منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   التربية الطرقية (https://www.profvb.com/vb/f230.html)
-   -   السلامة الطرقية من منظور إسلامي (https://www.profvb.com/vb/t156903.html)

صانعة النهضة 2015-02-20 10:39

السلامة الطرقية من منظور إسلامي
 

السلامة الطرقية من منظور إسلامي



http://2-ps.googleusercontent.com/xk...opndPLZ7Pm.jpg



السلامة الطرقية موضوع ذو شجون، متعدد الجوانب ، يتقاطع فيه الاجتماعي بالاقتصادي بالسياسي بالأخلاقي ... وشر جانب فيه تلك الخسائر الاجتماعية الفادحة الناجمة عن الموت واليتم والترمّل والشلل والأعطاب الجسدية والنفسية .. وهنا أستحضر قوله تعالى :

" ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا "
هذه آية عامة تتضمن نهيا وأمراً، هذه الآية الكريمة يمكن تأويلها وتوظيفها حسب السياق بشكل منطقي وعقلاني ، ومن هنا فهي مرتبطة تماما بموضوعنا إذ النهي الإلهي موجّه إلى كل عبد مسلم يتضمن حكما واحدا ، وهو تحريم تعريض النفس لكل ما يكون فيه هلاكه الجسدي أو النفسي عن عمد وسبق إصرار، مستعملا فعلا واضحا معبرا دقيقاً " تلقوا " فالمتسبب هو الفاعل وهو المسؤول عن فعله في ذات الوقت..

نعم ، كلنا سنموت ، ولكل أجل كتاب، ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا .. ولكن أيضا : ولا تقتلوا أنفسكم ، وخذوا حذركم .. وقد جاء الفعل " أحسنوا " ليضبط معنى الآية ويزيدها إضاءة.. فإذا نحن تذكرنا قوله عليه السلام في حديث صحيح ، أخرجه مسلم وابن حبّان وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم : " إنَّ اللهَ كتب الإحسانَ على كلِّ شيٍء . فإذا قتلتم فأحسِنُوا القِتْلَةَ. وإذا ذبحتم فأحسِنُوا الذبحَ ..."

فما ذكره عليه السلام من ذ بح وقتل ليس إلا أمثلة تفتح الباب لولوج احتمالات سواها قد لا تكون معروفة في عهد النبوة وما بعده ، وتعميمها المعبر عنه بقوله عليه السلام " كتب الإحسان على كل شيء " تؤكد ذلك ، وبالتالي تحتم علينا أن نحسن في كل شيء نفعله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .. وهذا فتح أمامنا بابا مشروعا لكي نقول في اطمئنان : وإذا قدتم مراكبكم فأحسنوا القيادة ، وإذا راقبتموها فأحسنوا المراقبة، وإذا سرتم في الطريق فأحسنوا السيْر، وإذا تجاوزتم غيركم فأحسنوا التجاوز، أي التزموا الضوابط والحدود التي حدّها لكم قانون السير ولا تتلاعبوا فيه..

وثمة شيء آخر ركز عليه الإسلام في هذا المجال وغيره ، وهو جانب المسؤولية ، فالسائق حين يكون في مقعد القيادة ولو كان وحيداً لم يعد مجرد سائق، وإنما هو مسؤول يتحمل عبئا خطيرا، وهذا العبء يأتيه مما وراءه من عائلة ، أو أصدقاء ، أو مسافرين ، أو أمامه من مراكب أخرى عامرة أو فارغة .. فهو بتعبير الحديث المشهور " راع " وكل راع مسؤول عن رعيته..

ومن هنا أيضا نقرر في اطمئنان آخر أن السائق راع ومسؤول عن رعيته، عليه أن يبذل قصارى جهده في ضمان سلامتهم حتى يوصلهم إلى نقطة النزول في أمان الله وحفظه، وإلا فسيكون خائنا للأمانة مثله في ذلك مثل النماذج البشرية الأخرى ، وما أكثرهم في مجتمعنا! وربما كانت خيانته أعظم وأثقل إذا فدحت الخسائر..

هذا هو مبدأ الإسلام، ولا شك أن هناك نصوصاً أخرى لا تحضرني الآن يمكن توظيفها في هذا السياق توجيها أو تأكيدا..وفي هذا الصدد لا ينبغي إغفال التنبيه إلى تفريط السياسيين المعنيين بهذا القطاع في الأمانة الخطيرة الموكلة إليهم ، فلستُ مرتابا قلامة ظفر في أنهم يتحملون قسطا مماثلا أو أكثر من وزر حوادث السيْر.. وما أعظم هذا التوجيه العمري الذي يستحق أن يكتب بمداد من ذهب : " والله لو عثرت شاة بأرض العراق، لخفت أن يسألني الله، لِمَ لمْ تُسَوِّ لها الطريق يا عمر"..

فكيف يفكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سلامة العجماء ، وكيف يبيت مغتما مهموما من أجل راحة البكماء، ولا يفكر هؤلاء في سلامة مجتمع تنقصه حوادث السير من أطرافه كل يوم بما يعصر القلوب ويدميها؟

ولكن حيث لا خوف من سؤال الله تعالى ، وحيث تغيب المقاربة الإسلامية في معالجة شؤون حياتنا الدنيا ، أولا تحتل إلا هامشا هو إلى العدم أقرب توقعْ أن يحصل هذا وأسوأ .. والله لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم.. صدق الله العظيم ..


الساعة الآن 18:04

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd