منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى أخبار التربية والتعليم (https://www.profvb.com/vb/f13.html)
-   -   " مسار" الابتدائي لا بواكي له (https://www.profvb.com/vb/t137635.html)

abo fatima 2014-02-18 19:13

" مسار" الابتدائي لا بواكي له
 
" مسار" الابتدائي لا بواكي له

استطاع برنامج مسار التعليمي خلق الحدث وطنيا وبامتياز فور تعميمه ،وما كان مجرد منظومة معلوماتية لتوثيق العمل الإداري والتربوي لبعث روح العصر في نظامنا التعليمي استحال إلى غليان تلاميذي لم يستطع الكثيرون فهم أسبابه ودواعيه ، وبجهد مضاعف وإعمال كل آليات التواصل الممكنة والتعديلات السريعة سكنت المخاوف أخيرا ، وخمدت موجة الاحتجاجات التي غلت بها جل الثانويات موصلة رسائل عديدة لمن يهمهم أمر التربية ببلدي .
لكن يبدو أن "مسار" في التعليم الإبتدائي لا بواكي له في زمن البحث على الترقيات ـ انج سعد فقد ترقى سعيد ـ حقا لا يمكن لأي فاعل تربوي إلا أن يثمن ما جاء به من تطوير للنظام التربوي ككل، مغالبا كل الظروف التقنية والمهنية واللوجستيكية في إستثماره والعمل به ،فالكوكب اليوم يتكلم معلوماتيا ، والأمر ليس اختيارا مادام المتخلفون عن الركب لا مكان لهم في عالم الغد . لكن المتأمل ل "مسار" في شقه التقويمي الخاص بالتعليم الابتدائي يتساءل فعلا عن القيمة التربوية المضافة الذي يمكن أن يجلبه للمؤسسة التعليمية من غير التوثيق المعلوماتي ، وما الذي سيجعله فعلا وجهة رئيسية لكل الأساتذة والآباء وأولياء التلاميذ للتتبع والمواكبة من خلال معطيات معبرة ومؤثرة وذات دلالة ،وكيف يمكنه تغيير مسار تلميذ للأفضل؟ فقد كرس هذا النظام التقويمي الجانب النقطي العددي المعمول به منذ ستين سنة ،وحوّل براءة الصغار وشغفهم بالمدرسة وأنشطتها المتعددة إلى مجرد نقط متراكمة تخنق طموح الطفل واهتماماته ، وتلاحق تعثراته ورسوبه المتكرر في كل مراقبة مستمرة وتسجلها،وترصد بدقة إخفاقاته دون منحه فرصة لتصحيح ومعالجة أخطائه وتجاوزها ،مولدة لديه عقدة الخوف وعدم الثقة بالنفس ،بالمقابل فإنه زكى النظرة التقليدية للمعلمين كمجرد ناقلي معرفة بشكل يجعلهم مطالبين في نهاية كل مرحلة من المراحل الدراسية الأربع بتقويم مفرط لمعارف التلميذ في كل المواد التعليمية وتحصيل الدليل المادي الواضح ـ أي أوراق التحرير ـ للنقطة العددية التي ستدون في "مسار" ملاحقة الطفل الصغير طول مسار دراسته بل في حياته كلها، وفي هذا تجاهل لكل التراكمات البيذاغوجية الهامة التي تحفل بها ساحتنا التربوية ،وضرب لكل القيم التربوية والاجتماعية التي حصن بها المشرع الطفولة ، والتي تنطلق من المرونة والتشجيع وحب الحياة واللعب كأساس لطفولة سليمة خالية من الأعطاب النفسية والاجتماعية ،علما أن أساس التقويم في التعليم الابتدائي ليس هو النقطة العددية بحد ذاتها ،وإنما يؤخذ كوسيلة مساعدة فقط لكشف تعثرات المتعلمين وتسطير الطريقة المناسبة لمعالجتها ودعمها كل حسب وتيرته وإستراتيجيته الخاصة في التعلم . فكل التلاميذ معرضون للإخفاق والرسوب في مراقبة مستمرة لمادة أو أكثر،وتوثيقها بهذا الشكل العددي المخيف والمكشوف سيولد أشكالا مختلفة من الإحباط والدونية أمام الزملاء والأسرة ليكون مدخلا مباشرا للعنف المدرسي والأسري والمجتمعي ،وصناعةُ أجيال بهذا الشكل لن تؤسس حتما لمجتمع الديمقراطية والتكافل الاجتماعي ...
هكذا إذن يتضح أن برنامج مسار في التعليم الابتدائي أُلبِس ثوبا تقويميا ضيقا لم يخضع للتطوير والتحديث وفق ما تفرضه شروط إعداد جيل جديد يؤمن بالاستقلالية وتقدير الذات ،و من دون تفريق بين خصائص التعليميين الابتدائي والثانوي كما هو معمول به في كل مدارس العالم المتقدم ،وبقي أسيرا للنظرة السطحية والتشييئية التي تم بها تسطير الأطر المرجعية للمراقبة المستمرة والامتحانات مطلع القرن الحالي ،والتي تسببت بشكل مباشر في رفع مهول للمعدلات ونسب النجاح دون أن ينعكس ذلك على مستوى وأداء التلاميذ بشهادة tims و pirls،بعدما نمَّط المركز الوطني للتقويم والامتحانات الأسئلة في الفهم والتطبيق المباشر واسترجاع المعارف دون أن تتعداها بنسب معقولة للتحليل والتركيب والتعليل ،وضيق بالتالي هامش الإبداع والخلق في المنظومة التعليمية في فهم خاطئ للحكامة التقويمية .
ولأن مسار وُضع من أجل مصالحة المدرسة مع محيطها الخارجي وتقريب الفعل التربوي من أباء وأولياء التلاميذ ، فإنه يجدر ايراد بعض الاجراءات السريعة التي قد تساعد على تحقيق الهدف الأسمى الذي يطمح إليه برنامج "مسار" ، ولن يتطلب الأمر سوى تعديلات تقنية بسيطة تؤخذ في الحسبان خصوصية التعليم الابتدائي ومتعلميه ، وإرادة حقيقية لتغيير ملمح التعليم ببلادنا:
1 ـ الاقتصار في المراقبة المستمرة على المواد الأساسية فقط : اللغة العربية ، اللغة الأمازيغية ، اللغة الفرنسية ، الرياضيات ،وإعفاء التلاميذ من المراقبات المتعددة ، فتقويم مواد القران الكريم والعبادات والآداب الإسلامية لا تكرس إلا عنف المدرسة بما تتطلبه من إرغام الطفل على استرجاع ما حفظ ،أما مواد النشاط العلمي والتاريخ والجغرافية والتربية على المواطنة والتربية البدنية والتربية الفنية فهي مواد لا تنقط في الابتدائي في كل الأدبيات التربوية العالمية المعاصرة، لكونها محببة بالفطرة للتلميذ يجد فيها سعادته ومرحه وروحه المبدعة ،وغالبا ما يكون عطاءه فيها متفوقا ، ليساعده على النجاح السريع دون أن يكون متمكنا من التعلمات الاساس
2 ـ تزويد برنامج مسار ببنك متكامل من الصعوبات المحتملة لكل مادة على حدة وفي كل مستوى حسب الكفايات المطلوب تحقيقها في المرحلة التعليمية ، وعوض أن يضع الأستاذ نقطة عددية لا تعبر عن المستوى الفعلي لدرجة تحقق مستويات الكفاية المطلوبة يصبح مطالبا بتحديد نوعية الصعوبة بالضبط من خانة مرفقة في البرنامج حتى يتسنى لوالديه وأساتذته معرفة الخلل والنقص ومعالجته سريعا ،فنقطة مثل 6 مصحوبة بملاحظة تقول : صعوبة في الجمع بالاحتفاظ أو صعوبة في ترتيب الاعداد الكسرية أو صعوبة في التمييز بين الحاء والجيم ستكون معبرة أكثر وذات دلالة حقيقية لشكل الدعم الواجب للتلميذ وحجم المواكبة المطلوبة .وهكذا ستصبح أسابيع الدعم فرصا حقيقية لتجاوز كل التعثرات التعلمية وفق برنامج مسطر بدقة وكامل التنفيذ .
3 ـ لا يحسب في قرار النجاح والتكرار إلا معدل المواد الأساسية السالفة الذكر وفي السنوات الزوجية فقط ،بينما يصبح الانتقال آليا في السنوات الفردية ،وهكذا سصبح الأستاذ مجبرا على مرافقة تلاميذته لسنتين كاملتين لاستكمال عمله التربوي والبيداغوجي داخل الفصل قبل التفكير في حركة انتقالية سريعة من خلال برنامج "مسير" ،وستمكن الجهات الإدارية المسؤولة بدء من المدير من مراقبة عمله وتقويم إنتاجه بطريقة علمية مضبوطة ،وخطوة كهذه تتطلب حتما رؤية جديدة بشراكة مع النقابات للحركات الانتقالية التي تشتت كل موسم دراسي الموارد البشرية .
4 ـ يسلم ولي أمر التلميذ نهاية كل سنة دراسية تقريرا مرفقا ببيان نتائج ولده يحدد نوع الصعوبات التربوية التي تم تداركها ،والتي لم يستطع الدعم التربوي معالجتها ، ولن يتطلب الأمر سوى نقرات معدودة في بنك "مسار" ،وفي هذا تجويد للعملية التربوية ككل ،واشراك فعلي للأسرة والمجتمع في المصاحبة وتحمل أعباء العملية التربوية .
5 ـ مراجعة شاملة للأطر المرجعية لامتحانات نيل شهادة الدروس الابتدائية بما يتلاءم مع مبدإ التخفيف والابتعاد عن التنميط ، والنظر إلى اللغة كوحدة متكاملة لا تقبل الانشطار .
إنها ملاحظات هادئة حول برنامج " مسار " في التعليم الابتدائي الذي شغل العباد بشكل غير متوقع تماما ، ترى هل ستجد طريقها للتنفيذ ؟ أم أن الوقت لا زال مبكرا لمثل هذه الاجراءات .
محمد الشلوشي


الساعة الآن 23:23

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd