منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   الأخبار المنوعة (https://www.profvb.com/vb/f3.html)
-   -   الصديقي: المقايسة لأثمان المحروقات.. اختيار تقني لحكومة سياسية (https://www.profvb.com/vb/t128565.html)

صانعة النهضة 2013-09-11 15:34

الصديقي: المقايسة لأثمان المحروقات.. اختيار تقني لحكومة سياسية
 
الصديقي: المقايسة لأثمان المحروقات.. اختيار تقني لحكومة سياسية

http://t1.hespress.com/cache/thumbna..._683950576.jpg
هسبريس من الرباط
الأربعاء 11 شتنبر 2013 - 12:00


أكد الدكتور عبد الرحمان الصديقي، نائب عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، أن "الرفع من أسعار المحروقات في المغرب خلال الظرفية الراهنة سيعمل على رفع تكاليف الإنتاج، ومن ثمة الأسعار، وسيضر بتنافسية منتوجات البلاد، خاصة أن المغرب لا زال يشكو من ضعف تنافسية عوامل الإنتاج الأخرى".
وأبدى الصديقي، في مقال خص به هسبريس، خشيته من أن يتخذ نظام المقايسة الذي يهم إخضاع أسعار المحروقات بالبلاد لأسعارها في الأسواق العالمية، ذريعة للزيادات الفجائية والغير معلنة في غياب عمل المؤسسات الموازية، من قبيل مجلس المنافسة والمصالح المختصة للتأكد من كون الزيادات مبررة اقتصاديا".
وفيما يلي نص مقال الدكتور عبد الرحمان الصديقي كما توصلت به هسبريس:
خرج علينا عبر وسائل الإعلام، الناطق الرسمي للحكومة المغربية يوم الخميس 6 شتنبر ليبشرنا بأن الحكومة ارتأت أخيرا أن تنحو نحو البلدان الليبرالية المنفتحة فيما يخص أسعار المنتوجات الطاقية في محطات البنزين. وسيكون الحل إذن باعتماد "نظام المقايسة النسبية" لأثمان المنتوجات الطاقية (كازوال, بنزين وفيول) على أثمان البترول الخام بالسوق الدولي.
وقال السيد الوزير إن مراجعة الأسعار عند التوزيع ستكون مرتين في الشهر (اليوم الأول منه و اليوم 16)، وأنه كلما حدث ارتفاع أو انخفاض في حدود 2.5 % (باحتساب المتوسط الحسابي المتحرك خلال الشهرين السالفين) سيكون لذلك وقع مباشر على سعر التوزيع، أي دون أن يكون هناك قرار حكومي في هذا الشأن.
هذا الخبر في هذه الظرفية التي يمر بها المغرب اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، يدفعنا لطرح أكثر من سؤال: لماذا اعتماد هذا النظام الآن بالذات ؟ الم تكن هناك خيارات أخرى؟ ألم تخطئ الحكومة تقديراتها وحساباتها بخصوص الانعكاسات السلبية للمسألة على اقتصادنا وتنافسيته؟ وكذا على استقرار البلد؟ كيف لحكومة سياسية جاءت على أسس ومعايير اجتماعية واقتصادية وسياسية أن تبرر قرارا من هذا الحجم باعتماد البراهين التقنية والمحاسباتية؟
نظام المقايسة النسبية "شتنبر 2013"
الواضح أن الحكومة بقرارها هذا عملت على ضرب عصفورين بحجر واحد:
• البدء في ورش إصلاح صندوق المقاصة الذي أصبح يستنزف ميزانية الدولة ويجعلها "بط أعرج" غير قادر على الإيفاء بالتزاماتها ليس فقط الانتخابوي (ولا داعي للتذكير هنا بقضية الحد الأدنى للدخل في حدود 3000 درهم، ومعدل النمو في حدود 7 % وغير ذلك من الوعود التي آنساها الواقع) بل فقط ما التزمت به الحكومة على المدى القصير في قانون المالية لسنة 2013, وخير دليل إلغاء الملايير التي كانت مخصصة للاستثمار العام كمحفز للدينامية الاقتصادية بالبلد ككل، وما كان لهذا القرار من انكماش للطلب العام والعرض الإجمالي للاقتصاد الوطني انعكس سلبا على معدل النمو، الذي لن يتجاوز 2.5 % في أحسن الأحوال.
• الاستجابة لمطالب صندوق النقد الدولي للحصول على القروض، خاصة أن هذا الأخير كان قد انتقد بطء الإصلاحات الاقتصادية بالبلد، وطالب بضرورة إعادة النظر في صندوق المقاصة لتكون المساعدات للفئات المعوزة محددة وموجهة بشكل أرشد.
ألم تكن هناك خيارات أخرى؟
في الحقيقة أن طريقة الإقناع التي اعتمدتها الحكومة لتمرير هذا "القرص" لم تكن صائبة ولا مقنعة تماما، خاصة من طرف حكومة إصلاحية اجتماعية سياسية، تعتمد المنطق الاجتماعي الكينزي "لأنسنة الليبرالية المتوحشة". نعم، لقد اعتمدت الحكومة لغة الأرقام المحاسباتية (التقنية) لتبرير قرارها (الاقتصادي السياسي ـ الاجتماعي) بكون السعر الحالي للنفط في السوق الدولي يفوق بـ 1.2 دولار للبرميل، وبأن ما رصد من ميزانية للدعم قد استنفذ.
للوهلة الأولى يبدو هذا التبرير مقنع (ولكن فقط إذا كان الآمر يتعلق بإنجلترا أو أمريكا)، ولكن حقيقة المغرب هي غير ذلك. كل الدراسات أكدت وتؤكد بأن المغرب لا يخضع بشكل مطلق لتقلبات الظرفية الدولية وأنه يحصل على البترول في إطار الامتياز الخاص للشركة المحتكرة في علاقاتها الخاصة مع دول الخليج. زد على ذلك كون الزمن الذي يمر بين الشراء والنقل والتخزين والتكرير قد يتجاوز 3 أشهر.
أكثر من ذلك ألا يمكن أن نعتبر الإعانات المقدمة للمحروقات بمثابة قروض (للمستهلك والمنتج على السواء) ستعمل لا محالة على خلق مدخرات في المستقبل(les crédits d’aujourd’hui font les dépôts de demain ) من خلال ترويج الاقتصاد وخلق فرص عمل وتوزيع الثروة وخلق النمو. وبذلك تستطيع الدولة أن تسترجع باليمنى (من خلال الضرائب والتحويلات المتعددة) ما أعطته باليسرى. وهذا الشكل قد طبق في المغرب واستطعنا تحقيق معدلات تفوق 6% عوض, 2.5% في ظل سنة فلاحية استثنائية كما هو الشأن هذه السنة.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، كيف تفسر الحكومة أن تكون الضرائب على المنتوجات الطاقية بالمغرب هي جد مرتفعة عن باقي الدول بما فيها الدول المتقدمة كفرنسا واسبانيا في حدود مستويات قد تصل إلى 70% في بعض المنتوجات. بلغة أخرى لماذا اختارت الحكومة أن تزيد في الأسعار، في هذا الوقت الذي لم يستطع الاقتصاد الوطني بعد امتصاص وقع زيادات السنة الماضية عوض التقليص من الضرائب على المنتوجات الطاقية. مع العلم أن نسبة تركيبة تكلفة أسعار المنتوجات الطاقية للسعر النهائي في بعض القطاعات قد تتعدى إلى 50 % من التكلفة الإجمالية للإنتاج.
أظن أن القارئ قد فهم حيث أريد أن أذهب. إن الرفع من أسعار المنتوجات في المغرب وفي هذه الظرفية بالخصوص سيعمل على رفع تكاليف الإنتاج، ومن ثمة الأسعار، وسيضر لا محالة بتنافسية منتوجاتنا، خاصة أن المغرب لا زال يشكو من ضعف تنافسية عوامل الإنتاج الأخرى (المكننة, اليد العاملة وغيرها). إن إنتاجية العامل المغربي أقل بكثير، ليس فقط بالعامل الفرنسي، بل العامل التركي والروماني والبلغاري بل حتى التونسي. النتيجة الحتمية لكل ما أسلفنا انكماش معدلات النمو، كما ينبئ بذلك أغلب الاقتصاديين.
التضخم والسلم الاجتماعي
بما أن العنصر الطاقي يدخل في تركيبة تكلفة الإنتاج، كما أسلفنا، لكل القطاعات فالبديهي أن نعيش حالة ارتفاع شامل ومعمم للأسعار في البلد, وهي الحالة التي يسميها الاقتصاديون بالتضخم عن طريق العرض، أي عن طريق ارتفاع تكلفة أحد عوامل الإنتاج. قد يحاول بنك المغرب في مرحلة أولى امتصاص هذا التضخم من خلال حبس السيولة، ولكن من شأن ذلك على المدى المتوسط خنق الاقتصاد الوطني لغياب الطلب.
التضخم يعني انكماش القدرات الشرائية للمواطنين. وإذا علمنا بأن كل الحوارات الاجتماعية قد عطلت منذ مجيء الحكومة الحالية فلكم أن تتصوروا معي كيف ستستطيع هذه الحكومة في صيغتها الثانية الغير متجانسة أن تشتري السلم الاجتماعي بالاعتماد فقط على الحس الوطني والنضالي. وإذا انعدم السلم الاجتماعي انعدم معه كل شيء. ألم يكن دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام لمكة وأهلها "رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً" ثم استرسل بالدعاء بعد ذلك بالرزق والطعام "وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ.." وفي ذلك رمزية كبرى. إذا انعدم الأمن انعدم الرزق والاقتصاد والسياسة والتنمية.
ما نخشاه جميعا في إطار هذا الإصلاح الجزئي لصندوق المقاصة هو أن تتخذ الزيادات النصف شهرية - (أقول الزيادات وليس الانخفاضات لأن طبول الحرب في الشرق الأوسط والخليج العربي لن تجعل الأسعار تنخفض غدا، وسيظل المضاربون على أعصابهم، والمواطن وحده من سيدفع الثمن)- ذريعة للزيادات الفجائية والغير معلنة في غياب عمل المؤسسات الموازية؛ كمجلس المنافسة والمصالح المختصة؛ للتأكد من كون الزيادات مبررة اقتصاديا، خاصة أننا لا زلنا نعيش وقع الزيادات الغير مبررة في أسعار الحليب، ماذا سنقول حين ستصبح الزيادات شهرية أو نصف شهرية.



الساعة الآن 12:09

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd