منتديات الأستاذ التعليمية التربوية المغربية : فريق واحد لتعليم رائد

قصة بعنوان ـ الحصار.
الحصار مفروض جوا،براوبحرا...حصار خانق.حصارتخلى عن كل القيم و الاخلاق.
هناك في غزة..حيث آلاف البيوت يعاني اهلها البؤس والانتظار المر،لايسترها إلاالله ثم الجدران.
في صمت،بيت من تلك البيوت،تجلس أم محمد تنظر الى ساعة الحائط التي دقت عشر مرات معلنة عن مجيئه باكرا...
-لم تأخرت الليلة يا أبا محمد،هل جد جديد؟
ـ أي جديد تعنينه؟!كل الأحوال مازالت كماهي،فأنا لم يعد لدي عمل منذ فرض علينا الحصار...
مسحة الحزن والأسى ماعادت تفارق وجه أبي محمد، خصوصا عندما ينظر إلى ابنه الوحيد محمد الذي يبلغ عشر سنوات من عمره.
ولكن قسمات وجهه تعطيه أكثر من سنه الحقيق، بسبب إعاقته الحركية ، البؤس الذي أصابه من جراء الحصار....
أفقدوه لعبته ، خنقوا طفولته، هضموا براءته و بات يصيح في صمت :
-لعبتي تحب السلام...
وفي بيتي تزرع الأمان !
أزيحوا عنها الأنقاض!
وأبعدوا عنها السلاح!

يحس أبو محمد بألم كبير ، كلما رأى ابنه محمد يعاني عذاب الحصارين ،حصار الإعاقة وحصار الكيان الصهيوني.
ماذا يفعل ليحطم الصمت الأسود؟ ويسكت صوت العذاب...وينهي بكاء طفله العزيز...؟
ينظر الأب إلى زوجته ذات العينين الذابلتين والدامعتين ، ليذكرها بذلك اليوم الذي اشترى فيه لعبة لابنه محمد،كان يوما رائعا حيث حقق لابنه رغبته في الحصول على حصان خشبي .تعلق بهذه اللعبة التي أضحت أنيسة وحدته وملهمة خياله.
لاينام حتى يضمها ،ولاحديث له إلا عنها ،يردد دائما بأن حصانه قوي ، سيحرق كل الحواجز ليأخذه إلى ساحة خضراء،مليئة بالورود، بعيدا عن صوت الرصاص وألم الحصار.
تبسم أبومحمد ورفع عينيه إلى زوجته ، كانت تفكر والحزن يرتسم فوق جبينها ، قالت:
حلم جميل وأمل كبير لكنه محتجز في صندوق زجاجي...
حرك أبومحمد رأسه في يأس لأن تكسير الصندوق أضحى مستحيلا، فاللعبة مغصوبة والإبن محروم منها، فكيف له أن يحلم؟
منذ ذلك اليوم المشؤوم ،يوم احتل الصهاينة غزة ومحمد يعيش في كابوس مظلم ،وعزلة قاتمة يفكر في لعبته المفقودة...في حلمه الضائع...إنه يعاني كباقي أطفال غزة.
لن ينسى أبدا ذلك الصباح الذي خرج فيه مع أبيه ، وهو على كرسي متحرك،يعانق حصانه الخشبي للتجول في شوارع غزة،وفجأة بدأ ال*** الصهيوني يحصد الضحايا:
أطفال عزل ،شيوخ ضعاف ،شباب حالم ونساء صامدات.
ـإني خائف ياأبي ....إني خائف...قتلوا لعبتي!!! أخذوها،أنقذها ياأبي ...أنقذها...
أحس أبو محمد في ذلك الوقت بالعالم يسقط ، وبالسماء تتشظى ،فدفع بكرسي ابنه، يتسلل بين الد روب لتفادي العدو،حتى وصل إلى بيته، فحضن ابه ليحميه من الكابوس المظلم. مرت سنة على ذلك الحدث الذي حرم محمد من حلمه الطفولي وهو الآن يتظر عودة حصانه الخشبي ليحطم الحصار القاتل...