العلامة (21) : إصلاح تلك المضغة ! بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله القائل ((وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله )) ، والصلاة والسلام على نبيه القائل : إذا همّ _أراد_ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة...))، وعلى آله وصحبه أجمعين . 0000000 العلامة (21) : إصلاح تلك المضغة ! توطئة : متابعة لما جاء في الدرس السابع (( علامات إتقان الاستخارة )) ، فقد تم إفراد هذه العلامة بموضوع مستقل لتعم الفائدة بإفرادها ولتيسير الوصول في حال تراكم الصفحات إذا كانت في نفس الدرس ، وما خاب من استخار ، وذلك الدرس متاح على الرابط : http://www.profvb.com/vb/t153152.html أولا : تلك المضغة وأثرها في تعثر الدعوة إلى الله جاء في الحديث (( .. أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ , وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ, أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ )) " 1" . لذا لا تعجب كثيرا إذا رأيت أن المدخلات الدعوية اليوم - رغم كثرتها – لم تثمر صلاحا حقيقيا يناسب حجم تلك المدخلات ، وذلك بسبب انحراف مفهوم الفقه ومساره عما كان عليه القرون المفضلة - ينظر (( مفهوم الفقه عند السلف وانحراف الخلف )) . http://www.almeshkat.net/books/open....7#.VFls8zSsVpA فاليوم جل المـــدخلات الدعـــــــوية تعنى بفقه إصلاح الجوارح تعلما وتعليما ، ووفقا لقاعدة تسلسل الأسباب والنتائج ؛ بالإمكان القول بأنها السبب الأول "2 " - وغيرها هي نتائج لهذا السبب - في التعثر الدعوي وانتشار الفتن والمحن الذي نراه اليوم في كل بلد ومسجد ... . بين طلبة العلم . فضلا عن العامة . والله المستعان . ثانيا : تفاوت الطاعات من حيث حظ أعمال القلب فيها 1) تتفاوت الطاعات من حيث حظ من أعمال القلب فيها ، فكل أعمال الجوارح فيها حظ من أعمال القلب ، وهناك طاعات تغلب عليها أعمال القلب ، وأي طاعة فيها حظ أوفر من أعمال القلب ؛ فأنها تسهم بشكل مباشر في إصلاح القلب ، فمثلا : أ) الصلاة والصيام والحج ... ، تغلب عليها أعمال الجوارح ؛ لأن محلها الجوارح ، ومثل هذه الأعمال يطلق عليها الفقهاء مصطلح : أعمال الجوارح أو الأعمال الظاهرة . ب) الإخلاص و التوكل ، والرضا ، تغلب عليها أعمال القلب لأن محلها القلب ، ومثل هذه الأعمال يطلق عليها الفقهاء مصطلح أعمال القلب أو الأعمال الباطنة . 2) أعمال القلب أيضا لا تخلو من أعمال جارحة وتدل عليها ، فمثلا لا يمكن تصور وجود الإخلاص أو غيره من الأعمال التي محلها القلب ، دون أن يصاحبه عمل جارحة ولو كان بسيطا . لذا اصطلح الفقهاء على أن الإيمان : (( اعتقاد ، وقول ، وعمل )) ، مع أن الإيمان محله القلب . ثالثا : أعمال القلب وعلاقتها بالمراقبة وشروطها الأعمال القلبية فيها حظ أوفر من المراقبة - والمراقبة شطر الإحسان ، وهي أن تعلم أن الله يراك ؛ وإن كانت تتفاوت درجة المراقبة في الأعمال القلبية ، فمثلا : التوبة : فيها حظ عظيم من المراقبة ، فالذي يتوب من ذنب لاشك أنه ما تاب إلا بعد أن استحضر ذنبه وعظمة خالقة وعقابه وثوابه ، وهذه من أهم شروط المراقبة وصورها ، لذا كان جزاء التوبة أن يبدل الله سيئاته حسنات ، قال سبحانه : (( إِلَّا مَــــــــنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِـلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )) " الفرقان : 70 " أما الاستغفار من الذنب والدعاء بالإقلاع عن الذنب فلم يأت نص بأن الله يبدل بهما ، السيئات إلى حسنات . رابعا : كثرة الاستخارة وإصلاح القلب وسائر الجسد بعد الذي تقرر سابقا ، فالاستخارة لا تغلب عليها فقط كثرة أعمال القلب ، بل قد شملت كل ما جاء بها الكتاب والسنة من معاني ومقتضيات التوحيد والعبودية وتسليم المسلم لقلبه وعقــله القاصر لله ؛ لما تمثله من برهان عملي لتلك المعاني والمقتضيات" 3" . إضاءة : (( أي طاعة فيها حظ أكثر من أعمال القلب ؛ فأنها تسهم بشكل مباشر وأسرع في إصلاح القلب ، فاحرص على تلك الأعمال ليصلح قلبك وسائر جسدك )) . 00000 وختاما .. هذا ما يسر الله إذ استخرته والخير ما يسره الله وماخاب من استخار ومَنْ هَابَ خَابَ ، والحمد لله رب العالمين . 00000 = = = الهوامش = = = = 1) أخرجه البخاري . 2) لمزيد من التفصيل ينظر : (( الأصل الثالث : فقه علاقة تسلسل الأسباب بالنتائج )) . 3) لمزيد من التفاصيل ينظر : ((الدرس الأول : أهمية الاستخارة )) . ==== ==== |
رد: العلامة (21) : إصلاح تلك المضغة ! موضوع قيم ومفيد. شكرا أخي الفاضل. |
الساعة الآن 22:36 |
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd