2013-08-30, 11:01
|
رقم المشاركة : 107 |
إحصائية
العضو | | | رد: مذهبنا المالكي | سادسا: مصادر خليل في مختصره.
تعددت مصادر خليل في كتابه، فلم يعتمد على مصدر واحد، بل استقى مادة تأليفه من أمهات كتب المالكية، كالمدونة والتهذيب والنوادر والزيادات وعقد الجواهر والتلقين وغيرها، وقد حاول الشيخ المواق في شرحه على المختصر استجلاء النصوص التي اتكأ خليل عليها، فكانت شاهدة على صحة نقوله ووفرتها.
أما أهمها فهي التي أشار إليها في مقدمته حيث قال: (( ..مشيرا بفيها للمدونة، وبأول إلى اختلاف شارحيها في فهمها وبالاختيار للّخمي لكن إن كان بصيغة الفعل فذلك لاختياره هو في نفسه، وبالاسم فذلك لاختياره من الخلاف، وبالترجيح لابن يونس كذلك،وبالظهور لابن رشد كذلك، وبالقول للمازري كذلك)). 1: المدونة:
وهي أهم مصنف بعد الموطأ، إذ تعد الأصل الثاني المعتمد في معرفة الفقه المالكي، ومرجع جميع الفقهاء في نقل أقوال مالك وابن القاسم قديما وحديثا.
تنسب المدونة إلى الإمام مالك، فيقال: مدونة الإمام مالك، باعتبار أنّ أغلب الأقوال الواردة فيها هي أقوال الإمام، وقد تنسب إلى ابن القاسم، باعتبار أنّه ناقل لكلام مالك وآرائه، ويسميها البعض ( مدونة سحنون الكبرى )، و( المدونة الكبرى) و( المختلطة)، و( الأم ).
وأصل المدونة هي مسائل أسد بن الفرات التي تدارسها في العراق مع محمد بن الحسن صاحب الإمام أبي حنيفة، ثمّ ردها إلى الفقه المالكي بمساعدة ابن القاسم، وقد أخذها عنه سحنون وراجعها على ابن القاسم، وقام بتبويبها وتهذيبها وأضاف إليها الكثير من الأحاديث والآثار، قال الحطاب: (( وألحق فيها من خلاف أصحاب مالك ما اختاره، فعل ذلك بكتب منها، وبقيت منها كتب على حالها مختلطة، مات قبل أن ينظر فيها، ولأجل ذلك تمسى المدونة والمختلطة)).
اهتم علماء المالكية بالمدونة، فوضعوا لها شروحا كثيرة كما قام البعض باختصارها.
وكان من أهم مختصراتها وأكثرها شيوعا هو كتاب ( التهذيب ) لخلف أبي القاسم محمد البراذعي أحد حفّاظ المذهب، ألّفه في القرن الرابع الهجري ويعرف الكتاب بالتهذيب، وذكره صاحب الديباج باسم ( التهذيب في اختصار المدونة).
رتّب البراذعي كتابه على تنسيق المدونة، واتّبع أسلوب أبي زيد القيرواني في رسالته، وقد مشى خليل على نفس الترتيب باعتبار مختصره آخر حلقة من مجموع مختصرات بدأت بكتاب التهذيب.
اشتهر التهذيب بين الناس وصار معتمدهم في التدريس والفتوى، حتى أصبح يطلق عليه لفظ ( المدونة )، قال القاضي عياض: (( ظهرت بركة هذا الكتاب على طلبة الفقه ، وتيمنوا بدرسه وحفظه ، وعليه معول أكثرهم بالمغرب والأندلس )). 2: كتاب التبصرة.
للإمام أبي الحسن على بن محمد القيرواني ( ت488هـ)
من أهم الشروح التي وضعت على المدونة، وهو عبارة عن تعليق كبير شرح به اللّخمي المدونة وضمّ فيه تقييدات كثيرة، وآراء فقهية خرج بها عن المذهب، ومجمل القول في التبصرة نجمله في النقاط التالية:
-أن اللّخمي اشتهر بخروجه عن المذهب في بعض المسائل، قال صاحب نيل الابتهاج في سياق ترجمته للّخمي: (( مغري بتخريج الخلاف في المذهب واستقراء الأقوال، وربما تبع نظره فخالف المذهب فيما ترج عنده فخرجت اختياراته في الكثير عن قواعد المذهب))، قال الهلالي ناقلا عن عياض في المدارك ( وللّخمي اختيارات خرج بكثير منها عن المذهب)) ، بل ذهب بعضهم إلى القول بأنّ اللّخمي مزق المذهب بسب هذه الاختيارات.
- أنّ التبصرة لم تصحح عليه، وقد أشار الونشريسي في المعيار نقلا عن أبي عبد الله المقري: (( أن أهل المئة السادسة وصدر السابعة كانوا لا يسغون الفتوى من تبصرته، لكونه لم تصحح عليه ولم تأخذ منه )).
غير أن هذا الانتقاد مع مطلع القرن الثامن وما بعده، صار محلّ رد ورفض من كثير من العلماء ، فابن عرفة وخليل وابن الحاجب وغيرهم اعتمدوا على التبصرة في الفتوى، بل نجد ابن الحاجب نقل في كتابه (جامع الأمّهات) ما يقرب من تسعة وأربعين تخريجا فقهيا للّخمي.
فقواعد المذهب لا تحجر على الفقيه الذي يمتلك وسائل الاجتهاد أن يجتهد وينتقي من المسائل، ولو أدى به ذلك إلى الخروج عن قواعد المذهب، أضف إلى ذلك أنّ معظم اختيارات اللّخمي تتبعها بعض العلماء، وخاصّة ابن بشير في كتابه التنبيه والتوجيه، إذ بنى تأليفه هذا على مراجعة آراء اللّخمي ، والشيخ خليل في كتابه التوضيح وكتابه المناسك لا يذكر – في الغالب - نصّ اللّخمي إلاّ وعقّب عليه بآراء ابن بشير. 3: كتاب الجامع.
لأبي بكر محمد بن عبد الله بن يونس التميمي الصقلي (514هـ)وهو تلميذ الشيخ اللّخمى، قالالحطاب في وصف كتابه: ((وألف كتابا جامعا لمسائل المدونة وأضاف إليها غيرها من النوادر وغير ذلك وعليه اعتمد طلبة العلم للمذاكرة)). 4: شرح التلقين.
لأبي عبد الله محمد بن علي التميمي المعروف بالإمام (ت 536هـ)
شرح به كتاب التلقين للقاضي عبد الوهاب، وطريقته في الشرح أن يسوق كلام القاضي ثمّ يُعقب عليه بأسئلة يجيب عليها بإسهاب، وقد طبع شرحه مؤخرا بمطبعة دار الغرب الإسلامي ببيروت. 5: مؤلفات ابن رشد القرطبي (ت455هـ)
فقد أخذ خليل من مؤلفات ابن رشد المعروفة وهي:
- البيان والتحصيل لما في المستخرجة من التوجيه والتعليل، ضمنه المستخرجة من الأسمعية المعروف بالعتبية لمحمد بن عتب القرطبي (ت255هـ)، والكتاب طبع عدة مرات بدار الغرب الإسلامي بتحقيق محمد حجي.
-كتاب المقدمات الممهدات لبيان ما اقتضته رسوم المدونة من الأحكام، طبع عدة مرات، بتحقيق سعد أحمد عراب.
- كتاب الفتاوى، وهو من جمع تلميذه أبي الحسن محمد بن أبي الحسن، طبعته دار الغرب الإسلامي سنة 1987م بتحقيق د: المختار بن الطاهر التليلي. سابعا: سبب اعتماد خليل على هؤلاء الأربعة:
خصّ خليل هؤلاء الأربعة لأسباب لخصّها الشيخ ابن غازي في كتابه شفاء الغليل فقال: ((وخصّهم بالتّعيين لكثرة تصرفهم في الاختيار.
بدأ باللّخمي؛ لأنه أجرؤهم ولذا خصه بمادة الاختيار على ذلك.
وخصّ ابن يونس بالترجيح؛ لأنّ أكثر اجتهاده في الميل مع بعض أقوال من سبقه وما يختاره لنفسه قليل. وخصّ ابن رشد بالظهور لاعتماده كثيرا على ظاهر الروايات، فيقول يأتي على رواية كذا وكذا وظاهر ما في سماع كذا وكذا.
وخصّ المازري بالقول؛ لأنه لما قويت عارضته في العلوم وتصرف فيها تصرف المجتهدين كان صاحب قول يعتمد عليه )). ثامنا: اصطلاح خليل:
فيها:يقصد بها المدونة، وتارة يشير بها إلى التهذيب؛ لأنّه رحمه الله اعتمد على الأصل وعلى مختصره، قَالَ الْبِسَاطِيّ: (( والظّاهر أنَّه كان عِنده أجزاءٌ من الأُمِّ دون الكلِّ، ثم إنَّه رحمه اللَّهُ إنما يأتي بها غالبا لِكون ما فيهَا مُخَالِفًا لما رجحه ولِإِشْكَالِ ما فيها)).
أوّل: ويندرج في ذلك قوله (( تَأْوِيلانِ وَتَأْوِيلات ))، فهو يشير بهالاختلاف شرّاح المدونة في فهمها، ((وقد يكون أحد التَّأْويلاتِ موافقا للْمَشْهُورِ فَيُقَدِّمُهُ المصَنِّفُ ثم يَعْطِفُ الثَّانِي عليه )).
الاختيار:يشير به إلى اختيارات الشيخ اللّخمي في كتابه التبصرة، إلاّ أنّه إذا أشار إليه بصيغة الاسم نحو المختار والاختيار، فإنما يقصد به اختيار اللّخمي من خلاف لمن تقدمه، وإذا أشار إليه بصيغة الفعل نحو: اختار واختير فلاختياره في نفسه.
الترجيح:مصطلح الترجيح يشير به لابن يونس، فإن ساقه بصيغة الاسم نحو: الأَرْجَحُ والمُرَجَّحُ، فلاختيار ابن يونس من خلاف سبقه، وإن أشار إليه بصيغة الفعل نحو: رجَّحَ فلاختياره هو في نفسه.
الظهور:أشار به لاستظهارات ابن رشد، فإذا أورده بصيغة الاسم نحو: الأَظهَرُ والظَّاهر، فلاختيار ابن رشد من خلاف تقدمه، وإن أشار إليه بصيغة الفعل نحو: ظَهَرَ فلاختياره في نفسه.
القول: أشار به للمازري فإذا ساقه بصيغة الاسم، فلاختياره من خلاف تقدمه نحو: القَولُ، وإن أورده بصيغة الفعل نحو: قال أو قيل فلاختياره هو في نفسه.
صُحح، واستُحسن: يشير به إلى غير الأربعة الذين ذكرهم ، قال ابن غازي: ((والأقرب إلى الحقيقة أن التصحيح فيما يصححه الشيخ من كلام غيره، والاستحسان فيما يراه ، مع احتمال الشمول فيهما )).
التردد: لفظ التردد أشار به لتردد الفقهاء المتأخرين؛ أي اختلاف طرقهم في العزو للمذهب، أو لعدم نص المتقدمين، وهو قليل في كلامه كما أشار إلى ذلك ابن غازي.
لـو: يشير به إلى خلاف داخل المذهب.
خلاف: أشار به إلى اختلاف العلماء في تشهير الأقوال، فإذا ذكر قولين أو أقوالا(( فذلك لعدم اطلاعه في الفرع على أرجحية منصوصة )) كما ذكر، فإذا تساوى المشهرون في الرتبة فإنه يكتفي بذكر الأقوال المشهورة، ويأتي بعدها بلفظ خلاف، أمّا إذا اختلفوا في المرتبة فإنّه يقتصر على ما شهره أعلمهم. يتبع | |
| |