منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   منتدى أخبار التربية والتعليم (https://www.profvb.com/vb/f13.html)
-   -   »نحن الدكاترة..«! أو الباحثون الأشباح.. (https://www.profvb.com/vb/t12838.html)

ابن خلدون 2009-12-19 06:29

»نحن الدكاترة..«! أو الباحثون الأشباح..
 
»نحن الدكاترة..«! أو الباحثون الأشباح..



لاأكره من لفظة عندي أكثر من «دكتور» التي سئمتها، وصارت مقرفة ومثيرة للغثيان بفعل الابتذال الذي طالها، حتى صار العامة يستهزئون بكل حامل لها. وقد سمعت كثيرا هذه العبارة من «المدرسين الجامعيين» [ولم أسمعها من أساتذتنا الأجلاء] ومن الطلبة ومن عدد من «حاملي الشهادات المعطلين» الذين يعتصمون أمام أبواب الإدرات العمومية، ويرفعون ما تبقى من الشعارات التي حفظوها في ساحات الكليات، وهناك جمعيات صارت تحمل أسماء من قبيل «دكاترة وزارة التربية..».. والبقية ستأتي..!.. وقد ظلت تطرق «هذه العبارة» - نحن الدكاترة - أذني وزاد رنينها في الأشهر الأخيرة، حيث كنت أتابع «ثقافة» المجموعات التي برع فيها الخريجون الذين يتوسلون العمل من أذناب البشر وأنصاف المسؤولين.. ومن كثرة ترديد هذه اللفظة، التي كان لها من القيمة الرمزية ما يدفع الجميع إلى احترام صاحبها، صارت اليوم، كلمة مخجلة ولم تعد تحمل غير دلالة الفقر العلمي، والبؤس المادي، والتكبر، والفساد بكل أنواعه، والتحرش الجنسي، وما ينتمي إلى الحقل الدلالي للانهيار والتراجع..
فهؤلاء الذين لا يتركون مناسبة إلا كتبوا هذه اللفظة، وأشهروها كسيف في وجه كل من سولت له نفسه أن يعاملهم كأفراد داخل المجتمع، أفرغوا الكلمة من دلالتها، وفي الوقت الذي يحالون فيه استغلالها من أجل إضفاء قيمة مضافة لمكانتهم، يكونوا قد خرقوا أول قيمة ومبدإ لهذا «التيطر»..
ما معنى أن يكون الشخص حاملا لشهادة الدكتوراه؟.. معناه أن يكون حاملا لمشروع معرفي أوفكري، بمعنى آخر أن تكون له «أطروحة» يحاول أن يبلورها ويفتح بابا إشكاليا لقضية تحت الظل،لا أن يستجدي بها، أو يجعل منها وظيفة في بطاقة هويته، فهي شهادة علمية وليست دبلوما تقنيا أو مهنيا.. لأن الحامل لمشروع أو أطروحة هو مسؤول أمام القيم العلمية والمعرفية، ثم مسؤول أمام التاريخ والمجتمع، وأن يكون له «موقف المواقف» من كل شيء في الحياة، من السياسة إلى الجنس والدين والرموز والموسيقى والفنون واللغة والفنون؛ ينبغي أن يكون له رأي وموقف، أي أن تكون له نظرة خاصة للعالم، لأن الأطروحة هي سؤال، هي إثارة أسئلة، تفجير قضية من الداخل، وإعادة النظر في حقائق كان مسلما بها في السابق.. لذلك كان أساتذتنا- احتراما للعلم ولمكانتهم وللشهادة- لا يتسرعون في «تحرير» الجمل من أجل الحصول على الشهادة، ولذلك كم من أستاذ أحيل على التقاعد دون أن ينال درجة «الدكتوراه»، وهو بذلك على وعي عميق بما يفعله... أما الذين يحاولون الإجابة عن سؤال في بحث ويلبسون الجينز أيام الأسبوع ويستبدلونه بالجلباب الأبيض ويتأبطون سجاداتهم ويذهبون يوم الجمعة إلى المسجد وينهون عن المنكر بمالهم ولسانهم، ويوم السبت يعربدون ويسهرون، هم وحدهم الذين لهم الحق في أن يقولوا «نحن الدكاترة»..!
للأسف، اليوم، صار كل بارع في ثقافة القص واللصق بمستطاعه أن يحصل على ورقة يكتب عليها اسمه وفي الأعلى «دكتور»!! وصار من السهل على الذين يملكون المال أن يحصلوا على كل الشهادات، أو كما قال أحد الكوارث البشرية الذي كان منتخبا وممثلا للمدينة في السابق، «الشّْوَاهْدْ»، لأنه فعلا حا صل على الشّْواهدْ وليس على الشهادات.. وقد تتبع العديد الفضيحة الكبرى التي أثارتها الصحافة الأمريكية حيث أوردت خبرا مفاده أن العديد من المسؤولين والوزراء في دول عربية اشتروا الشهادات من بعض الجامعات، وهذا ليس بغريب، ونحن في انتظار الإعلان لاحقا عن بعض هذه الأسماء، إن كان يستحيل الإعلان عنها كلها..
فقد سبق لي أن زرت جامعة ليل العريقة، منذ أحد عشر عاما، وكان مرافقي يعد بحثا في علم النفس، وبينما نحن في المطعم الجامعي جاء صديق مغربي له، وجلس إلى جانبه يتحدث معه حول مبالغ متبقية للدفع، ومبالغ استلمها، ثم تناقشا معا حول موضوع صديق لهما كان بصدد التحضير لرسالة في القانون العام، وفرنسيته ضعيفة للغاية، نظر صديق مرافقي إليه وقال: «لكل عمل أجره»!
طبعا أنا أعرف كيف نال العديد، بل أغلب، حاملي الشهادات الذين يعودون إلى البلد من المهجر، خصوصا في العلوم الاجتماعية والإنسانية، والطريقة التي كتبوا بها أشباح «الرسائل». فالوطن ليس فيه أشباح الموظفين فقط، أو الموظفين الأشباح، بل هناك الباحثين الأشباح، وهذه الأشباح هي التي ينبغي لنا جميعا أن «نشمر» على سواعدنا من أجل تسليط الضوء عليها حتى نضع حدا للرهبة التي تصنعها -هذه الأشباح- في أذهان المتلقين والطلبة والمتتبعين للمشهد الثقافي.. إذ هناك من يتبجح بحصوله على شهادات من بلدان غربية وهم في الواقع لم يكتبوا ولم يقرأوا ولم ينقحوا.. وهو ما يفضح العديد من «الأشباح» الذين يفاجئونك بلغتهم الفرنسية (أو الإسبانية) الرديئة فتستغرب لهم كيف قضوا سنوات في دولة أوربية ودرسوا بها ولكنهم لم يستفيدوا لا من حضارتها ولا من لغتها ولا من معارفها، الأمر الذي يكشف أنهم كانوا طوال المدة التي قضوها في المهجر، نوادلا أو غسالة أوان في المطاعم لتوفير المبالغ الكافية لدفعها مقابل من يقوم بالكتابة (Les negres) نيابة عنهم. فهناك بعض الأشخاص الذين احترفوا هذه المهنة في الدول الغربية، غير أن الجديد في الأمر هو أن هذه الحرفة قد صارت في الوطن أيضا. لدينا اليوم، للأسف، احترافيون في صناعة «الرسائل» الجامعية، إلى جانب اللصوص الذين يسطون على رسائل فيغيرون العناوين ويلصقون فصولا من رسائل، ومقدمة من رسالة، وحتى الإهداء يُسرقُ..!!
والواقع، أنني لم أكن على علم بهذه المهنة في البلد، إلا يوم اتصلت بي صديقة قديمة لي، واجهت صعوبات جمة لإعداد رسالتها، وطلبت مني، في البداية مساعدتها، فرحبت بالطلب، وفور توصلي ببعض وريقاتها سارعت بقراءة وكتابة الحواشي وبعض الملاحظات، لكنها فاجأتني حين أعادت الاتصال بي وهي تبكي عبرالهاتف طالبة مني أن أطلب أي ثمن مقابل أن أحضر لها الرسالة نيابة عنها في ظرف ستة أشهر، لأن الأجل المتبقي لم يعد يتجاوز المدة الممنوحة لي .. وكانت تقول لي: «اطلب ما تشاء..!»..
أخذت أوراقها وأعدتها لها عبر البريد السريع في اليوم الموالي، ولم أعد على تواصل معها.. وحين اتصلت بأحد الأصدقاء وحكيت له ما حدث لي، فاجأني بأنه سبق له أن عاش أكثر من حادث، وهوما كان سببا في عدة عداوات حدثت له مع بعض من كان يحترمهم.. وزاد قائلا: «هذا أمر صار معمول به اليوم وهي سلعة رائجة»!!
كما اتصل بي أحد الأصدقاء مخبرا إياي، بأن طالبا بإحدى كليات الحقوق قد نال نقطة 17 على عشرين على بحثه قبل أن يقدمه للكلية، وقد أخبره صاحب البحث قائلا «الله يجعل البركة فالفلوس..!» وهذا البحث لا يحترم أدنى شروط البحث، وقد نال به مسبقا شهادة الماستر في القانون (خ)..!!؟.
فأنت، حين تأخذ بين يديك بعض كراسات المدرسين، في بعض الكليات، تجد اسم صاحب الكراس أصغر (من حيث حجم البنط) أما عبارة «دكتور دولة في......» فتكون بارزة وواضحة، وكأن أصحاب هذه الكراسات يقدمون ملفاتهم لمصالح المالية للرفع من راتبهم!! والحال أننا لانعثر في كتب رواد الفكر والحركات النقدية والفلسفية على صفة أصحابها، فنقرأ أمبرطو إيكو، وفوكو، وريكور، وديردا، وباختين.. لأنهم اعتبروا، دائما، أن بحوثهم لنيل الشهادات لم تكن سوى عتبات لدخول مجال البحث ونحت السؤال..! ولم يكونوا يهرولون وراء الصفة بأي ثمن..
وما يزيد الأمر حسرة على الجامعة الوطنية، كون بعض الكليات استوردت البذلة (البهذلة) وجعلتها رسمية يوم المناقشة، وتصير الهيئة المدفوعة الأجر مسبقا، عبارة عن شخصيات في وضع مسرحي باهت ورديء للغاية.. وهنا لا داعي لاستحضار البعد التاريخي والوظيفي للبذلة في الجامعات العالمية المحترمة، وإنما يهمني أن أعيد قراءة السينوغرافيا الرديئة للمناقشات في بعض الكليات التي تصنف على مسافة بعيدة عن مثيلاتها، وماتحت الدرجة الرابعة، والهيئة والطالب يرتدون «الرداء» وهم لا يعرفون دلالته ومعناه.. لماذا ذلك اللون؟ لماذا ذلك اللباس؟ وهل تتوفر فيه أدنى مواصفات النظافة الأخلاقية (والعادية أي هل يتم تصبين هذه البهذلات)؟ إنهم غربان بالمعنى الذي يحمله المخيال الشعبي عن هذا الطائر الأسود...!
تأتي لجنة المناقشة، وتختفي وراء هذه الملابس، التي لا معنى لها في واقع الجامعة المغربية، وهي تخفي من تحتها روائح زيت الزيتون، وروائح البقالة، والسمسرة، ويجلس السفهاء وهو يعظون ويتحدثون عن العلم و«المنهجية» و«المشاكل السياسية الكبرى» والمصطلحات، ويتحول المشرف إلى منتقد للبحث الذي يتحمل قسطا وافرا من المسؤولية عليه، ثم يقفون أمام آلة التصوير، فتؤخذ الصور تذكارا لمسرحية أبدعت بارتجال بلاغي كان مخرجها المال والفساد..!
و يصدق على هؤلاء الدكاترة الجهلة قول المرحوم محمد الشرفي: «إن الثقافة السيئة أشد بما لايقدر خطرا من الجهل، ذلك أن الجهلة متواضعون ولئن كانوا أصحاب حاجات مشروعة فإنهم ليسوا من أصحاب الادعاءات الخرقاء. أما أصحاب الثقافة السيئة فهم يعتقدون أنهم يعرفون كل شيء وإذا ما تكاثرت أعدادهم ذهب بهم الظن إلى أن لهم الحق في أن يسودوا كل شيء. وفي البلدان “المتأخرة” أي النامية، كما يقال، يرتكز أصحاب الثقافة السيئة-عندما يتمردون- على دوافع أساسها الجهل، وتمردهم يزيد ذلك التخلف استفحالا».
وقد كان من الأفضل أن تحذف هذه الكلمة من القاموس العربي، وتكتفي الجامعات بثقافة الفقيه والمريد و«التحريرة»، إلى أن نجد مخرجا لهذه «الحريرة»!


abouimane 2009-12-19 09:56

رد: »نحن الدكاترة..«! أو الباحثون الأشباح..
 
شكرا على الخبر
نسأل الله التوفيق لحملة الشواهد المغاربة

eljamil2000 2009-12-19 14:28

رد: »نحن الدكاترة..«! أو الباحثون الأشباح..
 
درءا للضرر و صونا للنفس عن أن تتهم (الفعل مبني للمجهول) بالكبر، و حفظا من سوء تلقاعة (و ليت المعني يفهم هذه الكلمة) عدلت عن نشر سيرتي، كفانا الله شر "التوابع و ناثري الزوابع" و من تتبع عورات الناس فضح الله عوراته

الطائر الأزرق 2010-01-17 11:16

رد: »نحن الدكاترة..«! أو الباحثون الأشباح..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة eljamil2000 (المشاركة 54974)
je vous laisse visiter mon cv en ligne et à vous de juger qu'est ce qui manque à nous pour qu'on soit mieux placer pour mieux s'impliquer




و الله ولي التوفيق

من تواضع لله رفعه: بنهج السيرة هذا يمكن للمرء أن يصبح كاتبا عاما بوزارة الثقافة أو مديرا مركزيا بإحدى المصالح الوزارية أو مدير أبحاث بإحدى المؤسسات البحثية وليس مجرد أستاذ بثانويات نيابة تيزنيت.....

eljamil2000 2010-01-17 16:30

رد: »نحن الدكاترة..«! أو الباحثون الأشباح..
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطائر الأزرق (المشاركة 63901)
من تواضع لله رفعه: بنهج السيرة هذا يمكن للمرء أن يصبح كاتبا عاما بوزارة الثقافة أو مديرا مركزيا بإحدى المصالح الوزارية أو مدير أبحاث بإحدى المؤسسات البحثية وليس مجرد أستاذ بثانويات نيابة تيزنيت.....


مجرد أستاذ؟ و الله أمر يدعو إلى الضحك،أو لم يقل الشاعر : كاد المعلم أن يكون رسولا؟
كفى بقوله شرفا أن يكون المرء أستاذا، و ليتك تعرف ما تعنيه كلمة أستاذ ...
هههه مجرد أستاذ ... إنا لله و إنا إليه راجعون


الساعة الآن 13:34

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd