منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد - إطلالات على الحياة من نوافذ مختلفة. (3) الحمام

أخرج الأب ابنه الصغير بعد أن غسله، ولوى عليه فوطة من عنقه إلى ركبتيه.. أجلسه وأعطاه زجاجة مونادا. الآن سيبدأ الأب الاغتسال. هكذا الآباء دائما: يؤخرون أنفسهم ويهملونها من أجل الأبناء.. من حين لآخر، يطل الأب على ابنه ليرى هل كل شيء على ما يرام. أما الإبن، فقد شغل نفسه بمشاهدة الزبناء الذين انتهوا من الغسل، أو الذين دخلوا للتو، سائلين غيرهم: "الحمام خاوي؟"

الغرفة الأولى باردة لأن الناس يشللون فيها ويتوضأون للصلاة. الغرفة التي تليها أكثر حرارة شيئا ما، وهكذا، حتى تصل إلى الغرفة الأخيرة حيث توجد البرمة..

الزحام وحرارة الماء يجعلان الرؤية صعبة من جراء البخار.. أمام البرمة تلاحظ أحد مظاهر التكافل الاجتماعي.. من يملأ دلوه يملأ دلو غيره، خصوصا إذا كان هذا الغير رجلا كبيرا في السن.

يوجد مظهر آخر للتكافل: "واحد الشويا ديال الشمبوان الله يرحم الوالدين"..

ويحدث كذلك أن يطلب شخص من آخر أن يحك له ظهره، وعندما يفعل يشكره، ويقول له: "عندما تريد أن تحك، ناد علي لأحك لك ظهرك أنت أيضا".

لكن ليس كل الناس يفعلون ذلك. قد يكون الرجل من أصحاب الجاه، فيطلب كسالا يقوم بجميع المهام، بداية من البحث عن مكان مناسب، إلى ملئ الأسطل.

يتمدد الرجل أرضا، ويحكه الكسال ويغسله بالصابون، ويغسل له شعره بالشامبوان، وفي الأخير يفرغ عليه دلوين أو ثلاثة وهو ـ أي الزبون ـ لا يبدل أي مجهود، مثل سيارة في محطة اللافاج.

تبقى أفضل الأماكن هي زوايا الغرف البعيدة عن مرور المستحمين. هناك يغسل الفرد بكل اطمئنان، لا يرش أحدا ولا يرشه أحد. لذلك يتسابق الناس نحو تلك الزوايا، ومن يضع يده عليها أولا تصير مثل مملكة له، يرص على حدودها عدد كبيرا من الدلاء، خصوصا إذا لم يكن الحمام مكتظا. أما إذا كان هناك اكتظاظ، فإنه يستحيي ويكتفي بعدد قليل من أسطل الماء.

الانتهاء من الغسل بمثابة نصر يشعر صاحبه بالسعادة. لكن في الحقيقة هي سعادة الإحساس بالنظافة كحالة تحبها النفس بالفطرة.

بقلم: روبن هود