منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى النقابات التعليمية (https://www.profvb.com/vb/f12.html)
-   -   تأملات في مسألة الدولة (https://www.profvb.com/vb/t153161.html)

ابو ندى 2014-11-01 09:36

تأملات في مسألة الدولة
 
تأملات في مسألة الدولة

https://dub125.mail.live.com/Handler...achid-nini.png


عشية الإضراب العام قال رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران إن مهمته الأساسية هي ضمان استمرارية الدولة.
مما يعني أن ذهاب عبد الإله بنكيران يعني ضمنيا تهديدا مباشرا لاستمرارية الدولة، وهو تحذير سبق لرئيس الحكومة أن قاله عندما شعر بحبال الود التي مدت إليه في لحظة تاريخية عسيرة وقد تحولت إلى ما يشبه المشانق الملفوفة حول رقبته، فقال وريقه يتطاير من بين أسنانه المشهرة إن حزبه هو الذي جنب المغرب الفتنة وضمن الاستقرار للبلاد والعباد. ناسيا أو متناسيا أنه هو وحكومته يمكنهم الذهاب إلى بيوتهم من الغد، دون أن يتسبب ذلك في أية مشكلة بالنسبة للسير الطبيعي لمرافق الدولة، ودون أن يخرج الناس إلى الشوارع لكي يطالبوا بعودته إلى رئاسة الحكومة.
لا يجب أن يفوتنا التقاط نقطة مهمة، وهي أن حديث رئيس الحكومة عن مسؤوليته في ضمان استقرار الدولة جاء مباشرة بعد ظهور نتائج الانتخابات في تونس وانحسار موجة حزب النهضة وحركة راشد الغنوشي، الذي يجب أن يقرأ بنكيران كتابه القيم «الحريات العامة في الدول الإسلامية».
وإذا كان المشير السيسي قد تكفل بالإخوان المسلمين في مصر، وسحل نساءهم في الشوارع ومزق أوصال رجالهم في المخافر، فإن قايد السبسي الذي عمل طوال حياته إلى جانب بنعلي، تكفل بفرع الإخوان المسلمين التونسي، والذي أبان زعيمهم الغنوشي عن حكمة وذكاء كبيرين، إذ بلل لحيته بمجرد ما رأى إخوانه تحلق لحاهم في مصر.
بنكيران وصحبه لم يبللوا لحاهم فقط بل إنهم زبروها من جذورها، لكن رغم أنهم أصبحوا «ملاطيين» إلا أن ردود فعلهم تكشف بين فينة وأخرى عن طبيعة نواياهم الحقيقية، فهم تنطبق عليهم الحكمة التي نطق بها الفأر الذي أرسله أصحابه لزيارة القط التائب العائد من الحج، عندما قال في وصف حالة القط «البركة بركة حاج ولكن القمزة قمزة مش».
والواقع أن حديث رئيس الحكومة عن الدولة واستقرارها يثير الدهشة، هو الذي ينتمي إلى حزب يردد، نقلا عن الأدبيات التركية، مصطلح الدولة العميقة التي لا يتردد إخوانه في اتهامها بالوقوف وراء كل ما يتصورونه تشويشا على نواياهم الحسنة في الإصلاح.
وسواء تعلق الأمر بالفريق النيابي لرئيس الحكومة أو بالذراع الدعوية لحزبه التوحيد والإصلاح، أو بأذرعه النقابية والإعلامية، فإن الدولة ورجالها هم من يعرقلون رغبة رئيس الحكومة في محاربة الفساد والاستبداد.
وقبل يومين فقط طالب رئيس الحكومة الدولة برفع يدها عن التعليم والصحة، وكأن وزارتي التعليم والصحة يتحمل حقيبتيهما أشخاص آخرون غير الوردي والداودي وبلمختار، وجميع هؤلاء وزراء يأتمرون بأوامر رئيس الحكومة وينتهون بنواهيه.
اللهم إلا إذا كان رئيس الحكومة يعتبر أن هاتين الوزارتين غير تابعتين لحكومته فهذه حكاية أخرى، والشجاعة السياسية تفرض عليه أن يأتي إلى البرلمان ويقولها أمام الشعب لكي يعرف الجميع ذلك، ثم بعدها عليه أن يكمل خيره ويقدم استقالته، لأنه من العار أن تكون رئيس حكومة وليست لديك السيطرة الكاملة على كل وزاراتك.
كيف سيقنعنا رئيس الحكومة اليوم بأن الدولة التي طالما كال لها التهم الثقيلة هي نفسها الدولة التي يسعى اليوم لضمان استقرارها؟
عن أية دولة يتحدث بالضبط؟
الحقيقة أن رئيس الحكومة ومعه الكثير من الفاعلين السياسيين والحقوقيين، وحتى عموم المواطنين، لديهم فهم غامض للدولة.
فمن كثرة اتهام الدولة بكل الكوارث التي يمكن أن تعبر بالبال، ومن كثرة ذكر اسمها في الملفات المتعلقة بخرق حقوق الإنسان وجبر الضرر أصبحت الحائط القصير الذي يستطيع أي مناضل مبتدئ في السياسة أن يقفز فوقه متهما إياها بأشنع الجرائم والتهم.
والواقع أن رئيس الحكومة لم «يقصر» من جانبه في تنشيط حملة الاستعداء على الدولة، حتى وهو يعتبر دستوريا الرجل الثاني فيها بعد الملك. وقد ساهم هو وحزبه في نصب المشانق للدولة في أكثر من منصة خطابة عبر المملكة، في وقت كان عليه أن يفهم أنه بصدد إضعاف صورة مؤسسة يجدر به أن يحميها، لأن الدولة ومؤسساتها هي ما يضمن الاستقرار وليس الأشخاص الذين يجلسون فوق مقاعدها، فهؤلاء الأشخاص يمكن تغييرهم مثلما تتغير الحكومات كل خمس سنوات، لكن المؤسسات عندما تصاب بالشقوق والوهن والضعف، فإن البلاد كلها تصبح مهددة في استقرارها.
والناس عموما لديهم ميل لتصديق كل التهم التي توجه إلى الدولة، خصوصا إذا تعلق الأمر بدولة ملف سوابقها متخم.
فعندما تعرضت النائبة البرلمانية وعضوة فريق العدالة والتنمية لجريمة قرصنة حساباتها، وعاشت لحظات عصيبة بسبب تلقيها رسائل تهديد ذات حمولة جنسية، لم يتورع زملاؤها في الفريق البرلماني عن اتهام جهات في الدولة بالوقوف وراء هذا العمل الشنيع، وطالب بوانو، رئيس الفريق، الدولة بفتح تحقيق في الموضوع وترتيب الجزاء القانوني عليه.
وبالموازاة مع ذلك تحركت الأذرع الإعلامية للحزب الحاكم وبدأت تكيل التهم للدولة التي تقرصن المعطيات الخاصة للمواطنين وتخرب بيوتهم وتشتت عائلاتهم.
وعندما فتحت الدولة التحقيق، عبر وكيل الملك بالرباط، اكتشفت النائبة البرلمانية أن زوجها الموظف في وزارة زميلها الشوباني، الوزير وليس «رايبي»، هو من يقف وراء هذه الجريمة.
هنا سكت الجميع، ولم نسمع أن أحدا ممن سارعوا إلى اتهام الدولة بادر إلى توضيح الأمر وسحب اتهاماته. بل إن الصمت كان هو المهيمن بانتظار أن تهدأ العاصفة وينسى الرأي العام هذه الفضيحة التي ابتلعها الحزب على مضض.
ولعل ما يقوم به حزب العدالة والتنمية اليوم من ادعاء للمظلومية، هو تماما ما كان يقوم به حزب الاتحاد الاشتراكي ذات وقت. ولعل الجميع يتذكر كيف استغل الحزب واقعة حلق شعر الممثلة ثريا جبران في سياق ظروف يعرف الجميع اليوم أن وزارة الداخلية كانت بريئة منها تماما، وكيف كانت جريدة الحزب تتهم الدولة ومفاصلها بالضلوع وراء اختطاف الممثلة وتعريضها لذلك العمل الشنيع، والحال أن خلافات شخصية هي التي تحكمت في كواليس القصة من أولها إلى آخرها.
وعندما أصيب بن الصديق، شافاه الله، بجلطة دماغية في بيته دخل على إثرها في غيبوبة، سارعت المواقع الإخبارية والبلاغات التضامنية لبعض الجمعيات الحقوقية في اتهام جهة ما بتسميم بن الصديق بسبب مواقفه من البيعة وإمارة المؤمنين.
ولما حمل بن الصديق إلى المستشفى وأجريت له التحليلات الطبية اكتشف الجميع أن فرضية التسميم غير واردة، وأن الأمر يتعلق بنزيف داخلي ناتج عن ارتفاع حاد في الضغط.
وطبعا لم نسمع أحدا من الذين تحدثوا عن تسميم جهات لابن الصديق بسبب مواقفه من الملكية والنظام، يسحبون اتهاماتهم أو يصححونها على الأقل، بل إنهم لجؤوا إلى الصمت وكأن لا شيء حدث.
وحتى أفيلال، وزيرة الماء، التي أصبحت السدود في عهدها تحرث وتزرع، عندما اشتكت من تحرشات جنسية عبر هاتفها، انساق بعض رفاقها إلى اتهام جهات بالوقوف وراء هذه التحرشات بسبب مواقف الحزب، خصوصا أن رفيقها وزير الصحة تعرض بدوره لتهديدات باغتصاب بناته، وهي التهديدات التي فتح بشأنها وزير العدل تحقيقا لا أحد يعلم مآله إلى اليوم.
وفي النهاية اكتشف الجميع أن صاحب التحرشات بالهاتف لم يكن سوى رفيق للوزيرة في الحزب، لكي يتم جمع وطي هذه الفضيحة داخل البيت الحزبي للرفاق التقدميين سكر زيادة.
وأحيانا يصل «الحقد» على الدولة والرغبة في «بهدلتها» مستويات مثيرة للدهشة، فقبل أسابيع عندما ظهر شريط لشباب يلبسون بذلا للقوات المساعدة والبوليس يرقصون في الشارع ويصفرون بصفارات العمل، ذهبت المواقع إياها إلى اتهام الأمن والقوات المساعدة بتبخيس المؤسسات التي يشتغلون فيها، قبل أن يتضح أن الأمر يتعلق بكرنفال بقرية تكاض جماعة سيدي بيبي، وأن الراقصين ليسوا سوى شباب متنكرين في أزياء رجال شرطة وقوات مخازنية.
الأمر ذاته حدث مع مناضلي حزب جذري يناضل أصحابه لتغيير النظام، فيما بعضهم غير قادرين على تغيير عاداتهم السيئة. وقد حدث أن جاءت الشرطة واعتقلت أحدهم، فجاء رفاقه إلى مقر الجمعية التابعة للحزب من أجل أن يدبجوا مقالا تضامنيا معه يندد بأساليب الدولة القمعية التي تمس بحريات المواطنين.
غير أنهم عندما استفسروا حول أسباب اعتقال رفيقهم أصيبوا بالخيبة، فقد اكتشفوا أن سبب اعتقال المناضل الصنديد هو شكاية من زوجته التي طلقها وحرمها هي وأبناءها من النفقة.





الساعة الآن 17:04

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd