الرضى المهني والظروف الاجتماعية والمهنية للمدرسين - منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

2014-02-27, 07:27

رقم المشاركة : 1

ابو ندى

بروفســــــــور

إحصائية العضو

ابو ندى غير متواجد حالياً

الرضى المهني والظروف الاجتماعية والمهنية للمدرسين

الرضى المهني والظروف الاجتماعية والمهنية للمدرسين

جل الإصلاحات المغربية لمنظومة التربية والتعليم اعتمدت عموما على المداخل الأساسية التالية:
المدخل البيداغوجي المنهاجي،الذي شمل إصلاح المناهج والبرامج والمقاربات و الطرق البيداغوجية ونظام التقويم والكتاب المدرسي والتنظيم السنوي للتعلمات...والمدخل التدبيري الإداري الذي ركز على إصلاح لوجستيك ونماذج التدبير التنظيمي والإداري لقطاع التربية والتعليم؛ثم المدخل المادي والمالي،الذي تمحور حول إصلاح البنيات والتجهيزات المدرسية أساسا وتوفير الميزانيات...كل هذه المداخل هي ضرورية وأساسية في كل إصلاح،غير أن المدخل السوسيولوجي والنفسي المهني المرتبط بالموارد البشرية المشتغلة في القطاع،ورغم أهميته الاستراتيجية والحاسمة في نجاح أي إصلاح،ظل مهمشا في كل السياسات الإصلاحية للقطاع.وهو ما سنحاول إثارته و إلقاء بعض الأضواء عليه في هذه الورقة.
إن أغلب المقاربات المعرفية المتعددة التخصصات(خصوصا سوسيولوجية العمل وعلم نفس العمل) التي اشتغلت على علاقة ظروف اشتغال الموارد البشرية في علاقتها بالنجاعة والمردودية المهنية،أكدت(المقاربات) على أهمية الرضى المهني المرتبط بالظروف المهنية والاجتماعية والنفسية للمهنيين المشتغلين في الرفع من مستوى الأداء ،و في تجويد وتحسين المردودية الداخلية و الإنتاج المهني عامة .
وقطاع التربية والتعليم،كقطاع مهني ،من حيث نجاعته و فعاليته ومردوديته وجودته، رهين أيضا بمستوى الرضى المهني للمشتغلين فيه،خاصة المدرسين الذين سنركز عليهم في هذه المقالة،هذا الرضى الذي تشرطه هو اللآخر مدى جودة وإيجابية الظروف والسياقات المهنية والإجتماعية للمدرسين.
وعليه،سنحاول في هذه الورقة أولا ، التعرف على مفهوم الرضى المهني ،ثم محاولة رصد بعض الظروف المهنية والإجتماعية للمدرسين المغاربة في المدرسة المغربية،لنرى مدى تأثيرها على الرضى المهني لديهم،وعلى فعالية أدائهم المهني الذي يرهن فعالية وجودة المردودية الداخلية للمدرسة المغربية.
الرضا المهني:تعريفه وعوامله واتجاهاته
- تعريف الرضا المهني:حسب بعض الأدبيات المعرفية التي اهتمت بالرضا المهني ،وخاصة النفسية،نجد عدة تعاريف للرضا المهني،ومنها:
الرضا المهني/الوظيفي"هوالشعور النفسي بالقناعة والارتياح والسعادة لإشباع الحاجيات والرغبات والتوقعات المرتبطة مع العمل نفسه وببيئة العمل،مع الثقة والولاء والانتماء للعمل ،ومع العوامل والمؤثرات الداخلية والخارجية ذات العلاقة».ويعرف الرضا المهني كذلك «بأنه شعور الفرد بالسعادة والارتياح أثناء أدائه لعمله،ويتحقق ذلك بالتوافق بين ما يتوقعه الفرد من عمله ومقدار مايحصل عليه فعلا في هذا العمل".
كما أن الرضا المهني هو"عبارة عن مشاعر العاملين تجاه أعمالهم،وانه ينتج عن إدراكهم لما تقدمه الوظيفة(المهنة) لهم ولما ينبغي أن يحصلوا عليه من وظائفهم.كما انه محصلة للاتجاهات الخاصة نحو مختلف العناصر المتعلقة بالعمل،والمتمثلة في سياسة الإدارة في تنظيم العمل ومزايا العمل،والأمان بالعمل ومسؤوليات العمل وإنجازه والاعتراف والتقدير."
-عوامل الرضا المهني: حدد المهتمون جل العوامل المؤثرة في الرضا المهني في ثلاث عوامل أساسية:
1-العوامل التنظيمية المرتبطة بالمهنة:ومنها نظام العوائد والمتعلق بإشباع الحاجيات المادية والمعنوية(الأجرة،الحوافز والمكافآت،الترقية...)؛ونمط الإشراف والعلاقات الإدارية؛وقيمة وأهداف المهنة؛وظروف العمل؛والظروف الاجتماعية والخدماتية؛وساعات العمل والراحة والعطل،الإشراك الديمقراطي...
2- العوامل الشخصية: كاحترام الذات وتقديرها؛وتحمل ضغوطات العمل؛ الحرية والاستقلالية؛والمكانة الاجتماعية التي تحققها المهنة؛الرضا العام عن الحياة...
3- العوامل البيئية: وتتعلق بطبيعة البيئة التي يوجد فيها مقر العمل،والبيئة التي ينتمي إليها الفرد/العامل،وطبيعة الثقافة السائدة.
- اتجاهات تفسير الرضا المهني: هناك على العموم ثلاثة اتجاهات حاولت تفسير ظاهرة الرضا المهني:
1-اتجاه العلاقات الإنسانية:ويرى أن "الرضا المهني هو المحرك الأساسي للدافعية في العمل،بحيث إن شعور الفرد بالسعادة وإشباع حاجياته في العمل يؤديان إلى الشعور بالرضا الوظيفي."
2-النظريات السلوكية:هذا الاتجاه من خلال اعتماده على معطيات النظريات السلوكية،يقر بأن الدافعية المرتبطة بالرضا المهني تتأثر بالخبرات السابقة للثواب والعقاب؛"كلما حصل الفرد على ثواب سواء مادي أو معنوي كلما ارتفع مستوى الرضا الوظيفي عنده،وكلما حصل على عقاب أدى إلى انخفاظ هذا المستوى."
3-علم النفس المعرفي:يرى أصحاب هذا الاتجاه أن الدافعية المرتبطة بفعالية العمل/المهنة" هي نتاج تفاعل بين متغيرات وعمليات نفسية كامنة في داخل الفرد وإدراك الفرد للعوامل المؤثرة في العمل،وكلما كانت هذه المدركات إيجابية،كلما ساهمت في ا لرضا الوظيفي،في حين إن كانت سلبية أدت إلى انخفاض الرضا الوظيفي".
على ضوء هذا التأطير المعرفي لمفهوم الرضى المهني،ومن خلال الرصد التالي لواقع الظروف المهنية والإجتماعية للمدرسين في المدرسة المغربية(خصوصا بالابتدائي وبالوسط القروي)،ستتبين لنا العلاقة الدالة بين هذه الظروف ومستويات الرضى المهني الممكنة لدى المدرسين:
الظروف المهنية للمدرسين
إن إغفال الظروف المهنية للمدرسين في أولويات أجندات الإصلاحات جعلتهم يتخبطون في عدة مشاكل واختلالات مهنية تؤثر سلبا على فعالياتهم المهنية ونتائجهم التعليمية وبالتالي على رضاهم المهني،نذكر منها: شبه غياب لوسائل العمل الديداكتيكي في شكلها التقليدي، وبالأحرى الحديث( دطاشوو،حواسب،سبورات إلكترونية تفاعلية…)،والغريب انه تم تزويد الأطرالإدارية بوسائل العمل الحديثة(حواسب،الربط بالانترنيت،الطابعات،هواتف متنقلة،وتم استثناء المدرسين الذين هم الأولى بها للرفع من فعالية العملية التعليمية التعلمية ،وكأنه هناك طغيان للهاجس الأمني/الضبطي الإداري على حساب الهاجس التربوي في عقلية مدبري الإصلاحات!
غياب مكتبات دياديكتيكية وبيداغوجية مخصصة للمدرسين،غياب فضاءات دراسية مناسبة وذات حس جمالي وتربوي وأحيانا لاصحية،شبه غياب للتجهيزات التربوية المناسبة داخل الفصول الدراسية(خزانات،كراسي… مناسبة)، الاكتظاظ الذي قد يصل إلى أكثر من 50 تلميذ(ونتعجب أن هناك مذكرة تحدد القسم المكتظ هو الذي يتجاوز45 تلميذا،لا ندري ماهي المعايير التربوية التي اعتمدتها؟أما أن الأمر يتعلق بمجرد تدبير مالي ضيقله علاقة بنذرة المناصب المالية والخصاص الذي يعانيه القطاع؟! )؛ ناهيك عن الأقسام المشتركة في الابتدائي التي تضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص بالنسبة لكل التلاميذ المغاربة،وتخلق معاناة مضاعفة للمدرسين(هناك من يدرس أكثر من مستويين في نفس الوقت،بل هناك حالات يدرس فيها مدرس/ة واحد/ة كل المستويات: من المستوى الأول إلى السادس”السمطة” كما يسميها مدرسو الابتدائي).
كما أن العلاقات المهنية بين الأطر التعليمية والإدارية غالبا ما تكون غير سليمة، يطغى عليها في الأغلب التوتر والعنف والعقاب وعدم الفهم والتفاهم والتواصل التربوي والإنساني…
كما أن المدرسين (خصوصا الجدد اومع كل مستجد بيداغوجي جديد) يُتركون يتخبطون لوحدهم،ويعتمدون على اجتهاداتهم الخاصة في تدبير أمورهم البيداغوجية والتعليمية،حيث نلاحظ شبه غياب لوظائف التأطير والمتابعة البيداغوجيين والتكوين المستمر المتين والجيد المُلبي لحاجياتهم المهنية الحقيقية…
الظروف الإجتماعية للمدرسين
بما أن المدرس والمُدرسة هما كائنان إنسانيان واجتماعيان،وليسا كائنين ديداكتيكيين كما يُراد لهما،فإنه بالإضافة إلى المعاناة المهنية داخل القسم والمدرسة،فإن أغلب المدرسين يعيشون معاناة إجتماعية إضافية وقاسية،تتعدد مظاهرها بتعدد الفئات وجغرافيا التعيين/العمل،نذكر منها:غياب الاستقرار الأسري،المعاناة مع النقل والسكن، والعزلة الاجتماعية والحضارية وغياب الخدمات الصحية والثقافية والترفيهية،خصوصا لدى العاملين بالوسط القروي…والطامة الكبرى،وهي انه ورغم معاناة مدرسي العالم القروي ليس هناك تحفيزات وتعويضات حقيقية عن هذه المعاناة!والأخطر انه تم اختزال التعويض المقرر مؤخرا عن العالم القروي في التعويض عن المناطق الصعبة،وذلك بمباركة النقابات؟!وما يصاحب ذلك من متاهات وتلاعبات وتوترات في تحديد “المناطق الصعبة”، وذلك فقط من اجل ان تربح ميزانية الدولة بعض الملايين من الدراهم على حساب معاناة باقي مدرسي العالم القروي!يجب تعويض كل العاملين في العالم القروي حسب التصنيف الثلاثي لمناطق العمل المعتمد(أ،ب،ج)،ليصبح التعويض كالتالي:700درهم لمنطقة(أ)،و600 درهم لمنطقة(ب)،و500درهم لمنطقة(ج)؛هكذا نُنصف جميع العاملين بالعالم القروي ،ونشعرهم بامتيازات تحفزهم مهنيا.ومثلا لما لا نجعل العاملين بوسط القروي يستفيدون من يوم السبت كيوم عطلة رسمية بالإضافة إلى يوم الأحد،لما لذلك من فوائد نفسية واجتماعية كثيرة بالنسبة إليهم.
وكذلك لضمان استقرار اجتماعي ونفسي وأسري حقيقي للمدرسين لمجابهة تكاليف الحياة المعاصرة والالتزامات الأسرية والارتفاعات الفلكية للأسعار ،يجب إعادة النظر في الأجرة،ونظام التعويضات والترقيات(وخصوصا أن هناك حاليا مشروعا لتغيير النظام الأساسي)، حيث يجب أن تكون هناك عدالة أجرية بين كل موظفي الدولة(مثلا،هناك موظفون يستفيدون من تحفيزات و مكافآت وتعويضات لا توجد في قطاعات أخرى،وهناك موظفون يستفيدون من خارج السلم وآخرون لا يستفيدون منه خصوصا في الابتدائي والإعدادي،هناك فوارق صاروخية بين السلالم والدرجات…)،كما يجب تسريع نظام الترقية بتقليص سنوات الاستفادة،والرفع من قيمة النقط الاستدلالية،والأهم يجب تطبيق السلم المتحرك للأجور(والذي يبدو ان بعض النقابات نسته او تناسته في ملفاتها المطلبية) وذلك لمسايرة ومجابهة الارتفاعات المستمرة للأسعار وفوضى السوق،ومعها تتعرض الأجرة للإستنزاف والتقليص المستمرين ،كما يجب تطوير وتجويد الخدمات الاجتماعية للمؤسسات المختصة(خاصة مؤسسة محمد السادس،والتعاضديات)،ودمقرطتها،لتلعب أدوارها الحقيقية والفعالة في التخفيف من المعاناة الاجتماعية لأسرة التربية والتعليم،وضمان كرامتهم واستقرارهم.

: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=721734


	للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :