منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   السيرة النبوية (https://www.profvb.com/vb/f41.html)
-   -   في رحاب الحب النبوي:سيرة عطرة (https://www.profvb.com/vb/t154511.html)

صانعة النهضة 2014-12-02 17:48

في رحاب الحب النبوي:سيرة عطرة
 

في رحاب الحب النبوي:سيرة عطرة

http://www.sheekh-3arb.net/islam//Li...ent/item17.gif


الحمد لله الأحد الصمد , الذي لم يلد ولم يولد , ولم يكن له كفواً أحد , ذي الجلال والإكرام , والأسماء والصفات العظام , شهدت له بالربوبية جميع مخلوقاته , وأقرت له بالإلهية جميع مصنوعاته , والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء , وسيد الأصفياء , وأكرم من مشي تحت أديم السماء , محمد بن عبدالله شرح الله صدره , ووضع عنه وزره , ورفع له ذكره فلا يُذكر عز وجل إلا ذُكر معه في الأذان والتشهد والخطب , بعثه كافة للناس ورحمة للعالمين , وتكفل جل شأنه بسعادة الدارين لمن أحبه واتبع سبيله ووقره وعزره .

أما بعد : فإن الحديث عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حديث عظيم وشائق , فهو حديث عن أكرم من وُلِد وأعزّ من فُقِد وأفضل عبادِ الله تعالى خلقاً وخُلُقاً , أخرج الله تعالى به العباد من ظلمات الجهل ودركات الشقاء إلى نور الإيمان ودرجات الجنان , فكل مسلم مدين للرسول عليه الصلاة والسلام خيرِ مبلِّغ وأعظمِ داعية :

يا من تخيـره الإلـه لخلقـه
...........
فحباه بالخلق الزكي الطاهـر
أنت النبي وخـير عصبة أدم ...........
يا من يجود كفيض بحر زاخر

والله نجد صعوبة في الحديث عن النبي
صلى الله عليه وسلم من خلال صفحات على هذا المنبر لا تتسع إلا لإضاءات يسيرة ترسم المعالم وترشد إلى الطريق , وعلى من أراد الإطلاع على سيرته العظيمة والعيش معه صلى الله عليه وسلم في كل حركاته وسكناته أن يرجع إلى كُتب السيرة التي تتحدث عنه بإسهاب مثل :
البداية والنهاية , وسيرة إبن هشام , والروض الأنف , وزاد المعاد في هدي خير العباد , والرحيق المختوم , والسيرة النبوية في ضوء المصادر الأصيلة , والفصول في سيرة الرسول , والشمائل , وعشرات الكتب غيرها ليجد العيش الهانىء والظلال الوارف والقطوف الدانية في سيرة من قال عن نفسه :
أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر , وبيدي لواء الحمد ولا فخر , وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي , وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح .
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( سأقوم مقاماً يرغب إليَّ الخلق كلهم حتى إبراهيم ) . رواه مسلم .

من أراد نيل شفاعته عليه الصلاة والسلام فعليه بنصرته ولنبدأ بأنفسنا أولاً
بتطبيق شريعته عليه الصلاة والسلام , والإئتمار بأمره والإنتهاء بنهيه
والإهتداء بهديه , والتأسي بخلقه وشمائله التي يحوي طرحنا هذا جانباً
يسيراً منها , نرجوا الصبر يا أحبتنا حتى الإنتهاء من هذا الطرح المبارك

http://www.al-amir.info/inf/contents...34fea2c7bd.gif

يتبع بإذن الله

صانعة النهضة 2014-12-02 17:52

رد: في رحاب الحب النبوي:سيرة عطرة
 

ظلمات العالم قبل مجيء سيد الخلق
صلوات ربي وسلامه عليه


إذا ألقينا نظرة سريعة على أحوال العالم قبل بعثة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، أدركنا مدى ما وصل إليه حال الأمم فى شتى الأنحاء من تدهور إيمانى، وضياع أخلاقى، وبعد حقيقى عن منهج الحق تبارك وتعالى الذى ارتضاه للعباد، والهدف الأساس الذى من أجله خلق الإنسان، وأن هذه الأمم لم تكن مؤهلة فى هذه الفترة لحمل رسالة عالمية، تخرج البشرية من الغى والضلالة إلى الهدى والرشاد.

كان يحكم العالم دولتان كبيرتان هما الفرس والروم، ومن ورائهما اليونان والهند وغيرهما من خلق الله فى بلاد متفرقة، ولم يكن الفرس يدينون بدين صحيح، وإنما كانوا مجوسًا يعبدون النار، ويعتنقون مبادئ الزرادشتية والمزدكية، وكلاهما انحرفا عن طريق الفطرة السليمة، فالزرادشتية مثلاً تفضل زواج الرجل بأمه أو ابنته أو أخته، والمزدكية من فلسفاتها حل النساء جميعًا وإباحة الأموال، وجعل الناس شركاء فيها، كاشتراكهم فى الماء والهواء والنار والكلأ.

أما الروم فلم يكن أمرهم أفضل حالاً من الناس من الفرس، فعلى الرغم من كونهم أهل كتاب على دين عيسى عليه السلام غير أنهم انحرفوا عن عقيدته الصحيحة، وحرفوا وبدلوا ما جاء به من الحق، وكانت دولتهم غارقة فى الانحلال، حيث حياة التبذل والانحطاط، والظلم الاقتصادى من جراء الضرائب الكثيرة، إضافة إلى الروح الاستعمارية، وخلافهم مع نصارى الشام ومصر، واعتمادهم على قوتهم العسكرية.
أما اليونان وشعوب أوربا فقد كانت تعيش حياة بربرية، تعبد الأوثان وتقدس قوى الطبيعة، فضلاً عن كونها غارقة فى الخرافات والأساطير الكلامية التى لا تفيد فى دين ولا دنيا، وانتشرت علوم الفلسفة والسفسطة والجدل وحوارات الزندقة وغير ذلك.


أما بقية الشعوب فى الهند والصين واليابان والتبت فكانت تدين بالبوذية، وهى ديانة وثنية تتخذ آلهتها من الأصنام الكثيرة، فتقيم لها المعابد، وتؤمن بتناسخ الأرواح، وإلى جانب تلك الأمم كان هناك بعض اليهود الذين انتشروا فى عدة مناطق، وكانوا مشتتين ما بين بلاد الشام والعراق والحجاز، وقد حرفوا دين موسى عليه السلام فجعلوا الله سبحانه وتعالى إلهًا خاصًّا بهم وحدهم، وافتروا الحكايات الكاذبة والمخالفة على أنبيائهم، مما شوه سمعتهم، وأحلوا التعامل مع غيرهم بالربا والغش والفحش وحرموه بينهم، فهم أهل إفساد فى الأرض كما وصفهم رب العالمين.

صانعة النهضة 2014-12-02 17:55

رد: في رحاب الحب النبوي:سيرة عطرة
 
هل من حنفاء في بلاد العرب قبل البعثة النبوية .؟


إن الجواب على هذا السؤال الملح هو-مع الأسف-أنه لم يكن في بلاد العرب في هذه الظروف حنفاء يؤمنون بالله وحده ويعبدونه بما شرع مخلصين له في ذلك، اللهم إلا ما كان من زيد بن عمرو بن نُفيل الذي قال فيه رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-:" إنه يبعث يوم القيامة أمة وحده " .فقد كان ينكر أعمال أهل الجاهلية، ويُصرّح ببطلان دين قريش، ويقول لهم: والذي نفس زيد بن عمرو بيده ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيري. وقال محمد بن إسحاق: لقد حدثت أن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وعمر بن الخطاب قالا لرسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: أنستغفر لزيد بن عمرو بن نفيل؟ قال:" نعم، فإنه يبعث أمة وحده" . وقد مات زيد قبل بعثة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-.

ومصداق هذا في حديث مسلم إذ قال رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-:"إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب" فهذا الحديث دليل واضح أنه ما بعث النبي الحبيب محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وفي العرب رجل واحد على دين صحيح يعبد به الله –تعالى-. أما اليهود، والنصارى ففيهم بقايا يعبدون الله –تعالى- بدين صحيح من دين موسى وعيسى-عليها السلام- لكنهم قليل جداً لا يتم على أيديهم هداية الناس وإصلاحهم. وأما ورقة بن نوفل فقد دان بالنصرانية، ومات قبل بدء الدعوة الإسلامية كما أن عبيد الله بن جحش بن رئاب و إن أسلم في أول الأمر؛ لأنه حضر البعثة المحمدية إلا أنه ترك الإسلام وتنصر في الحبشة كما هاجر إليها مع من هاجر من المسلمين، وخلف زوجته أم حبيبه بنت أبي سفيان فتزوجها رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- رحمة بها وأناب عنه في عقد نكاحها أصحم النجاشي ملك الحبشة -رحمه الله تعالى-. وأما عثمان بن الحويرث فقد قدم الشام وتنصر وكانت له منزلة عند قيصر ملك الروم النصراني. فهولاء الرجال الأربعة الذين كانوا قد أنكروا على قريش عبادة الأوثان، وكانوا يُصَرِّحوُن بأنهم على دين إبراهيم-عليه السلام- إلا أنهم في آخر الأمر ماتوا على غير الحنيفية إلا ما كان من زيد بن عمرو بن نُفيل وورقة بن نوفل. ويؤكد ذلك إذن النبي –صلى الله عليه وسلم- لولد زيد بن عمرو بن نفيل وعمر بن الخطاب بالاستغفار له، وأخبر أنه يبعث يوم القيامة أمة وحده.


نتائج وعبر:

1.بيان أن الناس عرباً وعجماً قد ضلوا سواء السبيل، واستوجبوا مقت الله–تعالى-لهم، اللهم إلى أفراداً قلائل من أهل الكتابين اليهود والنصارى فإنهم بقوا يعبدون الله –تعالى- بما شرع على ألسنة رسله حتى بُعِثَ النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- الخاتم الحبيب محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، وهم قليل.

2.بيان أن العرب لم يبق منهم رجل واحد على دين الله الذي أرسل الله به إبراهيم والأنبياء من قبل ومن بعد يعبد الله –تعالى- بما شرع ويوحده في عبادته؛ لأن زيد بن عمرو بن نفيل وإن كان موحداً إلا أنه لم يكن له شرع يعبد الله –تعالى- به هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنه قد مات قبل البعثة المحمدية.

3.حال الناس هذه في ضلالهم وعدم هدايتهم كانت مستوجبة للبعثة المحمدية متطلبة لها بل كانت حاجتها الملحة التي لا بد منها.
هذه هي حالة العالم قبل الإسلام، فلك أن تقارن بينها وبين ما هي عليه بعد الإسلام. فاللهم لك الحمد على نعمة الإسلام, وعلى نعمة القرآن, وعلى نعمة محمد نبي الإسلام، اللهم.

الحمد لك يا ربنا أن هديتنا للإسلام، والحمد لك يا ربنا أن جعلتنا من أمة محمد-صلى الله عليه وسلم-، والحمد لك يا ربنا أن هديتنا للقرآن.

فالحمد لك أولاً وآخراً وظاهراً وباطنا. وصلى الله وسلم على نبينا وحبيبنا وقائدنا ومعلمنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.




يتبع بإذن الله

صانعة النهضة 2014-12-02 17:59

رد: في رحاب الحب النبوي:سيرة عطرة
 



بمناسبة ذكر الدين الذي كان عليه العرب العدنانيون قبل الإسلام وهو الوثنيّة يحسن ذكر نبذة عن الديانتين النصرانية واليهودية في بلاد العرب جنوباً وشمالاً، لِيعْلم القارئ بكامل الحال التي كان عليها الناس في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، وليعلم أنَّ الإسلام كان حاجة الناس في تلك البلاد كما هو حاجة كل الناس وفي كل ديارهم أمس واليوم وغداً، إذ لا كمالَ لإنسان ولا سعادة إلا به وعليه.

النصرانية

يروي ابن إسحاق حديث وهب بن منبّه في دخول النصرانية إلى نجران جنوب مكة من بلاد اليمن فيقول: إن رجلاً يُقال له فيُمِيُون من أهل الشام، كان على دين المسيح-عليه السلام-، وكان صالحاً، ورزقه الله كرامات، فأحبه رجل من أهل البلاد، يُقال له صالح ولازمه. ولما عرف فيميون بالصلاح وظهور الكرامات خرج مع ذلك الرجل الذي أحبه فدخلا بلاد العرب فعدوا عليهما وباعوهما عبدين في مدينة نجران. وأهل نجران يومئذ على دين العرب وهو الوثنيّة، وكانت لهم نخلة يعبدونها فجعلوا لها عيداً سنوياً يأتونها فيه فيعلقون عليها أجمل الثياب، و حُلى النساء، واشترى فيميون أحد أشراف نجران، وكان فيميون إذا قام من الليل يتهجّد أشرق له البيت نوراً. فعجب سيده من هذه الكرامة، فسأله عن دينه، فأخبره بأنه على دين المسيح، وأعلمه أن ما عليه أهل نجران هو الباطل، كما أعلمه أن الله–تعالى- هو الإله الحق، وأن هذه النخلة لا تنفع ولا تضر، وأنه لو دعا الله–تعالى-عليها لأسقطها، وفعلاً دعا الله –تعالى- فعصفت بها عاصفة فاقتلعتها من جذورها. ولذلك آمن الرجل الشريف بدين المسيح، وتبعه آخرون، فكان هذا مبدأ دخول دين المسيح في نجران، ثم بمرور الزمان طرأ عليهم ما طرأ من البدع والتحريف لدين المسيح حتى أصبحت نصرانية ضالّة كما هي في سائر البلاد.

ومما يذكر هنا أن عبد الله بن الثامر وكان على دين المسيح كان له أثرٌ كبيرٌ في نشر المسيحية في نجران بعد العبد الصالح فيميون. وكان من أمر ابن الثامر أنه لما انتشرت المسيحية بين الناس دعاه ملك البلاد وقال له: أفسدت عليّ أهل قريتي وخالفت ديني ودين آبائي لأُمثّلنّ بك وجعل يعرضه لكل ألوان التعذيب، والقتل ولم يقدر على قتله، فقال له ابن الثامر: إنك لا تقدر على قتلي حتى توحِّد الله –تعالى-، ففعل الملك وضرب ابن الثامر فقتله، ثم مات الملك على الفور إلى جنبه، وبذلك استجمع أهل نجران على الدين المسيحي، ثم أصابهم ما أصاب غيرهم من البدع والفساد، فكان هذا أصل النصرانية في نجران.

ولما ملك ذو نواس الحميري، وكان قد دان باليهودية، ووجد أهل نجران على المسيحية فدعاهم إلى دينه فأبوا عليه، فحفر لهم الأخاديد، وأحرق عدداً كبيراً منهم بالنار ليرجعوا على دينهم، فلم يرجعوا وهم الذين ذكر –تعالى- في سورة البروج، وحدّث عنهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، ثم إن رجلاً يقال له: دوسٌ قد نجا من الحريق، وذهب إلى ملك الروم، فاستعداه على ذي نواس الذي قتل النصارى من أهل دينه، فكتب له كتاباً إلى ملك الحبشة حيث هو على دين النصارى، فأعطاه جيشاً قوامه سبعون ألفاً، غزا به ذا نواس، فهزموه، ودخلوا البلاد وحكموها بعد موت ذي نواس، وكان على رأس الجيش الحبشي أرباط وأبرهة فتنازعا الملك وغلب أبرهة أرياط وقتله. وأصبح أبرهة الحاكم العام في البلاد، وملك الحبشة يدعمه ويشد من أزره.

أما اليهودية :

فإنها لم تدم طويلاً في بلاد اليمن، وسبب ذلك أن تُبّعاً ذا نواس لما دخل المدينة خرج معه حبران من أحبار اليهود وهما اللذان دعواه إلى اليهودية فقبِلَهَا ودان بها، وعذب نصارى نجران كما تقدم، وانتهى ملكه بموته على يد أرياط وأبرهة الحبشيين. إلا أن اليهودية كانت بشمال الجزيرة بفَدَك, وتيما, وخيبر, والمدينة, التي كانت تسمى يثرب، ودخول اليهود إلى الحجاز من أرض الجزيرة هو لسبب الضغط الذي أصابهم من ملوك الروم بعد بختنصر هذا من جهة، ومن جهة أخرى تطلعهم إلى النبي المُبشر به في التوراة والإنجيل، وأنه يخرج من جبال فاران، وأن مهاجرة يثرب ذات النخيل، والأرض السبخة، فنزلوا ديار الحجاز الشمالية رجاء أن يبعث نبي آخر الزمان فيؤمنوا به ويقاتلوا أعداءهم معه ويستردوا مُلكهم المسلوب منهم من عدة قرون. مع العلم أن اليهود كالنصارى قد فسد معتقدهم وضاعت شريعتهم تحت تأثير التأويل للنصوص وتحريفها وتغييرها وتبديلها لتوافق الأهواء والأطماع الخاصة والشهوات العارمة، فما أصبحت اليهودية ولا النصرانية تزكي النفوس، ولا تصلح القلوب، ولا تهذب الأخلاق بعد فسادها، فحاجة أهل الملتين إلى الإسلام كحاجة غيرهم من المجوس والوثنيين. وقد كان اليهود يستفتحون على مشركي العرب يقولون لهم: إن نبياً قد أظل زمانه، ويوم يظهر نؤمن به ونُقاتلكم معه، وقد نزل بقولهم هذا القرآن العظيم في سورة البقرة بقوله تعالى:{ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ} (89) سورة البقرة.
نتائج وعبر:
1.لم تكن النصرانية ولا اليهودية في بلاد العرب ذات شأن يذكر؛ إذ الوثنية هي الغالبة.
2.الفترة التي كانت النصرانية في نجران سليمة في معتقداتها وشرائعها كانت قصيرة جداً، ولذا لم يُقدَّر لها أن تنتشر في بلاد العرب، ثم ما لبثت أن دخلها الفساد، فلم تكن صالحة للهداية والإصلاح.
3.اليهودية ما دخلت بلاد العرب إلا بعد فسادها، فلذا لن ينتفع بها أهلها في دار هجرتهم فضلاً عن العرب الذين نزحوا إليهم وسكنوا ديارهم.
4.نظراً لفساد الديانتين السماويتين اليهودية والنصرانية، وفساد المجوسية والوثنية بالأصالة، فإن حال الناس تتطلب ديناً سماوياً جديداً تكمل عليه الأرواح، وتزكو وتُهُذب به الأخلاق، وتحقق به الناسُ السعادةَ والكمالَ في الدنيا والآخرة.
يتبع بإذن الله

صانعة النهضة 2014-12-02 19:19

رد: في رحاب الحب النبوي:سيرة عطرة
 

العرب , الأرض والشعب , الحكم والإقتصاد , والديانة



موقع العرب وأقوامها

إن السيرة النبوية ـ على صاحبها الصلاة والسلام ـ هي في الحقيقة عبارة عن الرسالة التي حملها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المجتمع البشرى قولًا وفعلًا، وتوجيها وسلوكًا، وقلب بها موازين الحياة، فبدل مكان السيئة الحسنة، وأخرج بها الناس من الظلمات إلى النور، ومن عبادة العباد إلى عبادة الله ، حتى عدل خط التاريخ وَغيَّر مجرى الحياة في العالم الإنساني، ولا يتم إحضار هذه الصورة الرائعة إلا بعد المقارنة بين البيئة التي سبقت هذه الرسالة وبين ما آلت إليه بعدها‏.‏


وهذا يقتضي تقديم فصول موجزة عن أقوام العرب وتطوراتها قبل الإسلام، وعن تاريخ الحكومات والإمارات والنظم القبلية التي كانت سائدة في ذلك الزمان، مع صور من الديانات والمِلَل والنِّحَل والعادات والتقاليد، والأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية‏.‏

وقد خصصنا لكل من ذلك هذا الباب، وإليكم تلك الفصول‏:‏

موقع العرب


كلمة العرب تنبيء عن الصحارى والقِفَار، والأرض المُجْدِبة التي لا ماء فيها ولا نبات‏.‏ وقد أطلق هذا اللفظ منذ أقدم العصور على جزيرة العرب، كما أطلق على قوم قَطَنُوا تلك الأرض واتخذوها موطنا لهم‏.‏

وجزيرة العرب يحدها غربًا البحر الأحمر وشبه جزيرة سيناء، وشرقًا الخليج العربى وجزء من بلاد العراق الجنوبية، وجنوبًا بحر العرب الذي هو امتداد لبحر الهند، وشمالًا بلاد الشام وجزء من بلاد العراق، على اختلاف في بعض هذه الحدود، وتقدر مساحتها ما بين مليون ميل مربع إلى مليون وثلاثمائة ألف ميل مربع‏.‏

ولجزيرة العرب أهمية بالغة من حيث موقعها الطبيعي والجغرافي؛ فإنها في وضعها الداخلي محاطة بالصحاري والرمال من كل جانب؛ ولأجل هذا الوضع صارت الجزيرة حصنًا منيعًا لم يستطع الأجانب أن يحتلوها ويبسطوا عليها سيطرتهم ونفوذهم‏.‏ ولذلك نرى سكان الجزيرة أحرارًا في جميع الشئون منذ أقدم العصور، مع أنهم كانوا مجاورين لإمبراطوريتين عظيمتين لم يكونوا يستطيعون دفع هجماتهما لولا هذا السد المنيع‏.‏

وأما بالنسبة إلى الخارج فإنها تقع بين القارات المعروفة في العالم القديم، وتلتقى به برًا وبحرًا، فإن ناحيتها الشمالية الغربية باب للدخول في قارة إفريقية، وناحيتها الشمالية الشرقية مفتاح لقارة أوربا، والناحية الشرقية تفتح أبواب العجم؛ ومن ثم آسيا الوسطى وجنوبها والشرق البعيد، وكذلك تلتقي كل قارة بالجزيرة بحرًا، وترسى سفنها وبواخرها على ميناء الجزيرة رأسًا‏.‏

ولأجل هذا الوضع الجغرافي كان شمال الجزيرة وجنوبها موئلًا للأمم، ومركزًا لتبادل التجارة، والثقافة، والديانة، والفنون‏.‏

أقوام العرب

وأما أقوام العرب فقد قسمها المؤرخون إلى ثلاثة أقسام؛ بحسب السلالات التي ينحدرون منها‏:‏

1 ـ العرب البائدة‏:‏ وهم العرب القدامى الذين انقرضوا تمامًا ولم يمكن الحصول على تفاصيل كافية عن تاريخهم، مثل‏:‏ عاد، وثمود، وطَسْم، وجَدِيس، وعِمْلاق، وأُمَيْم، وجُرْهُم، وحَضُور، ووَبـَـار، وعَبِيل، وجاسم، وحَضْرَمَوت، وغيرها‏.‏

2 ـ العرب العاربة‏:‏ وهم العرب المنحدرة من صلب يَشْجُب بن يَعْرُب بن قَحْطان، وتسمى بالعرب القحطانية‏.‏

3 ـ العرب المستعربة‏:‏ وهي العرب المنحدرة من صلب إسماعيل عليخ السلام، وتسمى بالعرب العدنانية‏.‏


أما العرب العاربة ـ
وهي شعب قحطان ـ فمَهْدُها بلاد اليمن، وقد تشعبت قبائلها وبطونها من ولد سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان‏.‏ فاشتهرت منها قبيلتان‏:‏ حِمْيَر بن سبأ، وكَهْلان بن سبأ، وأما بقية بنى سبأ ـ وهـم أحد عشر أو أربعة عشر بطنًا ـ فيقال لهم‏:‏ السبئيون، وليست لهم قبائل دون سبأ‏.‏

أ ـ فأما حمير فأشهر بطونها‏:‏

1 ـ قُضَاعة‏:‏ ومنها بَهْراء وَبِلىٌّ والقَيْن وكَلْب وعُذْرَة ووَبَرَة‏.‏
2 ـ السَّكاسِك‏:‏ وهـم بنو زيـد بـن وائلة بن حمير، ولقب زيد‏:‏ السكاسك، وهي غير سكاسك كِنْدة الآتية في بنى كَهْلان‏.‏

3 ـ زيد الجمهور‏:‏ ومنها حمير الأصغر، وسبأ الأصغر، وحضور، وذو أصبح‏.‏

ب ـ وأما كَهْلان فأشهر بطونها‏:‏

هَمْدان، وألْهَان، والأشْعَر، وطيئ، ومَذْحِج ‏(‏ومن مذحج‏:‏ عَنْس والنَّخْع)‏، ولَخْم ‏(‏ومن لخم‏:‏ كندة، ومن كندة‏:‏ بنو معاوية والسَّكُون والسكاسك)‏، وجُذَام، وعاملة، وخَوْلان، ومَعَافِر، وأنمار ‏(‏ومن أنمار‏:‏ خَثْعَم وبَجِيلَةَ، ومن بجيلة‏:‏ أحْمَس)‏ والأزْد، ‏(‏ومن الأزد‏:‏ الأوس، والخزرج، وخُزَاعة، وأولاد جَفْنَة ملوك الشام المعروفون بآل غسان‏).‏


وهاجرت بنو كهلان عن اليمن، وانتشرت في أنحاء الجزيرة، يقال‏:‏ كانت هجرة معظمهم قبيل سَيْل العَرِم حين فشلت تجارتهم لضغط الرومان وسيطرتهم على طريق التجارة البحرية، وإفسادهم طريق البر بعد احتلالهم بلاد مصر والشام‏.‏

ويقال‏:‏ بل إنهم هاجروا بعد السيل حين هلك الحرث والنسل بعد أن كانت التجارة قد فشلت، وكانوا قد فقدوا كل وسائل العيش، ويؤيده سياق القرآن: ‏{‏لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ‏}‏ ‏(‏سورة سبأ‏:‏15‏:‏ 19)‏

ولا غرو إن كانت هناك ـ عدا ما تقدم ـ منافسة بين بطون كهلان وبطون حمير أدت إلى جلاء كهلان، فقد يشير إلى هذا بقاء حمير مع جلاء كهلان‏.‏


( الصبر بارك الله فيكم الموضوع شيق ونسأل الله أن ينفع به )

تنويه : سوف يتم ذكر المراجع في الختام إن كنا من الأحياء





يتبع بإذن الله


الساعة الآن 15:50

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd