منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى المكتبة التربوية العامة (https://www.profvb.com/vb/f38.html)
-   -   كتاب:النهضة من الصحوة إلى اليقظة (https://www.profvb.com/vb/t146693.html)

صانعة النهضة 2014-07-04 13:22

كتاب:النهضة من الصحوة إلى اليقظة
 
كتاب:النهضة من الصحوة إلى اليقظة




http://feker.net/ar/wp-content/uploa..._n-600x450.jpg




عنوان الكتاب: النهضة من الصحوة إلى اليقظة
الناشر: أم القرى
الصفحات: 287 صفحة
اسم المؤلف: الدكتور جاسم سلطان
قدمه: عقيلة محمد




أكثر ما يضايقني في كثيرٍ من الكتب أنها أصبحت على أكبر تقدير مجرد “مطالعة موجهة” وعملية متكررة لقلب الصفحات، بحثًا عن اللُبٍ، عن الجوهر، عن الأساس الذي تذيبه كثرة اللغو بين فصل وآخر!


وعلى العكس تمامًا..
في هذا الكتاب تجد كلّ منابع العلم قاطبةً، فمن المنطق إلى الشرع إلى التاريخ إلى التجربة، كلُ هذا في تناسقٍ وتناغم مُتكاملين، يجعلانكَ في حالة إدمان مستمر لتدارس فقه النهضة وإسقاطها على مُعطيات العالم العربي..
صفحاتُ هذا الكتاب خيوطٌ تربطُك بالنُهوض، باليقظة، بالفكر.. فعلّنا ندمنه وعيًا وفعلًا!


المشهد كما أراه:


إن مشهد انحطاط العالم العربي لم يأتِ هكذا اعتباطا كما أن قيام إمبراطوريات السلطة الغربية والترسانة العسكرية لم تأت من العدم، دومًا هنالك أسباب ومقدمات تحقق معادلة ما؟ تفاعلًا ما؟
تلك هي السنن الكونية المُطردة التي وللأسف جهلها العالم الإسلامي في كثير من محطاته ومواقفه ولم يستفد للآن من أخطاء ماضيه وبؤس حاضره الفاسد.
ليس يأسًا ولا قنوطًا ولا حتى تضخيمًا، إنه واقع متورم ويُرى بالعين المجردة! فما فتأت الأمة في التخبط بين نكبة هنا ونكسة هناك وانهيار لما بينهما بدأت تبزر بعض الحركات التي تصوغ من واقعها معطيات مثالية وتحاول تكوين مجتمعاتٍ قويمة صالحة من شعب مترهل لاقى أبشع أنواع إذابة الهوية وتجريد العقل من إمكانية التفكر.
إن مختلف المشاكل التي عانت منها الشعوب العربية ولازالت، لم تعالج بالطريقة الصواب والمنهج القويم، رغم تراكم المحاولات الفكرية والنظريات النهضوية إلا أنها ظلت حبيسة رف في مكتبة، الكثير من المفكرين استطاعوا أن يؤلفوا جيلًا من الكتب والمقالات لكن السؤال المطروح: هل استطاع أحدهم أن يؤلف جمعًا من الرّجال؟




المادة الأولية.. في ضياع:


لو تمعن أحدنا في شباب اليوم، لوجد أحدهم على شفا حفرة من الغواية والآخر منهمكا في صراع ما بين الأقنعة والقيود التي تصنعها ذاته ويحيكها مجتمعه، التالي منهمك في دراسة لا يهمه منها غير منصب مريح يدر عليه مالاً لقوت يومه، والآخر يكتب الموت على نفسه فيركب بحار اللا مجهول والآخر ينغمس في سموم المخدرات وهوس النبيذ، الطرف التالي يرسم من دينه صورة بائسة مشرئبة يعتريها مظهر الزهد والانعزال، حياةٌ تشوبها السلبية والاعتقادات الواهية في حصر الدين بالتزام أجوف.
هموم الشارع العربي لا حصر لها تبتدئ بالبطالة العقلية وحياة اللا هدف وتنتهي بالخمول وغياب الفاعلية الذي يجمّد مسيرة النهضة.
أسألنا يومًا؟ ما مصير هؤلاء؟ ألن يكونوا معولا في بناء النهضة؟ أو أحد اهتماماتها؟ أو بالأحرى ما موقعهم من الإعراب؟
هل مفهوم النهضة يقتصر على ما يسمى “النخبة المثقفة” وحدها؟


طبقة النخبة.. إلى أين؟


نأتي لحركات التغيير والعاملين في مجال النهضة والتنمية الدعوية، فكم من حركة ظهرت؟ وكم من مؤسسة نشطت وتنشط؟ كم من فرع أقيم وكم من جمعية فتحت أبوابها؟ كم من معهد بنى وكم من دور شيدت؟ بالكاد الإحصائيات مذهلة إلا أن النتائج شبه محبطة أو تحت الإحباط بدرجة.
هناك حلقة مغيبة حتمًا؟ المنطق يتعامل بالمعطيات ويتفاعل معها والنتيجة دائمًا خاضعة لعوامل شتى علينا مراعاتها، والإخفاق أول الخطى فليس كل من يزرع يحصد؟ هناك خلل ما؟


السؤال الأجوف: لماذا؟


إن أهم الأسباب التي ساهمت في ترهل الحركة الدعوية وفقدانها لفاعليتها وتعثر العمل النهضوي المعاصر غياب تلازمية التأثير والتأثر بين العنصرين، وهم المعرفة وتعتيم الفهم الحقيقي لماهية الرسالة وتشوش الرؤية إلى جانب الفوضى وعشوائية القرارات التي يتولى قيادتها كل من هبّ ودب.


• الوحي مكرمًا النهى:


الحجر الأساس في تكوين الأمة المحمديّة ابتدأ بكلمة، كلمةٌ واحدة فقط غيرت وجه العالم، ليست كأي كلمة أخرى نأخذها بسطحية تامة وباعتيادية مُضجرة، بعضُ المفردات لا تتأقلم إلا مع العمق، في التنقيب عن دلالةٍ ومغزى شاسع.
إنّها “اقرأ” جاءت بصيغة الأمر محتضنة بداخلها دلالة التغيير، تغيير العالم بأكمله.


• وهم المعرفة:
يقول دانيال: The greatest obstacle to discovery is not ignorance; it is the “illusion of knowledge”.


تلك هي الفجوة التي جعلت من بني يعرب مذلة بين القمم، جعلت منهم هامشًا على الحياة، صفرًا على الاتجاهين، أمةً تجيد حياكة القول بلا فعل، أجيال تعتز بتاريخ لم ينسب يومًا لها بل لآبائها.. . وشتان بين الاثنين، أقول هذا عمدًا ربما، علّ الغافل يفطن والقاعد ينهض والنائم يصحو، علّ السواعد تشمر وعلّ محركات العقول تعيد شحن رؤوسها بالحقيقة مكلفة نفسها ثمن دفع ضريبة التخلص من الوهم!


هذا الوهم أكبر مخلفات جراثيم العفن الفكري، إنه وهم النهاية، وهم القمة، وهم المعرفة! يال العجب أفي طلب العلم شيء من هذا القبيل؟
إن الإنسانية جاهلة كلّما تعلّمت، وهذا إن دل فيدل على الفضاء اللا متناهي لهذا الأخير، فماذا لو كان وهمًا؟ إنه الانحطاط تحت معالم الجهل!
“اقرأ..” تلك الحكمة الأبدية جاءت بصيغة الأمر المستمر بدءًا بسيد الخلق محمّد عليه الصلاة والسلام إلى آخر آدمي، آخر سنبلة، آخر حصاة على وجه الأرض، العملية متجددة باستمرار إذن؟ إنه أشبه بالتنفس أو أكثر !
وفي “اقرأ” دلالة على الإتقان، على تحرّي الصواب، على إعمال العقل وهندسة الحواس، إشارة إلى العمق، إلى البحث والتنقيب.. إلى طلب العلم على حق وبصيرة.


• الأعداد السكيومترية.. عوامل التحول الكيميائي:
• المواد الأولية.. الجودة أولاً !


إن أساس قيم الدول والبلدان يقتضي توفر الإرادة الكافية للشعوب وهذا ما يستلزم قيام نهضة “ذاتية” على كل فرد من أفراد المجتمع، كيف؟ إن ذلك يستلزم توافر مجموعة من الصفات الذاتية الموشومة على كل من ابتغى سبيل النهضة، أن يلم بكل عوامل تحقيقها. (وقد تناول كتاب من الصحوة إلى اليقظة ذلك بإطناب وشرح)
- المكان: من الأرض الإسلامية إلى الأقاصي العالمية.
- الزمان: من الآن يبدأ الشحن، وعند “النقطة الحرجة” سيكون التغيير وبعدها نصعد سلم النهضة إلى مالا نهاية الحضارة بإذن المقتدر.


يتبع


صانعة النهضة 2014-07-04 13:26

رد: كتاب:النهضة من الصحوة إلى اليقظة
 
• أصابعك تحرّك العالم:


ليست دعوة لنكأ الجراح وسد بؤر النور وإنما حياكة لواقع مُعاش وسقم أليم يتولى تغييره أنا وأنت، هو وهي ونحن وهم، كلّنا نشكل حلقة التغيير وكلنا نلج بوابة النهضة ونحمل شعلتها، الفارق فقط فيمن “عَلِم فعَمل” وما بينها درب طويل وعقبات كثيرة فمن يشد الرحال ويمهد بالأسباب ويُسهل بالتوضيح والدقة؟
“النهضة” انتماء لوحدة المبدأ والمنهج، احتواء لماهية الفهم والفكر وتنقيب في التاريخ لاستشراف عالم أفضل، “النهضة” نتاج حراك كم نوعي يُسهم في ترقية مجتمعه والتمسك بأصالته لا الانسلاخ في معمعة المصطلحات، “النهضة” عملية تطبيق للأفكار النظرية الممثلة في قوالب نصية إلى واقع حاصل، إلى فرد مثمر وبلدة طيبة.


“النهضة” عملية توظيف للموارد البشرية والمادية، عملية سقي تتطلب تربة خصبة من عقول يافعة وأفكار متقدة ونفوس تحمل كل ما تختزله الإرادة والحماسة والإيمان القوي بالنهوض من معاني ودلالات، ببساطة هي معادلة جبرية ذات ثلاث مجاهيل: “الإنسان، الأرض، والزمن”.
المجهول الأول هو اللبنة الأساس والحصاة الأولى، المخاض الأعسر فهو العامل الوحيد الذي يمثل منصة الانطلاق نحو مسيرة النهضة والنهوض.
ببساطة إنه أنا وأنت وذاك الواقف على مرفأ الحلم، ذاك الناجي من دهليز العبث، ذاك المحارب وأولئك الرجال.. إنه كل من “علم فعمل”.
ذا هو المشروع الإسلامي؟ المشروع الذي يحقق غاية الوجود ويحمل لواء الخلافة؟ هو ذا المشروع الذي يستند على الإسلام الشامل منهجًا يدعو للعلم كفريضة والعمل كواجب؟

• طلب العلم كَفريضة:

قد يعتقد أحدهم أن إسقاط هذا الفرض نجاةٌ من الأميّة؟ أو تمتعٌ بحرية “محدودة” أمام معتقل الجهل؟ تلك هي باكورة التخلف التي جعلت من الموروث النبوي آخر ما تلوى الأعناق إليه!
لست بصدد الحديث عن فضائل العلم وطلّابه، فمن المفترض أن الأمر قد قُضي منذ “اقرأ”!.. تلك البذرة الأولى التي أنبتت من شق الجهل آبار النهوض، ذلك الوحي الذي ولّد استجابة الحَضارة مرورًا بمشبك التغيير.

ثم لم الفريضة؟


ببساطة لأن “اقرأ” المعول الأول والأخير لتشييد المشروع الإنساني المدعوم بعطاء الربوبية، لأنها نقطة الدفع التي تمكن من تحريك العالم بفكر ممنهج ورسمه بريشة فنان حذق!
في العلم شهية الجائع، إجابة الحائر، عبادة الناسك، تسبيح الذاكر، **** القائم، فرج الصابر، دليل الضائع، في العلم ما اجتمع بالأرض أقطاب تحوي بمكنونها جوهر الآفاق!
أبعد كل هذا يكون العلم مطلبًا؟ إنه مطلب حتمي إن لم يكن بديهية تثبتها الفريضة ويدعمها المبدأ الأول للإنسانية.. اقرأ.
• العَمل كَواجب:
• وماذا بعد؟ خلل فيزيائي لا بأس به ربما؟


إنه جدول التقدم.. مرة أخرى بمعادلة “العلم والعمل”، مع القليل من الفرضيات سنلغى متفاعلين “المحّد” و”المتفاعل بزيادة”، لأنه ببساطة معادلتنا لا تقبل الانعدام وإنما الذروة وأزيد بكثير.. مع ملاحظة مهمّة: وجود شروط نظامية تتمثل في “صلاح” المتفاعلين!
دراسة مواضع هذه الحالة تخولني لأن أدرك أن اللا محدودية لكلا المتفاعلين “العلم والعمل” يتناسبان طردًا إلى اللا نهاية!
لا بد من وجود علاقة؟
إن العلاقة السوية بين الفكر والعمل متزامنة ومترابطة في ظل شرط صلاحهما، إذ أن انفصال أحدهما يستلزم تثبيطًا للآخر وبالتالي فسادهما، الأهم من هذا وذاك؟

ما مرجح الاثنتين؟
سنميز حالتين متتاليتين -تمثلان الأولوية-:


الأولى: العمل قبل المعرفة:
علمٌ أثمره عمل: أي أن المعرفة نتاج العمل، بحيث:
ربط الأسباب بالنتائج = العمل “الصالح”
ربط العمل الصالح بأسبابه = الـمعرفة


الثانية: العلم قبل العمل:
ولن يكون هذا إلا بعد تراكم العمل الذي يجعل للعلم الأولوية في هذه الحالة، فالجاهل بالأمس واليوم والمستقبل لا بد أن يسجل انخفاضا وتراجعا كبيرًا في علمه وعمله،
الاستخلاص:
- إذن، إذا كان العمل هو الأول في البدء، لكن الاستمرار والتطور يكون بتبادل المواقع، حيث تتراكم الأعمال، ونحتاج إلى العلم كي لا ننساها فتضيع التجارب.
- لا انفصال ولا استقلال للعلم عن العمل، فالعلم عمل متراكم، ولكنه يقدّم كعلم يضم التجارب العملية كي لا تنسى، وكي لا تعاد التجارب غير النافعة.


ثنائية التغيير:


التغيير هو الآخر ليس وليد العدم، إنه استفاقة من سبات الخمول ويقظةٌ من دولاب الجمود العقلي والقوالب الفكرية، التغيير نتاج تلاقح الأفكار في ضرورة إحداث حراك نهضوي يسمو بالمعطيات الواقعية محللا إياها من أبعاد شتى.
إنّه الإقلاع نحو الحضارة بثنائية متلازمة وبسنن واضحة، إذن ما العائق من التغيير؟ ما الذي ينقص الأمة لإحداثه؟
ثم ماذا عن هذه السنن؟ وماذا عن “الثنائية” هذه؟


عكف المفكر الجزائري مالك بن نبي وآخرون كُثر على الاستناد بالآية الكريمة “إنَّ اللَّه لَا يُغيِّر مَا بِقومٍ حَتَّى يُغيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم” في تنظيرهم لمسألة التغيير، وهذا مبدأ منطقي أقره القرآن الكريم منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا، ولكن هناك حلقة مفرغة ربما، هل للتغيير إحداثيات دقيقة على مستوى الذات؟ أو الغير؟ أو ربما كليهما؟ أم أنه عملية مستمرة ومتكررة تتناسب طردًا مع المستويين؟


هل بالضرورة يجب على أحدنا إحداث التغيير على أكمل وجه حتى ينصرف لتغيير الآخر؟
ألا توجد عتبتي إفراط أو قصور في نسبة التغيير؟
ألا يمكننا جمع هاذين المستويين في معلم واحد؟ في معادلة واحدة؟ وتفاعل واحد؟
ألن نلعب دورا فعّالا في عملية تغيير المجتمع واستنهاضه بحجة تغيير أنفسنا طوال سنوات وسنوات؟
إنها حجة واهية ودلالة كُبرى على تخلف وبوران الحالة الفكرية، فهل يمكن أن يكون سبيل النهضة انعزال عن البيئة الأم، الأمر أشبه بمحاولة الاتصال بشخص لا يملك هاتفًا أو شريحة ربما!
إذن؟
إن إصلاح النفس يتلازم مع دعوة الغير في نفس الوقت، وإن عملية التربية تتزامن مع العمل،



*فالتفاعل بين الإنسان وبيئته أمر حتمي، ولو انتظر كل شخص إلى أن يطمئن على استيفائه لكل الشروط لما حرك ساكنًا، ولكن الإنسان يعين ويُعاون.


إحداثيات النقطة الحرجة:


• مجموعة النقط، أمن الممكن أن تكون نقطة؟
ربما! ولكن هنالك حالة واحدة لتحقيق ذلك، لحظة واحدة ستبرز الفارق وتحدد الفيصل، الأمر أشبه بمرحلة الاباضة، حيث تؤدي شدة ارتفاع تركيز الهرمون الأول إلى ارتفاع الثاني محققة بذلك “المراقبة الرجعية الموجبة”، الأمر منطقي جدًا عندما نسقط هذا على موضوعنا!
ببساطة إن النقطة
الحرجة هي بمثابة الذروة، الذروة الناتجة عن التركيز المكثف لهرمونات الوعي والتربية والفهم وأساسيات المشروع الإسلامي والتي تؤدي وبلا أدنى شك إلى نفق التغيير المستمر الموصل لجنة النهضة!
إنها المخاض.. قبل الإنبات!


يتلع


صانعة النهضة 2014-07-04 13:29

رد: كتاب:النهضة من الصحوة إلى اليقظة
 
• بين الفرد الصالح والحكم الراشد!


إن معطيات الواقع التي نملك لا تمدنا بالمعطى الثاني إطلاقًا، إلا أنها وباستثنائية ضئيلة جدًا تمنحنا الأمل في تكوين “الفرد الصالح” الذي إذ ما أصرّت الأمة على تكوينه بمعية المولى لحققت “الحكم الراشد” الذي من شأنه أن يغيّر العالم ويحيا “حياة طيبة”
ملخص ما اعتقده يؤكد أن منهج التغيير الحق هو ما صعد من القاعدة لا ما نزل من القمة، خصوصًا في عالمنا العربي الذي صار وجوبًا (بالنسبة لي على الأقل) رفع وعيه الفكري عن طريق التربية والتعليم المتوازين على فضاء الصلاح!
الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه هو الوحيد من الخلق الذي بدأ من الصفر ووصل إلى الذروة، بدأ من مجتمعات أقل ما يقال عنها أنها جاهلة، بدأ أميًا، وعاش نبيًا، الأمر الوحيد الذي أظهر الفرق بينه وبين سائر الأنبياء والرسل أنه استطاع ولأول مرة أن يُنبت من الصفر مجتمعا بديلا مستمرا وترك لنا “النظرية” صالحة لكل زمان ومكان مدعومة بالتطبيق المثالي!
أفغير النبي وجه العالم مباشرة، بكونه حاكمًا؟ أم أنه ألّف رجال النهضة؟
هل قامت الحضارة الإسلامية على أكتاف شبابٍ التفوا حول فكرة الإسلام وماهيتها؟ أم أن سلطة قريش تبدلت فتبدّل بهم الحال؟
ترجيح الكفة يقتضي الإسقاط على الواقع!


• مفاهيم:


“وَكَمْ من عائبٍ قوْلًا صَحيحًا وَآفَتُهُ مِن الفهْم السَقيم”
تلك هي، الآفة التي تنخر جسد الأمة المستسلمة بلا أدنى مناعة تُذكر ولا مضادات فكرية تحصى، ذاك هو السقم الذي تضخم أثره في العقول العربية مخلفًا “العفن الفكري”.
ربما هو عصر السرعة والاختصارات، لكن من قال أن عصر السرعة سيقلب المفاهيم ويحصرها في دائرة خانقة؟، عصر السرعة أبناء أمتي يتناسب مع تطور التكنولوجيا والتقنية الحديثة لا مع تقزيم المفهوم وتذليل آفاقه.


ترهل ساحة المفاهيم، أكبر الأوبئة التي جرّت معها معظم مصائب أمتنا العربية، مشكلة تضييق المفاهيم وحصرها في أصنام الاعتيادية والسطحية، مشكلة غياب الوعي والإدراك الحق لما وراء الأشياء، مشكلة تبعية مقيتة، الفارق أننا: لم يسأل أحدنا نفسه السؤال الأنسب في الوقت الأنسب وفي المكان الأنسب؟
نحن نجهل حقيقة الأشياء، نجهل خباياها، ماهيتها، دلالاتها وما الحكمة من تشريعها؟
قال أحدهم ذات مرة، “مسلم بالوراثة” ربما هذه بعض الحالات الشاذة ولكنني أجزم نسبيًا أن المحدث الأخير أكبر دليل على “البطالة الفكرية”، هذه البطالة التي تجمد العقل من التفكر والتأمل والتدبر، في الكشف عن كينونة الأشياء، والتنقيب في اللامرئي لجعله مرئيا، المتحدث التي لفظ بتلكم الكلمات كان يعي جدًا ما يقوله، الأمر متعلق بالتبعية والانسياق لمعطيات جعلناها بديهية إلى حد بعيد، لم يسأل أحدنا الكائنات التي أمامه؟ لم يحاور أحدنا عقله؟ لم يستلهم أحدنا جوهر الأشياء من حوله؟ لم يزن مقدار صلاحية وجوده؟
لم نجرد المعاني من أعظم دلالاتها؟ لماذا نجعل الإسلام – مثلًا- محصورًا في مجرد تعاويذ وأقوال ونصوص مقدسة لا تفيد في السياسة والاقتصاد و.. . و.. .. إلخ؟
يالِ مهزلة العقل البشري، إننا في القرن الواحد والعشرين لا زلنا سجناء بعد أن تحررنا من الإستدمار الجسدي، أسفًا!، ظللنا سجناء الإستدمار الفكري لقوقعة نمطية المصطلحات.
فالفهم الفهم.. أمّة يُعرب!


• ثغرات الفهم


ثغرة الفهم.. التاريخ!


كثيرًا ما ابتدأنا جل بحوثنا المدرسية أو حتى الجامعية بتاريخ الشيء الذي نبحث عنه، عن أطواره وتطوراته، مراحله، أذكر أن أحدهم أصر على دراستي للتاريخ قبل المباشرة في التعلم، قائلًا:”دراسة التاريخ أمرٌ مهم جدًا ويكاد يكون حاسمًا” ترى لمَ؟
البعض يأخذ الأمر بكل بديهية، تلك البديهية المبنية على أسس التقليد والاعتيادية، والبعض الآخر يأخذه على محمل الهزل ومجرّد تاريخٍ مر ثم زال، كلا الأمر ليس عشوائيًا أبدًا، الأمر يكمن في ثغرة الفهم الإنساني خصوصًا للعاملين في ميدان النهضة والتنمية، إنه التقزيم المجحف الذي نمارسه في حق بعض المفاهيم الضرورية، فالتاريخ ليس حصة إملاء شفوي لطلاب الثانوية العامة، أو تجريد الكتب والمؤلفات (على أهميتها)، التاريخ ليس مادة لحفظ مقررات الوزارة، ولا مادة مكمّلة أو معينة! التاريخ هو مصفاة أخطاء العالم، هو سيرورة العمل منذ الأزل، هو مجموعة استنتاجات يبنيها المجتمع لغدٍ أفضل، هو مجموعة الحلول الخاطئة التي تخول للوصول للحل الأفضل، إنه ركيزة الحاضر وعماد المُستقبل، وكما قيل: “الأمة التي لا تملك تاريخًا، لا تملك مستقبلًا”.
الأمة التي لا تستفيد من أخطاء ماضيها وعثرات قريناتها لن تنهض أبدًا، لن يُكتب لها المجد إلا بعد دراستها لمعطيات التاريخ دراسة حثيثة دقيقة وبوعي كامل مستديم حتّى يكتُب لها ما أرادت.
ثم إن الدراسة الحقّة للتاريخ ليست عكوفًا على مطالعة صفائح التاريخ فقط وإنما تحليلٌ واستنتاج، فهم واستنباط، مقارنةٌ ومعطيات، تفكيرٌ واستيعاب، تمعن وتركيز، فالقراءة تمدّنا بلوازم المعرفة فقط أما التفكير فيجعلنا نملك ما نقرأ!
فعايشُوا التاريخ.. كما تعايشون الواقع!

• الكيف:


ستكون الكيف أكثر الأسئلة صعوبةً لكنّها بالطبع ليست مستحيلة، فاجتياز عتبة الانحطاط وإمكانية النهوض ليسا بالأمر الخيالي، ليسا حلمًا أو أمنية يخرجان عن نطاق التحقيق، وإني لأبصر الفارق فيمن “علم فعمل” فيمن “أراد الحياة فحتمًا سيستجيب القدر”، فيمن “امتلك نخوة فثار بها”
ولعلي أرى العنوان العريض لنهضة الأمة في “إعداد الرجال”، الرجال الأشداء والمحاربين الأقوياء الذين يحملون لواء الأمة عن حق، بإيمان قوي بالفكرة وتضحيات بالغة من أجلها، هذا أحد “سداسية قوانين النهوض” التي أوردها الشيخ الشهيد حسن البنا لذا:


فأرى الحل في عمليتي التربية والتعليم بحيث يتم تنشئة جيل على رسالة الإسلام الخالدة وهي تمثل “الفكرة المركزية”، بكل قيمها وثوابتها من تقديس العلم والوقت والأخلاق، ولن يكون ذلك إلا باستحداث التعليم على منهج المنظومة المعرفية الرشيدة، حيث يتلقى الناشئ عن رغبة جامحة العلم من أصوله ومنابعه الصافية، فتتكون له ثقافة مُعتبرة لا يزال يشحن في رصيده حتى آخر نفس، مع التأكيد على ضرورة التخصص في مجال معيّن وكشف أغواره وخباياه.


عمليًا: سيكون ذلك من مهمة الأسرة بالدرجة الأولى في المحافظة على البيئة السليمة للناشئ ومراعاة الضغوط الخارجيّة التي يفرضها المجتمع. ثم سيكون الدور منوطًا بالدولة في ترقية التعليم “الحق” ونشره بأسهل الطرق لا إضاعة الوقت في مجرد خزعبلات لا تفيد الحياة العملية في شيء!


والتعليم الحق هو ما انطلق ابتداءً من العقيدة السليمة ونظرتها للكون وتكريسها على الواقع بحلول عملية لا كمحصلة للفكر الغربي المجحف للكثير من أساسيّات ومبادئ الإسلام.
ولا ضير إن ما تكفلت بعض الجهات العاملة بمجال النهضة باستحداث التعليم عن طريق تشييد مدارس وجامعات خاصّة من مختلف العلوم، يترأسها رجالٌ يؤمنون بضرورة التغيير وتحقيق اليقظة الفكرية! (الأمر أشبه بما يطمح إليه معهد المناهج وكذا مشروع جيل الترجيح ومشروع النهضة وأكاديمية التغيير و.. .. و.. .. و.. .. . )
.. . تكوين جيل سياسي (خاضع لعمليتي التربية والتعليم) يعمل على فهم الأحداث السياسة ويشارك بفعالية في مجرياتها بشكل يسمح له بتطبيق مشاريع تنموية تسهم في الرفع من الوعي القومي، ويعمل على تحقيق إرادة الشعب في حال ما ابتغى السيادة. (وهنا أأكد أن السيادة خطوة حتمية بعد عملية إصلاح المجتمع أو موازية لها!، لكنها أبدًا لن تتحقق تحت شعب يعمّه الفساد الفكري).
أخيرًا..

دومًا هناك فرق كبير وكبير جدًّا ما بين النظرية والتطبيق، أن نظل ننزف في بحار الأبجدية لغات جديدة، نظريات جديدة فهذا جيّد في حالة وحيدة إذ ما اقترنت النظرية بالتطبيق، العقيدة بالسلوك والفكرة بالبناء!
حينها فقط سنكون النهضة مرجحًا للجميع!

صانعة النهضة 2014-07-04 15:02

رد: كتاب:النهضة من الصحوة إلى اليقظة
 

خادم المنتدى 2017-08-26 18:55

رد: كتاب:النهضة من الصحوة إلى اليقظة
 
https://modo3.com/thumbs/fit630x300/...8%A7%D8%A1.jpg


الساعة الآن 20:53

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd