منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   مناسبات و تذكيرات دينية (https://www.profvb.com/vb/f302.html)
-   -   عيد كأعياد، ويوم كأيام، وعام كأعوام...فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ؟! (https://www.profvb.com/vb/t152413.html)

صانعة النهضة 2014-10-16 15:50

عيد كأعياد، ويوم كأيام، وعام كأعوام...فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ؟!
 
كتب أبو الحارث الصخري عن العيد أيام زمان على صفحته..


عيد كأعياد، ويوم كأيام، وعام كأعوام...... فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ؟!


داهمني عيد الأضحى بلا ذكريات سارّة تجعلني أستحضر أجواءها، فوقفت حائرا عمّا سأقوله فيه، وأمضيت الأيام الثلاثة الماضية متردّدا بين كتابة ما يجب أن يكتب، وبين ما اعتدنا أن نقوله من عبارات تقليدية متوارثة لا تعبّر لا عن الواقع ولا عن المشاعر، وما أراني إلاّ مضطرا لحديث غير تقليدي، وهو وإن لم يرض الذوق العام لخروجه على مألوفه فإنّه على الأقلّ يرضي

ضميري؛ لأنّه يعبّر عمّا أراه وعمّا أشعر به.

استعرضت في ذهني عشرات السنين التي قدّر لي أن أمضيها، والتي حمل كلّ عام منها عيدين، وحاولت تذكّر شيء منها فلم تسعفني الذاكرة إلاّ بومضات لبعضها كلّها تعود إلى أيام الطفولة التي غادرتها ربما منذ سنّ السابعة، وكلّ ما تذكرته هو تلك المفارقة بين طبيعة مجتمعنا القديم القائم على البساطة، والحبّ، والتعاون، وبين مجتمع الكراهية الذي بدأت تتشكّل معالمه في الأرياف والبوادي والحواضر العربية في الأردن منذ بداية ثمانينيات القرن العشرين أيام تلك الطفرة غير المباركة، وإن كانت المدن الكبرى قد سبقتنا لتلك الحال بمدّة عقد من الزمان.


تتقافز إلى الذهن صور كثيرة لو استرسلت معها لطال المدى، فأوجزها بالقول بأنّه كان للعيد في زمن مجتمع البساطة طقوس نابضة بالحياة، فماتت منذ بداية تشكّل مجتمع الكراهية ولم تبق إلاّ جثثها المحنطة التي يعرضها أو يستعرضها الناس في باترينات محكمة الإغلاق لئلا تتسرب منها روائح الموت......

أمّا الملاحظة الأهمّ والأخطر فهي أنّه في كلّ عام وكلّ عيد يكون الأمل بأنّ القادم سيكون أفضل، فتأتي النتائج معكوسة منكوسة، فتتوالى خيبات الآمال، وتكون السنون مجرد انتقال من خيبة إلى خيبات، ومن حسرة إلى حسرات،، فتجعل الجميع يرددون في لحن حزين:
( ربَّ يومٍ بكيتُ منه فلما ** ** صرتُ في غيره بكيت عليه )

نظرت في هذه الظاهرة العجيبة الغريبة المريبة التي تجعل حياتنا تسير للخلف، بل إلى ما هو أسوأ من الخلف، فوجدت أنّها "الفرعونية" إياها هي السبب، فالفرعونية قائمة على استعباد الإنسانية، وحياة العبيد تتشابه أيامها في البؤس والشقاء، بل تزداد سوءا مع تقدّم سنيّ الاستعباد لما يخترعه "الملأ الفرعوني" من وسائل وأساليب ترف تحتاج إلى المزيد من مصّ دماء المستعبدين، ولما تحتاجه عمليات المصّ من أساليب مسخ لبقايا الإنسانية في نفوس العبيد، ولو انتبه المستعبدون لصيغة الأمر "تب" لكانوا من المُسعَدين، فما بين المُسْعَد والمُسْتَعْبَد (تاء وباء).

المُسْتَعْبَد لم يتب من قناعته بجدوى الخلاص الفرديّ، ولم يرتق لمستوى الإدراك بأنّه لا خلاص إلاّ بخلاص الكلّ، فأمر طبيعي أن يتنقل في درك الشقاء عاما بعد عام، وفي كلّ عام يأمل بأنّ القادم أفضل، وهو في الواقع يجري خلف السراب حتى يوافيه الأجل، "كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ".

الفرعونية قديمة قدم الإنسان، وقد استطاعت أن تسخّر كلّ الإمكانيات الإنسانية في خدمتها؛ فأمر طبيعي أن تشرعن وجودها،ووجود الشقاء الناتج عنها بما يضفى عليه صفة الدين ليستسلم له المستعبدون بصفته القضاء المحتوم والقدر المبرم، ألم ينسبوا للنبي صلى الله عليه وسلم فيما رووه عن ((الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيّ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الحَجَّاجِ، فَقَالَ: "مَا مِنْ عَامٍ إِلَّا وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ"، سَمِعْتُ هَذَا مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، (ت) 2206 [قال الألباني]: صحيح.)) انتهى......... ومعلوم أنّ هذا الحديث وأمثاله قد ترسّخ في الوجدان الشعبي إلى درجة تصعب إزالة تأثيره، والعجيب أنّ هؤلاء الفضلاء لم يخبرونا كيف نفهم على ضوء مثل هذا الخبر الآيات القرآنية التالية:

"قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ"....................
((قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ))............
سيقولون لنا : نعم أنّه من أتبع الذكر لن يضلّ ولن يشقى، ولكن هذا الحديث يخبرنا بأنّ الشقاء هو المصير المحتوم لأنّ الناس لن يتبعوا الذكر!!

وإذا أجبناهم بأنّ الله وعد عباده بخلاف ما تزعمون ومن ذلك قوله تعالى "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ "......... قالوا هذا وعد مشروط فلم يقم أحد بشروطه فلم يتحقق أو هو تحقق في الماضي ولن يعود........

فإنّ قلنا ما قولكم بقوله: "يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ))........ قالوا ذاك وعد قد تحقق أو انتظروا المهدي!!

فبالله عليكم أوجدتم سدنة وسحرة للفراعنة أفضل من هؤلاء السدنة والسحرة؟؟ وهل نتوقع من أمّة يقوم على تشكيل عقولها أمثال هؤلاء السحرة أن تنهض لتقوم بواجبها تجاه نفسها وتجاه الإنسانية بصفتها الأمّة الوسط التي تحمل الرسالة الخالدة التي ابتدأت ب "اقرأ" وأردفت ب " طه (*) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى" وختمت ب "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا" وبينت مهمتها "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا"

ومؤهلات هذه المهمة " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" والأمر بالحفاظ على هذه المؤهلات " وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"؟؟؟

نعم المطلوب منّا أن نتجاهل كلّ ذلك في سبيل خبر أمر بالصبر على جور الحجّاج لنحافظ على المؤسسة الحجاجية لتستمرّ إلى يوم القيامة، وتفرّخ حجّاجين يهون معهم ذلك الحجّاج!!

وعليه فإننا سنظل ندور في دوامة تيه الاستعباد، وننزل في دركات الشقاء عاما بعد عام وعيدا بعد عيد حتى نفعل الأمر " تب " فنعلن توبتنا من جميع الأفكار والمفاهيم المغلوطة التي زرعها في نفوسنا الفراعنة، وسدنتهم، وسحرتهم على مرّ القرون ونرتقي إلى مستوى الخلافة في الأرض القائمة على قوله تعالى : ((وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)) مع ادراك أنّ الصلاح ليس بطول اللحية والسبحة، ولا بقصر الثوب وتسنين القصعة، ولا بتواتر الحجّ والعمرة..............

الصلاح لن يكون إلاّ باستعمار الأرض وإعمارها وتسخير خيراتها لخدمة من فيها وما فيها، وما جعل الإنسان مستخلفا فيها إلاّ وهو مزوّد بالإمكانيات التي تؤهله لهذه المهمّة، ولا لعنة قدرية تلازمه إلاّ "لعنة الفراعنة" المفتعلة التي إن اكتشف سرّها أبطل سحرها، ولا سرّ فيها إلاّ جهل المستعبدين بأنفسهم وما يملكونه من طاقات هائلة تستطيع تحطيم جميع القيود، وتهديم جميع الأسوار.

وختاما أسأل الله أن يوفقنا جميعا للعمل الصادق المخلص الجادّ ليكون العام القادم والعيد القادم أفضل، وأنوّه هنا بأنّ ما يجري الآن هنا لهو أمر لا نملك معه إلاّ دعاء عجائز البدو قديما القائل:

"اللهم انح المُقَدّر باللطف".



فلاح أديهم المَسلَمي الصخري.

صانعة النهضة 2014-10-18 11:21

رد: عيد كأعياد، ويوم كأيام، وعام كأعوام...فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ؟!
 
أعتقد أن السبيل الوحيد للخروج من هذا الوحل الذي علق بالمسلمين اليوم هو الرجوع لكتاب الله تعالى والعمل بهدي المصطفى عليه السلام وتجديد المسلمين للقضايا المعاصرة نظرة معاصرة وفق الأحكام الشرعية ،أما الثوابت فلا مجال لمسها لأنها هي مصدر القوة والريادة التي نبتغيها.

فهل تتفقون معي؟


خادم المنتدى 2014-10-19 20:41

رد: عيد كأعياد، ويوم كأيام، وعام كأعوام...فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ؟!
 
-************************-
شكرت جزيلا اك..بارك الله فيك...
-**************************-


الساعة الآن 11:06

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd