الرئيسية | الصحيفة | خدمات الإستضافة | مركز الملفات | الحركة الانتقالية | قوانين المنتدى | أعلن لدينا | اتصل بنا |

أفراح بن جدي - 0528861033 voiture d'occasion au Maroc
educpress
للتوصل بجديد الموقع أدخل بريدك الإلكتروني ثم فعل اشتراكك من علبة رسائلك :

فعاليات صيف 2011 على منتديات الأستاذ : مسابقة استوقفتني آية | ورشة : نحو مفهوم أمثل للزواج

العودة   منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد > منتديات التواصل العام > منتدى النقاش والحوار الهادف


شجرة الشكر1الشكر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 2013-11-10, 12:38 رقم المشاركة : 1
express-1
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية express-1

 

إحصائية العضو








express-1 غير متواجد حالياً


وسام التميز لشهر مارس 2012

افتراضي التدريس باللغة الدارجة بين التفسير العلمي و التبرير السوسيوتربوي



التدريس باللغة الدارجة بين التفسير العلمي و التبرير السوسيوتربوي






لا يمكن فهم أهداف نور الدين عيوش الذي يقدم نفسه دائما كفاعل مدني دون معرفة من هو عيوش، فهذا الأخير كأحد رجال الأعمال الكبار ، و المعروف بأصوله الاجتماعية البرجوازية ، و الذي يستثمر حاليا في قطاع الاشهار و التواصل و القروض الصغرى عبر مؤسسة زاكورة للسلفات الصغرى، والمعروف أن وسطه الأسري لا تربطة بالدارجة المغربية الا الخير و الاحسان ، حيث تروج فيه الا اللغة الفرنسية . و دعوة نور الدين عيوش أعطيت لها هذه الهالة الاعلامية و أثيرت حولها هذه الضجة في الصحافة نظر لكون عيوش ناطقا باسم لوبيات اقتصادية فرانكوفونية على وجه الخصوص. اذن فصاحب هذه الدعوة شخص وسطه الأسري لا رائحة للدارجة فيه ، و يشتغل في مجال المال الذي لا لغة فيه الا الفرنسية ، و يستثمر في مجال الاشهار الذي لا يوظف اللغة الدارجة الا قصد الوصول الى جيوب المستهلكين.

السؤال الأول الذي يطرح نفسه في أي قطاع من التعليم سنعتمد "اللغة الدارجة " لغة للتدريس " هل في القطاع الخصوصي الذي لا يعتمد في غالبه حتى اللغة العربية باعتباره لغة رسمية بقدرما يركز على اللغة الفرنسية و خاصة في التعليم الأولي ، أما في التعليم العمومي الذي توظف في الآن الدارجة لغة مساعدة في التدريس من طرف غالية الاساتذة و لو بشكل غير رسمي.

كلما يعتمده المدافعون عن توظيف "اللغة الدارجة" في التدريس بقطاع التعليم من حجج و تبريرات ليس له أي تفسير علمي و لا تبرير سوسيو تربوي و هذا ما سنبينه في ما يلي:

علميا : غالبا ما يدافع مناصرو التدريس بالدارجة اعتماد على أطروحة " لغة الأم"، لكون الدارجة هي اللغة التي يضعها الطفل من أمه، مما سيسهل عليه التعلم و التعليم اذا اعتمدت لغة للتدريس عبر جميع الأسلاك ، حيث لا يشعر معها الطفلة بأي غربة في المدرسة و لا يواجه أي عناء في تعلمها كما هو الشأن مع اللغات الرسمية و الأجنبية حاليا. الا أن ما يغيب عن أذهان هؤلاء هو ان اعتماد الدارجة باعتبارها " لغة الأم " لغة للتدريس في التعليم ليس له أي أساس علمي و لا تبرير تربوي، على اعتبار كل تطوير و نهوض بلغة الأم (الدارجة)، و إدماجها في مؤسسات الدولة ( تعليم –إدارة –إعلام مكتوب ..) سيخرجها من وضعية " اللغة الدارجة" وينزع عنها هذه الصفة. فاللغة الدارجة (لغة الأم) بطبيعتها شفوية أو شفهية ، أي لا تقوم على الكتابة و القراءة، فلذلك يطلق على كل من يكتفي بالشفهية في التواصل صفة " الأمي" أي لا يقرأ و لا يكتب . فالتواصل داخل الأسرة في البيت لا يكون إلا شفهيا، لكونه مباشرا، ليس في حاجة إلى التوسل بوسائط أخرى. و "الأمية" - نسبة إلى الأم- لا تعني أي شيئا أخر غير الشفهية. و دمج لغة الأم في مؤسسات الدولة هو في الواقع تفريع للغة جديدة عن لغة الأم بشكل تدريجي. هذا الفرع الذي سيعرف مع الزمن، من خلال تداوله واستعماله في تلك المؤسسات، تطورات و تغييرات تصل إلى استقلال تام عن اللغة الأصل (لغة الأم). فكلما تم إخراج أو تطوير أو الانتقال بلغة ما من وضعية " لغة الأم" الشفهية ، أي من "أميتها" - نسبة إلى الأم – التي تقوم على التواصل الطبيعي المباشر، إلى لغة مكتوبة تعتمد أدوات و وسائط جديدة ودعامات اصطناعية في أداء وظيفتها التواصلية (- الكتابة - الحروف - الحجر - البردي - الورق – الآلة الكاتبة - الحاسوب..)، حيث تقوم بتطوير قاموسها اللغوي و قواعد النحوي والصرفية بعيدا عن لغة الأم، لتفقد معها صفة "لغة الأم" أي صفة الدارجة، التي تنتج بدورها قاموسها و قواعدها بشكل مستقل، ليدخل المجتمع من جديد في الازدواجية بين لغة الأم (الدارجة) من جهة . و لغة التدريس و العلم من جهة ثانية.

أما الاشكال الثاني الذي ستواجه دعوة التدريس بالدارجة ، فهو بأية دارجة مغربية ستوظف في التدريس ، فهي دوارج عديدة ، هل هي الدارجة الدكالية أم الغرباوية أم الشرقية أم الحسانية دون الحديث عن دارجات الأمازيغية الثلاث ( تاريفيت – تمازيغت- تاشلحيت).

أما التبرير السوسيوتربوي الذي يدفع به مناصرو الدارجة للحجاج على مطلبهم، هو كون التدريس باللغة الدارجة سيوفر قاعدة لتكافؤ الفرص في التعليم بين أبناء المغاربة، على اعتبار أنهم سيكونون متكافئين لغويا عند ولوجهم للمدرسة بالسلك الأولي، حيث يمتلكون قاعدة انطلاق لغوية واحدة، مما سيقلص من الفوارق و يقلل من المعانات التي يواجهها أبناء الأسر غير المحظوظة في تعلم لغات غريبة عن وسطهم الأسري . هذا في الحقيقة حل سطحي لمشكلة عميقة، تتجاوز هذا التبسيط والتسطيح في الفهم و التفسير، ذلك أن الأصل السوسيوقتصادي للتفاوت اللغوي ، أو الانتماءات الطبقية للأسر هي الأساس الأول و الرئيسي لعدم تكافؤ الفرص في النجاح بالمدرسة، بل و في الولوج اليها أولا و قبل كل شيء ، و بالتالي فتحسين المستوى اللغوي للتلاميذ بالمدرسة مرتبط بتحسين المستوى المعاشي لأسرهم ، وليس بتغير لغة التدريس من لغة الى أخرى، وتحقيق تكافؤ الفرص في النجاح بين التلاميذ رهين بالمساواة الاجتماعية بين أسرهم


مـحـمـد أقــديــم" موجه بوزارة التربية الوطنية"
de tarbawiyat







: منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد https://www.profvb.com/vb/showthread.php?p=691887
    رد مع اقتباس
قديم 2013-11-10, 12:44 رقم المشاركة : 2
express-1
بروفســــــــور
 
الصورة الرمزية express-1

 

إحصائية العضو








express-1 غير متواجد حالياً


وسام التميز لشهر مارس 2012

افتراضي رد: التدريس باللغة الدارجة بين التفسير العلمي و التبرير السوسيوتربوي


مبادرة عيوش لاعتماد الدارجة في التدريس بين الواقع والمراد






أثارت المذكرة التي رفعها نورالدين عيوش رئيس مؤسسة زاكورة إلى جلالة الملك حول رأي المؤسسة في إصلاح التعليم الكثير من الجدل خصوصا وأن من بين توصيات عيوش ومن معه إعادة استعمال الدارجة أو العامية المغربية في التعليم الأولي ووضع حد للكتاتيب القرآنية بحيث شددت المذكرة على أن "التعليم الأولي لا يجب أن يبقى دينيا"، وبالمقابل دعت مؤسسة عيوش الذي سبق أن قاد بفشل حملة 2007 دابا حول الدعاية للانتخابات ،(دعت) إلى اعتماد اللغة الانجليزية كلغة للعلوم والتقنيات في المسار التعليمي بكامله، عوض الوضع الحالي الذي يبدأ بتلقين الأطفال هذه المواد باللغة العربية، ثم ينتقل إلى اللغة الفرنسية في التعليم العالي"

تقرير للملك ولرئيس الحكومة

عيوش أكد في تصريحات صحفية أن الندوة التي حضرها رشيد بلمختار قبل استوزاره وقاطعها وزير التربية الوطنية السابق محمد الوفا، كما حضرتها شخصيات نافذة وممثلين عن النقابات التعليمية وخبراء ، "رفعت تقريرها إلى الملك وإلى رئيس الحكومة ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والمجلس الأعلى للتعليم وجميع المؤسسات المهتمة بقطاع التعليم، إلى جانب فعاليات المجتمع المدني والأحزاب التي ستتوصل بها قرييا"

تشويش على الإصلاح

الدكتور سالم تالحوت الباحث في العلوم الإنسانية اعتبر مقترحات عيوش "عبارة عن تشويشات على إصلاح التعليم لا غير" والتي عددها في "درجنة" التعليم محاولة فشلت في العديد من الأقطار كمصر،أيضا لم ينبن المقترح على تجارب ناجحة في الموضوع ، وهو المقترح الذي من شانه تخريب مستقبل تدريس باقي اللغات، اللهم إذا كان من المقبول تدريس اللغة الفرنسية بالدارجة المغربية.وأضاف تلحوت في تصريح للتجديد أن ما ذهبت اليه مؤسسة زاكورة "وسيلة لإفشال الجهود المبذولة في ورش تدريس الامازيغية المتعثر"و"اداة ستذكي العرقية، وتمزق المجتمع المغربي بإحياء الحنين إلى القبلية خصوصا في جبهات التصادم اللهجاتي" مشيرا إلى أن "اللهجات والدارجة المغربية لم تخضع لتجريب قدرتها على الاعتماد في التعليم، خصوصا على مستوى تأهيل الموارد البشرية".

مقترح عيوش إقصائي

وفي السياق ذاته أوضح سالم أن الطفل المغربي يعرف اللهجة ولا يحتاج إلى تعلمها وأي محاولة من هذا القبيل سيفهم منها أن فضاء المدرسة عبثي، ولا فرق بينه وبين السوق والملعب... وبالتالي الرفع من نسب الأمية والهدر المدرسي. مبرزا أن الناشئة تحتاج إلى اكتساب مبكر للغة تخاطب بها العالم، وتستعملها في استثمار تيكنولوجيات المعلوميات والإعلام، وصنع شخصية منفتحة. كما اعتبر المتحدث مقترح عيوش بكونه إقصائي؛ اذ يصعب ـ مثلا على طفل انتقل من منطقة تدرس بلهجة إلى أخرى تدرس بلهجة ـ الاندماج، ويقوي انعدام تكافؤ الفرص ، ليخلص إلى أن دعوة عيوش لاستعمال الدارجة ليست سبقا، بقدر ماهي مجرد تجديد التشويش على إرادات الإصلاح وإشغال المعنيين عن القضايا الكفيلة بإخراج التعليم من الأزمة البنيوية.

إفشال للتجربة المغربية.

بدوره اعتبر الباحث والسياسي عبد الصمد بلكبير خطوة عيوش "تهدف إلى التشويش والبلبلة والفتنة" خصوصا وأن توقيتها غير بريء في ظل حكومة يقودها جزء من التيار الإسلامي، ولم يستبعد بلكبير كون من أهداف مبادرة عيوش والتي قال إن من بين أهدافها "إفشال التجربة المغربية بخصوصياتها على مستوى الانتقال السلمي والتدرجي والتي يبدو أنها ستنجح وتعطي نموذجا للأقطار العربية والإفريقية"، حسب بلكبير.

و الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية في تصريح لموقع الإصلاح أن من يقف وراء هذه الدعوة "حزب فرنكفوني يحس يوما بعد يوم أنه ينهزم وأن كل يوم يمر في تاريخ المغرب المعاصر يكون على حسابه ولصالح الشعب وقواه الممثلة له"، مؤكدا أن من يريدون إفشال التجربة الحكومية "يبحثون عن مداخل لإحداث تناقضات مزيفة ومصطنعة وقادرة على أن تحرف الانتباه وتحرف الصراع من أهدافه الحقيقية وخصومه الحقيقيين إلى أهداف وهمية وفاسدة".

تجارب مشابهة فشلت

بلكبير شدد أيضاً على أن الخطاب الذي جاءت به المذكرة في عمقه سياسوي وليس ثقافي نهائيا، مشبها الوضع الحالي في بلادنا بما عرفته العديد من دول المشرق العربي في القرن 19 من دعوات أخذت صيغا متعددة، تناولت الكتابة بالحرف اللاتيني بدل الحرف العربي، وتبنت خطابا إصلاحيا للغة يصل إلى مستوى التنازل عن الفصحى واصطناع عربية فصحى جديدة من الدارجة، غير أن "هذا الخطاب في النهاية فشل في المشرق العربي سواء في العراق أو في مصر أو لبنان، وبالتالي مآله في المغرب أن يفشل"

رأي جمعوي

بدوره اعتبر عبد العالي الرامي رئيس جمعية منتدى الطفولة أن توصيات نور الدين عيوش، خارج سياق اصلاح منظومة التعليم ولا تتوافق مع المثياق الوطني للتربية والتكوين،وهذا الخطاب الغريب بحسبه "يتناقض مع روح الدستور المغربي الذي جعل اللغة العربية والامازيغية من اللغات الوطنية الرسمية ، وضد هوية الدولة المغربية فالاسباني لا يتكلم الا الاسبانية والفرنسي ايضا لا يتكلم الا اللغة الفرنسية ، وليس تركيبا وخليطا من اللغات واللهجات"

الكتاتيب القرآنية من ثوابت التعليم الأولي

وبخصوص الكتاتيب القرآنية أكد الرامي أنها "من ثوابت التعليم الاصيل للامة والحضارة المغربية ومفخرة للمغاربة الذين يتميزون بها في العالم الاسلامي وهذا مما أنعم الله به على هذا البلد الامين" مضيفا بالقول" كنا ننتظر ان تصدر أصواتا تدعو الى ضرورة تطوير اللغة العربية واللغة الامازيغية من أجل تمتين الشخصية المغربية ورفع القدرات التواصلية بين المغاربة،وتفيل الدستور بشكل جيد وفعال مع التأكيد على الهوية المغربية عبر اللغة العربية والامازيغية وهما أساس الربط بين أبناء الوطن الواحد" وتساءل الرامي انه منذ سنوات ظهرت العديد من الصحف الشعبية المكتوبة بالدارجة لكنها توقفت ولم يكتب لها الاستمرار ..لماذا ؟

بالنهاية ،يضيف المتحدث "أرى أن الدعوات الى الكتابة بالدارجة في المدارس مجرد غوغاء،لأن اللهجات ليست لغات للتدريس"

من جهة أخرى استغرب الرامي لأنه "من المدهش الومثير في مثل هذه الدعوات تجاه لغة حية كالعربية تتقدم ويتكاثر عبر العالم الراغبون في تعلمها وتتسابق البلدان الأوربية والأمريكية، والأسيوية، على إطلاق قنوات فضائية ناطقة بها، تتعرض في المغرب لهذه الحملة المغرضة.


جريدة التجديد
خالد السطي





    رد مع اقتباس
قديم 2013-11-11, 10:07 رقم المشاركة : 3
صانعة النهضة
مراقبة عامة
 
الصورة الرمزية صانعة النهضة

 

إحصائية العضو








صانعة النهضة غير متواجد حالياً


وسام التنظيم المميز السيرة 1438ه

مسابقة السيرة 5

وسام المنظمة

وسام منظم مسابقة السيرة النبوية العطرة

وسام الشخصية الفضية

وسام المشاركة في الدورة التكوينية مهارات الاتصال ا

وسام المطبخ المرتبة 1

وسام لجنة التحكيم

وسام العضو المميز

افتراضي رد: التدريس باللغة الدارجة بين التفسير العلمي و التبرير السوسيوتربوي


سيرورةُ ٱكتساب اللُّغة وأُسطورةُ "لسانِ الأُمّ"


عبد الجليل الكور
السبت 09 نونبر 2013 - 21:35


يَتبنّى خُصومُ «اللِّسان العربيّ» خطّةً ماكرةً في تنقُّصه تقوم على إتيانِ استدلال ذي طابع علميّ يَتمثّل في أنّ الأمر لا يَتعلّق فقط بـ«لسان معياريّ»، وإنّما أيضا بـ«لسان مُصْطنَع» سَوّاه اللُّغويُّون بشكل مُناسب للغرض، ممّا يجعله لسانا مُنْقطعا عن «اللّهجات العاميّة» ومحصورا في التّعليم المدرسيّ والاستعمال الإداريّ-الرَّسميّ. وبالتّالي، فإنّه ليس «لسانا طبيعيّا» يُكتسَب كـ«لسانِ أُمٍّ» فيَتكلَّمُه النّاسُ بصفته «لسانَهم الأوّل». تُرى، ما حقيقةُ هذا الاستدلال من النّاحية العلميّة؟ وهل «اللِّسان العربيّ» يَختصّ بكل تلكـ الصفات الكفيلة، لو صحَّتْ، بجعله لسانا نُخبويّا ومحدودا؟
لا بُدّ، ٱبتداءً، من التّنبيه على أنّ أُولئكـ الخصوم يُمارسون - بوعي أو من دونه- نوعا من «التّضليل المُتعالِم» من حيث إنّهم يَعتمدون بعض النُّتَف والمُختصَرات التي تُتيح لهم تنقُّص «اللِّسان العربيّ» وتبخيسَه بالشكل الذي يَفسح المجال للألسن التي ترتبط بها، في الواقع، مَصالحُهم الماديّة و/أو الرمزيّة. وإنّهم، في حرصم على التّضليل، ليَغْفُلون عن ثلاثةِ أُمور أساسيّة: أوّلُها أنّهم لا يُحقِّقون، بما يكفي، في علاقةِ «اللِّسان المعياريّ» بما يُسمّى «لسانَ الأُمّ» (بمعنى «اللِّسان المنسوب إلى الأُمّ والمُتّصل بها» ؛ وليس «اللِّسان الأُمّ»، بمعنى «اللِّسان الأصل»، كما هو شائع!) ؛ وثانيهما أنّهم يعتمدون مفهوم "اللِّسان" كـ«نموذج أمثل» لا يكاد يُوجد إلّا في أذهان بعض "اللِّسانيِّاتيِّين" (أقصد «الباحثين المُتخصِّصين في "اللِّسانيّات"») الذين لم يُصحِّحوا بعدُ نصيبَهم من المعرفة على ضوء المُكتسبات المُستجدّة بالخصوص في "الاجتماعيّات" و"الإنْسيّات" ؛ وثالثُها أنّهم يَنْسَوْن أنّ فصلَهم «اللِّسانَ العربيَّ» عن لهجاته (بل إنكار عُروبتها تماما!) لا يَستقيم إلّا بافتراض أنّه ٱستثناءٌ بين أبرز ألسُن العالَم التي يَظُنّونها قائمةً من دون لهجات (لهجات تكون مُباينةً، بهذا القدر أو ذاكـ، لكل لسان على حِدَةٍ)، وهو ما يَفضح غرضَهم المُتمثِّل بالتّحديد في جعل «اللِّسان العربيّ» يبدو كأنّه لا يُكتسَب إطلاقا كـ«لسان أوّل»!
ولعلّ مِمّا يَجدُر الانتباه إليه، بهذا الصدد، أنّ "اللِّسانيّات" لم تَعُدْ علمًا مُهيمنًا على «عُلوم الإنسان» كما كانت إلى حدود السبعينيّات من القرن الماضي، إذْ أنّها «لم يَعُدْ لها لدى أحدٍ دَوْرُ العلم القائد الذي ظُنَّ سابقا أنّه بالإمكان أن يُعطى لها»[1]. ولهذا انتقلت الرِّيادة إلى بعض فُروعها مثل «التّداوُليّات» و«تحليل الخطاب» و«البلاغيّات الحجاجيّة» في انفتاحها على مُختلِف المُكتسبَات في «فلسفة اللُّغة» و«فلسفة الذِّهْن» و«عُلوم التّعرُّف» و، من ثَمّ، «الاجتماعيّات» و«الإنْسيّات» بشكل عامّ.
وليس معنى ذلكـ أبدًا القدح في علميّة "اللِّسانيّات" بإطلاق، وإنّما معناه تأكيد أنّ «الواقع اللُّغويّ» لا يَقبل أن يُختزَل في "اللِّسان" الذي اصطنعه رُوّاد "اللِّسانيّات" موضوعا للدِّراسة العلميّة فأبْعَدوا (ولو مُؤقَّتا) "الكلام" وكل ما يَنتمي إلى «اللِّسانيّات الخارجيّة»[2]. فـ"اللِّسان" بوصفه "قِطْعةً" من «الكُتْلة السَديميّة» للواقع اللُّغويّ المُتغيِّر والمُتحرِّكـ باستمرار لا يَشمل، في تزامُنه الآنيّ، كل التّلوُّنات والتّموُّجات التي يَأتي بها المُتكلِّمون في مُمارَستهم التّواصُليّة والتّخاطُبيّة والتي تجعل "اللُّغة" على ألسنتهم مُستوياتٍ مُتفاوتةً ومُتداخلةً من "التّغالُب" بواسطة "الكلام" في سياقاتٍ شديدةِ التّنوُّع ومَقاماتٍ بالغةِ التّعقُّد[3].
ولأنّ واقع المُمارَسة اللُّغويّة يَتجاوز بكثير ما يُريد له "اللِّسانيّاتيُّون" أن يكون «اللِّسان-المعيار» (أو، أحسن، «اللِّسان-المِـثال»)، فإنّ استعمالات الكلام داخل جماعةٍ لُغويّةٍ مُعيَّنة لا تَقبل أن تُوصَف في حدود «لسان معياريّ» يَفرض نفسَه على المُتكلِّمين منذ نشأتهم الأُولى من خلال ما يُسمى «لسانَ الأُمّ» الذي يُتصوَّر مُماثلا أو مُساويًا له. ولعلّ هذا ما يُستشَفُّ من قول "أُندري مارتيني": «كل أمريكيٍّ يَتكلَّم لهجةً ما، لهجةَ بُوسطن أو لهجةَ نيويوركـ أو لهجةَ شيكاغو أو، إذَا سافر كثيرا، لهجةً هجينةً نوعا ما، من دون أن يَشعُر أبدًا بأنّه يَتكلّم لُغةً أُخرى غير الإنجليزيّة الأمريكيّة بشكل مقبول تماما في كل مَقاماتِ الحياة. ويُذكِّر هذا الوضعُ بما يَحدُث في باريس وفي المَراكز الحَضريّة بفرنسا غير الجنوبيّة حيث هناكـ تنويعاتٌ كثيرةٌ للفرنسيّة تبدو، على لسان النّاس المُتعلِّمين، مقبولةً إلى حدِّ أنّ ما يُميِّز بعضَها عن بعض يَمُرُّ عموما من دون أن يُدرَكـ. وعلى نحو تقريبيّ، تُقابِل اللّهجات الأمريكيّة ما يُسمّى الفرنسيّات المَحليّة، وليس إطلاقا العاميّات بفرنسا، ولا أيضا اللّهجات الألمانيّة أو الإيطاليّة، التي هي مُتباينة جدًّا فيما بينها بما لا يُتيح التّفاهُم من ناحيةٍ إلى أُخرى على مستوى التُّراب الوطنيّ.»[4]. والأمر نفسُه كَشَف عنه "وليم لابُوڤ" الذي قام، بالخصوص في دراسته عن «اللُّغة في أحياء السُّود المُهمَّشة»[5]، بتبيان أنّ الأمريكيّ الأسود في الأحياء الشعبيّة المُهمَّشة يَستعمل – بالمُقارَنة مع «الإنجليزيّة المعياريّة» - لُغةً "مُنْكسرةً" (أو، أحسن، "مَكْسُورة" تماما مثل صفة "دارجة" عندنا بمعنى "مُعْوَجّة"!). وبالتالي، فإنّ "لابُوڤ" يُؤكِّد أنّه من السُّخْف أن يُقال بأنّ «اللُّغة الدّارجة» لدى السُّود تُعدّ نظاما لُغويّا مُنفصلا عن نسق "الإنجليزيّة" بصفته نسقا يَشمل في الواقع عدّة "لُغيَّات" (أو لهجات) مُتباينة بهذا القدر أو ذاكـ.
ولذلكـ، فإنّ ما يَنبغي تبيُّنه هو أنّ موضوع اكتساب اللُّغة يَتجاوز مجال «اللِّسانيّات التّزامُنيّة» ويندرج بالأحرى في مجال يَشمل، إلى جانب «علم النّفس التّعرُّفيّ» و«علم نفس النّمُو اللُّغويّ»، عُلوما مثل "الاجتماعيّات" و"الإنْسيّات". ولهذا، نجد "ﭙيير بُورديو" قد أكّد أنّه «ما دام اللِّسانيّاتيُّون يَجهلون الحدّ المُكوِّن لعِلْمهم، فَلن يكون لهم من خيار آخر سوى أن يَبحثوا يائسين ضمن اللِّسان عمّا هو مُسجَّلٌ في العلاقات الاجتماعيّة حيث يَشتغل، أو أن يُمارسوا علم الاجتماع وَهُم لا يَشعُرون، أيْ مع خطر أن يَكتشفوا في النّحو نفسه ما جَلَبَتْهُ إليه بلا وعي اجتماعيّاتُ اللِّسانيّاتيّ العفويّة.»[6].
وكونُ هُواةِ "التّضليل" بشأن «اللِّسان العربيّ» يَظُنّون أنّ "اللِّسانيّات" – كما يفهمونها- هي العلم المُناسب لتمكينهم من غرضهم لا يَترُكـ أمامهم أيَّ فُرصةٍ للالتفات إلى كل تلكـ المُقتضيات التي تُوجب بالغ التّبيُّن في الاعتماد على مُكتسبَات البُحوث "اللِّسانيّاتيّة"، وبالخصوص حينما يَتعلّق الأمر بوقائع التّغيُّر اللُّغويّ والتّفاوُت اللُّغويّ ونزاعات المشروعيّة اللُّغويّة المُتعلِّقة بكل الجماعات اللُّغويّة.
وهكذا، فإنّ الحديث عن اكتساب اللُّغة على أساس ما يُسمّى «لسان الأُمّ» يُعَدّ، على أقل تقدير، غير مُناسب. ذلكـ بأنّ واقع التّداوُل اللُّغويّ يَشهد أنّ "اللِّسان" الذي يَفرض نفسه، عادةً، بصفته «لسانَ الأُمّ» لا يصير كذلكـ إلّا في المدى الذي يكون لسانًا غالِبا/مُسيطرا على مُستوى المجتمع كُلّه، وهو ما يجعله في بعض المجتمعات «لسانَ الأب» وليس «لسان الأُمّ»[7]. ومن هُنا، فإنّ ما ﭐعْتِيد أن يُسمّى «لسان الأُمّ» يَتحدّد في الواقع العمليّ والتّداوُليّ باعتباره «اللِّسان الغالِب/المُسيطر» اجتماعيّا وثقافيّا واقتصاديّا على النّحو الذي يَفرضه كـ«لسان أوّل» قد يَحظى بعناية مُؤسَّسيّة ورسميّة تُقيمه كـ«لسان معياريّ» (أو «لُغة فُصحى») يَتميّز في مُقابل "العامِّيّات" التي لا تُعدّ دارجةً ومُبتذلةً إلّا في ارتباطها بـ«عامّة النّاس» كفئات تَشمل غير المُتعلِّمين وغير المُسيطرين اجتماعيّا وثقافيّا و، من ثّم، المَغْلوبين رمزيّا.
إنّ «اللِّسان ٱلأوّل»، بما هو كذلكـ، ليس ٱمتيازًا إلّا مِن حيث أهميّتُه في تيسير التّنشئة الأُولى والتّمهيد للتنشئة النِّظاميّة التي صارت، في إطار المجتمعات المُعاصرة، مُتعلِّقةً بـ"ٱلمدرسة" حيث يُعادُ إنتاجُه تهذيبًا وتنقيحًا في صُورةِ «لسانٍ معياريٍّ» هو في الواقع، كما يُؤكِّد "بُورديو"، «لُغة مشروعةٌ» تُعبِّر عن ٱشتغالِ آلياتِ "ٱلسيطرة" ٱجتماعيًّا وثقافيًّا في ٱرتباطها بـ«ٱلعنف الرمزيّ»، أكثر مِمّا تُعبِّر عن «لسان ٱلأُمِّ» في أَوّليَّته وعفويَّته المُفترَضتين ؛ بحيث ليس هناكـ لِسانٌ يُعلَّم في "ٱلمدرسة" يَستحِقّ أنْ يُسمّى «لسانَ ٱلأُمِّ» تمييزًا وتفضيلًا. ولهذا، فإنَّ «لُغةَ ٱلأكثريّة» لا تكون أبدًا واحدةً ومُحْتَتِنةً إلّا في المدى الذي تشتغل مُؤسَّساتُ "ٱلدّولة" (وعلى رأسها "ٱلمدرسة" و"وسائل ٱلإعلام الجماهيريّ") بتنميطِ وترسيخِ «ٱللِّسان ٱلمعياريِّ» بما هو «لُغةٌ مشروعةٌ» يُفترَض فيها أنْ تضمن لأكثريّةِ المُواطنين «كفاءةَ الكلام» المُناسِب واللائق الذي تَتحدَّد بالنِّسبة إليه، ودُونَه، «رَطانةُ ٱلْعَوَامّ» الذين قد يكونون بالفعل هُمْ الأكثريّة في بلدٍ لم يُنْجِزْ بعدُ ٱلِانقلابَ المُتعلِّق بتعميم «ٱلتّعليم ٱلمدرسيّ» (الذي يرتبط به «التّأْهيل الألفبائيّ»). فـ«لُغة الأكثريَّة» تبقى مُتكاثِرةً ومُتبايِنةً في واقع التّداوُل اللُّغويّ على النّحو الذي يَجعلُ الحديث عن لسانٍ بعينه كما لو كان واحدًا ومُحتتِنًا حديثًا يُغْفِلُ أنَّ "ٱللُّغةَ" لانهائيّةٌ من الفُرُوق والتّغايُرات ٱلِاستعماليَّة بفعل التّفاوُت الحاصل في شُروط الوُجود وٱلفعل ٱلبَشريَّيْن و، أيضا، لكون "ٱلتّعليم ٱلمدرسيّ" هو وحده الذي يُحاوِل تقليلَ وتلْطيفَ تلكـ الفُرُوق والتّغايُرات من خلال تثبيت وترسيخ «ٱللِّسان المعياريّ».
من البَيِّن، إذًا، أنّ اكتساب (واستعمال) "اللُّغة" في المُجتمعات المعاصرة قد صار، منذ قيام «الدّوْلة-الأُمّة» (أو، أحسن، «الدّولة القُطْريّة»)، مُرتبطا بالسياسة العُموميّة للدّولة، حيث نجد أنّ «اللِّسان المعياريّ» قد أصبح يُعرَض (ويُفرَض) في مُختلِف فضاءات المَجال العُموميّ (وسائل الإعلام والاتِّصال، لوحات الإشارة والعَرْض بالشّارع، دُور الاحتضان الأوَّليّ للأطفال، المدرسة). وبالتالي، فإذَا كانت "اللُّغة" فيما مضى لا تُتداوَل في المجتمع إلّا بقدر ما ترتبط بقبيلةٍ أو مجموعات مُتغلِّبة سياسيّا أو مُسيطرة اجتماعيّا واقتصاديّا وثقافيّا، فإنّ تداوُلها الآن قد اتَّخذ طابع «الإكراه السياسيّ» من خلال تفعيل رَسميّة «اللِّسان المعياريّ» والعمل على ضبطه ونشره على مُستوى كل الجهات الخاضعة لنُفوذ "الدّوْلة".
وليس يخفى أنّ وُجود «اللِّسان العربيّ» في وسائل الإعلام والاتِّصال (الإذاعة، التّلْفزة، الانترنت) يجعل تلِّقيَه واكتسابَه من قِبَل الأطفال يَحدُثان فعليّا منذ السنوات الأُولى حيث إنّ مُعظم الصغار يَتشربّون أصوات ومفردات "العربيّة" من خلال مُتابعتهم اليوميّة وإدمانهم على برامج الأطفال كما تَعرضها، منذ عُقود خَلَتْ، القنوات التّلْفزيّة. ولذا، فمن يَقول بأنّ «اللِّسان العربيّ» لا يُكتسَب كلسان أوّل وأنّه ليس له مُتكلِّمون أصْليّون إنّما يَنسى، جهلا أو عَمْدًا، أنّه لسانٌ لم يَسبق قطّ أن تأتّى له أن يُلامس أسماع وأبصار ملايين النّاس منذ الطّفولة الأُولى كما هو حالُه الآن. وبالتالي، فإنّ الاحتجاج بذريعة «لسان الأُمّ» ضدّ «اللِّسان العربيّ» احتجاجٌ باطلٌ علميّا وواقعيّا بحيث لا يُصرّ عليه إلّا من لم يُسْعفه الاستناد إلى شيء آخر لفهم و/أو تفسير واقع التّعدُّد والتّغيُّر اللُّغويَّين والاقتدار، من ثَمّ، على تعليل واقع التّفاوُت والتّغالُب على المُستويين اللُّغويّ والثّقافيّ حتّى داخل نفس الجماعة اللُّغويّة.
وإنّ كون الفرد الواحد لا يَملكـ أن يُوقف تيّارات التّغيُّر والتّبايُن التي تتجاذب أحوالَه في الكلام، وكونَ النّاس عموما لا يشتركون في اللُّغة بالتّساوي التامّ، لأمران يُوجبان الانتباه إلى أنّ اكتساب أيِّ لسان يَخضع لمجموع الشروط المُحدِّدة لوُجود البشر وفعلهم في هذا العالَم، وهي شُروط مُتغيِّرةٌ ومُتفاوتةٌ بالشكل الذي يَقتضي ألّا يكون ثمة نُزُوعٌ فعليّ نحو التّوحُّد أو التّساوي في اكتساب (واستعمال) لسانٍ ما إلّا بقدر ما يُجتهَد جماعيّا وموضوعيّا في ترشيد أنماط التّعامُل مع مُختلِف تلكـ الشروط الضروريّة.
وفي جميع الأحوال، فإنّ كلامَ أيِّ امْرِئ على «اللسان العَربيّ» لا يُؤخَذ به إلّا بِناءً على اجتماع شُروط ثلاثة فيه: أن يكون مُتْقِـنًا له ومُتَفَقِّهًا فيه إلى أبعدِ حدٍّ مُمكن ؛ وأن يكون مُلِـمًّا بمُختلف مُكتسبَات العُلوم المُعاصرة في تكامُلها ؛ وألّا تكون له مَصلحةٌ مُعلَنةٌ أو مُضمَرةٌ في تنقُّص هذا اللِّسان لترجيح كِفّة غيره عليه. وفقط بهذه الشُّروط يُمكن اعتبار ما يقوله فُلانٌ أو عُلانٌ عن «اللِّسان العربيّ». وعليه، فإنّ التحدِّي قائمٌ بهذا المعنى في وجه كل الذين يَتهجّمون على «اللِّسان العربيّ»، ليس فقط لكيْ يَنهضوا بمُقتضيات البحث العلميّ فيما يُرسلونه من أحكام بشأنه، بل أيضا لكيْ يُثبتوا أنّ العجز المُفترَض في هذا اللِّسان يُعدّ جوهريّا وبنيويّا بما أنّه قد وُفِّرت له موضوعيّا كل شُروط الاكتساب والاستعمال فَلَم يُفْلح في الوفاء بأغراض مُستعملِيه على غرار الألسن المُهيمنة عالميّا (وهيهات أن يَستجيب "المُبطلون" لهذا التحدِّي المُزدوِج!).
ومن ثَمّ، ينبغي أن يكون بيِّنا أنّ تكاثُر المُتقولِّين على «اللِّسان العربيّ» ليس دليلا ضدّه، وإنّما هو بالأحرى دليلٌ لصالحه من حيث إنّه لسانٌ يُزعجهم وُجودُه واستمرارُه (على الرَّغم من عَراقته المُتَّصلة بالحاضر على نحو لا يكاد يُضاهيه أيُّ لسان آخر من هذه الجهة!)، وتُغيظُهم حيويّتُه التي لا تُجاريه فيها مُعظَم الألسُن السّائدة عالميّا. وليس هذا إلّا لأنّه لسانٌ لَابَسته "الرُّوح" التي تُنْطِـق أصلا الكائنات والتي تَستديم الحياة لبعضها إلى حين. أَلَيْس «اللِّسان العربيُّ» لسانَ الوحي الخاتَم الذي تَكفَّل الحقُّ بحفظه إلى يوم الدِّين؟! فكيف يُراد للِسانٍ هذا شأنُه – على الأقلّ بين المُسلمين- أن يكون مجرد لسان عاديٍّ يُترَكُـ لتَفعَل به صُروف الزَّمان وتَعبث به عامّةُ النّاس كما تشاء؟!
وأكيدٌ أنّ الذين يُغيظُهم ربطُ «اللِّسان العربيّ» بنصِّ «القُرآن الكريم» و«الحديث الشّريف» لن يزدادوا إلّا صَلفًا في تشبُّثهم بلَوْكـ ما أَلِفوه من التُّهَم السخيفة والشُّبَه المكرورة، لأنّهم لا يَقُومون إلّا كما يقوم من أُشرب في قلبه أنّ "العقل" و"الوحي" ضدّان وأنّ أيّ مُحاوَلة للجمع بينهما ليست سوى استنجاد بحُجّة السُّلطان لتسويغ ما لا سند له في الواقع الموضوعيّ الذي يَنْفكّـ، حسب ظنّهم، عن كل ما هو "غيبيّ" أو "فوقيّ"!
ومن كان ذاكـ حالَه، فإنّه يُطالَب بالبَرْهنة علميّا على أنّ "اللُّغة" في عالَم البشر وضعٌ عقليٌّ محضٌ وأنّ استعمالَها مقطوعٌ تماما عن كل الشُّروط التّداوُليّة في تحديدها لاشتغال «السِّحر الاجتماعيّ» الذي يُولِّد أشكال السيطرة الثقافيّة وما يَرتبط بها من «عُنف رمزيّ» يَتحوَّل من جَرّائه كل ما هو "اعتباطيّ" إلى شيء يبدو بصفات "الطبيعيّ" و"البَديهيّ" (من دون أدنى حاجة إلى أيّ تدخُّل سُلْطويّ). فهل يستجيب "المُبْطلون" فيَأتون – في تحَدٍّ ثالث- ببُرهان بيِّن على أنّ ما يَسعون لفَرْضه عُموميّا من "اللُّغة" بريءٌ تماما من آثار «السِّحر الاجتماعيّ» الذي يَنْسون (أو يَتناسون) أنّه هو وحده الذي يُزيِّن لهم ما تَشتهيه أهواؤُهم فلا يتوانون عن تبريره حتّى يكتسي لباسَ «المصلحة العامة»؟!
هوامش:
[1] اُنظر:
- Oswald Ducrot et Jean-Marie Schaeffer, Nouveau Dictionnaire encyclopédique des sciences des langage, éd. Du Seuil, coll. Points/Essais, Paris, 1995, p. 7.
[2] اُنظر:
- Louis-Jean Calvet, Essais de linguistique : la langue est-elle l’invention des linguistes ?, éd. Plon, 2004.
[3] اُنظر:
- Pierre Bourdieu, Ce que Parler veut dire, éd. Fayard, Paris, 1982.
[4] اُنظر:
- André Martinet, Eléments de linguistique générale, éditions Armand Colin, coll. Cursus [1960], 5e dition, Paris, 2012, p. 162.
[5] اُنظر:
- William Labov, ******** in the inner City: studies in the Black English Vernacular, University of Pennsylvania Press, 1972, p. 37-38; traduit par Alain Kihm, éd. De Minuit, Paris, 1978, p. 72-73.
[6] اُنظر:
- Pierre Bourdieu, Ce que Parler veut dire, éd. Fayard, Paris, 1982, p. 14-15.
[7] اُنظر:
- Louis-Jean Calvet, la guerre des langues et les politiques linguistiques, [Payot, 1987], Hachette, Paris, 2005, chap. 6.
وراجع: لويس جون كالفي، حرب اللغات والسياسات اللغوية، ترجمة د. حسن حمزة، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، ط 1، 2008، الفصل السادس، بالخصوص ص. 148-158.






التوقيع

أيها المساء ...كم أنت هادئ

    رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are معطلة


مــــواقـــع صـــديــقــة مــــواقـــع مـــهــــمــــة خـــدمـــــات مـــهـــمـــة
إديــكـبـريــس تربويات
منتديات نوادي صحيفة الشرق التربوي
منتديات ملتقى الأجيال منتديات كاري كوم
مجلة المدرس شبكة مدارس المغرب
كراسات تربوية منتديات دفاتر حرة
وزارة التربية الوطنية مصلحة الموارد البشرية
المجلس الأعلى للتعليم الأقسام التحضيرية للمدارس العليا
مؤسسة محمد السادس لأسرة التعليم التضامن الجامعي المغربي
الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي التعاضدية العامة للتربية الوطنية
اطلع على وضعيتك الإدارية
احسب راتبك الشهري
احسب راتبك التقاعدي
وضعية ملفاتك لدى CNOPS
اطلع على نتائج الحركة الإنتقالية

منتديات الأستاذ

الساعة الآن 23:18 لوحة المفاتيح العربية Profvb en Alexa Profvb en Twitter Profvb en FaceBook xhtml validator css validator

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML
جميع المواد المنشورة بالموقع تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع ولا يتحمل أي مسؤولية عنها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd