تفسير سورة الشرح تفسير سورة الشرح القول في تأويل قوله تعالى : ( ألم نشرح لك صدرك ( 1 ) ووضعنا عنك وزرك ( 2 ) الذي أنقض ظهرك ( 3 ) ورفعنا لك ذكرك ( 4 ) فإن مع العسر يسرا ( 5 ) إن مع العسر يسرا ( 6 ) فإذا فرغت فانصب ( 7 ) وإلى ربك فارغب ( 8 ) ) . يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، مذكره آلاءه عنده ، وإحسانه إليه ، حاضا له بذلك على شكره ، على ما أنعم عليه ؛ ليستوجب بذلك المزيد منه : ( ألم نشرح لك ) يا محمد ، للهدى والإيمان بالله ومعرفة الحق ( صدرك ) فنلين لك قلبك ، ونجعله وعاء للحكمة : ( ووضعنا عنك وزرك ) يقول : وغفرنا لك ما سلف من ذنوبك ، وحططنا عنك ثقل أيام الجاهلية التي كنت فيها ، وهي في قراءة عبد الله فيما ذكر : ( وحللنا عنك وقرك الذي أنقض ظهرك ) يقول : الذي أثقل ظهرك فأوهنه ، وهو من قولهم للبعير إذا كان رجيع سفر قد أوهنه السفر ، وأذهب لحمه : هو نقض سفر . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : ( ووضعنا عنك وزرك ) قال : ذنبك . ( الذي أنقض ظهرك ) قال : أثقل ظهرك . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ) : كانت للنبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 494 ] ذنوب قد أثقلته ، فغفرها الله له . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( أنقض ظهرك ) قال : كانت للنبي ذنوب قد أثقلته ، فغفرها الله له . حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( ووضعنا عنك وزرك ) يعني : الشرك الذي كان فيه . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك ) قال : شرح له صدره ، وغفر له ذنبه الذي كان قبل أن ينبأ ، فوضعه . وفي قوله : ( الذي أنقض ظهرك ) قال : أثقله وجهده ، كما ينقض البعير حمله الثقيل ، حتى يصير نقضا بعد أن كان سمينا ( ووضعنا عنك وزرك ) قال : ذنبك الذي أنقض ظهرك ، أثقل ظهرك ، ووضعناه عنك ، وخففنا عنك ما أثقل ظهرك . وقوله : ( ورفعنا لك ذكرك ) يقول : ورفعنا لك ذكرك ، فلا أذكر إلا ذكرت معي ، وذلك قول : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب وعمرو بن مالك ، قالا ثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( ورفعنا لك ذكرك ) قال : لا أذكر إلا ذكرت معي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( ورفعنا لك ذكرك ) قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ابدءوا بالعبودة ، وثنوا بالرسالة " فقلت لمعمر ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ، فهو العبودة ، ورسوله أن تقول : عبده ورسوله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ورفعنا لك ذكرك ) رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة ، فليس خطيب ، ولا متشهد ، ولا صاحب صلاة ، إلا ينادي بها : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا عمرو بن الحارث ، عن [ ص: 495 ] دراج ، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " أتاني جبريل فقال إن ربي وربك يقول : كيف رفعت لك ذكرك ؟ قال : الله أعلم ، قال : إذا ذكرت ذكرت معي " . وقوله : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فإن مع الشدة التي أنت فيها من **** هؤلاء المشركين ، ومن أوله ما أنت بسبيله رجاء وفرجا بأن يظفرك بهم ، حتى ينقادوا للحق الذي جئتهم به طوعا وكرها . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الآية لما نزلت بشر بها أصحابه ، وقال : " لن يغلب عسر يسرين " . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت يونس ، قال : قال الحسن : لما نزلت هذه الآية ( فإن مع العسر يسرا ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبشروا أتاكم اليسر ، لن يغلب عسر يسرين " . حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن يونس ، عن الحسن ، مثله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوما مسرورا فرحا وهو يضحك ، وهو يقول : " لن يغلب عسر يسرين ، لن يغلب عسر يسرين ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) " . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( فإن مع العسر يسرا ) ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر أصحابه بهذه الآية ، فقال : " لن يغلب عسر يسرين " . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا سعيد ، عن معاوية بن قرة أبي إياس ، عن رجل ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : لو دخل العسر في جحر ، لجاء اليسر حتى يدخل عليه ؛ لأن الله يقول : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) . [ ص: 496 ] حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن شعبة ، عن رجل ، عن عبد الله ، بنحوه . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم : قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( إن مع العسر يسرا ) قال : يتبع اليسر العسر . وقوله : ( فإذا فرغت فانصب ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : فإذا فرغت من صلاتك فانصب إلى ربك في الدعاء ، وسله حاجاتك . ذكر من قال ذلك : حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : ( فإذا فرغت فانصب ) يقول : في الدعاء . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( فإذا فرغت فانصب ) يقول : فإذا فرغت مما فرض عليك من الصلاة فسل الله ، وارغب إليه ، وانصب له . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( فإذا فرغت فانصب ) قال : إذا قمت إلى الصلاة فانصب في حاجتك إلى ربك . حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول : في قوله : ( فإذا فرغت فانصب ) يقول : من الصلاة المكتوبة قبل أن تسلم ، فانصب . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب ) قال : أمره إذا فرغ من صلاته أن يبالغ في دعائه . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( فإذا فرغت ) من صلاتك ( فانصب ) في الدعاء . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ( فإذا فرغت ) من **** عدوك ( فانصب ) في عبادة ربك . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : قال الحسن في [ ص: 497 ] قوله : ( فإذا فرغت فانصب ) قال : أمره إذا فرغ من غزوه ، أن يجتهد في الدعاء والعبادة . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( فإذا فرغت فانصب ) قال عن أبيه : فإذا فرغت من ال**** ، **** العرب ، وانقطع ****هم فانصب لعبادة الله ( وإلى ربك فارغب ) . وقال آخرون : بل معنى ذلك : فإذا فرغت من أمر دنياك ، فانصب في عبادة ربك . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( فإذا فرغت فانصب ) قال : إذا فرغت من أمر الدنيا فانصب ، قال : فصل . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( فإذا فرغت فانصب ) قال : إذا فرغت من أمر دنياك فانصب ، فصل . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : ( فإذا فرغت ) قال : إذا فرغت من أمر الدنيا ، وقمت إلى الصلاة ، فاجعل رغبتك ونيتك له . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : إن الله تعالى ذكره ، أمر نبيه أن يجعل فراغه من كل ما كان به مشتغلا من أمر دنياه وآخرته ، مما أدى له الشغل به ، وأمره بالشغل به إلى النصب في عبادته ، والاشتغال فيما قربه إليه ، ومسألته حاجاته ، ولم يخصص بذلك حالا من أحوال فراغه دون حال ، فسواء كل أحوال فراغه ، من صلاة كان فراغه ، أو **** ، أو أمر دنيا كان به مشتغلا لعموم الشرط في ذلك من غير خصوص حال فراغ دون حال أخرى . وقوله : ( وإلى ربك فارغب ) يقول تعالى ذكره : وإلى ربك يا محمد فاجعل رغبتك دون من سواه من خلقه ؛ إذ كان هؤلاء المشركون من قومك قد جعلوا رغبتهم في حاجاتهم إلى الآلهة والأنداد . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( وإلى ربك فارغب ) قال : اجعل نيتك ورغبتك إلى الله . [ ص: 498 ] حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( وإلى ربك فارغب ) قال : اجعل رغبتك ونيتك إلى ربك . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( وإلى ربك فارغب ) قال : إذا قمت إلى الصلاة . آخر تفسير سورة ألم نشرح |
رد: تفسير سورة الشرح |
رد: تفسير سورة الشرح (94) سورة الشرح - مكية (آياتها 8) http://www.e-quran.com/s94.html الشرح﴿ ﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ http://www.e-quran.com/images/moyassar.gif http://www.e-quran.com/images/binkatheer.gif http://www.e-quran.com/images/saaaaady.gif http://www.e-quran.com/images/kurtoby.gif http://www.e-quran.com/images/madmoon.gif http://www.e-quran.com/images/tareef-s.gif http://www.e-quran.com/images/tabary.gif http://www.e-quran.com/images/jalaleen.gif http://www.e-quran.com/images/baghawy.gif http://www.e-quran.com/images/kalemat.gif http://www.e-quran.com/images/asbab.gif |
رد: تفسير سورة الشرح شكرا لكم على التقاسم المفيد |
الساعة الآن 22:09 |
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd