منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   ميراث الأنبياء والسلف الصالح (https://www.profvb.com/vb/f349.html)
-   -   مع لقمان الحكيم (https://www.profvb.com/vb/t155008.html)

خادم المنتدى 2020-05-06 01:16


من هو لقمان الحكيم؟

لقمان الحكيم كان عبدا حكيما ،ذُكر في القرآن واطلق اسمه على سورة لقمان ، وقد عاصر داود وعرف بالحكيم ، ولد وعاش في بلاد النوبة.

وصايا لقمان هي إحدى القصص القرآني التي تتكلم عن حكمة لقمان, وصايا لقمان تتمثل في الحكمة التي وهبها الله للقمان الحكيم. وصايا لقمان تعتبر لدى المسلمين من اروع الحكم والمواعظ ,إذ كانت حكمه تأتي في مواضعها. و يقال حسب كتب التفسير ان لقمان كان أهون مملوك على سيده، ولكن اللّه تعالى منّ عليه بالحكمة فغدا أفضلهم لديه.

نسبه وعمله
هو لقمان بن ياعور ابن اخت أيوب، أو ابن خالته، وهو من أسوان بمصر, و قد قال فيه خالد ابن الربيع انه كان نجارا وقيل انه كان خياطا وقيل انه كان راعيا، وقد عاصر داوود وأخذ منه العلم وقد اعطاه الله الحكمة عندها.

جعله خليفة بالأرض
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "(إن لقمان كان عبداً كثير التفكر، حسن الظن، كثير الصمت، أحب الله فأحبه الله تعالى، فمن عليه بالحكمة)
ولم يكن نبياً عند الجمهور وقال ابن عمر رضي الله عنهما: سمعت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (لم يكن لقمان نبياً، ولكن كان عبداً كثير التفكير، وحسن اليقين، أحب الله فأحبه، فمنَّ عليه بالحكمة، وخيره في ان يجعله خليفة يحكم بالحق، فقال: رب إن خيرتني قبلت العافية
https://www.profvb.com/vb/images/editor/menupop.gifوتركت البلاء، وإن عزمت علي فسمعاً وطاعة فإنك ستعصمني)،

وأخرج الإمام الترمذي في نوادر الأصول عن أبي مسلم الخولاني رضي الله عنه، قال، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إن لقمان كان عبداً كثير التفكر، حسن الظن، كثير الصمت، أحب الله فأحبه الله تعالى، فمن عليه بالحكمة. نودي بالخلافة قبل داود عليه السلام، فقيل له يا لقمان، هل لك ان يجعلك الله خليفة تحكم بين الناس بالحق؟ قال لقمان: إن أجبرني ربي عزَّ وجل قبلت، فإني أعلم أنه إن فعل ذلك أعانني وعلمني وعصمني، وإن خيرني ربي قبلت العافية ولا أسأل البلاء،

فقالت الملائكة: يا لقمان لِمَ؟ قال: لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها، يغشاه الظلم من كل مكان، فيخذل أو يعان، فإن أصاب فبالحري أن ينجو، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكون في الدنيا ذليلاً خير من أن يكون شريفاً ضائعاً، ومن يختار الدنيا على الآخرة فاتته الدنيا ولا يصير إلى ملك الآخرة.

فعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة فغط بالحكمة غطا، فانتبه فتكلم بها)، وكان لقمان قاضيا في بني إسرائيل، نوبيا أسود مشقق الرجلين ذا مشافر، قاله سعيد ابن المسيب، ومجاهد، وابن عباس، وقال له رجل كان قد رعى معه الغنم: ما بلغك يا لقمان ما أرى؟ قال

: صدق الحديث والصمت عما لا يعنيني، وقال ابن المسيب: كان من سودان مصر، من النوبة، وقال خالد بن الربيع: كان نجاراً، وقيل: كان خياطاً، وقيل: كان راعياً.ويقال بأن قبر لقمان الحكيم عند طبرية...والله أعلم..

حكمته
المشهور عن الجمهور أنه كان حكيما وليا ولم يكن نبيا وقد ذكره الله تعالى في القرآن فأثنى عليه وحكى من كلامه فيما وعظ به ولده الذي هو أحب الخلق إليه وهو أشفق الناس عليه فكان من أول ما وعظ به أن قال يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم فنهاه عنه وحذره منه.
حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال لما نزلت آية: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ...) شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أينا لم يلبس إيمانه بظلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه ليس بذاك ألم تسمع إلى قول لقمان يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم. متفق عليه

موعظة لقمان الحكيم كما وردت في القرآن الكريم

إن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يذكّر وأن يعظ، فقال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} [النساء:63]، وقد امتثل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأمر من ربه، فكان يعظ خير المواعظ، حتى إن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: (وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظةً بليغةً وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله! كأنها موعظة مودع فأوصنا فذكر الحديث

وكان الوعظ أيضاً من شأن الأنبياء عموماً، فقد خرج نبي الله موسى عليه السلام ذات يوم إلى بني إسرائيل فوعظهم موعظة بليغة حتى ذرفت الدموع على اللحى، فكان -ولا يزال- الوعظ عملاً مأموراً به أمر الله به في كتابه، وفعله رسولنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم في سنته.

وخير وعظ دوماً وعظ يستقى وتستقى مادته من كتاب ربنا ومن سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، إذ الله قال: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق:45]، وقال تعالى: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} [الجاثية:6].

بين أيدينا موعظة لقمان الحكيم لابنه، وبين يدي الموعظة يقدم ربنا سبحانه وتعالى ثناءً على الواعظ حتى تتقبل موعظته، وتبلغ محلها من القلوب، فيقول تعالى مقدماً تلك الموعظة: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [لقمان:12]، يثني ربنا سبحانه وتعالى على الواعظ الحكيم لقمان فيقدم مقدمةً بين يدي تلك الموعظة بقوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} [لقمان:12].

فيذكر ربنا أنه آتى لقمان الحكمة؛ فعلى ذلك يستعد لاستقبال ما يعظ به لقمان، فالذي أثنى عليه هو ربه تبارك وتعالى، فمن ثمّ ينبغي أن تستقبل موعظته بآذان صاغية واعية.

أما عن لقمان فلم يرد له ذكرٌ في الكتاب العزيز إلا في هذا الموضع، ولم يرد له ذكرٌ في الثابت الصحيح -فيما علمت- من سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلا في حديث ضعيف: (خير السودان ثلاثة: بلال ولقمان ومهجع مولى عمر بن الخطاب) رضي الله عنه، إلا أن الخبر لا يثبت، فعلى هذا يكتفى بتعريف لقمان من الوارد في هذه الآيات، بيد أن روايات من الموقوفات على الصحابة أو التابعين ومن الإسرائيليات أفادت مطلقةً على ذلك أن لقمان كان عبداً أسود حبشياً قصيراً ذا مشافر -أي: شفاه عظيمة- عظيم القدمين مشقق القدمين، فهذه كلها في الجملة في نظرنا صفات دمامة، إلا أن الحكمة غطت هذا كله، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13].

فهو وإن كان أفطس الأنف أسود الوجه ذا مشافر مشقق القدمين لكن الحديث يقول: (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وإلى أعمالكم)، وقال صلى الله عليه وسلم: (التقوى هاهنا) -وأشار صلوات ربي وسلامه عليه إلى صدره ثلاث مرار.
قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} [لقمان:12]، فنعم ما أوتي لقمان؛ إذ الله تعالى قال: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرً} [البقرة:269]، ونبي الله قال: (من يرد الله به خيراً يفقه في الدين).

وكل نعمة تحتاج إلى شكرٍ يلائمها ويناسبها، فقال تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ} [لقمان:12] أي: حتى تزداد عليك هذه النعم قدم لله شكراً يوازيها، وقدم لله شكراً يكافئها.

فحتى تزداد علينا نعم ربنا يلزمنا أن نقدم لها شكرا، قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:7].
قال تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} [لقمان:12]، عائدة شكرك فعائدة عليك، وشكرك عائدٌ أثره الجميل عليك، وإلا فالله غني عن العالمين، قال تعالى: {وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [لقمان:12]، فإن الله غني عنه وعن شكره، حميدٌ للشاكرين.

حث لقمان ولده على التواضع
يقول لقمان لولده ناهياً عن الكبر حاثا على التواضع: {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} [لقمان:18] أي: لا تكلم الناس وأنت معرضٌ عنهم بوجهك، بل كلمهم وأنت مقبل بوجهك عليهم.

كما قال عليه الصلاة والسلام: (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط)، قال: {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} [لقمان:18]، بل كلمهم ببشاشة وطلاقة وجهٍِ وإقبالٍ عليهم، فهكذا يعلم لقمان ولده.
قال تعالى عن لقمان: {وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحً} [لقمان:18] أي: لا تمش مختالاً متعالياً، إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [لقمان:18] قال تعالى عن لقمان: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} [لقمان:19]، والمراد: الاعتدال في المشي غير الإسراع الزائد المخل بالتوازن، وغير مشية البطيء المتمارض، وهذا وجهٌ، كما قال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامً} [الفرقان:63]، فالمشي المتوسط مشي لا تكاد معه تسقط ويختل منك التوازن، ولا مشية المريض المتباطئ، بل التوسط مطلوب.

وهناك وجهٌ آخر أن المعنى: (واقصد في مشيك)، أي: اقتصد في أعمالك فالاقتصاد والسمت الحسن جزءٌ من ستة وأربعين جزءاً من النبوة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام.

قال تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان:19]، فليس من الأدب رفع الصوت.
قال فريق من العلماء: إن الحمار يبدأ بزفيرٍ لا يبدأ بشهيق، فيكون صوته أسوأ الأصوات وأعلاها، ورفع الصوت تشبه عن التشبه بالحمير.

فالوصايا بدأت بعظائم الأمور، فبدأت بالنهي عن الشرك، وانتهت بآداب وأخلاق ومعاملات، وصدق سلمان لما قالت له اليهود: يا سلمان! نرى نبيكم يعلمكم كل شيء، فهل علمكم الخراءة -أي: كيف تقضون الحاجة-؟ قال: أجل علمنا نبينا كل شيء، وعلمنا نبينا كيف نقضي حاجتنا إذا دخلنا الخلاء.

وذكر طرفا من آداب ذلك ومنه: (ألا نستقبل القبلة ببول أو غائط ولا تستدبر، ولا نستنجى باليمين، وعلمنا الإيتار عند الاستنجاء)، وذكر جملة الآداب رضي الله تعالى عنه.

فهذا وعظٌ مستقى من كتاب ربكم، فاقرءوا كتاب الله قراءة المتدبر الذي يريد أن يعمل، لا قراءة المتصفح المتفكه بما في الكتاب من قصص وحكايات، بل اقرءوا كتاب ربكم قراءة العامل المتدبر، وقراءة قارئٌ يقرأ ليفقه ثم ليعمل، ثم لينجو أمام ربه، وليكون القرآن حجة له لا عليه، أسأله جل وعلا أن يجعل كتابه حجة لنا جميعاً لا حجة علينا.

أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قال تعالى عن لقمان: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ} [لقمان:17].
الصلاة هي عمود الدين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فهي أعظم ركنٍ بعد الشهادتين.
قال تعالى: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ} [لقمان:17]، أي: لا تتقاعس يا بني عن الأمر بالمعروف، بل أمر بالمعروف وانهَ عن المنكر، ولا تترك -يا بني- الفساد يستشري، وذكّر الناس بأمر الله، وحذرهم من معصيته، ولا تكن جباناً خواراً ضعيفاً، ولا تكن ساكتاً عن الحق.

والأمر والنهي يستتبعان في الغالب ابتلاءات، فهنا تأتي الوصية بالصبر: (واصبر على ما أصابك).
أي: يا بني! إن أمرت بمعروف أو نهيت عن منكر فابتليت -وأنت تلزم الحكمة والموعظة الحسنة- فاصبر على ما أصابك، كقوله تعالى: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:1-3].

فالتواصي بالحق يستتبع بلاءً، فمن ثم جاء الحض على التواصي بالصبر، فدع الجبن جانبا.

فيا معشر الدعاة دعوا الجبن جانباً، ودعوا الخور جانباً، إن الطيب عند الله هو الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والمقيم لحدود الله، أما الساكتون عن الحق فهؤلاء شياطين، والذين يرون المنكرات ويقرونها ولا تهتز لهم شعرة وحدود الله تنتهك وأوامر الله تضيع ليس لهم من الأجر نصيب.

إن أمة محمد فضلت على سائر الأمم بقول الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110].

ولقد حث ربنا على الأمر بالمعروف وذكّر به، قال تعالى في كتابه الكريم: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:104].
وقال تعالى: {فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ} [هود:116]، ومعنى (أولوا بقية) أي: من صلاح، فالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ينجيه الله تعالى.

وقال عليه الصلاة والسلام: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)، فلماذا ترضون بالدنية في دينكم وتختارون دوماً حالات أضعف الإيمان؟ ولماذا تؤثرون أضعف الإيمان في كل الحالات وقد علمتم أن الآمر الناهي ناجٍ بإذن الله، قال تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف:165].

تعريف لقمان ابنه بسعة علم الله
يقول لقمان: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان:16]، فيبين لقمان لولده سعة علم الله سبحانه وتعالى وإحاطته بجميع الأمور، فيقول لولده -وهكذا ينبغي أن نعلم أولادنا، ونعرفهم بربنا-: (يا بني إنها) أي: المعمولة سواءٌ أكانت خطيئة أو حسنة: {إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ} [لقمان:16] أي: فتكن عملت في صخرة: أي: عملتها وأنت داخل صخرةٍ أحاطت بك من جميع جوانبها (أو في السموات أو في الأرض) أي: عملت في صخرة.
أو في السماوات، أو في أي مكان في السماوات، أو في أي مكان في الأرض (يأت بها الله) أي: توافى بها يوم القيامة، فأي سيئةٍ عملت في قاع البحار، أو وراء أبواب قد أوصدت، وفي غرف قد أغلقت (يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)، فهكذا يعرّف لقمان ولده بربه سبحانه، وهكذا ينبغي أن نعرف أولادنا بربهم وخالقهم، وسعة علمه وإحاطته وعظيم فصله وقضائه وقدره، وأن الأمر كله إلى الله، فهو الذي يعز ويذل، وهو الذي يرفع ويخفض، وهو الذي يوفقك -يا بني- في الامتحانات، وهو الذي يخذلك إن عصيته، فهكذا نعرف أبناءنا بربنا وخالقنا.

أول وصايا لقمان لابنه
بدأت استهلالات تلك الموعظة، بقول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ} [لقمان:13] أي: واذكر أيها الذاكر، واذكر يا رسول الله، واذكر يا من تتلو كتاب الله: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:13]، هذه أولى وصايا لقمان عليه السلام وأولى وصايا الأنبياء، وآخر وصاياهم كذلك، قال تعالى: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة:133].

وفي وصيته أيضاً قال الله تعالى عنه: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة:132]، فبدأ لقمان في وصيته محذراً من الشرك الذي يحبط الأعمال جميعها، قائلاً: {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:13].
قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ} [لقمان:14]، ولم يجر هذا على لسان لقمان لحكمة بليغةٍ إذ هو الذي يعظ، فلا يعظ لتعود عليه عائدة من وعظه، حتى لا يُفهم أمره على غير وجهه، فجاءت الوصية بالوالدين من غير لقمان وهو الله تعالى.
قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان:14]، جاء بالتذكير بالوالدة بعد الوالدين؛ إذ هي أحق الناس بحسن الصحبة -كما قال صلى الله عليه وسلم- وقد سئل: (من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال: أمك.
قال: ثم من؟ قال: أمك.
قال ثم من؟ قال: أمك.
قال ثم من؟ قال: أبوك).
والوصايا بالوالدين تكررت كثيراً في كتاب ربكم، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانً} [الإسراء:23]، وقال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانً} [النساء:36].
وفي الحديث: (أي العمل أفضل يا رسول الله؟ قال: الصلاة على وقتها.
قيل: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قيل: ثم أي؟ قال: ال**** في سبيل الله)، فَقُدّم بر الوالدين على ال**** معشر الكرام، وكذا في أبواب الجرائم، في الحديث: (أي الذنب أعظم؟ قيل: الشرك بالله، قال: ماذا؟ قال: ثم عقوق الوالدين.
وكان متكئاً فجلس.
فقال: ألا وقول الزور.
ألا وقول الزور.
ألا وقول الزور، فما زال يكررها حتى قال الصحابة: ليته سكت)، فبر الوالدين عملٌ يستشفع به لدفع البلايا والمصائب، و تعلمون أن الثلاثة أصحاب الغار فرّج عنهم بأعمالهم، وكان عمل أحدهم بره بوالديه، وأويس الذي كان به برص دعا الله فشفاه من البرص بسبب بره بوالدته، والنصوص في هذا متظافرة متكاثرة.

قال تعالى: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} [لقمان:14] أي: ضعفاً على ضعف، قال تعالى: {وَفِصَالُهُ في عامين} [لقمان:14] أي: وفطامه في عامين، وهو آخر أمد من الرضاعة كما قال الجمهور من العلماء، فكل رضاعةٍ بعد الحولين لا تحرم على الصحيح من قول الجماهير.

قال تعالى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان:14]، فقدم شكراً -أيها المرء- لربك، ثم قدم شكراً لوالديك.

ثم قال تعالى مبيناً أمراً: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفً} [لقمان:15]، فطاعة الله فوق كل طاعة، ثم طاعة رسول الله عليه الصلاة والسلام من طاعة الله، وهي فوق كل طاعة كذلك، ونزلت الآية في سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، وهي قوله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَ} [لقمان:15]، فقد أسلم سعد وكان من السابقين رضي الله عنه، وأبت أمه إلا الكفر، فدعته فقالت له: يا سعد: يا بنيّ: ما هذا الدين الذي اعتنقت؟ -وكان بارّاً بأمه- لتراجعن نفسك، ولترجعن عن دينك أو لأمتنعن عن الطعام وعن الشراب حتى أموت فتعيّر ويقال لك: يا قاتل أمه.

فقال لها سعد: يا أمي! لن أرجع عن ديني -إن شاء الله- ما حييت، فامتنعت عن الطعام يوماً وليلة، فأصبحت وقد أجهدت، ثم واصلت الامتناع يوماً آخر وليلة، ويوماً ثالثاً وليلة، حتى كانوا يفتحون فمها بالقوة ويصبون لها الطعام والشراب، ففي بعض الروايات عند الطبراني أنه قال: والله -يا أميّ- لو أن لك مائة نفس، فخرجت نفساً نفسا ما تركت دين محمد، فكلي إن شئت أو لا تأكلي، فأكلت.
وفي ذلك نزلت: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَ} [لقمان:15]، فلا طاعة في معصية الله، ولكن مع ذلك: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفً} [لقمان:15]، ثم قال تعالى: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} [لقمان:15] أي: اسلك سبيل الصالحين، اقتفِ آثار الصالحين، اعمل كعمل الصالحين، كما قال تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام:90]، وكما قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرً} [النساء:115]، فللمؤمنين سبيلٌ ينبغي أن يُسلك.
يقول تعالى: {ثم إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان:15]، أي: مرجع المطيعين وكذا مرجع العصاة، وإليّ مرجع الآباء وكذا مرجع الأبناء، {فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ





وقبل الإدلاء بنصوص الحكمة التي نشرت عن لقمان الحكيم إليكم هذه القولة:

قيل : خير السودان ثلاث رجال :

لقمان بن باعوراء.

وبلال بن رباح المؤذن : الذي عذب في الله ، وهو يقول : أحد أحد .

والنجاشي : ملك الحبشة .

خادم المنتدى 2020-05-06 01:18

رد: مع لقمان الحكيم
 

نصوص الحكمة التي نشرت عن لقمان الحكيم


نصوص من حكمة لقمان

يا بني ! ارج الله رجاءً لا تأمن فيه مكره، وخاف الله مخافة لا تيأس بها رحمته.
يا بني ! أكثر من قول : رب اغفر لي، فإن لله ساعة لا يُردُّ فيها سائل.
يا بني ! إن العمل لا يستطاع إلا باليقين، ومن يضعف يقينه يضعف عمله.

يا بني ! إذا جاءك الشيطان من قبل الشك والريبة فاغلبه باليقين، وإذا جاءك من قبل السآمة فاغلبه بذكر القبر والقيامة، وإذا جاءك من قبل الرغبة والرهبة فأخبره أن الدنيا مفارقةُ متروكة.

يا بني ! اتخذ تقوى الله تجارةً، يأتيك الربح من غير بضاعة.
يا بني ! إياك والكذب، فإنه شهي كلحم العصفور، عما قليل يقلى صاحبه.
يا بني ! لا تأكل شبعاً على شبع، فإنك إن تلقه للكلب خيرٌ من أن تأكله.

يا بني ! لا تكن حلواً فتبلع، ولا مراً فتلفظ.
يا بني ! لا تؤخر التوبة فأن الموت يأتي بغتة.
يا بني ! اتق الله، ولا تُر الناس أنك تخشى الله ليكرموك بذلك وقلبك فاجر.
يا بني ! ما ندمت على الصمت قط. وإن كان الكلام من الفضة كان السكوت من الذهب.

يا بني ! اعتزل الشر كيما يعتزلك، فإن الشر للشر خلق.
يا بني ! اختر المجالس على عينك، فإذا رأيت المجلس يُذكرُ الله عز وجل فيه فاجلس معهم،

فإنك إن تك عالماً ينفعك علمك وإن تك عييًّا يعلموك، وان يطلع الله عز وجل إليهم برحمة تصبك معهم.
يا بني ! ليكن لك علو الهمة في طلب الجنة والعزم للشهادة في سبيل الله.

يا بني ! انصب رايتك راية الحق ورباطك في سبيل الله خير من خير في الدنيا.
يا بني ! انزل نفسك منزلة من لا حاجة له بك ولا بدَّ لك منه.
يا بني ! إن الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك.

يا بني ! جالس العلماء وزاحمهم بركبتك، فإن الله ليحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء.

يا بني ! امتنع مما يخرج من فيك، فإن ما سكتَّ سالم وإنما ينبغي لك من القول ما ينفعك.

يا بني ! إنك منذ نزلت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الأخرى. فدارٌ أنت إليها تسير أقرب من دارٍ أنت عنها تباعد.
يا بني ! إياك والدَّين، فإنه ذلُّ النهار همّ الليل.

يا بني ! لا يأكل طعامك إلا الأتقياء، وشاور في أمرك الحكماء.
يا بني ! من كذب ذهب ماء وجهه، ومن ساء خلقه كثر غمه.
يا بني ! نقل الصخور من مواضعها أيسر من إفهام من لا يفهم.

يا بني ! إعلم بأن الجهاد ذروة سنام الإسلام.



https://s-media-cache-ak0.pinimg.com...1a4c1a1804.jpg


الساعة الآن 09:48

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd