2013-09-02, 15:04
|
رقم المشاركة : 6 |
إحصائية
العضو | | | رد: صفات المعلم الناجح: | تقديم
عند مناقشة دور المعلم في العملية التعليمية تبرز قضية الآهلية والتأهيل
وأهميتهما كمحاور أساسية لا يمكن غض النظر عنها .و القول بأن المعلم
المثالي يجب أن يحمل صفات الآهلية كاملة ومن جميع النواحي العلمية و التربوية و الثقافية
و النفسية و حتى العضوية قول يطيب سماعه ، ولكنه – في الواقع- يحتاج إلى تكاثف جهود
وتعاون أطراف عدة ينبغي أن تتصف أولاً بالآهلية للقيام بأعمالها. فالمعلم – أيا كان تخصصه
و المرحلة المعد بممارسة مهنة التدريس بها – ليس آلة يمكن تزويدها بالوقود اللازم لتأدية
غرض ما بطريقة ما ،وممارسة دور الإشراف عليها و مراقبتها و تقييمها , و متما ما فقدت هذه الآلة
القدرة على العمل تم تهميشها واستبدالها بغيرها ,لان المعلم كائن بشرى يمكن ان تؤثر فى سلوكياته
الحياتية بصفة عامة وسلوكياته العملية بصفة خاصة مجموعة من المؤثرات الاجتماعية و
النفسية و البيئية و الاقتصادية, و بالتالى فتشبيه المعلم بالآلة يبقى كلاما إنشائيا لا
يستند إلى أى قاعدة علمية. و إذا اتفقنا على أن التلميذ في حاجة دائمة للمساعدة من قبل
المعلم ، فإنه من المسلم به أن نتفق على أن المعلم في حاجة مستديمة و ملحة في بعض
الأحيان لمساعدة أطراف أخرى تنتمي للعملية التعليمية بطريق أو بأخرى . جزء صغير من حجم
هذه المساعدة تتكفل به الجامعة أو المؤسسة المؤهلة للمعلم , و هذا ما يطلق عليه
التأهيل أو الإعداد المبكر و الذي لا يمكن أن يضمن النجاح الدائم مهما كان معيار
التطور فيه .تشير هذه الورقة إلى هذا النوع من التأهيل باصطلاح الآهلية. أما النوع
الثاني من التأهيل فتتكفل به الأطراف التعليمية الأخرى من إدارة المدرسة إلى اللجنة
الشعبية للتعليم بإداراتها المختلفة مرورا بنقابة المعلمين . و هذا هو الجزء المكمل
والمهم .وهو ما تشير له هذه الورقة البحثية بمصطلح إعادة التأهيل .
وإذا كان الهدف في نهاية المطاف هو خلق المعلم المثالي فإن الطريق المتاح والوحيد لبلوغ
ذلك الهدف النبيل هو خلق مؤسسة مؤهلة مثالية وإدارة مدرسية مثالية وخلف أمانة تعليم
مثالية تدير العملية التعليمية بكفاءة عالية وخلق نقابة معلمين مثالية لا تمثل دور
الملاذ المؤقت لوقوع الظلم على المعلم ، و إنما ترقى لتمثل دور الداعم التربوي المتجدد.
هذه الورقة البحثية تحاول كشف الأبعاد الحقيقية لإمكانية الوصول إلى خلق المعلم المثالي
، وتحاول سبر أغوار الطريق المؤدي إلى ذلك الهدف .
تعتمد الورقة المنهج الوصفي كآلية للبحث معتمدة على بعض المراجع التربوية وخبرة الباحث
المتواضعة التي امتدت لأكثر من عقد من الزمن وفي مراحل مختلفة .
ويمكن استعراض ما تضمنته هذه الورقة في النقاط التالية :-
- خصائص المعلم المثالي .
- الآهلية وإعادة التأهيل وأهميتهما .
والله الموفق
خصائص المعلم المثالي
يفترض على أغلب من يحمل صفة معلم ـ إن لم يكن الكل ـ أن يكون حاصلاً على إجازة علمية
تؤهله للقيام بمهنة التدريس .
يتم الحصول على هذه الإجازة ـ في أغلب الأحيان ـ من جامعة أو من معهد إعداد معلمين سواء
أكان معهد عالي أو متوسط أو من مركز مهني ، وقد تكون متطلبات هذه الإجازة مركزة على
النواحي العلمية والتربوية ومبتعدة بعض الشيء عن النواحي المهنية .
بيد أن ممارسة مهنة التدريس قد تطلب أكثر من مجرد إجازة أياً كان نوعها وجهة الحصول
عليها ، ويمكن القول بأن الإجازة المؤهلة للتدريس لا تعدو أن تكون رخصة يجب أن تحمل في
طياتها خصائص مميزة يمكن تحليلها في الآتي وهو ما يطلق عليه ملف المعلم المثالي (أنظر
1995 David Cross : ) .
1- المستوى العلمي : يتمثل المستوى العلمي في امتلاك القدر الكافي من المادة العلمية في
مجال التخصص ، وهذا القدر يضمن إمكانية حل المشكلات العلمية التي قد تصادف في المنهج
المقرر ،و إيجاد البدائل المناسبة للوصول إلى أرقى معدل من الاستيعاب لدى المتلقي .
تقوم المؤسسة المؤهلة بدور المسئول عن تزويد المعلم بهذا المستوى ، فمن خلال برنامج
المؤسسة المؤهلة يتلقى المعلم أساسيات التخصص العلمية إضافة إلى دقائق ذلك التخصص .
ولكن ماذا لو لم تفي المؤسسة المؤهلة بالدعم العلمي المطلوب ومنحت الإجازة بمجرد الحصول
على الحد الأدنى من المستوى العلمي؟ واعتمدت خطط الكم وتجاهلت خطط الكيف .
في هذه الحالة سوف يتأثر ـ ولا شك ـ أسلوب التدريس المثالي ، وسوف يتم لتعويض عن هذا
النقص بأساليب بعيدة تربوياً عن مجال التدريس . في استبيان أعد لدراسة تدريس مهارة
الكتابة باللغة الإنجليزية تبين أن أغلب المعلمون الذين يقومون بتدريس هذه المهارة لم
يتعرضوا لدراسة نظريات الكتابة وتقنياتها وطرق علاج مشاكلها . وبدلاً من ذلك ـ كما يؤكد
المستهدفون من الاستبيان ـ تم تعريضهم لممارسة الكتابة أثناء دراستهم التأهيلية ،
وبالتالي أصبحوا كتاباً جيدين وليسوا مدرسوا كتابة جيدين . ( انظر Naserdin : 2007) .
إن مثل هذه الثغرة في برامج المؤسسات المؤهلة قد يهدم عملية إعداد المعلم في طور مبكر
جداً اعتماداً على صحة نظرية فاقد الشيء لا يعطيه . ولهذا أوصى الباحث بضرورة استيفاء
المناهج المعدة لتأهيل المعلمين بكافة الشروط العلمية المطلوبة ، وضرورة وضع الاعتبار
لكافة الجوانب العلمية وزيادة معدل اجتياز المادة العلمية بنجاح من 50% إلى 65% أو حتى
أعلى من ذلك .
إن الأثر السلبي الناتج عن نقص المادة العلمية يظهر جلياً في معاملة المعلم للتلاميذ في
ما يسمى بردة الفعل السلبية (Negative Reaction ) لتعويض النقص العلمي . وتتمثل ردة
الفعل السلبية في أسلوب العقاب .
2- الآهلية المهنية : تتمثل الآهلية المهنية في التميز في السلوك التربوي والإلمام
بخصائص ذلك السلوك من القدرة على التعامل مع الآخرين في الظروف المختلفة واستيعاب
الاختلافات الثقافية والدرجات الإدارية . هذا التميز يتولد في الغالب من الاحتكاك
المباشر بالوسط التعليمي واكتساب الخبرات المختلفة في المواقف المختلفة .
إن الآهلية المهنية لا تضمن الوصول إلى أعلى درجاتها جهة بعينها بل تشترك كل الجهات
تقريباً في تزويد المعلم بها ، فالمؤسسات المعدة للمعلم تضع حجر الزاوية في هذه الآهلية
من حيث إكساب المعلم المهارات التربوية الأساسية وطرق وحيثيات التدريس والمناهج
ومميزاتها وعيوبها وأوجه القصور فيها .
وتقوم الإدارة المدرسية بإضافة حجر آخر في البناء المهني عن طريق توفير ظروف الراحة
للمعلم وتزويده بما يحتاج من وسائل مساعدة له في أداء عمله . وتقوم اللجنة الشعبية
للتعليم ببقية البناء المهني من حيث إيجاد الحوافز المشجعة وإقامة الدورات لرفع الكفاية
المهنية للمعلم وترشيده وتوجيهه لضخ التجارب والخبرات عن طريق الموجهين والمفتشين
وتوعيته بالمسئوليات وضرورة إدراك أحجامها عن طريق مكتب التقويم والقياس . ويترك لنقابة المعلمين دور توطيد العلاقة الحميمة بين المعلم والدوائر الأخرى المحيطة بالعملية
التعليمية استكمالاً للبناء المهني .
إن أي خلل في أداء هذه الأدوار قد يتسبب في مشاكل لا حصر لها . الملاحظ (ملاحظة الباحث)
أن بعض الجهات تعتمد اعتماداً كلياً على جهات أخرى في القيام بأدوار التأهيل المهني .
فالجامعة أو المؤسسة المؤهلة تكتفي ببعض الأساسيات وتترك التفاصيل للإدارة المدرسية ،
فيما تلقي الإدارة المدرسية باللائمة على الجهة المؤسسة من جهة وعلى اللجنة الشعبية
للتعليم من جهة أخرى لتؤدي دوراً في حلقة مفرغة . مفاد هذا الدور القرارات الارتجالية
والتفنن في أساليب الضبط والربط وممارسة دور المشرف الفوقي . وتقوم أمانة اللجنة
الشعبية للتعليم بدور المشرف الأعلى الذي لا يضع الخطط بل يضع الضوابط ، ومن أمثلة ذلك
الموجه الذي لا يقوم بدور المنشط والمحفز والمرشد بل يكتفي بدور الممتحن الذي يقيس الكم
ولا يعطي أي أهمية للكيف ، ومن أمثلة ذلك أيضاً إدارة المناهج التي تصدر قرارات توزيع
المناهج وعدد الحصص دون أي رجوع للمعلم أو الإدارة المدرسية (الأمثلة كثيرة . الباحث) .
إن مثل هذه الاعتبارات السلبية يمكن أن تقلب العملية التعليمية رأساً على عقب وبدلاً من
إتباع وسيلة المساعدة تتبع وسيلة المحاسبة ، فيعوض المعلم النقص المهني بإتباع الأسلوب
التخميني أو الافتراضي أو ما يعرف ب Interactive Reaction ) مفاد هذا الأسلوب هو التخبط
العشوائي بين المتغيرات بمعنى افتراض المعلم بأن يقوم بعمل (س) لكي يزيد مستوى التحصيل
لدى (ص) .
3- الاستعداد النفسي :- يتمثل الاستعداد النفسي للمعلم في قابليته لأداء دوره في عملية
التدريس ومدى مرونته ومكونات شخصيته التي تؤهله للقيام بذلك الدور . إن الاستعداد
النفسي للمعلم بالأهمية بمكان للتأثير في العملية التعليمية . ويعاب على المؤسسات
المؤهلة للمعلمين عدم أخذ هذه الأهمية موضع البحث والتدقيق وبالتالي تكون مخرجات تلك
المؤسسات كمية وليست كيفية . وهذا يؤدي إلى وجود المعلم الغير مؤهل نفسياً داخل حجرة
الدراسة مما يترتب عنه اللجوء إلى الحلول التلفيقية للمشاكل المتوقع حدوثها . ويمكن
القول بأن المرض النفسي المسمى بالإسقاط قد ينتشر بطريقة تصعب أمامها أي محاولة للعلاج
. فالمعلم قد يعلل عيوب تدريسه بإنكارها جملة وتفصيلا ؛ لأنه يتوقع أن درجة الامتياز
التي تخرج بها كفيلة بأن تنفي عنه أي عيب ، في حين يكون ذلك الإنكار مجرد أمر ليس له
علاقة بموضوع العيوب من الأساس والتحليل خاطئ منذ البداية . الافتقار للاستعداد النفسي
هو السبب المنطقي والمقبول لمثل هذه العيوب ( انظر David Cross:1995] : .
إن محاولة إيجاد الحل لمثل هذه العيوب تبدأ في المؤسسة المؤهلة للمعلم . بيد أن إمكانية
التعويض بحلول بديلة تكون متاحة في المراحل المتقدمة من ممارسة مهنة التدريس . فتكثيف
البرامج التوعوية وتحويلها إلى برامج عمل متواصلة من خلال الدورات التأهيلية يضمن
الوصول إلى خلق المعلم المستعد نفسياً لأداء المهمة التدريسية باقتدار . ويمكننا القول
بان نقص الاستعداد النفسي أو انعدامه يؤدي إلى أسلوب التعويض العكسي (Opposite
Reaction) المتمثل بكثرة الغياب عن الفصل الدراسي وعدم الحضور الذهني في حالات الحضور
المادي ، بمعنى عدم إعطاء المهنة أي اهتمام بما ينعكس سلباً على مستوى التحصيل العلمي . | آخر تعديل خادم المنتدى يوم 2013-09-02 في 15:07. |
| |