توطئة :
هذه المقالة العاشرة لترسيخ ما جاء في الدرس الثاني : شروط إتقان الاستخارة ،
والرابط متاح : أولا : العمل 1) هو الثمرة الحقيقية للعلم وقد جاءت نصوص شرعية كثيرة مقرون فيها الإيمان بالعمل الصالح ، وما ذلك إلا ليدل على أهمية العمل ، وبه يحصل الإتقان ، والعمل ينقسم إلى قسمين :
- عمل القلب . - عمل الجارحة.
2) كل عمل يشترط أن تكون فيه نية خالصة وتصديق "1"، وإذا لم يكن نابعاً عن محبة أو رضا أو خشية أو رغبة قلـّت الثمار المحسوسة لهذا العمل ، وبالتالي تفتر الهمة ويدبُّ الكسل والتهاون إلى أن يصبح العمل عادة أكثر مما هو عبادة ، وبذلك تقل المراقبة - أي أن تعلم أن الله يراك - ، وأنَّـــى له بعد ذلك أن يحصل له الإتقان لأي عبادة ؟!.
3) بالعمل يزداد العبد يقيناً وخبرة وإتقانا ، ومن ذلك الاستخارة ففي البدء قد يهابــها العبد أو قد ينتابه شعور غير مألوف (2) إذا قيل له: ((لماذا لا تستخير؟)) ((لماذا لم تستخر في كذا وكذا؟)) ((استخر في كذا)). ونحو ذلك ، وما ذلك إلا من كيد الشيطان وتخويفه وتثبيطه وقعوده على الصراط المستقيم ؛ ولكن ذلك سرعان ما يزول بالإخلاص والدعاء والمجاهدة ؛ لأن الاستخارة مبنية على التوكل ، والتوكل يمنع من تسلطه ؛ فلهذا فهو يحاول بكل ما أوتي من مكر أن يستفزه بصوته ويجلب عليه بخيله ورجله حتى يبقى تحت سلطانه .
ثانيا : الاجتهاد 1) الأصل أن الإنسان إذا اجتهد في عمل أتقنه ، وهذا مطلب شرعي يحبه الله ويرضاه وفي الحديث:
((إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه))"3"، وما لا يتم الواجب أو المستحب إلا به فهو واجب أو مستحب، وصلاة الاستخارة فيها من عمل القلب الشيء الكثير وفيها من قرائن التيسير والصرف ما يجعلها بحاجة إلى مزيد من التعلم والاجتهاد لاكتساب الخبرة اللازمة لإتقانها مثل تعلم القرآن .
2) الاجتهاد يحصل بسببين لهما قاسم مشترك واحد وهو الحافز :
الأول :
أن يكون ناتجاً عن عمل فيرى ثمرته .
الثاني :
أن يكون ناتجاً عن وضوح الرؤية لهدف معين يطمح للوصول إليه .
3) إذا اجتهد العبد في عبادة ولم يــرَ ثمرتها فليراجع نفسه لمعرفة الخلل وعادة ما يكون في النية ودرجة الإخلاص والتصديق بصدق الموعود وعليه بكثرة الدعاء والاستغفار.
يقول شيخ الإسلام "4:
(( وإذا اجتهد واستعان بالله ولازم الاستغفار والاجتهاد ؛ فلا بد أن يؤتيه الله من فضله ما لم يخطر ببال ، وإذا رأى أنه لا ينشرح صدره ولا يحصل له حلاوة الإيمان ونور الهداية فليكثر من التوبة والاستغفار وليلازم الاجتهاد بحسب الإمكان فإن الله يقـول :
(( وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ )) [العنكبوت :69 ] ،
وعليه بإقامة الفرائض ظاهراً وباطناً ولزوم الصراط المستقيم مستعيناً بالله متبرئاً من الحول والقوة إلا به)).أهـ .
4) الإتقان لأي عبادة هو نتيجة للاجتهاد فيها ، وعلامتــه أن تجد ثمارها التي من أجله شُرِعت مثل التقوى للخروج من الشدة والحصول على الرزق ، والتوكل للكفاية .
5) يلزم من الاجتهاد الأخذ بكل أسباب اعتقاد الإصابة كالمشاورة والسؤال ، وسوف سيأتي معنا بإذن الله في الدروس والمقالات القادمة .
وفي الختام .. الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .