كلما جلسنا في لقاء بين الأطر التربوية والإدارية في الإعداديات والثانويات التي اشتعلت فيها ( مجموعها سبعة في ثلاث مدن وحاليا في المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بكليميم) أو في الرباط إذا من لقاء يعنى بالتكوين إلا ولاحظت الأفواه تمتلئ بكلمة "المنطق" كما لو أنها "علكة" يسمع صوت فرقعتها تمضغ هنا وهناك من طرف عدد من المتعالمين إلى درجة ترددها ببغائيا بشكل يكاد يقترب من المقدس.
وللإشارة إن "المنطق" يوجد لدى أي إنسان سوي بما فيه الأمي بل حتى الحيوان لديه منطق لأنه من بينه من يرسم طريقه بهندسة تعجز (قد نسميه غريزة في ضعف علومنا وإدراكنا لذكاءات تتجاوز الثلاثين), وهو ما يعني أن الأمر عادي جدا وتقييمه يبقى متوسطا أمام ما يمكن تحقيقه في الاجتهاد تعقلا وذكاء.
فكم من عملية قد تكون منطقية وضعياتيا ولكنها غير سليمة مقارنة مع يفترض.
لقد تولد عن هذا المفهوم المتردد بيننا بهذه النمطية استفحال التفكير الأفقي بما أوقع عجلة الإصلاح في دوران فارغ أبدي يحتاج إلى توقيفه ذلك أن جل المشرفين على العملية هم من خريجي المواد العلمية التي لم تسفع للمملكة لأن تحقق مرتبة تسترها بين الأمم.
قد أفاجئكم إذ أقول لكم على أن ما يجب القيام به والوقوف عنده له سياق فني واحد وللتشكيل في شمولية المعنى holistique-ment حضور قوي على مستوى التعلمات والتكوينات.
وطبعا لا أقصد التشكيل كما صيغ سذاجة في المملكة لتقديمنا كشعوب بدائية ساذجة ولا كما حوصر في الصباغة والنحت المستوردان تجريديا...ولكن أقصده في أكاديميته منذ ليوناردو دي دافينتشي وألبير دوريه كرسامين هندسيين وفيليكس كلين ولوباتشيفسكي كرياضياتي هندسيين ولويس باستور كعالم رسام وستيفان هاوكين كفيزيائي تشكيلي.
هناك إذن ما هو أهم وأكثر حاجة لأن نربي عليه أبناء المجتمع... بما يحرر التفكير من عقم الخيال المبدع الخلاق والمجدد...
فالتشكيل يدرس في الجامعات الدولية المتقدمة التي تسعى لجعل تشهيدها منافسا في الحين أننا نحن نتبجح بتعالمنا التقناوي ونتزين بالتربية الفنية في أحسن أحوالنا المتصنعة المعارف snobe savoir ونسطو على كل مبادرة متحررة كون منطقنا نمط على تقنيات من المسلمات.
ولتقديمكم مثالا عمليا في سياق تنمية التفكير الرياضياتي المبدع إليكم سؤالين بسيطين:
1- في المستوى:
ارسم مستقيمين متقاطعين بحيث إحدى الزوايا تساوي 30 درجة مستعملا المسطرة والكوس والبركار.
2- في الفضاء:
ارسم نفس الشيء في الفضاء على مستوى غير موازي لمستوى الأفاصل والأراتب.
بالتأكيد ستجدون صعوبة وإن هناك استحالة في السؤال الثاني ففقط لأؤكد على أن المتعلم الذي تلقى دروسا تشكيلية سليمة (لا أقصد الزواق باللسان الدارج...) بما فيه بالجامعة سيتمكن من رسم أكثر من ذلك تعقيدا.
فقط أن لا يعتقد أحد على أن هذا عمل مجاني في الصناعات بما فيها الفضائية, فالرسم هنا تفكير وهندسة وبناء وتشكيل.