2014-07-22, 13:10
|
رقم المشاركة : 2 |
إحصائية
العضو | | | رد: هل يعلم المغاربة أنهم يتناولون أسماكا صينية ملوثة بإشعاعات نووية? | المنتوجات البحرية الأسيوية تحمل أخطار متعددة على صحة المغاربة
- هل تمثل المنتوجات البحرية المستوردة من دول آسيا وخاصة الصينية خطرا على صحة المغاربة ؟
للجواب على سؤالكم يجب اعتماد مقاربة تحليلية صحية على طول السلسلة الإنتاجية لهذه المنتجات لسرد جميع أنواع المواد أو المركبات التي يمكن أن تضر بصحة مستهلكيها. فإنتاج الروبيان المستورد من البلدان الأسيوية، خاصة الصين، يتطلب عدة مراحل: في غالب الأحيان تتم تربيته داخل أحواض مائية تتم خلالها تغذيته بأسمدة مركبة ومعالجته بأدوية ضد الأمراض التي يمكن أن تضعف مردودية الإنتاج أو اصطياده بالمنطقة البحرية FAO 61قبل معالجته حراريا، وتلوينه، وتهييئه وتلفيفه قبل تصديره. فمصادر الخطر متعددة يمكن تصنيفها بصفة شاملة إلى ثلاثة أصناف استنادا لطبيعتها:
- مخاطر حيوية أو بيولوجية التي باستطاعتها التكاثر داخل المنتوج في حالة توفر الظروف الملائمة لذلك و تشمل الكائنات الحية الدقيقة الممرضة أو المنتجة للسموم، خاصة منها البكتيريا وبعض الفيروسات والفطريات. فخصوصية هذا النوع من المخاطر هو إلحاقها الضرر خلال الساعات التي تعقب استهلاك منتوج ملوث بها.
- مخاطر كيميائية تشمل الملوثات البيئية الهيدروكربونية الكلوريةPCB وعلى رأسها الديوكسيين، المعادن الثقيلة كالأرسونيك، الرصاص، الزئبق، النيكلو الكادميوم، إضافة إلى متبقيات الأدوية والمضادات الحيوية المستعملة خلال الإنتاج، سواء منها المرخصة أو المحظورة دوليا دون إغفال بقايا الملونات والمضافات الأخرى. فبخلاف المخاطر البيولوجية، فإن المخاطر الكيمائية لا تلحق ضررا آنيا بصحة المستهلك إلا بالنسبة للفرد الذي يعاني من حساسية من إحدى المواد، بل لها أضرار تدريجية بتراكمها وترسبها داخل الجسم عبر الاستهلاك المتكرر.
- مخاطر إشعاعية بالنسبة للروبيان المصطاد بالمياه التابعة لمناطق محاطة بمفاعلات نووية وعلى قائمتها السيسيوم 134 والكوبلت 60 .
- ما هي أسباب الانتشار المهول لهذه المنتوجات بالسوق الداخلي؟
تختلف الأسباب، بالنسبة للأسماك بصفة عامة فالأمر واضح ويتجلى في غياب رؤية واضحة لتشجيع الاستهلاك الداخلي حيث تعرف جل أصناف الأسماك المغربية ارتفاعا مهولا في أثمانها مقارنة مع نظيرتها المستوردة التي تتناسب مع القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة، في حين أن الأمر مخالف بالنسبة للقشريات كالروبيان، حيث لم يتجاوز الإنتاج الوطني خلال السنة المنصرمة 7200 طن، وهذه الكمية غير كافية لتلبية حاجيات الطلب الداخلي، إضافة إلى الثمن الزهيد الذي يشجع اقتناءه من طرف المستهلكين والمهنيين.
- ما هي الثغرات القانونية التي يستغلها المستوردون من أجل إدخال تلك المنتوجات إلى السوق المغربي؟
في واقع الأمر هناك ثغرات قانونية، لكن يجب كذلك استحضار انعكاسات العولمة والانفتاح على بعض الأسواق العالمية دون التوفر على فقرات قانونية يمكنها تحصين السوق المغربية بصفة ذكية من غزو هذه المنتجات.
ولفهم هذه الفكرة يجب توضيح الفرق بين بلد المنشأ Pays dorigine وهو البلد الذي تم فيه إنتاج المنتوج وبلد المصدر Pays de provenance وهو البلد الذي تم منه الاستيراد النهائي للمنتوج، فبالنسبة للروبيان على سبيل المثال يتم في بعض الأحيان استيراده بصفة مباشرة من الصين مما يجعل منه بلد المنشأ والمصدر في نفس الوقت، وفي هذه الحالة تأدية الرسوم الجمركية تتم وفق الوزن الكلي للحمولة المستوردة، فللتهرب من هذه الرسوم المرتفعة، يلجأ العديد من المستوردين إلى استيراد الروبيان من المنطقة الحرة للجبل العالي بالإمارات العربية المتحدة، لأن في هذه الحالة تتم فقط تأدية الضريبة على القيمة المضافة استنادا إلى الفاتورة المصرح بها رغم أن بلد المنشأ الحقيقي الذي تم فيه إنتاج الروبيان هو الصين، أما الإمارات العربية المتحدة فهي فقط بلد المصدر الذي تمت فيه إعادة تلفيف المنتوج، مما يجعل من المعلومات الواردة في عنونته مغلوطة بالنسبة للمستهلك لأنها لا توضح أن بلد الإنتاج هو الصين.
أما النقطة الثانية فتتعلق بنسبة الماء المرتفعة في هذه المنتجات المجمدة باستعمال متكرر لعملية التزجيج Glazurage ففي الأصل، يهدف مبدأ هذه العملية إلى تكوين طبقة جليدية على سطح هذه المنتوجات بغطسها في حوض من الماء مباشرة بعد عملية التجميد السريع قبل تخزينها وذلك بهدف حمايتها من الجفاف أو ما يصطلح عليه كذلك بحروق التجميد السطحية أثناء التخزين في درجات حرارة جد منخفضة. لكن يجب استحضار إمكانية تكرار هذه العملية عدة مرات بغية الرفع من نسبة الماء داخل المنتوج إلى مستويات قياسية.
فغياب نص قانوني يحدد بدقة النسبة القصوى للماء بداخل المنتوج كما هو معتمد بالدول المتقدمة وعدم الإجبار على توضيح الوزن الصافي قبل إجراء عملية التزجيج على عنونة المنتوج وذلك بالاكتفاء فقط بلإشارة إلى الوزن الصافي الإجمالي، يساعد بصفة مباشرة على خداع المستهلك الذي يفاجأ بانخفاض مهول لوزن هذه المنتجات البحرية بعد تذويبها قبل الاستهلاك .وبالمناسبة يجب إثارة انتباه الجهة الوصية إلى نماذج الشهادات المعتمدة حاليا بالنسبة لجميع المنتجات الغذائية في حالة قبولها على مستوى المراكز الحدودية لأنها لا تفرق بصفة واضحة بين بلد المنشأ وبلد المصدر. - ما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها عند الحدود من أجل ضمان التأكد من عدم تأثير تلك المنتوجات على صحة المستهلك؟
إن إحدى المفارقات الغريبة التي يصعب فهمها تتجلى في كون المنتجات البحرية المغربية المجمدة الموجهة للتصدير نحو دول الاتحاد الأوروبي يتم عرض عينات منها للتحاليل المخبرية بصفة منتظمة، في حين أن الروبيان والرخويات المستوردة من الصين لا يتم عرضها للتحاليل المخبرية بنفس الوتيرة بالرغم من أن درجة مخاطرها الصحية تتجاوز كثيرا المنتجات المغربية، مما يوضح أن المشكل يتجاوز المراقبة الصحية الحدودية بقدر ما يتعلق بالمقاربة التحليلية الصحية في مفهومها الشامل.
من جهة أخرى، إن المراقبة الصحية الحدودية الحالية المعتمدة منذ مدة بالنسبة لهذه المنتجات على غرار باقي المنتجات الغذائية المستوردة تتكون من عدة مراحل، حيث تشمل مراقبة الوثائق الصحية والتجارية المرافقة للمنتوج المستورد، بعد ذلك يتم الذهاب إلى الحاوية لافتحاص مدى مطابقة المعلومات الواردة في الوثائق بتلك الموجودة على الحاوية وعنونة المنتوج قبل مراقبته العينية، أما بالنسبة لقرار أخذ عينة لإرسالها للمختبر الرسمي قصد التحاليل فلا يتم بصفة منتظمة، بل يبقى رهين السلطة التقديرية للمفتش. أما بالنسبة للمواد التي يتم البحث عنها فهي بعض البكتيريات المؤدية، السموم المفرزة من بعض الفطريات، تركيز أحد الملونات والبحث عن بعض المعادن الثقيلة.
في رأينا، يجب إدخال تعديلات على منظومة المراقبة الصحية لهذه المنتوجات البحرية خاصة فيما يتعلق باستخلاص العينات، وذلك بإخراجها من صيغتها الحدودية التقليدية الحالية إلى مراقبة صحية موجهة وشاملة استنادا للمخاطر التي تشكلها، بنهج نظام تتبع صحي موجه على طول السلسلة التسويقية منذ دخول أرض الوطن إلى الاستهلاك، يبدأ بالتحديد المسبق للنسبة المئوية للحاويات التي ستكون موضوع أخذ عينات على طول السنة من أجل إجراء تحاليل مخبرية للمخاطر الآنية، بالإضافة إلى تحديد عدد العينات السنوية التي يجب استخلاصها بعد هذه المرحلة أي على مستوى مستودعات تخزينها وأماكن عرضها للبيع أو التحضير من أجل التحاليل المخبرية للمخاطر ذات الضرر المترسب أو التراكمي، مما سيساعد على وضع خريطة صحية واضحة المعالم تمكن من توضيح الرؤية المستقبلية لمنهجية العمل الوقائي والحمائي ضد جميع المخاطر التي يمكن أن يشكلها استهلاك هذه المنتجات. منير سرتاني*
* خبير في مجال الصحة العامة البيطرية والكاتب العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي بجهة الدار البيضاء الكبرى | التوقيع | أيها المساء ...كم أنت هادئ | |
| |