- مّاا .. ماااما .. أكلت واجباتي

الراوي : أيها الطّبّاع المغشي عليه ,,
صحح الكلمة .. ( أكملت ) ( وليس أكلت )
فإن أكل الطفل واجباته سنسميه تيس وليس القاسم

- طيب أيها الراوي سوف نصححها

مّااا .. ماااما ... أكملت واجباتي

- لحظة أُدخل الثياب للخزانة وأنزل
يا إلهي كم هذا الولد فوضوي , أرتب ثيابه وأجدها وكأن عاصفة مرت عليها
لا يشبهني أبدا في الترتيب ,, طبعا يشبه أباه , أجمعها من هنا يبعثرانها من هنا
أعتقد أنني سوف أقفل الخزانات وأضع المفتاح في رقبتي كالقلادة , وأعطيهما ما يريدان وبالقطارة

الراوي _ اليوم يومك يا أبو القاسم .. استلم

- ماااامااااااا .. خلّصصصصصت وااااجبااااتي ...
- ولماذا تصرخ ؟ أوَتعجبك أحبالك الصوتية ؟
ها أنا أتيت دعني ألقي نظرة على ما هبّبته في تلك الدفاتر
- ماما ... هل صوتنا فيه أحبال ؟

أم القاسم تتمتم بصوت غير مسموع :
- لا حول ولا قوة إلا بالله الصبر ياارب

وبإبتسامة مرسومة بدقة ولو أنها باردة ..
- نعم ولدي لدينا أحبالا صوتية في الحنجرة
جرب معي هذا الصوت ــ آآآآآآآ
- آآآآآآ
- إإإييييييييي
- إإإيييييييييي
- إييي أؤووووو
- إيييي أؤووووو

هل تلاحظ تغيّر الصوت عند كل نطق
هذا الصوت المتغيّر والذي يخرج هو فقط هواء يصطدم بغشاء مخاطي يمتد بشكل العرض يمر من الحنجرة
عندما نقوم بإخراج هذا الصوت عبر الحنجرة يلمس ذلك المكان فيتكوّن منه هذا الصوت
ويتغير حسب تمدد الحنجرة أو تقلصها أو فتح فمنا أو إغلاقه
وبتحريك اللسان ايضا , كما للأنف دور في إخراج الصوت منه إن أردنا ذلك

- كما يُخرج عمي سالم دخان السيجارة من أنفه ؟ ياااي رااائع
- يا إلهي .. ألم تجد إلا دخان عمّك سالم للمقارنة ..
لا .. ليس كما الدخان ... انس الدخان وانتبه وتابع معي ..

هذا المكان , مكان اصطدام الهواء بتلك القطعة اللحمية يسمى ( صندوق الصوت أو علبة الصوت ) ..
وطبعا هذا الشيء الله تعالى هو من أحكم صُنعه لكي نستطيع التحدث مع بعضنا ولكي ننشد الأناشيد كما تفعل أنت

أما القاسم فإنه اصبح كالعادة مجموعة من الأذان لكي يستمع جيدا ويستوعب

- وهل هذا الحبل من البلاستيك كالذي تقفزي به لتفقدي الوزن ؟
- يااا ساااتر لا يفوتك شيء أبدا .. أنت حقا فضيحة ,,

- لا .. بل هو من لحمنا , أرأيت لحمة يدك هذه .. هو من نوعيتها
- ماما أيمكنني أن أرى حبلك الصوتي ؟
- ههه لا يمكننا رؤيته لكن يمكنك أن تلمس الذبذبات التي يصدرها الصوت
ضع يدك على حنجرتك واضغط بشكل خفيف .. أزل يدك .. قلت خفيف حتى لا تختنق .. وردد معي :
ععععع آآآآ إإإييي قاقاقا كوكي كوكي

- ماذا تحس ؟
- أحس بحنجرتي ترتعش وتتحرك قليلا من فوق لتحت والعكس
- برااافو .. هذا هو الصندوق الصوتي وهو أيضا الأحبال الصوتية
- ماااماا ... سوف أشرح هذا لمدرّستي غدا في الروضة لأنها لا تعرف ما هو الحبل الصوتي
- كيف متأكد أنت أنها لا تعرف ..
مدرّستك أبلة زهيرة تعرف أحبالها جيدا والدليل أنني اسمع صوتها من وراء سور الروضة

- ماما .. هل يمكنني فرك أحبالي بالفرشاة والمعجون كي لا تسكنها الحشرة ؟
- لا لا لا .. الفرشاة فقط للأسنان إن أدخلتها إلى حنجرتك سوف تتأذى ويخرج الدم وأذهب بك للطبيب
- الطبييييب !! اكره الطبيب .. وأكره الإبرة .. وأكره رائحة الممرضة ..

- هيا يا سنفوري الغضبان قل لي .. ماذا قلنا قبل الغذاء عن الفكرة التي هي ........
- ممممم .. لا أتذكر ..
- طيب بما أن غدا عطلة نهاية الأسبوع
جهّز نفسك لنذهب إلى مكان جميل جدا فيه الكثير من الأطفال الصغار
سوف نزورهم واعرّفك عليهم
ولكن قبل ذلك نذهب للسوق لقضاء أمور تخص الزيارة .. ما رأيك ؟

- السوووق ... الأطفاال ... يييس يس ..
- القاسم .. هل لديك فلوس ؟
- نعم في حصّالتي نقود كثيرة
- إذن جهزها سنحتاجها غدا بإذن الله
- اووووكّي ..
- الآن أنت حر لديك التلفاز .. لديك البلايستيشن .. لديك الحديقة والكرة
اختر وإلعب وفرفش ..
- ماما أيمكنني الإتصال على عابد صديقي لـ يأتي لنلعب معا ؟
- نعم ممكن لكن اطلب منه أن يستأذن أمه أولا

- حااضر ماما ... شكرا


تابع يوميات القاسم

-

يوميات ممتعة

ذكرتني بالصغر

شكرا لك أختي فطيمة

وحمدا لله على سلامتك

عواشؤكم مباركة

الله يذكرنا بالشهادتين عزيزتي فطيمة
الله يسلمك ويحفظك
بارك الله فيك وشكرا على المتابعة

زيارة خاصة


- القاااسم ... اليوم موعد الزيارة .. أين أنت ؟
- نعم ماما .. جااهز
- إلبس بدلة الرياضة وضع على رأسك الكسكيت من الشمس
- مااما .. أين النظارة الشمسية ؟

الأم تتمتم _ نظاارة شمسية من هذا العمر ! هذا لما يكبر ماذا سيفعل بنفسه ؟!

- تلك نظارة البابا أخذها معه
- وأنا أخرج بدون نظااااارة ؟!
- لا ترفع صوتك أذناي لا تزالا بألف خير
ولا تجعل يومنا يبدأ بفلم نظارة لا ينتهي .. انزل تأخرنا .. ولا تنس فلوسك التي في الحصّالة ..

نزل القاسم وهو ما يزال يجهل الوجهة المراد الإتجاه إليها
وفي الطريق لمح مجموعة من القطط تتعارك فوق برميل قمامة

- ماما .. القطط تعض بعضها
- نعم ولدي مثل الآميين تماما
- وهل الآدميين يعضون بعضهم ؟
- سوف تكبر ويُريك الزمن كيف يعض الأخ أخاه والصديق صديقه

ساد الصمت , فيما القاسم يعبث بجوال أمه
سافر ذهن هذه الأم إلى فترة من الزمن عاشت فيها تجربة لا تستطيع نسيانها
كانت لديها صديقة ترى فيها كل الصدق والوفاء
وضعت فيها كل الثقة , وبنت معها أحلاما بغاية تحقيقها في القريب ..
لكن تلك المدعوة صديقة لم تكن إلا شيطانا بقناع الملائكة ..
طعنة منها في الظهر كادت أن تقضي على نفسية أم القاسم بالكامل
و إلى الساعة ما تزال الجراح لم تبرأ ... هذه إحدى عضّات البشر ..

طييييت .. طاااااات ..
- أيتها السيدة .. أين عقلك ؟ هل بصيرتك عميااء .. انتبهي كِدتِ تقتلينا ..

انتبهت أم القاسم وكأنها كانت في إغماءة

- آسفة سيدي لم أنتبه
- الخطأ ليس منك .. بل ممن أعطاك رخصة السياقة ..
- لا تتمادى يا سيد .... قلتلك آسفة
- تزاحمننا في أي مكان , في الطريييق في المكااااتب .. في الأسوااااق .. في المقااابر فــــــ .....
- ما بك يا سيد ؟ كأنك متحامل على الجنس اللطيف
- جنس لطييييف !! ياا لطيف ألطف منكن ,, بل جنس جبار لا يقدر عليكن إلا من خلقكن
- لن أرد عليك أكثر , يبدو أن إحداهن تمسك لك باللجام , وأتتك الفرصة اليوم لتنفجر في وجهي ..
- لجااااام !! وهل بدوت لك حماارا أم بغلا ...
- لا حولا ولا قوة إلا بالله ,, اللهم اخزيك يا أبو الشّوش ....

فتحت الإشارة الخضراء وكل سائق يطَوّط على من أمامه
عالم مليء بالسرعة وعدم الإنضباط ,, الجميع متهالك الأعصاب ..

- ماااما أريد لعبة السيارات لم أجدها في الجوال
- ألم تر اللعبة التي نحن فيها الآن ؟ لا استطيع الآن يجب أن أركّز في الطريق

سارت السيارة شارعا بعد شارع .. إلى أن توقفت أمام مبنى يبدو كأنه مدرسة ..

- ها قد وصلنا ولدي أخيرا ,,, فكّ عنك الحزام
- لحظة ماما أنزل حصالتي
- حصااالتك ! يا للهول كان يجب أن نعرج على السوق أولا قبل الوصول إلى هنا
- يا له من يوم مُعبلَك , ابق مكانك واربط حزام كرسيّك

عادت الأم أدراجها في اتجاه المنطقة المقابلة
هناك سوق يشمل كل ما يحتاجه الزائر

بعد ربع ساعة
- هيا ولدي انزل

- السلام عليكم سّي الحاج
- وعليكم السلام سيدتي , أش حبّ الخاطر
- عندي مبلغ ( ... ) أريد أن تختار لي ألعابا تناسب من سن 3 سنوات إلى 8 سنوات
- حاضر سيدتي تفضلي بالجلوس سوف آتيك بها من المخزن
- ماما .. أريد هذا القطار , فقطاري تكسّرت عجلاته
- لا تقل ( تكسّرت ) بل قل : ( أنا كسّرتُ ) عجلاته ,, لأنها لن تنكسر وحدها ومن تلقاء نفسها
ثانيا تلك النقود التي في حصالتك ليست لك ..
ستدفعها للبائع لأجل الألعاب التي سيأتينا بها , وأنا ايضا سأساهم بنقودي

- لماذا نشتري كل تلك الألعاب ؟
- لأننا سنذهب لزيارة أطفال اليوم .. ويحتاجون هذه الألعاب

- تفضلي سيدتي ... كل ما تريدينه هنا في هذه الكراطين .. عاينيها كي أغلقها ؟
- أنا واثقة من اختيارك سّي الحاج ليست هذه أول مرة أشتري منك ..
- شكرا سيدتي على هذه الثقة .. تفضلي سوف يوصلها لك ولدي سعيد للسيارة

طييييط طااااط طووووط

- اووووف ... ماهذا الزحااام
- ماماا .. يجب أن أعاقبك لأنكـِ قلت __ أوووف
- هذا ما أنت فالح فيه أيها العفريت , مراقِب نبيه .. آآسفة لن أعيدها ..

- ها قد وصلنا
- السلام عليكم , هل يمكن مساعدتي سيدي في حمل بعض الأغراض إلى الداخل
- وعليكم السلام , من تريدين هنا لو سمحتِ ؟
- أريد المديرة أو المسؤولة عن الدار
- لحظة سوف أعطيهن الخبر

....................

- تفضلي بالدخول

دخلا من باب حديدي عريض أخضر , به مساحة لابأس بها خضراء نظيفة مرتبة
بها مكان به عدة ( ألعاب الحديقة ) للأطفال , وهناك في الجانب الآخر كراسي وطاولات حديدية
في الجهة الأخرى ملعب صغير للكرة وإلى جانبه ملعب التينيس وحصان القفز ..
تتوسط الحديقة نافورة جميلة تتدفق من صنبورها المياه ...

- السلام عليكم سيدتي معك أم القاسم وهذا القاسم ولدي أتينا لزيارتكم إذا أمكن
- وعليكم السلام أختي , نعم تشرفنا بالزيارة , يسعدنا ذلك وسوف يدخل السرور لأبناء الدار

- أهلا بك القاسم كم عمرك ؟
- عمري 5 سنوات
- هل تريد أن تسلّم على الأطفال ؟

أومأ القاسم برأسه بنعم

- تفضلا

- ماما .. من هم الأطفال ؟
- ششششت ...
- ماااماا .. أين ألعابي التي اشتريتها بفلوسي ؟
- آآه يا الفضيحة .. اصمت .. حتى تلك القروش تحسبها فلوسا .. اسكت بس
- مااما .. عندهم غرف كثيرة وأسرة فوق بعضها لماذا ؟

سمعتْ المديرة تساؤل القاسم فأستدارت نحوه بابتسامة رقيقة :

- تعال معي القاسم أمسك بيدي وسوف أُعْلِمك بكل شيء حتى أرضي فضولك

ـــــــ تاابع ـــ