، ليسوا في دورهم ولا في قبورهم، وإِنما هم في أرض المحشر أمام الواحد القهار { وَتَرَى ظ±لْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي ظ±لأَصْفَادِ } أي وفي ذلك اليوم الرهيب تبصر المجرمين مشدودين مع شياطينهم بالقيود والأغلال قال الطبري: أي مقرَّنة أيديهم وأرجُلهم إِلى رقابهم بالأصفاد وهي الأغلال والسلاسل { سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ } أي ثيابهم التي يلبسونها من قطران وهي مادة يسرع فيها اشتعال النار، تُطلى بها الإِبل الجربى فيحرق الجربَ بحرّه وحدته، وهو أسود اللون منتنُ الريح { وَتَغْشَىظ° وُجُوهَهُمُ ظ±لنَّارُ } أي تعلوها وتحيط بها النار، جزاء المكر والاستكبار { لِيَجْزِيَ ظ±للَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ } أي برزوا يوم القيامة لأحكم الحاكمين ليجازيهم الله على أعمالهم، المحسنَ بإِحسانه، والمسيءَ بإِساءته { إِنَّ ظ±للَّهَ سَرِيعُ ظ±لْحِسَابِ } أي لا يشغله شأن عن شأن، يحاسب جميع الخلق في أعجل ما يكون من الزمان، في مقدار نصف نهار من أيام الدنيا كما ورد به الأثر { هَـظ°ذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ } أي هذا القرآن بلاغٌ لجميع الخلق من إِنس وجان، أنزل لتبليغهم بما فيه من فنون العبر والعظات { وَلِيُنذَرُواْ بِهِ } أي لكي يُنصحوا به ويخوّفوا من عقاب الله { وَلِيَعْلَمُوغ¤اْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـظ°هٌ وَاحِدٌ } أي ولكي يتحققوا بما فيه من الدلائل الواضحة والبراهين القاطعة، على أنه تعالى واحد أحدٌ، فردٌ صمد { وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ظ±لأَلْبَابِ } أي وليتعظ بهذا القرآن أصحاب العقول السليمة، وهم السعداء أهل النهى والصلاح.

البَلاَغَة:

تضمنت الآيات الكريمة من وجوه البيان والبديع ما يلي:

1- التشبيه البليغ { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } حذف منه أداة التشبيه ووجه الشبه أي قلوبهم كالهواء لفراغها من جميع الأشياء فأصبح التشبيه بليغاً.

2- الإِيجاز بالحذف { يَوْمَ تُبَدَّلُ ظ±لأَرْضُ غَيْرَ ظ±لأَرْضِ وَظ±لسَّمَظ°وَظ°تُ } حذف منه والسماوات تبدل غير السماوات لدلالة ما سبق.

3- الطباق في { تَبِعَنِي... عَصَانِي } وفي { نُخْفِي... نُعْلِنُ } وفي { ظ±لأَرْضِ... ظ±لسَّمَآءِ }.

4- جناس الاشتقاق في { مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ }.

5- العدول عن المضارع إِلى الماضي { وَبَرَزُواْ } بدل { ويبرزون } للدلالة على تحقق الوقوع مثل
{*أَتَىظ° أَمْرُ ظ±للَّهِ*}
[النحل: 1] فكأنه حدث ووقع فأخبر عنه بصيغة الماضي.

6- الاستعارة في { فَظ±جْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ظ±لنَّاسِ تَهْوِيغ¤ إِلَيْهِمْ } قال الشريف الرضي: وهذه من محاسن الاستعارة وحقيقةُ الهُوي النزول من علوٍ إِلى انخفاض كالهبوط والمراد تسرع إِليهم شوقاً وتطير إِليهم حباً، ولو قال " تحنُّ إِليهم " لم يكن فيه من الفائدة ما في التعبير بـ { تَهْوِيغ¤ إِلَيْهِمْ } لأن الحنين قد يكون من المقيم بالمكان.

لطيفَة: حكمة تعريف البلد هنا { ظ±جْعَلْ هَـظ°ذَا ظ±لْبَلَدَ آمِناً } وتنكيره في البقرة
{*ظ±جْعَلْ هَـظ°ذَا بَلَداً آمِناً*}
[الآية: 126] أنه تكرر الدعاء من الخليل، ففي البقرة كان قبل بنائها فطلب من الله أن تجعل بلداً، وأن تكون آمناً، وهنا كان بعد بنائها فطلب من الله أن تكون آمناً أي بلد أمنٍ واستقرار، وهذا هو السرُّ في التفريق في الآيتين، اللهم ارزقنا فهم أسرار كتابك العظيم.






التوقيع

آخر تعديل خادم المنتدى يوم 2017-08-26 في 18:02.
    رد مع اقتباس
قديم 2017-06-05, 19:21 رقم المشاركة : 5
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي تفسير سورة ابراهيم


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق

{ قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـاةِ فَاعِلُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } * { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } * { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ } * { ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } * { ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } * { ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } * { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيِّتُونَ } * { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ } * { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ } * { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّٰهُ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَٰدِرُونَ } * { فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } * { وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ } * { وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فيِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } * { وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ }

اللغَة:
{ سُلاَلَةٍ } السُّلالة: الخلاصة مشتقة من السَّل وهو استخراج الشيء من الشيء، تقول: سللت الشَّعر من العجين، والسيف من الغمد قال أمية:
خلق البريَّة من سلالة منتن
***
وإِلى السُّلالة كلُّها ستعود
ويقال: الولد سلالة أبيه لأنه انسلَّ من ظهر أبيه { مَّكِينٍ } ثابت راسخ تقول: هذا شيء مكين أي متمكن في الثبوت والرسوخ { طَرَآئِقَ } جمع طريقة والمراد بالطرائق السماوات السبع سميت بذلك لكون بعضها فوق بعض، ومنه قولهم: طارق النعل إِذا جعل إحداهما على الأخرى { صِبْغٍ } الصبغ: الإِدام وأصله الصباغ وهو الذي يلون به الثوب قال الهروي: كل إِدامٍ يؤتدم به فهو صبغ { ٱلأَنْعَامِ } الحيوانات المأكولة " الإِبل، والبقر، والغنم ".

التفسِير:
{ قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } أي فاز وسعد وحصل على البغية والمطلوب المؤمنون المتصفون بهذه الأوصاف الجليلة، و { قَدْ } للتأكيد والتحقيق فكأنه يقول لقد تحقَّق ظفرهم ونجاحهم بسبب الإِيمان والعمل الصالح، ثم عدَّد تعالى مناقبهم فقال { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ } قال ابن عباس: خاشعون: خائفون ساكنون أي هم خائفون متذللون في صلاتهم لجلال الله وعظمته لاستيلاء الهيبة على قلوبهم { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ } أي عن الكذب والشتم والهزل قال ابن كثير: اللغو: الباطل وهو يشمل الشرك، والمعاصي، وما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـاةِ فَاعِلُونَ } أي يؤدون زكاة أموالهم للفقراء والمساكين، طيبة بها نفوسهم طلباً لرضى الله { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } هذا هو الوصف الرابع أي عفَّوا عن الحرام وصانوا فروجهم عمَّا لا يحل من الزنا واللواط وكشف العورات { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } أي هم حافظون لفروجهم في جميع الأحوال إِلا من زوجاتهم وإِمائهم المملوكات { فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } أي فإنهم غير مؤاخذين { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذٰلِكَ } أي فمن طلب غير الزوجات والمملوكات { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } أي هم المعتدون المجاوزون الحدَّ في البغي والفساد { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } أي قائمون عليها بحفظها وإِصلاحها، لا يخونون إِذا ائتمنوا، ولا ينقضون عهدهم إِذا عاهدوا قال أبو حيان: والظاهر عموم الأمانات فيدخل فيها ما ائتمن الله تعالى عليه العبد من قولٍ وفعلٍ واعتقاد، وما ائتمنه الإِنسان من الودائع والأمانات { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } هذا هو الوصف السادس أي يواظبون على الصلوات الخمس ويؤدونها في أوقاتها قال في التسهيل: فإِن قيل كيف كرّر ذكر الصلوات أولاً وآخراً؟ فالجواب أنه ليس بتكرار، لأنه قد ذكر أولاً الخشوع فيها، وذكر هنا المحافظة عليها فهما مختلفان { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ } أي أولئك الجامعون لهذه الأوصاف الجليلة هم الجديرون بوراثة جنة النعيم { ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ } أي الذين يرثون أعالي الجنة، التي تتفجر منها أنهار الجنة وفي الحديث
" إذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإِنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة " { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } أي هم دائمون فيها لا يخرجون منها أبداً، ولا يبغون عنها حولاً.. ثم ذكر تعالى الأدلة والبراهين على قدرته ووحدانيته فقال { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } اللام جواب قسم أي والله لقد خلقنا جنس الإِنسان من صفوة وخلاصة استلت من الطين قال ابن عباس: هو آدم لأنه انسلَّ من الطين { ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً } أي ثم جعلنا ذرية آدم وبنيه منيّاً ينطف من أصلاب الرجال { فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } أي في مستقر متمكن هو الرحم { ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً } أي ثم صيَّرنا هذه النطفة - وهي الماء الدافق - دماً جامداً يشبه العلقة { فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً } أي جعلنا ذلك الدم الجامد مضغة أي قطعة لحم لا شكل فيها ولا تخطيط { فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً } أي صيَّرنا قطعة اللحم عظاماً صلبة لتكون عموداً للبدن { فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً } أي سترنا تلك العظام باللحم وجعلناه كالكسوة لها { ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ } أي ثم بعد تلك الأطوار نفخنا فيه الروح فصيرناه خلقاً آخر في أحسن تقويم قال الرازي: أي جعلناه خلقاً مبايناً للخلق الأول حيث صار إِنساناً وكان جماداً، وناطقاً وكان أبكم، وسميعاً وكان أصم، وبصيراً وكان أكمه، وأودع كل عضو من أعضائه عجائب فطرة، وغرائب حكمة لا يحيط بها وصف الواصفين { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } أي فتعالى الله في قدرته وحكمته أحسن الصانعين صنعاً { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيِّتُونَ } أي ثم إِنكم أيها الناس بعد تلك النشأة والحياة لصائرون إلى الموت { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ } أي تبعثون من قبوركم للحساب والمجازاة، ولما ذكر تعالى الأطوار في خلق الإِنسان وبدايته ونهايته ذكر خلق السماوات والأرض وكلها أدلة ساطعة على وجود الله فقال { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ } أي والله لقد خلقنا فوقكم سبع سماوات، سميت طرائق لأ ن بعضها فوق بعض { وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ } أي وما كنا مهملين أمر الخلق بل نحفظهم وندبر أمرهم { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ } أي أنزلنا من السحاب القطر والمطر بحسب الحاجة، لا كثيراً فيفسد الأرض، ولا قليلاً فلا يكفي الزروع والثمار { فَأَسْكَنَّاهُ فِي ٱلأَرْضِ } أي جعلناه ثابتاً مستقراً في الأرض لتنتفعوا به وقت الحاجة { وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ } وعيدٌ وتهديدٌ أي ونحن قادرون على إِذهابه بالتغوير في الأرض فتهلكون عطشاً أنتم ومواشيكم قال ابن كثير: لو شئنا لجعلناه إِذا نزل يغور في الأرض إِلى مدى لا تصلون إِليه ولا تنتفعون به لفعلنا، ولكن بلطفه تعالى ورحمته ينزل عليكم المطر من السحاب عذباً فراتاً، فيسكنه في الأرض، ويسلكه ينابيع فيها فيفتح العيون والأنهار، ويسقى الزروع والثمار، فتشربون منه أنتم ودوابكم وأنعامكم { فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ } أي فأخرجنا لكم بذلك الماء حدائق وبساتين فيها النخيل والأعناب { لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ } أي لكم في هذه البساتين أنواع الفواكه والثمار تتفكهون بها { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } أي ومن ثمر الجنات تأكلون صيفاً وشتاءً كالرطب والعنب والتمر والزبيب، وإِنما خصَّ النخيل والأعناب بالذكر لكثرة منافعهما فإِنهما يقومان مقام الطعام، ومقام الإِدام، ومقام الفواكه رطباً ويابساً وهما أكثر فواكه العرب { وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ } أي وممَّا أنشأنا لكم بالماء أيضاً شجرة الزيتون التي تخرج حول جبل الطور وهو الجبل الذي كلَّم الله عليه موسى { تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ } أي تُنبت الدهن أي الزيت الذي فيه منافع عظيمة { وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ } أي وإِدام للآكلين سمي صبغاً لأنه يلون الخبز إذا غُمس فيه، جمع الله في هذه الشجرة بين الأُدم والدهن، وفي الحديث " كلوا الزيت وادهنوا به فإِنه من شجرةٍ مباركة " { وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً } أي وإن لكم أيها الناس فيما خلق لكم ربكم من الأنعام وهي " الإِبل والبقر والغنم " لعظةً بالغةً تعتبرون بها { نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهَا } أي نسقيكم من ألبانها من بين فرثٍ ودمٍ لبناً خالصاً سائغاً للشاربين { وَلَكُمْ فيِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ } أي ولكم في هذه الأنعام منافع عديدة: تشربون من ألبانها، وتلبسون من أصوافها وتركبون ظهورها، وتحملون عليها الأحمال الثقال { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } أي وتأكلون لحومها كذلك { وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } أي وتحملون على الإِبل في البر كما تحملون على السُّفن في البحر، فإِنَّ الإِبل سفائن البر كما أن الفلك سفائن البحر.

البَلاَغَة:
تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:

1- الإِخبار بصيغة الماضي لإِفادة الثبوت والتحقق { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } كما أنَّ { قَدْ } لإِفادة التحقيق أيضاً.

2- التفصيل بعد الإِجمال { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ.. } الخ.

3- إِنزال غير المنكر منزلة المنكر { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيِّتُونَ } الناس لا ينكرون الموت ولكنَّ غفلتهم عنه وعدم استعدادهم له بالعمل الصالح يعدَّان من علامات الإنكار ولذلك نزلوا منزلة المنكرين وأُلقي الخبر مُؤكداً بمؤكدين " إٍنَّ واللام ".

4- الاستعارة اللطيفة { سَبْعَ طَرَآئِقَ } شبهت السماوات السبع بطرائق النعل التي يجعل بعضها فوق بعض بطريق الاستعارة.

5- التهديد { وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ }.

6- السجع غير المتكلف { خَاشِعُونَ } ، { حَافِظُونَ } ، { عَادُونَ } وكذلك { طِينٍ } ، { مَّكِينٍ } ، { ٱلْخَالِقِينَ } وهو من المحسنات البديعية.

تنبيه:
ذكر تعالى في هذه الآيات من قوله { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ } إِلى قوله { وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } أربعة أنواع من دلائل قدرته تعالى، الأول: تقلب الإِنسان في أطوار الخلق وهي تسعة آخرها البعث بعد الموت، الثاني: خلق السماوات السبع، الثالث: إِنزال الماء من السماء، الرابع: منافع الحيوانات وذكر منها أربعة أنواع " الانتفاع بالألبان، وبالصوف، وباللحوم، وبالركوب ".

فَائِدَة:
روى الإِمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: " كان إِذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل، فلبثنا ذات يوم ساعة فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تُؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا ثم قال: لقد أُنزل عليَّ عشر آيات من أقامهنَّ دخل الجنة ثم قرأ { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } حتى ختم العشر ".






التوقيع

    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 15:58 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd