منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى الإبداعات الأدبية الحصرية (https://www.profvb.com/vb/f89.html)
-   -   من الصعلكة الجاهلية والعباسية ، إلى " التشرميل " المغربي (https://www.profvb.com/vb/t141209.html)

محسن الاكرمين 2014-04-07 19:37

من الصعلكة الجاهلية والعباسية ، إلى " التشرميل " المغربي
 
من الصعلكة الجاهلية والعباسية ، إلى " التشرميل " المغربي
منقول عن موقع تيمي بريس / زايو بريس / احداث الشرق ....
تزيمي بريس :
هل يمكن أن نعتبر " التشرميل " ظاهرة ، بمفهوم السوسيولوجية (الاجتماعية ) ؟ أم أن الامر لا يعدو أن يكون نوعا من نزق - " موضة " - الشباب المعاصر ؟ وهل مصطلح " التشرميل " محدث أم أن له جذور ثابتة في السلوك الاجتماعي المغربي " ؟ وهل " التشرميل " له تسميات اخرى شبيهة ب " السيبة" المغربية ؟ . هي أسئلة كثيرة تفرض نفسها بتجلي الحضور أمامنا ، بموقع الانتكاسات الاجتماعية التي تلبس شبابنا بالتكرار القهري ... لكن الأمر الأولي الذي نستوثق منه قولنا بالجزم التام أن " التشرميل " هو نوع من الإنفلات الأمني بمفهوم " السيبة " عبر جماعات عدتها الاساسية الحرابة والنهب ، وتهديد استقرار الدولة . هو الإنفلات السلوكي غير السوي عن أعراف المجتمع التوافقية بسلميتها . هو نوع من الإنفلات التربوي للأسر المغربية ، والمدرسة الوطنية ، والبنية الاجتماعية بشموليتها.
ناقوس خطر دق دون توقف، معلنا أن المجتمع بدأ يجنح الى رقعة ملوثة ب " التشرميل " إنهم شبابنا ، صعاليك اليوم ، و" سيبة " العصر الحديث ... شباب يعيش الإنسلاب الفكري للآخر المتحدي بالنمذجة الحياتية المثالية الزائفة . إنه الإنسياق التام نحو الإنبهارالحسي بالسلوكات الطفيلية للبورجوازية المسوق ضمن الفكرالجاهز المستورد ، والنخبوي بتجلياته الشكلية . وبمحصلة التغيرات الإجتماعية الداخلية المتلاحقة والمندمجة ضمن أوسع حقل للمعرفة الكونية الجارفة للقيم الدينية والوطنية السليمة ... إنها نكتة من نكت العصر، بورجوازية اللباس و" الحطة " الكاملة ... في حين ان فئة الشباب / الشابات " المشرملين " يعيشون عالة على أسرهم ومحيطهم الاجتماعي . انهم كراسي إعاقة المجتمع ، متحركة بالعقل المغيب . رزقهم اليومي كمدخول من النهب والسلب و التخويف ، ثم التباهي بالغنائم في المواقع الاجتماعية . فعملية اظهار " الغنائم " ما هو إلا إنكار لقانون الدولة وتحد قوي لأمنها الداخلي وسلطتها " المخزنية " .انه السطو المعلن عليه في المواقع الاجتماعية علانية مع سبق الإصرار و الترصد.

وعندما عمدت إلى البحث عن الأسباب الكامنة وراء موضة " التشرميل " أيقنت أن الوضع يجب أن يسائل الجميع عن أسباب ظاهرة شبابية " التشرميل " هل انتقلنا من أخلاق العناية الحصينة ، الى أخلاق الأنساق الرمزية للإنسان ؟ هل أخفقنا جميعا " أسرة / مدرسة / مؤسسات اجتماعية / مجتمع مدني / دولة / فقهاء دين " في التربية وتنميط السلوكيات المدنية بمصداقية الاخلاق ؟ هل ظاهرة " التشرميل " هي نزق شباب سيخبو طيفها لاحقا ؟ أم ان عوارضها الخارجية ممتدة وتحتاج الى وقفة إصلاحية جرأتها بمتم اعادة الهيكلة الاخلاقية بمعايير القيم الكونية ؟ متم القول في هذه الزوبعة الفكرية ، إنه يمكن اعتبار هذه أسئلة أولية بعمومياتها ، ولكم الحق في توليد أسئلة أخرى ومعالجتها بصواب الحال .
الأسباب كثيرة ومتعددة لتحريرعفريت " التشرميل " من فانوسه النحاسي . فمن الأسباب الداخلية انسداد الافق الاجتماعي/ الاقتصادي ، ثم الاخفاق التام للتربية الاسرية والمدرسية بمتوالية الاصلاح الذي هو في حاجة دائمة للإنعاش الإستعجالي ، إنه الفساد الذي استوطننا جميعا وضرب بنسجه العنكبوتي كل مناحي الحياة الوطنية . إن عملية الإصلاح الحقيقي المؤجلة منذ الإستقلال ، هي التي أنبتت لنا فئة اجتماعية من " الشماكرية " على هوامش الحياة و تقتات من القمامة ، وأخرى " مشرملة " رصيدها المعرفي يحمل في حده الادنى الحقد الاجتماعي والانتقام ، أما الرصيد المهاري فهو في استعمال "السيوف" و" السكاكين " ومؤشرات منتوجها السفك الدموي ، والتخويف العلني ، فيما تتحدد قدراتها الادماجية في السطو والسرقة والإفصاح علانية عن الغنائم الثمينة في " اليوتوب" .
وحري بنا في هذا التفكيك المنهجي أن نربط ظاهرة " التشرميل " بالأسباب الخارجية غير المباشرة. إنها الدينامو المحرك لموضة " التشرميل " فمن خلال عودة المهاجرين المغاربة إلى أرض الوطن في العطل ، تظهر عليهم نعمة الغرب المادية من " الحطة الانيقة " اللباس : الرفيع والمتناسق وذو الماركات العالمية ،ومكملات " الحطة " من ساعات عالمية الجودة ، وآخر صيحات الهواتف المحمولة ، والسيارة والمال الوفير ... في حين يعاني مغاربة الداخل الغبن والقهر والتهميش العلائقي ( ذكر/ انثى ) ... مما خلق مساحة فجوتها عميقة بين نفس الجيل ومن نفس الحي ، والمدينة، والوطن . و دفع بشباب الداخل إلى إعلان عملية العصيان المدني بخلق اتحاد شباب " التشرميل " والغاية منه الرقي بالوضعية المظهرية الخارجية : للمشرملين " إلى نفس مستوى الفئات الإجتماعية الميسورة من مهاجري الخارج ، و البورجوازية الداخلية .
إنها الصعلكة " الجاهلية / العباسية " القادمة الينا من الزمان الماضي لتبسط سلطتها على احياء مدننا ، فرغم الفارق الزمني ، فسياق ظاهرة "الصعلكة " بروزها بقوة كردة فعل لبعض العادات والممارسات الاجتماعية . واصل الصعاليك من الفئات الاجتماعية الفقيرة " المتنورة بالشعر " وشقوا عصا الطاعة على أعراف القبيلة ، وكانوا يغيرون على البدو والحضر، ويقطعون الطريق على القوافل. اما شعرهم فنبرته الثورة على القهر الاجتماعي ...ومن بين الأثر المنقول عنهم عطفهم على الفقراء والمساكين ... ومن أهم رواد الصعاليك "عروة بن الورد" حيث كان صعلوكاً شريفاً وشجاعاً ومقداماً ،وجعل من " الصعلكة " ما رفعها إلى سلم التكافل الاجتماعي كهدف لتعميم الخير للجميع وخاصة الفقراء من القوم ...
انهم صعاليك الأمس و " تشرميل " اليوم ، فالخيط الرفيع الذي يوطد العلاقة هو السرقة والنهب ، ثم يفترقون في " الحطة " ويلتقون في تمجيد افعالهم من خلال الشعر قديما و"اليوتوب " حاليا . فحين متابعتي لما ورد من اثر في " التشرميل " ، وقفت على نماذج من التوليدات اللغوية و الايحاءات لفعل " التشرميل " وتوابعه اللفظية من حطة الى غير ذلك . بحيث تم تطوير اللغة التواصلية " للمشرملين " كلغة مشفرة بينهم ، وهذا الوضع يمثل الانغلاق السلوكي " للمشرملين " وإخفاقهم التام في الاندماج الاجتماعي .
ولكن هل يمكن ان نمدد مصطلح " التشرميل " الى وضعيات اخرى ، تعيش فعلا ظاهرة " التشرميل " غير المعلن عليه ؟ ففي المجال السياسي : هل يحق لنا القول ان ظاهرة " التشرميل " منبت أصلها السياسية ، ومن هذا المشتل ، انتقلت الى الحقول الموالية (الاجتماعية / الاقتصادية ) كوباء ؟ الصراعات الحزبية الداخلية ، أيحق لنا بتسميتها " بالتشرميل الحزبي " تحت يافطة الديمقراطية ؟ هل الفاعل السياسي منزه عن ظاهرة "التشرميل " ؟ هل المعارضة الحكومة الحالية ترتكز على ظاهرة "التشرميل " السياسي لإسقاط الخصم ؟ ...مجموعة من الاسئلة لا أمتلك إجابة قطعية عنها ، وإنما طرحها مستفز لخلخلة بنية التفكير لدينا ، وإخضاعها لعملية تشريح " جنائي " لوضعيتها وفق المقاربة النسقية لظاهرة " التشرميل " بشموليته . أكرر مرة ثانية أن كل الأسئلة المطروحة ما هي إلا استفهامات أولية ، ولكم الحق في انتاج أسئلة رديفة ، ومعالجتها بالإجابة ، وتنزيل البدائل .
إن فعل "الحراك " السياسي المغربي / النقابي/ الشعبي العفوي ... ، انتقلنا به من معادلة النضال الشريف / الديمقراطي الى مهراز " التشرميل" السياسي ، فكل رموز أحزابنا تشم منها رائحة " التشرميل بمتم التوابل المطبخ المغربي " بحيث أصبح الكتاب العامون، يعتلون منصة الامانة الحزبية بفعل عملية " التشرميل " التي تمارسها فصائلها الموالية ضد كل معارض من نفس الحزب . فبالأحرى وبكثرته ما يمارس من " تشرميل " ضد الاحزاب المنافسة في الاستحقاقات الوطنية فحدث به ولا حرج .

أحزاب " التشرميل " باتت تتحين الفرصة للإطاحة بالخصم السياسي علانية ،.والاستيلاء على كرسي السلطة التنفيذية عنوة ، بالزبانية الشداد الغلاظ من إنس " المشرملين " . معارضة تقطف الرؤوس الصديقة التي حان قطافها بمنهجية " التشرميل " بالعزل ، وإقرار القول أن أرض الله أوسع رحابة ، فلا تنازعني في موضعي ومكانتي الاعتبارية . انها الديمقراطية المغربية " المشرملة ".
إنه مغرب " التشرميل " و" الصعاليك " و " السيبة " ، والذنب يركبنا جميعا في إخفاقنا التام عن إنتاج مواطن يقدس التوابث الوطنية ، ويقدر ذاته و الآخر , مواطن يقر بالقيم الوطنية ، وسلوكه تصريف لمصفوفتها الاخلاقية . مواطن ينهل من الفكر الكوني ما يعضدبه رقيه الحضاري ، ويعترف بالاختلاف كوضعية / اشكالية اجتماعية . بل كانت الازاحة المكانية والزمانية المفلسة، في أننا أنتجنا خليطا من " التشرميل " الخارج عن القانون الاجتماعي والتشريعي ، وليس له أية مبادئ أخلاقية ، ولا رصيد معرفي غني بالسلوكيات المدنية ، ولا وازع ديني يحصنه كليا من التشيع بمفهوم " التشرميل " .

لا أبحث عن " التشرميل " الحياتي فنحن نعايشه ونغض الطرف عنه فرادى و جماعات كل من موقعه . ولكني أدفع الى فهم الظاهرة من جانبها الاجتماعي / السياسي / الديني / والأمني . ادفع الى تأطير انعكاسات السلبية على الاخلاق والسلم الوطنيين . لا أريد تسويغ فعل " التشرميل " ومد أصابع الإتهام الى الاخر ولو بموضع الغائب . لا ابتغي من أمري هذا جعل الدولة هي المسجب لنشأة فعل " التشرميل " ... ولكن أبتغي غاية أكثر من هذا ، وهي اعتبار ظاهرة "التشرميل " انفلات أمني ، وتصنيفه ضمن قانون الارهاب ،لا مناص منه في المستقبل القادم .



ذ:محسن الاكرمين :[email protected]

خادم المنتدى 2014-08-21 07:55

رد: من الصعلكة الجاهلية والعباسية ، إلى " التشرميل " المغربي
 
-*************************-
شكرا جزيلا لك..بارك الله فيك...
-*************************-


الساعة الآن 11:02

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd