منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد - جودة التعليم ... إما أن تكون كلية أو لا تكون

جودة التعليم ... إما أن تكون كلية أو لا تكون

طارق العاطفي

ان كل متتبع للشأن التربوي يقر إقرارا تما بفشل المنظومة التربوية المغربية، وهذا ما أكدته أعلى سلطة في البلاد، من خلال الخطاب الملكي بمناسبة 20 غشت 2013، الذي أقر بفشل التعليم بالبلاد، ودعا الجهات المسؤولة عن الفعل التربوي إلى الإسراع في تقديم تعليم بجودة تناسب وتطلعات المغاربة، وهو الأمر الذي أنيط بالمجلس الأعلى للتعليم الذي عين المالك على رأسه مستشاره عمر عزيمان ، وهي رسالة من ملك المغرب إلى كون القضية التربوية تعتبر القضية الأولى للدولة المغربية بعد الوحدة الترابية لأقاليمنا الصحروية.
أما على المستوى العالمي فقد شكل التقرير الأخير لمنظمة اليونسكو، وهي مؤسسة مستقلة تابعة للأمم المتحدة، الذي صنف المغرب في ذيل الترتيب العالمي في جودة التربية والتكوين، (شكل ) صفعة للذين يعتقدون بأن التعليم المغربي على خير، كما كما قال محمد الوفا عندما كان وزيرا عن قطاع التربية الوطنية في النسخة الأولى لحكومة عبد الإله ابن كيران، عندما سئل من طرف أحد النواب في البرلمان عن المشاكل التي تعاني منها المنظومة التربوية، فكانت إجابته صادمة بكون التعليم المغربي بخير( مع كسر الخاء). لكن تبقى الأسئلة التي تفرض نفسها بقوة في ظل الواقع المرير الذي يعيشه قطاع التعليم المغربي هي: في ظل التشخيص الذي يؤكد مرض المنظومة التربوية من طرف أعلى سلطة في البلاد، ومن طرف المؤسسات الدولية المهتمة بالتربية ( اليونسكو) ما هي الوصفات العلاجية لهذا الخلل؟، أيضا، كيف السبيل للحصول على تعليم ذو جودة يرقى إلى طموحات وانتظارات المغاربة؟
يجب الإقرار بداية إلى أن نجاح قطاع التعليم بالمغرب، يتطلب تداخل مجموعة من الفاعلين من باحثين في مجال التربية والتكوين، و باحثين في سوسيولوجيا التربية، والمجتمع المدني، هذا الأخير مطالب بالقيام بالدور الفعال المنوط به، بالإضافة إلى دور الجماعات المحلية...إلخ. أيضا يتطلب تضافر مجهودات كل من المدرسين والمدرسات، والمدبرين والمدبرات، والمفتشين والمفتشات، وجميع المهتمين بالتربية والتكوين، بغية جعل المتعلمين والمتعلمات في مركز الاهتمام وقلب العملية التربوية، وهي المبادئ التي جاء بها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي يُعتبر أول وثيقة مرجعية في تاريخ المغرب تهتم بالتربية والتكوين، والتي تعد بمثابة البوصلة التي ينبغي اتباع توجيهاتها، وبالتالي يجب على جميع الفاعلين، والمدرسين على وجه الخصوص الانطلاق من الأطر المرجعية المنظمة للشأن التربوي، مع الالتزام بما جاء به الميثاق الوطني للتربية والتكوين، من خلال الوعي بالمسؤولية المنوطة على عاتقهم، كما يقتضي ذلك حفزهم وتيسير ظروف مناسبة للنهوض بمهامهم على أحسن وجه. وتؤكد هذه الوثيقة أيضا بكون تجديد المدرسة رهين بجودة المدرسين وإخلاصهم والتزامهم، ويقصد بالجودة التكوين الأساسي الرفيع، والتكوين المستمر الفعال، والوسائل البيداغوجية التي تتناسب والتقويم الدقيق للأداء البيداغوجي.
إن جودة التعليم تتطلب النظرة إلى قضية الجودة في كليتها، بحيث يتطلب الأمر الحديث عن جودة الأهداف والبرامج، وجودة المناهج التربوية، بالإضافة إلى جودة التدبير، وأخيرا جودة التقويم، تشكل كل مرحلة من هذه المراحل حسب الباحث عبد الرحيم الهروشي في كتابه "بيدغوجيا الكفايات"، حلقة في سلسلة، بحيث إذا تعرضت واحدة منها للوهن قد تتعرض نجاعة المجموع ( النسق) بأكمله للخطر. وفي هذا السياق يقدم نفس الباحث مجموعة من الشروط الضرورية التي ينبغي الالتزام بها أثناء الحديث عن جودة التعليم:
الجودة قضية الجميع؛
دائما يجب القيام بما هو أحسن؛
لا وجود للجودة بدون كفاية، ولا كفاية بدون تكوين؛
لا وجود لجودة بدون قياس؛
استدراك التكلفة أقل ثمنا من العلاج؛
ينبغي الإقرار في الأخير أن جودة التربية والتكوين لا يجب أن ننظر إليها في جزئيتيها، بل إن الجودة إما أن تكون كلية أو لا تكون، وكل مقاربة اختزالية للشأن التربوي تكون بمثابة مضيعة للوقت والمال، وبالتالي الزيادة من هول الأزمة التربوية.