منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى النقاش والحوار الهادف (https://www.profvb.com/vb/f65.html)
-   -   حكاية الاستاذة والتلميذ بوعزة .... (https://www.profvb.com/vb/t155610.html)

محسن الاكرمين 2015-01-01 19:09

حكاية الاستاذة والتلميذ بوعزة ....
 
حكاية الأستاذة والتلميذ بوعزة



رغم التجربة التي راكمتها الأستاذة بتدريسها لجميع المستويات المدرسية ، فقد وقفت عاجزة أمام معالجة التعثرات الدراسية للتلميذ بوعزة . انه التلميذ الآتي إلى المدرسة من حي التهميش والهشاشة والسكن القصديري . ومع مرور الأيام شكلت وضعية بوعزة التعليمة للأستاذة أزمة مهنية وفشلت كل الفشل في بناء تعلماته بكل يسر بموازاة مع أقرانه بالفصل الدراسي . و بعد تجريبها لجميع طرق التربية وعلم النفس الوطنية والدولية والتقليدية منها لإرجاعه إلى صف النجباء أو جره لفئة التعثرات البسيطة ،إلا أن جميع المحاولات اليائسة باءت بالفشل الذريع ، وأصبحت تعيش لحظة إحباط عملي مادامت قد أنزلت سلاحها أمام تعثرات بوعزة المسكين . يوما عن يوم يزداد غيظ الأستاذة تجاه وضعية بوعزة ، وأخيرا قررت استدعاء أمه .
حضرت الأم المسكينة والتي لا تفقه من التعليم إلا اسم المدرسة "الشكويلة " ، والتقت بأستاذة ابنها بوعزة لأول مرة . بعد التحية والتي مارستها الأم وكأنها ستقبل يد الأستاذة احتراما وتقديرا لها ، انطلقت هذه الأخيرة ملقية اللوم على الأم والأسرة والتي لا تتبع دراسة ابنها ولا تهتم بدعم تعلماته منزليا...وغير ما مرة حاولت الأم تبرير وضعية ابنها البكر بوعزة ووضعية الأسرة الاجتماعية ، ولكن الأمر كان يلاقي شدة في الكلام وغلظة سلوكية ونفيا تاما لمبررات الآخر . احمر وجه الأم خجلا وكأن عتاب الأستاذة موجه إليها من حيث "من هذاك لعوييد ،راه من هذيك الشجرة" سكتت الأم وتركت الأستاذة تتمادى في خطابها لعلها تعطف لحالها وحال ابنها ... الى أن وصل الأمر إلى اعتبار موت بوعزة خير من حياته ... هنا سال كأس الصبر وعرفت الأم ان مستقبل ابنها لن يتم خبزه بين يدي تلك الأستاذة القاسية . فأحكمت قبضتها على يد ابنها المسكين ثم غادرت "الشكويلة " وهي في حالة يأس من لفظ المدرسة لبوعزة ومن قساوة النظام التعليمي ...
بعد ترك التلميذ بوعزة الفصل الدراسي ارتاحت الأستاذة من موضع طاولة بوعزة معلنة للجميع بالمدرسة أن سد الإخفاق انقطع عن فصلها الدراسي .
مرت الأيام بتوالي السنين واشتعل رأس الأستاذة شيبا وتجعد وجهها، وتورمت عظام مفاصلها . وفي يوم من الأيام أصيبت بنوبة قلبية ، نقلت إثرها إلى المستشفى ...وفيه لاقت الأستاذة العناية اللائقة وخضعت لعملية جراحية على صمام القلب كللت بالنجاح .
وفي قاعة العناية المركزة استفاقت الأستاذة وقد بدا أمد عمرها يتمدد ، ولأول لمحة رأت شابا وسيما وأنيقا في بذلة (أبقراط) إنه الدكتور الذي أجرى العملية لها . ابتسمت ابتسامة العائدة من كناش شواهد الوفاة ،حين ذاك اقترب الدكتور الجراح منها وألقى عليها التحية ، لكن ملامحها تغيرت وارتبكت في كلامها ،وشدها الاحمرار ...خجل الدكتور الجراح من حالتها واقترب منها بالدنو لسماع صوتها الخافت ...لكنها لم تستطع نطق كلمة واحدة وهي تريد أن تبوح إليه بسر، ولم يفهم من شفتيها غير "بو..." ...فلم يمهلها الموت لحظة واشتعل صفير الآلة معلنة بتوقف قلبها من الخفقان . يا لها من صدفة عجيبة بئيسة ، نجحت العملية وانتهت بالموت المفاجئ .لكن الأمر الغريب الذي لم تستطع الأستاذة البوح به للدكتور هو سر التلميذ بوعزة . كلكم سادتي عرفتم السر الذي قتل الأستاذة رغم نجاح العملية التي أجرتها على القلب ، إنه بوعزة وما أدراك من بوعزة . حتى أنا في كتابتي عرفت أن الدكتور في وسامته ورعايته للأستاذة وتتبع حالتها الصحية هو بوعزة بعد طول سنين الفراق منذ طرده من المدرسة ذليلا . لكني غير ت رأيي بسرعة عندما رأيت عامل النظافة بالمستشفى ينزع موصل الكهرباء عن آلة الإنعاش ويضع شاحن هاتفه النقال . إنه هو ، هو بوعزة عامل النظافة وليس الدكتور ،إنه بوعزة الذي قتل الأستاذة ليشحن هاتفه ... هنا عرفت لما احمر وجه المرأة المسكينة وتقطعت أنفاسها ...هنا نعرف جميعا ماذا كانت تريد أن تفصح به الأستاذة للدكتور... فرحمة عليك أيتها الأستاذة ....رحمة عليك ومغفرة لك حين ألقيت ببوعزة نحو المجهول ، بجهل الذي كبرمعه ...فلو انتبها إلى بوعزة ومن ماثله وعالجناه بصدق المعاملة والدعم والرعاية التربوية لتعلم درس الكهرباء ، ولم يستخف بآلة الإنعاش بحذف موصل الكهرباء إليها وتعويضه بشاحن هاتفه رغم أنه لا يستعمله وليس في حاجة إليه .

ذ محسن الأكرمين (فكرة مقتبسة ) : [email protected]

صانعة النهضة 2015-01-06 09:38

رد: حكاية الاستاذة والتلميذ بوعزة ....
 
تبارك الله عليك أخي محسن
فهذه القصة من فكرة مقتبسة يمكن أن تكون حقيقية ،بل هي في كثير من الأحيان حقيقة نراها ونلمسها
التلميذ ...ذلك الكائن الصغير سيصبح يوما كبيرا وسيكون عضوا في المجتمع ،والمدرسة تلعب دورا جوهريا -بعد التنشئة الإجتماعية - في تحديد نمط هذا العضو،إما ستدفعه ليكون عضوا إيجابيا ومواطنا صالحا ...وإما العكس ستحطمه ليصيح شخصا عدوانيا ،هادما أكثر منه مصلحا ،عدوا أكثر منه صديقا...
وهذه العداوة لا يستقصدها ،إذ يصبح عدوا لنفسه بالدرجة الأولى دون أن يدري وأن يعي ،فالأشخاص المتمردون على المجتمع والذين يلجؤون إلى الشارع كبديل لهم عن لبنة الأسرة هم في الحقيقة يعادون ذواتهم ،

لذلك على المدرسة أن تعي دورها الريادي في تكوين شخصية التلميذ المستقبلية ،فإن احتضنته وأشعرته بوجوده وقيمته لابد أنه سيعي يوما (إن آجلا أو عاجلا) سيعي قيمته وسيفكر بعقله وعواطفه ليستقر به الحال في إصلاح نفسه ليصبح مواطنا سينتمي للمجتمع ،وحين يحس بالإنتماء سيجتبب كل ما من شأنه إذاية الناس وإذاية نفسه .

أما إن رمته المدرسة خارج أبوابها ،وأحسته بأنه يعيش على هامش المجتمع ،غير مقبول فيه فبدون شعور سيجد نفسه ينتقم من المجتمع وافراده انتقاما.
وبالتالي تكون المدرسة ترسل إلى الشارع قنابل موقوتة قد تنفجر في كل وقت.
وهذه القنابل الموقوتة قد تنفجر في كل مجال من المجالات السياسية والدينية منها (الإنتساب للجماعات المتطرفة والإرهابية ...) أو الإجتماعية (الجريمة والسرقة والتشرميل ...) أو الفكرية والثقافية ...

بالنسبة للقصة التي وضعتها بين أيدينا ،أخي محسن ومن خلال نظرتي وتحليلي الشخصي ،أمام هذا الشاب بوعزة خيارين اثنين لتصرفه هذا:

الخيار الأول :أن يكون الجهل وعدم الوعي الذين جاءا نتيجة عدم الدراسة وانقطاعه عنها بسبب الأستاذة الغير متفهمة والغير صبورة ...فكانت النتيجة أنها ماتت بسبب خطئها وسوء تقديرها وكأنها حفرت حفرة لنفسها فالجهل الذي بقي داخله جعله لا يميز بين حاجة المريضة للكهرباء وبين حاجته له في شحن هاتفه التافه....بقي كل شيء في رأيه تافها غير آبه بضرورات وأولويات الحياة .


ولكن الخيار الثاني أجده أقوى :أستحضر فيه رائحة الإنتقام ،فلو عرف بوعزة أن هذه المريضة هي أستاذته العدوة اللذوذة التي جرحت كرامته واعتدت عليه وتقبحت واستهزأت ...سيفكر في قتلها لا محالة بكل أسلوب موجود أمامه ،ولعل أسهل أسلوب هو إزالة شحن الأجهزة الطبية ...





محسن الاكرمين 2015-01-06 14:22

رد: حكاية الاستاذة والتلميذ بوعزة ....
 
"الخيار الأول :أن يكون الجهل وعدم الوعي الذين جاءا نتيجة عدم الدراسة وانقطاعه عنها بسبب الأستاذة الغير متفهمة والغير صبورة ...فكانت النتيجة أنها ماتت بسبب خطئها وسوء تقديرها وكأنها حفرت حفرة لنفسها فالجهل الذي بقي داخله جعله لا يميز بين حاجة المريضة للكهرباء وبين حاجته له في شحن هاتفه التافه....بقي كل شيء في رأيه تافها غير آبه بضرورات وأولويات الحياة ."

تحياتي
اجمل ما في الفكرة انها تحرك علامات الاستفهام وتدفع بالمتتلقي الى انتاج التمثلات الاولية ... لا ارى في الانتقام سبيلا يدفع ببوعزة الى نزع موصل الكهرباء ...وانما الجهل الذي طوح به مبكرا الى الشارع ، والامية التي انتجت منه عامل نظافة ...

تحياتي اختي الكريمة صانعة النهضة



صانعة النهضة 2015-01-06 16:35

رد: حكاية الاستاذة والتلميذ بوعزة ....
 
حبذا لو يكون خيال الأستاذ واعدا يشتغل مائة في المائة
لو كان كذلك لاستطاع الأستاذ كلما دخل عليه فوج من التلاميذ الصغار يتخيلهم رجالا أمامه ،يتخيل كل واحد منهم بشخصية معينة ،يتخيل أحدهم رئيس عصابة،وأحدهم عامل النافة ،وأحدهم موظفا محترما في إدارة عمومية يلجأ إليها لقضاء مصالحه ...
يتخيل (وما أوسع الخيال ) أن هذا الطفل البريئ سيصبح طبيبا متخصصا ينقذ حياته يوما من مرض عضال...

لو أننا وسعنا خيالنا ...بالتأكيد سنتعامل مع تلامذتنا ككائنات لها كيانها ولها شخصيتها المستقلة

إنها النظرة الإيجابية التي نفتقدها
فهل لأن الخيال لا يعرف طريقه إلينا ؟؟؟

كل التحايا أخي محسن


بالتوفيق 2015-01-29 19:27

رد: حكاية الاستاذة والتلميذ بوعزة ....
 
قصة محبوكة بأسلوب حيّ مباشر مشوّق

مغزاها تعليمي هادف و يرنو إلى إبراز مخلّفات الجهل

كما تبرز دوران الزمان و تأثيره المتعاقب


شكرا جزيلا لكم على الحبكة القصصية و على التحليل المواكب



الساعة الآن 20:47

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd