الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > المنتديات العامة والشاملة > المنتدى الإسلامي > مدرسة القرآن والسنة > تفسير



إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2015-03-03, 11:44 رقم المشاركة : 31
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي رد: تفسير آيات من سورة آل عمران


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق
{ لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ ٱلأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } * { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } * { ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِٱلْبَيِّنَاتِ وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآءُوا بِٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلزُّبُرِ وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُنِيرِ } * { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ } * { لَتُبْلَوُنَّ فِيۤ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } * { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَٱشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ } * { لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ ٱلْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

المنَاسَبَة: بعد أن انتهى الاستعراض القرآني لمعركة أُحد وما فيها من أحداث جسيمة، وتناولت الآيات ضمن ما تناولت مكائد المنافقين ودسائسهم، وما انطوت عليه نفوسهم من الكيد للإِسلام والغدر بالمسلمين وتثبيط عزائمهم عن ال**** في سبيل الله، أعقبه تعالى بذكر دسائس اليهود وأساليبهم الخبيثة في محاربة الدعوة الإِسلامية عن طريق التشكيك والبلبلة، والكيد والدسّ، ليحذّر المؤمنين من خطرهم كما حذّرهم من المنافقين، والآيات الكريمة تتحدث عن اليهود وموقفهم المخزي من الذات الإِلهية، واتهامهم لله عز وجل بأشنع الاتهامات بالبخل والفقر، ثم نقضهم للعهود، وقتلهم للأنبياء، وخيانتهم للأمانة التي حمَّلهم الله إِيّاها، إِلى آخر ما هنالك من جرائم وشنائع اتصف بها هذا الجنس الملعون.

اللغَة: { عَهِدَ إِلَيْنَا } أوصانا { بِقُرْبَانٍ } القربان: ما يذبح من الأنعام تقرباً إِلى الله تعالى { ٱلْبَيِّنَاتِ } الآيات الواضحات والمراد به هنا المعجزات { ٱلزُّبُرِ } جمع زبور وهو الكتاب من الزَّبر وهو الكتابة، والزبور بمعنى المزبور أي المكتوب كالرَّكوب بمعنى المركوب قال الزجاج: الزبور كل كتاب ذي حكمة { زُحْزِحَ } الزحزحة: التنحية والإِبعاد تكرير الزح وهو الجذب بعجلة { فَازَ } ظفر بما يؤمل ونجا مما يخاف { ٱلْغُرُورِ } مصدر غرَّه يغرّه غروراً أي خدعه { مَتَاعُ } المتاع: ما يُتمتع به ويُنتفع ثم يزول { لَتُبْلَوُنَّ } لتمتحننَّ من بلاه أي امتحنه { عَزْمِ ٱلأُمُورِ } أصل العزم ثباتُ الرأي على الشيء والمراد هنا صواب التدبير والرأي وهو مما ينبغي لكل عاقل أن يعزم عليه { بِمَفَازَةٍ } بمنجاة من قولهم فاز فلان إِذا نجا.

سَبَبُ النّزول: أ - عن ابن عباس قال: دخل أبو بكر الصّديق ذات يوم بيت مدراس اليهود، فوجد ناساً من اليهود قد اجتمعوا إِلى رجل منهم يقال له " فنحاص بن عازوراء " وكان من علمائهم وأحبارهم فقال أبو بكر لفنحاص: ويحك اتق الله وأسلِمْ فوالله إِنك لتعلم أن محمداً رسولٌ من عند الله قد جاءكم بالحق من عنده تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة والإِنجيل، فقال فنحاص: والله يا أبا بكر ما بنا إِلى الله من حاجة من فقر وإِنه إِلينا لفقير، ما نتضرع إِليه كما يتضرع إِلينا وإِنّا عنه لأغنياء، ولو كان غنياً ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الربا ويعطينا ولو كان غنياً ما أعطانا الربا، فغضب أبو بكر وضرب وجه " فنحاص " ضربةً شديدة وقال: والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك يا عدو الله، فذهب فنحاص إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد: انظر إِلى ما صنع بي صاحبك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حملك على ما صنعتَ يا أبا بكر؟ فقال يا رسول الله: إِنَّ عدو الله قال قولاً عظيماً، زعم أن الله فقير وأنهم أغنياء، فغضبتُ لله وضربتُ وجهه فجحد ذلك فنحاص فأنزل الله ردّاً على فنحاص وتصديقاً لأبي بكر { لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ } الآية.
ب - عن ابن عباس قال: جاء جماعة من اليهود إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - منهم كعب بن الأشرف، ومالك بن الصيف، وفنحاص بن عازوراء - وغيرهم فقالوا: يا محمد تزعم أنك رسول الله وأنه تعالى أنزل عليك كتاباً، وقد عهد الله إِِلينا في التوراة ألاّ نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار، فإِن جئتنا بهذا صدّقناك فنزلت هذه الآية { ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ } الآية.

التفسِير: { لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ } هذه المقالة الشنيعة مقالة أعداء الله اليهود عليهم لعنة الله زعموا أن الله فقير، وذلك حين نزل قوله تعالى
{*مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً*}
[البقرة: 245] قالوا: إِن الله فقير يقترض منا كما قالوا
{*يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ*}
[المائدة: 64] قال القرطبي: وإِنما قالوا هذا تمويهاً على ضعفائهم لا أنهم يعتقدون هذا، وغرضُهم تشكيك الضعفاء من المؤمنين وتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم أي إِنه فقير على قول محمد لأنه اقترض منا { سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ ٱلأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ } أي سنأمر الحفظة بكتابة ما قالوه في صحائف أعمالهم ونكتب جريمتهم الشنيعة بقتل الأنبياء بغير حق، والمراد بقتلهم الأنبياء رضاهم بفعل أسلافهم { وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } أي ويقول الله لهم في الآخرة على لسان الملائكة: ذوقوا عذاب النار المحرقة الملتهبة { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } أي ذلك العذاب بما اقترفته أيديكم من الجرائم { وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } أي وأنه سبحانه عادل ليس بظالم للخلق، والمراد أن ذلك العقاب حاصل بسبب معاصيكم، وعدلِ الله تعالى فيكم، قال الزمخشري: ومن العدل أن يعاقب المسيء ويثيب المحسن { ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا } أي هم الذين قالوا إِن الله أمرنا وأوصانا في التوراة { أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ } أي أمرنا بأن لا نصدّق لرسول حتى يأتينا بآية خاصة وهي أن يقدّم قرباناً فتنزل نار من السماء فتأكله، وهذا افتراء على الله حيث لم يعهد إِليهم بذلك { قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِٱلْبَيِّنَاتِ وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ } أي قل لهم يا محمد توبيخاً وإِظهاراً لكذبهم: قد جاءتكم رسلٌ قبلي بالمعجزات الواضحات والحجج الباهرات الدالة على صدق نبوتهم وبالذي ادعيتم { فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أي فلم كذبتموهم وقتلتموهم إِن كنتم صادقين في دعواكم الإِيمان بالله والتصديق برسله؟ ثم قال تعالى مسلياً لرسوله صلى الله عليه وسلم { فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ } أي لا يحزنك يا محمد تكذيب هؤلاء لك، فإِنهم إِن فعلوا ذلك فقد كذَّبت أسلافهم من قبلُ رسل الله فلا تحزن فلك بهم أسوة حسنة { جَآءُوا بِٱلْبَيِّنَاتِ } أي كذبوهم مع أنهم جاءوهم بالبراهين القاطعة والمعجزات الواضحة { وَٱلزُّبُرِ وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُنِيرِ } أي بالكتب السماوية المملوءة بالحِكَم والمواعظ، والكتاب الواضح الجلي كالتوراة والإِنجيل { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ } أي مصير الخلائق إِلى الفناء وكل نفسٍ ميّتة لا محالة كقوله {*كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ*}
[الرحمن: 26] { وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } أي تُعطون جزاء أعمالكم وافياً يوم القيامة { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ } أي فمن نُحي عن النار وأُبْعِد عنها، وأُدخل الجنة فقد فاز بالسعادة السرمدية والنعيم المخلّد { وَما ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ } أي ليست الدنيا إِلا دار الفناء يستمتع بها الأحمق المغرور قال ابن كثير: الآية فيها تصغير لشأن الدنيا وتحقير لأمرها وأنها فانية زائلة { لَتُبْلَوُنَّ فِيۤ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ } أي والله لتمتحننَّ وتختبرنَّ في أموالكم بالفقر والمصائب، وفي أنفسكم بالشدائد والأمراض { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً } أي ولينالنكم من اليهود والنصارى والمشركين - أعدائكم - الأذى الكثير، وهذا إِخبارٌ منه جلّ وعلا للمؤمنين بأنه سينالهم بلايا وأكدار من المشركين والفجّار، وأمرٌ لهم بالصبر عند وقوع ذلك لأن الجنة حفَّت بالمكاره ولهذا قال { وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ } أي وإِن تصبروا على المكاره وتتقوا الله في الأقوال والأعمال { فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } أي الصبر والتقوى من الأمور التي ينبغي أن تعزموا وتحزموا عليها لأنها ممّا أمر الله بها { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } أي اذكر يا محمد حين أخذ الله العهد المؤكد على اليهود في التوراة { لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ } أي لتظهرنَّ ما في الكتاب من أحكام الله ولا تخفونها، قال ابن عباس: هي لليهود أُخذ عليهم العهد والميثاق في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتموه ونبذوه { فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَٱشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً } أي طرحوا ذلك العهد وراء ظهورهم واستبدلوا به شيئاً حقيراً من حُطام الدنيا { فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ } أي بئس هذا الشراء وبئست تلك الصفقة الخاسرة { لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ } أي لا تظننَّ يا محمد الذين يفرحون بما أتوا من إِخفاء أمرك عن الناس { وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ } أي ويحبون أن يحمدهم الناس على تمسكهم بالحق وهم على ضلال { فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ ٱلْعَذَابِ } أي فلا تظننَّهم بمنجاة من عذاب الله { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي عذاب مؤلم قال ابن عباس: نزلت في أهل الكتاب سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إِيّاه وأخبروه بغيره وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم إِياه ما سألهم عنه { وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي له سبحانه جميع ما في السماوات والأرض فكيف يكون من له ما في السماوات والأرض فقيراً؟ والآية ردٌّ على الذين قالوا إِن الله فقير ونحن أغنياء { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي هو تعالى قادر على عقابهم.

البَلاَغَة: تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يأتي: 1- { إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ } أكد اليهود الجملة بـ { إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ } على سبيل المبالغة، فحيث نسبوا الى أنفسهم الغنى لم يؤكدوا بل أخرجوا الجملة مخرج ما لا يحتاج الى تأكيد كأنَّ الغنى وصف لهم لا يمكن فيه نزاع فيحتاج إِلى تأكيد وهذا دليل على تمردهم في الكفر والطغيان.

2- { سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ } فيه مجاز يسمى المجاز العقلي أي ستكتب ملائكتنا ولما كان الله لا يكتب وإِنما يأمر بالكتابة أسند الفعل إِليه مجازاً.

3- { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } فيه مجاز مرسل من إِطلاق اسم الجزء وإِرادة الكل وذكر الأيدي لأن أكثر الأعمال تُزوال بهن.

4- { تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ } إِسناد الأكل إِلى النار بطريق الاستعارة إِذ حقيقة الأكل إِنما تكون في الإِنسان والحيوان وكذلك توجد استعارة في قوله { ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ } لأن حقيقة الذوق ما يكون بحاسّة اللسان.

5- { مَتَاعُ ٱلْغُرُور } قال الزمخشري: " شبه الدنيا بالمتاع الذي يدلّس به على المستام ويُغر حتى يشتريه والشيطان هو المدلِّس الغرور " فهو من باب الاستعارة.

6- { فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَٱشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً } كذلك توجد استعارة في النبذ والاشتراء شبّه عدم التمسك والعمل به بالشيء الملقى خلف ظهر الإِنسان وباشتراء ثمن قليل ما تعوضوه من الحطام على كتم آيات الله.

7- وفي الآيات الكريمة من المحسنات البديعية الطباق في (فَقِيرٌ وأَغْنِيَآءُ) والمقابلة { زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ } وفي { لَتُبَيِّنُنَّهُ... وَلاَ تَكْتُمُونَهُ } والجناس المغاير في { قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ } وفي { كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ }.

فَائِدَة: صيغة فعّال في الآية
{*وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ*}
[فصلت: 46] ليست للمبالغة وإِنما هي للنسب مثل عطّار ونجّار وتمّار كلها ليست للمبالغة وإِنما هي للنسب قال ابن مالك.
ومع فاعل وفعَّال فُعل *** في نسبٍ أغنى من الياء قُبل
تنبيهْ: إِنما وصف تعالى عيش الدنيا ونعيمها بأنه متاع الغرور، لما تمنّيه لذاتها وشهواتها من طول البقاء وأمل الدوام فتخدعه ثم تصرعه، ولهذا قال بعض السلف: الدنيا متاعٌ متروك يوشك أن يضمحلّ ويزول، فخذوا من هذا المتاع واعملوا فيه بطاعة الله ما استطعتم والله المستعان.






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2015-03-07, 11:07 رقم المشاركة : 32
أم سهام
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية أم سهام

 

إحصائية العضو









أم سهام غير متواجد حالياً


وسام المرتبة الثالثة في مسابقة القران الكريم

وسام المرتبة الثانية

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام المرتبة الثانية مسابقة الأستاذ الرمضانية

وسام المشاركة في دورة HTML

وسام المركز الثالث في مسابقة نتخلق بخلقه لنسعد بقر

وسام المركز الثالث في  المسابقة االرمضانية الكبرى

افتراضي رد: تفسير آيات من سورة آل عمران


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق
{ إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } * { ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } * { رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } * { رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلأَبْرَارِ } * { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } * { فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَـٰتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ ثَوَاباً مِّن عِندِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ ٱلثَّوَابِ } * { لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ } * { مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { لَكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } * { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَٰشِعِينَ للَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلـٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

المنَاسَبَة: بدأ تعالى هذه السورة الكريمة بذكر أدلة التوحيد والألوهية والنبوة، وختمها بذكر دلائل الوحدانية والقدرة ودلائل الخلق والإِيجاد، ليستدل منها الإِنسان على البعث والنشور فكان ختام مسك، ولما كان المقصود من هذا الكتاب العظيم جذب القلوب والأرواح عن الاشتغال بالخلق إِلى معرفة الإِله الحق، جاءت الآيات الكريمة تنير القلوب بأدلة التوحيد والإِلهية والكبرياء والجلال، فلفتت الأنظار إِلى التفكر والتدبر في ملكوت السماوات والأرض، ليخلص الإِنسان إِلى الاعتراف بوحدانية الله وباهر قدرته وهو يتأمل في كتاب الله المنظور " الكون الفسيح " بعد أن تأمل في كتاب الله المسطور " القرآن العظيم " وفي الكتاب المسطور إِشارات عديدة لآيات الكتاب المنظور وهو يدعو إِلى معرفة الحقائق باستخدام الحواس
{*وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ*}
[يوسف: 105].

اللغَة: { ٱلأَلْبَابِ } العقول { بَاطِلاً } عبثاً بدون حكمة { سُبْحَانَكَ } تنزيهٌ لله عن السوء { أَخْزَيْتَهُ } أذللته وأهنته { كَفِّرْ عَنَّا } استر وامح { ٱلأَبْرَارِ } جمع بر أو بارّ وهم المستمسكون بالشريعة { فَٱسْتَجَابَ } بمعنى أجاب { نُزُلاً } النُّزُل: ما يهيأ للنزيل وهو الضيف من أنواع الإِكرام { رَابِطُواْ } المرابطة: ترصد العدو في الثغور.

سَبَبُ النّزول: عن أم سلمة قالت قلت: يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء فأنزل الله { فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ } الآية.

التفسِير: { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي إِن في خلق السماوات والأرض على ما بهما من إِحكام وإٍبداع { وَٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ } أي وتعاقب الليل والنهار على الدوام { لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } أي علامات واضحة على الصانع وباهر حكمته، ولا يظهر ذلك إِلا لذوي العقول الذين ينظرون إِلى الكون بطريق التفكر والاستدلال لا كما تنظر البهائم، ثم وصف تعالى أولي الألباب فقال { ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ } أي يذكرون الله بألسنتهم وقلوبهم في جميع الأحوال في حال القيام والقعود والاضطجاع فلا يغفلون عنه تعالى في عامة أوقاتهم، لاطمئنان قلوبهم بذكره واستغراق سرائرهم في مراقبته { وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي يتدبرون في ملكوت السماوات والأرض، في خلقهما بهذه الأجرام العظام وما فيهما من عجائب المصنوعات وغرائب المبتدعات قائلين { رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً } أي ما خلقت هذا الكون وما فيه عبثاً من غير حكمة { سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } أي ننزهك يا ألله عن العبث فأجرنا واحمنا من عذاب جهنم { رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ } أي من أدخلته النار فقد أذللته وأهنته غاية الإِهانة وفضحته على رءوس الأشهاد { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } أي ليس لهم من يمنعهم من عذاب الله، والمراد بالظالمين الكفار كما قال ابن عباس وجمهور المفسرين وقد صرح به في البقرة {*وَٱلْكَافِرُونَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ*}
[البقرة: 254] { رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ } أي داعياً يدعو إِلى الإِيمان وهو محمد صلى الله عليه وسلم { أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا } أي يقول هذا الداعي أيها الناس آمنوا بربكم واشهدوا له بالوحدانية فصدقنا بذلك واتبعناه { رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا } أي استر لنا ذنوبنا ولا تفضحنا بها { وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا } أي امح بفضلك ورحمتك ما ارتكبناه من سيئات { وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلأَبْرَارِ } أي ألحقنا بالصالحين قال ابن عباس: الذنوب هي الكبائر والسيئات هي الصغائر ويؤيده
{*إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ*}
[النساء: 31] فلا تكرار إِذاً { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ } تكرير النداء للتضرع ولإِظهار كمال الخضوع أي أعطنا ما وعدتنا على ألسنة رسلك وهي الجنة لمن أطاع قاله ابن عباس { وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } أي لا تفضحنا كما فضحت الكفار { إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } أي لا تخلف وعدك وقد وعدت من آمن بالجنة { فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ } أي أجاب الله دعاءهم بقوله إِني لا أُبطل عمل من عمل خيراً ذكراً كان العامل أو أُنثى قال الحسن: ما زالوا يقولون ربنا، ربنا، حتى استجاب لهم { بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ } أي الذكر من الأنثى، والأنثى من الذكر، فإِذا كنتم مشتركين في الأصل فكذلك أنتم مشتركون في الأجر { فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ } أي هجروا أوطانهم فارين بدينهم، وألجأهم المشركون إِلى الخروج من الديار { وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي } أي تحملوا الأذى من أجل دين الله { وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ } أي وقاتلوا أعدائي وقتلوا في سبيلي { لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } أي الموصوفون بما تقدم لأمحونَّ ذنوبهم بمغفرتي ورحمتي { وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ ٱللَّهِ } أي ولأدخلنهم جنات النعيم جزاءً من عند الله على أعمالهم الصالحة { وَٱللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ ٱلثَّوَابِ } أي عنده حسن الجزاء وهي الجنة التي فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم نبه تعالى إِلى ما عليه الكفار في هذه الدار من النعمة والغبطة والسرور، وبيَّن أنه نعيم زائل فقال { لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ } أي لا يخدعنك أيها السامع تنقل الذين كفروا في البلاد طلباً لكسب الأموال والجاه والرتب { مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } أي إِنما يتنعمون بذلك قليلاً ثم يزول هذا النعيم، ومصيرهم في الآخرة إِلى النار، وبئس الفراش والقرار نار جهنم. { لَكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا } أي لكن المتقون لله لهم النعيم المقيم في جنات النعيم مخلدين فيها أبداً { نُزُلاً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } أي ضيافة وكرامة من عند الله { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } أي وما عند الله من الثواب والكرامة للأخيار الأبرار، خير مما يتقلب فيه الأشرار الفجار من المتاع القليل الزائل، ثم أخبر تعالى عن إِيمان بعض أهل الكتاب فقال { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ } أي ومن اليهود والنصارى فريق يؤمنون بالله حق الإِيمان، ويؤمنون بما أنزل إِليكم وهو القرآن وبما أنزل إِليهم وهو التوراة والإنجيل كعبد الله بن سلام وأصحابه، والنجاشي وأتباعه { خَاشِعِينَ للَّهِ } أي خاضعين متذللين لله { لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً } أي لا يحرّفون نعت محمد ولا أحكام الشريعة الموجودة في كتبهم لعرضٍ من الدنيا خسيس كما فعل الأحبار والرهبان { أُوْلۤـٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ } أي ثواب إِيمانهم يعطونه مضاعفاً كما قال {*أُوْلَـٰئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِْ*}
[القصص: 54] { إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } أي سريعٌ حسابُه لنفوذ علمه بجميع المعلومات، يعلم ما لكل واحدٍ من الثواب والعقاب، قال ابن عباس والحسن: " نزلت في النجاشي وذلك أنه لما مات نعاه جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا فصلوا على أخيكم النجاشي، فقال بعضهم لبعض: يأمرنا أن نصلي على علج من علوج الحبشة فأنزل الله { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ } الآية " ثم ختم تعالى السورة الكريمة بهذه الوصية الجامعة لسعادة الدارين فقال: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ } أي اصبروا على مشاقّ الطاعات وما يصيبكم من الشدائد { وَصَابِرُواْ } أي غالبوا أعداء الله بالصبر على أهوال القتال وشدائد الحروب { وَرَابِطُواْ } أي لازموا ثغوركم مستعدين للكفاح والغزو { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } أي خافوا الله فلا تخالفوا أمره لتفوزوا بسعادة الدارين.

البَلاَغَة: تضمنت هذه الآيات من ضروب البيان والبديع ما يلي:

1- الإِطناب في قوله { رَبَّنَآ } حيث كرر خمس مرات والغرض منه المبالغة في التضرع.

2- الطباق في قوله { ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } و { ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ } و { قِيَاماً وَقُعُوداً } و { ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ }.

3- الإِيجاز بالحذف { مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ } أي على ألسنة رسلك وكذلك في قوله { وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبَّنَآ } أي قائلين ربنا.

4- الجناس المغاير في قوله { آمِنُواْ... فَآمَنَّا } وفي { عَمَلَ عَامِلٍ } وفي { مُنَادِياً يُنَادِي }.

5- { لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } التنكير للتفخيم ودخلت اللام في خبر إِنَّ لزيادة التأكيد.

6- الاستعارة في قوله { لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } استعير التقلب للضرب في الأرض لطلب المكاسب والله أعلم.

الفوَائِدَ: الأولى: إِنما خصص التفكر بالخلق للنهي عن التفكر في الخالق ففي الحديث الشريف " تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق فإِنكم لا تقدرون الله قدره " وذلك لعدم الوصول إِلى كنه ذاته وصفاته قال بعض العلماء: المتفكر في ذات الله كالناظر في عين الشمس لأنه تعالى ليس كمثله شيء.
الثانية: تكرر النداء بهذا الاسم الجليل { رَبَّنَآ } خمس مرات كل ذلك على سبيل الاستعطاف وتطلب رحمة الله بندائه بهذا الاسم الشريف الدال على التربية والملك والإِصلاح.

الثالثة: سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن أعجب ما رأته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكت وقالت: كل أمره كان عجباً، " أتاني في ليلتي حتى مسَّ جلده جلدي ثم قال " ذريني أتعبد لربي عز وجل " فقلت: والله إِني لأحب قربك وأحب هواك، فقام إِلى قربة من ماء في البيت فتوضأ ولم يكثر صبّ الماء ثم قام يصلي فبكى حتى بلّ لحيته، ثم سجد فبكى حتى بلّ الأرض، ثم اضطجع على جنبه فبكى حتى إِذا أتى بلال يؤذنه بصلاة الصبح فقال يا رسول الله: ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال " ويحك يا بلال وما يمنعني أن أبكر وقد أنزل الله عليَّ في هذه الليلة { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ.... } الآيات ثم قال: ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكر فيها " ".






التوقيع

    رد مع اقتباس
قديم 2017-09-12, 18:21 رقم المشاركة : 33
خادم المنتدى
مدير التواصــل
 
الصورة الرمزية خادم المنتدى

 

إحصائية العضو








خادم المنتدى غير متواجد حالياً


وسام المشاركة السيرة 1438ه

وسام المشاركة في مسابقة السيرة النبوية العطرة

العضو المميز لشهر فبراير

افتراضي رد: تفسير آيات من سورة آل عمران


-************************-
شكرا جزيلا لك..بارك الله فيك
-**************************-






    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 21:12 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd