منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   الأخبار المنوعة (https://www.profvb.com/vb/f3.html)
-   -   قراءة في نتائج الدورة الأخيرة للمجلس الأعلى للقضاء (https://www.profvb.com/vb/t138114.html)

صانعة النهضة 2014-02-28 10:04

قراءة في نتائج الدورة الأخيرة للمجلس الأعلى للقضاء
 
قراءة في نتائج الدورة الأخيرة للمجلس الأعلى للقضاء
المجلس حافظ على تقليد يستثني تعيين القاضيات بعدد من المحاكم

أنس سعدون نشر في الصباح يوم 27 - 02 - 2014


تكتسي نتائج الدورة الأخيرة للمجلس الأعلى للقضاء أهمية بالغة بالنظر إلى سياقها العام المتزامن مع الحراك القضائي، الذي يشهده المغرب بفضل الجمعيات المهنية القضائية، التي تحولت إلى أداة لمراقبة المجلس، سيما بعدما أصدر نادي قضاة المغرب في أول سابقة في تاريخ المملكة بيان، لتقييم نتائج إحدى دورات المجلس الأعلى للقضاء، الذي ظل ولوقت طويل يشتغل في منأى عن أي مراقبة لا قبلية ولا بعدية، بسبب القداسة التي حاول البعض إضفاءها على أشغاله، وتزايد مطالب كل الفاعلين بضرورة إخضاع طريقة اشتغال المجلس، لمعايير موضوعية تكفل تحقيق تكافؤ الفرص بين القضاة لتعزيز ثقتهم في هذه المؤسسة كمدخل رئيسي لتكريس استقلال القضاة واستقلال القضاء، فإلى أي حد استجابت مؤسسة المجلس الأعلى للقضاء إلى مطالب القضاة؟ وإلى أي مدى انعكس الحراك القضائي خصوصا والحراك المجتمعي عموما الذي نعيشه في ظل دستور 2011 على نتائج هذه الدورة التي قد تكون هي الأخيرة في حال صدور قوانين السلطة القضائية الجديدة التي تمهد لإنشاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي سيشتغل بمعايير جديدة وتركيبة حديثة وفي سياق مختلف ؟
التعيين في مناصب المسؤولية القضائية :
أفرزت الدورة الأخيرة للمجلس الأعلى للقضاء تعيين 9 مسؤولين قضائيين جدد من مجموع 14 مسؤولا في المحاكم الابتدائية، وتعيين 6 مسؤولين قضائيين جدد من مجموع 10 مسؤولين في محاكم الاستئناف، والمثير للاستغراب حسب النتائج المعلن عنها أخيرا، أنه لم يتم تعيين أي امرأة قاضية في منصب المسؤولية القضائية، مما يطرح عدة علامات استفهام حول مدى مراعاة المجلس الأعلى للقضاء لمقاربة النوع الاجتماعي، أتناء تدبيره للوضعية الفردية للقضاة عموما، وعند بته في ملفات تعيينات القضاة في مناصب المسؤولية القضائية على وجه الخصوص، سيما إذا استحضرنا وجود عدة كفاءات نسائية على صعيد المحاكم، كما أن نسبة النساء القاضيات بالمغرب في تزايد مستمر مثلما ترتفع وثيرة ارتقائهن إلى أعلى الدرجات، وباستحضار المعطى الدستوري الجديد بعدما كرس الفصل 19 من دستور 2011 مبدأ المناصفة بين الجنسين، وبالتالي لا يعقل أبدا تعيين 24 مسؤولا قضائيا ليس من بينهم أي مسؤولة قضائية، فهل مرد ذلك انعدام الكفاءات النسائية، أم مرده عدم تسليط الضوء على الكفاءات النسائية الموجودة، أم مرده بالأساس المعايير التي يستند عليها المجلس الأعلى للقضاء والتي تقصي وبشكل متعمد المرأة القاضية وتحول دون وصولها إلى مراكز صنع القرار، وإلى كرسي المسؤولية القضائية على سبيل المثال.
لا شك أن نتائج الدورة الأخيرة للمجلس في الشق المتعلق بالمسؤوليات القضائية تدعو لإعادة فتح نقاش كبير حول معايير إسناد المسؤولية القضائية ومدى أخذ المجلس بعين الاعتبار لمقاربة النوع الاجتماعي التي أصبحت محورا لكل السياسات العمومية بل وأداة لتمكين المرأة ولإدماجها في التنمية.
وبقراءة نتائج الدورة الأخيرة للمجلس الأعلى للقضاء بإعمال مقاربة النوع الاجتماعي أيضا، يلاحظ استمرار الظاهرة التي سبق تسجيلها وبكثير من القلق وهو وجود محاكم ذكورية بامتياز إذ أن المجلس الأعلى للقضاء حافظ على تقليد سابق يقضي باستثناء تعيين النساء القاضيات بعدد من المحاكم، وإذ كان من شأن ذلك أن يكشف وجود معاملة تفضيلية للمرأة القاضية وبالتالي عدم تحميلها مشاق العمل بمناطق نائية، إلا أنه ينم من جهة أخرى عن هدر لحقوق النساء المتقاضيات وإغفال للأدوار التي يمكن أن تلعبها مؤسسة المجلس الأعلى للقضاء من أجل تجاوز الصورة النمطية المنتشرة داخل أوساط واسعة بخصوص المرأة، فمقاربة النوع الاجتماعي ينبغي أن ينظر إليها من وجهتي نظر متكاملتين: باعتبارها حقا للمرأة القاضية، وحقا للمرأة المتقاضية أيضا، بل وحقا للمجتمع برمته.
وإذا كانت المرأة المغربية استطاعت أن تحتل جميع المناصب وتشغل جميع الوظائف سواء في المدن الكبرى أو المدن الصغرى والقرى والمناطق النائية (على سبيل المثال قطاع الصحة، والتعليم..) فإن الخريطة القضائية الراهنة لم يلحقها تعديل كبير على مستوى وجود النساء القاضيات اللواتي بقين متمركزات بمحور ضيق، كاد أن يؤدي إلى نشوء ظاهرة تأنيث بعض المحاكم (على سبيل المثال المحكمة الابتدائية بالقنيطرة) بينما لا تزال توجد محاكم لا توجد فيها أي امرأة قاضية مما يدفع للتساؤل حول أسباب هذه الظاهرة وما إذا كان بالإمكان تفسيرها باستمرار عقليات ذكورية، ما تزال ترفض تقلد المرأة لكرسي القضاء، رغم أن المرأة المغربية كانت سباقة لذلك عربيا وإسلاميا في وقت مبكر مند سنة 1961. ووجود عقليات رافضة لتمكين المرأة، وبالتالي كان المفروض هو التدخل من أجل المساهمة في تغيير العقليات السائدة وليس العمل على التطبيع معها، من خلال الإبقاء على خريطة قضائية تكرس لتمييز واضح بين الجنسين.
التعيينات والانتقالات :
من جهة ثانية إذا حاولنا قراءة نتائج الدورة الأخيرة للمجلس الأعلى للقضاء وربطها بالانتماء الجمعوي لعدد من القضاة يمكن القول إنه تمت الاستجابة لطلبات عدد كبير من القضاة، سيما على مستوى طلبات الانتقال، وذلك ليس من باب الامتياز أو المعاملة التفضيلية، كما يحاول البعض أن يلمح لذلك (على سبيل المثال انتقال رئيس نادي قضاة المغرب من ابتدائية تاونات إلى استئنافية مكناس، وانتقال الكاتب العام للنادي من الابتدائية المذكورة إلى المحكمة التجارية بالرباط..) ، وإنما مرد الاستجابة إلى طلبات الانتقال المقدمة بهذا الخصوص هو استيفاؤها للمعايير التي سبق أن وضعها المجلس في قانونه الداخلي خاصة على مستوى المدد القانونية اللازمة للانتقال بين المحاكم المصنفة في المناطق «أ»،»ب»، و»ج»، وبالتالي ما وقع على أرض الواقع هو تطبيق للنصوص القانونية الموجودة و انتصار لمبدأ معيرة طريقة عمل المجلس الأعلى للقضاء –ولو بشكل جزئي- كمطلب هام جدي ومسؤول وعاجل رفعه القضاة ورفعته جمعياتهم المهنية القضائية وفي مقدمتها نادي قضاة المغرب.
وبقدر ما كانت نتائج المجلس الأعلى للقضاء موضوعية إلى حد كبير في الشق المتعلق بالانتقالات، فإنها لم تخل من تسجيل حالات تم من خلالها حرمان عدد من القضاة، لأسباب غير مفهومة من المعايير المذكورة وذلك بتنقيل القاضي الأحدث قبل الأقدم إلى نفس المحاكم المطلوبة (تنقيل عدد من قضاة الفوج 35 قبل الفوج 34، أو قضاة من الفوج 37 قبل الأفواج 36 و35 و34..)، بل وإقصاء حق قضاة في الانتقال رغم أنهم راكموا من الأقدمية مدة كافية تبرر الاستجابة إلى طلباتهم بالرغم من تقديمهم لمبررات معقولة ووجود مناصب شاغرة (بدليل التعيينات أو الانتقالات الجديدة)، ومن المؤاخذات التي يمكن تسجيلها في هذا السياق عدم إنصاف بعض القضاة المتضررين من سياسة إعادة الانتشار (قضاة الفوج 34) وعدم تلبية طلبات انتقالهم رغم أن انتقالهم من «محاكم التعيين الأولى» إلى «المحاكم المنتشر إليها»، كان بشكل قسري وليس بناء على طلب منهم، بل واستفادة عدد من القضاة من الانتقال إلى محاكم مصنفة ضمن المنطقة «أ» دون إكمالهم المدة اللازمة لذلك، وأحيانا على حساب زملائهم من أفواج سابقة ممن استوفوا المدة القانونية. إن الملاحظات ذاتها بنسبية الموضوعية في طريقة تعامل المجلس الأعلى للقضاء مع ملف الانتقالات يمكن تسجيلها على مستوى ملف تعيينات القضاة الجدد، إذ ورغم من حرص المجلس على تعيين القضاة الأوائل وفق ترتيبهم بحسب رغباتهم المعبر عنها وطبقا لمعيار الاستحقاق، فإن هذا المعيار تم تجاهله على مستوى عدة حالات أخرى، مما يعيد وبإلحاح طرح مطلب معيرة طريقة عمل المجلس الأعلى للقضاء على مستوى البت في تعيينات القضاة الجدد باعتبارها مناسبة مهمة لتكريس استقلال القضاة، ومساواتهم أمام أعلى هيأة دستورية تسهر على ضمانات استقلالهم.


الساعة الآن 22:20

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd