2010-05-17, 23:29
|
رقم المشاركة : 18 |
إحصائية
العضو | | | رد: زخة مطر | إن أول انطباع ( معلل ) يتركه النص في القارئ أنه نموذج متميز لكتابة ( بالتعبير البارطي )تمزج بين النثري ( السردي السير ذاتي ) والشعري ( المتمثل في طبيعة اللغة الموظفة والصور الفنية التي يمكن اعتبارها من السمات المهيمنة Traits dominantes ، إضافة إلى إيقاعية النص باعتماد مكوني الترصيع والجناس والتَّكرار ) . - البنـــــــــــــاء الحـــــــــدثي للنـــــــص : يعتمد البناء الحدثي للنص على سلسلة من اللحظات يمكن إجمالها فيما يلي : 1 - لحظة البدء : الذات المتكلمة وهي تتابع قطرات المطر من نافذة غرفتها ، وتتميز هذه اللحظة بإحساسين بارزين : * الإحساس بالوحدة بغياب الأحبة ؛ فهل هو غياب حقيقي أم غياب رمزي ؟ الظاهر أن انغماس الذات المتكلمة في مشهد المطر المنهمر جعلها تصاحب قطراته ككائن حي ملأ فراغها ، أو على الأقل غيب عن ناظريها كل الأحبة ( الأم بالجوار لكن وجودها تلاشى أمام متعة زخة المطر خاصة وأن الأم ، كما سيوضح النص ، تجسد دور المراقبة للذات المتكلمة خوفا عليها من المطر .. فهي إذن مغيـَّبَة لأنها لا تشارك الذات المتكلمة متعتها ) . * الإصغاء للذات أو ما سمته الكاتبة " الانطفاء نحو الداخل " ، وهو ما مكنها من مزيد الاستمتاع بفصل الشتاء ، من خلال مشهد من أهم مشاهده ( زخة مطر ) ؛ فهذا الفصل بالنسبة لها فرصة من " فرص النظر عبر نوافذ الروح لنبض قلب لم يعد ينبض ...يأخذ بيدي نحو صور الذكرى لتأتي و تنأى و تغني حنينا لن ينسى..." 2 - لحظة التحول / التقلب : وتتشكل من مجموعة من اللحظات الجزئية هي : - لحظة التحول رقم 1: وفيها يتخذ الحدث منحى مغايرا ركزت فيه الذات المتكلمة على حزمة من الأوراق بجانبها لغاية غير التي تتبادر إلى ذهن القارئ ، أي القراءة أو الكتابة ( مخالفة توقع القارئ )، لأن الإهمال كان مصير هذه الأوراق ( الذات المتكلمة مبدعة ، لكن مشهد زخة المطر أقوى أثرا ووقعا ، فصارت مصدرا من مصادر الإلهام / الإبداع والشعور الجارف بالذات ، وهما معا ملمحان من ملامع الاتجاه الرومانسي : أليس هذا المشهد الرومانسي هو مصدر هذا النص ؟) فكان المطر والريح هما الاختيار البديل " ...حزمة أوراق كانت بجانبي أشحت بنظري عنها فلم تعد تعني لي سوى خطوط باهتة بعيدة تستدعي النسيان لأقصى حدودها و نقاطها... كلماتها ليست معطفا واقيا من المطر أو الريح في هذا اليوم الممطر. سطورها ليست وشاحا يلف عنقي...." - لحظة استعادة التوازن : وذلك بالعودة إلى متابعة مشهد هطول المطر ، لكن مشهد زخة المطر هذه المرة أعاد الذات المتكلمة إلى ذكريات طفولتها ( وهي سمة من سمات الاتجاه الرومانسي ) التي أخذها الحنين إليها بقوة وبكمية هطول المطر ؛ وبسرعة جردت ذكرياتها في المدرسة ومع الكتب الثقيلة ومع البرد : " تدافقت زخات المطر كأنها تعانق حنينا خاصا مفعما بالذكريات الباردة لتتساقط على الأزقة العذبة .. عادت بي إلى ضفائر الطفولة منذ وعينا البرد و تكتكة أسنان صغيرة ، وكفا يحمل كتبا مدرسية ثقيلة ااااه ...ااااه .. كم أحن إلى تلـــــــــك الأيام " . - لحظة التحول رقم 2 : كانت الذكريات اللذيذة وزخات المطر المتدافقة باستمرار ، والإصرار على التماهي معها ، مدعاة لتحول آخر يتجلى في مغادرة الذات المتكلمة ، منسلة من الباب الخلفي ، للمنزل .. وتحت هطول المطر المتتابع تراءت لها وجوه طيبة لأحبة منحها حضورهم دفئا خاصا : " لفني البرد قليلا و تابعت المسير بين الأزقة الهادئة الخالية من المارة لتتراءى لي وجوه طيبة لأحبة لا تغادر الروح ، لكن الشتاء وزخات المطر أعطاني حضورهما الوهمي دفئا خاصا اقشعرت له أضلاعي وخرجت تنهيدة صفعة أنفاسها وجهي ..." 3 - لحظة النهاية : وفيها كشفت الذات المتكلمة عن جزء من لقبها الإبداعي ( صعبة ) كإيذان صريح بخصوصية التجربة التي يجسدها النص ، وكإمعان في الانغماس الذاتي في الطبيعي إلى حد التوحد ( زخة مطر ) ( حضور الذات المبدعة في النص تدل عليه مؤشرات لغوية كثيرة تختزل أغلبها في ضمير المتكلم المفرد ) . وهي من أهم السمات المميزة للنزعة الرومانسية أيضا . النص إذن جزء من التجربة الذاتية ( الآنية ، والطفولية عبر الذاكرة ) تبرز نوعية العلاقة والتواشج الوثيق بين الكاتبة الشاعرة صعبة المزاج والطبيعة متجلية في تحول من تحولاتها العميقة : هطول المطر ، وما واكبها من آثار وجدانية على الكاتبة . وقد انطبعت التجربة بطابع رومانسي واضح ، ذابت معه الذات المبدعة في المكان والزمان ، فتحول ، على إثره المطر ( الطبيعة الماطرة ) إلى باعث من بواعث الكتابة والبوح .. وقد تراوحت خلالها الكاتبة بين المتخيل / الوهمي والواقعي الحقيقي ( لتكسير ثبوتية الحدث ) ، وبين الحاضر والماضي ، وبين الشباب والطفولة ، وبين الرغبة والأمل والمنع ، وبين الرقابة ( التي تجسدها الأم ) وبين التحرر والانغماس المطلق وسط خيوط زخة المطر : " كم هي صعبة ملفوفة بزخة مطر كأنها تود لو عانقت المكان وكل المكان تفاصيله و قلقه و حتى أوهااااااااااااااااااااااامه " . تلك مقاربة متواضعة للنص أملتها طبيعة التفاعل معه ، آملا ألا أكون بروكيستيا في مقاربتي هذه .
شكرا لك أستاذة لطيفة المزاج لأنك أبدعت وأمتعت ..
مودتي وتقديري الصادقين . محمد الورزازي المحمدي كركاس حضورك هنا شاعري الوفي كحضور الغيث بعد طول جفاف الصمت في حرم الجمال جمال تحليل رائع من قلم شامخ ذو وزن ثقيل ماذا يمكنني ان اضيف ؟؟ دمت بالقرب دائما مودتي بى حدود [/QUOTE] | التوقيع | القمَرُ الخَجول لِلْبَدْرِ وصْفٌ، أرْبعُ..........خَجَلٌ، مِزاجٌ زَوْبَعُ. شِعْرٌ، فصيحٌ مُطْرَزُ..........لُطْفٌ، هدوءٌ أَعْزَزُ. بَدْرٌ خَجولٌ، يَرْكَعُ..........لِلَّيْلِ. منْ ذا أسْطَعُ..؟ حسْنُ المَقالِ، راكِزٌ..........مُسْتَكْبَرٌ، ما يُنْجِزُ. خاليل بادي. 2juin2010 | |
| |