منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

دراسة رواية 1984 جورج أورويل

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد أحببت اليوم أن أتكلم عن رواية غنية عن التعريف ، وهي رواية 1984 وأحب أن اناقشها من عدة زوايا ولكن قبل أي شي سنبدأ بملخص الرواية هي 1984 رواية ديستوبية من تأليف جورج أورويل قدمها في عام 1949 والتي كان يتنبأ من خلالها بمصير العالم الذي ستحكمه قوى كبيرة تتقاسم مساحته وسكانه ولا توفر أحلامهم وطموحاتهم بل تحولهم إلى مجرد أرقام في جمهوريات الأخ الأكبر الذي يراقب كل شيء ويعرف كل شيء، حيث يمثل حكمه الحكم الشمولي ، لقد وصف جورج أورويل بشكل دقيق تحول القيم البشرية إلى أشياء هامشية ومن ثم سطوة الأحزاب السلطوية والشمولية على الناس والشعوب ليكونوا مجرد أرقام هامشية في الحياة بلا مشاعر ولا عواطف وليس لديهم طموحات أو آمال، حيث يعملون كالآلات خوفا من الأخ الأكبر ولينالوا رضاه لأنه يراقبهم على مدار الساعة.
شخصيات الرواية الرئيسية :
- الأخ الكبير / وهو الشخصية الحاكمة لأوقيانيا الدولة التي تنبعث منها الهيمنة الكبرى والسيطرة على جميع الدول ، وهو في مقام الإله إذا صح التعبير بان الإله لم يكن يقارن في عقول البشر بالأخ الكبير بعد أنا أضاف الرعب إلى قلوبهم والخوف إلى عقولهم وقد حول جميع البشر إلى آلات ، ومن المميزات الشخصية في الرواية بأن جورج اورويل لم يوضح إذا كانت شخصية حقيقية أم انها مجرد وهم مصطنع لأن في الحقيقة لم يلتقي أحد به ، لا يعرف عنه أحد سوى أنه الرأس الكبيرة المرسومة على الحوائط والمكتوب أسفل صورته بخط عريض يدخل الخوف ورعشات القلق والتوتر إلى الجميع "الأخ الكبير يراقبك " وعلى شاشات الرصد التي يتحكمون بها بجميع السكان كانت تظهر صورة الأخ الكبير بتلك الإبتسامة التي تبدو واضحة على وجنتيه بسبب أن وجهه قد تغطى بشاربه الأسود العريض ولا تظهر هذه الشخصية على مدى الرواية ولكن أثرها كان الأقوى من جميع الشخصيات .
- ونيستون سميث / موظف ذو 39 عاماً من العمر وهو يعمل موظفاً في وزارة الحقيقة أي أنه صحفي يراقبه رجال الشرطة ويراقبه جيرانه رغم أنه ليس مجرماً وليس ملاحقاً ولكن الرقابة نوع من السلوكيات اللاإرادية التي يقوم بها الجيران ضد جيرانهم يعاني من تقرحات في رجله وأعزب أو بالمعنى الأصح شبه متزوج يث أن زوجته قد أختفت من الحياة وليس بمعنى الموت ولكن الإختفاء في ذلك العصر كان جائز فاليوم ترى شخص واليوم آخر يختفي .
- أو براين / وهو قدوة سميث والشخص الذي كان سميث يظن بأنه قد يساعده في وقت لاحق فإنه يملك منصب كبير في وزارة الحب التي كانت تختص بإعادة تأهيل المسجونين قبل تنفيذ حكم الإعدام بهم .
- جوليا / وهي الفتاة الجميلة العضوة في رابطة محاربات الجنس والتي كانت دائماً ترمق سميث بنظرات تريبه حتى أدخلت في قلبه إيمان بأن هذه الفتاة موكلة بالتجسس عليه .
- إيمانويل جولدشتاين / وهي الشخصية المجهولة الثانية في الرواية ، وهو نقيض الأخ الكبير فقد كان في يوم ذو منصب رفيع في وزارة التفكير ولكن بعد فترة أصبح مطلوب على مستوى أوقيانيا كقائد لجماعة تدعى بأسم الأخوة وهم الأشخاص الذين يخططون للانقلاب على حكومة الفكر الخاصة بالأخ الكبير وتفكيك نظام الإشتراكية الإنجليزية المطبقة هناك والمقام على ثلاث قواعد وهي : الحرب هي السلام ، الحرية هي العبودية ، الجهل هو القوة .
تدور أحداث رواية 1984 في (المستقبل) بمدينة لندن عام 1984 حيث وينستن سميث الشخص الذي يظن نفسه بأنه مسيتقظ بحيث أنه لم يشاء أن يخضع إلى قوانين العبودية والتخلف التي كانوا يؤمرون بها وعندما كان يثق بأوبراين بسبب أنه حلم به ليلاً يأتي إليه ويقول له "سنلتقي حيث لا يوجد ظلام " وتعرف لاحقاً على الفتاة جوليا ودخل معها في علاقة غير شرعية حيث أنها كانت تشاركه نفس أفكاره السياسية ، ومن ثم يستدرجه او براين ويتضح بانه كان يتجسس عليه في وزارة الحب ، وضع أورويل في 1984 بعض الرموز منها حزام سكارليت ـ وهو شعار اتحاد ضد الجنس الآخر يرتديه اعضاء الحزب ليعطيهم شعار العزوبية ولكنهم مشوشون من الداخل، كما هناك الرمز 101 وهي غرفة تعذيب نهائية في مركز التأهيل بوزارة الحب ويقابلها وزارة الحقيقة وجميعها رموز وهمية لسلب الإنسان إنسانيته وتحويله إلى رقم في قطيع بشري ، تقوم وزارة الحقيقة بواسطة كادرها الكبير بتغيير البيانات والمعلومات الموثقة على مدار الساعة لتتماشى مع إستراتيجية وأهداف الحزب والحكومة بقيادة الأخ الأكبر!. فهناك موظفون يقومون بحذف كل تلك الوعود المحرجة من الأرشيفات الصحفية، واستبدالها بتنبؤات مذهلة .
لم تذهلني نهاية الرواية كما كنت اتوقع ، ولم تلقى إعجابي طريقة جورج أورويل في الوصوف السياسية التي كانت تجز نبض تشاؤوم كبير جداً لما قد يحصل في المستقبل فبالرغم من الدقة البلاغية لجورج إلى أنه قد غابت عنه بعض المثيرات في الرواية أو بعض النقص ، الرواية قد ترجمت من قبل المركز الثقافي العربي في 351 صفحة 60 % منها عبارة عن مصطلحات عشوائية ووصوف غير دقيقة ومملة ، فقد أضافت بان حياة الإنسان أصحبت متعلقة على السجائر والشوكولاتة وكأن الإنسان لا يقوى على الحياة بدونهما لقد كانت الرواية خالية من ملامح الواقعية المطلقة ، فلم يذكر أسس الزراعة أو الملابس بل قد أهتم جورج بالمتغيرات البسيطة مثل شيفرات الحلاقة وأربطة الأحذية مما جعلها نوعاً ما مملة وتافهة ، وإذا قلت بأن جورج لم يبرع إلا في الوصوف الجنسية لصدقت فإنه لم يرسل رسالة أمل في روايته بل قد حث على الإلحاد وعلى الإتيان بالفواحش في سبيل إنجاح الثورة ومعاداته الغير طبيعية للعقلية الإنسانية التي لم تخرج عن حدود الخيال ، أما عن الترجمة فقد أثار إشمزائزي كيف أنهم لم يضيفو المحسنات البلاغية باللغة العربية أو لربما ماقرأته من طبعة لم تكن محسنة ففي القصائد التي تذكر قاموا بترجمته حرفاً في حين كان بإمكانهم أن يترجموها بحيث تكون لذيذة نوعاً ما وأحداث الرواية القائمة في لندن والكاتب الإنجليزي نفسه أضاف أسم مختلف على عملة العالم في ذلك العصر ولكن الترجمة قد أقرت بأنها الدولار وجميعنا نعرف بأن الدولار غير متعامل في بريطانيا ، كما أن الصورة التي طبعت على غلاف الرواية كانت صورة جوزيف ستالين وهذا ماأثار غضبي لأن وبالرغم من الشبه الكبير بين الأخ الكبير وجوزيف ستالين إلا أن الفرق بينهما واضح وضوح الشمس .
جورج أورويل إني أحترم ماقمت به من عمل بديع سيظل مرجعاً تاريخياً وقد أعجبت بالرواية إلا أنها لم تنال ذلك القدر من الإهتمام الذي كنت أتوقعه .