2014-12-30, 19:31
|
رقم المشاركة : 27 |
إحصائية
العضو | | | رد: تفسير آيات من سورة المائدة | * تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى
{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ وَلَحْمُ ٱلْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ وَٱلْمُنْخَنِقَةُ وَٱلْمَوْقُوذَةُ وَٱلْمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِٱلأَزْلاَمِ ذٰلِكُمْ فِسْقٌ ٱلْيَوْمَ يَئِسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
{ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ } ويحرم الحق ما أكله السبع إلا إذا كان الحيوان الذي أكله السبع لم يمت واستطاع واحد أن يذبحه الذبح الشرعي. وسبحانه يحريم ما لم يذبح بالأسلوب الشرعي، فلا يحل ذَبْح بعظم أو بِسِنّ والذي ذبح على النصب، أي المذبوح على الأحجار المنصوبة كالأصنام فهو حرام، والكلام هنا عقدي، والتحريم هنا بعارض عقدي.
و " النُّصُب " من الألفاظ التي وردت مفرداً ووردت جمعاً. فـ " نصُب " هي جمع، مثلما نجمع كلمة " حمار " ونقول " حُمُر " ، وفي هذه الحالة يكون مفردها " نِصاب " ، ومرة تكون " نصب " مفرداً، مثلها مثل " طُنُب " وهو الحبل وجمعها " أطناب " أي حبال، وفي هذه الحالة يكون جمع " نُصُب " هو " أنْصَاب ".
والنُّصُب هي حجارة كانت منصوبة حول الكعبة يذبح عليها المشركون الذبائح تقرباً للآلهة. والتحريم هنا بسبب عقدي مثله مثل تحريم ما أهل لغير الله به، فما أهل لغير الله فيه شرك بالله فافتقد ذكر الله الذي ذلل للإنسان هذا الحيوان القريب من الإنسان في الحس والحركة وغير ذلك. وكذلك أيضاً ما ذبح على النصب محرم؛ لأن النصب غير واهب ولا معط، والواجب أن نتقرب إلى الواجد الواهب.
{ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِٱلأَزْلاَمِ } واستسقم أي طلب القسمة، وكانت القسمة في بعض الأحيان عملية محرجة فيريدون إلصاقها بعيرهم، وهنا يقال: " إن الأزلام هي التي أمرتني ". والأزلام هي قداح من الخشب مكتوب على بعضها: " أمرني ربي " ومكتوب على البعض الآخر: " نهاني ربي " وبعض من هذه القداح غفل بغير كتابة. وكان المشرك إذا أراد السفر فهو يذهب إلى سادن الكعبة أو الكاهن، ويخرج السادن أو الكاهن الأزلام من الكيس، ويحرك القداح ويختار المشرك قِدْحاً، فإن قرأ عليه " أمرني ربي " يسافر إلى المهمة التي يريدها، وإن لم يقرأ عليه ووجده غفلا فهو يعيد الكَرَّةَ؛ فإن وجد " نهاني ربي " لا يسافر.
ونسأل: من هو الرب الذي أمر؟ هل هو الرب الأعلى، أو الرب الذي كانوا يعبدونه؟ أي إله كانوا يقصدون؟ إن كان المقصود به الإله الأعلى، فمن أدراهم أن الله أمر بهذا السفر أو نهى عن ذلك السفر؟ إن ذلك كذب على الله. وإن كان الذي أمر هو الرب الذي يعبدونه، فهذا أمر باطل من أساسه، إذن فـ " استقسم " أي أنّه طلب حظه وقسمته بواسطة القداح. وكان الاستقسام يتم في مسائل الزواج أو عدم الزواج، والكلام هنا في هذه الآية عن الأكل؛ فالسياق عن تحليل ألوان الطعام فلماذا هذا الاستقسام؟
من هذا نعرف أنهم كانوا في الجاهلية يخضعون للون من الاستقسام بالأزلام، كانت عندهم عشرة قداح وكان مكتوبا عليها أسماء، فواحد على سبيل المثال مكتوب عليه " الفذ " وعليه علامة واحدة. | التوقيع | | |
| |