المجتمع التائه - منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

2010-01-11, 18:16

رقم المشاركة : 1

Aboutarek

أستـــــاذ(ة) جديد

إحصائية العضو

Aboutarek غير متواجد حالياً

المجتمع التائه

المجتمع التائه

الطالب : عطا طارق
مسلك : الفلسفة الفصل الأول (S1)
كلية الآداب و العلوم الإنسانية ابن طفيل القنيطرة
ربط الأبوجي رقم : 09001146

(لا يمكن تفسير الظواهر الاجتماعية بسبب واحد ، فالحياة معقدة و المجتمعات مركبة ، بحيث أن السلوك أكثر تركيبا و أعقد) ¹، أو لسنا في حاجة إلى فتح عيادات طب علم اجتماع نفسي ؟ أو لم يعد تحديد قيمة الفرد منا بكم يملك في حسابه البنكي ؟ أو ليست المناطق السكنية تلعب دورا في تحديد قيمة الفرد و سلوكاته ؟
ثم هل نحن واعون من أي كأس نشرب ؟ أم أن الأمر مفروض علينا ، ومن عولم العالم و اخترع أجهزة الكومبيوتر و القارة السابعة حسب تعبير (الأستاذ الدكتور عبد الرحيم العطري ) قد بث فيها من السموم و الفيروسات ما جعلنا نتجرعها إلى الآن الشيء الذي قتل فينا إرادتنا فالمتحكم في المعلومة ، مسيطر على زمام الأمور هذا السوفسطائي الجديد المحدث ، هو أكثر خطورة من ذلك الأصلي ، فهو يدمر القيم و الأخلاق ، و ينشر الذعر و الضبابية و يقوم بعملية التهيئة Formatage للعقل البشري .
أليس هناك ما هو أخطر من أن تسلب حرية التفكير و تقوض مجال الخيال البناء و تحصره و تجمده ؟ نعم هنالك ، هو أساسا مشروع خلق مجتمعات بهائمية بمعنى عقلية قطيعية ، و أخرى ربوتية ، و الثالثة مجتمعات (الدول النامية) تائهة بين هذا و ذاك ، تعيش الماضي و عليه و تتوهم المستقبل ، لكنها في الحاضر نائمة نوم الأموات .
لنغص بغواصتنا هاته إلى عمق يقربنا من تلك الظواهر الاجتماعية المرضية لمعرفة الأسباب سنطرح السؤال تلو الآخر ، هل سمعتم يوما أحدا يقول بالدارجة المغربية (هذا برصاوي و هذا ريالي) و آخر يقول (هذا رابور و هذا هاردروزي و هذا بلاك ميطال و هذا كرانجاوي) و آخر يقول (هذا لبلاس و هذا عايق و الآخر حميدة) ، أو ليس هذا القول كمن يقول هذا (شيعي و هذا سني) هذا (بروتستاني و الآخر كاتوليكي) وهذا (مسيحي و الآخر درزي) و هذا ( عربي متشدد و الآخر معتدل) و هذا ( إرهابي و ذاك مارق) ما هي الإجابة ؟!
إنما ثقافة الكرة (البارصا و الريال) على سبيل المثال و ثقافة الغناء الغربية الداعية إلى العراء سواء على مستوى اللباس أو القيم الفكرية الأخلاقية لا علاقة لها بهويتنا أم أن مصطلح الهوية في حد ذاته لم يعد موجودا في قاموس المغاربة ؟ هل من عادة هذا الشعب التسارع و الازدحام في الحافلات (الطوبيسات) ؟ و هل الواحد منا ملزم بالتفرنس و هو جالس في مقطورة القطار ؟ و أي فرنسية تلك هي التي أصبحت منصهرة مع الدارجة ؟ هذا نهيك عن تلك الفوضى الطرقية حيث الراجلون يسيرون وسط الطرقات ، و أصحاب السيارات لا يبالون بإشارات المرور ، بل يكتفون بسؤال : هل يوجد هناك شرطي ؟ حسب تعبير البرديوي " العنف و العنف المعاكس" لكن إلى أين يتجه هذا الأخير أي العنف المعاكس ؟ ألا يتوجه إلى الذات ؟ سأوضح الأمر بمثال جماعة من الأطفال داخل حي شعبي ماذا يمكن أن يراكموه من تجارب غير تلك التي يعيشونها و يتعايشون مع أحداثها يوميا ، ها قد استقضوا في الصباح ، رقم 1 غسل وجهه و جلس على مائدة الإفطار يشاهد التلفاز الفيلم مكسيكي أو أمريكي أو تركي أو هندي البطل يقبل البطلة و الشرير يقتل هذا و ذاك و في الفاصل الإشهاري ذلك الممثل الكاريزمي يدخن سيجارة من النوع الرفيع . رقم 2 فتاة في السابعة من عمرها تستعد للذهاب إلى المدرسة يناديها أبوها ويطلب منها إحضار زجاجة الخمر من الثلاجة ، و في طريقها إلى المدرسة تعاين أحد شبان حيها وهو يقوم بعملية الاعتداء الجسدي و السرقة على أحد الغرباء ، و بجانبه طفل صغير يشتم "السيليسيون" . رقم 3 طفل يبلغ من العمر 10 سنوات يلعب الكرة في الشارع فيقوم بتكسير زجاج نافذة أحد منازل الحي ، لتخرج إليه صاحبته و تمسك به تم تبرحه ضربا بعد تنهال عليه بأشد عبارات الشتم الجارحة التي تبلغ إلى حد العبارات النابية . النموذج رقم 4 ، مجموعة من الإخوة يريدون التوجه إلى المدرسة بواسطة الحافلة ، فتأتي هذه الأخيرة و لا تتوقف في المحطة ، يلتقط أحدهم حجارة و يقذف بها لتصيب زجاج الحافلة ، يلوذ الجميع بالفرار فزعين مذعورين .
كل هذه النماذج ماذا ستعطينا في المستقبل ؟ الأمر واضح و لا مجال فيه للتفسير و التوضيح ، تأملوا لغتنا الدارجة و ما تختزنه من عنف و شذوذ ، انظروا إلى ذلك التخريب الذي يطال حافلاتنا من تكسير لنوافذها و عبث بكراسيها عن طريق الكتابات النابية و الصور العارية من الحشمة و الوقار هذا التخريب و الفوضى نفسها التي تسلط على جميع تجهيزات ملاعبنا الرياضية مع السلوكات المصاحبة لها من تشجيع بمصطلحات يندى لها الجبين نفس الفوضى و نفس التخريب أصيبت به مؤسساتنا التعليمية ، فلم تعد هناك مؤسسة تعليمية واحدة تتمتع بحرمة كما كانت في السابق ، حتى شوارعنا أصبحت تئن تحت وطأة هذه الفوضى العارمة التي حولتها إلى ميدان للتنابز بالألقاب وشتم و سب و قذف حتى في أوقات الضحك و المداعبة ، فترى الناس وقد أصيبوا جميعا بنرجسية زائدة لا مجال معها لناصح أو ناه عن المنكر ، فالكل يطبق المثل المغربي القائل (ما كاين غير راسي ياراسي) أو المثل الآخر (غير طرب علي و تجي فعيشة اختي) ، حتى في مساجدنا نجد البعض و هم ساجدون لله ، يفكرون في توسيع مكان وقوفهم و سجودهم فتجدهم يضايقون من بجوارهم ، حيث تراهم يبسطون أرجلهم إلى أبعد مكان ممكن باحثين عن راحتهم ، غير مبالين براحة الآخرين ، و كم من مرة تحدث مشادات كلامية نتيجة لهذه السلوكات .
وشباب ليس كما قال الأستاذ "عبد الرحيم العطري" فاقد للبوصلة بحيث لا يمكن التعميم ، فإذ ما أخذنا على سبيل المثال طلابنا نجد الكثير يدعون المعرفة ، و يتحدثون لك بتلك اللغة الرنانة الجميلة ، لكن السؤال يدور حول الإبداع ، أي شيء أبدعوه أي شيء أنتجوه ؟ أم هم مستهلكون للعلم ليس إلا ، فعندما يأتي طالب و يقول كما قال فلان فهل من جديد ؟ و ماذا قلت أنت ؟ و أساتذة مع كل الأسف يشجعون على ذلك بقولهم "رد لي بضاعتي"
كل هذه العوامل تساعد لا محالة على خلق أمراض اجتماعية خطيرة و مثال مجتمعنا خير دليل على ذلك ، الفرد تائه مع ذاته ،و داخل الجماعة ، و هاته الأخيرة تائهة ليست لها رؤى فهي تعيش مرض الفصام و الخصام مع الذات ، وفي نفس الآن حب الذات ، إذن ليس الشباب وحدهم من فقدوا البوصلة بل المجتمع ككل ، و المسؤولية على من تقع ؟ هل على الفرد أم على الجماعة أم الدولة أم على النظام العالمي ؟ سؤال يحيلنا إلى جدلية المجتمع الإنساني . فحتى طريقة لباسنا تدل على أننا شعب تائه ، فهناك من هو أمريكي بتعبيره الجسدي و طريقة كلامه لأنه يرتدي لباس الهيب هوب مثلا و ما أن يرتدي جلبابا و يذهب إلى المسجد حتى يتغير ذلك التعبير الجسدي و اللفظي ، و هناك من يرتدي لباسا أفغانيا كامرأة تمتطي حافلة لا ترى حتى عينيها ، بجوارها تلك الفتاة التي ترتدي لباس "جينيفر لوبيز" ذاهبة إلى الشاطئ ، و غير ذلك من المظاهر الكـثير لا يسعني الوقت لذكرها كلها .
حسب "بول باسكون" المجتمع المغربي مجتمع مركب ، لكن لماذا وكيف و بماذا هو كذلك ؟ الأمر أبعد بكثير مما رآه "بول باسكون" فالظواهر الاجتماعية معقدة أكثر من التعقيد ذاته ، و المجتمع المغربي تائه ، فكيف لعالم الاجتماع أن يبحث في عالم مليء بالضباب ، كلما كشف شيئا و اتجه ليكشف الثاني غاب عنه الأول ، فحتى عالم الاجتماع يجب أن يمارس عليه العمل السوسيولوجي ، فعالم الاجتماع هو فرد داخل المجتمع إذن هو نتاج لهذا الأخير .
هوامش :
¹ المهدي المنجرة (الإهانة في عهد الميغا إمبريالية) ص 35

: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=62483

2010-01-31, 13:34

رقم المشاركة : 2

احمدالورادي

أستـــــاذ(ة) متميز

إحصائية العضو

احمدالورادي غير متواجد حالياً

رد: المجتمع التائه

اشكرك على هذا الطرح المتميز بموضوعه المسائل لراهنية واقعنا الاجتماعي وهو طرح جد متقدم في تحليله يبقى ان اشير الى ان التناقضات التي اشرت اليها تبقى في اغلبها وليدة المرحلة التاريخية التي يمر بها مجتمعنا وهي مرحلة تتميز بالتحول ولعل بطء هذا الاخير لعوامل متعددة منها ما بينه باسكون رغم المسافة الزمنية التي غيرت مجموعة من معطيات باسكون نفسه الان.اضافة الى مؤثرات العولمة كفاعل مؤثر من خلال الطروحات المؤطرة له عبر ثقافة الليبرالية الجديدة والتي لا يخفى عليك تاثيرها على مسارات تطور المجتمعات الثالثية ومنها مجتمعنا والتي اصبحت اليوم تدعوا اليوم الى اعادة صياغة اسئلة انية لمواجهة دارونية العولمة بكل ابعادها.اشكرك على طرحك هذا الموضوع الهام جدا ولي عودة اليه مستقبلا بمشيئة الله تعالى لاهميته وارجوا ان تعززه ردود اخرى بالنقاش الفاعل والمتفاعل .وشكرا.

2010-02-01, 06:35

رقم المشاركة : 3

oustad

هيئة التشريع سابقا
مراقب عام سابقا

إحصائية العضو

oustad غير متواجد حالياً

رد: المجتمع التائه

سيد أبو طارق، موضوعك لامس في جانب مهم منه، مسألة الوعي الشقي.
وعي ينمو في ظل غياب كامل ومطلق لعقلانية التخطيط المستقبلي، في المشاريع المجتمعية برمتها، وكذلك في تنظيم الأسرة.
نحن أمة لا تخطط لأي شيء. من منا خطط أبواه لولادته على سبيل المثال؟

التوقيع

هدية لسعيدة السعد، وفضيلة الفضل، ألف مبروك على الشفاء.
http://www.youtube.com/watch?v=g-i3X...eature=related

لِأَجْلِكِ الرُّشْدُ، شِعِرٌ جابِرُ *****عقْلٌ رَزانٌ، وفِكْرٌ عامِرُ.

صَدْعًا بِحَقٍّ، بِصَوْتٍ جاهِرُ *****صُبْحًا بِجِدٍّ، وَ ليْلًا ساهِرُ.

بِنْتُ الرّشيدِ ابنِ رُشْدَ سُلالةً*****أيْ، جودُ عِلْمٍ، حِجاجٌ باهِرُ.

~ La Femme est un homme amélioré ~


	للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :