منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد (https://www.profvb.com/vb/)
-   الأخبار المنوعة (https://www.profvb.com/vb/f3.html)
-   -   ثلاث مآلاتٍ لإخراجِ قَرار إلغاء العَفو الملكِي إلى حيّز التّنفيذ (https://www.profvb.com/vb/t127026.html)

صانعة النهضة 2013-08-05 11:35

ثلاث مآلاتٍ لإخراجِ قَرار إلغاء العَفو الملكِي إلى حيّز التّنفيذ
 
ثلاث مآلاتٍ لإخراجِ قَرار إلغاء العَفو الملكِي إلى حيّز التّنفيذ



http://static.hibapress.com/upload/582013-81377.png

رشيد أكشار : هبة بريس

ثلاثة أيام من الاحتجاج الشعبي على إطلاق سراح المغتصب "دانيال" كنت كافية في نازلة غير مسبوقة لتدفع بالقصر الملكي إلى التجاوب مع نبض الشارع و تقديم توضيحات حول هذه القضية، ليتبعها بقرار أكثر جرأة قضى من خلاله الملك محمد السادس في سابقة أخرى بإلغاء عفوه عن هذا الإسباني، بعد أن تأكد من حقيقة ما اقترفته يداه.

بعيدا عن القراءات الكثيرة لبلاغ التوضيح و قرار الإلغاء، بين من تحدث عن مبادرة للاستهلاك الشعبي و إطفاء نار الاحتجاجات العفويّة المتصاعدة، فإن خطوة كهذه ذات صلة بدولة أجنبية ما كان لها لتجد طريقها إلى التنفيذ إلى عن طريق خطوات قانونية ملزمة باتباع مساطر عديدة لترسانة من القوانين على كلا طرفي بلديْ القضية؛ المغرب و إسبانيا.

فرغم أن الملك قد أصدر أوامره لوزير العدل و الخارجية لمتابعة القضية، إلا أن النقطة الأكثر غموضا فيما سيلي من الخطوات، هي الهدف المرجو من وراء هذا القرار، أهو إعادة المدان إلى سجنه، أم مجرد استكمال مدته، أم كما قيل فرقعة للاستهلاك الداخلي ليس إلا.

من خلال استبيان عشرات التعليقات التي أعقبت بلاغ القصر الملكي بإلغاء العفو، يتضح أن السؤال الأكثر إيرادا كان حول الصيغة القانونية التي يمكن بها إرجاع "دانيال" إلى زنزانته بالمغرب. في حين قل من تحدث عن الإمكانيات الأخرى المتاحة قانونيا لتطييب خواطر الضحايا و الشعب المحتج، و وضع نقطة نهاية لقضية كادت تُعيد تباشير الأيام الأولى من ثورات الربيع العربي إلى المغرب.

"دانيال" يعود إلى المغرب ليستكمل عقوبته
و هو الاحتمال الذي لا يملك منه المغرب سوى مجرد المطالبة، ما دام السجين قد غادر المغرب بشكل قانوني و بإحدى الطرق القانونية التي يكفلها قانون البلد الذي سجنه، ما يعني أن عودة "دانيال" إلى المغرب بالإجبار ممتنع قانونيا ما دامت عقوبته قد أسقطت بشكل قانوني، إضافة إلى كون عودته سيلزم المغرب بإلغاء آخر، يتعلق بقرار منعه من دخول للتراب الوطني.

رغم أن الجمعيات و المنظمات و قوى المجتمع المدني الاسباني كانت قد أظهرت شيئا من التضامن مع المحتجين المغاربة على العفو، إلا أن إعادته إلى المغرب سيُقرأ من زاوية أخرى بعيدة عن الانسانيات التي طبعت تضامنها معنا في اليوم الأول، و ذلك أن الأمر سيتعلق بمدى حضور الدولة الاسبانية في حماية مواطنيها المجرمين من "مزاجية" دول الاعتقال، مما سيضعها أمام شعبها كدولة خاضعة لاملاءات خارجية لا تراعي مصالح مواطنيها.

إذا كان الملك الاسباني قد خُيّل إليه أنه سيحقق نصرا من وراء الوساطة لـ"دانييل"، فقد تأكد له بالملموس أن الشعب الاسباني ليس شريكا له في حرب من طينة تلك التي يقودها في الخفاء هو و دولته العميقة مع المغرب بطرق يعرفها الجميع، حينما ندد الاسبان بهذا العفو عن مجرم اغتصب طفوة بريئة، و طالب بتوضيح من حكومة بلده حول طريقة إدخال هاتك أعراض إلى اسبانيا بكل تلك السهولة، ما يعني للاسبان أن صلاحيات الملك قد تتجاوز حدها إلى أمور داخلية مماثلة رفضها الاسبان سابقا.

لكن الملك رغم كل هذه الاعتبارات فمن الصعب أن يرضخ لنسف جهوده في عودة "دانييل" إلى المغرب، بما قد يصوره كالخاتم في أصبع المغرب الذي يعفو متى يشاء و يعذب متى يشاء، و هو أخطر ما يمكن أن يلصق برجل وضع كامل ثقله السياسي لوضع حد لتاريخ المغرب في صراعاته مع الجارة الشمالية، و التي لايزال يحتل مساحة شاسعة من أراضيه و يعتبرها إسبانية جغرافيّاَ!، و هو ما أكّده خال زيارته الاستفزازية الأخيرة للمدينتين المحتلتين.
فكيف يقبل شعب و ملك كالاسبان أن يعيدوا مواطنا إسبانيا بكل طواعية و رضى لسجون دولة صديقة – عدو تاريخيا؟

دانييل يستكمل مدة السجنية في اسبانيا
إذا كان المآل الأول شبه مستحيل قانونيا و بحكم العلاقات التاريخية و السياسية الحالية مع إسبانيا، فإن حلا وسطا قد يحفظ لكلا الطرفين مياه الوجوه، و هو إعادة سجن "دانييل" في إسبانيا، و استكماله لمدة السجنية، ضمن ما يكفله التعاون الأمني بين البلدين في شقه المتعلق بتبادل المواطنين المدانين. إلا أن هذا الحل نفسه قد يصطدم بقرار العفو الذي استفاد منه، و هو ما يعني عدم إمكانية الزج بمعفو عنه في السجن مرة أخرى إلا إذا ثبت بحقه ما لم يسبق أن أُدين به، أما إعادته للسجن لنفس التهم التي عُفي له عنها فيكاد يكون في حكم المستحيل أيضا، في دولة قانونية كإسبانيا.

إلا أن بصيص أمل يمكن من خلاله تلبية رغبة المغرب، و هو إعادة محاكمته من طرف قضاء بلده، تلبية لنداءات أحزاب و جمعيات إسبانية احتجت على دخوله لاسبانيا بعفو في حكم البراءة، و هو الحل الذي يتطلب عملا جادا لاقناع القوى السياسية الاسبانية و المنظمات الحقوقية للسير في اتجاهه.

بين الحل الأول الذي يبدو مستحيلا، و الحل الثاني الذي يتطلب حنكة و حجة مقنعة و عملا دؤوبا للخارجية و القضاء المغربي، تبقى الحلول الحبية أكثر من أن تحصى، تهدئة لشعور الغضب الذي عم الشارع المغربي، و التي قد تبرز من بينها قضية التعويضات المادية السخية التي يمكن أن تدفعها إسبانيا لذوي الضحايا، على غرار عشرات القضايا المماثلة دوليا.

كما قد يلجأ المغرب إلى إطالة أمد المطالبة و التشاور و التفاوض مع الاسبان، إلى أن تصير القضية في حكم المعلقات التي تتجاهل الصحافة الكتابة عنها بسبب عدم إثارتها، إلا أن أمرا واحدا قد تأكد و صار مكسبا من هذا الحدث و ما تلاه، هو تأكد قدرة الشارع المغربي على تغيير مسار نهر، كان يُعتقد سابقا أنه مجرد أسماك ترتع فيه و تساير حركاته، خاصة بعد مرور نسيم الربيع العربي بالمغرب بردا و سلاما.


الساعة الآن 03:36

جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd