منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   الكتب التربوية (https://www.profvb.com/vb/f301.html)
-   -   "الفوضى التربوية في الوسط العربي: مسؤولية الأسرة والمجتمع" (https://www.profvb.com/vb/t156000.html)

صانعة النهضة 2015-01-16 09:19

"الفوضى التربوية في الوسط العربي: مسؤولية الأسرة والمجتمع"
 
"الفوضى التربوية في الوسط العربي: مسؤولية الأسرة والمجتمع"






"إن إعداد شخصية إنسانية تعتز بثقافتها الممتدة الجذور عبر السنين، وقادرة على الحوارالإنساني مع الثقافات الأخرى، وتبحث عن الحقيقة دائما في عصر ما بعد الحداثة، عصرالعولمة والكم الهائل من المعلومات والصراعات بين الثقافات المتعددة، لهو أمانةثقيلة، يحتاج إلى مراجعة مستديمة وإثارة العديد من الأسئلة والقضايا،حيث تعملالكلية على حلها من خلال تذويت ثقافة المأسسة وتعميق المسؤولية الذاتية بينكوادرها، والإصغاء لبدائل ومواقف متباينة وتحليل القضايا والمعطيات بعقل مفتوحواستخلاص العبر منها"...





2- ينقسم كتاب الدكتور حمد الله ربيع إلى ثلاثة فصول كبرى أفردها مجتمعة لمعالجة الإشكالية التربوية التي تطاول المجتمع العربي بإسرائيل:
+ بمقدمة الكتاب يقول المؤلف: " إن الهدف الذي جعلني أكتب عن تربية الأبناء في الوسط العربي، هو ما آل إليه حال المجتمع العربي في إسرائيل من فوضى تربوية وأخلاقية، أصبحت تقلق كل أب وأم وكل مرب ومربية. هذه الظاهرة أصبحت منتشرة في هذا المجتمع، ويبدو أن أبناء الجيل الجديد أصبحوا في متاهة تربوية وأخلاقية لم يسبق لها مثيل".
الكتاب إذن بحث في أسباب "الفوضى التربوية" في الأسرة العربية والتي من شأنها تهديد النظام "الذي هو أساس كل أسرة وأساس كل مجتمع".
ولما كانت الأسرة والمجتمع عنصران متكاملان،يقول المؤلف،فإنهما يتقاسمان الوظيفة التربوية فيما بينهما، فيصبحان المسؤولين الأساسيين عنها.

+ بالفصل الأول ("الإطار النظري لدراسة الأسرة ومشكلاتها")، يحصر الكاتب زاوية اهتمامه في نظريات علم اجتماع الأسرة (بجانب التنشئة الاجتماعية أساسا) على الرغم من اعترافه بأن " نظرية واحدة لا تفسر واقع التربية داخل الأسرة العربية أو المجتمع العربي "، مع تذكيره بالنظريات الكبرى المتداولة في هذا الشأن:
°- كنظرية صراع الأجيال التي يتقاسمها علم الاجتماع وعلم النفس. إذ " بالنسبة للعرب في إسرائيل (وفق هذه النظرية) فإن الجيل الذي نشأ في ظروف الحكم العسكري وسلطة الأب القوية والتفرقة الحادة بين الرجل والمرأة واستغلال اليهودي للعامل العربي وتحديد حقوقه وحريته، فإنه سوف يختلف بشخصيته عن الشاب الذي نشأ اليوم في ظروف مختلفة تماما عن الماضي".
وكلما كان التغير الاجتماعي سريعا كلما كان الجيل القديم بعيدا عن الواقع الجديد، فيرى الجيل الجديد "أن الآباء والأجداد لا يمتون للواقع الاجتماعي والثقافي والتقني بصلة"...وعدم " قدرة تكيف الوالدين مع الأزمة النفسية/الاجتماعية التي يمر بها أبناءهم (في مرحلة الفصام النفسي) قد تؤدي بالأبناء إلى عالم الانحراف".
°- والنظرية الوظيفية التي تهتم بفهم الأجزاء المكونة للمجتمع وطريقة ترابطها..." فهي تحاول أن تفسر وظيفة كل جزء وعلاقته مع الكل، من أجل فهم الوظيفة العامة لكل هذه الأجزاء مجتمعة".
النظرية الوظيفية تهتم بنسق الأسرة كوحدة صغيرة داخل النسق الأكبر وهو المجتمع... وتذهب " لتحدد وتفهم الوظائف الأكثر دقة داخل النسق الأسري نفسه، كالأدوار والمراكز والعلاقات والمعايير والقيم..." وما سواها.
بالتالي، يقول المؤلف: "من المفروض أن يتكيف البناء الاجتماعي مع النسق، وألا ينتج عن ذلك لاوظيفية، أو بمعنى آخر عدم تكيف وتوافق". عكس ذلك، فإذا "استجاب البناء لوظائف النسق، فإنه سوف يكون وظيفيا، أي متكيفا ومتوافقا".
الأسرة إذن، جزء مهم من البناء الاجتماعي لأن لها علاقة مع كل النظم الأخرى... فإذا لم يكن هناك تجاوبا مع الاقتصاد مثلا (حالة بطالة أو ضعف أجور أو فقر) أو مع النظام السياسي (ضعف التمثيلية)، فإن ذلك سيؤدي إلى سوء تكيف وعدم تكامل، وقد يدفع المجتمع بأسره إلى الانهيار.
°- ونظرية الضبط الاجتماعي،التي تشتغل على" امتثال الفرد لمعايير المجتمع الذي ينتمي إليه"، ويتعلم في إطاره السلوك الانضباطي الذي يكتسبه عن طريق التنشئة الاجتماعية. وهدف الضبط الاجتماعي هو " تحقيق النظام والتكامل داخل الجماعة والمجتمع عن طريق احترام كل ما هو متفق عليه من عادات وتقاليد وقيم ومعايير وقوانين رسمية"... في غيابه (غياب الضبط الاجتماعي) نكون بإزاء حالة "الانفلات، أو بالأحرى حالة الانحراف الاجتماعي".
ويؤكد المؤلف أن " لكل ثقافة وسائل ضبط اجتماعية خاصة بها". فداخل الثقافات والمجتمعات المركبة والمعقدة،توجد ثقافات فرعية وجماعات وفئات ومؤسسات وغيرها... ولكل أبناء طبقة أسلوب خاص، وهذا ينطبق على الأقلية العربية في إسرائيل، التي يتبنى شبابها قيما وعادات ومبادئ مغايرة للتي يسير عليها مجتمعهم (آباؤهم)... وهوما يفرز حالات التصادم بين ما هو مقبول وما هو غير مقبول.
بالمقابل، فالاختلاف في التربية أو في بناء الشخصية، غالبا ما تكون الغاية منه الحفاظ على تميز كل طبقة اجتماعية عن أخرى وهو ما عاشه العرب في إسرائيل أيضا، إذ "عندما انتقل المجتمع العربي الإسرائيلي من مجتمع فلاحي منذ 1948 إلى مجتمع عمالي/مدني، أخذت تتبلور شرائح، بل طبقات اجتماعية جديدة (مثقفون، عمال، سياسيون...الخ) لها خصاائصها الاجتماعية التي تميزها عن بعضها البعض".
°- ونظرية التفاعل الرمزي،التي تهتم بدراسة العلاقات بين الزوج والزوجة أو بين الوالدين والأبناء، عبر تحليل تفاعلهم من خلال الأدوار التي يقومون بها داخل الأسرة...من خلال مجموعة رموز وإشارات يتم التوافق حولها بغرض "التوافق مع موقف التفاعل". وإذا ما كان ثمة مشكلات داخل الأسرة، فإنها غالبا ما تأتي بسبب سوء عمليات التفاعل هاته.
°- ونظرية التغير الاجتماعي اتي يميزها المؤلف عن نظرية التغير الثقافي. فالأول جزء من التغير الثقافي "الشامل والواسع الذي يمتد إلى كل النواحي (أدب، فن، تكنولوجيا...الخ) وليس الاجتماعي فقط".
بمعنى أن التنظيم والبناء الاجتماعيان هما جزء من النسق الثقافي الشامل، و"التغير الاجتماعي هو نتيجة للتغير الثقافي". أي أن التغير الاجتماعي هو "كل تحول يقع في التنظيم الاجتماعي سواء في بنائه أو في وظائفه خلال فترة معينة من الناحية الزمنية" (تركيب سكاني، بناء طبقي، نظم اجتماعية، نمط علاقات، قيم، معايير"). وغالبا ما تصحب عملية التغير الاجتماعي هاته حالات من الاضطراب والبلبلة الاجتماعية، لأن "المجتمع يكون بحاجة إلى التخلي عن بعض خصائصه لصالح خصائص جديدة لا بد له أن يكتسبها وأن يتعامل معها...".
نحن هنا إذن، يقول الكاتب،إنما بإزاء حالة "لامعيارية" (أي عدم وضوح المعايير في المواقف الجديدة)، وهي حالة من التخبط وانعدام الأمن وفقدان المعايير، قد تصل حد انهيار التمثلات الجمعية ... وهو ما يعرفه المجتمع العربي بإسرائيل، حيث يعيش " تغيرا اجتماعيا سريعا وجذريا جعله يتطور بجهة ويتخلف بجهات أخرى".
فالتغيرات المحسوسة كالتغير التكنولوجي، يمكن تبنيها وقبولها أسرع من التغيرات والتجديدات غير المحسوسة، كاللغة أو القيم أو العادات أو المفاهيم أو الدين...الخ. بمعنى أن العلاقات الجنسية ما قبل الزواج مثلا هي مرفوضة، في حين أن إدخال التكنولوجيا للمنزل مقبول ومرغوب فيه.

يتبع بالفصل الثاني


صانعة النهضة 2015-01-16 09:21

رد: "الفوضى التربوية في الوسط العربي: مسؤولية الأسرة والمجتمع"
 
+ بالفصل الثاني ("العلاقة بين التربية، الأسرة والمجتمع")

يقف الكاتب عند جانب المسؤولية بالمجتمع العربي، ويوضح أن "الأسرة والمدرسة والمجتمع لا تتفق على نهج واحد وموحد في بناء الشخصية... وإلا لما اختلفت الشخصيات في المجتمع عن بعضها البعض".


هي وظيفة مشتركة تحمل الخصائص الثقافية الكبرى للمجتمع (لغة، عادات وتقاليد وتراث...الخ)، " لكنها ليست كفيلة في أن تضمن سلوكيات أو أفكار أو أحاسيس موحدة عند الجميع".


الأسرة والوالدين تحديدا هما الأساس الأول في التربية، والمدرسة هي الوكيلة الثانية للتربية الأسرية، المسؤولية فيها للمعلمين "وللسياسة التعليمية المتجسدة في المناهج التعليمية".

بالتالي، فإذا نجح أحد هذه العناصر وفشل الآخر أو فشلا معا، فإن "الفوضى التربوية سوف تكون هي الظاهرة".


ثم يأتي المجتمع، وهو الذي يتوفر "على القنوات الأكثر تأثيرا في حياة الناس الاجتماعية، السياسية، النفسية والتربوية". والمجتمع العربي في إسرائيل يعيش ضمن مجتمع أوسع، "يقع في قلب الحضارات، باعتباره موجودا مباشرة تحت تأثير المجتمع اليهودي المتفتح جدا على الحضارات الغربية، والذي يحتوي أيضا بداخله خليطا من الثقافات الشرقية والغربية، والذي يمارس سياسته على أقليات مستهدفة ومحكمة".


من هنا، فهذا المجتمع يحمل عناصر الحضارة العربية ويعيش، في الآن ذاته، بمجتمع يهودي متشبع بالحضارة الغربية ... ومن هنا أيضا ارتباكه " في تحديد شخصيته وهويته الاجتماعية والسياسية"، إذ أن أبناء الجيل الجديد من العرب في إسرائيل متأثرون بعادات الغرب، بمفاهيمه ومبادئه وأفكاره... مما يجعل تربيتهم صعبة.


ولما كان المجتمع العربي جزء من المجتمع الإسرائيلي (مع أنه لم يحظ بكل الحقوق) ويعمل داخل مؤسساته، فإنه يحمل نمط حياته بامتياز تربويا واجتماعيا وسياسيا وفكريا ونفسيا وحضاريا. بالتالي، فهو يعيش "ضغطا حضاريا" أكثر من أي شعوب الشرق الأوسط، على اعتبار إخضاعه لأساليب وفلسفات تربوية مختلفة تخلق الاضطراب والفوضى لديه.


هذه الفوضى التربوية منشأها الوضعية الانتقالية للمجتمع العربي بإسرائيل بين التقليد والحداثة.


يقول المؤلف بهذا الخصوص: "إن المشكلة في المجتمع العربي هي أن التربية العربية والتربية غير العربية لا يكملان بعضهما البعض، لأن المجتمع نفسه انتقالي لم يجد حتى اليوم معادلة تربوية سليمة تجمع بينهما".


ف"في المجتمع العربي، توجد فئات كبيرة تربي أبناءها على النهج الحديث سرعان ما تتصادم والتيار التقليدي الذي ربى أبناءه على المحافظة والتقاليد دون الحداثة"...هذا التباين في الشخصيات "يخلق معه نوعا من التوتر الاجتماعي وعدم الاتفاق على أسس حياتية واضحة".


ولما كانت الأسرة بالمحصلة، هي المسؤول الأول عن الأبناء،فإن المفروض أن تصهر كل ما يموج من حولها لتصيغ توجها لأبنائها بالمنزل كما بالشارع كما بغيرهما.


+ بالفصل الثالث ("تغير وسائل الضبط الاجتماعي") يذكر الكاتب بأن هذه الوسائل هي "عبارة عن أدوات (ميكانيزمات) التنشئة الاجتماعية الكفيلة بالتزام الفرد لمعايير المجتمع. فلولاها لعمت الفوضى الاجتماعية بين الناس".


في الماضي، يتابع الكاتب،"كان المجتمع العربي يتبع نفس الوظائف (العقاب/الثواب)، فكان للأبناء شخصية مشابهة". لكن تغيرات اليوم فرضت وسائل ضبط جديدة، وعوض العقاب بالضرب مثلا يتم اللجوء للحوار أو لأسلوب الترغيب،مع استمرار الوسائل التقليدية لدى البعض، مما يخلق فوضى تربوية عند فئة أكثر من عند أخرى.


بالتالي، "فالاختلاف في التربية ووسائل الضبط الاجتماعي يرجع إلى نشوء تغير طبقي ملحوظ في المجتمع العربي في إسرائيل. التغير الاجتماعي والاقتصادي أدى إلى نشوء طبقات بورجوازية وأخرى مثقفة على مستوى القرية والمدينة، وكل طبقة لها ميزاتها الثقافية وأساليب حياتها الخاصة بها، أي أسلوب تربية خاص بها. وهذا يظهر بالقرية أكثر من المدن الكبرى (مسكن، ملبس، تعليم...الخ)". ولما كان المجتمع العربي بإسرائيل عبارة عن قرى ومدن صغيرة، فإن "التباين والتنوع في الشخصيات عند أبناء الجيل الجديد يكون ملحوظا أكثر".


من جهة أخرى فلما كان الإنسان العربي بإسرائيل مواطنا،فهو مجبر على احترام القوانين المدنية التي وضعتها الدولة لمواطنيها، مع تمكينه من "اتباع قوانين عرفية في إدارة شؤون حياته الاجتماعية، لكن ليس على حساب القوانين المدنية".


ببداية دولة إسرائيل، كان القانون المدني يحترم القانون العرفي، لكن اليوم فهو مفروض عليه. وعلى الرغم من عدم اندثار القانون العرفي،يقول المؤلف، فإن الجيل الجديد من العرب يفضل التعامل مع القانون المدني، ليس فقط لأنه نشأ وترعرع في ظله، ولكن أيضا لأنه يحميه من جور العادات والتقاليد وجور التسلط الأبوي في البيت أو المدرسة.

بالتالي،وبسبب العديد من القضايا التي رفعها الأبناء على آبائهم أو معلميهم... فإن الأخيرين بدأوا يتعاملون برفق مع الأبناء، كي لا يجدوا أنفسهم "خارجين عن القانون". وكثير من المعلمين طردوا جراء استخدتامهم للعنف الذي عهدوه في مجتمعهم العرفي. من هنا، فإن الآباء لا يستطيعون مثلا منع أبنائهم من تعاطي الخمر أو التدخين أو ممارسة الزنى، لأن القانون المدني يعطيهم الحق في ذلك.


بالمقابل، وفي ظل انفتاح مجالات العمل للرجال والنساء العرب بإسرائيل، فإن ذلك غالبا ما يبعد الوالدين عن أبنائهم ساعات طويلة ولا يستطيعون مراقبتهم، عكس ما كان سائدا بعصر تعاطيهم للزراعة، حيث مراقبة الأبناء وتربيتهم عن كثب.


وإذا كانت العديد من العائلات الميسورة تصرف أموالا باهظة لتعليم أبنائها والعمل على أن يتبوأوا مراتب عليا،فإن النجاح المادي والمعرفي غالبا ما لا يكون منسجما مع التربية السلوكية والأخلاقية...بحكم سيادة "مجتمع التحصيل" المادي الذي لا قيمة للسلوك أو للأخلاق في سلم أولوياته.


إن انتقال المجتمع العربي إلى مجتمع عمالي وصناعي (وقد كان مع بداية إسرائيل، فلاحيا وزراعيا) أبعد الآباء عن أبنائهم وخلق لامبالاة موضوعية لديهم لمراقبتهم... وهو ما أفرز ما يسميه الكاتب "الإفلاس التربوي والاجتماعي".


التضحية من أجل الأبناء لا تزال قائمة، لكن بجهة إعالتهم وتعليمهم وإدماجهم في "مجتمع التحصيل" ليس إلا.


والسبب في ذلك، يقول الكاتب، هو تغير دور المرأة ومكانتها منذ ولجت "معترك الحياة الاجتماعي، الاقتصادي والسياسي". فخروج المرأة للعمل أدى إلى إهمالها لبيتها وأبنائها، وهو ما أدى إلى زعزعة "الأسس التربوية والأخلاقية عند الأبناء، وكذلك ازدياد المشاكل الزوجية التي تصل حد التفكك الأسري".


بالتالي، فالمسألة " ليست من يعتني بالأطفال بعد خروج الأم إلى العمل، وإنما كيفية تعامل الأم معهم إذا كانت عاملة". وهذا عنصر للتغلب على الفوضى التربوية والحفاظ على التوازن التربوي والأخلاقي داخل الأسرة وخارجها.


بالمقابل، فالمفروض أن يكون ثمة تكامل بين التربية الأسرية والتربية المدرسية. لكن بإسرائيل نلاحظ مثلا، يقول الكاتب، أن وزارة المعارف "لا تعطي المدرسة العربية حقا كافيا لأهمية اللغة العربية كهوية وانتماء للقومية والحضارة العربية. كذلك بالنسبة لموضوع الدين الإسلامي والذي لا يعتبر موضوعا إجباريا بالامتحانات". وكذلك الأمر بالنسبة للتاريخ الذي لا يركز كثيرا على الحضارة العربية، قياسا إلى تاريخ أوروبا الوسطى أو تاريخ العالم... في حين يلاحظ أن اللغة العبرية تتمتع بمكانة مميزة بمناهج المدرسة العربية كونها "تهدف إلى فهم ثقافة الشعب اليهودي، والتعرف على آدابه وتاريخه ودينه على أنه شعب عريق الأصل وكبير الشأن في التاريخ".


بالتالي، فما يجعل "الوظائف بين الأسرة والمدرسة متناقضة فيما بينها هو التباعد المبدئي والثقافي/الحضاري بينهما".


ثم هناك، يتابع الكاتب، قلة الأطر التربوية المكملة للأسرة، حيث غالبا ما يكون الشارع هو المكان اللامنهجي الأساسي كفضاء " ترفيهي"، في غياب النوادي والمراكز الشبابية لقضاء وقت الفراغ. وهو ما يجعل تأثير الشارع أقوى على سلوكياتهم وأخلاقياتهم.


من هنا الاستياء العام بالمنزل والمدرسة والمجتمع... فتعم الفوضى التربوية في المجتمع.


ثم هناك، إلى جانب ما سبق، إهمال التربية الدينية الذي ترتب عنه نشوء جيل متمرد، يميل إلى السلوك العلماني أكثر من السلوك الديني، ناهيك عن تضارب اللباس، مما يعني أنه ليس ثمة نمط تربية موحد... وهو ما يؤدي حتما إلى الفوضى التربوية، على الرغم من الصحوة الإسلامية التي بدأت تعيد للمجتمع بعضا من هويته.


ويلاحظ المؤلف أن هناك ثلاثة عناصر أخرى أثرت في سلوك العربي بإسرائيل:


+ الأول هو الاحتكاك، إذ منذ العام 1948 ازداد احتكاك الإنسان العربي بالمجتمع اليهودي، فأثر ذلك على عاداته ومفاهيمه ومبادئه وسلوكياته سيما وأن نقطة اللقاء بينهما هي أيضا العمل والمؤسسات الحكومية والتعليمية ووسائل الإعلام وغيرها. بالمحصلة، بات العربي يقلد اليهودي في المأكل والملبس والعادات والمسكن... فترتب عن ذلك بالتأكيد "صراع أجيال" انتهى الآباء إلى التسليم به.


+ ثم هناك أزمة الهوية السياسية بين "العربي/الإسرائيلي" أو "العربي/الفلسطيني" أو "العربي/المسلم"... على خلفية من استحضار أبعاد القومية أو المواطنة أو الطائفية...،فإذا كان الآباء لا يزالون مرتبطين بهويتهم القومية الفلسطينية، فإن الأبناء يفضلون الديموقراطية والمنافسة الحرة على ذلك،أي يفضلون الأسرلة.


هناك إذن، فوضى في حالة تحديد الهوية وحالة عدم وضوحها... وما هذا في تصور الكاتب "إلا برهان آخر على عمق الأزمة التربوية التي يعاني منها المجتمع العربي اليوم" بإسرائيل.


+ ثم هناك التطور التكنولوجي ووسائل الإعلام التي تؤثر أيضا في تحديد التربية والهوية، لأنها تدخل حياة الفرد والمجتمع والأسرة، وتؤثر على العلاقات الاجتماعية فيما بينهم بشكل مباشر.


العرب بإسرائيل يستخدمون تكنولوجيا المعلومات والاتصال بكثافة (من هاتف وإنترنيت وفضائيات وغيرها)،وهو ما له تداعيات تربوية كبيرة، إذ يتخلص الأبناء بفضلها من الآباء والمدرسة ومن السلط التقليدية...


ولما كان العرب بإسرائيل (باعتبارهم أقلية) لا يتوفرون على منابر إعلامية تعكس ثقافتهم وحضارتهم وتعالج مشاكلهم، فإن هذا الرافد التربوي غالبا ما تستأثر به إسرائيل كما استأثرت بالفرد والأسرة والمجتمع... وبالأرض أيضا من ذي قبل.
يحيى اليحياوي

خادم المنتدى 2015-01-24 20:26

رد: "الفوضى التربوية في الوسط العربي: مسؤولية الأسرة والمجتمع"
 
-****************-
شكرا جزيلا لك..بارك الله فيك...
-*****************-

عيون المها 2015-01-31 23:09

رد: "الفوضى التربوية في الوسط العربي: مسؤولية الأسرة والمجتمع"
 
الف شكر على هذه الاطلالة القيمة على هذاالكتاب

و لا اخفيك سرا فانا اشاطرالمؤلف الراي و خاصة

مسؤولية الاسرة التي كما يبدو قد قدمت استقالتها

و تركت الحبل على الغارب


الشريف السلاوي 2015-02-01 20:20

رد: "الفوضى التربوية في الوسط العربي: مسؤولية الأسرة والمجتمع"
 
شكرا جزيلا و بارك الله فيك على التقاسم المفيد


الساعة الآن 09:25

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd