بسم الله الرحمن الرحيم

مرحلة الشباب فرصة ذهبية تمر على حياة العبد المسلم ولكن من الناس من لا يعي تلك الفرصة حتى يدرك بأنه ضيعها , وأن لا سبيل إلى تعويضها مطلقاً .

فتأمل أخي رجلا – من أقاربك - احدودب ظهره، وابيض شعره، وتثاقلت خطاه، وخارت قواه، ، وتناثرت أسنانه؟ فهو يقوم بصعوبة، ويقعد بصعوبة، وينام بصعوبة، ويصلي بصعوبة، ...

ألم يكن شاباً مثلك..؟ يعيش حياة الشباب.. ويسير سيرهم.. ويلهو لهوهم.. ويلعب لعبهم...

فقد تجده اليوم يبكي على ما ضاع من عمره في اللهو واللعب..

يبكي على قوة الشباب التي ولت، يعيش في ندم وحسرة .يريد الصيام فلا يستطيع يريد القيام فلا يستطيع . يريد زيارة القبور وتشييع الجنائز فلا يستطيع..يريد.. يريد... فلا يستطيع ...

يتمنى أن تعود إليه قوته ليصرفها في طاعة الله ورضوانه. ولكن هيهات هيهات.. فكل يوم انشق فجره ينادي ابن آدم ويقول:

يا ابن آدم ! أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد، فاغتنمني فإني لن أعود إلى يوم القيامة.

من يضمن لك-أصلا- أن تصل

الى الثلاثين أو الأربعين

أو الخمسين؟ بل من يضمن لك البقاء إلى غد؟

بل من يضمن لك أن تقوم من مقامك؟

أما تعلم- أخي - أن الموت يأتي بغتة؟

وأنه ينزل بالشباب كما ينزل بغيرهم؟

أما رأيت كثيراً من أقرانك أخذهم الموت فأصبحوا

من سكان القبور؟

هل تمكن هؤلاء من التوبة؟ وهل تمتعوا بالمهلة؟

وهل استفادوا في قبورهم من تضييع الأوقات في المنكرات؟

وهل وصلوا السن التي أرادوا أن يصلوا إليها ثم يتوبون بعدها؟

فصاحب البصر الناقد- أخي - يتزود من نفسه لنفسه، ومن حياته لموته، ومن شبابه لهرمه، ومن صحته لمرضه. فما بعد الدنيا سوى الجنة أو النار.وعلى من لا يدري متى يبغته الموت أن يكون مستعداً، ويعطي كل لحظة حقها ،ولا يغتر بالشباب والصحة، فإن أقل من يموت الشيوخ ، وأكثر من يموت من الشباب.

فيا من كان هذا حاله ..... إليك بهذه الرسائل:

◄ تأكد – أخي- بأن الموت قادم ,. فلا تنس أننا صائرون

إلى قبور موحشة وحفر مظلمة..و أن للموت سكرات، وللقبر ظلمات ،وللنار زفرات .. وأن أمامك نعيماً أو عذاباً.

فاسأل نفسك: ماذا قدمت فيما سلف من الأيام ؟

وماذا أعددت للحفرة التي ستوضع فيها ؟

ولو أن ملك الموت أتاك ليقبض روحك أكان يسُرُّكِ

حالُك وما أنت عليه ؟!


◄ عد إلى ربك, وأنقذ نفسك من النار...و قف مع نفسك وقفة مصيرية . ولا تغفل حتى تستقبل الآخرة، وتتمنى حينئذ لو

مُنحت مهلة من الزمن، لتصلح ما أفسدت، وتتدارك ما فاتك، فيصدق عليك قول الله تعالى.

﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ

بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ المؤمنون.



◄ لا تيأس مهما فعلت من الفسق والفجور،

وعصيت ربك وتركت شعائر الدين ، وبلغ الشيطان منك

ما بلغ . فلا تيأس فإن باب التوبة مفتوح .والله يقبل توبة العبد

ولو بلغت ذنوبه عنان السماء فما زالت أمامك فرصة عظيمة .

فأقبل وأبشر وامل خيرا .وإليك هذه البشارة من الغفور الرحيم:

(إلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )الفرقان

◄ تذكر أنك ما وجدت في هذه الدنيا إلا لعبادة الواحد القهار.قال تعالى:( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )الذاريات .

وقال أيضا : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ) محمد

قال مالك بن دينار: ( بئس العبد عبدٌ همه هواه وبطنه )



◄ إذا كنت تبحث عن السعادة الحقيقية ، فاقرأ قوله تعالى :

(مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) النحل

وإذا كنت تهرب من حياة التعاسة والضنك والكآبة..

فاقرأ قوله تعالى :

(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى).طه



◄ اعلم أن عمرك رأس مالك ، فلا تضيعه. واحفظ وقتك حفظك

لنفسك , واعلم بأنك مسؤول عنه ومجاز به, فمن غفل عن نفسه تصرمت أوقاته، ثم اشتدت عليه حسراته. وأي حسرة على العبد أعظم من أن يكون عمره عليه حجة.



◄ اعمل على أن تكون ثمرة خير في مجتمعك , واسع بأن

تكون ناشراً للخير فيه , وعاملاً بالمعروف بين أفراده ,

وناصحاً للمسيءمنهم , ومحارباً ضد من يحاربه

أو ينوي به شر ...



◄ أسبغ الوضوء على المكاره، وأكثر الخطا إلى

المساجد ،وانتظر الصلاة بعد الصلاة، وحافظ عليها. فإنها

سبيل النجاة، ولا تنم عن صلاة الفجر. فالصلاة من أعظم

أعمالك التي تصلك بالله وأول ما تسأل عنه يوم القيامة .ومهما أذنبت فلا تتساهل فيها، لأنك إن فقدتها فقدت كل دينك وقطعت الحبل بينك وبين الله.



◄ احذر البِدَع، فإنها تُشَوِّه الدِّين. ولا تكن ممن يَعبدون الله بغير

ما شَرع، فيفترون على الله الكذب. لسان حالهِم أنَّ الله تعالى لم

يُكمل دينه فيكملوه، ولم يتمَّ نعمته فيَكفروه، أو أنَّ النبي - صلَّى

الله عليه وسلَّم - لم يُبلِّغ الناس كلَّ ما أوحاه الله إليه، أو بلَّغه

ولكن الصحابة لم يَفهموه أو لم يَهدوا الناس إليه... قال تعالى :

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ الكهف



◄ احرص على نظرك وسمعك وجوارحك من الحرام , واجعل

من نفسك منارة للطهر يهتدي بها غيرك , وقدوة صالحة يقتدي بها

من تحبه ويحبك , فإن التورط في الشهوات والإدمان عليها يفسد مشروعك ويضيع مركزك ويذهب أموالك هباء منثورا.

وعليك باللهو في الحلال ففيه غنية عن الحرام ومتعة طاهرة

ولذة تؤجر عليها.



◄إياك ..إياك.. أن تجعل الله تعالى أهون الناظرين إليك ،

تكون عدوا لإبليس في العلانية صديقا له في السر.

(يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا). النساء

يقول ابن رجب الحنبلي عليه رحمة الله :

"خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد

لايطلع عليها الناس" .



◄ تذكر والديك الذين ربياك وسهرا عليك وأنفقا كل

شيء في سبيل سعادتك .وكم أصابهما الهم والحزن لأجلك

فاحرص على برهما والإحسان إليهما ،وصلتهما خاصة في

الكبر .واعلم أن برهما مفتاح النجاح والرزق والسعادة وعقوقهما مفتاح الشر والتعاسة والخذلان.



◄ خطط لمستقبلك وضع أهدافا واضحة وقصيرة المدى تناسب



كل مرحلة .واجعلها أهدافا واقعية تناسب قدراتك وظروفك ... فالفوضى وغياب الرؤية والإخفاق في تحديد الأهداف المناسبة ،

سبب كبير في فشل الشاب وتشتته وضياع الفرص المهمة.



◄ ليكن حفظ القرآن منتهى أملك. فما أكثر الذين أنعم الله عليهم بإتمام حفظ القرآن الكريم..... .فماذا عنك أنت؟

و تذكر أن القرآن سيكون شفيعك في القبر .. وهو المؤنس لك

في ظلمته ،وأنه- كما جاء في الحديث - يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ

الْقِيَامَةِ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ ، فَيَقُولُ لَهُ : هَلْ تَعْرِفُنِي ؟ ، فَيَقُولُ :

مَا أَعْرِفُكَ ، فَيَقُولُ : أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي

الْهَوَاجِرِ ، و َأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ ، إِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ ،

وَإِنِّي الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةِ ، قَالَ : فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ ،

وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ ، وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا يَقُومُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا ، فَيَقُولانِ : بِمَ كُسِينَا هَذَا ؟ ،

فَيُقَالَ لَهُمَا : بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : اقْرَأْ وَاصْعَدْ

فِي دَرَجِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا ، قَالَ : فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا

كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا. السلسلة الصحيحة



◄ جدد إيمانك. فالإيمان يبلى في القلب كما يبلى الثوب ،

جدد إيمانك كما تجدد ثيابك بغسلها وتغييرها، فالعبد يتكلم بكلمة الإيمان ثم يدنسها بسوء أفعاله، فإذا عاد واعتذر ، فقد جدد ما أخلق وطهّر ما دنّس.قال صلى الله عليه وسلم:إنّ

(الإِيمانَ لَيَخْلَقُ في جَوْفِ أحدِكُمْ كما يَخْلَقُ الثَّوْبُ الخَلقُ، فاسْأَلُوا اللَّهَ أن يُجَدِّدَ الإِيمانَ في قُلُوبِكُمْ) حسنه الألباني

تعلم خيرا .. علمه غيرك ..استمع إلى موعظة

..تدبر آية...



◄اجعل أيامك مميزة بأعمال تثقل موازينك:

عد مريضا ، صل رحمك، اتبع جنازة ، امسح على رأس يتيم ،

اسع على أرملة ،انفع الناس ،أنفق مالا، ،تعلم كيف تقرأ القرآن ،

قدم هدية لأبويك... أكثر من الذكر والدعاء في الليل والنهار، فإن الله تعالى يحب الذاكرين ويجيب دعاء الداعين.



◄تخير أصدقاءك، واجتنب صحبة الأشرار و الفاسقين ، ولا تجامل أحدا على حساب دينك وسمعتك ،وابحث عن صاحب الخير الذي يذكرك بفعل الخير وينهاك عن الشر ويدلك على ما ينفعك في

دينك و دنياك .



◄- أعن إخوانك المسلمين في كل مكان بدعائك لهم ، فرب

دعوة في جوف الليل يُفرج بها هم أو يٌنفس بها كرب ، فإن أخاً

لك يشكو الزلازل والأعاصير , وثان يشكو الفقر والجوع ,

و ثالث يشكو الاستبداد والاحتلال والظلم...

فأين أنت منهم ؟



◄سخر ما من الله به عليك من الوسائل الحديثة ( هاتفك المحمول – جهاز تلفازك – حاسوبك – شبكة الانترنيت ...) في فعل الخير وتكثير الحسنات . فهي بين النعمة والنقمة، فكن خير مستثمر لها بشكل ينفعك في دينك ودنياك .واحذر أن تكون نقمة، تجني ويلاتها

في أسفل سافلين.

انطلق بها في مضمار الدعوة إلى الله.واعلم أن لا منزلة تضاهي منزلتها ولا كرامة تعادل كرامة الداعية. قال تعالى:

( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). آل عمران.

لأني أحبكم في الله ومشتاق للقائكم في الجنة إن شاء الله، أعددت هذه المطوية المتواضعة وأرجو الله أن ينتفع بها كاتبها وقارؤها وناشرها آمين.

وليعمل كل على طبع هذه المطوية وتوزيعها، عسى أن تكون سببا فى تبليغ ولو آية عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وتكون له أفضل من حمر النعم.