منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   بنك الاستاذ للمعلومات العامة (https://www.profvb.com/vb/f197.html)
-   -   الحرب العالمية الثانية (https://www.profvb.com/vb/t147703.html)

الزرقاء 2014-07-13 22:53

الحرب العالمية الثانية
 

الحرب العالمية الثانية - أسباب الحرب العالمية الثانية



أسباب الحرب العالمية الثانية

كانت الحرب العالمية الثانية نتيجة أزمة أوروبية عامة ظهرت بوادرها في العلاقات الدولية التي سادها منذ الثلاثينات توتر مطرد تضارب مع فترة الانفراج السابقة (192/1929). فجاءت الأزمة العالمية (1929) لتفكك العلاقات الدولية إثر اختلال الاقتصاد العالمي الذي تميّز بتدعيم القومية الاقتصادية وباحتداد التناقض بين مجموعة دول غنية (الولايات المتحدة، وإنقلترا وفرنسا) و"دول فقيرة" (اليابان، ألمانيا وإيطاليا).

انتهجت هذه "الدول الفقيرة" سياسة توسعية في الشرق الأقصى (اليابان) وافريقيا (إيطاليا) وأوربا (ألمانيا) بحثا عن ضمان "المجال الحيوي" لسكانها واقتصادها. وقد اقترنت هذه السياسة بضعف وتراجع الديمقراطيات الغربية، لتهدّد السلم العالمية خاصة بعد أن عجزت عصبة الأمم عن ضمان الأمن الجماعي. لقد هيأت هذه العوامل تدعيم الأنظمة الدكتاتورية التي لعبت دورا رئيسيا في تصعيد التوتر الأوروبي منذ 1938، حيث استغلّت النزعة السليمة للديمقراطيات لافتعال الأزمات كي تحقق رغباتها الإقليمية. وهكذا تمكنت ألمانيا من خرق معاهدة فرساي والتوسع على حساب النمسا وتشيكسلوفاكيا. وعندما أدركت الديمقراطيات خطر التوسع الألماني سارعت للتسلح والتحالف لمجابهة الوضع.

I- تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية:
فكّكت الأزمة العالمية هيكل الإقتصاد الرأسمالي فتأزمت العلاقات الدولية وفشلت سياسة "الأمن الجماعي" بعد أن انشغلت كل دولة بإيجاد الحلول لمشاكلها الداخلية.

1) مضاعفات معاهدة فرساي:
لم تقم سلم 1919 على أسس مركزة تضمن لها الدوام حيث فرضت معاهدات الصلح على الدول المنهزمة التي وقعتها مرغمة. وقد كانت معاهدة فرساي قاسية ومجحفة بعثت في نفوس الألمان شعورا عميقا بالإهانة تولّدت عنها عزيمة راسخة على تحطيم القيود التي فرضت عليهم. كما خلفت معاهدة فرساي مشكلة القوميات بوجود أقليات ألمانية في بولونيا وتشيكوسلوفاكيا. ولقد استطاع الحزب النازي الذي تكوّن في هذه الظروف أن يستغل ضعف سلم 1919 ليغذي بها حملاته مستهدفا نقض محتوى المعاهدات. لقد وجد الحلفاء صعوبة في تطبيق معاهدة فرساي وخاصة التعويضات. وقّدرت التعويضات سنة 1921 ب 132 مليار مارك تتحصل منها فرنسا على 52 بالمائة، وإنقلترا على 22 بالمائة. لكن حدّة الأزمة النقدية حالت دون استمرار ألمانيا في الدفع، فانتهزت فرنسا الفرصة لاحتلال منطقة الروهر الصناعية، رغم معارضة إنقلترا (جانفي 1923). وقد وقع تجاوز الأزمة بظهور مخطط الأمريكي دايفس (DAWES) سنة 1924 الذي ضبط قوانين جديدة الدفع طيلة خمس سنوات، تعهد فيها الحلفاء بمساندة ألمانيا ماليا لفض أزمتها النقدية. فجلت بذلك القوات الفرنسية عن منطقة الروهر. وفي سنة 1929 حدّد مخطط يونغ (YOUNG) نهائيا مبلغ التعويضات ب 39 مليار مارك. لكن ألمانيا عجزت عن التسديد نتيجة للأزمة الاقتصادية العالمية، فوضعت ندوة لوزان (16 جوان 9 جويلية 1932) حدا لهذه الدفوعات، لذلك عدل الحلفاء (فرنسا، إنقلترا، اليونان وبلجيكا) عن دفع ديون الحرب لصالح الولايات المتحدة.

2) اختلال الاقتصاد العالمي:

أ- استفحال التفاوت الاقتصادي بين الدول الكبرى:
تسبّب تدهور المبادلات التجارية العالمية الناتج عن الأزمة الاقتصادية الكبرى في إبراز تفاوت مطرّد بين دول أصبحت حسب تعبير (موسوليني) غنية في حين بقيت دول أخرى فقيرة. كانت الدول الغنيّة وهي فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية تملك إلى جانب مدخرات كبيرة من العملة الصعبة 80 بالمائة من رصيد الذهب العالمي. فاستطاعت على الرغم من تقلّص صادراتها أن تجتاز الأزمة وتتجاوزها وتضمن لإنتاجها القومي في مستعمراتها أو في البلدان التي بسطت عليها نفوذها الاقتصادي (الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية) أن تضمن له أسواقا تحميها اتفاقات ثنائية. وكانت ألمانيا وإيطاليا واليابان تعد من بين الدول المعوزة لا تملك ذهبا ولا عملة صعبة إنما أصبحت بعد أن نضبت موراد القرض الأجنبي مشلولة تبحث عن نوع جديد من الاقتصاد يقوم على الاكتفاء الذاتي. (autarcie) وكيف السبيل إلى الاكتفاء الذاتي من ضعف الموارد الطبيعية في هذه الدول ومواصلة التصنيع المرتبط حتما بالتوريد؟ توريد تحتل فيه المواد الخام قرابة نصفه بالنسبة لإيطاليا سنة 19373. وكذلك ألمانيا، أنها على الرغم من جهودها الرامية إلى الاكتفاء لم تستطع أن تستورد أقل من 90 بالمائة من النحاس و65 بالمائة من الحديد الذي تستهلكه. وكانت المنافسة قصد افتتاح أسواق خارجية صعبة وعنيفة تصطدم بحواجز جمركية منيعة أقامتها سنة 1936 أكثر من 40 دولة لمنع المصنوعات اليابانية من الدخول إليها. لمثل هذه الأوضاع كانت الدول الفقيرة تطالب بحقها في اقتناء المواد الخام وامتلاك المستعمرات ومناطق النفوذ الاقتصادي وترى فيه شرطا حيويا لضمان كيانها القومي. ومن هنا يتجلى أيضا أن الاكتفاء الذاتي يؤدي إلى "المجال الحيوي" (Espace vital) وأن الهيمنة الترابية تجر حتما إلى نشوب الحرب.

ب- تطوّر صناعة الأسلحة:
شكّلت صناعة الأسلحة في الدول المصنعة طريقة ناجعة لتجاوز الأزمة الاقتصادية واستيعاب البطالة. ولقد بادرت الكتاتوريات بانتهاج هذه السياسة مركزة تنشيط اقتصادها على استغلال محكم لطاقة إنتاج المصانع الحربية لتوفير وتنويع المعدات العسكرية. شرعت ألمانيا في إعادة تسليحها منذ ارتقاء هتلر للحكم وخاصة بعد فشل ندوة نزع السلاح وإعلان الخدمة العسكرية الإجبارية، وقد تجلى ذلك في تطبيق "المخطط الثاني" الذي اعتمد تعبئة البلاد اقتصاديا للحرب تخصيص اعتمادات هامة للصناعة الحربية على حساب مواد الاستهلاك. وسلك اليابان نفس السياسة منذ 1934 بالقيام بجهد عسكري منظم لتطوير الأسطول البحري متحدّيا بذلك قرارات مؤتمر واشنطن (1922) كما تطلبت السياسة الاستعمارية الإيطالية تدعيم الجيش وخاصة البحرية بتجهيز عصري. وأمام تراكم الأسلحة في هذه الدول، وتصاعد خطر الصدام، سعت فرنسا ثم إنقلترا وأخيرا الولايات المتحدة إلى دعم جيشها بعتاد حربي قوي ورغم تنشيط الصناعة والتخفيف من حدّة الأزمة فإن مجهود التسلح في هذه البلدان كان متأخرا (منذ 1937 في إنقلترا) مما جعل ألمانيا تستغل أسبقيتها في التسلح باعتماد سياسة التحدي.

3) تفكك العلاقات الدولية:
سلكت الدول بعد أزمة 1929 سياسة خارجية خاضعة لمصالحها القومية الضيقة.

أ- انعزال الولايات المتحدة:
دعمت الأزمة الاقتصادية السياسة الانعزالية التي توخّتها الولايات المتحدة سنة 1920. وخاصة بعد رفض فرنسا وإنقلترا تسديد ديون الحرب. فلازمت سياسة الحياد بتحجير بيع الأسلحة للبلدان المتحاربة طبقا للقوانين 1935، 1936 و1937 فساهمت بذلك في عدم توازن القوى لصالح ألمانيا.

ب- ضعف فرنسا ومسالمة إنقلترا:
اتسمت السياسة الخارجية الفرنسية بالضعف نظرا لحدّة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية فاعتمدت تجاه ألمانيا على سياسة دفاعية تمثلت في إقامة تحصينات على الحدود الشرقية (خط ماجينو Ligne MAGINOT) وارتبطت مواقفها بضرورة معاضدة إنقلترا بينما أولت هذه الأخيرة أهمية فائقة لمشاكلها الاقتصادية. فتوخّت الحكومة المحافظة وخاصة برئاسة شامبرلن سياسة تهدئة محاولة إيجاد حلول سلميّة للأزمات الدولية. فشجّع موقف الدولتين، هتلر على المزيد من التحدي.

ج- إرساء النظام النازي في ألمانيا:
تفاقمت المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في ألمانيا بداية من سنة 1931، وعجزت جمهورية وايمار عن مجابهتها بينما دعّم الحزب النازي صفوفه فتسلّم هتلر الحكم في هذه الظروف ثم شرع في تنفيذ برنامجه الوارد في كتاب "كفاحي" (Mein KAMPF) كمراجعة معاهدة فرساي وضمان "المجال الحيوي" لألمانيا. فكانت سياسته منطلقا لمختلف الأزمات التي أفضت بأوروبا والعالم إلى حرب ثانية.

II- إخفاق سياسة الأمن الجماعي:
استغلّت الأنظمة الدكتاتورية ضعف عصبة الأمم، وتراجع الديمقراطيات لخرق المعاهدات وانتهاك حرمة الدول المستقلة.

1) عجز عصبة الأمم:
تعدّدت منذ 1932 الأزمات التي أكّدت قصور عصبة الأمم عن معالجة المشاكل الدولية.

أ- قضية نزع السلاح:
نص ميثاق عصبة الأمم على تحديد عام للسلاح، فانعقد منذ فيفري 1931 بجنيف مؤتمر لهذه الغاية، بمشاركة ألمانيا وهي عضو في المنظمة منذ 1926. غير أن تضارب مواقف فرنسا وألمانيا في مساواتهما الفورية في ميدان التسليح أدى بألمانيا إلى مقاطعة المؤتمر ثم الانسحاب من عصبة الأمم (أكتوبر 1933) والشروع في إعادة تسليح البلاد.

ب- انتهاك حرمة الصين:
نتج عن الضغط الديموغرافي في اليابان (54 مليون نسمة سنة 1914، و70 مليون نسمة سنة 1938) ومتطلبات نمو اقتصادها المصنع، وإقامة الحواجز الجمركية عبر العالم. توخّى اليابان سياسة توسعية باحتلال منشوريا (سبتمبر 1931) معللة ذلك بحماية الخط الحديدي التابع لها. تقدمت الصين إثر ذلك بشكوى للمنظمة الأممية التي طالبت اليابان بالانسحاب دون تسليط عقوبات عليها. فأعلنت اليابان انفصال منشوريا عن الصين في مارس 1933. فكان هذا الموقف أول ضربة توجه للأمن الجماعي والنفوذ المعنوي للمنظمة.

ج- الغزو الإيطالي لأثيوبيا:
عزم موسوليني على احتلال اثيوبيا وهي عضو في عصبة الأمم لتدعيم الاستعمار الإيطالي في منطقة القرن الإفريقيي. وبالرغم من معارضة إنقلترا الشديدة، صيانة لمصالحها في مصر والسودان، فقد فوجئت الجيوش الايطالية على التراب الاثيوبي (أكتوبر 1935). فرفعت أثيوبيا شكوى لعصبة الأمم التي أدانت إيطاليا واتخذت ضدها عقوبات اقتصادية منقوصة لم تمنعها من إنهاء احتلال البلاد في ماي 1936. ثم رفعت العقوبات في جويلية 1936 ونتج عن الأزمة ابتعاد إيطاليا عن فرنسا وإنقلترا واقترابها من ألمانيا التي ساندتها في هذه القضيّة.

2) بداية تراجع الديمقراطيات:

أ- احتلال رينانيا (RHENANIE):
اعتبر هتلر اتفاق التعاون المتبادل بين فرنسا والاتحاد السوفياتي الحاصل في ماي 1935. ومصادقة البرلمان الفرنسي عليه عملا عدائيا برّر به احتلال منطقة رينانيا في مارس 1936. أمام هذا الوضع اكتفت فرنسا باحتجاج شفوي وعرض القضية على عصبة الأمم لأنها كانت منشغلة بإعداد الانتخابات التشريعية ولم تلق مساندة من إنقلترا. ففرّطت الديمقراطيات بذلك في فرصة سانحة تمكّنها من وضع حد لنقض المعاهدات من طرف ألمانيا.

ب- الحرب الأهلية الإسبانية:
واجه النظام الجمهوري القائم بإسبانيا منذ 1931، معارضة يمينية شكلها كبار الفلاحين والرأسماليين والضباط الملكيين ورجال الكنيسة. ورغم ذلك أسفرت الانتخابات التشريعية في فيفري 1936 عن فوز الجبهة الشعبية المتكونة من الاشتراكيين والشيوعيين والراديكاليين بمساندة النقابات. فشهدت إسبانيا تمرّدا عسكريا ضد الجمهورية (جويلية 1936) قاده الجنرال فرانكو انطلاقا من شمال المغرب ثم جنوب اسبانيا فاندلعت بذلك حرب أهلية بين الفاشيين والجمهوريين سرعان ما اكتست صبغة دوليّة حيث تواجهت فيها القوى الفاشية والقوى الديمقراطية. وفي حين أن إيطاليا أرسلت 60000 "كميزانيرا" (قميص أسود) وألمانيا عددا كبيرا من الطائرات والدبابات لمناصرة الجنرال فرانكو اكتفت الديمقراطيات (فرنسا والاتحاد السوفياتي) بمد الجمهوريين بعدّة ضعيفة وعدد قليل من متطوّعي "الألوية الدولية". ونتيجة لذلك تدعّمت جبهة الأنظمة الدكتاتورية في أوروبا بانتصار قوات فرانكو سنة 1939.

3) تقارب الأنظمة الفاشية:
التقت ألمانيا وإيطاليا واليابان نتيجة لتشابه أنظمتها "الكلية" وسياستها التوسعّية ومعاداتها للديمقراطيات وعصبة الأمم.

أ- محور روما – برلين (L’AXE ROME – BERLIN):
بدأ التقارب الألماني الإيطالي منذ أن امتنعت ألمانيا عن تطبيق العقوبات الاقتصادية خلال غزو أثيوبيا. وقد حدث هذا التحول بتفكّك جبهة ستريزا (STRESA) التي ضمّت في أفريل 1935 فرنسا وإنقلترا وإيطاليا وأقرّت معارضة هذه الدول لمراجعة المعاهدات من جانب واحد وقد تدعّم هذا التقارب بمساندة ألمانيا لموسوليني في نواياه التوسعّية في البحر الأبيض المتوسط بينما عدل موسوليني عن مناهضة ضم النمسا من طرف ألمانيا. أعلن موسوليني منذ نوفمبر 1936 عن وجود محور بين روما وبرلين، تأكّد رسميا إثر زيارته لألمانيا (1937) تجسيما للتحالف السياسي بين البلدين.

ب- التقارب الألماني الياباني (Le Pacte Anti – Komintern):
أدان المؤتمر الشيوعي العالمي المنعقد في سنة 1935 التوسع الياباني في الشرق الأقصى على حساب الصين، ونقض معاهدة فرساي من طرف هتلر، كما أوصى بتكوين جبهات تقليدية للحيلولة دون وصول الأحزاب اليمينية إلى الحكم. فقربت هذه المقررات الدكتاتوريات بتوقيع حلف مضاد للشيوعية العالمية (Pacte Anti –Komintern) بين ألمانيا واليابان في نوفمبر 1936، تدعّم في سنة 1937 بانضمام إيطاليا إليه. على إثر قيام محور روما برلين، وتوقيع الحلف المضاد للشيوعية تمتنت الروابط بين الأنظمة الدكتاتورية داخل كتلة متباينة مع الديمقراطيات.

III- تصاعد التوتّر في أوروبا:
لقد سلكت ألمانيا منذ 1938 بصفة أوضح سياسة الأمر المقضي التي جرّت العالم إلى الحرب. ذلك أن هتلر استغلّ ضعف الديمقراطيات ليعدّد المطالب الإقليمية، مفتعلا بذلك أزمات يفرض على الدول الأخرى حلها لصالح ألمانيا. مما جعل توتّر العلاقات الأوروبية يتصاعد باطّراد.

1) سياسة الأمر المقضي:
بعد نقض الشروط العسكريّة لمعاهدة فرساي وجد هتلر نفسه مستعدا منذ بداية 1938 لتطبيق سياسته التوسعية في أوروبا الشرقية. فقد استغل ضعف وسلبيّة مواقف الديمقراطيات الغربية أثناء الحرب الأهلية الإسبانية ثم استعادة قوّته العسكرية للتظاهر بالدفاع على الأقليات الألمانية "المضطهدة". لكنه كان يرمي في الحقيقة إلى الحصول على "المجال الحيوي" لصالح ألمانيا. وقد سلك هتلر في هذه السياسة طريقة تعتمد في أول الأمر على تعيين ضحيته. وتبدأ المرحلة العملية بدعم الأحزاب النازية داخل هذه الدولة حتى تجاهر بمعارضتها. فيتدخل هتلر بفرض شروط يطلب تنفيذها تحت التهديد العسكري. ولا يلبث هتلر، عقب تلبية رغبته، أن يعلن عن نواياه السلميّة وعن عدم وجود مطالب أخرى لكنه يفاجئ العالم بافتعال أزمة أخرى. لذلك توالت الأزمات في أوروبا التي أودت بوجود النمسا وتشيكسلوفاكيا فتوترت العلاقات الدولية تدريجيا إلى أن انفجر الوضع في سبتمبر 1939.

2) إدماج النمسا في "الرايخ" (L’ANSCHLUSS):
حاول هتلر ضم النمسا منذ 1934 لكنه اصطدم بإيطاليا الفاشية التي حذرته من احتلال هذه الدولة بحشد قواتها على الحدود النمساوية الإيطالية عقب اغتيال المستشار النمساوي (DOLFUSS). لكن موسوليني انشغل عن النمسا منذ 1935 بتوجيه أطماعه الاستعمارية نحو شرقي افريقيا والبحر الأبيض المتوسط، فأتاح بذلك الفرصة لهتلر كي ينفّذ خطّته في النمسا اعتمادا على النازيين النمساويين. فرض هتلر على المتسشار "شوشنيغ" في فيفري 1938 فأسندت وزارة الداخلية إلى سايس انكار (SEYSS INQUART) زعيم النازيين الذين قاموا بإعداد "الإدماج" من الداخل. أمام هذا الوضع حاول شوشنيغ إنقاذ استقلال البلاد بتنظيم استفتاء. لكن التهديد الألماني، وعدم اعتراض إنقلترا وفرنسا على نوايا هتلر، جعلاه يستقيل لصالح سايس انكار (SEYSS INQUART) وبطلب من هذا الأخير احتلّت الجيوش الألمانية التراب النمساوي فأعلن هتلر إدماج النمسا في "الرايخ" وعزّزه بمصادقة 99 بالمائة من أصوات النمساويين.

3) اضمحلال تشيكوسلوفاكيا:
يختلف وضع النمسا عن تشيكسلوفاكيا التي كانت جمهوريّة ديمقراطية معززة بجيش قوي وصناعة متطورة وحدود غربية محصنة. ولقد اعتمدت سياستها الخارجية على تحالفها مع فرنسا والاتحاد السوفياتي ولكنها أصبحت منذ إدماج النمسا مهددة من طرف ألمانيا التي أحاطت بها من ثلاث جهات. ولقد تدعّم هذا الخطر بعدم انسجام الأقليات المتساكنة فيها ومن أهمها ألمان منطقة السودات التي أصبحت مسرحا للدعاية النازية بواسطة "حزب الألمان بالسودات". وبتشجيع من ألمانيا طالب هذا الحزب حكومة براغ بمنح الحكم الذاتي لهذه المنطقة. وأمام رفض تشيكوسلوفاكيا هذا الطلب، وتهديد هتلر قام الوزير الأول الانقليزي نوفيل شامبرلين بمساع توفيقيّة لإنقاذ السلم بكل الوسائل. لكن الأزمة تطوّرت نحو المأزق حين أعلنت تشيكوسلوفاكيا التعبئة العامة، وقامت فرنسا بتعبئة جزئية. لكن وقع الصدام بانعقاد مؤتمر رباعي في مونيخ (29-30 سبتمبر 1938) جمع هتلر، موسيليني، شامبرلن ودالاديي بدون مشاركة تشيكوسلوفاكيا والاتحاد السوفياتي، وانتهى بتلبية الرغبات الإقليمية لهتلر. لكن الرأي العام الأوروبي انقسم بين مؤيّد للحل ورافض له حيث صرّح تشرشل آنذاك أن شامبرلن "في خياره بين الحرب والإهانة، قد اختار الإهانة ليحصل فيما بعد على الحرب". قضت ألمانيا على ما تبقى من تشيكوسلوفاكيا بتشجيعها للحركة الانفصالية في سلوفاكيا التي أصبحت محمية ألمانية. وتحت التهديد العسكري انتصبت الحماية الألمانية على بوهيميا ومورافيا. وتواصل التوسّع الألماني في أوروبا الشرقية بضم منطقة ميمل (مارس 1939) بينما اكتسحت القوات الإيطالية ألبانيا (أفريل 1939).

4) السباق نحو التحالف:
منذ أن وقعت تلبية رغبات هتلر في أوروبا الوسطى، اتجه اهتمامه إلى الممر البولوني حيث طالب بدانتزيغ وتسهيلات للتنقل، لكن بولونيا رفضت هذه المطالب مدعّمة في ذلك بإنقلترا التي تخلّت عن سياستها السلميّة وعقدت العزم على التصدي بالقوة لاعتداءات الدكتاتوريات بعد أن تعهّدت لبولونيا واليونان ورومانيا بمساعدتها ضد كل غزو ألماني. فردّت ألمانيا على ذلك بعقد "الحلف الفولاذي (PACTE D’ACIER) مع إيطاليا (ماي 1939) وبذلك انقسمت أوروبا خلال صائفة 1939 إلى كتلتين تضم الأولى ألمانيا وإيطاليا والثانية فرنسا وإنقلترا. واتجهت المساعي الدبلوماسية نحو كسب تحالف مع الاتحاد السوفياتي نظرا لأهميّته الجغرافية والعسكرية في ميزان القوى. فشرعت فرنسا وإنقلترا في التفاوض معه لكن رفض بولونيا السماح لجيشه بعبور ترابها أوقف المفاوضات. في حين أفضت الاتصالات التي أجرتها ألمانيا معه إلى عقد اتفاقية "عدم الاعتداء" (23 أوت 1939) (PACTE DE NON AGRESSION) لهتلر إبعاد خطر الحرب على جبهتين، ويمكن الاتحاد السوفياتي من استرجاع الأراضي التي فقدها سنة 1918، ومن توجيه الحرب نحو الغرب ومن كسب مهلة نظرا لعدم استعداده لخوض حرب ضد ألمانيا آنذاك. أطلقت هذه المعاهدة لهتلر المجال لمهاجمة بولونيا في حين صمّمت فرنسا وإ
نقلترا على حمايتها فتحتّم بذلك الصدام.

http://www.vb.fll2.com/storeimg/img_1352671958_663.gif
http://img1.imagilive.com/0614/taxi_icone.gif

نسمة المنتدى 2014-07-13 22:55

رد: الحرب العالمية الثانية
 

شكرا على التقاسم الطيب
http://img1.imagilive.com/0614/taxi_icone.gif

الزرقاء 2014-07-13 22:56

رد: الحرب العالمية الثانية
 
الحرب العالمية الثانية - أطوار الحرب العالمية الثانية


















أطوار الحرب العالمية الثانية

انطلقت الحرب العالمية الثانية من القارة الأوروبية في مطلع سبتمبر 1939 فتميّزت في بدايتها بالانتصارات الألمانية الساحقة التي سهّلها أتباع خطّة الحرب الخاطفة. لكن الجيش الألماني اصطدم بإنقلترا التي استطاعت، رغم انعزالها وإنهاكها، من الصمود في الجزر البريطانية وعلى البحار وفي شمال إفريقيا. ولئن استفاد الاتحاد السوفياتي من هذه المهنة باحتلال مناطق بولونية، وفنلندية، ورومانية فإنه سرعان ما استهدف إلى الغزو الألماني ففقد مناطق شاسعة من ترابه. لكن رغم هذه الانتصارات لم يتمكن هتلر من فرض السلم على أعدائه.

لقد تحوّلت الحرب الأوروبية سنة 1941 إلى حرب عالمية حين امتدّت العمليات العسكريّة إلى المحيط الهادي بتدخّل الولايات المتحدة بعد أن حطّم اليابانيون أسطولها في قاعدة بيرل هاربور. فتوازنت القوى خلال 1942 رغم سيطرة قوات الحوار على الموقف في جميع الجبهات.

ولقد حدث المنعطف الحاسم في مجرى الحرب منذ بداية 1943 حين هزم السوفيات الجيش الألماني في ستالينغراد، واستسلمت قوات المحور في شمال إفريقيا بينما تمّ إيقاف التوسّع الياباني في المحيط الهادي.

أصبحت المبادرة الهجومية لصالح الحلفاء الذين قاموا باقتحام "القلعة الأوروبية" في الجبهة الغربية بعد إنزال قواتهم على السواحل الإيطالية والفرنسية وتحرير فرنسا، بلجيكا، هولندة، واحتلال إيطاليا. أما على الجبهة الشرقية فقد أدّى زحف الجيش الأحمر إلى تخليص دول أوروبا الشرقية من النفوذ النازي، واجتياح التراب الألماني إلى أن استسلمت ألمانيا في 8 ماي 1945. فانتهت بذلك الحرب في أوروبا ولم تضع أوزارها في آسيا إلا بعد أن أسقط الأمريكيون قنبلتيهما الذريتين على مدينتي هيروشيما وتغازاكي اليابانيتين في شهر أوت 1945.
I- انتصارات المحور الساحقة:




أ- دعائم التفوّق الألماني:

تمكّنت الجيوش الألمانيّة من غزو عدّة دول أوروبية بسرعة مذهلة: بولونيا والنرويج وهولندة وبلجيكا وفرنسا. وقد تسنّى لها ذلك بفضل طريقة حربية جديدة عرفت بالحرب الخاطفة. لقد اعتمد الجيش الألماني (WERMACHT) على عدد وافر من الجنود وعلى تجهيز حربي عصري وامتاز على الجيوش الحليفة بتنظيمه المحكم وخاصة بأساليبه الحربية. فبينما ركنت القوات الحليفة وخاصة الفرنسية إلى اتباع طريقة عسكريّة دفاعية بحتة، جسمها خط ماجينو، انتهجت القيادة الألمانية الهجوم الشامل والمباغت. ولقد وضع الجنرال قوديريان (GUDERIAN) هذه الخطة التي تعتمد الاستعمال المكثف للمصفحات في إطار وحدات تعمل بحريّة (Panzerdivisionen). ويتمثّل هدفها في اختراق جبهة العدو ثم التوغل بسرعة متناهية لمحاصرته ومنعه من إقامة جبهات خلفية. ويلعب سلاح الجو (Luftwaffe) دورا هاما في هذه الهجومات وخاصة الطائرات القاذفة "شتوكا" التي تقوم بتغطية تقدّم المصفحات، ب*** مكثف لمواقع العدو. فينعدم استقرار الجهات مما يسمح للقوات المغيرة بأن تزحف بسرعة فائقة.



ب- بداية الانتصارات الألمانية مع سحق بولونيا:

لما ظهرت مشكلة الممر البولوني، اعتمد هتلر كالعادة على احتمال تراجع الديمقراطيات، بيد أن هذه الأخيرة صمّمت على عدم قبول "مونيخ ثانية"، لذلك أعلنت إنقلترا ثم فرنسا الحرب على ألمانيا بعد يومين من اجتياز الجيش النازي للحدود البولونية في 1 سبتمبر 1939. تمكّنت القوات الألمانية، في ظرف ثلاثة أسابيع، من احتلال المنطقة البولونية الغربية ثم العاصمة فرصونيا رغم مقاومتها العنيفة. وفي نفس الوقت قامت الجيوش السوفياتية باحتلال المناطق الشرقية طبقا للاتفاق السري الألماني السوفياتي، بينما لازمت فرنسا وإنقلترا موقف الملاحظ حيث احتمت القوات الفرنسية وراء خط ماجينو دون الالتحام مع القوات الألمانية. وقد نتج عن هذه "الحرب العجيبة (Drôle de Guerre) تحطيم معنويات الجيش الفرنسي الذي بقي ينتظر الهجوم الألماني.



ج- الجبهة الشمالية:

اغتنم الاتحاد السوفياتي فرصة الهجوم النازي على بولونيا فشن منذ ديسمبر 1939 حربا ضد فنلندا التي رفضت مطالب ستالين الأقليمية لتأمين ليننغراد المتاخمة للتراب الفنلندي، وتمّكن الجيش السوفياتي من انتزاع منطقة كاريلي (مارس 1940) كما استولى على دول البلطيق وبارابيا. ومنذ ذلك الحين أصبحت الدول الإسكندنافية مركز اهتمام الدول المتحاربة حيث حاولت فرنسا وإنقلترا قطع الطريق التي تتلقى بواسطتها ألمانيا الحديد السويدي انطلاقا من ميناء نارافيك (NARVIK) النرويجي لكن ألمانيا أدركت قيمة السواحل الاسكندنافية في محاصرتها اقتصاديا وأهمية استعمالها كقاعدة لتهديد الجزر البريطانية. فاستغل هتلر تلغيم مياه النرويج من طرف الأنقليز ليحتل الدانمارك (9 أفريل 1940) وأهم المواني النرويجية ويتم احتلال كامل النرويج بعد انسحاب القوات الانقليزية من نارفيك.


د- انهيار فرنسا:

شرعت ألمانيا في عملياتها العسكرية على الجبهة الغربية منذ شهر ماي 1939 فخوّل لها تطبيق خطّة مانستاين (MANSTEIN) غزو هولندة واللكسمبورغ وخرق الحياد البلجيكي ثم اجتياح هضاب الأردان واختراق الجبهة الفرنسية الانقليزية في مستوى سدان (SEDAN) والتوغل في اتجاه الشمال الغربي. ورغم تغيير قيادتها (تعويض غاملان بوغان) تراجعت القوات الحليفة نحو دانكارك (DUNKERQUE) حيث وقع اجلاؤها تحت ال*** المكثف للطائرات الألمانية. ولقد عجز الجيش الفرنسي عن صد التقدّم الألماني فتقهقر بصفة فوضويّة مما جعل العديد من المدنيين ينزحون نحو الجنوب فرارا من الجيش النازي. وبينما أعلنت إيطاليا الحرب على فرنسا في 10 جوان 1940 بغية الحصول على نيس وكورسيكا، تواصل الزحف الألماني فسقطت باريس في 14 جوان 1940. لقد ولّد هذ الانهيار العسكري أزمة وزارية فرنسية أدّت إلى تشكيل حكومة الماريشال بيتان الذي وقع الهدنة في ألمانيا في 21 جوان 1940 ومع إيطاليا في 24 جوان 1940. وطبقا لذلك احتلّت ألمانيا ثلاثة أرباع التراب الفرنسي بينما حافظت فرنسا على مستعمراتها، وخضعت "المنطقة الحرّة" من ترابها لحكومة بيتان التي استقرّت بمدينة فيشي (VICHY) ودعت إلى التعامل مع النازيين. وفي هذه الظروف التحق الجنرال دي غول بلندن وأصدر بيانه الداعي لمواصلة المقاومة وأسّس منذ 20 جوان 1940 حكومة "فرنسا الحرّة".

2) صمود إنقلترا:


أ- معركة إنقلترا:

بينما كان العالم يتوقّع استسلام إنقلترا بعد انهيار فرنسا أعلن الوزير الأول وينستون تشرشل مواصلة المقاومة ضد النازية رغم عزلة بلده وفي 20 جويلية 1940 أمر هتلر بإعداد عملية إنزال على السواحل الانقليزية ممهّدة ب*** جوّي عنيف. وقد شرع في تطبيقها منذ 8 أوت 1940 بصف المواقع الساحلية. لكن استعمال الرادار ومهارة الطيارين الانقليز جعل ال*** الألماني يتركّز ليلا على المدن الآهلة وخاصة الصناعية مثل لندن وكوفنتري لإرغام الانقليز على الاستسلام، لكن أمام فداحة خسائر سلاح الجو الألماني (2000 طائرة خلال شهرين) عدل هتلر عن الغزو حيث أمر الماريشال غورينغ (7 أكتوبر) بوقف الغارات الجوية على إنقلترا، لكنه التجأ إلى محاولة عزلها عن مستعمراتها بالسيطرة على الطرق البحريّة.


ب- النزاع في البحر الأبيض المتوسط:

تركّزت العمليات العسكريّة في أواخر 1940 على ضفاف البحر الأبيض المتوسط فظهرت مناطق نزاع جديدة في البلقان وليبيا.
- البلقان: قامت الجيوش الإيطالية بمحاولة احتلال اليونان انطلاقا من ألبانيا لكنها فشلت نظرا لتدخّل القوات الانقليزية المتمركزة بمالطة. ولاجتناب تركيز رأس جسر انقليزي بالبلقان احتلّ الجيش الألماني يوغسلافيا واليونان خلال شهر أفريل 1941، بعد أن أمّن تحالف المجر ورومانيا وبلغاريا مع "الرايخ"، ثم قام المظليون الألمان بالسيطرة على جزيرة كريت في ماي 1941 فأصبحت بذلك المواقع الانقليزية في حوض البحر الأبيض المتوسط مهددة.
- ليبيا: شنّ الإيطاليون منذ سبتمر 1940 هجوما على القوات الانقليزية في مصر لكن الجيش الانقليزي الثامن المدعّم بجنود المستعمرات تمكّن من صدّها وملاحقتها داخل التراب الليبي حتى العقيلة، فسارع هتلر لنجدة الإيطاليين بإرسال الجيش الافريقي (AFRIKA KORPS) بقيادة رومل الذي دحر الانقليز وطاردهم حتى وصل إلى العلمين. وأصبح يهدّد مباشرة منطقة القناة وبترول الشرق الأوسط خاصة وأن حكومة فيشي رخّصت للطيران والبحريّة الألمانية باستعمال المطارات والمواني السوريّة وشجّعت ألمانيا قيام حكومة مناهضة لمصالح الانقليز ببغداد فما كان من الانقليز إلا أن احتلّوا العراق وسوريا ولبنان (مارس – جويلية 1941) بمساعدة قوّات فرنسا الحرّة، فسيطروا بذلك على آبار البترول.


ج- التقارب الانقليزي الأمريكي:

بعد فشل معركة إنقلترا فكّر الألمان في محاصرتها اقتصاديّا بشن حرب الغواصات في المحيط الأطلسي وشل حركة الملاحة عبره. ولقد تمكّنت الغواصات الألمانية من تدمير العديد من البواخر التجارية والحربية الانقليزية والحليفة وحتى المحايدة. وإزاء انعدام الأمن في المحيط الأطلسي أصبحت المصالح التجارية الأمريكية مهددة نظرا لارتباطها بالسوق الأوروبية وخاصة الانقليزية. لذلك توصّل الرئيس روزفيلت إلى حمل الكونغرس في مارس 1941 على المصادقة على قانون الإعارة والتأجير (Prêt – Bail) الذي يخوّل تزويد الدول المهددة والتي لها مصالح حيوية مع الولايات المتحدة بما تحتاجه في شكل قروض. وقد استغلت إنقلترا هذا القانون لتدعّم مجهودها الحربي. ثم تأكّد هذا التقارب الانقليزي الأمريكي بإعلان "الميثاق الأطلسي" 14 أوت 1941 الذي يتعهد فيه تشرشل وروزفيلت بعدم التوسّع، وضمان حق الشعوب في تقرير المصير وتحطيم النازيّة.

3) الجبهة الشرقيّة الجديدة:


أ- دوافع الصدام الألماني السوفياتي:

نشبت الحرب بين ألمانيا النازيّة والاتحاد السوفياتي لعدّة أسباب من أهمّها التناقض الإيديولوجي للنضامين رغم إبرامها معاهدة عدم الاعتداء في أوت 1939. وقد احتدّ هذا التناقض بتصادم نفوذ البلدين في أوروبا الشرقيّة منذ أن توسّع الاتحاد السوفياتي على حساب فنلندا ودول البلطيق ورومانيا، ومنذ أن بسطت ألمانيا نفوذها على أوروبا الدانوية وخاصة بلغاريا التي اعتبرها الاتحاد السوفياتي جزءا من منطقة نفوذه. وقد اتضح هذا العداء عندما أبرمت مع إيطاليا واليابان الحلف الثلاثي في 27 نوفمبر 1940 (Pacte Tripartite) وأخيرا جاءت مهاجمة الاتحاد السوفياتي من طرف ألمانيا تطبيقا لبرنامج الحزب النازي الذي أقرّ التوسّع نحو الشرق.


ب- اجتياح التراب السوفياتي:

فكّر هتلر في الاعتداء على الاتحاد السوفياتي منذ سبتمبر 1940 عندما أمر بإعداد مخطط برباروسا (BARBAROSSA) القاضي بحقّه حتى تفقّد إنقلترا إثره كل أمل في مواصلة المقاومة. وقد اكتسحت القوات الألمانية في 22 جوان 1941 الحدود السوفياتية على طول 1800 كلم بمساعدة الفنلنديين في الشمال، والمجريين والبلغاريين والرومانيين في الجنوب. وسخّر هتلر قوات ضخمة (10000مصفحة، و 3000 طائرة) لمباغتة الجيش الأحمر ومحاولة احتلال آكرانيا وموسكو وليننغراد قبل حلول الشتاء. فاستغلّ الجيش النازي عدم استكمال استعداد الجيش الأحمر ليحتلّ في ظرف وجيز مناطق البلطيق وروسيا البيضاء وجزءا هاما من أكرانيا وأشرف على موسكو. لكن رغم هذه الانتصارات، لم يتمكّن هتلر من فرض السلم إذ قام القائد العام السوفياتي جوكوف (JOUKOV) بإعادة تنظيم الجيش في المراكز الخلفيّة واستغل الأحوال الجويّة القاسية لشتاء 1941/1942 ليرغم الألمان على التراجع على مسافة 100 كلم. لقد فشل مخطّط هتلر إذ انقلبت الحرب الخاطفة إلى حرب استنزاف في ظروف طبيعية استثنائية.
II- الحرب الشاملة وتوازن القوى:



1)- اتساع رقعة الحرب (الحرب اليابانية الأمريكية في المحيط الهادئ):


أ- التدخّل الأمريكي المباشر في الحرب:

منذ إعلان "الميثاق الأطلسي" جنحت الولايات المتحدة إلى تدخّل تدريجي في الحرب حيث قرّرت حماية العتاد الحربي الموجّه إلى إنقلترا بدوريّات بحريّة أمريكية وتسليح السفن التجارية الأمريكية. ولقد ساهمت السياسة اليابانية في الشرق الأقصى في تصعيد هذا التدخّل حيث استغل اليابانيون انهيار فرنسا وهولندا، والصعوبات الانقليزية لفرض هيمنتهم على المستعمرات الأوروبية ومنع الإمدادات الأمريكية من الوصول إلى الصين كما تمكّنوا من إقامة قواعد بحريّة وجويّة في التونكان (TONKIN) والانام (ANNAM) واستغلال بترول ومطاط أندونيسيا على حساب إنقلترا والولايات المتحدة. ممّا جعل هذه الأخيرة تعلن في أواخر القرن 1940 الحضر على المواد الأساسية الموجهة لليابان فتوتّرت علاقات البلدين رغم إجراء مفاوضات ثنائية وفي حين فشلت هذه المفاوضات قامت القوات الجويّة اليابانية في 7 ديسمبر 1941، وبدون إعلان الحرب بتدمير أهم قاعدة بحريّة أمريكية في المحيط الهادي بيرل هاربور (PEARL HARBOR) مما حدا بالكنغرس الأمريكي إلى إعلان الحرب على اليابان في 8 ديسمبر 1941. فقامت ألمانيا وإيطاليا من جهتها بإعلان الحرب على الولايات المتحدة تطبيقا للحلف الثلاثي.


ب- المد الياباني في جنوب شرقي آسيا:

لقد مكّن انتصار بيرل هاربول اليابان من الهيمنة بسرعة مدهشة على جزر المحيط الهادي بتعدّد عمليات الإنزال فوقع احتلال أرخبيل الماربان في 15 ديسمبر 1941، ثم هونغ كونغ في 25 ديسمبر 1941، وجزر الفيليبين في 3 جانفي 1942. وانطلاقا من الهند الصينية استطاع اليابانيون أن يسيطروا على سنغفورة في 15 فيفري 1942 ثم النزول ببرمانيا. وتواصل هذا التوسّع في جنوب المحيط الهادي باحتلال جزر سليمان (SALOMON) في مارس 1942 وجزر بسمارك وقسم من غينيا الجديدة فأصبحت بذلك أستراليا مهددة بصفة مباشرة. كانت قوات المحور في أواخر 1941 وبداية 1942 منتصرة على جميع الجهات لكنها لم تتمكن من فرض سلمها على العالم.

2) الهيمنة النازيّة على أوروبا:


أ- وطأة الاحتلال النازي:

تسخير الطاقات الأوروبية: كانت ألمانيا خلال 1942 تسيطر على القارة الأوروبية، فتمكّنت من وضع نظام أوروبي جديد يخوّل لها استثمار هذا "المجال الحيوي" لتدعيم اقتصادها ومجهودها الحربي. فقامت باستغلال الثروات الطبيعية والطاقات البشرية للبلدان المحتلة. من ذلك أن الألمان عملوا إلى تفكيك المعامل ونقلها إلى بلادهم، ونهب بترول رومانيا، وقمح أكرانيا وقد انتزعت هذه المنتوجات بأثمان زهيدة، إن لم تكن مجانية. كما أجبر سكان المناطق المحتلة على دفع الضرائب وكفالة جيش الاحتلال. ففي فرنسا مثلا راقب الألمان 15% من إنتاج القمح و 40% من الصلب و 20% من اللحوم وأغلبية الصناعات الآلية وامتدّ الاستغلال إلى اليد العاملة حيث قامت ألمانيا بنقل الملايين من الأوروبيين وخاصة السوفيات والبولونيين، إلى معسكرات العمل الإجباري بألمانيا حيث ارتفع عددهم خلال سنة 1944 إلى 5 ملايين عامل بالإضافة إلى التشغيل الإجباري لأسرى الحرب.


ب- المقاومة وأشكال القمع النازي:

ظهر في المناطق الأوروبية المحتلة تيّار دعا إلى التعامل مع النازيين (حكومة فيشي) بينما واجه الاحتلال النازي المقاومة الداخلية للأنصار (Les Partisans) خاصة في الاتحاد السوفياتي وفرنسا ويوغسلافيا وبولونيا واليونان وقد تعدّدت مجموعات الأنصار التي قامت بمد الجيوش النظامية الحليفة بمعلومات عسكريّة عن العدو وبعرقلة تقدّمه. ففي روسيا، ومنذ بداية الحرب مع ألمانيا، تشكّلت في المناطق المحتلة عدّة مجموعات أنصار فاق عددها 250000 مناضلا، أرغمت الجيش الألماني على تخصيص 10% من قواته لمقاومة الأنصار مما خفّف حدّة الضغط على الجيش الأحمر. وفي فرنسا استجاب الأنصار إلى الجنرال دي غول بتنظيم مقاومة داخل التراب المحنل ركّزت عملها على الاتصال بلندن لمد الحلفاء بمعلومات عسكرية هامة، وعلى ضرب المصالح الألمانية ومطاردة المتعاملين. ولقد أحكم تنظيم هذه الحركة بتكوين مجلس قومي للمقاومة ترأسه جان مولان، بينما انبثق عن تصاعد المقامة بتشكيل "جيوش فرنسية داخلية" وفي يوغسلافيا قاد الشيوعيون بزعامة بروز تيتو مقاومة الاحتلال النازي فشملت هذه الحركة عشرات الآلاف من المناضلين الذين تمكّنوا من تحرير البلاد في سنة 1945. وجابه الاحتلال النازي تصاعد المقاومة بقمع وحشي حيث كثّف البوليس السياسي (GESTAPO) الاعتقالات، وتجميع اليهود والمعارضين والشيوعيين والمقاومين داخل محتشدات العمل أو معسكرات الإبادة وقد جسّمت هذه السياسة النظرية العنصرية القاضية بامتياز العنصر الآري على بقية الأجناس وخاصة السامية. ولقد هلك نتيجة للتعسف النازي 7 ملايين أوروبي من مجموع 12 مليونا دخلوا هذه المحتشدات التي بلغ عددها حوالي الألف من أهمها: داشو (DACHAU) بلسن (BELSEN) بوشنوالد (BUCHENWALD) أوشوبتر (AUSCHWITZ)...

3) منعطف الحرب:


أ- صمود ستالينغراد:

قرّر هتلر في ربيع 1942 القيام بعمليات واسعة النطاق في الجنوب السوفياتي لاحتلال القوفاز والسيطرة على آبار البترول في منطقة باكو، ثم الوصول إلى الفولغا والالتفاف حول موسكو. وقد استغل هتلر انعدام جبهة أوروبية ثانية لرصد معظم القوات الألمانية لهذا الهجوم. وقد شرع في تنفيذ هذا الهجوم في جوان 1942 حيث عبرت القوات الألمانية نهر الدون (DON) حيث بلغت القوقاز وأشرفت على الفولغا لكن المعارك تركّزت على ستالينغراد التي تحوّلت إلى "مدينة جبهة" جسّمت الصراع بين عالمين متعاديين. ولقد تعذّر على الألمان السيطرة على المدينة نظرا لصمود وبسالة الجيش الأحمر وأهالي المدينة. ولقد تحدّث أحد الضباط الألمان على ضراوة المعارك بقوله "لكي نصل إلى الفولغا علينا أن نقطع كيلومترا واحدا. لكننا لا نتمكن من قطعه، ها قد خضنا صراعا من أجل هذا الكيلومتر أطول من الحرب التي خضناها للاستيلاء على فرنسا بأسرها". وفي نوفمبر 1942 شنّ الجيش الأحمر هجوما مضادا عنيفا، مكّنه من اختراق الجيش الألماني وتطويق جزء هام منه في ستالينغراد. ثم شرعت القوات السوفياتية في جانفي 1943. في القضاء على القوات الألمانية المحاصرة حتى استسلم قائدها بولوس (PAULUS) 2 فيفري 1943 بعد هلاك 147000 جندي وأسر 91000 جندي وتسلّم كميات ضخمة من الأسلحة. اكتسى هذا النصر السوفياتي أهميّة بالغة في مجرى الحرب، إذ حطّم أسطورة الجيش النازي الذي لا يهزم، ورفع من معنويات جيوش الحلفاء.


ب- تراجع "الجيش الإفريقي":

في جوان 1942 تمكّن رومل من تتبّع القوات الأنقليزية حتى العلمين إلا أن الهجوم المعاكس الذي شنّه الجيش الثامن الانقليزي بقيادة منتغمري أسفر عن هزيمة قوات المحور في معركة العلمين (3 نوفمبر 1942) وأجبر رومل على التراجع نحو الغرب. ولقد تغيّرت معطيات الحرب في شمال افريقيا خاصة بعد إنزال الجيوش الحليفة بالدار البيضاء، والجزائر ووهران بداية من 8 نوفمبر 1942 طبقا لتخطيط الجنرال الأمريكي ايزنهاور فقام هتلر باحتلال ما تبقى من التراب الفرنسي في 11 نوفمبر 1942 وأنزلت قوات المحور بتونس ( 12 نوفمبر 1942) للتصدّي لزحف الحلفاء من الغرب والجنوب، بينما تراجع رومل نحو الغرب في جانفي 1943، للمحافظة على تونس. لكن زحف الجيوش الحليفة الانقليزية والامريكية من الغرب وقوّات "فرنسا الحرة" القادمة من التشاد بقيادة لكلارك تمّكنت من محاصرة قوات المحور في الوطن القبلي (ماي 1943). فقد المحور إذن مركزا هاما إذ أصبح في إمكان الحلفاء مهاجمة "القلعة الأوروبية" انطلاقا من تونس.


ج- إيقاف التوسّع الياباني:

بعد كارثة بيرل هاربور هيمن اليابان على معظم جزر المحيط الهادي وأصبحت أستراليا وزيلندا الجديدة مهددتين بالغزو الياباني فاستعملت الولايات المتحدة حاملات الطائرات الضخمة كقواعد حربيّة عائمة لمنع التقدم الياباني نحو هذه البلدان. ورغم هزيمته في بحر المرجان (7-9ماي1942) وفي ميداوي (4 جوان 1942) فقد تمكّن اليابان في جويلية 1942 من الاستيلاء على جزيرة واد القنال التي اعتزم الأمريكان اتخاذها قاعدة لهجوماتهم. فخاضوا معركة بحريّة صاربة انتهت بطرد اليابانيين من هذه الجزيرة في فيفري 1943، فتوقّف بذلك التوسّع الياباني في المحيط الهادي وانتقلت مبادرة الهجوم إلى الأمريكان خاصة وأن سلاحهم الجوّي قد سيطر على المنطقة.
III- انتصار الحلفاء (انهيار المحور).



1) اختراق الحصن الأوروبي: تحرير أوروبا الغربية:


أ- إنزال قوات الحلفاء في صقلية:

تمكّن الحلفاء من فتح جبهة جديدة في أوروبا الجنوبية بإنزال قواتهم في جزيرة صقليّة، انطلاقا من تونس في جويلية 1943. ولقد شكّل هذا الحدث أهميّة عسكريّة بالغة إذ كان أوّل "رأس جسر" ينجح الحلفاء في وضعه بالقرب من القارة الأوربية. ولقد نجم عن هذا الحدث احتداد أزمة الأوضاع الداخلية في إيطاليا.ذلك أن موسيليني اطضرّ أمام خطورة الوضع العسكري والاقتصادي، إلى دعوة المجلس الفاشي الأعلى الذي أجبره على التخلي عن الحكم في 24 جويلية 1943 فتشكّلت حكومة بادوليو (BADOGLIO) التي تفاوضت مع الحلفاء لتعقد الهدنة في 3 سبتمبر 1943. عندئذ انقضت القوات الألمانية على إيطاليا لتمنع تقدّم الحلفاء نحو روما وتمكّنت من إطلاق سراح موسوليني الذي أسّس في شمال البلاد الجمهورية الفاشية الإيطالية. وأمام هذا الصّمود الألماني وجب النظر في إمكانيّة فتح جبهة أوروبية أخرى ناقشها مؤتمر طهران الذي ضمّ في نوفمبر 1943 روزفيلت وستالين وتشرشل وأقرّ مهاجمة "الحصن الأوروبي" على ثلاث جبهات: الغرب والجنوب والشرق. وفي ماي 1944 استطاعت جيوش الحلفاء بإيطاليا، اختراق جبل كاسينو فسقطت روما في 4 جوان 1944 بين يدي الجيش الفرنسي – المغربي بقيادة الجنرال جوان.


ب- إنزال القوات الحليفة في النورماندي:

أعدّ الجنرال ايزنهاور خطة "اوفرلند" (OVERLAND) التي وعد بها ستالين والرامية إلى فتح جبهة جديدة في شمال فرنسا. وفي 6 جوان 1946 قامت أعداد كبيرة من بواخر الحلفاء، محميّة بغطاء جوي كثيف، بإنزال الآلاف من الجنود وكميات ضخمة من العتاد الحربي بسواحل النورمندي ثم تمكّنت الجيوش الأمريكية من اختراق الجبهة الألمانية في افرانش (AVRANCHES) وتجاوز "الجدار الأطلسي" فاضطرّ الجيش الألماني إلى التراجع إلى المراكز الخلفية أمام تقدّم المدرعات الحليفة بقيادة الجنرال باتون (PATTON). فحمل هتلر القادة ونشتاد ورومل مسؤولية الهزيمة وعزلهما. لكنه استهدف في نفس الوقت إلى محاولة اغتيال فاشلة، قام بقمع الضباط وفرض على رومل الانتحار. وفي هذه الأثناء تمّ إنزال قوات أمريكيّة جديدة بالجنوب الفرنسي في 15 أوت 1944 بين نيس وتولون. تمكّنت من احتلال مرسيليا وتولون وتقدمت نحو الشمال، عبر منخفض الرون مدعمة بالقوات الفرنسية الداخلية وثارت باريس لتتحرّر في 25 أوت 1944 بدخول قوات الحلفاء (لكلارك). ولتفادي المحاصرة، تراجع الجيش الألماني في اتجاه الشمال الشرقي بينما واصل الحلفاء زحفهم إلى أن حرّروا أغلبيّة التراب الفرنسي والبلجيكي في نهاية 1944.


2) انتصار الجيش الأحمر:



أ- تحرير غربي الاتحاد السوفياتي:

استطاعت الجيوش السوفياتية، رغم عدم وجود جبهة في أوروبا الغربية، من تحرير جزء كبير من أراضيها المغتصبة حيث أصبحت المبادرة لصالحها منذ منعطف ستالينغراد. وقد تسنى لها ذلك نظرا للمجهود الاقتصادي الضخم الذي وفّر كميات مهولة من العتاد الحربي خاصة بعد إجلاء المنشآت الصناعية إلى مناطق سيبيريا وآسيا الوسطى وإقامة مصانع جديدة، ولقد أنتجت هذه المصانع بين 1943 و 1945، 30000 دبابة وحوالي 40000 طائرة و 120000 مدفعا مما جعل العتاد الحربي السوفياتي يفوق لأول مرّة العتاد الألماني. انطلق الهجوم السوفياتي منذ ربيع 1943 وتمكّن الجيش الأحمر بقيادة الجنرال مالينوفسكي من تحرير أكرانيا والقرم في جانفي 1944 بينما تمكّن الجنرال كونياف من الوصول إلى جبال القرباط فتركّزت الجبهة خلال 1944 على حدود دول البلطيق على بعد 400 كلم من فرصونيا.

ب- تحرير أوروبا الشرقية:

في صائفة 1944، وبينما أنزلت القوات الحليفة على التراب الفرنسي، شرع الجيش الأحمر في شن هجوم واسع النطاق، وقوي جدا، عبأ أكثر من 10 ملايين جندي داخل 600 فرقة، 110 منها مصفحة، وتوّج هذا الهجوم في الشمال باحتلال بلدان البلطيق وفنلندا في سبتمبر 1944، وفي الوسط باحتلال فرصوفيا. أما في الجنوب الشرقي للجبهة فقد قام الجيش الأحمر بسلسلة من الهجومات الخاطفة أرغمت رومانيا وبلغاريا على الاستسلام (سبتمبر – أكتوبر 1944) ثم دخل السوفياتيون يوغسلافيا وحرروا ألبانيا (نوفمبر 1944) وعندما شنّ هتلر آخر هجوم معاكس في منطقة الأردان طلب تشرشل من ستالين التعجيل بتحرير أوروبا الشرقية فتوغّلت الجيوش السوفياتية في بروسيا الشرقية وبولونيا والمجر (ديسمبر 1944) والنمسا (أفريل 1945) وفي هذه الأثناء استغل الأنقليز جلاء القوات الألمانية عن اليونان ليحتلوها قبل وصول الجيش الأحمر.


3) انهيار قوات المحور:



أ- استسلام ألمانيا:

منذ أوائل 1945 شرع الحلفاء في القيام بعمليات عسكريّة في اتجاه ألمانيا، بينما صمّم هتلر على مواصلة الحرب إلى آخر لحظة لأنه كان يعوّل على استعمال أسلحة جديدة مثل القنابل الطائرة ف 1 و ف 2 وتطوير الغواصات والقاذفات وعلى إمكانيّة التوصّل إلى صنع القنبلة الذريّة. وفي بداية ربيع 1945 شرع الحلفاء في تنفيذ خطّة غزو التراب الألماني حسب مقررات ندوة يالطا، فتجاوزت القوات الفرنسية نهر الراين في مارس 1945 وهاجمت البافيار، في حين احتلّ الحلفاء شمال إيطاليا بعد اختراق جبهة الابينان (APENNIN) وفي نفس الوقت تكثفت الغارات الجوية على المدن والمنشآت الصناعية الألمانية وخاصة منطقة الروهر. أما على الجبهة الشرقية فقد واصل الجيش الأحمر تحت قيادة جوكوف وكونياف هجوماته حتى بلغ برلين وحاصرها. عندئذ فقد هتلر كل أمل في مواصلة الحرب وانتحر في 30 أفريل 1945 مع قوبلز وتلاهما هيملر بعد أن أسرّ من طرف الأنقليز. وقد قام الحلفاء بأسر أهم الزعماء النازيين (الذين حوكموا من بعد في نورنبارغ). وسقطت برلين بعد معارك عنيفة في 2 ماي 1945، ثم ببرلين مع السوفاتيين في 8 ماي 1945. فانتهت بذلك الحرب في أوروبا.


ب- نهاية الحرب العالمية الثانية:

تمكّنت الولايات المتحدة منذ أوائل 1943 من المبادرة بالهجوم، مستغلة طاقاتها الضخمة. وقد اعتمد الأسطول الأمريكي في هجومه على احتلال الجزر تباعا، وذلك بتعديد عملية إنزال "المارينس". في الشمال عمد الأميرال نيمتس (NIMITZ) إلى احتلال جزر جيلبار (نوفمبر 1943) وجزر مارشال (جانفي 1944) وغوام (سبتمبر 1944). وفي الجنوب قام الجنرال ماك آرثور (Mc ARTHUR) مدعّما بالاستراليين، باحتلال الفيلبين بصعوبة (فيفري 1945) وبعد أن احتلّ الأمريكان جزيرة أوكيناوا (جوان 1945) ركّزوا بها قواعد جويّة انطلقت منها طائرات عملاقة ل*** المدن الصناعية في وسط وجنوب اليابان. ولكن اليابانيين أبدوا شجاعة متناهية في الدفاع عن مواقعهم، وأمام هذا الإصرار الياباني وتفاديا لخسائر بشرية إضافية، ولتجربة أحدث الأسلحة قرّر الرئيس الأمريكي، ترومان الذي خلّف روزفيلت المتوفي في أفريل 1945 التعجيل بإنهاء الحرب وذلك باستعمال القنبلة الذرية. فألقيت قنبلة أولى في 6 أوت 1945 على هيروشيما دمّرت 60 % من المدينة وقضت على ما يفوق 150000 شخصا، ثم ألقيت قنبلة ثانية على تغازاكي في 9 أوت 1945. وفي نفس الوقت أعلن الاتحاد السوفياتي الحرب على اليابان في 8 أوت فغزت قواته منشوريا وكوريا طبقا لمقررات ندوة يالطا. واستسلم اليابان بدون شرط في 19 أوت 1945. وهكذا انتهت الحرب العالمية الثانية.

http://www.vb.fll2.com/storeimg/img_1352671958_663.gif
http://img1.imagilive.com/0614/taxi_icone.gif

الزرقاء 2014-07-13 23:00

رد: الحرب العالمية الثانية
 
الحرب العالمية الثانية - نتائج الحرب العالمية الثانية





نتائج الحرب العالمية الثانية

بينما تركزت الحرب العالمية الأولى على القارة الأوروبية، امتدت الحرب العالمية الثانية إلى عدة قارات، فكانت مخلفاتها المادية أفدح. لقد سخرت الدول المتحاربة خلال ستة سنوات، طاقاتها العلمية والتقنية لخدمة أهدافها العسكرية، فشمل الدمار مناطق شاسعة وبلغت الخسائر المادية حدا مهولا. ولئن أنهكت الحرب القارة الأوروبية بدرجة أولى فإنها مكنت عدة دول أخرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية من تدعيم اقتصادها على الصعيد العالمي.

انبثقت عن الحرب العالمية الثانية أوضاع متأزمة، إذ ولد هولها، عند الإنسان الأوروبي خاصة، شعورا بالحيرة واليأس والتشاؤم، نتج عنه ظهور تيارات ثقافية مختلفة، وفي الميدان السياسي، شهدت الدول الأوروبية، رغم انتصار الحلفاء، فراغا سياسيا تجسم في انقسام داخلي خطير. ولقد انعكس هذا الانقسام على القارة كلها بنشوء كتلتين متضادتين تدينان بالولاء للولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.

لم يكن التحالف الذي أقيم ضد دول المحور متينا، إذ ظهرت بوادر الانشقاق داخل صفوف الحلفاء قبل انتهاء الحرب، ورغم تعدد الندوات، والمحاولات لتقريب وجهات النظر، لم ينفك الخلاف يتسع. لذلك خضعت التحويرات الإقليمية للأمر الواقع بينما بقيت القضية الألمانية معلقة. وفي خضم هذا الجو العالمي المتوتر والحذر المتبادل بدت منظمة الأمم المتحدة كملاذ وحيد يكفل للعالم تنظيم علاقات دولية تبعد شبح الحرب.

I- فداحة المخلّفات المادية:
1) خسائر بشرية جسيمة:
لقد تجاوزت الحرب العالمية الثانية سابقتها في قساوتها وشناعتها إذ قدرت الخسائر البشرية بحوالي 50 مليون ضحية أي ما يقارب ثلاث مرات الخسائر المنجرة عن الحرب العالمية الأولى وارتفع عدد العاجزين إلى حوالي 30 مليون. وقد تميزت هذه الأضرار بارتفاع نسبة الضحايا المدنيين التي قاربت نصف مجموع الخسائر وقد ذهبت هذه الأنفس البشرية ضحية ال*** وأعمال الإبادة التي طبقها النازيون في المحتشدات ونتيجة ظهور المجاعة المنجرة عن قلة التموين. ولقد أسفر ال*** الجوي لمدينة برلين في ماي 1944 على قتل 50000 شخص، وسجلت مدينة دراسد خلال فيفري 1945 200000 قتيل، بينما ذهبت 300000 نسمة ضحية القنبلتين الذريتين التين ألقيتا من طرف الأمريكان على مدينتي هيروشيما وناكازاكي في أوت 1945.

ولقد تضررت دول أوروبا الشرقية أكثر من الدول الأوروبية الأخرى وخاصة بولونيا والاتحاد السوفياتي، فبولونيا، المتضررة الأولى، فقدت %20 من مجموع سكانها أي 6 ملايين شخص، وفقد الاتحاد السوفياتي 10 % من السكان أي ما يناهز 17 مليون شخصا. وفي يوغسلافيا سجل فقدان مليون و700000 شخصا من بينهم مليون و400000 مدني. وفي رومانيا والمجر ذهبت الحرب ب 4 % من مجموع سكان كل بلد، أما في أوروبا الغربية فقد كانت هذه الخسائر محدودة نسبيا حيث لم تسجل فرنسا فقدان أكثر من 1.5 % من سكانها أي 600000 شخص، وإنقلترا 0.83 % أي 400000 شخص.

وبما أن الحرب شملت قارات أخرى فقد تجاوزت الخسائر حدود أوروبا إذ سجل اليابان فقدان مليون شخص، في حين لم تكلف الحرب الأمريكيين إلا 400000 جندي.

وانعكس هذا التفاوت الجغرافي داخل أوروبا على مواقف كل من دول أوروبا الشرقية وأوروبا الغربية تجاه مصير ألمانيا بعد الحرب. فينما قبلت الدول الغربية بسرعة المساهمة في إعادة بناء ألمانيا، احتفظت شعوب أوروبا الشرقية بعدائها للدولة التي تسببت لها في انهيار طاقاتها البشرية والمادية.

2) الدمار:
شمل الخراب الذي خلفته الحرب العالمية الثانية مناطق شاسعة فاقت ما كان للحرب الأولى نظرا لاختلاف الخطط العسكرية المعتمدة. فينما تركزت عمليات الحرب العالمية الأولى على جبهات قارة، اعتمدت الحرب العالمية الثانية على حركية الجبهات واستعمال وسائل تدمير متطورة، فكانت أوروبا المتضررة الأولى وخاصة في منطقتها الشرقية. ولقد اكتسى التخريب طابعا خاصا في بولونيا نتيجة تعرضها للغزو النازي واستغلاله الفاحش لثرواتها وتجهيزاتها ففقدت في سنة 1945 3/2 من تجارتها وإنتاجها الفلاحي، و4/3 من طاقاتها الصناعية لسنة 1938 أما الاتحاد السوفياتي فقد أصيبت مناطقه الحيوية خاصة أوكرانيا فانهار، تبعا لذلك، الإنتاج الفلاحي بينما تواصل الإنتاج الصناعي على عادته رغم ما لحق المصانع من تدمير، حيث قام السوفياتيون بنقل أهم التجهيزات الصناعية بعيدا عن الجبهة إلى مناطق سيبيريا والاورال. وفي أوروبا الغربية تكبدت فرنسا وألمانيا أهم الأضرار إذ خربت منطقة الشمال ونسفت طرق المواصلات ودمرت المواني (دانكرك مثلا) لكنها حافظت على أهم مؤسساتها الصناعية. لقد بقيت ألمانيا في مأمن من التدمير حتى سنة 1944 حين استهدفت مدنها إلى *** مكثف وأصبحت برلين وكولونيا ودراسد وفرنكفورت حطاما. ورغم ذلك فقد حافظت ألمانيا على أغلبية تجهيزاتها الصناعية إذ لم تفقد صناعة النسيج إلا 25 % من طاقة إنتاجها، وحافظت المناجم على 85 % من معداتها. وقد أصاب الخراب المدن الإنقليزية حيث تضرر منزلان من جملة 7 منازل، وأصبحت مدينة كوفنتري (COVENTRY) رمزا للخراب. واجهت إذن مختلف الحكومات في أعقاب الحرب العالمية الثانية مشكلة إعادة بناء ما وقع إتلافه أثناء الحرب.

3) استفادة أمريكا:
خرجت الدول الأوروبية من الحرب العالمية الثانية منهارة وتقلصت مكانتها الاقتصادية في المجال العالمي، سجت إنقلترا خلال الحرب انخفاض أسطولها بنسبة 50 %، ومساهمتها في الحمولة العالمية بنسبة 10 %، وكانت أغلب الدول الأوروبية مدينة للخارج وخاصة للولايات المتحدة الأمريكية فأجبر العديد منها على التخلي عن جزء من مصالحه خارج حدوده. لقد عجزت إنقلترا عن تسديد 126 مليون جنيه إسترليني إلى الأرجنتين مما أجبرها على بيع الخطوط الحديدية التابعة لشركاتها في هذا البلد. وفرطت بلجيكا في قسط هام من مساهمتها في استغلال المعادن بكاطنغا (KATANGA). كانت الولايات المتحدة هي المنتفعة الأولى من الحرب إذ تخلصت من المزاحمة الشديدة للدول الأوروبية المصنعة واليابان في الأسواق العالمية واستطاعت أن تقضي على مخلفات الأزمة الاقتصادية العالمية. لقد تضاعف إنتاجها الصناعي، وارتفع دخلها القوي بنسبة 75 % خلال الحرب. ودعمت أوساطها النقدية هيمنتها على البنوك العالمية، وعوض رأس مال شركاتها الاستثمارات الأوروبية في عدة مناطق من العالم وخاصة في أمريكا اللاتينية.

كما استفادت عدة دول أخرى من الحرب مثل كندا التي نمت صناعتها خاصة في صنع الألمنيوم والطيران، وأصبحت تزود إنقلترا بمنتوجاتها خلال الحرب، وتحولت من بلد فلاحي إلى بلد صناعي إذ أصبحت الأرباح المتأتية من النشاط الصناعي تضاهي 3 مرات الأرباح الناتجة عن الفلاحة. كما اغتنمت الهند والدول المرتبطة بالتاج البريطاني (les Dominions) ظروف الحرب لتطوير الصناعة خاصة في ميدان النسيج، والتحرر من سيطرة البضائع الانكليزية على أسواقها الداخلية.

إن ضعف أوروبا السياسي، وتقهقرها الاقتصادي قد أفقداها دورها القيادي في السياسة العالمية إذ أصبحت تابعة لدول عظمى جديدة.

II- أزمة ما بعد الحرب:
1) الأزمة المعنوية والفكرية:
إن الواقع المعنوي للحرب كان عنيفا جدا إذ أن هول المأساة قد أعاد للأذهان مدى فاعلية قوى الشر الكامنة في الإنسان. إن كرامة الفرد التي رفعها الإنسان الأوروبي إلى مكانة عليا وقد دوسها بشراسة خلال سنوات الحرب على جبهات القتال وخارجها حيث عمد النازيون إلى عمليات إبادة جماعية خصصت في بادئ الأمر إلى اليهود والشيوعيين، لكن سرعان ما شملت طبقات اجتماعية مختلفة كما تجلى للأوروبيين خطر التطور العلمي عندما يوجه ضد الإنسان قصد محقه وما مثال هيروشيما إلا دليل على ذلك. نتيجة لذلك اجتاح أوروبا شعور عميق باليأس والقلق والحيرة اكتسى صبغة خاصة في البلدان المنهزمة التي شعرت بالأذناب في حق الإنسانية. ولم تخفف محاكمة النازيين "مجرمي الحرب" في نورنبارغ من وطأة هذا الإحساس. فتولدت عن ذلك عدة تيارات ثقافية جديدة.

ففي الأدب شهّر "ارنست ويشارت" (ERNEST WIECHERT) بمسؤولية الألمان في الزج بالعالم في أتون الحرب. ولقد عبرت الوجودية (L’EXISTENTIALISME) عن هذه الحالة النفسية التي استبدت بالأوروبيين، فحاولت أن تجعل الإنسان يستجلي الحياة على حقيقتها، ويعيها وعيا عميقا، ويدرك قيمته الشخصية دون التأثر بالضغوط الاجتماعية. ثم لا بد للإنسان أن يعطي لوجوده معنى بالقيام بعمل يختاره لنفسه فيصبح بذلك في نفس الوقت مسؤولا وحرّا. وقد لقي كتاب جون بول سارتر (JEAN PAUL SARTRE) "دروب الحرية" صدى كبيرا لدى القراء. لكن الوجودية تجلت خاصة في فلسفة هايدقار (HEIDEGGER). وفي الميدان السينمائي ظهر تيار الواقعية الجديدة (LE NEORELASIME) الذي يعكس التمزق النفساني، وشعور القلق الذي يسود المجتمع الأوروبي. لقد تجسم هذا التيار في أفلام الإيطالي "روبرتو روسليني" (ROBERTO ROSELLINI) كشريط "روما مدينة مفتوحة 1945" (ROME VILLE OUVERTE) و"ألمانيا السنة صفر" (1948) (Allemagne ANNEE ZERO) و"سارق الدراجات".

2) التفكك السياسي:
شكلت الحرب العالمية الثانية تصادما مصيريا بين الأنظمة الديمقراطية والأنظمة الفاشية وانتهت بانهيار هذه الأخيرة، بشنق موسيليني في ميلانو من طرف الأنصار وانتحار هتلر، وفرار هورثي من المجر، وبإلقاء القبض على الزعماء النازيين الذين حوكموا من طرف محكمة دولية في مدينة نوربارغ بجنوب ألمانيا (NEUREMBERG). وعقب سقوط هذه الأنظمة طرح مشكل إرساء النظام السياسي الجديد خاصة وأن هذه الدول خضعت مدة طويلة لحكم دكتاتوري أضعف الأوساط التحررية والأحزاب الديمقراطية. وبصفة عامة فإن الحرب العالمية الثانية قد قضت على ما تبقى من النظام السياسي القديم المتمثل في الملكية المطلقة ما عدى إسبانيا والبرتغال اللتين لم تشاركا في الحرب.

لقد عكس انتهاء الحرب داخل الدول الأوروبية تصاعد الأحزاب اليسارية نظرا للدول النشيط الذي لعبته هذه الأحزاب في صفوف منظمات المقاومة ضد النازية. وتجلت هذه الظاهرة في يوغسلافيا إذ قام الشيوعيون بقيادة "تيتو" بدور أساسي في تحرير البلاد من الاحتلال النازي، مما مكنهم من الارتقاء إلى الحكم في نهاية الحرب. وفي اليونان نشطت عدة منظمات في مقاومة النازيين برزت من بينها "حركة التحرير القومي" الشيوعية (A.E.M.). لكن البلاد شهدت، عقب التخلص من النازيين، نزاعا بين الحكومة الائتلافية اليونانية والشيوعيين منذ أواخر 1944. ولم يتوطد النظام الملكي على حساب الشيوعيين إلا بتدخل الجيوش الإنقليزية إلى جانب الحكومة. أما في إنقلترا فقد اقترن انتهاء الحرب بتفوق الحزب العمالي في الانتخابات، وبتعويض تشرشل بآتلي في رئاسة الحكومة.

وفي فرنسا، غابت الأحزاب المحافظة عن الساحة السياسية نظرا لمساندتها "لنظام فيشي" وسلوكها سياسة التعامل. بينما شارك الحزب الشيوعي والحزب الاشتراكي إلى جانب "حركة الجمهورية الشعبية" (M.R.T.P) في الحكومة المؤقتة التي ترأسها الجنرال دي غول. وتحت ضغط هذه الأحزاب تم القيام بعدة إصلاحات اقتصادية كتأميم مناجم الفحم، وقطاع الكهرباء والغاز، وبعض البنوك وشركة صنع السيارات رينو...لكن سرعان ما ظهر الاختلاف فيما يتعلق بنظام الحكم الجديد. فينما ساند البعض قيام نظام جمهوري تتمتع فيه المجالس بسلطات واسعة، دعا البعض الآخر لقيام نظام جمهوري رئاسي. وقد أفضت الأزمة في جانفي 1946 إلى استقالة الجنرال دي غول، والتصويت على دستور الجمهورية الرابعة في أكتوبر 1947.

ومن ناحية أخرى كانت الحرب العالمية الثانية فرصة أظهرت لسكان المستعمرات ضعف الدول الاستعمارية الغربية إثر الانهزامات التي منيت بها أمام جيوش المحور. فأيقظ هذا الضعف النسبي آمال سكان المستعمرات في الانعتاق من الهيمنة الأوروبية خاصة وأنهم شاركوا في مقاومة قوات المحور إلى جانب الحلفاء، كما أن ميثاق الأطلسي وميثاق الأمم المتحدة أقرا حق الشعوب في تقرير مصيرها. فكانت نهاية الحرب منطلقا جديدا للحركات التحريرية خاصة في الهند الصينية ومدغشقر وشمال افريقيا...

3) تباين مواقف الحلفاء ونشأة الكتلتين:
كان تحالف إنقلترا والولايات المتحدة مع الاتحاد السوفياتي ظرفيا، حتمته مقاومة العدو المشترك المتجسم في النازية. ظهرت بوادر الانشقاق في صفوف الحلفاء قبل انتهاء الحرب في قضايا متعددة من أهمها مستقبل الأنظمة التي سيقع إرساؤها في الدول المنهزمة ودول أوروبا الشرقية التي حررها الجيش الأحمر. اختلف السوفيات والإنقليز والأمريكيون في مفهوم ديمقراطية الأنظمة. فبينما رمى الغربيون من ورائها إلى إنشاء نظام يعتمد أساسا على الحريات الفردية وتعدد الأحزاب، قصد السوفيات إرساء نظام اشتراكي يعتمد على العدالة الاجتماعية والاستغلال المشترك للثروات في ظل دولة عمالية. فاكتسى التناقض طابعا إيديولوجيا دعمته مصالح كل شق وعزمه على ضمان أمنه. فساد التخوف المتبادل اللقاءات بين الاتحاد السوفياتي والدول الغربية ولم يتوصل الطرفان إلى نتائج إيجابية في نهاية الحرب رغم تعدد المؤتمرات على مختلف المستويات. ونتيجة لذلك نشأن كتلتان كرس تباعدهما "مشروع مارشال" (PLAN MARSHALL) الرامي إلى تقديم مساعدة مالية هامة لإعادة بناء الاقتصاد الأوروبي إذا اعتبرت الولايات المتحدة أوروبا الغربية عنصرا حاسما في التوازن العالمي والأوروبي خاصة. أما الإتحاد السوفياتي فقد اعتبر هذا المخطط ظاهرة من ظواهر السيطرة السياسية والاقتصادية الأمريكية على أوروبا. وتجسم رد فعله على هذا المخطط في أكتوبر 1747 بإحداث "مكتب المعلومات الشيوعي" أو "كومنفورم" لتنسيق أعمال الأحزاب الشيوعية الأوروبية معوضا بذلك الأممية الثالثة التي حلت أثناء الحرب. وهكذا ظهر معكسران، معسكرا اشتراكي المذهب في الشرق، ومعكسر غربي رأسمالي. وقد طبع عداؤهما العلاقات الدولية بعد الحرب حيث تأزمت في عدة مناسبات: قضية برلين، كوريا...

III- المعطيات السياسية العالمية الجديدة:
1) صعوبة إعداد السلم:
لقد تجلى تباين مواقف الحلفاء في الندوات المتعددة التي جمعت بينهم لتهيئة صيغة للسلم ومستقبل العلاقات الدولية.

- ندوة طهران نوفمبر 1943:
جمعت هذه الندوة في العاصمة الإيرانية ولأول مرة "الثلاثة الكبار" روزفلت (الولايات المتحدة) وتشرشل (إنقلترا) وستالين (الاتحاد السوفياتي) وقد وقع تبادل وجهات النظر المتعلقة بمستقبل أوروبا الوسطى والشرقية حيث أعلن ستالين عن عزم الاتحاد السوفياتي على ضم دول البلطيق وعن حقه في بسط سلطته على جزء من بولونيا، بينما اقترح تشرشل امتداد الحدود الغربية البولونية حتى نهر الاودر. وأقرت هذه الندوة من الندوة من ناحية أخرى مبدأ تقسيم ألمانيا إلى عدة دول.

- ندوة يالطا فيفري 1945:
اجتمع "الثلاثة الكبار" من جديد قبل انهيار ألمانيا في فيفري 1945 بيالطة الواقعة بشبه جزيرة القرم بالاتحاد السوفياتي وقد سيطر فيها ستالين على سير المداولات نظرا لتقدم الجيش الأحمر في أوروبا الشرقية. لقد تعهد ستالين بإعلان الحرب على اليابان مقابل الحصول على جنوب جزر ساخلين وأرخبيل الكوريل. وأقر المؤتمرون انقسام التراب والعاصمة الألمانية إلى أربع مناطق احتلال خاضعة للاتحاد السوفياتي وإنقلترا والولايات المتحدة وفرنسا، كما تعهدوا بضمان قيام أنظمة، في الدول المحررة، عن طريق إجراء انتخابات حرة. ولقد قبل الغربيون تخلي بولونيا لصالح الاتحاد السوفياتي عن المناطق التي احتلتها سنة 1921 وتعويضها في الغرب بأراض ألمانية.

- ندوة بوتسدام جويلية 1945:
التأمت هذه الندوة عقب هزيمة ألمانيا ببوتسدام (POTSDAM) إحدى ضواحي برلين وقد ضمت ستالين، وتشرشل الذي عوضه آتلي (ATLEE) وترومان (TRUMAN) الذي أصبح رئيس الولايات المتحدة منذ وفاة روزفلت في أفريل 1945. إلى مصالح بلدانهم الخاصة. لقد طالب الغربيون بالمشاركة في مراقبة الانتخابات المزمع إجراؤها في الدول التي يسيطر عليها الجيش الأحمر، لكنهم اصطدموا بمعارضة ستالين، فرفضوا تدخلهم في المسائل المتعلقة بالبحر المتوسط. ورغم هذا الاختلاف فقد قرر المؤتمرون تصفية النازية، ومراقبة الإنتاج في الدول المنهزمة، وتخويل مجلس وزراء خارجية دولهم النظر في صيغة المعاهدات.

ولقد تعاقبت، إثر ذلك، لقاءات وزراء الخارجية في عدة عواصم أوروبية دون أن تفضي إلى اتفاق حول القضايا المطروحة، فعقدت منذ 1947 معاهدات منفردة مع حلفاء ألمانيا بينما بقي المشكل الألماني معلقا.

2) خريطة العالم الجديدة:
لم يكن رسم الحدود الجديدة، خاصة في أوروبا، نتيجة معاهدات اتفق عليها الجميع ولكنه خضع للأمر الواقع، ومن ناحية أخرى فإنّ التغييرات لم تبلغ أهمية ما حدث في أعقاب الحرب العالمية الأولى.

- في أوروبا:
شملت التحويرات الإقليمية خاصة أوروبا الشرقية وانتفع منها الاتحاد السوفياتي.

لقد فقدت ألمانيا 104000 كليو مترا مربعا من مساحتها متمثلة في بروسيا الشرقية (PRUSSE ORIENTALE) وبوميرانيا (POMERANIE) و سيليزيا (SILESIE) واستقرت حدودها الشرقية على طول خط الاودر – نابس (ODER-NEISSE) وارتبطت السار (SARRE) بفرنسا اقتصاديا حتى سنة 1958.

وتخلت بولونيا عن مقاطعاتها التي احتلتها سنة 1921 لفائدة الاتحاد السوفياتي وعوضتها بجزء من بروسيا الشرقية وبوميرانيا وسيليزيا المنتزعة من ألمانيا.

وضم الاتحاد السوفياتي جزء هاما من بروسيا الشرقية واحتفظ بمناطق فنلندية، احتلتها منذ 1940، وببلدان البلطيق، وانتزع بسارابيا (BESSARABIE) من رومانيا التي فقدت منطقة دبرودجا (DOBROUDJA) لصالح بلغاريا. وخسرت إيطاليا استريا (ISTRIE) لصالح يوغسلافيا بينما صارت مدينة ترياست (TRIESTE)، مدينة حرة تحت سلطة الأمم المتحدة، وأدخلت بعض التحويرات الطفيفة على حدودها مع فرنسا، كما سلمت لليونان الدوديكاناز (DODECANESE) ورودس (RHODES). واقترنت هذه التعديلات الترابية بترحيل العديد من السكان لتفادي مشاكل القوميات التي لم تفضها سلم 1919. فشملت هذه الحركة 10 ملايين ألماني انتقلوا من تشيكوسلوفاكيا، وبولونيا والمجر إلى ألمانيا، وميلوني بولوني نزحوا من المناطق التي سيطر عليها الاتحاد السوفياتي إلى المناطق التي ضمت على حساب ألمانيا.

- خارج أوروبا:
فقدت إيطاليا كل مستعمراتها حيث استقلت أثيوبيا وألحقت بها إيريتريا وتخلت عن ليبيا والصومال فعرضت قضيتها على الأمم المتحدة التي أقرت استقلال ليبيا ووضع الصومال تحت الوصاية الإيطالية. في آسيا اضمحلت الإمبراطورية اليابانية فغنم الاتحاد السوفياتي جزر الكوريل والجزء الجنوبي لجزيرة ساخالين، واستعادت الصين مندشوريا، وتخلى اليابان عن فرموزا وكوريا، وكل الجزر التي سيطر عليها خارج مياهه الإقليمية. وبينما عاد اليابان إلى حدوده لأواخر القرن التاسع عشر، استعادت فرنسا وإنقلترا وهولندا ممتلكاتها الآسيوية.

3) محاولة تنظيم علاقات دولية جديدة: نشأة الأمم المتحدة:
ظهرت بادرة تنظيم العلاقات الدولية وتوطيد السلم بعد إفلاس عصبة الأمم، أثناء الحرب عندما نص "ميثاق الأطلسي" على إرساء "نظام عام للأمن قائم على قواعد أوسع"، ثم تبنت الأمم التي خاضت الحرب ضد قوات المحور هذا المبدأ متعهدة بتهيئة نظام الأمن والسلام بعد الحرب. وفي غضون سنة 1943 ساند الاتحاد السوفياتي هذه البادرة المتمثلة في إحداث "هيئة دولية قائمة على أسس المساواة بين جميع الدول المحبة للسلام" وقد تأكد هذا الاتفاق في مؤتمر طهران، وتجسمت الخطوة العملية الأولى لتطبيقه في انعقاد مؤتمر "دومبارتون أوكس" بواشنطن سنة 1944 الذي اتفقت فيه الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي والصين وإنقلترا على رسم الخطوط الكبرى لأجهزة المنظمة الجديدة وهي:
- الجمعية العامة
- مجلس الأمن
- أمانة السر
- محكمة العدل الدولية
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
كما تقرر أن تكون الدول الأربعة المشتركة في المؤتمر مع، فرنسا، أعضاء قارين في مجلس الأمن. ثم أقرّ مؤتمر يالطا تمثيل الدول في الجمعية العمومية، وضبط عدد أعضاء مجلس الأمن بأحد عشر عضوا من بينهم خمسة قارون يتمتعون بحق النقض (Droit de Véto) ويمثلون الدول الكبرى، وستة منتخبون لمدة سنتين بالتداول من طرف الجمعية العمومية التي تتكون من الدول الأعضاء على التوصيات اعتمادا على صوت لكل بلد عضو. وفي مؤتمر سان فرانسيسكو (SAN FRANCISCO) المنعقد في ربيع 1945 احتجت الدول الصغرى على طريقة التصويت داخل مجلس الأمن والتي تمنح الدول الكبرى سلطات أقوى من السلطات التي كانت لها داخل عصبة الأمم. واختتم المؤتمر بتوقيع "ميثاق الأمم المتحدة" في جوان 1945 فقامت بذلك رسميا منظمة الأمم المتحدة التي تهدف إلى:
الحفاظ على الأمن العالمي بالإحجام عن اللجوء إلى الحرب وضمان الحقوق الأساسية للإنسان وعدم التدخل في الشؤون الخاصة للدول الأعضاء، والتأكيد على حقوق الشعوب في تقرير مصيرها وتنشيط التعاون الدولي.

وقد نص الميثاق على أن تتكون الهيئة من فروع رئيسية:
- الجمعية العامة
- مجلس الأمن
- مجلس الوصاية
- محكمة العدل الدولية
- الأمانة العامة
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
وقد ارتبطت بهذه المنظمة مؤسسات عالمية مختصة من أهمها: - - منظمة العمل الدولية (O.I.T)
- منظمة التغذية والزراعة (F.A.O)
- منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (UNESCO)
- صندوق النقد الدولي (F.M.I).

رغم امتياز الأمم المتحدة عن عصبة الأمم، بطابعها العالمي فإن ميثاقها لم يخل من نقائص نظرا بالخصوص للامتيازات التي حظيت بها الدول العظمى في جهاز التقرير الأممي، إذ أن حق النقض يعطل تنفيذ قرارات مجلس الأمن ويمكن هذه الدول من صيانة مصالحها.


http://www.vb.fll2.com/storeimg/img_1352671958_663.gif
http://img1.imagilive.com/0614/taxi_icone.gif

ام زين 2014-07-13 23:01

رد: الحرب العالمية الثانية
 
اش بينا وبين شي حرب

خلينا غير مع هاذ الطاكسي اللي دوخني اليوم

http://img1.imagilive.com/0614/taxi_icone.gif


الساعة الآن 00:10

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd