منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد - عاشوراء ذكرى سقوط الفرعونية أفلا تعقلون!؟

عاشوراء ذكرى سقوط الفرعونية أفلا تعقلون!؟

تحل بالناس ذكريات وأعياد ومناسبات تؤرخ لاحداث وقضايا، هذه ذكرى ميلاد زعيم ! وهذه ذكرى ميلاد سلطان! وهذه ذكرى انتصار، وتلك ذكرى طوفان، ومن بين الذكريات في العالم الإسلامي ذكرى عاشوراء، هذه الذكرى التي تتفاعل معها الأمم والشعوب، كل بطريقته وكل بطقوسه، من طقوس ذات مذاق يهودي، إلى طقوس ذات مغزى خرافي، إلى طقوس ذات لبوس دينية ما انزل الله بها من سلطان، ويتكلم فيها وفي بعض معانيها المتكلمون من فقهاء دين واعون ومغفلون، بعضهم يخلط الكلام عن المحرم وفضله والهجرة ومغزاها، وبعضهم عن الزكاة وفضلها ومرماها، وبعضهم عن كربلاء ومصابها وبلواها، وبعضهم عن صيام تاسوعاء وعاشوراء وفضل من صامها ولم ينساها، وبعضهم يتزيد في الكلام ويكذب على سيد الأنام ويسوق من الاحاديث ما يمجه السمع ويستقبحه العقل ويرفضه الدين، بل ويجعله من الضلال المبين، ويصبح العلماء الأغبياء كالعامة الدهماء.

جهل كل هؤلاء هذا الحدث الأكبر والمهم في التاريخ، والذي من اجله كانت هذه الذكرى.
حين قدم رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام المدينة مهاجرا وجد اليهود يصومونها تخليدا لحدث اكبر، فسألهم لأنه بفطنته ينتبه إلى الظواهر والعادات والاشكال والطقوس سألهم عن سر وسبب صيامهم في هذا اليوم المبهوم؟ فأجابوه إن هذا تخليد لحدث عظيم يوم أنجا الله فيه موسى واغرق فرعون،
انه حدث أنهى به الله حكم السلالة الفرعونية التي عاشت وعاثت في ضفاف النيل والبحر الأحمر فسادا.

حدث أنجى الله فيه موسى بعد أن حاصره الفرعون بجنوده على شفير البحر حتى ضاق الحال بأصحابه فقالوا (إنا لمدركون) حال امتلأ فيها قلب موسى يقينا ووثوقا برب العزة والقوة، فقال كلمتة المنهضة المدوية ( كلا إن معي ربي سيهدين )
حال مرعبة وموقف مزلزل، ومشهد غريب عجيب خالف فيه البحر الأحمر كل البحار واستجاب لأمر ربه ( فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم )

وسقطت الفرعونية وابتلعها الْيَمُّ العاتي وأغرق الطاغية إلى يوم يبعثون، كما سيغرق أبناؤه في مصر وفي كل مصر، وتلك سنة الله في الأولين والآخرين ولو بعد حين.
هذا ما خلدته عاشوراء وهذا ما وعاه اليهود فكانوا أوعى وأذكى من الشعوب التي تنتسب الى الإسلام ومن علماء لا زالوا سدنة بقايا صروح أبناء الفراعين.

إن الرسول الكريم عليه السلام التقطها من اليهود التقاطاً وقال ( أنا أولى بموسى منكم ) أولى من يحتفل ويخلد ذكرى نجاة موسى وهزيمة الفرعون.

ان ذكرى عاشوراء ذكرى فارقة في التاريخ القديم، تاريخ الفراعين، كما أوشكت أن تكون فارقة على يد الحسين ابن فاطمة وسبط سيد المرسلين في محاولته لإنهاء طغيان الأمويين لولا تدخل إرادة رب العالمين ليكتب التاريخ الإسلامي بمداد اسود على صفحات الأيام مسجلا ادوار علماء الدين المخذولين من المتملقين والمتزلفين.

ان يوم عاشوراء ونجاة موسى وإغراق فرعون، الرب الأعلى، والهامان الأقوى، كيوم نجاة إبراهيم من نيران النمرود وكيد الكنعانيين، وكيوم نجاة المسيح عليه السلام من بطش القياصرة البزنطيين وخونة الاسرائليين، وكنجاة محمد عليه الصلاة والسلام من كيد العرب وصناديد القرشيين .

إن على قراء التاريخ وعلماء الإسلام من بينهم أن يقرأوه قراءة الاعتبار وقراءة معاني الأحداث وخلفيات الأحداث، لا قراءة سرد الأحداث أو (تسطيح) قراءة هذه الأحداث، وألا ينقلوا للأجيال هذه الأحداث بأسلوب تضليلي يعمي البصائر ويشل الضمائر ويطيح بالمصائر.
إن حدث عاشوراء حدث بارز كبروز الأهرام وأبي الهول، لا تخطئ مشاهدته الا عين عمياء كعمي بصيرة الجاهلين والمتجاهلين.
انه يوم سقوط الفرعونية والإطاحة بصولجانها كما سجل التاريخ والقرآن.
أفلا تعقلون؟

عبد الرحمان الأحمدي نشر في هبة بريس يوم 06 - 11 - 2014