2014-07-05, 14:23
|
رقم المشاركة : 1 |
إحصائية
العضو | | | ومضة من مشكاة أنوار القرآن الكريم نظرات في سورة الكهف | ومضة من مشكاة أنوار القرآن الكريم نظرات في سورة الكهف
«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا» افتتح الحق سبحانه هذه السورة بالأمر بالحمد لله بعدما أمر في ختام سورة "الإسراء" بالحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وأمر بالتكبير وذلك بعدما بين في هذه السورة التي ختمت بهذا الأمر مجموعة من الأخلاق الاجتماعية التي يجب التمسك بها بجانب توحيد الله سبحانه وتعالى في قوله واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وبين سبحانه ميزة الإنسان وتكريمه وتفضيله على كثير ممن خلق تفضيلا. وأوضح سبحانه في سياق الدعوة إلى التوحيد ونبذ الشرك ما عليه المشركون وما يشترطونه للإيمان ولكنهم مع الخوف من تحقق المعجزة قالوا لن نؤمن لك حتى تنزل علينا كتابا نقرأه. والقرآن الكريم يوضح للناس في كل زمان ومكان إن طبائع بعض الآدميين مفطومة على الإنكار والشرك، وإذا كان القرآن الكريم أو الوحي هو ما يعتمد عليه الرسول عليه السلام لتبليغ الرسالة كما أمر «يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك» فهذا الكتاب هو الذي نزل على محمد وعليه أن يبلغه، وفي هذه الحالة فإن المطلوب من الناس ومن المؤمنين بالذات هو التوجه بالحمد والثناء إلى خالق الكون ومدبر أمره الذي أنزل على عبده الكتاب، والكتاب هو القرآن الكريم، وهذا ما عرفه الناس وما جاء في افتتاح السورة الثانية في المصحف. «ألم ذلك الكتاب لا ريب ...» وإذا كان كتابا لا ريب فيه وهو من رب العالمين الذي أنزله على عبده محمد عليه السلام فإن محاولة بعض الناس اليوم من الذين أرادوا أن يطوعوا القرآن لأهوائهم وتخرصاتهم أرادوا أن يجعلوا من الكتاب كتابين ومن القرآن قرآنيين لأن ما يفهمه الناس وما هو ثابت منذ نزول الوحي أن القرآن هو الكتاب والكتاب هو القرآن وعلى أي حال فإن انتحال العصرية أو المعاصرة في قراءة القرآن لم تأت بجديد نافع، ولا بعلم راسخ ولكنها قراءة للبلبلة وإشغال الناس عن الاتعاظ والامتثال الواجب لكتاب الله. ولعل هذه الآية الأولى من سورة الكهف توضح للناس ولمن أراد الاهتداء أن هذا الكتاب هو كتاب لا عوج فيه، فإذا كان بعض الناس يمتارون في ذلك سواء في القدم أو الحديث، فإن الذي أنزله أنزل كتابا قيما وقرآنا يهدي إلى الرشد وان التدبير فيه واستيعاب معانيه مما يجعل الإنسان يطمئن. فهو كتاب لم يجعل الله له عوجا، في ألفاظه ومعانيه وما يحمله من دعوة للخير والإيمان والاستقامة يقول أبو السعود رحمه الله فالكتاب الذي هو القرآن هو الكتاب الكامل الغني عن الوصف بالكمال المعروف بذلك من بين الكتب الحقيق باختصاص اسم الكتاب به وهو عبارة عن جميع القرآن وعن جميع المنزل حينئذ». ويرى صاحب روح المعاني الألوسي بعد أيراد هذه العبارة ان الأمر عند اعتبار جميع القرآن يكون فيه تغليب المنزل على الذي ميزه فيما بعد، والمفسرون يكادون يلتقون هنا حول معان وأفكار واحدة أو متقاربة على الأقل، والفخر الرازي كعادته جزء التفسير والتأويل إلى مسائل فقال في المسألة الثالثة ما يلي: إنزال الكتاب نعمة عليه ونعمة علينا، أما كونه نعمة عليه فلأنه تعالى أطلعه بواسطة هذا الكتاب الكريم على أسرار علوم التوحيد والتنزيه وصفات الجلال والإكرام وأسرار أحوال الملائكة والأنبياء وأحوال القضاء والقدر، وتعلق أحوال العالم السفلي بأحوال العالم العلوي، وتعلق أحوال عالم الآخرة بعالم الدنيا، وكيفية نزول القضاء من عالم الغيب، وكيفية ارتباط عالم الجسمانيات بعالم الروحانيات، وتصبير النفس كالمرآة التي يتجلى فيها عالم الملكوت وينكشف فيها قدس اللاهوت، فلاشك أن ذلك من أعظم النعم، وأما كون هذا الكتاب نعمة علينا فلأنه مشتمل على التكاليف والأحكام والوعد والوعيد والثواب والعقاب، وبالجملة فهو كتاب كامل في أقصى الدرجات فكل واحد ينتفع به بمقدار طاقته وفهمه فلما كان كذلك ويجب على الرسول وعلى جميع أمته أن يحمدوا الله عليه فعلمهم الله تعالى كيفية ذلك التخميد فقال: «الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب» ثم إنه تعالى وصف الكتاب بوصفين فقال (ولم يجعل له عوجا قيما) وفيه أبحاث: البحث الثاني: قال أهل اللغة العوج في المعاني كالعوج في الأعيان، والمراد منه وجوه: (أحدها) نفى التناقض عن آياته كما قال (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا). وثانيها أن كل ما ذكر الله من التوحيد والنبوة والأحكام والتكاليف فهو حق وصدق ولا خلل في شيء منها البتة (وثالثها) أن الإنسان كأنه خرج من عالم الغيب متوجها إلى عالم الآخرة وإلى حضرة جلال الله وهذه الدنيا كأنها رباط بنى على طريق عالم القيامة حتى أن المسافر إذا نزل فيه اشتغل بالمهمات التي يجب رعايتها في هذا السفر ثم يرتحل منه متوجها على عالم الآخرة فكل ما دعاه في الدنيا إلى الآخرة ومن الجسمانيات إلى الروحانيات ومن الخلق إلى الحق ومن اللذات الشهوانية الجسدانية إلى الاستنارة بالأنوار الصمدانية فثبت أنه مبرأ عن العوج والانحراف والباطل فلهذا قال تعالى (ولم يجعل له عوجا).
محمد السوسي -أستاذ الفكر الإسلامي | : منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=756033 التوقيع | أيها المساء ...كم أنت هادئ | |
| |