منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد - عضو المجلس الإداري بجهة الغرب: غياب الإرادة السياسية لحل معضلة التعليم بالمغرب (مشكل التعليم الأولي مثالا)

عرفت بلادنا انعقاد عدة مناظرات ولقاءات ولجن حول المسألة التعليمية ، شارك فيها كل الفاعلين التربويين والشركاء وممثلي الأحزاب والخبراء و ... صدرت عنها وثائق وتقارير وخلاصات تشخص المشاكل و الاختلالات التي عرفتها المدرسة المغربية منذ استقلال المغرب إلى الآن . كان من أهم محطاتها الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي تم إقراره منذ خمسة عشرة سنة ، وآخرها تقييم المجلس الأعلى للتعليم .

فهل نحتاج اليوم في سنة 2014 بعد هذا الكم المهم من التقارير والوثائق لعقد مشاورات أخرى لرصد اختلالات منظومة التربية والتكوين ؟؟

توصلت أكاديميات التربية والتكوين بمراسلة وزارية بتاريخ 23 أبريل 2014 لعقد استشارات حول المدرسة المغربية ، سيتم عقدها مركزيا وجهويا وإقليميا ومحليا مع الشركاء الاجتماعيين والمجتمع المدني ، والشركاء المؤسساتيين ، واللجن البرلمانية ، والخبراء ، وصاحبتها ورقة تأطيرية وجددات تتوخى النتائج التالية :

- التوفر على تحليل موضوعي للأسباب الكامنة وراء الإخفاقات التي عرفتها المنظومة التريوية ؛

- التعرف على انتظارات جميع الفئات المستهدفة ؛

- تقديم اقتراحات عملية بشأن الحلول الممكنة لتجاوز الوضعية الحالية للمدرسة المغربية ؛

- رسم معالم وأولويات مشروع تربوي متوافق بشأنه على المدى القصير والمتوسط والبعيد .

وتوجهت بأسئلة محددة ومؤطرة للنقاش إلى الفئات المستهدفة السابقة الذكر .

وضمن هذا النقاش الذي لا يعرف إلا الله خلاصاته وإلى أين سيؤدي ، سأطرح موضوعا مهما ، أعتبره من أهم الإخفاقات التي عرفتها مدرستنا المغربية ، رغم المداولات الكثيرة والطويلة في شأنه دون أخذها بالجدية المطلوبة وهو : التعليم الأولي .

هناك قانون رقم 05 / 00 بشأن النظام الأساسي للتعليم الأولي ، يتوخى مضمونه إيلاء التعليم الأولي الأولوية القصوى بتعاون بين الدولة والجماعات المحلية والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخصوصي للإدماج التدريجي لهذا النوع من التعليم في المنظومة التربوية ، وإعادة هيكلته وتعميم التسجيل بالسنة الأولى من التعليم الأولي في أفق سنة 2004 ؟؟ والهدف من هذا كله هو : ضمان أقصى حد من تكافؤ الفرص لجميع الأطفال المغاربة منذ سن مبكرة للنجاح في مسيرتهم الدراسية لتيسير التفتح البدني والعقلي والوجداني للطفل البالغ أربع سنوات بغية تحقيق استقلاليته وتنشئته الاجتماعية .

فهل حققنا هذه الأهداف المرجوة في سنة 2014 ؟؟

بالتأكيد لا وألف لا ، وهذا ما سأوضحه من خلال واقع التعليم الأولي بجهة الغرب اشراردة بني احسن .

إن ما سأقدمه من معطيات رسمية عن التعليم الأولي بجهة الغرب اشراردة بني احسن ليعد كارثة عظمى وجريمة بشعة في حق أطفالنا ، وخصوصا أبناء الفقراء وبالأخص أبناء البادية ، وهذا بالتأكيد نموذج لجهات المغرب بأكمله .

يصل عدد الأطفال الذين يبلغ سنهم بين أربع وخمس سنوات بجهة الغرب اشراردة بني احسن 65 034 طفلا ، أما المسجلون في التعليم الأولي لهذا الموسم الدراسي 2013 / 2014 فقد وصل فقط إلى 21 718 طفلا ، أي بنسبة 33,39% ، وهذا رقم بارز يُظهر مدى تأخرنا الكبير في مجال التحاق الأطفال بالتعليم الأولي ، وعدم استفادة كم هائل من أبنائنا بالتمدرس ماقبل الابتدائي ، أي أن أكثر من 60% من أبناء المغاربة يلجون التعليم الابتدائي دون معرفة مسبقة بالحروف والأرقام ، المعرفة المسبقة التي تتطلبها منهجية التدريس بالمدرسة الابتدائية .

ويتوزع الأطفال البالغين 4 و 5 سنوات الذين يلتحقون بالتعليم الأساسي والبالغ عددهم 21 718 من أصل 65 034 طفل بجهة الغرب اشراردة بني احسن بمختلف أنواعه العمومي والخصوصي والتقليدي :

التعليم الأولي بجهة الغرب اشراردة بني احسن

نوع التعليم الأولي

التلاميذ

النسبة

العمومي

2 421

11 ,15%

الخصوصي

5 388

24 ,81%

التقليدي

13 909

64 ,04%

الممجموع

21 718

إن هذا الضعف الكبير والمهول في تغطية العرض التربوي بجهة الغرب اشراردة بني احسن - وهذه الجهة هي نموذج على واقع جهات المغرب – ليعد كارثة عظمى في حق أطفالنا وناشئتنا ، مما يِؤدي بالقطع إلى اختلالات في منظومتنا التعليمية ، فكيف لأكثر من 60% من أطفالنا بلغوا سن سبع سنوات سيلتحقون بالتعليم الابتدائي دون إعدادهم للانتقال من المحيط الأسري إلى المحيط المجتمعي ، وتأهيلهم وتحسيسهم بأهمية الانضباط والمشاركة مع أطفال يماثلونهم نفس السن ، وهم لا يعرفون مبادئ القراءة والكتابة التي تتطلبها منهجية التدريس بالتعليم الابتدائي ؟

بالقطع سيكون هؤلاء الأطفال عرضة للهدر المدرسي لإنه يصعب عليهم الانضباط لمتغيرات المدرسة وقوانينها بعد أن قضوا سنوات حرة بدون تحسيسهم وتدريبهم على اكتساب علاقات جديدة خارج ما تلقوه بالشارع وفي غالب الأحيان بعيدا عن مراقبة الوالدين .

وكما يشير الجدول أعلاه على اختلاف أنماط التعليم الأولي من عمومي وخصوصي وتقليدي الذي يؤدي إلى اختلاف مستويات ومسار التلاميذ بالأقسام الابتدائية ما بين الأطفال الوافدين من التعليم الأولي العصري والشبه عصري والكتاتيب القرآنية و المرائب " الكراجات " .

فرغم قانون رقم 05 / 00 بشأن النظام الأساسي للتعليم الأولي القاضي بتعميم التسجيل بالسنة الأولى من التعليم الأولي في أفق سنة 2004 ؟؟ ، وما جاء به الميثاق الوطني للتربية والتكوين لدمج التعليم الأولي بالتعليم الابتدائي ، مازال أكثر من 60% من أطفالنا لا يلتحقون بالتعليم الأولي ويلجون التعليم الابتدائي ، مما يسبب لهم تعثرا كبيرا في دراستهم ، ويسبب هذا الهدر المدرسي الذي يتحدث عنه الجميع من مختلف المستويات من أعلى هرم في الدولة إلى جميع الفاعلين في ميدان التعليم والآباء .

وحتى مؤسسات التعليم الأولي التي تلتحق بها هذه النسبة الضئيلة من الأطفال تعرف مشاكل بالجملة ، حيث غياب التكوين الأساسي للمشرفين على هذا التعليم الأولي ، ونقص أو غياب التأطير والتتبع والمراقبة ، ونقص التجهيزات والبنيات التحتية التي تواكب التعليم الأولي ، وتعدد البرامج والمناهج ، وكذلك ضعف أو انعدام تغطيته بالمناطق القروية وضعف التنسيق بين المتدخلين .

هذا من أكبر الأسباب المؤدية إلى الهدر المدرسي ، ورغم معرفة الجميع بهذه الأرقام والأعداد المخجلة جدا ، وطرح المشاكل التي تعترض هذا النوع من التعليم ، وإبداء بعد الحلول الممكنة لتجاوز هذا النقص الفظيع تدريجيا بجهتنا ، ورغم المجهودات المواكبة من لدن بعض المسؤولين الجهويين السابقين ، فضروري إيلاء العناية القصوى والاهتمام الضروري لحل معضلة التعليم الأولي بجهتنا وببلدنا ككل .

فهل يحتاج حل النقص المهول في التعليم الأولي بالمغرب إلى مشاورات جديدة ؟

مشكلتنا في المغرب هو غياب الإرادة السياسية لحل أزماتنا ، ولانحتاج إلى استشارات مارطونية ، ونحن نعرف أصل الداء بعد تقارير وخلاصات المناظرات واللقاءات واللجن حول المسألة التعليمية .

فهل من إرادة سياسية ؟؟؟؟؟

الـمصطفى الهيقي

عضو المجلس الإداري بجهة الغرب

القنيطرة 04 / 05 / 2014